حقيقة العلمانية

أبو سالم

القلـــــم الرصيـــــن
إنضم
7 أبريل 2010
المشاركات
181
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
يجب البدء أولا ببيان حقيقة التسمية ، وبيان صحة نسبتها إلى العلم ، فهل هي كذلك ؟ لقد انخدع الناس بتسمية العلمانية بهذا الاسم ، ولا يزال أنصارها يتبجحون بها ويتطاولون بتعاليمها مغترين بها حيث وجدت لها سوقا رائجة لدى فئات ممن قلت معرفتهم أو كانت لهم أهدافا شريرة ضد الدين لعزله عن قيادة البشر أو التحاكم إليه لإحلال تعاليم عبدة الأوثان وأصحاب الأحقاد محله .
وحين أطلقت هذه التسمية في أوروبا كان يقصد بها عندهم حسب ترجمتها الصحيحة فصل الدين عن السياسة ، أو الفصل الكامل بينه وبين الحياة الاجتماعية ، على أساس أنه لا يجتمع العلم مع الدين بزعمهم ، وقد كذبوا في ذلك وقلبوا الحقيقة ، فإن الدين والعلم حميمان يكمل أحدهما الآخر ويقويه ، أما نسبتهم مذهبهم إلى العلم فإن الحقيقة تدل على أنه لا علاقة بين العلم وبين هذه الفكرة الضالة ، بل إن تسميتها علمانية إنما هو بسبب سوء الترجمة من معناها الغربي الذي هو الابتعاد عن الدين ، أو من باب الخداع والتضليل إذ كان الأولى أن تكون ترجمتها وتسميتها أيضا هي " اللادينية " لأن مفهومها الأصلي هو هذا وليس نسبة إلى العلم .
وما أقوى التشابه بين تسميتهم العلمانية بهذا الاسم نسبة إلى العلم ،وبين تسميتهم الاشتراكية العلمية بهذا الاسم كذلك ، كلاهما تمسُّح بالعلم وهو بريء منها ، وكلاهما خداع للناس وتضليل .
وبعض الباحثين ذهب إلى أن " عِلمانية " بكسر العين وسكون اللام معناها العلم الذي هو ضد الجهل ، وأما " عَلمانية " بفتح العين وسكون اللام فمعناها العالم أو الدنيا مقابل الآخرة ، وتأتي علمانية أيضا بمعنى دهري وهو تفسير لكلمة " لائيك " الفرنسية وهو تعبير نشره اليهود في فرنسا فيما بين القرنين الثالث عشر والتاسع عشر الميلاديين .
والواقع أن دارس العلمانية سيلاحظ تعريفات كثيرة ، إلا أن أصدق تلك التعريفات وأقربها إلى حقيقة العلمانية هو أن العلمانية مذهب هدام يراد به فصل الدين عن الحياة كلها وإبعاده عنها ، أو هي إقامة الحياة على غير دين إما بإبعاده قهرا أو محاربته علنا كالشيوعية ، وإما بالسماح به وبضده من الإلحاد كما هو الحال في الدول الغربية التي تسمي هذا الصنيع حرية وديمقراطية أو تدين شخصي ، بينما هو حرب للتدين ، ذلك أن حصر الدين في نطاق فردي بعيدا عن حكم المجتمع وإصلاح شؤونه هو مجتمع لا ديني لأنه أقام حياته الاجتماعية والثقافية وسائر معاملاته على إقصاء الدين وهو حال الحضارة الغربية الجديدة ونظامها ، وهذا هو الواقع الصحيح ، ولا عبرة بمراوغتهم في زعمهم أنهم يرعون الدين ، فإنها مجرد خداع للمتدينين ، فإن تسميتهم لهذا الإلحاد علما هو من باب فرحهم بمعرفتهم ظاهرا من الحياة الدنيا ، وأين هو من العلم الحقيقي الذي يوصل صاحبه إلى معرفة ربه ودينه وإلى السعادة في الدنيا والآخرة .
لقد قامت العلمانية اللادينية على الإلحاد وإنكار وجود الله تعالى وإنكار الأديان ، وهي ردة في حق من يعتنقها من المسلمين مهما كان تعليله لها . وإذا كان الغرب لهم حجتهم في رفض الدين ، فإن انتشار العلمانية في بلاد المسلمين أمر لا مبرر له بأي حال ، ولاسبب له إلا قوة الدعاية العلمانية وجهل كثير من المسلمين بدينهم وجهلهم كذلك بما تبيته العلمانية للدين وأهله واتباعا للدعايات البراقة .
فالدين الصحيح يدعو إلى العلم ومعرفة الاكتشافات ويدعو إلى الحرية ، لكنه لايجعل تلك الأمور بديلا عن الخضوع للتعاليم الربانية أو الاستغناء عنها وإحلال المخترعات محل الإله عز وجل ، بل يحكم على كل من يعتقد ذلك بالإلحاد ومحاربة الدين علنا ، وهو ما سلكته العلمانية بالنسبة لنبذها للدين . والدين الصحيح لا يفصل بين السياسة والحكم بما أنزل الله تعالى ، ولا يجعل قضية التدين قضية شخصية مزاجية ، كذلك فإن الدين لا يبيح لأي شخص أن يشرع للناس من دون الله تعالى ، وهذا بخلاف العلمانية .
والعلمانية القائمة على الشرك بالله والكفر به ورفض التحاكم إلى شرعه ، لا تتفق مع الإسلام القائم على عبادة الله وحده لا شريك له ذلا وخضوعا وحكما في كل شيء . { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} النساء 82

.................................................. ........

المذاهب الفكرية المعاصرة : د/ غالب بن علي عواجي
 
التعديل الأخير:

البلدوزر الجارح

Well-Known Member
إنضم
26 نوفمبر 2009
المشاركات
24,373
مستوى التفاعل
69
النقاط
48
جزاكـ الله خيـــر ع هالطــــــــرح ,, ومشكــــــــــور ..
 

أبو سالم

القلـــــم الرصيـــــن
إنضم
7 أبريل 2010
المشاركات
181
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
أشكر لكم مروركم وتعليقاتكم على موضوعي
 

Malkii 'Rzh

Well-Known Member
إنضم
27 يناير 2010
المشاركات
3,390
مستوى التفاعل
40
النقاط
48
الإقامة
Riyadh
جزآإأكَ الله خيراً على هذآإ الطرحَ القيّم ...}}
وجعلَهُ الله في ميزآإن حسنآإأتكـَ ....ْ
نفــع الله بكـ , وكتــبَ لكـ الآإجر , ورفع قدركـَ ..\
 
أعلى