اسد بنكرز البجلي
المنتدى عريني
( الأسد ) يقدم -(عمالقة ارض العرب) 1- ( ابو زيد الهلالي)- يقـول الهلالـي والهلالـي سلامـه*** علـيّ الطـَّلاق إن المقـل ذليــل .
الفصل ( الاول ) من موضوع ( ابو زيد الهلالي )
يقـول الهلالـي والهلالـي سلامـه *** علـيّ الطـلاق إن المقـل ذليــل
ينـوض( يبغـي للمراجـل)وينثنـي *** كمـا ينثنـي تحت الحمـول هـزيـل
( اخوتي واخواتي وابنائي جميعاً ) -احييكم وكفى وصلاتي وسلامي على من اصطفى ؛ خير من هاجر عن ارضه وجلى الى دار الانصار اهل الإيمان والسكينة و التقى - صلى الله عليه وعلى آله وسلم مااخضر غصن سامق ونمى ؛ وما رفرف فوقه طائر و همى ؛ أحييكم بتحية اهل الجنة اهل ( العقول والبصائر النيرات والنهى ) :-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
( المعاني مباني ) ؛ والمباني طوب على طوب حتى يحصل المطلوب ، وهكذا هي الحضارات والعلوم الانسانية ( ككل ) لم تقوم صدفة او تظهر فجأة . بل هي نتاج إبداعات المبدعين عبر العصور والازمان عبر ماهو معروف ب( الإلهام و العبقرية ) . وهي عطاءآت متصلة الحلقات عبر دروب الإبداع .
هذا يبني وذاك يزيد وآخر يتم بناء من سبقوه . و ( موضوعنا اليوم ) لايخرج عن هذا المعنى او يشذ عن هذا المفهوم ولا يحيد عن هذا السياق ابدا ؛ وكذا هي كل الأعمال ؛ أما ( الوحي ) فهو من السماء و لا ينزل الا على الانبياء والرسل و ( قد انقطع ) عن اهل الأرض ذات الطول والعرض منذ ايام خاتم الانبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه .
وموضوع اليوم هو ( حلقة من حلقات سلسلة مهيبة ) من سلاسل امجادنا في مملكتنا الحبيبة على ( ارض جزيرة العرب ) ؛ وسنتطرق لرجال سمو على الجبال وعانقت ( سمعتهم و اخبارهم ) هام السحب وملاعب الرياح .
( ابو زيد الهلالي احد اشهرهم ) – وبني هلال ( المثيرين للجدل ) لا يخفى خبرهم عن الجميع ؛ إلا ان اخبارهم لم تجمع بصورة مرضية وتدرس وتحقق رغم شهرة اخبار ( تغريبتهم ) ورحيلهم عن جزيرة العرب الى تونس ( التي كانت تسمى ) حصريا ب( افريقية ) قبل ان يعم هذا الإسم القارة بأسرها ( اليوم ) .
( اخبار ابو زيد في ديار بني مالك ) - كثيرة ؛ وقد صور لنا اجدادنا بأن ( بني هلال و ابو زيد وعليا ) هم ( عمالقة ) . وذاك عندما كنا اطفال صغار ..
وقد كان السابقين يصورون لنا تلك الاخبار بصور مهيبة وجذابة ( حكايات لا تنسى ) فيها من ( المبالغات المتوارثة ) ما يجعلنا نتشنج و ( ننقطع عن عالم الواقع ونحن ننصت لها ) من افواه الكبار ؛ تماما ( على نحو مانراه اليوم ) في سكوت وانصات اطفالنا لاقاصيص ( افلام الكرتون و حكايات الخيال العلمي ) .
( كنا في الديرة )- نسمع قصص عن قوة وجبروت وضخامة بني هلال ؛ ومن تلك القصص ؛ قولهم : ( بأن كل الحصون في ديارنا هي ( هلالية ) .. بناها بني هلال قبل رحيلهم منها ) الى تونس ؛ وكذلك يقولون ان – الهلاليين - هم الذين ( عَمَرَوا البلاد ) و ( عرَّضوا عرضانها ) و( حفروا ابيارها ) ثم رحلوا . ولم يذكرون لنا سبب رحيلهم ؛
وكذلك فاجدادنا ( لا يدعون صلتهم بالنسب في بني هلال ) بل هم يصورونهم انهم ( اجتاحوا ديارنا عندما مروا منها ) وفعلوا تلك المعجزات الزراعية ثم غادروها .
ومن قصصهم يذكرون ان ( هناك شاب منهم – يتيم ومدلل من ( الهلاليين ) المجتاحين – عاتبته امه بعد ان افطر فطوراً مهولا ( اعتقد انها عجنت وخبزت له ( فرق ) حب ) والفرق ( يعشي أو يفطر ) قبيله كاملة - واراد بعد الفطور ان يمتد قليلاً ويستريح بعد العمل – فعاتبته امه على كسله ودلعه فقالت له ( قم اعمل كما الرجاجيل وتراك اليوم ما سويت شي ؛ ماعمرت الا ( 3 ) ابيار و ( 12) ركيب ) قم فضحتنا بين الناس ) . فقام المسكين وسوى اللي الله شافه يا مطاليق ) .
لم يذكرون لنا أي اخبار عن صدامات بين ( الهلاليين المجتاحين ) او معارك ( محتملة ) لابد منها بين الهلاليين و بين سكان الديار ( الاصليين ) . بل انهم ( قد يصورون لنا ) ان بني هلال هم مستوطنين سابقين للديار ( مع انهم في الاساس مجتاحين لها ) . ويصورون لنا ( ان الديار بعد رحيلهم اصبحت بلاقع ) أي مهجورة وموحشة من سكانها .
وهذه القصص في اعتقادي انها اساطير ( عارية من الصحة ) جملتاً وتفصيلاً . والى حين يثبت عكس ذلك تبقى مجرد ( هراء ) ولكنها قصص شعبية فاشية .
( اعتقد والله اعلم ) – انها قصص دخلت الى ديار بجيلة مع من دخلوا واستطابوا هواءها العليل ؛ و فيها تشكيك ومغالطات الهدف منها ضرب حجج اهل الديار الاصليين وزحزحت ثوابت اصالاتهم وملكيتهم التاريخية لارضهم ( عبر ادخال منافس وهمي ) على ملكية الديار المتوارثة هو ( العنصر الهلالي ) كما رأينا سابقاً .. والا فإن الدلائل والشواهد وكتابات المؤرخين ( كلها تقول ) ان وجود بني هلال على ( ارض بجيلة ) هي ( دعاوي كيدية ) مغرضة( آتية من تحت جبة الرفاق ) والهدف منها التشكيك والزعزعة المقصودة والمتعمدة .
( هنا استشم في اقصوصاتهم ) – رائحة خبر ذاك الرحيل الجماعي المهيب ل( بجيلة وفرسانها ) للجهاد في شمال الجزيرة وارض الرافدين في القرن الاول الهجري . واعتقد ان الخلط حصل من هذه النقطة ( عبر التشكيك في هوية من عمروا الدور وحفروا الابيار وعمروا المزارع ) . وبالطبع فقد اختلط الحابل بالنابل وتلونت تلك القصص بكل الوان الطيف وكان التعتيم و الابهام والمغالطات بضاعة من صنع تجارها المستفيدين من( الصيد في الماء العكر ) بالطبع ( مسح بعض من فصول تاريخ ديارنا وتركيبتها الديموغرافية ) أي السكانية مطلب مهم لمن له فيه أرب و مطلب .
( لم يذكرون لنا بوضوح ) – من اين اتوا ( بفرضية صحة جزء من هذه الروايات ) قبل مرورهم على ديارنا ( وعلى السراة باسرها ) ؛ ولا اين ذهبوا بعد ذلك قبل استقرارهم في افريقية ( سوى ما نبى الى علمهم عبر ماسمعوه عن شذرات من اخبار تغريبتهم الشهيرة ) .
و ( العجيب المدهش ) – ان اشاعة ( تعمير الهلاليين للسراة ) وبنائهم للحصون وقيامهم بالخوارق هو امر منتشر في كل قبائل ( السراة ) وهم ينسبون كل عمل لا يعلمون عن ( من ومتى عمل ) الى بني هلال ؛ ويصورونهم بانهم سكان الحجاز ( سراة وتهامة ) الأقدم والأكثر تأثيرا في الشواهد الاثرية القديمة ( مزارع اثرية مطمورة وحصون مهدمة وابار مغمية ) .
والحقيقة انها قصة واسعة لم نرى من شواهدها الا ( كرسي عليا ) الذي : كان ابو زيد يقعدها عليه ويغدو يدرب فرسان بني هلال على القتال وفنون الاشتباك بالسيوف والرماح في الملعب ( وعليا تتفرج فيهم ) . وهو كرسي ( وهمي ) في راس جبل قزم ( قزعة ) مطلة على موقف الوايتات في مفرق السديرة ؛ مكون من صفات مستوية شبه مربعة مساحتها قرابة ( 60 ) مثر مربع . وخلفها صفات قائمة ( كأنها مسند للظهر ) بنفس المساحة السابقة ؛ وهي تشكيل حجري ( طبيعي ) تقريبي لادخل فيه لاي يد بشرية . لا يلفت الانتباه اليه الا اذا اشرت اليه بيدك ثم تكلمت عنه قليلا لتطلق للسامع خياله لتصور ه ( كرسي ) لعليا لو كان طولها ( 100 ) متر في الهواء . واعتقد ان بيننا الكثيرين ممن يعرفون ( كرسي علياء ) او ( مقعد عليا ) كما يسميه آخرين .
( يقول الأسد ) :- كرسي علياء الشهير ( اعرف مكانه شخصيا بدقة ) كغيري ؛ ويقع على خط الطائف الجنوب في ( مفرق سديرة بالضبط ) على يمين النازل الى الطائف . ويقع في الجبل اللي عند موقف سيارات ( صهاريج نقل المياه ) – التي نسميها في السعودية ( وايتات الماء ) . ولو سهل الله وتذكرت( صورت كرسي عليا بالجوال ) وانا نازل على الطائف ولو يخدمنا واحد من الرفاقه ويصوره ويحمله في هذا الموضوع فجزاه الله خير . انتهت المقدمة.
----------------------------
( والآن مع الموضوع )
[blink]
( أبو زيد الهلالي )
[/blink]
اسم تناقلته الأجيال حتى طغى اللقب على الاسم . هكذا عرفه الناس بكنيته ( ابو زيد الهلالي ) .
( أما اسمه الحقيقي ) : فهو : سلامه بن رزق الهلالي . . . وقيل : سمي (( أبو زيد )) لأنه زاد على أقرانه في ضرب الرجولة والشجاعة والفروسية . . والهلالي نسبة إلى قبيلته ((بني هلال)) القبيلة العربية المعروفة . و الذين منهم اصحاب التغريبة المشهورين في ( افريقيا وتونس وليبيا تحديدا ) ومنهم ابو زيد ، حيث انه ممن جلوا وتغربوا واستوطنوا في تونس وما جاورها . ( وهناك أمضى النصف الاخير من حياته ) وقتل ودفن هناك .
عاش أبو زيد ما بين القرن السابع والثامن الهجري و ( لم يكن أميراً لبني هلال ) بل كان فارساً مقداماً ، رقيت به فروسيته إلى مراتب الأمراء.
( وقد كان أبو زيد ) - شخصية تاريخية بارزة كتبت سيرته على عدة طرق ( شعراً ونثراً ) . كما لعب خيال المؤلفين فيها دوراً بارزاً حتى أنك تعتقد أن الشخصية خياليةأكثر من أنها واقعية.
وبرجوعنا إلى حقيقة الأمر من خلال ما تناقله الرواة من أهل النبط الثقات نجد أن شخصية أبي زيد شخصية واقعية لا خيال فيها لوَّنها دهاؤه والحيلة الواسعة والقدرة على التصرف والحذق وجودة النظر . . . هو داهية من الرجال كان ذكاؤه الرديف الحقيقي لشجاعته فقد كان يواجه أحرج المواقف بذكاء يفوق الشجاعةوإن لزم الأمر اعتمد الشجاعة المنقطعة النظير التي يتمتع بها . . . وقد كان أبو زيد أسمر اللون يميل لونه إلى السواد ولم يكن عبداً وكان لونه سبباً في طلاق أمه حيث لجأت بولدها إلى الأعداء بعد طرد ((رزق)) والد أبي زيد لها حتى كبر الفارس الأسمروعاد لقبيلته. وقد استغل أبو زيد سمار بشرته بإخفاء شخصيته في أكثر المواقف التي تتطلب الحيلة وتخلصه من المواقف الحرجة.
----
وقد ( عرف عن أبو زيد ) ولعه و ( حبه الكبير للكرم ) ؛ ومما يروى عنه ( حينما قل ما في يده ) قوله بهذين البيتين من عيون الشعر النبطي : -
يقـول الهلالـي والهلالـي سلامـه *** علـيّ الطـلاق إن المقـل ذليــل
ينـوض( يبغـي للمراجـل) وينثنـي *** كمـا ينثنـي تحت الحمـول هـزيـل
أما حِكَم أبو زيدالهلالي بأشعاره كثيرة ومتعددة كقوله:
مـا يــدٍ إلاَّ ويــد الله فـوقهــا *** ولا طـايـراتٍ إلاَّ وهـن وقــوع
ومما ينسب إليه:
طلبـك للممنــوع منـك سفـاهـه *** وصدك عن اللي صد عنـك صـواب
لا شفت ناسٍ عنـك مغلـوق بابهـم *** ( ظهـور المطـايـا ) يفتـح الله بـاب
يقول ( الأسد ) -جملة ( ظهور المطايا ) - في البيت السابق - جملة بليغة ( في معناها لا في مبناها) في لسان عرب الجزيرة الاقحاح ، يقابلها عندنا في بني مالك ( في معناها ) قولهم ( دربك ولا تلتفت ) او ماشابهها ؛ يعني ( دعه وامضي في شأنك ، فلا خير فيه) . وسيفتح الله لك باب فرج .
-----------------------
( رحيل بني هلال وابو زيد الى ( تونس ) و بلاد افريقية )
( قال الأسد ) :وهذه حكاية ( مختصرة ) ؛ ينسبها الرواة والعُرَّاف إلى (( أبو زيد الهلالي سلامه )) الفارس والشاعر المعروف . وهي قصة ( تغريبة بني هلال ) ورحيلهم من جزيرة العرب وصحرائها الى تونس وافريقية وصحاريها ( من صعيد مصر الى جبال الريف والاطلس في المملكة المغربية ) وهي باختصار . وسنذكر بعون الله ( القصة الكاملة مع الترجيحات والشروح ) في موضوع ( موسوعي ضخم ) لاحقاً حينما نلم شتاتها من مضانها بعون الله .
( القصة )
يقولون : مر على بني هلال حين من الدهر أصابهم فيه الجوع , فقد شحت المراعي وقل الكلأ و العشب , فمات أكثر حلالهم وأصاب القبيلة كلها الجوع والعطش .
استمر الجفاف ثمان سنوات وبني هلال يشدون من مكان الى مكان ؛ و مما قال الامير حسن بسبب الجفاف :
ثمان سنين ما هوى نجد قطره .. ولازلزل الرعد الرزين وزار
ولاهبت الغربى ولاهبت الصبا.. ولاطار من اشعاف البكار غبار
حفرت فالبيدا ثمانين قامه .. ودورت انا الجم الغزير وغار
حفرت فالبيدا ثمانين قامه .. ودورت انا الجم الغزير وغار
يانجد وان طاح الحيا فأزعجيلنا .. وشبي لنا براس المقوزي نار
لك الله صبيان النشامأ تغيرو .. بناب ضحوك يعجب الخطار
لك الله صبيان النشامأ تغيرو .. بناب ضحوك يعجب الخطار
------------------
( يقول الاسد ) :- ( الله على الجفاف و قلت المطر – صار عمق البير - ( ثمانين قامة ) والماء ما وجدوه ولا له طاري – لا حول ولا قوة الال بالله ) – تونس يا رجال والحقوا اللي قبلكم ؟ انتهى كلام الاسد .
------------------
بعد ثمان سنوات ضاقت عليهم ؛ قال الامير حسن لآبو زيد نبيك تعس ديار تونس وتجيب لنا الاخبار - والامير اختار ابو زيد لآنه اقدر الناس - وكان السفر يستغرق ثلاث شهور , وافق ابو زيدبشرط ان يرسل معه عياله وهم يحيى ومرعي و يونس
فاقترحوا إرسال شخص يستكشف لهم الأراضي ويبحث لهم عن الأرض الطيبة فترحل لها كل القبيلة .
وبالفعل نال هذا الاقتراح إجماع كل القبيلة إلا أنهم حاروا فيمن يرسلون . وكان بالقبيلة شخص مسنّ - وقيل إنها عجوز - هذا الشخص يؤخذ رأيه فاستشاروه فيمن يرسلون فاشترط عليهم شرطاً قبل أن يقترحون من يرسلون وكان شرطه أن ترحل القبيلة كلها مسيرة يوم كامل بدون توقف وبعدها يعلمهم من هو الشخص المناسب , وبالفعل رحلت القبيلة مسيرة يوم كامل بدون توقف وبعد أن نزلوا بالمكان المحدد رجعوا له وسألوه عن الشخص فقال لهم هو أبو زيد الهلالي سلامه . . . فسألوه عن سبب اختياره له فقال أثناء رحيلنا لاحظت كل أبناء القبيلة يراوحون بالركوب بين ورك وورك أثناء الركوب على المطية إلا أبا زيد فقد كان ركوبه على ورك واحد حتى نزل وهذا دليل صبره وجلادته . . . واختاروه فعلا وأرسلوه , وقد طلب أن يرافقه اثنان من أبناء القبيلة ورحل هو ورفاقه يبحثون عن المرعى للقبيلة كلها . . . وطال بهم المسير دون جدوى , وتقطعت مطاياهم , وأصابهم الجوع فكانوا قرب قرية فنزلوا بسوقها ولم يجدوا من يطعمهم , كما لم يوفقوا إلى عمل يرتزقون منه . . . فاحتاروا بأمرهم , وكان أبو زيد واسع الحيلة داهية فاقترح على رفاقه أن يبيعوه في سوق المدينة على أنه عبد لهم , فقد كان أسمر اللون .
وأما إلحاحه وافقوه على أن يبيعوه ويشتروا بثمنه مطايا وزاداً لهم , ويواصلوا البحث . . . أما هو فقد قال لهم أنه سيستطيع تخليص نفسه , على شرط أن يواصلوا هم البحث عن المراعي للقبيلة .
فاتفق الثلاثة ونزلوا سوق المدينة . . وباعوه . . وقبضوا الثمن كما تم الاتفاق واشتروا بثمنه المطايا والمتاع . . . وقد كان ينوي الهرب من سيده الذي استراه , إلا أن هذا السيد كان نبيلاً وطيباً , أولاه ثقته وجعله وكيلاً على أمواله فصعب على أبو زيد أن يخون الأمانة ويهرب . . . ومن هنا كانت معاناته واستمر في خدمته فتره . . . وذات مرة كانوا جالسين بمجلس هذا السيد وأبو زيد بالقرب من الدلال يصنع القهوة . . . فتمنى السيد من يجيد العزف على الربابة ليحلوا لهم السمر فعرف أبو زيد أنها فرصته فنهض مسرعاً وأخذ الربابة وأنشد يقول :
يقـول الهـلالي والهـلالي سـلامـه *** يبغـي الطمـع وهـو وراه طمــوع
لابد عقـب الوقـت من لايـح الحيـا *** مـن بارقـن يوصـي سنـاه لمـوع
لابـرقـن إلا فـي حجـا مستهلــه *** ولا طـرقـي إلا مـن وراه نجــوع
ولا ضحـك إلا البكـا مـردفـن لـه *** ولا شبعــة إلا مقتفيهــا جـــوع
ولا يــدن إلا يــد الله فـوقهــا *** ولا طـايــرات إلا وهـن وقــوع
ألا يا حمامتيـن فوق نبنـوب دوحـة *** وراكـن فرقـن والحمــام ربــوع
حمـامتيـن جعـل تبلــن بنــادر *** حـر قطـوع وجـاري لـه جــوع
وراكـن مـا تبكـن عليـا مظنتــي *** لو كـان مـا يجـري لكـن دمـوع
أبكي عليهـا ليـن حفيـت نواظـري *** ولانـي بمن تدبيـر الإلـه جـزوع
حشى ما لاق غير الجـازي أم محمـد *** عليهـا ثويـب الطيلســان لمــوع
تنفـق كمـا نفـق الوغيـد مـع أمـه *** وتحـط الهـوى في قلـب كل ولـوع
قد يستغرب القارئ من تكرار اسم الشاعر بالبيت الأول والثاني ولكن ذلك لتأكيد أنه الهلالي وليس عبداً وقد بين للسيد أنه جاء يبغي الطمع فصار الطمع برأسه عرفه السيد وأنَّبه على ما عمل وأطلق سراحه وأغدق عليه الهدايا وعاد أبو زيد لقبيلته .
--------------------
انتهى ( الفصل الاول) ويليه الثاني ؛ فالحقونا هناك لا هنتم .