دروس في شرح أسماء الله وصفاته [ مدخل ]

إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
bsm.gif
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أخواتي وأخواني..

وذلكـ ليعم الفائدة بإذن الله..
وليسهل القارئ القراءة..
أردنا أن يكون هناكـ فهرسا لدروس "شرح أسماء الله وصفاته" ..

بداية المقدمة وتناولت سبع دروس..
وبعد ذلكـ سيكون شرح لكل اسم من أسمائه الحسنى وصفاته العلى..
وفقنا الله وإياكم لدروب الخير


دروس في شرح أسماء الله وصفاته [ مدخل ]




علم بأسماء الله تعالى وصفاته أشرف العلوم، والمعارف، لأنه العلم الذي يقوم عليه توحيد الرب سبحانه وعبادته. وتوحيد الله – عز وجل- وعبادته أول واجب على المكلف.
إذن فلا جرم كان هذا العلم أشرف العلوم وأرفعها؛ لأن شرف العلم من شرف المعلوم؛ ولما كان المعلوم هو الله سبحانه وأسماءه وصفاته، كان هذا العلم هو أشرف العلوم.
وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «... إن شرف العلم تابع لشرف معلومه، ولا ريب أن أجل معلوم وأعظمه وأكبره فهو الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين، وقيوم السماوات والأرضين، الملك الحق المبين، الموصوف بالكمال كله، المنزه عن كل عيب ونقص، وعن كل تمثيل وتشبيه في كماله، ولا ريب أن العلم به وبأسمائه وصفاته وأفعاله أجل العلوم، وأفضلها. ونسبته إلى سائر العلوم كنسبة معلومه إلى سائر المعلومات. وكما أن العلم به أجل العلوم وأشرفها فهو أصلها كلها... والمقصود أن العلم بالله أصل كل علم، وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله، ومصالح دنياه وآخرته. والجهل به مستلزم للجهل بنفسه، ومصالحها وكمالها، وما تزكو به وتفلح به، فالعلم به سعادة العبد، والجهل به أصل شقاوته».
سيكون في البداية مدخل لأسمائه وصفاته العلى ثم نطرح بعد ذلك شرح لكل اسم من أسمائه الحسنى..
ومراجعنا لهذه الدروس لمن أراد الإستفادة أكثر:
1- كتاب ولله الأسماء الحسنى المؤلف فضيلة الشيخ عبد العزيز بن ناصر الجليل.
2- كتاب شرح اسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسُّـنَّةد. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
3- كتاب القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
4- كتاب أسماء الله الحسنى للشخ راتب النابلسي أو على موقعه الالكتروني
5- كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي


 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس الأول||العلم بالله تعالى وأقسامه..






w6w200504132213576f20887a6.gif



العلم بالله تعالى

يفصل الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى العلم بالله – عز وجل- فيقول: «وأما العلم فيراد به في الأصل نوعان:
أحدهما: العلم به نفسه؛ وبما هو متصف به من نعوت الجلال والإكرام، وما دلت عليه أسماؤه الحسنى. وهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لا محالة، فإنه لا بد أن يعلم أن الله يثيب على طاعته، ويعاقب على معصيته، كما شهد به القرآن والعيان، وهذا معنى قول أبي حبان التيمي – أحد أتباع التابعين:- (العلماء ثلاثة: عالم بالله ليس عالمًا بأمر الله، وعالم بأمر الله ليس عالمًا بالله، وعالم بالله وبأمر الله. فالعالم بالله الذي يخشى الله، والعالم بأمر الله الذي يعرف الحلال والحرام).
والنوع الثاني: يراد بالعلم بالله العلم بالأحكام الشرعية، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه ترخص في شيء فبلغه أن أقوامًا تنزهوا عنه. فقال: (إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية)).أ.هـ
وسيكون دروسنا بإذن الله في النوع الأول ألا وهو العلم بالله –عز وجل- وبما هو متصف به من نعوت الجلال والإكرام، وماله من الأسماء الحسنى والصفات العلا وما دلت عليه، لأن هذا العلم هو أصل العلوم، والعلم بالأسماء والصفات على قسمين يفصلهما الدكتور عبد الرحمن المحمود – حفظه الله – فيقول: «والدراسات المتعلقة بأسماء الله وصفاته على قسمين:
الأول: ما يتعلق بالإيمان بها وإثباتها، وقواعد أئمة السلف في ذلك والرد على المخالفين من أهل التأويل والتحريف والتعطيل، والتشبيه والتكييف والتفويض.
الثاني: ما يتعلق بأثر الإيمان بأسماء الله وصفاته على منهاج السلف الصالح في حياة المؤمن خاصة، وأمة الإسلام عامة. وهذا أمر مهم جدًا له أثره العميق في حياة المؤمن، إذ هو الثمرة الحقيقية للإيمان بأسماء الله وصفاته ومعرفته، وتدبر معانيها.».
وسنبين بإذن الله تفصيل كل منها في الدروس القادمة

 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس الثاني||أهمية علم أسماء الله وصفاته






أولاً: إن أشرف غايات المسلم، ومنتهى طلبه أن يفوز برضوان الله تعالى وجنته وأن يتنعم بالنظر إلى وجه الله ذي الجلال والإكرام في الدار الآخرة، ولكن هذه الغاية لن تتحقق إلا بتوفيق الله – عز وجل- لعبده للإيمان به وحده، وطاعته، واجتناب معاصيه.
وهذا الإيمان والعمل الصالح لن يتحقق للعبد القيام بهما إلا بالعلم؛ لأن العلم قبل القول والعمل، وهو أساس العمل والخشية والبعد عن سخط الله تعالى.
01s1hf3y71iq.gif

ثانيًا: العلم بأسماء الله – عز وجل- وصفاته هو أصل العلوم وأساس الإيمان، وأول الواجبات، فإذا علم الناس ربهم عبدوه.
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: «إن العلم بأسماء الله الحسنى أصل للعلم بكل معلوم؛ فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقًا له تعالى أو أمرًا. إما علم بملكوته، أو علم بما شرعه، ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى، وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضي بمقتضيه، وإحصاء الأسماء الحسنى أصل لإحصاء كل معلوم، لأن المعلومات هي من مقتضاها، ومرتبطة بها»
01s1hf3y71iq.gif

ثالثًا: في معرفة الله – عز وجل- بأسمائه وصفاته زيادة في الإيمان واليقين وتحقيق للتوحيد، وتذوق لطعم العبودية.
يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: «إن الإيمان بأسماء الله الحسنى ومعرفتها يتضمن أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. وهذه الأنواع هي رُوح الإيمان ورَوْحه، وأصله وغايته، فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، ازداد إيمانه وقوي يقينه»
01s1hf3y71iq.gif

رابعًا: العالم بالله تعالى حقيقة يستدل بما علم من صفاته وأفعاله على ما يفعله وعلى ما يشرعه من الأحكام، لأنه لا يفعل إلا ما هو مقتضى أسمائه وصفاته، وأفعاله دائرة بين العدل والفضل والحكمة. كذلك لا يشرع ما يشرعه من الأحكام إلا على حسب ما اقتضاه حمده وحكمته، وفضله وعدله، فأخباره كلها حق وصدق، وأوامره ونواهيه عدل وحكمة ورحمة، وهذا العلم أعظم وأشهر من أن ينبه عليه لوضوحه
01s1hf3y71iq.gif

خامسًا: التــلازم الوثيــق بين صفــات الله تعالى وما تقتضيــه من العبادات الظاهرة والباطنة وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «لكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها أعني: من موجبات العلم بها والتحقق بمعرفتها، وهذا مطرد في جميع أنواع العبودية التي على القلب والجوارح. فعلم العبد بتفرد الرب تعالى بالضر والنفع، والعطاء، والمنع، والخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة يثمر له: عبودية التوكل عليه باطنًا، ولوازم التوكل وثمراته ظاهرًا. وعلمه بسمعه تعالى وبصره، وعلمه أنه لا يخفى عليه مثقال ذرة وأنه يعلم السر، ويعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور يثمر له: حفظ لسانه وجوارحه، وخطرات قلبه عن كل ما لا يرضي الله، وأن يجعل تعلق هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه فيثمر له ذلك: الحياء باطنًا، ويثمر له الحياء اجتناب المحرمات والقبائح. ومعرفته بغناه وجوده، وكرمه وبره وإحسانه، ورحمته توجب له سعة الرجاء. وكذلك معرفته بجلال الله وعظمته وعزته تثمر له: الخضوع والاستكانة، والمحبة، وتثمر له تلك الأحوال الباطنة أنواعًا من العبودية الظاهرة هي موجباتها.. فرجعت العبودية كلها إلى مقتضى الأسماء والصفات».
01s1hf3y71iq.gif

سادسًا: للتعبد بأسماء الله تعالى وصفاته آثار طيبة في سلامة القلوب، وسلامة الأخلاق والسلوك، كما أن في تعطيلها بابًا إلى أمراض القلوب ومساوئ الأخلاق .
01s1hf3y71iq.gif

سابعًا: في معرفة أسماء الله وصفاته، والتعبد له سبحانه بها ثمرات طيبة في الموقف من المصائب والمكروهات والشدائد. فإذا علم العبد أن ربه عليم حكيم عدل لا يظلم أحدًا رضي وصبر، وعلم أن المكروهات التي تصيبه والمحن التي تنزل به فيها ضروب من المصالح والمنافع التي لا يبلغها علمه؛ لكنها هي مقتضى علم الله تعالى وحكمته فيطمئن ويسكن إلى ربه، ويفوض أمره إليه.
01s1hf3y71iq.gif

ثامنًا: فهم معاني أسماء الله – عز وجل- وصفاته طريق إلى محبة الله، وتعظيمه ورجائه والخوف منه،
01s1hf3y71iq.gif

تاسعًا: إن في تدبر معاني أسماء الله – عز وجل- وصفاته أكبر عون على تدبر كتاب الله تعالى حيث أمرنا الله – عز وجل- بتدبر القرآن في قوله سبحانه
sad.gif
كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته ، و ليتذكر أولو الألباب ) [ص: 29].

ونظرًا لأن القرآن الكريم يكثر فيه ذكر الأسماء والصفات حسب متعلقاتها فإن في تدبرها بابًا كبيرًا من أبواب تدبر القرآن.
01s1hf3y71iq.gif

عاشرًا: العلم بأسماء الله – عزل وجل- وصفاته يزرع في القلب الأدب مع الله تعالى والحياء منه.
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: «إن الأدب مع الله تبارك وتعالى هو القيام بدينه والتأدب بآدابه ظاهرًا وباطنًا. ولا يستقيم لأحد قط الأدب مع الله إلا بثلاثة أشياء: معرفته بأسمائه وصفاته، ومعرفته بدينه وشرعه وما يحب وما يكره، ونفس مستعدة قابلة لينة متهيئة لقبول الحق- علمًا وعملاً وحالاً- والله المستعان».
01s1hf3y71iq.gif

الحادي عشر: المعرفة بالله تعالى وأسمائه وصفاته تبصر العبد بنقائص نفسه وعيوبها وآفاتها فتجهد في إصلاحها.
وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «أركان الكفر أربعة: الكبر، والحسد، والغضب، والشهوة... ومنشأ هذه الأربعة من جهله بربه وجهله بنفسه، فإنه لو عرف ربه بصفات الكمال، ونعوت الجلال، وعرف نفسه بالنقائص والآفات لم يتكبر، ولم يغضب لها، ولم يحسد أحدًا على ما آتاه الله.
فإن الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله، فإنه يكره نعمة الله على عبده وقد أحبها الله، وأحب زوالها عنه والله يكره ذلك، فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته وكراهته».
01s1hf3y71iq.gif

الثاني عشر: الآثار السيئة والنتائج الوخيمة التي تنتج من فقد العبد لمعرفة أسماء الله تعالى وصفاتـه، وعدم فهمه لها وتدبرها والتعبد لله تعالى بها.
ويجلي الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى- آثار هذا الفقد أو ضعفه فيقول: «أي شيء عرف من لم يعرف الله ورسله، وأي حقيقة أدرك من فاتتــه هذه الحقيقة، وأي علم أو عمل حصل لمن فاته العلم بالله والعمل بمرضاته ومعرفة الطريق الموصلة إليه، وماله بعد الوصول إليه»، وقال أيضًا: «إن حياة الإنسان بحياة قلبه وروحه، ولا حياة لقلب إلا بمعرفة فاطره ومحبته وعبادته وحده، والإنابة إليه، والطمأنينة بذكره، والأنس بقربه، ومن فقد هذه الحياة فقد الخير كله ولو تعوض عنها بما تعوض في الدنيا»
وسنتبع في الدرس القادم أقسام ما يوصف به الله
 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس الثالث||أقسام ما يوصف به الله تعالى

70.gif

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
ما يجري صفة أو خبراً على الرب تبارك وتعالى أقسام:
أحدها: ما يرجع إلى نفس الذات كقولك: ذات، وموجود، وشيء.
الثاني: ما يرجع إلى صفات معنوية كالعليم، والقدير، والسميع.
الثالث: ما يرجع إلى أفعاله نحو: الخالق، والرزَّاق.
الرابع: ما يرجع إلى التنزيه المحض، ولابد من تضمنه ثبوتاً؛ إذ لا كمال في العدم المحض كالقدوس السلام.
الخامس: ولم يذكره أكثر الناس، وهو الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة لا تختص بصفة مُعَيَّنة، بل هو دال على معناه لا على معنى مفرد، نحو: المجيد، العظيم، الصمد؛ فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال، ولفظه يدل على هذا فإنه موضوع للسعة، والكثرة، والزيادة، فمنه استمجد المرخ والغفار، وأمجد الناقة علفاً. ومنه ((رب العرش المجيد)) صفة للعرش لسعته وعِظَمِهِ وشرفه. وتأمل كيف جاء هذا الاسم مقترناً بطلب الصلاة من الله على رسوله كما علمناه ,لأنه في مقام طلب المزيد والتعرض لسعة العطاء وكثرته ودوامه، فأتى في هذا المطلوب باسم تقتضيه كما تقول: اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، ولا يَحسن إنك أنت السميع البصير، فهو راجع إلى المتوسل إليه بأسمائه وصفاته، وهو من أقرب الوسائل وأحبها إليه.
السادس: صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر، وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو: الغني الحميد، العفو القدير، الحميد المجيد. وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن؛ فإن الغنى صفة كمال، والحمد كذلك، واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر فله ثناء من غناه، وثناء من حمده، وثناء من اجتماعهما، وكذلك العفوّ القدير، والحميد المجيد، والعزيز الحكيم، فتأمله فإنه من أشرف المعارف.
وأما صفات السلب المحض فلا تدخل في أوصافه تعالى إلا أن تكون متضمنة لثبوت: كالأحد المتضمن لانفراده بالربوبية والإلهية، والسلام المتضمن لبراءته من كل نقص يضاد كماله، وكذلك الإخبار عنه بالسلوب هو لتضمنها ثبوتاً كقوله تعالى:( لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ)، فإنه متضمن لكمال حياته وقيّوميته،
وكذلك قوله تعالى: ( وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ )، متضمن لكمال قدرته،
وكذلك قوله: (وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ)متضمن لكمال علمه،
وكذلك قوله:لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ )، متضمن لكمال صَمَدِيَّتِهِ وغناه،
وكذلك قوله: (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌمتضمن لتفرُّده بكماله، وأنه لا نظير له.
وكذلك قوله تعالى: (لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ) متضمن لعظمته، وأنه جل عن أن يدرك بحيث يحاط به، وهذا مطّرد في كل ما وصف به نفسه من السلوب

 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس الثالث||أقسام ما يوصف به الله تعالى

70.gif

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
ما يجري صفة أو خبراً على الرب تبارك وتعالى أقسام:
أحدها: ما يرجع إلى نفس الذات كقولك: ذات، وموجود، وشيء.
الثاني: ما يرجع إلى صفات معنوية كالعليم، والقدير، والسميع.
الثالث: ما يرجع إلى أفعاله نحو: الخالق، والرزَّاق.
الرابع: ما يرجع إلى التنزيه المحض، ولابد من تضمنه ثبوتاً؛ إذ لا كمال في العدم المحض كالقدوس السلام.
الخامس: ولم يذكره أكثر الناس، وهو الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة لا تختص بصفة مُعَيَّنة، بل هو دال على معناه لا على معنى مفرد، نحو: المجيد، العظيم، الصمد؛ فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال، ولفظه يدل على هذا فإنه موضوع للسعة، والكثرة، والزيادة، فمنه استمجد المرخ والغفار، وأمجد الناقة علفاً. ومنه ((رب العرش المجيد)) صفة للعرش لسعته وعِظَمِهِ وشرفه. وتأمل كيف جاء هذا الاسم مقترناً بطلب الصلاة من الله على رسوله كما علمناه ,لأنه في مقام طلب المزيد والتعرض لسعة العطاء وكثرته ودوامه، فأتى في هذا المطلوب باسم تقتضيه كما تقول: اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، ولا يَحسن إنك أنت السميع البصير، فهو راجع إلى المتوسل إليه بأسمائه وصفاته، وهو من أقرب الوسائل وأحبها إليه.
السادس: صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر، وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو: الغني الحميد، العفو القدير، الحميد المجيد. وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن؛ فإن الغنى صفة كمال، والحمد كذلك، واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر فله ثناء من غناه، وثناء من حمده، وثناء من اجتماعهما، وكذلك العفوّ القدير، والحميد المجيد، والعزيز الحكيم، فتأمله فإنه من أشرف المعارف.
وأما صفات السلب المحض فلا تدخل في أوصافه تعالى إلا أن تكون متضمنة لثبوت: كالأحد المتضمن لانفراده بالربوبية والإلهية، والسلام المتضمن لبراءته من كل نقص يضاد كماله، وكذلك الإخبار عنه بالسلوب هو لتضمنها ثبوتاً كقوله تعالى: لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ)، فإنه متضمن لكمال حياته وقيّوميته،
وكذلك قوله تعالى: ( وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ )، متضمن لكمال قدرته،
وكذلك قوله:وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ)متضمن لكمال علمه،
وكذلك قوله:لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ )، متضمن لكمال صَمَدِيَّتِهِ وغناه،
وكذلك قوله:وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌمتضمن لتفرُّده بكماله، وأنه لا نظير له.
وكذلك قوله تعالى: (لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ) متضمن لعظمته، وأنه جل عن أن يدرك بحيث يحاط به، وهذا مطّرد في كل ما وصف به نفسه من السلوب

 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس الرابع||أسماء الله وصفاته مختصة به،واتفاق الأسماء لا يوجب تماثل المسميات.



1112.gif

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((سمّى الله نفسه بأسماء، وسمّى صفاته بأسماء، فكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه، لا يشركه فيها غيره، وسمّى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص، ولم يلزم من اتفاق الاسمين تماثل مسماهما واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص، لا اتفاقهما، ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص، فضلاً عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص.
فقد سمَّى الله نفسه حيّا، فقال: ( الله لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الـْحَيُّ الْقَيُّومُ )، وسمَّى بعض عباده حيّاً، فقال: (يُخْرِجُ الـْحَيَّ مِنَ الـْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الـْمَيِّتَ مِنَ الـْحَيِّ ))، وليس هذا الحيّ مثل هذا الحيّ؛ لأن قوله ((الحيّ)) اسم الله مختص به، وقوله: (يُخْرِجُ الـْحَيَّ مِنَ الـْمَيِّتِ ) اسم للحي المخلوق مختص به، وإنما يتفقان إذا أُطلقا وجُرِّدا عن التخصيص، ولكن ليس للمطلق مسمَّى موجود في الخارج، ولكن العقل يفهم من المطلق قدراً مشتركاً بين المسميين، وعند الاختصاص يقيد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق، والمخلوق عن الخالق.
ولابدّ من هذا في جميع أسماء الله وصفاته، يُفهم منها ما دلّ عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق، وما دلّ عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه .
وكذلك سمَّى الله نفسه عليماً حليماً، وسمّى بعض عباده عليماً، فقال: (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ )، يعني إسحاق وسمّى آخر حليماً، فقال:فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ )، يعني إسماعيل، وليس العليم كالعليم، ولا الحليم كالحليم.
وسمَّى نفسه سميعاً بصيراً، فقال: (إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ الله نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ الله كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)،وسمّى بعض خلقه سميعاً بصيراً فقال: إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا )، وليس السميع كالسميع، ولا البصير كالبصير.
وسمَّى نفسه بالرؤوف الرحيم،فقال:(إِنَّ الله بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )، وسمّى بعض عباده بالرؤوف الرحيم، فقال: ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالـْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )، وليس الرؤوف كالرؤوف، ولا الرحيم كالرحيم.
وسمَّى نفسه بالملك، فقال: (الـْمَلِكُ الْقُدُّوسُ )، وسمّى بعض عباده بالملك، فقال: (وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)، وليس الملك كالملك.
وسمَّى نفسه بالمؤمن، فقال: (الـْمُؤْمِنُ الـْمُهَيْمِنُ )، وسمى بعض عباده بالمؤمن، فقال: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ )، وليس المؤمن كالمؤمن.
وسمَّى نفسه بالعزيز، فقال: (الْعَزِيزُ الْـجَبَّارُ الـْمُتَكَبِّرُ )، وسمّى بعض عباده بالعزيز،فقال: (قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ )،وليس العزيز كالعزيز.
وسمَّى نفسه الجبار المتكبر، وسمى بعض خلقه بالجبار المتكبر، فقال: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ )، وليس الجبار كالجبار، ولا المتكبر كالمتكبر.
ونظائر هذا متعددة.
وكذلك سمَّى صفاته بأسماء، وسمّى صفات عباده بنظير ذلك، فقال: (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء )، وقال: (أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ )، وقال: (إِنَّ الله هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الـْمَتِينُ )،
وسمَّى صفة المخلوق علماً وقوة، فقال: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً )، : (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ)
وكذلك وصف نفسه بالمشيئة، ووصف عبده بالمشيئة، فقال: (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاّ أَن يَشَاءَ الله رَبُّ الْعَالـَمِينَ ).
وكذلك وصف نفسه بالإرادة، ووصف عبده بالإرادة، فقال:(تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَالله يُرِيدُ الآخِرَةَ وَالله عَزِيزٌ حَكِيمٌ ).
ووصف نفسه بالمحبة، [ووصف عبده بالمحبة] فقال: (فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )،
ووصف نفسه بالرضا، ووصف عبده بالرضا، فقال: (رَّضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ).
ومعلوم أن مشيئة الله ليست مثل مشيئة العبد، ولا إرادته مثل إرادته، ولا محبته مثل محبته، ولا رضاه مثل رضاه.. ونظائر هذا كثيرة.
فلابد من إثبات ما أثبته الله لنفسه، ونفي مماثلته لخلقه، فمن قال: ليس لله علم، ولا قوة، ولا رحمة، ولا كلام، ولا يحب، ولا يرضى، ولا نادى، ولا ناجى، ولا استوى -كان معطلاً، جاحداً، ممثلاً لله بالمعدومات والجمادات. ومن قال: [له] علم كعلمي، أو قوة كقوتي، أو حب كحبي، أو رضىً كرضاي، أو يدان كيديَّ، أو استواء كاستوائي - كان مشبِّها، ممثلاً لله بالحيوانات، بل لابد من إثباتٍ بلا تمثيل، وتنزيهٍ بلا تعطيل.

فالصفات ثلاثة أنواع: صفات كمال، وصفات نقص، وصفات لا تقتضي كمالاً ولا نقصاً، وإن كانت القسمة التقديرية تقتضي قسماً رابعاً، وهو: ما يكون كمالاً ونقصاً باعتبارين، والرب تعالى منزه عن الأقسام الثلاثة، وموصوف بالقسم الأول، وصفاته كلها صفات كمال محض، فهو موصوف من الصفات بأكملها وله من الكمال أكمله. وهكذا أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها، فليس في الأسماء أحسن منها، ولا يقوم غيرها مقامها ولا يؤدي معناها.
 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس الخامس||إحصاء الأسماء الحُسنى والعلم بها


w6w_200505201629065997abc5f0fb.gif

إحصاء الأسماء الحُسنى والعلم بها أصلٌ للعلم بكل معلوم،
فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقاً له تعالى أو أمراً.
إما علم بما كوّنه أو علم بما شرعه، ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى، وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه،
فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى، وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد، والرأفة، والرحمة بهم، والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه، فأمره كله مصلحة، وحكمة، ورحمة، ولُطف، وإحسان؛ إذ مصدره أسماؤه الحسنى،
وفعله كله لا يخرج عن العدل، والحكمة، والمصلحة، والرحمة، إذ مصدره أسماؤه الحسنى فلا تفاوت في خلقه، ولا عبث، ولم يخلق خلقه باطلاً، ولا سُدىً، ولا عبثاً.
وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده، فوجود من سواه تابع لوجوده تبع المفعول المخلوق لخالقه، فكذلك العلم بها أصل للعلم بكل ما سواه فالعلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم،
فمن أحصى أسماءه كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم؛ إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم؛ لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها، وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى؛ ولهذا لا تجد فيها خللاً ولا تفاوتاً؛ لأن الخلل الواقع فيما يأمر به العبد أو يفعله إما أن يكون لجهله به أو لعدم حكمته.
وأما الرب تعالى فهو العليم الحكيم، فلا يلحق فعله ولا أمره خلل، ولا تفاوت، ولا تناقض



الدرس السادس||مراتب إحصاء أسماء الله الحُسنى




عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
H2.GIF
إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة
H1.GIF
متفق عليه،

مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة:
المرتبة الأولى: إحصاء ألفاظها وعددها.
المرتبة الثانية: فهم معانيها ومدلولها.
المرتبة الثالثة: دعاؤه بها كما قال تعالى: ]وَلله الأَسْمَاءُ الـْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [، وهو مرتبتان.
إحداهما: ثناء وعبادة.

والثاني: دعاء طلب ومسألة، فلا يُثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وكذلك لا يُسئل إلا بها، فلا يقال: يا موجود، أو يا شيء، أو يا ذات اغفر لي وارحمني؛ بل يُسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضياً لذلك المطلوب، فيكون السائل متوسلاً إليه بذلك الاسم. ومن تأمل أدعية الرسل، ولا سيما خاتمهم وإمامهم، وجدها مطابقة لهذا،

 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس السابع ||الأسماء الحسنى لا تُحدُّ بعدد



w6w_200505201629065997abc5f0fb.gif

الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تحد بعدد فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل كما في الحديث الصحيح: ((أسألك بكل اسم هو لك سمَّيتَ به نفسك، أو علّمتَه أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك))، فجعل أسماءه ثلاثة أقسام:
قسم سمَّى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم، ولم ينزل به كتابه، وقسم أنزل به كتابه فتعرّف به إلى عباده،
وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطَّلِع عليه أحد من خلقه، ولهذا قال: ((استأثرتَ به)) أي انفردت بعلمه، وليس المراد انفراده بالتسمِّي به؛ لأن هذا الانفراد ثابت في الأسماء التي أنزل بها كتابه. ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: ((فيفتح عليّ من محامده بما لا أحسنه الآن))، وتلك المحامد هي تفي بأسمائه وصفاته.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك)) ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة))، فالكلام جملة واحدة. وقوله: ((من أحصاها دخل الجنة)) صفة لا خبر مستقبل. والمعنى له أسماء متعددة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة. وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها. ونظير هذا أن تقوا :عندي مئة درهم أعددتها للصدقة فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة
ولما لم يصح تعيينها عن النبي اختلف السلف فيه وروى عنهم في ذلك أنواع وقد جمع فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تسعة وتسعين اسما,واحد وثمانون اسما في كتاب الله وثمانية عشر اسما في سنة رسول الله
1) [الله]. (2) [الرب].
(3، 4) [الواحد]، [الأحد]. (5، 6) [الرحمن]، [الرحيم].
(7) [الحي]. (8) [القيوم].
(9) [الأول]. (10) [الآخر].
(11) [الظاهر]. (12) [الباطن].
(13) [الوارث]. (14) [القدوس].
(15) [السبوح]. (16) [السلام].
(17) [المؤمن]. (18) [الحق].
(19) [المتكبر]. (20) [العظيم].
(21) [الكبير]. (22)، (23)، (24) [العلي، الأعلى، المتعال].
(25) [اللطيف]. (26) [الحكيم].
(27) [الواسع]. (28، 29) [العليم، العالم،].
(30، 31) [الملك، المليك،]. (32) [الحميد].
(33) [الخبير]. (34) [المجيد].
(35) [القوي]. (36) [المتين].
(37) [العزيز]. (38، 39) [القاهر، القهار].
(40، 41، 42) [القادر، القدير، المقتدر]. (43) [الجبار].
(44، 45) [الخالق، الخلاق]. (46) [البارئ].
(47) [المصور]. (48) [المهيمن].
(50,49) [الحافظ، الحفيظ]. (51، 52) [الولي، المولى].
(53، 54) [النصير]. (55) [الوكيل ].
(56) [الصمد]. (57، 58) [الرازق، الرزَّاق].
(59) [الفتاح]. (60) [المبين].
(61) [الهادي]. (62) [الحكم].
(63) [الرؤوف]. (64) [الودود].
(65) [البر]. (71) [الحليم].
(، 73، 74) [، الغفور، الغفار]. (75) [العفو].
(76) [التواب]. (77، 78) [الكريم، الأكرم].
(79، 80) [الشاكر، الشكور]. (81) [السميع].
(82) [البصير]. (83) [الشهيد].
(84) [الرقيب]. (85) [القريب].
(86) [المجيب]. (87) [المحيط].
(88) [الحسيب]. (80) [الغني].
(81) [الوهاب]. (82) [المقيت].
(84,83) [القابض، الباسط]. (86,85) [المقدم، المؤخر].
(87) [الرفيق]. (88) [المنان].
(89) [الجواد]. (90) [المحسن].
(91) [الستير]. (92) [الديان].
(93) [الشافي]. (94) [السيد].
(95) [الوتر]. (97) [الطيب].
(98) [المعطي]. (99) [الجميل].
وسنحاول بإذن الله أن نقف مع أسماء الله الحسنى التي ورد ذكرها في الكتاب والسنة الصحيحة بالشرح المفصل لكل اسم في كل درس؛ وذلك من الجوانب التالية:
1- شرح معنى الاسم ومتعلقاته.
2- ذكر الدليل على كل اسم من الأسماء الحسنى.
3- ذكر آثار وموجبات كل اسم وما يقتضيه من العبوديات لله - عز وجل -.
وسنبدأ بإذن الله أولا الجامع لجميع معاني أسماء الله الحسنى، والمتضمن لسائر صفات الله تعالى في الدرس القادم بإذن الله
 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس الثامن||شرح معنى الله جل جلاله,اسمه الأعظم

7bhun4jwcng0.gif

سنتحدث بإذ الله عن اسم من أسمائه الحسنى وصفاته العلى بمعناه ودليله وأثره..
وسنتاول أول اسم من أسمائه جل علاه..
8knibitjl9pl.gif

([الله جل جلاله])
ذكر اسم «الله» في القرآن في (2724) مرة، واسم «الله» - تبارك وتعالى - خاص به سبحانه
97ktls43jmjn.gif

معنى الله جل جلاله في اللغة:
ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه اسم مشتق واختلفوا في أصل اشتقاقه فقيل: إنه من «إله» مثل: «فعال» فأدخلت الألف واللام بدلاً من الهمزة مثل: «الناس» أصله «أناس» فقيل: «الله» فإله «فعال» بمعنى: مفعول كأنه مألوه أي: معبود مستحق للعبادة، يعبده الخلق ويؤلهونه، والتأله: التعبد. وهذا معروف في كلام العرب فهو دال على صفات الألوهية.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه اسم جامد غير مشتق علم على الذات المقدسة وقالوا: أن الألف واللام من بنية هذا الاسم ولم يدخلا للتعريف.
والدليل على ذلك: دخول حرف النداء عليه. وحروف النداء لا تجتمع مع الألف واللام اللتين للتعريف فأنت تقول: «يا ألله» ولا تقول: «يالرحمن»، ولا «يالبصير» فدل على أن الألف واللام من بنية الاسم. والصواب أنه مشتق، لأن أصله (إله) بمعنى مألوه، أي معبود، فهو دال على صفات الإلهية.
97ktls43jmjn.gif

معناه في حق الله:
يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: «الله: هو المألوه المعبود، ذو الألوهية، والعبودية على خلقه أجمعين، لما اتصف به من صفات الألوهية التي هي صفات الكمال، وأخبر أنه الله الذي له جميع معاني الألوهية وأنه هو المألوه المستحق لمعاني الألوهية كلها، التي توجب أن يكون المعبود وحده، المحمود وحده، المشكور وحده، المعظم المقدس ذو الجلال والإكرام، واسم الله هو الجامع لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلى، والله أعلم».
97ktls43jmjn.gif

الإسم الأعظم
- (الله) هو الاسم الأعظم على الأرجح:
يقول القرطبي رحمه الله: «وهذا الاسم هو أكبر أسمائه وأجمعها حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم، ولم يتسم به غيره، ولذلك لم يثن، ولم يجمع وهو أحد تأويلي قوله تعالى:رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )[مريم: 65]، أي: هل تعلم من تسمى باسمه الذي هو (الله)، (فالله) اسم للموجود الحق الجامع لصفات الألوهية المنعوت بنعوت الربوبية المنفرد الحقيقي لا إله إلا هو سبحانه».
97ktls43jmjn.gif

ومما يرجح قول من قال: إن (الله) هو الاسم الأعظم ما يلي:
1- أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سـمع أحد الصحابة يدعو بهذا الدعـاء: «اللَّهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصـمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكـن له كفـوًا أحد»؛ قال: (والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى). سنن أبي داود
2- كثرة وروده في كتاب الله تعالى، فقد ورد في كتاب الله (2724) مرة.
3- أن بقية أسمائه تبارك وتعالى تجري مع هذا الاسم مجرى الصفات مع الأسماء، فتقول: من صفات الله العليم الحكيم الكريم، ولا تقول: من صفات العليم الله.
4- اسم الله مستلزم لجميع معاني أسمائه الحسنى، دال عليها بالإجمال، وكل أسمائه وصفاته تفصيل وتبيين لصفات الألوهية التي اشتق منها اسم الله، واسم الله يدل على كونه سبحانه معبودًا، تألهه الخلائق محبة، وتعظيمًا، وخضوعًا، وفزعًا إليه في النوائب والحاجات.
5- تعرف الرب تبارك وتعالى إلى موسى باسمه الله:

عندما أرسله إلى قومه، فعندما كان موسى عليه السلام، عائدًا بأهله من مدين في طـريقه إلى مصـر في ليلة ظلمـاء باردة، رأى على البعد بجانب الطور نارًا، فقال لأهله :امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ .فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )[القصص: 30]، وقال له:وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي )[طه: 13، 14].
فتعرف الله عز وجل إلى نبيه موسى عليه السلام بأنه اللهُ ربُّ العالمين، وأنه اللهُ الحق الذي لا يستحق العبادة إلا هو.
وقد تعرف الله إلى عباده في كتابه المنزل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك ومن هذا ما جاء في فاتحة أعظم آيات هذا الكتاب، وهي آية الكرسي، فقد جاء في أولها ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ )[البقرة: 255].
6- دعاؤه - تبارك وتعالى - بهذا الاسم:
أكثر ما يدعى الله - تبارك وتعالى - بلفظ: (اللَّهم)، ومعنى: اللَّهم، ياالله، ولـهذا لا تسـتعمل إلا في الطلب، فلا يقال: اللَّهم غفـور رحيم، بل يقال: اللَّهم اغفـر لي وارحـمني وقد كان الرسـول صلى الله عيه وسلم يدعـو ربه كثيرًا بقوله (اللَّهم).
97ktls43jmjn.gif

من آثار هذا الاسم العظيم وموجباته:
إذا عرف المؤمن معنى هذا الاسم العظيم وما يستلزم من الأسماء الحسنى والصفات العلا لله تعالى فإنه يطبع في القلب معاني عظيمة وآثارًا جليلة من أهمها:
1- محبة الله - عز وجل - محبة عظيمة تتقدم على محبة النفس، والأهل، والولد، والدنيا جميعًا؛ لأنه المألوه المعبود وحده وهو المنعم المتفضل وحده وهو الذي له الأسماء الحسنى، وهو الذي له الخلق والأمر والحمد كله وهذا يستلزم محبة من يحبه الله تعالى وما يحبه، وبغض ما يبغضه سبحانه، ومن يبغضه، والموالاة والمعاداة فيه. ولا يذوق طعم الإيمان إلا من أحب الله - عز وجل - الحب كله وأحب فيه وأبغض فيه وهذا معنى قوله عليه الصلاة و (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)رواه البخاري.
2- تعظيمه سبحانه وإجلاله وإخلاص العبودية له وحده من توكل، وخوف، ورجاء ورغبة، ورهبةوغير ذلك من أنواع العبوديات التي لا يجوز صرفها إلا له سبحانه.
3- الشـعور بالعـزة به سـبحانه والتعلق به وحده، وسقوط الخوف والهيبة من الخلق والتعلق بهم؛ فالمؤمن لا يحتمي ولا يعتز إلا بالله العظيم القوي المتين، الكبير المتعال ولا يتوكـل إلا عليه وحـده: ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا )[الفرقان: 58].
4- طمأنينة القلب وسعادته وأنسه بالله - عز وجل - وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «فإن اللذة والفرحة وطيب الوقت والنعيم الذي لا يمكن التعبير عنه إنما هو في معرفة الله - سبحانه وتعالى - وتوحيده والإيمان به،"
5- إفراد الله - عز وجل - بالمحبة والولاء وإفـراده تعالى بالـحكم والتحاكم.
قال الله تعالى: ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )[الأنعام: 14]،
6- بما أن لفظ الجلالة مستلزم لجميع الأسماء والصفات فإن من آثار هذا الاسم العظيم آثار بقية أسمائه سبحانه وصفاته وكل أثر من آثار أسماء الله - عز وجل - وصفاته إن هو إلا أثر لهذا الاسم العظيم ومن موجباته. وهذا ما سيتم بيانه - إن شاء الله تعالى - في تفصيل معاني الأسماء والصفات وآثارها في الدروس القادمة.
a322jwmov6i0.gif
 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18

الدرس التاسع||شرح معنى الرب.."أكثر الأسماء التي يدعي بها"..





أخواتي وأخواني..



سنتناول ثاني اسم من أسماء الله تعالى..



ألا وهي:



[الـرب]


(الرب) من أسماء الله - عز وجل - الحسنى التي يدعى بها، ويمجد بها، ويقدس بها وعامة ما جاء في ذكر هذا الاسم الكريم إنما جاء مضافًا إلى الخلق عمومًا وخصوصًا مثل: (رب العالمين)، (رب السماوات والأرض)، ونحو ذلك.

وورد ذكـره في القـرآن في أكثر من 900 موضـع؛ كقوله تعـالى:الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) [الفاتحة: 2]، وقولـه سبحانه:قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)[الأنعام: 164وقد ورد كثيرًا في أدعيـة الأنبياء - عليهم الصـلاة والسلام – والصـالحين قولهـم: (ربنا).


معنى (الرب):

قال ابن الأثير: «يطلق (الربّ) في اللغة على المالك، والسيد، والمدبر، والمربي، والقيم، والمنعم، ولا يطلق غير مضاف إلا على الله تعالى، وإذا أطلق على غيره أضيف، فيقال: ربّ كذا، وقد جاء في الشعر مطلقًا على غير الله ، وليس بالكثير».

و(الربّ) في الأصل مشتق من التربية، وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حدّ التمام، يقال: ربّه ورباه، وربَّبه، وقيل: لأن يربني رجل من قريش أحب إليَّ من أن يربني رجل من هوازن.

ولا يطلَقُ غيرَ مضافٍ إلا على الله تعالى ، رب ، أو الرب ، أمّا إذا أُضيف يطلق على الله تعالى وعلى عباده ، كقولنا : ربُّ الدار أي صاحبها ، نحو قوله:بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ )[سبأ: 15]، وبالإضافة يقال له ولغيره، نحو قـولهـم:رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الفـاتحة: 2]،

ويقال: رب الدار، وعلى ذلك قال الله تعالى:اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ )[يوسف: 42].


معناه في حق الله:

يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: «و (الرب) هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم. وأَخَصُّ من هذا: تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم، وأخلاقهم. ولهذا أكثر دعائهم له بهذا الاسم الجليل؛ لأنهم يطلبون منه التربية الخاصة».


اسم (الرب) من أعظم الممادح التي مجد الله - عز وجل - نفسه بها منها:

· امتداح الله - عز وجل - نفسه بأنه: رَبِّ الْعَالَمِينَ )والعالمون جمع عالم. وكل ما سوى الله فهو عالم: قال تعالى: الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )والنصوص المعرفة بأنه رب العالمين كثيرة جدًا، كما مدح نفسه بأنه رب كل شيء كما في قوله تعالى:قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ) [الأنعام: 164].

· تمجيده سبحانه نفسه بأنه رب العـرش العظيم كما في قوله تعالى:اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) [النمل: 26]،

· كما مدح سبحانه نفسه بأنه رب السماوات والأرض وما بينهما.

قال الله - عز وجل -:رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )سورة مريم

· وامتدح الله نفسه - تبارك وتعالى - بأنه ربنا ورب آبائنا الأولين، قال سبحانه:قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ )[الشعراء: 26].

· وقال عن نفسه - عز وجل - أيضًا رب المشرق والمغرب، ورب المشارق والمغارب، قال عز وجل:رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ) [المزمل: 9]،

واسم (الرب) - سـبحانه وتعـالى- من أكثر الأسـماء التي يدعى بها الله عزوجل


من آثار الإيمان باسمه سبحانه (الرب):

أولاً: إن اسم (الرب) سبحانه وما يستلزم من الأسماء والصفات يتضمن تعريف الناس غايتهم التي خلقوا من أجلها، وتعريفهم ما ينفعهم وما يضرهم؛ فكونه رب العالمين لا يليق به أن يترك عباده سدى هملاً لا يعرفهم بنفسه ولا بما ينفعهم في معاشهم ومعادهم، وما يضرهم فيها.. فهذا هضم للربوبية ونسبة للرب إلى ما لا يليق:أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ )[المؤمنون: 115].

ثانيا: الإيمان بصفة الربوبية لله - عز وجل – يعني: الإيمان بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، فكل أثر من آثار الإيمان بالأسماء الحسنى - والتي سيأتي تفصيلها - إن شاء الله تعالى - هو في الحقيقة راجع إلى ما يتضمنه اسم (الرب) سبحانه وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: «إن ربوبيته سبحانه إنما تتحقَّق بكونه: فعَّالاً مُدبِّرًا؛ متصرِّفًا في خلقه؛ يعلم، ويقدر، ويريد، ويسمع، ويبصر.

فإذا انتفت أفعاله وصفاته: انتفت ربوبيته، وإذا انتفت عنه صفة الكلام: انتفى الأمر والنهي ولوازمها، وذلك ينفي حقيقة الإلهية».

ثالثا: الإيمان باسم (الرب) - عز وجل - وما يتعلق به من صفات يقتضي الرضا به سبحانه ربًا وإلهًا وحاكمًا ومشرعًا، لأن الرضا بربوبيته - عز وجل - هو رضا العبد بما يأمره به ربه وينهاه عنه،ويقسمه له ويقدره عليه، ويعطيه إياه ويمنعه منه. فمن لم يحصل الرضى بذلك كله لم يكن العبد قد رضي به ربًا من جميع الوجوه، ولا يذوق عبد طعم الإيمان حتى يأتي بكل موجبات الربوبية ولوازمها. وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولاً).

رايعا: لما كان من معاني (الرب) أنه الذي يربي عباده وينقلهم من طور إلى طور وينعم عليهم بما يقيم حياتهم ومعاشهم. وهو الذي أحسن خلقهم وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى. فإن هذه المعاني من شأنها أن تورث في قلب العبد المحبة العظيمة لربه سبحانه وحب ما يحبه ومن يحبه، وبغض ما يبغضه ومن يبغضه، والمسارعة في مرضاته، وتعظيمه وإجلاله وشكره وحمده الحمد اللائق بجلاله وعظمته وسلطانه وإنعامه.

خامسًا: لما كان من معاني (الرب) أنه المتكفل بأرزاق خلقه، وعنده خزائن السماوات والأرض له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. فإن هذه الصفات تورث في قلب العبد العارف لربه سبحانه قوة عظيمة في التوكل عليه سبحانه في جلب المنافع، ودفع المضار، وفي تصريف جميع أموره فلا يتعلق إلا بالله تعالى ولا يرجو إلا هو.

سادسا: لما كان من معاني الربوبية اختصاصه سبحانه بجلب المنافع ودفع المضار، وتفريج الكروب، وقضاء الحاجات فإن العباد - بما أودع الله في فطرهم من معرفة ربهم بهذه الصفات - يلجأون إلى ربهم ويتضرعون إليه في الشدائد والملمات وينفضون أيديهم من كلٍ سوى الله - عز وجل - وكلما عرف العبد ربه بأسمائه وصفاته أثر هذا في دعائه وقوة رجائه، ولجوئه، وتضرعه لربه سبحانه والوثوق بكفايته سبحانه وقدرته على قضاء حوائج عباده.

ولذلك نرى في أدعية أنبيائه - سبحانه وتعالى - وأوليائه تكرار الدعاء بقولهم: (ربنا، ربنا).

سابعًا: نهى النبي صلى الله عليه وسلم العبد أن يقول لسيده (ربي) فقال: (لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وَضِّئ ربك، وليقل: سيدي مولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي، أَمَتي، وليقُل: فتاي، وفتاتي، وغلامي)البخاري.

والسبب في النهي أن حقيقة الربوبية لله تعالى، لأن (الرب) هو المالك القائم بالشيء، فلا توجـد حقيقة ذلك إلا لله تعالى.


 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس العاشر||شرح" الواحد الأحد",وحدانية الله عزوجل..

سنتحدث بإذن لله عن اسم من أسماء الله تعالى ألا وهي:

[الواحد، الأحد]


ورد ذكرهما في الكتاب والسنة.

فأما اسمه: (الواحد) فقد ورد في أكثر من عشرين موضعًا في القرآن ومن ذلك قوله تعالى:قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ )الرعد: 16].

وأما اسـمه: (الأحد) فقـد ورد مرة واحـدة في القرآن الكريم وذلك في قوله تعالى:قل هو الله أحد);[الإخلاص: 1]. وكذلك جاء في السنة في قوله صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل الذي دعا بهذا الدعاء: «اللَّهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحـد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كـفوًا أحد»، فقال الرسـول صلى الله عليه وسلم:والذي نفسي بيده لقد سأل باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى)رواه أهل السنن.



المعنى اللغوي:

(الواحد والأحد) وإن كان اشتقاقهما واحدًا وبينهما معان مشتركة إلا أن بعض العلماء قد فرق بينهما؛ وذلك من الوجوه التالية:

أن الواحد لا شريك له وأحد لا مثيل له ،

والأحد له إشارة نوعية أما الواحد كميّة ؛

هناك تفريق آخر فإذا قلت : ما في الدار أحد يعني ليس فيها لا واحد ولا اثنان ولا ثلاثة فإذا نفيت الواحد نفيت العدد الذي بعده ، أما إذا قلت ما في الدار واحد فقد يكون هناك أربعة هذا فرق في استِخدام كلمة واحد و أحد ،

ثَمّ شيء آخر ذو بعد واضح وهو أنك لا تقول رجل أحد ، فكلمة أحد اختصَّ الله بِها فالأحد مما اختص الله به .

وهناك فروقات أخرى بين الواحد والأحد ولكن المهم أن الله تعالى هو واحد وأحد في وقت واحد .



معنى الواحد الأحد في حق الله تعالى:

يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: « (الواحد الأحد) هو الذي توحد بجميع الكمالات، وتفرد بكل كمال، وجلال وجمال، وحمد وحكمة، ورحمة وغيرها من صفات الكمال؛ فليس له فيها مثيل ولانظير، ولا مناسب بوجه من الوجوه، فهو الأحد في حياته وقيوميته وعلمه وقدرته وعظمته وجلاله وجماله وحمده وحكمته وغيرها من صفاته، موصوف بغاية الكمال ونهايته من كل صفة من هذه الصفات، فيجب على العبيد توحيده عقلاً، وقولاً، وعملاً بأن يعترفوا بكماله المطلق وتفرده بالوحدانية، ويفردوه بأنواع العبادة».



ما معنى وحدانية الله عز وجل؟

إنها تعني التوحيد بأنواعه الثلاثة:

1- توحيده سبحانه في ذاته وصفاته.

2- توحيده سبحانه في ربوبيته.

3- توحيده سبحانه في ألوهيته.

وفي ذلك يقول الدكتور الأشقر حفظه الله تعالى: وتتجلى وحدانية الله تعالى فيما يأتي:



أولاً: في ذاته وصفاته:

فالله لا مثيل له ولا نظير له، لا في ذاته ولا في صفاته؛ ولذلك فإنه - تعالى وتقدس - لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، كما قال عزَّ من قائل: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ .وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ )[الإخلاص: 1 - 4].

وهذه السورة الكريمة العظيمة عرفت العباد بربهم، وقد أنزلها رب العباد، جوابًا لأهل الشرك والعناد، الذين سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم طالبين منه أن ينسب لهم ربّه.

فالله متفرد في صفاته، والذين شبهوا صفات الخالق بصفات المخلوق، أو صفات المخلوق بصفات الخالق لم يوحدّوا ربهم - تبارك وتعالى -وأشركوا مع الله غيره.



ثانيًا: وحدانيته تعالى في ربوبيته:

فهو سبحانه وحـده الذي خلق السماوات والأرض، وأنزل الماء من السـماء، وأنبت به جنات الأرض التي تبهـج النفوس وتسرها(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ );[النمل: 59 - 60].



ثالثًا: وحدانيته في ألوهيته:

فالله هو المعبود الحق الذي يستحق العبادة دون سواه، وكل من عبد معه إلهًا آخر يدعوه، ويستعين به، ويستغيث به، فقد أشرك غيره معه في ألوهيته:قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهِ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ )[الأنعام: 19].

ووحدانية الله أخص خصائص ألوهيته، والإقرار بالألوهية أعظم أنواع العبادة التي يتقرب بها إلى الله تعالى، ونقيض الوحدانية الشرك، وهو أعظم جريمة يرتكبها البشر، ولعظمها فإن الله لا يغفر لأحد مات على شركه.



بعد كل هذا الشرح والإيضاح فكيف نتأدب بهذا الاسم ؟

، النبي عليه الصلاة والسلام يقول :عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِي اللَّه عَنْهم أَلا إِنَّ الْوَتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَصَلاتِكُمُ الْمَكْتُوبَةِ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْتَرَ ثُمَّ قَالَ أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ(رواه مسلم والترمذي)

أي يحب القلب المنفرد بِمحبته تعالى فالله لا يقبل العمل المشترك ولا القلب المشترك فالعمل المشترك لا يقبله والقلب المشترك لا يُقْبِل عليه .



من آثار الإيمان بهذين الاسمين الكريمين:

أولاً: إن أعظم أثر وموجب لهذين الاسمين الجليلين الكريمين هو إفراده - سبحانه وتعالى - بالربوبية والإلهية وتوحيده سبحانه بأفعاله وصفاته وتوحيده بأفعال عباده. وحينئذ يتحقق توحيد العبد لربه سبحانه ويتحقق إفراده - عز وجل - بجميع أنواع العبادة.

ثانيًا: تعلق القلوب بخالقها ومعبودها وتوجهها له وحده لا شريك له، لأنه (الواحد الأحد) الذي تصمد إليه الخلائق في حاجاتها وضروراتها وهو القادر على كل شيء، وهذا الشعور يريح القلوب من شتاتها واضطرابها ويجعلها تسكن إلى ربها ومعبودها وتقطع التعلق بمن لا يملكون شيئًا ولا يقدرون على شيء إلا بما أقدرهم الله عليه، ولا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا فضلاً عن أن يمل*** لغيرهم لأنه أسلم وجهه وقلبه لله وحده، ولم يتوجه لوجهات متعددة وشركاء متشاكسين يعيش بينهم في حيرة وقلق وصراع مرير.

ثالثًا: إفراد الله - عز وجل - بالتشريع والتلقي: فإن الإيمان بوحدانية الله - عز وجل - وأحديته توجب توحيده في الحكم والتحاكم والتلقي.

قال - عز وجل -:أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا);[الأنعام: 114]، فمصدر التشريع والتلقي هو الله وحده. وكل تكليف يوجه إلى الإنسان يجب أن يكون في إطار ما شرعه الله - عز وجل - في كتابه الكريم أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم القائل: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)رواه مسلم



 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس الحادي عشر||معنى "الرحمن,الرحيم"

vew5pbu1wmit.gif

سنتحدث بإذن الله اسمين من أسماء الله تعالى..
وذلك لارتباطهما ببعض..
[ الرحمن، الرحيم]

قال الله تعالى :الرَّحْمَنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ)الرحمن: 1، 2].
والآيات في ذكر اسم (الرحمن) كثيرة جاءت في (57) موضعًا من القرآن.
أما اسمه (الرحيم) فقد جاء في (123) موضعًا من القرآن الكريم أكثرها كان مقترنًا باسمه سبحانه (الغفور) ومن ذلك قوله تعالى:وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )[المزمل: 20].
ppppmj3soeqw.gif

معناهما اللغوي:
هذان الاسمان الكريمان مشتقان من (الرحمة) على وجه المبالغة وهي الرقة والتعطف وإن كان اسم (الرحمن) أشد مبالغة من اسم (الرحيم)، لأن بناء فعلان أشد مبالغة من فعيل وبناء فعلان: للسعة والشمول، واتفق أهل العلم على أن اسم (الرحمن) عربي لفظه، وفي الحديث القدسي: (أنا الرحمن ، خلقت الرحم، وشققت لها اسمًا من اسمي...) الحديث رواه أحمد.
فقد دل هذا الحديث على الاشتقاق. وكانت العرب تعرف هذا الاسم في لغتها.

قال الله - عز وجل -:وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ )[الزخرف: 20].
ppppmj3soeqw.gif


الفرق بين الاسمين:
فرق بعض أهل العلم بين هذين الاسمين الكريمين بالفروق التالية:
أولاً: أن اسم (الرحمن): هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة.
وأما اسـم (الرحيم): فهو ذو الرحـمة للمؤمنين كما في قوله تعـالى:هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا )الأحزاب: 43].
ثانيًا: أن اسم (الرحمن) دال على الرحمة الذاتية، و(الرحيم) دال على الرحمة الفعلية؛ يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: «إن (الرحمن) دال على الصفة القائمة به سبحانه و(الرحيم) دال على تعلقها بالمرحوم. فكان الأول للوصف، والثاني للفعل، فالأول دال على أن الرحمة صفته، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته.
ولم يجيء قط (رحمن بهم) فعلم أن (الرحمن) هو الموصوف بالرحمة، (والرحيم) هو الرحيم برحمته» .
ثالثًا: اسم (الرحمن) من الأسماء التي لا يجوز للمخلوق أن يتسمى بها؛ قال الله تعالى:قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً )[الإسراء: 110] فعادل به الاسم الذي لا يشركه فيه غيره وهو (الله) – جـل جلاله - وأما (الرحيم) فإنه تعـالى وصف به نبيه صلى الله عليه وسلم حيث قال:لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )[التوبة: 128].
ppppmj3soeqw.gif

والرحمة المضافة إلى الله تعالى نوعان:
الأول: رحمة ذاتية موصوف بها سبحانه على الوجه اللائق به سبحانه كسائر صفاته، يجب إثباتها لله - عز وجل - من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل. كما قال سبحانه:وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ )[الأعراف: 156]،
الثاني: رحمة مخلوقة أنزل الله - عز وجل - منها رحمة واحدة يتراحم بها الخلائق وأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمة يرحم الله بها عباده يوم القيامة كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم:إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها؛ وأخر الله تسعًا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة)رواه مسلم.
ppppmj3soeqw.gif

ورحمة الله عز وجل لعباده نوعان:
الأولى - رحمة عامة:
وهي لجميع الخلائق بإيجادهم، وتربيتهم، ورزقهم، وإمدادهم بالنعم والعطايا، وتصحيح أبدانهم، وتسخير المخلوقات من نبات وحيوان وجماد في طعامهم وشرابهم، ومساكنهم، ولباسهم، ونومهم، وحركاتهم، وسكناتهم، وغير ذلك من النعم التي لا تعد ولا تحصى.
قال الله - عز وجل -:الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ )[غافر: 7]، يقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - عند هذه الآية: «وهذه هي الرحمة العامة التي تشمل جميع المخلوقات، حتى الكفار؛ لأن الله قرن الرحمة هذه مع العلم؛ فكل ما بلغه علم الله، وعلم الله بالغ لكل شيء؛ فقد بلغته رحمته؛ فكما يعلم الكافر؛ يرحم الكافر أيضًا.لكن رحمته للكافر رحمة جسدية بدنية دنيوية مختصة بالدنيا؛ فالذي يرزق الكافر هو الله الذي؛ يرزقه بالطعام والشراب واللباس والمسكن والمنكح وغير ذلك».
الثانية - رحمة خاصة:
وهذه الرحمة لا تكون إلا للمؤمنين فيرحمهم الله - عز وجل - في الدنيا بتوفيقهم إلى الهداية والصراط المستقيم، ويثيبهم عليه، ويدافع عنهم وينصرهم على الكافرين ويرزقهم الحياة الطيبة وهذه الرحمة هي التي جاء ذكرها في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا )[الأحزاب: 43].
ولهذا تجد المؤمن أحسنَ حالاً من الكافر، حتى في أمور الدنيا؛ لأن الله يقول: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )[النحل: 97] الحياة الطيبة هذه مفقودة بالنسبة للكفار، حياتهم كحياة البهائم..
ppppmj3soeqw.gif

ذكر بعض آثار رحمة الله - عز وجل - في خلقه وأمره:
آثار رحمة الله - عز وجل - لا تعد ولا تحصى إذ إن رحمة الله - عز وجل - قد وسعت كل شيء فكما أن علم الله - عز وجل - قد وسع كل شيء ولم يخف عليه أي شيء فكذلك رحمته سبحانه قد بلغت كل شيء بلغه علمه سبحانه قال الله - عز وجل -: (وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ )[الأعراف: 156]،
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «فوسعت رحمته كل شيء، ووسعت نعمته كل حي، فبلغت رحمته حيث بلغ علمه».
وتظهر آثار رحمة الله - عز وجل - في كل ما خلق الله - عز وجل - سواء في هذا الكون وما فيه من المخلوقات المسخرة بأمره وما فيها من المنافع والرحمة لعباده، أو ما في خلق الإنسان من الآيات الدالة على عظمته سبحانه ورحمته - عز وجل - بهذا الإنسان، حيث خلقه في أحسن تقويم وكذلك رحمته سبحانه مغفرته لذنوب عباده والصفح عنهم، وتكفير سيئاتهم، وفتح باب التوبة لهم وكذلك ما يضعه في قلوب الأمهات من رحمة نحو أولادهن سواء كان ذلك عند الإنسان أو الحيوان. وأن رحمة الله - سبحانه وتعالى - أعظم وأوسع من رحمة الأمهات بأولادهن.
وكذلك تتجلى رحمة الله – عز وجل – في شرعه وأحكامه التي كلها خير ورحمة للخلق
وكذلك - في المصائب والمكروهات التي يقدرها على عباده المؤمنين فهي وإن كانت مؤذية ومكروهة إلا أن في أعطافها الرحمة والخير بالمصاب، لأن الله - عز وجل - كتب على نفسه الرحمة ورحمته سبقت غضبه.
أما ما يصاب به الكفار من المصائب والعقوبات فهي رحمة بالمؤمنين من شر الكفار وتسلطهم، وإفسادهم في الأرض، وهي عدل مع الكفار.
وتتجلى رحمة الله - عز وجل - في رحمته الخاصة بأوليائه، وتوفيقهم، وتسديدهم، وحفظهم، وتيسير أمورهم، وإجابة دعائهم، ونصرهم على أعدائهم الكافرين،
. فالنعم والإحسان، كله من آثار رحمته، وجوده، وكرمه. وخيرات الدنيا والآخرة، كلها من آثار رحمته.
ومن أعظم آثار رحمته سبحانه إرساله الرسل وإنزاله الكتب هداية للناس وإخراجًا لهم من الظلمات إلى النور. فالرسل رحمة من عند الله - عز وجل - لعباده
ppppmj3soeqw.gif


من آثار الإيمان باسميه سبحانه: (الرحمن الرحيم):
أولاً: محبة الله - عز وجل - المحبة العظيمة وذلك حينما يفكر العبد وينظر في آثار رحمة الله - عز وجل - في الآفاق، وفي النفس والتي لا تعد ولا تحصى. وهذا يثمر تجريد المحبة لله تعالى والعبودية الصادقة له سبحانه وتقديم محبته - عز وجل - على النفس، والأهل، والمال، والناس جميعًا، والمسارعة إلى مرضاته، والدعوة إلى توحيده، والجهاد في سبيله، وفعل كل ما يحبه ويرضاه.
قال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )[آل عمران: 31].
ثانيًا: عبودية الرجاء والتعلق برحمة الله تعالى وعدم اليأس من رحمة الله تعالى فإن الله - عز وجل - قد وسعت رحمته كل شيء. وهو الذي يغفر الذنوب جميعًا كما أن الرجاء والنظر إلى رحمة الله الواسعة وآثارها يثمر الأمل في النفوس المكروبة، ويمسح عليها الرَّوح وحسن الظن بالله تعالى وانتظار الفرج بعد الشدة ومغفرة الذنوب.
ثالثًا: اتصاف العبد بالرحمة وبذلها لعباد الله تبارك وتعالى:
وقد حض الله - عز وجل - عباده على التخلق بها، ومدح بها أشرف رسله فقال: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )[التوبة: 128].
رابعًا: التعرض لرحمة الله تعالى بفعل أسبابها:

ومن أعظم ما تستجلب به رحمة الله تعالى فعل ما يرضيه ويأمر به، واجتناب ما يسخطه وينهى عنه باتباع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ )[الأعراف: 56

ومن الطرق التي تنال بها رحمة الله - عز وجل - تدبر القرآن والإنصات إليه، قال الله تعالى:وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) [الأعراف: 204].
وكذلك الاستغفار من أعظم ما تستجلب به رحمة الله تعالى. قال الله - عز وجل -: (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )النمل: 46].
ومما تستجلب به رحمة الله تعالى الرحمة باليتامى، والخدم، والإحسان إليهم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عيه وسلم:كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة)رواه مسلم وأشار مالك بالسبابة والوسطى «ومالك أحد رجال السند».
خامسًا: الحياء من الله عز وجل: «إن التأمل في إحسـان الله ورحمته يورث العبد حـياء منه - سبحانه وتعالى - فيستحي العـبد المؤمن من خالقه أن يعصـيه، ثم إن وقع في الذنب جهـلاً منه استحيا من الله بعد وقوعه في الذنب، ولذا كان الأنبياء يعتذرون عن الشـفاعة للناس بذنوبهم خـوفًا وخجلاً، وإن هذا لأمر قل من ينتبه له، بل قد يظن كثير من الناس أن التوبة والعفـو قد غمر ذنوبه فلا يلتفت إلى الـحياء بعد ذلك.
yzjbwi20orok.gif
.​



 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس الثاني عشر||معنى "الحي" جل وتعالى..

l.gif





wx935858ssk8.gif



سنتحدث عن معنى اسم جليل


ألا وهو:



[الحيُّ]

ورد اسمه سبحانه (الحي) خمس مرات في كتاب الله - عز وجل - وذلك في قوله تبارك وتعالى:اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ )[البقرة: 255]،
وفي السنة قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه: (يا حي ياقيوم برحمتك أستغيث)رواه الترمذي ،
841qidog6eve.gif

المعنى اللغوي لهذا الاسم العظيم:
قال في اللسان: «الحياة نقيض الموت.. والحي من كل شيء نقيض الميت، والحيوان اسم يقع على كل شيء حي».
وقال الزجاجي: « (الحي) في كلام العرب خلاف الميت، والحيوان خلاف الموات.
841qidog6eve.gif

المعنى في حق الله تعالى:
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «وحياته - سبحانه - أكمل الحياة وأتمها، وهي حياة تستلزم جميع صفات الكمال(الذاتية لله: كالعلم، والعزّة، والقدرة، والإرادة، والعظمة، والكبرياء، وغيرها من صفات الذات المقدسة،)
، وتنفي أضدادها من جميع الوجوه، ومن لوازم الحياة العقل الاختياري فإن كل حي فعال، وصدور العقل عن الحي بحسب كمال حياته ونقصها. وكل من كانت حياته أكمل من غيره كان فعله أقوى وأكمل، وكذلك قدرته. ولذلك كان (الرب) سبحانه على كل شيء قدير وهو فعال لما يريد. وقد ذكر البخاري في كتاب (خلق الأفعال) عن نعيم بن حماد أنه قال: الحي هو الفعال. وكل حي فعال؛ فلا فرق بين الحي والميت إلا بالفعل والشعور».
فالحي هو دائم الحياة له البقاء المطلق ، الإنسان مهما عاش لابد من أن يموت ، فحياته مقيّدة بعمره ، أما من له البقاء المطلق هو الله عز وجل كلمة مطلق كبيرة جداً ، ومدلولها واسع واسع .
841qidog6eve.gif

من آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم:
أولاً: محبة الله - عز وجل - وإجلاله وتوحيده:
إن علم العبد بربه سبحانه وبأن له الحياة الكاملة المطلقة والتي تتضمن جميع صفات الكمال توجب على العبد محبة ربه سبحانه وإجلاله وتوحيده، وهذا يثمر في القلب الابتهاج، واللذة، والسرور مما تندفع به الكروب، والهموم، والغموم.
841qidog6eve.gif

ثانيًا: التوكل الصادق على الله عز وجل:
يقول الله عز وجل:وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا )الفرقان: 58]، فمن آمن بأن ربه سبحانه هو الحي الذي له الحياة الكاملة والحي الذي لا يموت أبدًا والذي لا تأخذه سنة ولا نوم ولا غفلة، يكون توكله في جميع أموره عليه وحده سبحانه
841qidog6eve.gif

ثالثًا: الزهد في هذه الحياة الدنيا الفانية وعدم الاغترار بها:
لأنه مهما أعطي العبد من العمر فلا بد من الموت، أما الحياة الدائمة التي يهبها (الحي القيوم) لعباده المؤمنين فهي في الدار الآخرة في جنات النعيم، وهذا الشعور يدفع المسلم إلى الاستعداد للآخرة والسعي لنيل مرضات الله - عز وجـل قال سبحانه:وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ )العنكبوت: 64]، فحياة أهل الجنة دائمة بإدامة الله (الحي القيوم) لها.
841qidog6eve.gif

رابعًا: اسمه سبحانه (الحي) يقتضي صفات كماله - عز وجل كلها:
فمن أنكر صفة كمال لله تعالى وعطلها، لم يؤمن بأنه (الحي)؛ يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «... وكذلك إذا اعتبرت اسمه (الحي) وجدته مقتضيًا لصفات كماله من علمه، وسمعه، وبصره، وقدرته، وإرادته، ورحمته، وفعله ما يشاء».
والإيمان بصفات كماله سبحانه يقتضي آثار صفات كماله كلها، فتحصل من ذلك أن التعبد لله - عز وجل - باسمه (الحي) يوجب التعبد لله سبحانه بجميع صفاته وأسمائه الحسنى كلها وأن آثارها إنما هي آثار لاسمه سبحانه (الحي).
841qidog6eve.gif

خامسا:ومن آثاره التخلّق باسم الحي ،
فاحذر أن تكون مع إنسان كالميت بين يدي غاسله ، فالحذر الحذر أن تركن كلية لإنسان ما ، ولكن قال العلماء " لتكن بين يدي ربك كالميت بين يدي مُغسِّله".
فالمؤمن الصادق بين يدي الله كالميت بين يدي المغسل ، راض بقضائه ، راض بقدره راض برزقه ، راض بعطائه لك إن فرقك أو إن جمعك ، كيفما شاء فكن في يده
841qidog6eve.gif


الدرس الثالث العاشر\\معنى(القيوم)جل وتعالى


ورد هذا الاسم الجليل في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم مقترنًا باسمه سبحانه (الحي) وذلك في قوله - عز وجل -:اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ )البقرة: 255].
وقوله سبحانه: الم .اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )[آل عمران:1، 2]،وقوله - عز وجل -:وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا )طه: 111].
ولم يرد هذا الاسم الكريم منفردًا في القرآن الكريم. ولكن ورد ذكر (القائم) في قوله تعالى:أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ السَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ )الرعد: 33]، والقيام على كل نفس من لوازم اسمه سبحانه (القيوم).
أما في السنة فقد ورد مقترنًا باسمه (الحي) كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث)رواه مسلم ، وجاء مفردًا مضافًا في قوله صلى الله عليه وسلم في استفتاح صلاة الليل: (اللَّهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن...الحديث)أخرجه البخاري ومسلم.
المعنى اللغوي:
قال في اللسان: «معنى القيام: العزم... ويجيء القيام بمعنى المحافظة والإصلاح ومنه قوله تعالى:وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )[آل عمران:75 ] أي: ملازمًا محافظًا، ويجيء القيام بمعنى الوقوف والثبات... وقال قتادة: «القيوم: القائم على خلقه بآجالهم، وأعمالهم، وأرزاقهم».
المعنى في حق الله تعالى:
ذكر الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - معنى هذا الاسم العظيم في أكثر من موطن من كتبه. ومن ذلك قوله: «معنى اسمه (القيوم): هو الذي قام بنفسه فلم يحتج إلى أحد، وقام كل شيء به فكل ما سواه محتاج إليه بالذات».
ويقول في موطن آخر: «فالقائم بنفسه أكمل ممن لا يقوم بنفسه، ومن كان غناه من لوازم ذاته فقيامه بنفسه من لوازم ذاته. وهذه حقيقة قيوميته سبحانه. وهو (الحي القيوم) فالقيوم: القائم بنفسه المقيم لغيره».
وقال في موطن ثالث: «وأما (القيوم) فهو متضمن كمال غناه وكمال قدرته، فإنه القائم بنفسه لا يحتاج إلى من يقيمه بوجه من الوجوه. وهذا من كمال غناه بنفسه عما سواه، وهو المقيم لغيره فلا قيام لغيره إلا بإقامته، وهذا من كمال قدرته وعزته».
ويقول الشيخ السعدي - رحمه الله تعالى - عن هذين الاسمين الكريمين: (الحي) الجامع لصفات الذات. و(القيوم) الجامع لصفات الأفعال».
فتضمن هذان الاسمان الكريمان معاني أسمائه وصفاته وأفعاله، ولهذا قيل: إن (الحي القيوم) هو الاسم الأعظم.
ومن معاني (القيوم) الباقي الذي لا يزول، وهذا المعنى قد أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -
من آثار الإيمان بهذين الاسمين الكريمين:
أولاً: مع ظهور آثار قيوميته سبحانه لكل شيء من المخلوقات جامدها، ومتحركها، فاجرها، وتقيها إلا أن لآثار قيوميته سبحانه بأوليائه وبمن أحبه شأنًا آخر وطعمًا خاصًا يظهر في حفظه ولطفه ورعايته بعباده المتقين، وهذا يقتضي محبة الله - عز وجل - المحبة التامة، والركون إليه، والتعلق به وحده، والسكون إليه، والرضا بتدبيره..
ثانيًا: التبرؤ من الحول والقوة والافتقار التام لله - عز وجل - وإنزال جميع الحوائج بالله - عز وجل - وإخلاص الاستعانة والاستغاثــة والاعتصام لله - عز وجل - وقطع التعلق بالمخلوق الضعيف المربوب لله تعالى المفتقر إلى ربه - عز وجل - الفقر الذاتي التام. ولذا وردت الاستغاثة باسمه (الحي القيوم)، كما جاء في الحديث السابق: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث).
ثالثًا: لاسم (الحي القيوم) تأثير خاص في إجابة الدعوات، وكشف الكربات كما جاء في الحديث السابق، وكما جاء في السنن، وصحيح ابن حبان من حديث أنس t: «أن رجلاً دعا فقال: اللَّهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:لقد دعا باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى)سنن النسائي
رابعًا: تضمن هذان الاسمان العظيمان جميع الأسماء وصفات الكمال لله تعالى. كما سبق في قول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «فكأن المستغيث بهما مستغيث بكل اسم من أسماء (الرب) تعالى وبكل صفة من صفاته».
خامسًا: الخوف منه سبحانه ومراقبته لأنه القائم على كل نفس، المتولي أمرها، الحافظ لأعمالها الذي لا يخفى عليه شيء من أمرها.




 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس الرابع عشر\\ معنى الاول والاخر في حق الله تعالى


70.gif



سنتحدث بإذن الله عن اسم من أسمائه الحسنى:


[الأول، الآخر]

قال الله - عز وجل -:هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )[الحديد: 3].
- ومن السنة عن أبي هريرة tقال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمُرُنا إذا أخذنا مضجعنا أن نقول : (اللَّهم ربَّ السماوات وربَّ الأرض وربَّ العرش العظيم، ربَّنا وربَّ كلِّ شيء، فالقَ الحبِّ والنَّوى ومُنزِّلَ التوراةِ والإنجيل والفرقان، أعوذُ بك من شرِّ كلِّ شيء أنت آخذٌ بناصيته، اللهم أنت الأولُ فليس قبلك شيءٌ، وأنتَ الآخرُ فليس بعدَكَ شيء، وأنتَ الظَّاهرُ فليس فوقك شيء، وأنت الباطنُ فَليس دونك شيء، اقْضِ عنا الدَّين وأغْنِنا من الفقر)» رواه مسلم.
ولم يرد ذكر هذه الأسماء الحسنى إلا مرة واحدة في القرآن، وكذلك في السنة.
0210.gif

المعنى اللغوي لاسمه سبحانه (الأول):
قال الراغب في المفردات: « الأول: الذي يترتب عليه غيره ومستعمل على أوجه:
أحدها: المتقدم بالزمان كقولك: عبد الملك أولاً ثم منصور.
الثاني: المتقدم بالرياسة في الشيء، وكونه غيره محتذيًا به نحو: الأمير أولاً ثم الوزير.
الثالث: المتقدم بالوضع والنسبة، كقولك للخارج من العراق: القادسية أولاً ثم فيد، وتقول للخارج من مكة: فيد أولاً ثم القادسية.
الرابع: المتقدم بالنظام الصناعي. نحو أن يقال: الأساس أولاً ثم البناء
وقال الزجاج: «(الأول) هو موضع التقدم والسبق (2)».
0210.gif

أما معنى هذا الاسم الكريم في حق الله تعالى:
فيكفينا تفسير أعلم البشر بالله تعالى؛ وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنت الأول فليس قبلك شيء).
ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: « (الأول): يدل على أن كل ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن، ويجب على العبد أن يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية إذ السبب والمسبب منه تعالى».
0210.gif


من آثار الإيمان بهذين الاسمين الكريمين:
يذكر الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - هذه الآثار فيقول:
«فعبوديتة باسمه (الأول) تقتضي التجرد من مطالعة الأسباب، والوقوف أو الالتفات إليها، وتجريد النظر إلى مجرد سبق فضله ورحمته، وأنه هو المبتدئ بالإحسان من غير وسيلة من العبد، إذ لا وسيلة له في العدم قبل وجوده، وأي وسيلة كانت هناك، وإنما هو عدم محض، وقد أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا، فمنه سبحانه الإعداد، ومنه الإمداد وفضله سابق على الوسائل. والوسائل من مجرد فضله وجوده؛ لم تكن بوسائل أخرى. فمن نزل اسمه (الأول) على هذا المعنى أوجب له فقرًا خاصًا وعبودية خاصة.
وعبوديته باسمه (الآخر) تقتضي أيضًا عدم ركونه ووثوقه بالأسباب والوقوف معها، فإنها تنعدم لا محالة، وتنقضي بالآخرية، ويبقى الدائم الباقي بعدها، فالتعلق بها تعلق بما يعدم وينقضي، والتعلق بـ(الآخر) سبحانه تعلق بالحي الذي لا يموت ولا يزول، فالمتعلق به حقيق أن لا يزول ولا ينقطع، بخلاف التعلق بغيره مما له آخر يفنى به.
فتأمل عبودية هذين الاسمين وما يوجبانه من صحة الاضطرار إلى الله وحده، ودوام الفقر إليه دون كل شيء سواه، وأن الأمر ابتدأ منه وإليه يرجع، فهو المبتدئ بالفضل حيث لا سبب ولا وسيلة، وإليه تنتهي الأسباب والوسائل، فهو أول كل شيء وآخره، وكما أنه رب كل شيء وفاعله وخالقه وبارئه، فهو إلهه وغايته التي لا صلاح له، ولا فلاح، ولا كمال إلا بأن يكون وحده غايته ونهايته ومقصوده، فهو الأول الذي ابتدأت منه المخلوقات، والآخر الذي انتهت إليه عبودياتها وإراداتها ومحبتها، فليس وراء الله شيء يقصد ويعبد ويتأله، كما أنه ليس قبله شيء يخلق ويبرأ. فكما كان واحدًا في إيجادك فاجعله واحدًا في تألهك إليه لتصح عبوديتك، وكما ابتدأ وجودك وخلقك منه فاجعله نهاية حبك وإرادتك وتألهك إليه لتصح لك عبوديته باسمه (الأول والآخر) وأكثر الخلق تعبدوا له باسمه (الأول) وإنما الشأن في التعبد له باسمه (الآخر) فهذه عبودية الرسل وأتباعهم، فهو رب العالمين وإله المرسلين سبحانه وبحمده».
 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس الخامس عشر\\معنى الظاهر والباطن في حق الله تعالى




[الظاهر، الباطن]

ودليل هذين الاسمين الكريمين في قوله تعالى هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )[الحديد: 3
وكذلك الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء... الحديث).

المعنى اللغوي(للظاهر):
قال في اللسان: «الظهر من كل شيء خلاف البطن... وظهارة الثوب ما علا الظهر ولم يل الجسد وظهرتُ البيت: علوتُه».
المعنى اللغوي (للباطن):قال في اللسان: «البطانة خلاف الطهارة، والبطن خلاف الظهر، وبطنت الأمر: إذا عرفت باطنه»

المعنى في حق الله تعالى:
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى: «اسمه (الظاهر) من لوازمه أن لا يكون فوقه شيء كما في الصحيح: (وأنت الظاهر فليس فوقك شيء)، بل هو سبحانه فوق كل شيء فمن جحد فوقيته سبحانه فقد جحد لوازم اسمه (الظاهر).
ولا يصحُّ أن يكون (الظاهر): هو من له فوقية القَدْرِ فقط، كما يقال: الذهب فوق الفضةِ؛ والجوهر فوق الزجاج، لأن هذه الفوقيَّة تتعلَّق بالظهور، بل قد يكون المُفوَّق أظهر من الفائق فيها، ولا يصحُّ أن يكون ظهور القهر والغلبة فقط، وإن كان سبحانه ظاهرًا بالقهر والغلبة لمقابلة الاسم (الباطن)؛ وهو: الذي ليس دونه شيءٌ، كما قابل (الأوَّل) الذي ليس قبله شيءٌ؛ بـ(الآخر): الذي ليس بعده شيءٌ»
ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: «و(الظاهر): يدل على عظمة صفاته واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات، ويدل على علوه»
ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: «والباطن: يدل على اطلاعه على السرائر والضمائر والخبايا والخفايا، ودقائق الأشياء، كما يدل على كمال قربه ودنوه، ولا يتنافى الظاهر والباطن؛ لأن الله ليس كمثله شيء في كل النعوت؛ فهو العلي في دنوه، القريب في علوه»

من آثار الإيمان باسميه سبحانه (الظاهر)، (الباطن):
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «... والمقصود أن التعبد باسمه (الظاهر) يجمع القلب على المعبود، ويجعل له ربًا يقصده، وصمدًا يصمد إليه في حوائجه، وملجأً يلجأ إليه. فإذا استقر ذلك في قلبه وعرف ربه باسمه (الظاهر) استقامت له عبوديته، وصار له معقل وموئل يلجأ إليه، ويهرب إليه، ويفر في كل وقت إليه.
وأما تعبده باسمه (الباطن) فأمر يضيق نطاق التعبير عن حقيقته، ويكلّ اللسان عن وصفه، وتصطلم الإشارة إليه، وتجفو العبارة عنه، فإنه يستلزم معرفة بريئة من شوائب التعطيل، مخلصة من فرث التشبيه، منزهة عن رجس الحلول والاتحاد، وعبارة مؤدية للمعنى كاشفة عنه، وذوقًا صحيحًا سليمًا من أذواق أهل الانحراف. فمن رزق هذا فهم معنى اسمه (الباطن) وصح له التعبد له. وسبحان الله كم زلت في هذا المقام أقدام، وضلت فيه أفهام، وتكلم فيه الزنديق بلسان الصدّيق، واشتبه فيه إخوان النصارى بالحنفاء المخلصين، لنبوّ الأفهام عنه، وعزة تخلص الحق من الباطل فيه، والتباس ما في الذهن بما في الخارج إلا على من رزقه الله بصيرة في الحق، ونورًا يميز به بين الهدى والضلال، وفرقانًا يفرق به بين الحق والباطل، ورزق مع ذلك اطلاعًا على أسباب الخطأ وتفرق الطرق ومثار الغلط، وكان له بصيرة في الحق والباطل، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وباب هذه المعرفة والتعبد هو معرفة إحاطة (الرب) سبحانه بالعالم وعظمته، وأن العوالم كلها في قبضته، وأن السماوات السبع والأرضين السبع في يده كخردلة في يد العبد،
ومن آثار هذه الأسماء الجليلة: أنها علاج للوسوسة الشيطانية في كنه الذات الإلهية فعن أبي زميل قال: «سألت ابن عباس - رضي الله عنهما - فقلت: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قال: قلت: والله لا أتكلم به. قال: فقال لي: أشيء من شك؟ قلت: بلى. فقال لي: ما نجا من ذلك أحد، حتى أنزلَ الله - عز وجل -(فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ )يونس: 94]،قال: فقال لي: فإذا وجدتَ في نفسك شيئًا، فَقُلْ: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ);[الحديد: 3] » أبو داود
 
إنضم
9 يناير 2011
المشاركات
134
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الدرس السادس عشر\\معنى الوارث في حق الله تعالى


ورد ذكر (الوارث) في القرآن ثلاث مرات كلها بصيغة الجمع وهي:
في قوله تعالى: (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ )[الحجر: 23].
وقوله تعالى:وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ )[الأنبياء: 89].
وقوله تعالى:وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ )[القصص: 58].
وورد مرة واحدة بصيغة الفعل في قوله سبحانه:إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ )[مريم: 40]،
معنى (الوارث) في اللغة:
قال الزجاج: « (الوارث): كل باق بعد ذاهب فهو وارث»
وقال الزجاجي: «(الوارث): اسم الفاعل من ورث يرث فهو وارث>>.
وأما معناه في حـق الله عز وجل:
قال الزجاجي: «الله - عز وجل - وارث الخلق أجمعين، لأنه الباقي بعدهم وهم الفانون؛ كما قال - عز وجل -: (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ )[مريم: 40] .
ويقول الخطابي: «(الوارث) هو: الباقي بعد فناء الخلق والمسترد أملاكهم وموارثهم بعد موتهم، ولم يزل الله باقيًا مالكًا لأصول الأشياء كلها يورثها من يشاء، ويستخلف فيها من أحب».
من آثار الإيمان باسمه سبحانه (الوارث):
1- السعي في هذه الدنيا للتقرب إلى الله عز وجل وجنته بالعلم النافع والعمل الصالح؛ وذلك للفوز بالجنة التي لا يورثها الله عز وجل إلا للمتقين: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا )[مريم:63].
2- عدم الاغترار بقوة الباطل وانتفاشه فإن الله - عز وجل - له بالمرصاد وسيأتي الوقت الذي يزهقه الله فيه، ويورث عباده المؤمنين ديار الكافرين ويمكنهم فيها.قال الله - عز وجل -: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ )[الأعراف: 137].
3- عدم الاغترار بالدنيا والحذر من الركون إليها، لأن مآلها إلى الفناء ولا يبقى إلا ما قدمه العبد لنفسه يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم(يقول ابن آدم: مالي مالي. قال: وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت).رواه مسلم
4- التعلق بالله وحده، والتوكل عليه في حفظ من يبقى للعبد بعد موته من مال، وولد وهو خير الوارثين.
5- التبرؤ من الحول والقوة في كسب المال، والنظر إلى أن المالك الحقيقي هو الله - عز وجل - وإنما وضعه الله في أيدي الناس للاختبار، وهذا يحفز العبد إلى الإنفاق في سبيل الله - عز وجل - والجود به في سبيل مسديه.
قال تعالى: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ )[الحديد: 7].

منقول
 

حفيد البجلي

مشرف سابق
إنضم
15 سبتمبر 2009
المشاركات
19,429
مستوى التفاعل
774
النقاط
113
الإقامة
بجــيــلة
جزاك الله خير وبارك الله فيك
والله يجعلها في موازين حسناتك يارب
ونفعك بك الأسلام والمسلمين
خالص ودي وأحترامي
 

ولد الخماميش

Well-Known Member
إنضم
4 مارس 2009
المشاركات
13,937
مستوى التفاعل
103
النقاط
63
..وأثابكٍ ونفع بكٍ وجعل ماخطت يــــداك ٍشاهدلكٍ لاعليكٍ..
..وجعلـــــها في موازيــــــن حسنــــــاتك
وسبب من اسبــــــــــــــاب دخوووولكـ الجنــــــــه
وغفــــركـ لك بسبـــبها ذنووبـــــكـ
 
أعلى