أبو نواف الفقيه
مشرف سابق
- إنضم
- 30 نوفمبر 2007
- المشاركات
- 6,161
- مستوى التفاعل
- 186
- النقاط
- 63
طلبت إجازة من عملي لأقضيها أنا وأسرتي في روابي بجيلة.. لأستمتع بالهدوء والجو الملبد بالغيوم كالعادة السنوية وكذلك استمتع بهتانها ورعودها وبروقها ..
وصلت في ساعة متاخرة لقريتي الصغيرة المتواضعة .. ولكني لم أشاهد شيء لشدة الظلام وقتها .. نمنا وفي تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً استيقظت وانتفضت من فراشي مبتسماً وممنياً كل جوارحي بشم النسيم العليل الذي طالما تغنيت به كثيراً عند رفقائي بالعمل..
وإذا بالصدمة التي تواجهني عند خروجي من باب المنزل ..إذ أرى أشباح الجبال والشجر من خلف ستار كثيف من الغبار وكأنني في صحراء الربع الخالي ..كانت هناك قرية بالقرب من قريتنا اختفت ولم اعد أراها .. ياللهول .. ما الأمر ؟؟ هل حدث لهم خسف لا سمح الله.. وإذا بسحابة من الغبار تظللهم وأنا أستنشق الغبار حتى الثمالة .. ياه .. هل أنا احلم .. ماذا أقول لأسرتي عندما ينهضون من نومهم ويرون هذه الأجواء .. وانا الذي كنت أمنيهم بنسيم بارد وجبال خضراء وحدائق غناء وفاكهة لم تكن بالأرض التي نقيم فيها..
وإذا بأحلامي تتبخر وتذهب مع أدراج الغبار .. وقفت مندهشاً .. ماذا دهاك بجيلتي..؟!
نزلت لمزرعتنا التي لاتبعد عن منزلنا سوى أمتار .. فرأيت العجب.. شجر الرمان احترق .. العنب لم أجد سوى أغصان متدلية خجلى .. اللوز قامة في السماء يشدها تيبس في الجذوع.. الحماط باهت حزين ولا يحمل سوى عدد الاصابع من التين.. البرشومي لا يوجد فيه أي ثمر بل ترى أوراقه العريضة متدلية بشكل محزن .. الفركس يتأوه وليس فيه ثمرة .. !!
جلست أتساءل .. أين شجر العرعر المزدان بالخضرة بدل اللون الشاحب الذي هو عليه الآن .. أين شجر الزيتون الذي كان يتمايل طربا عندما تقع عليه الطيور ليبادلها الغنج .. اين شجر الغرب الذي كان يتوسط بحيرة من الماء الذي لايفارق جذوعها وإذا بها الان تترنح عطشاً ويأساً .. أين العثرب والظرم والشث والصوم والعرفج والسعبق والشيع والشذاب ؟؟ أين النجم الذي كان يغطي البلاد روعة وجمالاً ..
أين الآبار التي كانت تطفح بالماء الزلال ..؟!
هدوء من كل صوت حتى العصافير لم تعد تغني على شجر اللوز كعادتها .. أرض جدباء..موحشة..تذكرت أيام زمان انا ووالدي هنا في هذا المكان والغطاس يلفظ الماء مسافة بعيدة والمزرعة جنة غناء.. هنا وفي هذا المكان على هذه الدكة كانت الدمعة على موعد معي .. دمعة ألم سالت على خدي فأحسست بحرارتها . حاولت أهديء نفسي ولكني فشلت فتركتها ... لعل فيها شفاء لما أشعر به من حرقة على هذا الوضع المؤلم الذي وصلت إليه أرضنا ... بعد أن كانت .. كيف صارت ..؟؟!!
رحماك يارب .. الحسد .. البغضاء .. قطع الرحم .. الغفلة .. الذنوب والمعاصي .. سبب أكيـــــــــــد لما نحن فيه .. والسؤال الكبير . هل من عودة صادقة إلى الله لتعود الحياة لأرضنا كما كانت وأفضل ..!!
التعديل الأخير:
