أهمية القافية في الشعر

إنضم
1 فبراير 2010
المشاركات
300
مستوى التفاعل
6
النقاط
18
إن القافية تعد لفظة من ألفاظ البيت وأنها بهذا لا تخرج عن دائرة التشاكل والاتحاد بين اللفظ والمعنى غير أن دور القافية في شعر الشطرين قد أحدث لها مهمة إنضافت إلى مهمتها الدلالية داخل السياق العام للبيت ، وتتمثل هذه المهمة في تكرار الصوت الإيقاعي الثابت في نهاية كل بيت تكرارا منتظما. فقد تكرر بعض الأصوات الإيقاعية في نظام بنية البيت لكنه تكرار ليس ثابتا على كل حال ، فالقافية شديدة الإقتضاء للمبدا أو للمحشى من البيت ، من حيث العلاقات الدلالية ، أما تكرارها الإيقاعي الثابت ، فإنه يمثل مركز الكمية الصوتية لإيقاعات البيت الواحد ، لإنها تمثل نهاية تلك الكمية "فهي بمثابة الفواصل المو سيقية يتوقع السامع ترددها ، ويستمتع بمثل هذا التردد الذي يطرق الأذان في فترات زمنية منتظمة وبعد عدد معين من مقاطع ذات نظام خاص ويسمى الوزن " فالتوقع ليس مرده ظاهرة التكرار وحدها وإنما مرده في الأساس تعلق القافية بما قبلها من حيث العلاقة الدلالية هذا ما أشار إليه الخليل ابن أحمد عندما سئل عن أي بيت تقوله العرب أشعر ؟ فقال : البيت الذي يكون في أوله دليل على قافيته اضف إلى ذلك أن القافية جزء من الوحدة الإيقاعية الوزنية ، قد تكون كلمة وقد تكون بعض كلمة وهذا يعطي الوزن دورا بارزا في تطويع القافية وتذليليها لما يلائم طبيعة الوحدة الإيقاعية " إذ تتساوى الحركات والسكنات في كل بيت من القصيدة ، متلقية دائما عند قافية توثق وحدة النغم وتتيح الفرصة للوقوف عند أي بيت من القصيده وترديده على السمع وقد كان اهتمام العرب بالقافية نابعا من تصورهم لأهميتها في تحديد ماهية الشعر ، إذ تمثل ركنا من أركان الشعر في بعض تعريفاتهم بأنه " قول موزون مقفى يدل على معنى " فالوزن والقافية مما تفرد به الشعر عن النثر فازداد الاهتمام بهما في بنية الشعر " لأن للوزن والتقفية أحكاما تماثل ما كانت للمعنى واللفظ والتأليف ، أو تقارب " فالقافية بهذا شريكة الوزن في الأختصاص بالشعر وهما عنصران رئيسان في بنية القصيدة وإن كان دور القافية في شعر التفعيلة أصبح إلى شكل الشعر أقرب منه إلى روحه وجوهره حيث لم تعد القافية تمثل الصوت الإيقاعي الثابت في نهاية السطر أو الجملة أو الدفقة الشعورية المتكاملة من شعر التفعيلة ، كما هو الحال في شعر الشطرين ، نظرا لانفراط الكم المتساوي من نظام المقاطع الوزنية من جهة ، وتخلص بنية هذا الشكل الشعري من القافية أحيانا إن اهتمام النقاد العرب بالقافية لم يكن الهدف منه إعطاء القافية قيمة دلالية في ذاتها ، وإنما كان للبحث عن ملاءمتها للتأليف الشعري ، في حسنه وجودته وفي تناسب قيمة الأدبية والمعرفية " وقد حكى عن الحطيئة أنه قال :نقحوا القوافي فإنها حوافر الشعر فشبه أثر القافية في بناء الشعر بأثرالفرس في شدة دوسها تحفر الأرض. وقد نقل الجاحظ عن شبيب بن شيبة بن الأهتم أن حظ جودة القافية " وإن كانت كلمة واحدة أرفع من حظ سائر البيت وكان بشر بن المعتمر قد ذكر أن شأن القافية كشأن أية لفظة في البيت مشيرا إلى أهمية إحلال القافية في مركزها ، وفي نصابها ، وضمها إلى شكلها ، وإنزالها في مكانها ، حتى لا تكون نافرة من موضعها ، ولامكرهة على اغتصاب مكانها وذكر ابن جني " أن العناية بالشعر إنما هي بالقوافي لأنها المقاطع وأشار الصفدي إلى أن القافية المتمكنة هي التي يبنى البيت من أوله إلى أخره عليها فإذا ختم البيت بها نزلت في مكانها ثابتة فيه متمكنة في محلها قد رسخت في قرارها ودفعت إلى مركزها فهي لا تزحزح ولاتتغير منه بخلاف القافية القلقة التي اجتلبت وجىء بها لتمام الوزن وهي أجنبية منه غريبة من تركيبه وقد حاول ربطها بالغرض الشعري من حيث ملاءمتها له وهذا الأهتمام بإعطاء القافية ميزة مستقلة في بناء الغرض الشعري عليها ودفع ببعض المهتمين بذلك إلى رصد بعض محاسن القافية ومن عذوبة حرفها وسلاسة مخرجها وتمكنها في نصابها وغير ذلك مما يؤهلها لممارسة وظيفتها الأدائية كما رصدوا بعض ما يعتورها من معايب تقلل من أدائها . كالأقواء ، والإيطاء ، والإكفاء ، والسناد وكذلك التضمين عند بعضهم وقد وضع حازم القرطا جني شروطا أربعة لتاصيل القافية هى التمكن ، وصحة الوضع ، وتمامها ، واعتناء النفس بها ولم يكن المرزوقي أول من أشار إلى أهمية مشاكلة اللفظ للمعنى ، وشدة إقتضائهما للقافية فقد سبقته بعض الأشارات إلى تلك المشاكلة وهى إشارات لم تصرح بدور الصورة الأدبية الرابطة بين مفردات المشاكلة الثلاث اللفظ والمعنى والقافية باعتبار اتحاد المفردتين الأولتين وشدة اقتضائهما للقافية في نظر المرزوقي وفي نظر من سبقه من النقاد ولم تدخل القافية في دائرة الاتحاد التشاكلي بين اللفظ والمعنى إلا عند النقاد الذين تنبهوا لأهمية الصورة الرابطة بين اللفظ والمعنى من أمثال عبد القاهر الجرجاني الذي لم يبجث وظيفة القافية داخل قضية النظم أو مستقلة عنه وإغفالة إسناد مزية نظمية إلى القافية داخل قضية النظم يوحي بأن عبد القاهر كان ينظر إلى دور القافية ضمن تركيب العبارةالشعرية وما تؤديه من انسجام وتفاعل في مكانها من السياق نظما وبيانا شأنها في ذلك شأن اية لفظة أخرى من ألفاظ النص الشعري حتى إن عبد القاهر في حديثه عن الفظ المتمكن غير القلق كان يرى أن الوصف بالتمكن والقلق إنما هو وصف للكلمة بأسرها فهي تتمكن وتقلق دلاليا في مكانها من السياق ، سواء كانت مطلعا أو حشوا أو قافية وعلى هذا فإن القافية لفظةأو بعض لفظة يفرضها السياق الشعري ، ولا تفرض هي نمط السياق الشعري


عمود الشعر العربي
النشأة والمفهوم
د.محمد بن مريسي الحارثي
 

اسد الاسلام

Active Member
إنضم
19 أغسطس 2010
المشاركات
1,725
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
بارك الله فيك اخي الكريم مسلم على هذه المشاركة والطرح الرائع وفقك الله ونفع بك
شكري وتقديري لك


اسد الاسلام
 
التعديل الأخير:
إنضم
14 فبراير 2010
المشاركات
823
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
[media]http://www.shy22.com/upfiles/O3T89137.swf[/media][media]http://www.shy22.com/upfiles/O3T89137.swf[/media]​
 

أسيرالشوق

المراقب العام
إنضم
18 أكتوبر 2007
المشاركات
55,084
مستوى التفاعل
48
النقاط
48
بارك الله فيك
شكراً لك على الطرح الرائع
 
أعلى