تكبيرة الإحرام

إنضم
8 أكتوبر 2010
المشاركات
150
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
( منقول )


حُكْمُ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ

هِيَ رُكْنٌ أَوْ شَرْطٌ، وَحُكِيَ الِاتِّفَاقُ عَلَى هَذَا، وَلَا يَصِحُّ دُخُولُ الصَّلَاةِ إِلَّا بِتَكْبِيرٍ فَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ وَالإِمَامُ رَاكِعٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُكَبِّرَ.
وَهُنَا مَسْأَلَتَانِ:
الأُولَى: هِيَ إِذَا جَاءَ إِنْسَانٌ وَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَالإِمَامُ رَاكِعٌ وَجَزَمَ أَنَّهُ لَمْ يُكَبِّرْ فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَصِحُّ، وَحُكِيَ الإِجْمَاعُ عَلَى هَذَا.
الثَّانِيَةُ: إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَشَكَّ هَلْ كَبَّرَ أَمْ لَمْ يُكَبِّرْ؟ هَذِهِ المَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ، وَهَذَا قَدْ لَا يُذْكَرُ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الفُقَهَاءِ، فَإِذَا شَكَّ شَكًّا يُسْنِدُهُ إِلَى يَقِينٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ اسْتَصْحَبَ الشَّكَّ مَعَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي العِبَادَةِ وَبَعْدَمَا كَبَّرَ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ.
لَكِنْ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُكَبِّرْ بَعْدَمَا رَكَعَ وَرَفَعَ، ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى أَنَّهُ يَجْتَزِئُ بِنِيَّتِهِ وَدُخُولِهِ مَعَ الإِمَامِ، وَفِي هَذِهِ الحَالِ تُجْزِئُ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ، هَذَا حَكَاهُ ابْنُ المُنْذِرِ رَحِمَهُ اللهُ فِي «الأَوْسَطِ» عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَعَنِ الحَسَنِ، وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَنِ الأَوْزَاعِيِّ، وَقَالُوا: إِنَّهُ يُجْزِئُهُ النِّيَّةُ فِي هَذِهِ الحَالِ، وَيَنْوِي بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ تَكْبِيرَةَ الإِحْرَامِ.
وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ لَوْ أَنَّهُ صَلَّى وَنَسِيَ الفَاتِحَةَ، فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ إِذَا سَقَطَ عَنْهُ القِيَامُ وَكَانَ سُقُوطُهُ تَابِعًا لَهُ لِأَجْلِ نِسْيَانِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ إِلَّا بَعْدَمَا رَكَعَ وَرَفَعَ الإِمَامُ، فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الحَالِ سُقُوطُ الفَاتِحَةِ بِنِسْيَانِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكَرَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: «زَادَكَ اللهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ»(1)، وَأَخَذَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إِذَا نَسِيَ الفَاتِحَةَ حَتَّى رَكَعَ الإِمَامُ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ، وَقَالُوا: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ لِمَنْ جَاءَ وَهُوَ قَائِمٌ مَعَ الإِمَامِ، لَكِنْ إِنْ جَاءَ وَقَدْ رَكَعَ سَقَطَتْ عَنْهُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ العُلَمَاءِ؛ خِلَافًا لِلْبُخَارِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَبَعْضِ الأَئِمَّةِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ كَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَالتَّاجِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ، وَأَبِي بَكْرٍ الصِّبْغِيِّ رَحِمَهُ اللهُ الَّذِينَ قَالُوا: لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ الفَاتِحَةِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ أَبِي بَكَرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ.
أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ فَالَّذِي يَظْهَرُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَأَنَّهَا شَرْطٌ، فَلَوْ نَسِيَهَا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَلْغِي هَذِهِ الرَّكْعَةَ، وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ جَدِيدَةٍ وَيَسْتَمِرُّ فِي صَلَاتِهِ؛ لَكِنْ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالصَّوَابُ هُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ أَهْلِ العِلْمِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَكَبِّرْ»(2)، وَحَدِيثِ أَبِي رِفَاعَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَضَعَ الطَّهُورَ مَوَاضِعَهُ ثُمَّ يَسْتَقَبْلُ القِبْلَةَ وَيُكَبِّرُ»(3) هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا شَرْطٌ لَهَا أَوْ رُكْنٌ لَهَا عِنْدَ القِيَامِ لِلصَّلَاةِ.
لَكِنَّ الخِلَافَ قَوِيٌّ فِي مَسْأَلَةِ النِّسْيَانِ، وَالجُمْهُورُ قَالَ: إِنَّهَا تَسْقُطُ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْ مَنْ تَرَكَهَا عَمْدًا، فَالَّذِي جَاءَ وَصَلَّى مَعَ الإِمَامِ وَنَسِيَ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
مَسْأَلَةٌ: وَهِيَ إِذَا جَاءَ المَأْمُومُ وَالإِمَامُ رَاكِعٌ، وَأَرَادَ أَنْ يُكَبِّرَ لِلرُّكُوعِ هَلْ تُجْزِئُهُ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ تَكْبِيرَتَانِ؟
اخْتَلَفُوا؛ إِنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَتَيْنِ أُجْزِئَ بِلَا خِلَافٍ، تَكْبِيرَةً لِلْقِيَامِ وَتَكْبِيرَةً لِلرُّكُوعِ، وَإِنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً يَنْوِي بِهَا تَكْبِيرَةَ الإِحْرَامِ ثُمَّ رَكَعَ أَجْزَأَتْ عَلَى قَوْلِ الجُمْهُورِ، وَإِنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً نَوَى بِهَا تَكْبِيرَةَ الإِحْرَامِ وَالرُّكُوعِ هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ فِي هَذَا التَّشْرِيكِ، وَالأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُشَرِّكُ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً وَلَا يَنْوِيَ مَعَهَا الرُّكُوعَ؛ لِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الإِحْرَامِ هُنَا رُكْنٌ، فَلَا يُشَرِّكْ مَعَهَا تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ لِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ وَاجِبَةٌ، وَالجُمْهُورُ يَرَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، هَذَا يَنْبَنِي عَلَى قَاعِدَةٍ فِقْهِيَّةٍ مَعْرُوفَةٍ وَهِيَ: إِذَا اجْتَمَعَتْ عِبَادَتَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَاتَّفَقَتْ أَفْعَالُهُمْ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَلَمْ تَكُنْ إِحْدَاهُمَا عَلَى سَبِيلِ القَضَاءِ وَلَا التَّبَعِيَّةِ أَجْزَأَتْ إْحَدَاهُمَا عَنِ الأُخْرَى. عِبَادَتَانِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، مِثْلُ التَّكْبِيرَتَيْنِ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ وَتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ عِبَادَتَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَفِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، اتَّفَقَتْ أَفْعَالُهُمَا، وَلَمْ تَكُنْ إِحْدَاهُمَا عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ يَعْنِي مِثْلُ رَاتِبَةِ الفَجْرِ إِذَا جَاءَ وَصَلَّى رَاتِبَةَ الفَجْرِ لَا تُجْزِئُ رَاتِبَةُ الفَجْرِ عَنْ صَلَاةِ الفَجْرِ، وَإِنْ كَانَتَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَجِنْسُهُمَا وَاحِدٌ، وَلَيْسَتْ مَقْضِيَّةً لَوْ نَسِيَ صَلَاةَ الظُّهْرِ ثُمَّ ذَكَرَهَا مِنَ الغَدِ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَهُنَا اجْتَمَعَتْ عِبَادَتَانِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَلَا يُجْزِئُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَاحِدَةً بِالِإجْمَاعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مَقْضِيَّةٌ. فَشَرْطُ إِجْزَاءِ إِحْدَى العِبَادَتَيْنِ عَنِ الأُخْرَى إِذَا اتَّفَقَتْ أَفْعَالُهُمْ، وَكَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَفِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَلَّا تَكُونَ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِ وَلَا تَكُونَ قَضَاءً، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَمِثْلُ هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةَ الإِحْرَامِ، ثُمَّ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةً أُخْرَى فَهَذَا أَكْمَلُ، وَتَكُونُ صَلَاتُهُ مُجْزِئَةً صَحِيحَةً عِنْدَ الجَمِيعِ.
ثُمَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَهُمَا حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مِنْكَبَيْهِ كَبَّرَ:
وَهَذَا مِنْ فِقْهِ المُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللهُ وَحُسْنِ ذِكْرِهِ لِلطُّرُقِ وَالعِنَايَةِ بِالأَخْبَارِ؛ لِأَنَّ هَذَا الخَبَرَ فِيهِ ذِكْرُ التَّكْبِيرِ، وَذَاكَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ التَّكْبِيرِ.
وَهُمَا كَذَلِكَ فَرَكَعَ: عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
ثُمَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ صُلْبَهُ رَفَعَهُمَا حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مِنْكَبَيْهِ: كَمَا تَقَدَّمَ.
ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ: يَعْنِي حَالَ الرَّفْعِ هَذَا لِلْإِمَامِ وَالمُنْفَرِدِ ثُمَّ، إِذَا اسْتَقَامَ قَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، أَوْ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، أَوِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، أَوِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، أَرْبَعُ صِفَاتٍ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» هَذَا فِي حَقِّ الإِمَامِ وَفِي حَقِّ المُنْفَرِدِ, المَأْمُومُ يَقُولُ: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، أَوِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ.
ثُمَّ يَسْجُدُ فَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ: كَمَا تَقَدَّمَ.
وَرَفَعَهُمَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَتَكْبِيرَةٍ كَبَّرَهَا قَبْل الرُّكُوعِ حَتَّى تَنْقَضِيَ صَلَاتُهُ: هَذِهِ زِيَادَةٌ مِنَ المُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللهُ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ، وَهِيَ مِنْ بَابِ الإِجْمَالِ وَالعُمُومِ لِأَنَّ فِعْلَ التَّفْصِيلِ مُتَقَدِّمٌ، وَأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرٍ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ هَذَا وَاضِحٌ، فَالرَّفْعُ قَبْلَ النُّزُولِ إِلَى السُّجُودِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ:
الأَوَّلُ: الإِحْرَامُ, الثَّانِي: الرُّكُوعُ, الثَّالِثُ: الرَّفْعُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَسَيَأْتِي الرَّفْعُ مِنَ التَّشَهُّدِ الأَوْسَطِ كَذَلِكَ.

(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان- باب إذا ركع دون الصف (783).
(2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان- باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلاة (757)، ومسلم في كتاب الصلاة- باب وجوب قراءة
الفاتحة في كل ركعة (397).
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة- باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود (857)، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود».
 

ولد الخماميش

Well-Known Member
إنضم
4 مارس 2009
المشاركات
13,937
مستوى التفاعل
103
النقاط
63
جزآك الله خيرا
و جعله بموآزين حسنآتك

دمت بحفظ الرحمن
 

ابو حارث

مشرف سابق
إنضم
9 ديسمبر 2010
المشاركات
4,498
مستوى التفاعل
68
النقاط
48
بارك الله فيك أخي الكريم .... تقبل تحياتي وتقديري
 

جميل الشفايف

مشرف سابق
إنضم
7 أبريل 2010
المشاركات
13,235
مستوى التفاعل
297
النقاط
83
الإقامة
بين نبضات قلب أمي
أسْع‘ـدَالله قَلبك.. وَشَرَحَ صَدرك..




وأنَــــآرَدَرِبــكْ .. وَفَرَجَ هَمك ..
يَع‘ـطِيِكْ رِبي العَ‘ــآآإفِيَه عَلىآ الطَرِحْ المُفِيدْ ..~
جَعَ‘ـلَهْالله فِي مُيزَآإنْ حَسَنَـآتك يوًم القِيَــآمَه ..
وشَفِيعْ لَكِ يَومَ الحِسَــآإبْ ..~
شَرَفَنِي المَرٌوُر فِي مُتَصَفِك العَ ـطِرْ ..~
دُمتِم بَحِفْظْ الرَحَمَــــن ـآ..
 
أعلى