بعض من قصص عمر بن الخطاب رضي الله عنه

مشعل بن شويل

مراقب سابق
إنضم
10 أبريل 2010
المشاركات
12,422
مستوى التفاعل
62
النقاط
48
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ
الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ على سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ
بعض من قصص عن عمر بن الخطـآب رضي الله عنه

أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان في المجلس وهما يقودان رجلاً من البادية فأوقفوه أمامه

‏قال عمر: ما هذا
‏قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا قتل أبانا
‏قال: أقتلت أباهم ؟
‏قال: نعم قتلته !
‏قال : كيف قتلتَه ؟
‏قال : دخل بجمله في أرضي ، فزجرته ، فلم ينزجر، فأرسلت عليه ‏حجراً ، وقع على رأسه فمات...
‏قال عمر : القصاص .... ‏الإعدام

..
قرار لم يكتب ... وحكم سديد لا يحتاج مناقشة ، لم يسأل عمر عن أسرة هذا الرجل ، هل هو من قبيلة شريفة ؟ هل هو من أسرة قوية ؟ ‏ما مركزه في المجتمع ؟ كل هذا لا يهم عمر - رضي الله عنه - لأنه لا ‏يحابي ‏أحداً في دين الله ، ولا يجامل أحدا ًعلى حساب شرع الله ،
ولو كان ‏ابنه ‏القاتل ، لاقتص منه ..

‏قال الرجل : يا أمير المؤمنين : أسألك بالذي قامت به السماوات والأرض ‏أن تتركني ليلة
، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية ، فأُخبِرُهم ‏بأنك ‏سوف تقتلني ، ثم أعود إليك ،
والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا .
قال عمر : من يكفلك أن تذهب إلى البادية ، ثم تعود إليَّ؟

‏فسكت الناس جميعا ً، إنهم لا يعرفون اسمه ، ولا خيمته ، ولا داره ‏ولا قبيلته ولا منزله ، فكيف يكفلونه ، وهي كفالة ليست على عشرة دنانير، ولا على ‏أرض ، ولا على ناقة ، إنها كفالة على
الرقبة أن تُقطع بالسيف ..
‏ومن يعترض على عمر في تطبيق شرع الله ؟ ومن يشفع عنده ؟ومن ‏يمكن أن يُفكر في وساطة لديه ؟ فسكت الصحابة ، وعمر مُتأثر ، لأنه ‏وقع في حيرة ، هل يُقدم فيقتل هذا الرجل ، وأطفاله يموتون جوعاً هناك أو يتركه فيذهب بلا كفالة ، فيضيع دم المقتول ، وسكت الناس ،

ونكّس عمر ‏رأسه ، والتفت إلى الشابين : أتعفوان عنه ؟
‏قالا : لا ، من قتل أبانا لا بد أن يُقتل يا أمير المؤمنين..
‏قال عمر : من يكفل هذا أيها الناس ؟!!

‏فقام أبو ذر الغفاريّ بشيبته وزهده ، وصدقه ، وقال:
‏يا أمير المؤمنين ، أنا أكفله
‏قال عمر : هو قَتْل ، قال : ولو كان قاتلا!
‏قال: أتعرفه ؟
‏قال: ما أعرفه ، قال : كيف تكفله ؟
‏قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين ، فعلمت أنه لا يكذب ، وسيأتي إن
شاء‏الله
‏قال عمر : يا أبا ذرّ ، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني تاركك!
‏قال: الله المستعان يا أمير المؤمنين ...
‏فذهب الرجل ، وأعطاه عمر ثلاث ليال ٍ، يُهيئ فيها نفسه، ويُودع ‏أطفاله وأهله ، وينظر في أمرهم بعده ،ثم يأتي ، ليقتص منه لأنه قتل ....
‏وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر الموعد ، يَعُدّ الأيام عداً ، وفي العصر‏نادى ‏في المدينة :
الصلاة جامعة ، فجاء الشابان ، واجتمع الناس ، وأتى أبو ‏ذر ‏وجلس أمام عمر ، قال عمر: أين الرجل ؟ قال : ما أدري يا أمير المؤمنين!
‏وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس ، وكأنها تمر سريعة على غير عادتها ، وسكت‏الصحابة واجمين ،
عليهم من التأثر مالا يعلمه إلا الله.
‏صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر ، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد ‏لكن هذه شريعة ، لكن هذا منهج ، لكن هذه أحكام ربانية ، لا يلعب بها ‏اللاعبون ‏ولا تدخل في الأدراج لتُناقش صلاحيتها ، ولا
تنفذ في ظروف دون ظروف ‏وعلى أناس دون أناس ، وفي مكان دون مكان...
‏وقبل الغروب بلحظات ، وإذا بالرجل يأتي ، فكبّر عمر ،وكبّر المسلمون ‏معه
‏فقال عمر : أيها الرجل أما إنك لو بقيت في باديتك ، ما شعرنا بك ‏وما
عرفنا مكانك !!
‏قال: يا أمير المؤمنين ، والله ما عليَّ منك ولكن عليَّ من الذي يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا يا أمير المؤمنين ، تركت أطفالي كفراخ‏ الطير لا ماء ولا شجر في البادية ،وجئتُ لأُقتل..
وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا ضمنته؟؟؟
فقال أبو ذر :
خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس ‏فوقف عمر وقال للشابين : ماذا تريان؟
‏قالا وهما يبكيان : عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه.. وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس !
‏قال عمر : الله أكبر ، ودموعه تسيل على لحيته .....

‏جزاكما الله خيراً أيها الشابان على عفوكما ، وجزاك الله خيراً يا أبا ‏ذرّ ‏يوم فرّجت عن هذا الرجل كربته ، وجزاك الله خيراً أيها الرجل ‏لصدقك ووفائك ...
‏وجزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين لعدلك و رحمتك....

‏قال أحد المحدثين :
والذي نفسي بيده ، لقد دُفِنت سعادة الإيمان ‏والإسلام في أكفان عمر!!.

******

اهتزت المدينة , وعَجت طرقاتها بالوافدين من التجار الذين نزلوا المصلى , وامتلأ المكان بالأصوات .

فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما : هل لك أن نحرسهم الليلة من السرقة ؟!

فباتا يحرسانهم ويصليان ما كتب الله لهما , فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صوت صبي يبكي , فتوجه ناحية الصوت , فقال لأمه التي تحاول إسكاته: اتقي الله وأحسني إلى صبيك .

ثم عاد إلى مكانه فارتفع صراخ الصبي مرة أخرى , فعاد إلى أمه وقال لها مثل ذلك , ثم عاد إلى مكانه , فلما كان في آخر الليل سمع بكاءه , فأتى أمه فقال عمر رضي الله في ضِيقٍ : ويحك إني أراك أم سوء, مالي أرى ابنك لا يقر منذ الليلة ؟!


قالت الأم في حزن وفاقة : يا عبدالله قد ضَايَقتَني هذه الليلة إني أُدَربُهُ على الفِطام , فيأبى.

قال عمر رضي الله عنه في دهشه : وَلِمَ ؟

قالت الأم في ضعف : لأن عمر لا يفرض إلا للفَطيم .

ارتعدت فرائص عمر رضي الله عنه خوفاً , وقال في صوت متعثر: وكم له؟

قالت : كذا وكذا شهراً .

قال عمر رضي الله عنه: ويحك لا تعجليه .

ثم انصرف فصلى الفجر وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء, فلما سلم قال : يا بؤساً لعمر ! كم قتل من أولاد المسلمين؟!
ثم أمر لكل مولود في الإسلام , وكتب بذلك إلى الآفاق.

***
كان عمر دائم الرقابة لله في نفسه وفي عماله وفي رعيته، بل إنه ليشعر بوطأة المسئولية عليه حتى تجاه البهائم العجماء فيقول: "والله لو أن بغلة عثرت بشط الفرات لكنت مسئولا عنها أمام الله، لماذا لم أعبد لها الطريق".

وكان "عمر" إذا بعث عاملاً كتب ماله، حتى يحاسبه إذا ما استعفاه أو عزله عن ثروته وأمواله، وكان يدقق الاختيار لمن يتولون أمور الرعية، أو يتعرضون لحوائج المسلمين، ويعد نفسه شريكًا لهم في أفعالهم.

واستشعر عمر خطورة الحكم والمسئولية، فكان إذا أتاه الخصمان برك على ركبته وقال: اللهم أعني عليهم، فإن كل واحد منهما يريدني على ديني.

وقد بلغ من شدة عدل عمر وورعه أنه لما أقام "عمرو بن العاص" الحد على "عبد الرحمن بن عمر" في شرب الخمر، نهره وهدده بالعزل؛ لأنه لم يقم عليه الحد علانية أمام الناس، وأمره أن يرسل إليه ولده "عبد الرحمن" فلما دخل عليه وكان ضعيفًا منهكًا من الجلد، أمر "عمر" بإقامة الحد عليه مرة أخرى علانية، وتدخل بعض الصحابة ليقنعوه بأنه قد أقيم عليه الحد مرة فلا يقام عليه ثانية، ولكنه عنفهم، وضربه ثانية و"عبد الرحمن" يصيح: أنا مريض وأنت قاتلي، فلا يصغي إليه. وبعد أن ضربه حبسه فمرض فمات!!

****
وقف النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً يحث الصحابة (رضوان الله عليهم) على الإنفاق والصدقة , وكان من بين هؤلاء الصحابة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي انشرح صدره وتهلل وجهه ؛ لأنه وافق مالاً عنده .

فقال عمر رضي الله عنه : اليوم أسبق أبا بكر رضي الله عنه.

فقام مسرعاً يسبق الريح , ثم عاد وقد تعلقت بيده صُرة كبيرة من المال وضعها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الصرة الكبيرة ثم استقبله بنظره قائلاً: ما أبقيت لأهلك ؟

قال عمر رضي الله عنه : أبقيت لهم مثله .


ثم انصرف عمر رضي الله عنه إلى جوار النبي صلى الله عليه وسلم , وما هي إلا هنيهة حتى دخل أبو بكر رضي الله عنه المسجد حاملاً بين يديه صرة أكبر وأعظم من التي جاء بها عمر رضي الله عنه , فوضعها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.

تبسم النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً ما أبقيت لأهلك ؟!



أجابه بكلمات خاشعة : أبقيت لهم الله ورسوله .

حَرك عمر رضي الله عنه رأسه إعجاباً بالصديق قائلاً : لا أسبقك إلى شئ أبداً يا أبابكر


 

خادم بني مالك

مشرف سابق
إنضم
5 نوفمبر 2007
المشاركات
7,033
مستوى التفاعل
104
النقاط
63
الإقامة
السعوديه
إحترامي لكاتب هذا الطرح

الناصع بسيرة
ثاني الخلفاء الراشدين
عمربن الخطاب
رضي الله عنه
 

احاسيس

مشرفة سابقة
إنضم
10 أغسطس 2010
المشاركات
8,994
مستوى التفاعل
137
النقاط
63
يعطيك العافيه مشعل
 

مشعل بن شويل

مراقب سابق
إنضم
10 أبريل 2010
المشاركات
12,422
مستوى التفاعل
62
النقاط
48
إحترامي لكاتب هذا الطرح

الناصع بسيرة
ثاني الخلفاء الراشدين
عمربن الخطاب
رضي الله عنه

كل الشكر والتقدير والثناء لك أخي الكريم
خادم بني مالك / على هذا المرور العطر .. ودمت بحفظ الله ورعايته .,,,​
 

مشعل بن شويل

مراقب سابق
إنضم
10 أبريل 2010
المشاركات
12,422
مستوى التفاعل
62
النقاط
48
جزاك الله خير وبارك فيك على نقل هذه الموضوع ، ورضي الله عن عمر بن الخطاب

كل الشكر والتقدير والثناء
لك أخي الكريم أبو ريان / على هذا المرور العطر .. ودمت في حفظ الله ورعايته .,,,​
 

ابو حارث

مشرف سابق
إنضم
9 ديسمبر 2010
المشاركات
4,498
مستوى التفاعل
68
النقاط
48
جزآآآك الله الجناآن ورضى الرحمــن
جعلهـ الله في موآآآزين حسسناآتك..
دمت بحفظ الخاآلق.
 
إنضم
17 نوفمبر 2011
المشاركات
4,456
مستوى التفاعل
66
النقاط
48
للهم ارحم عمر بن الخطاب وأرحم ابو ذر
وابعثنا معهم في زمرة الصالحين آمين
قصص رائعة دساتير وقوانين وقيم
 

مشعل بن شويل

مراقب سابق
إنضم
10 أبريل 2010
المشاركات
12,422
مستوى التفاعل
62
النقاط
48
للهم ارحم عمر بن الخطاب وأرحم ابو ذر
وابعثنا معهم في زمرة الصالحين آمين
قصص رائعة دساتير وقوانين وقيم

شكراً لمرورك الكريم أخي الفاضل أبو نايف
وتقبل تحياتي وتقديري .,,,,​
 

احسان الظن

مشرف سابق
إنضم
18 مارس 2008
المشاركات
6,598
مستوى التفاعل
218
النقاط
63
رضي الله عن الفاروق وأرضاه
سيرة عطرة مليئة بالقصص والمواقف التي تحوي دروسا وعبر
من خير القرون وأفضل الرجال لآخر الزمان فهل من معتبر ؟!!!
ولايزال هناك الكثير حول فضل عمر وانسانيته وشجاعته وإيمانه
وعدله وصدقه , ينبغي ان تفرد لها الصحائف لتوضيح وكشف الدسائس والأكاذيب
التي يلفقها أعداء الدين زوراُ وبهتانا بقصد التشويه أو الكسب المادي

......................

اختيار راقي يامشعل
أثقل الله به موازين حسناتك
وبارك في جهودك
 

مشعل بن شويل

مراقب سابق
إنضم
10 أبريل 2010
المشاركات
12,422
مستوى التفاعل
62
النقاط
48
رضي الله عن الفاروق وأرضاه

سيرة عطرة مليئة بالقصص والمواقف التي تحوي دروسا وعبر
من خير القرون وأفضل الرجال لآخر الزمان فهل من معتبر ؟!!!
ولايزال هناك الكثير حول فضل عمر وانسانيته وشجاعته وإيمانه
وعدله وصدقه , ينبغي ان تفرد لها الصحائف لتوضيح وكشف الدسائس والأكاذيب
التي يلفقها أعداء الدين زوراُ وبهتانا بقصد التشويه أو الكسب المادي

......................

اختيار راقي يامشعل
أثقل الله به موازين حسناتك

وبارك في جهودك


شكراً لك ولمرورك الكريم أخوي الفاضل أحسان الظن
ودمت بكل خير وسعادة .,,,​
 
أعلى