ابو نواف 2009
المراقب العام
استطاع المزارع قديما ان يبتكر طريقة لحماية زراعته من الطيور والحيوانات التي تتربص بالحصاد وتضر بمزروعاته، حيث كان المقلاع او ما يسمى بالمرجمة الوسيلة الوحيدة التي كانت بين ايدي الفلاحين، فكان لا بد من حماية المحصول من الطير ولا بد من تواجد “حامي” أي شخص لحماية المحصول من بعد صلاة الفجر مباشرة حتى غروب الشمس، ويستخدم الحامي في ذلك المرجمة، وهي المقلاع وأيضاً “المفقاع”، وهو عبارة عن حبل مفتول في نهايته شريطان لإصدار صوت لإخافة الطير، ويستخدم مثل استخدام السوط.
إن المرجمة كانت الوسيلة الوحيدة لحماية مزارعنا من عبث القرود والطيور حيث نقوم بالحماية منذ بداية طلوع الزرع وحتى انتهاء الحصاد، وعادة ما تكون الحماية حول قصب السكر والذرة والقمح.
حيث ان طريقة المرجمة تكون بوضع حجر متوسط الحجم في المقلاع، ويلوحه بيده في حركة دائرية، ثم يُفلت أحد حبال المرجمة لتنطلق “الكعمة” بسرعة هائلة، ويكون لها “خنين” متجهة الى حيث أراد مطلقها.
و لا تقتصر المرجمة على حماية المزارع فقط حيث إنها تساعد في طرد الوحوش عن الماشية، وهي ذات ضربة عشوائية قوية فور إصابتها للهدف، فهي غير دقيقة الا انها مؤلمة وربما قاتلة للطيور وبعض الحيوانات.
ويشار الى ان طريقة الرمي تكون بوضع الحجر داخل كف المقلاع ويتجه الرامي صوب الهدف ثم يدخل خنصرة في العقدة الصغيرة ويقبض عليها جيداً، ثم يبدأ بالتلويح، ونظراً لعدم وجود وسيلة يعتمد عليها الرامي في تحديد هدفه، فإنه في هذا الحالة تكون العين هي المقياس الوحيد للدقة في الرمي، بعد التلويح عدة مرات وبشكل تصاعدي سريع يفلت الرامي طرف المقلاع من يده نحو الهدف لينطلق الحجر كالرصاصة باتجاه الهدف المنشود، سواء أكان ذلك صيداً أم عدواً أو أي هدف آخر، وكان أهل المخواة قديماً يتباهون بإصابتهم لأهدافهم بالمقاليع.
فإن المِقلاع واحد من أقدم الوسائل في حماية المزارع، حيث تم تصميمه لإلقاء قطعة من الحجارة بقوة تفوق تلك التي يمكن للإنسان بذلها باليد والذراع. وكان المقلاع في أقدم صوره عبارة عن شريط من جلد الحيوان الخام، مربوط كل طرف من أطرافه بحبل وتريّ، ويوضع على الشريط قطعة من الحجر، أو غيرها من الأشياء، ويمسك الشخص القائم بتشغيله بالحبلين معًا. وبعد ذلك يقوم المُشغِّل بتدويم المقلاع فوق رأسه، ثم يطلق أحد طرفي الحبل من أجل قذف الحجر بشدة. وبعد ان ظهرت الآلة الحديثة والبيوت المحمية التي تقوم بحماية المزارع اقتصر عمل المرجمة على صيد الطيور واللهو بها وفي هذه الايام لم نعد نراها كما في الماضي وذلك لعدم وجود الزراعة وانشغال الاطفال بالتقنيات الجديدة.
وقد اشتهر الشعب القديم الذي كان يعيش في جزر البليار في البحر الأبيض المتوسط بمهارته في استخدام المقاليع. وكان للمقاليع فائدة عظيمة، لكل من جيوش مصر واليونان وروما. وخلال العصور الوسطى استخدم الجنود مقاليع مربوطة بقطع من العصي. وكانوا يقذفون أحجارًا ضخمة على الحصون، كانت تسمى المنجنيق. ويطلق على المنجنيق القصير الذراع مسمى المقذاف أو المقلاع، وقد صنع على شكل آلة حربية كان يجرها الخيل.
وقد اشتهر نبي الله داوود ببراعته في استخدام المقلاع، ويقال إنه استخدمه في قتاله مع جالوت، أما أحدث استخدامات المقلاع فهي التي قام بها أطفال فلسطين المحتلة في انتفاضتهم الشهيرة التي عرفت بانتفاضة الحجارة .