الطبع والتكلف

إنضم
1 فبراير 2010
المشاركات
300
مستوى التفاعل
6
النقاط
18
ارتبطت لغة النقد في ثنائية الطبع والتكلف بمجموعة من المفهومات التي تتسع لتأكيد الجانب النفسي ومعيارية الجهد المبذول إذ التفت النقاد إلى العرب قياسا للنظر في هذه القضية فا لجاحظ يرى (أن كل شيء للعرب فإنما هو بديهة وارتجال وكأنه إلهام وليست هناك معاناة ولا مكابدة ولا إجالة فكرة ولا استعانه ...وكانوا أميين لا يكتبون ومطبوعين لا يتكلفون وكان الكلام الجيد عندهم أظهر وهم عليه أقدار وله اقهر فقدم الجاحظ مصطلحات البديهة والارتجال والإلهام على أنها مرتبطة بالطبع وبها يمتحن وتثبت في دلالتها إلى الجهد الهين الذي يبذل في عملية الإبداع وعلاقاتها بالدلالة النفسيه من جهة أخرى واضحة وهى سمات الشعر المطبوع عند العرب اما الشعر المتكلف فيرتبط بالمعاناة والمكابدة وإجالة الفكرة والاستعانة وتبدو المقابلة واضحة بين هذه المصطلحات وما سبقها فيؤكد الجاحظ في لغة هذه السمات (وكان يقال لولا أن الشعر قد استعبدهم واستفرغ مجهودهم حتى أدخلهم في باب التكلف لذهبوا مذهب المطبوعين الذين تأتيهم المعاني سهوا رهوا وتنثال عليهم آنثالا ) ويبدو الجاحظ منحازا في لغته إلى الشعراء الذين ( أخذو عفو الكلام وتركوا المجهود ) وتبدو هذه النصوص في حشدها المصطلحات النفسيه والأبداعية وكأنها استقراء لنشاط الإبداع عن الشعراء على حين أن الأثر عند الملتقى بناء على توافر خصائص معينة قد وضعه الجاحظ على أساس النظر إلى الملتقى طرفا مهما في العملية الشعرية ،فالكلام (الذي تجود به الطبيعة سهوا رهوا أحمد أمر وأحسن موقعا وانفع للمستمعين من كثير خرج بالكد والعلاج ) فهذه اللغة تنسجم مع تصورات الجاحظ التى تشجع على الانقياد للفطرة الإنسانيه والابتعاد عن إرهاق الشعر لموهبته ففى ذهن الجاحظ وهو يطرى الطبع والفطرة مجتمع الحضارة الذي يعيش فيه فالنقيض يذكر بنقيضه ومعلوم أن مجتمع الحضارة بعيد عن الفطرة وابن الحضارة قد يكون أكثر وعيا في تقدير مجتمع الفطرة
وآثار لغة الجاحظ الوصفية واضحه عند ابن قتيبه مع قدرة ابن قتيبة على وضع المصطلح فى دائرة التحديد فالمطبوع عنده ( من سمح بالشعر واقتدر على القوافي وأراك في صدر بيته عجزة وفى فاتحته قافيته وتبينت على شعره رونق الطبع ووشى العزيزة وإذا امتحن لم يتلعثم ولم يتزحزح ) فالمواصفات واحدة فى تأكيد القدرة والسرعه فى النظم بل يصل التطابق إلى حد الأتفاق في بنيات معينة فابن قتيبة يحدد مواصفات الشاعر المطبوع أن (يريك في صدر بيته عجزه ) والجاحظ يقول ( إن خير أبيات الشعر البيت الذي إذا سمعت صدر بيته عرفت قافيته ) فاللغة واحدة باستثناء مايحققه أبن قتيبه من سمات رونق الطبع ووشى العزيزة وهى دقائق لغة وصفية تصف الشعر المثال بحيث تقترب هذه اللغة من مواصفات النقد النظرى ، أما المتكلف عند ابن قتيبة فهو ( الذي قوم شعره بالثقاف ونصحه بطول التفتيش وأعاد النظر فيه النظر بعد النظر ) فالتكلف تقويم الشعر وتنقيحه وبذل الجهد والتعب اللازم فى صنع النص وقد أكد الجاحظ هذه الخصائص فيما سبق بحيث تثمر على مستوى الإبداع أن يكون النص الذى يمر بهذه القنوات (جيدا محكما ) وإن كان وإن لم يخفُ على العلماء لوضوح أثر التفكير والعناء وتكاد هذه اللغة الوصيفة تنكسر فى سعي الناقد لمواصلة البحث فى الشعر المتكلف فيضيف سمات أخرى وهى لا شك سمات الاضطرار الشديد الذى يسئ إلى النص وبذلك يتضح التداخل بين وصفه للشعر الجيد أنه (جيدا ومحكما ) (وكثرة الضرورات وحذف ما بالمعاني حاجة إليه وزيادة ما بالمعانى غنى عنه ) وهذه السايق على مستوى اللغة بسب عدم تكامل الرؤية عند ابن قتيبه فقد بدأ جملته الوصفية بسمات خالفها فيها بعد ويصل ذلك لى حد التناقص أن إنجاز ابن قتيبة تمثل القدرة على الارتقاء بالمصطلح إلى مستوى وصفة وتحديد خصائصه دون الالتفاف حوله وتركه دون معالم على الرغم من أن ذلك التحديد قد سبقه إليه نقاد آخرون ولكن ابن قتيبة قدم للغة مصطلحا واضحا قادرا على أن يكون جزءا حيويا من لغة النقد يحمل تصورات وتفاصيل مضافة لما تم الوقوف عند سابقا .


لغة النقد العربي القديم
بين المعيارية والوصفية حتى نهاية القرن السابع الهجري
عبد السلام محمد رشيد
 

جميل الشفايف

مشرف سابق
إنضم
7 أبريل 2010
المشاركات
13,235
مستوى التفاعل
297
النقاط
83
الإقامة
بين نبضات قلب أمي
thankyouwithroses1wq.gif
 

أسيرالشوق

المراقب العام
إنضم
18 أكتوبر 2007
المشاركات
55,079
مستوى التفاعل
48
النقاط
48
بارك الله فيك
شكراً لك على الطرح الرائع
 
أعلى