بسم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القرية الحالمة
( أعضاء بجيلة في المدينة الفاضلة )
في تلك القرية الوادعة , التي أنعم الله على ساكنيها بجمال المنظر وعبق الطبيعة وهدوئها
جرت أحداث قصتنا
*****************************
اجتمع القوم حول السيارة القادمة من المدينة ( الطائف ) ليسلموا على القادمين
فمن القادمين من استمرت غيبته شهور , وهناك من يسافر كل أسبوع
حميان البجلي ... هيه يوم الربوع الجاي اللي وده بالطايف ألقاه هنيّه
أبو عابد الشباني .. خلاص أبشر بإذن الله نجتمع هنيه
اتجه الجميع كلا على قريته مشياً
وصل أبو ماجد إلى منزله وما كاد يجلس ليرتاح حتى بدأ المطر ينهمر بشدة
فخرج مسرعاً
رآه جاره حصن خريص وسأله : وين رايح يا أبو ماجد وأنت يالله جيت
أبو ماجد .. رايح الوادي افتح المراديم المطر بيعدم الزرع
اتجه الاثنان نحو المزرعة , وأخذوا يعملون على فتح ما أنغلق من الفوالق في محاولة للتخلص من الماء
انتهوا من ذلك العمل الشاق ومازال المطر ينهمر والبرق والرعد على أشده فاتجهوا إلى منزل أبو ماجد كي ينعموا بالدفْ
أشعل المالكي بيك النار في الموقد ثم أحضر القهوة التي جاءت في وقتها فما أحوج القادمين للدفء
وأثناء ذلك أستأذن عبدالله اليابس في الدخول ’ فرحبوا بالقادم العزيز
عبدالله : سلامة الأسفار يا أبو ماجد
أبو ماجد : الله يسلمك ويحييك
عبدالله : جيت والله جابك يا أبو ماجد , طالبينك تروح مع الجماعة تصلحون بين صقر وإقلاع حتى الضياع غنمه دعرت في ركيب صقر تهامة وشبت الحريقة بينهم , ودنا تصلحون قبل تكبر بينهم
حصن خريص : عزالله ماربح صقر ولا بيخرج بحق مع إقلاع بيوديه في هرجه ويخرجه من الثانية ما أخذ ولا حق
أبو ماجد : ابشر يا أبو جابر بكرة بعد صلاة الفجر نشوف وش بهم
********
توضأ أبو هاجر من ماء الإبريق المثلج بفعل برودة الجو, وأسرع إلى المسجد لأداء صلاة الفجر
وبعد الصلاة .. نادى الجبرتي على صقر وإقلاع واجتمع كبار القرية حولهم في محاولة للإصلاح
الجبرتي : إقلاع ودنا نصلح بينك وبين صقر , غنمك ماسوت خير في ركيبه
إقلاع حتى الضياع : هويه تالضيعة أنا وش أسوي بالغنم , أنا ماقلت لها أدغري في شعب الرجال
أبو هاجر : بس أنت عليك حق ولابد توفيه
إقلاع :
أبو ماجد : أذكر الله يا إقلاع
إقلاع : لا إله إلا الله , لكن هيه ما معكم مني ولا حبة
صقر تهامة : اسمع غنمك أعدمت الركيب وأكلت الزرع وحقي ما خذه ما خذه
إقلاع : وأنت وين أنت عن ركيبك
والتفت موجهاً كلامه للجميع : وأنتم وشبكم عليّه وهويه ماحد يوقف معيه ...أربنيه حرشت الغنم وإلا قلت لها أغدي على ذيك الوادي
حصن خريص : لا ما قلت لها لكنك ما تشبحت لها .. خليتها محل ماتبغي تروح تروح كنه واديكم
إقلاع : ياعرب هي اسمعوا ذيه الكلام !!؟؟
تم الحكم على إقلاع بتعويض صقر بخمس من الشياه نظير خسارة زرعه
وعلى غير رضى قبل الحكم إقلاع ودعا الجميع لتناول العشاء لديه
حل المساء، وغدا الظلامُ سيداً واجتمع رجال القرية في بيت إقلاع وبعد أن انتهوا من تناول طعام العشاء , حلّق الجميع حول المذياع لإكمال سهرتهم التي تنتهي بعد صلاة العشاء ،ويخضعَ الكل لسلطانِ النوم، فناموا جميعا قريري الأعين ، مرتاحي البال .
الجزء الثاني
منذ الصباح الباكر وعلى صوت تغريد العصافير يبدأ اليوم في القرية , وصدى اصوات
الطيور تردده وديانها ... والندى يتلألأ كالذهب فوق أغصان أشجارها
فيذهب الأولاد للكتّاب
وتخرج النساء لجلب الماء والحطب والعمل في المزرعة
ويتجه الرجال إلى مزارعهم للعمل حتى الظهيرة في حياة مليئة بالنشاط والحركة
بدأت الأيام تتناقص وهاهو زواج أطهر يقترب
سيارة حميان البجلي تنتظر قدوم المسافرين إلى الطائف
محمد أبو خير : سلام ياحميان
حميان : عليكم السلام أبو عبدالرحمن هاه مسافر معنا
أبو خير .. أيه معكم المحل يبغى له بضاعة ..وين الباقين ما شوف حد جاء ؟؟؟
حميان .. في الطريق جايين هذا وقت سفرنا عارفينه
حضر أطهر قلب الذي يعتزم السفر لإحضار الحلي الفضية لعروسه
أبو خير : حيا الله العريس وين العزم ؟؟
على الطائف معكم , أشغلنا ذيه القرى لي لزوم أقضّيها من هناك
وفي أثناء حديثهما أقبل صبي القريع , وعذب المزايا وفيلسوف زمانه ,والدميري وأبو راكان والـ1000ـارس
كلهم متجهين إلى الطائف المدينة الوحيدة التي يعرفونها , ولعلها الوحيدة التي تستطيع سيارة حميان أن توصلهم إليها
وصل الجميع إلى الطائف , وانتهوا من قضاء حوائجهم في يومين ثم عادوا إلى قريتهم وهم في طريق العودة
ضرب الكفر الأمامي للسيارة واختل توازنها ولم يستطع سائقها السيطرة عليها فانقلبت بهم , وتطاير الركاب في الخلف رغم تشبثهم بالحنايا
بصعوبة استطاع الراكبين الأماميين محمد أبو خير وحميان الخروج من السيارة , وذهبا مسرعين لتفقد رفاقهم المتناثرين
على الطريق الترابي
أبو خير .. هاه سلمتوا ؟؟
بأصوات خافته أجابوا : الحمد لله , الحمد لله
كانت إصابات وكدمات خفيفة أعظمها إصابة صبي القريع الذي أصيب بكسر في الساق
تم إصلاح السيارة وانطلقوا من جديد في طريقهم الشاق الذي يستمر لقرابة اليوم بسبب وعورة الطريق
لا تسمع في ذلك الوقت إلا صوت الحجارة تحت كفرات السيارة وصوت صبي القريع المتألم من أثر الكسر
وصل الجميع القرية ثم توجه أبو راكان لإحضار المجبر ليعمل على تجبير الكسر في رجل صبي
أبو محمد البجلي :هيه ياصبي قص ليه محل الوجع زين
لكن صبي كان يحدد المكان الخاطئ ويبتعد عن مكان الإصابة خوفاً من الألم ..لكن خطته تلك باءت بالفشل
إذا أدرك أبو محمد مكان الألم و وعمل على تجبير الكسر ثم منعه من الحركة لشهر كامل , فاتسعت أسارير صبي رغم الألم حيث سيرتاح من ( سرحة الغنم ) خلال هذه المدة
لكن احتفاله بزواج صاحبه لن يكون كما أراد إذ لن يستطيع المشاركة
بدأت الاستعدادات في القرية لإقامة العرس المنشود فالكل ينتظر هذه الليلة ويحسب لهذا الزواج
موكب العروس قادم وأهل العرس ذبحوا الخراف استعدادا لصنع وليمة العرس
وعلق جميع أهل القرية البيض على بيوتهم , وبدأت أصوات إطلاق البندق تتصاعد معلنة قدوم العروس التي
زفت إلى ذلك الركن في المنزل ... انتهت مراسم تلك الليلة في بهجة وفرح وقصائد وعرضه أحياها شعراء القرية
بن مستور , وصقر تهامة
في اليوم التالي وبعد تناول النساء القادمات مع العروس ( الرواحات ) طعام الإفطار , توجهن إلى البئر لتعبئة القرب
فعليهن إحضار الماء لصنع طعام الغداء , فهذا واجب عليهن
واستمر العرس ثلاثة أيام في وجود الرواحات اللواتي لا ينصرفن إلا بعد حصولهن على (الكُسوة )
ولم يأتينا خبر عن أطهر هل كسى الرواحات أم لا ( وإن كنا نشك في ذلك الأمر )
الجزء الثالث
في صباح أحد الأيام كالعادة توجه أبناء القرية إلى الكُتّاب وأغلبهم في خوف ووجل فلم يستطيعوا حفظ ما طلبه الفقيه إذ لا وقت لذلك فبعد العودة من الكتاب يتناولون طعام الغداء ثم يتجهون لرعي الغنم حتى يحل المساء , ويعودون إلى البيت منهكين لا يريدون سوى النوم .. لكن عبدالله اليابس لا يعنيه هذا الأمر , فلابد من الاهتمام بدرسهم في الكتاب
وبدأ الفقيه عبدالله اليابس:
ألف لا شيء عليها.
ب الباء واحدة من تحتها.
ت التاء إثنان من فوقها.
ث الثاء ثلاث من فوقها
والطلبة يكررون خلفه , وقليل منهم من يدرك ماذا يقول فقيهم
اليابس : أبي الإسلام سمّع صورة الفلق
أبي الإسلام يسمّع ويجيد ويلقى تشجيع الفقيه , ثم خلفه رامي الدهيسي , ومحمد , وفيلسوف زمانه ( هاه يقطع , غير مجيد إجادة تامة ) ثم بن صينية الذي لم يحفظ حرفاً واحداً من السورة ويكرر في أعذاره لليابس لكن هنا في الكُتّاب لا عذر
عبدالله اليابس : محمد ربط رجليه في الفلكة ..
قام محمد على مضض بتربيط قدمي زميله , ثم قام الأستاذ بعمل اللازم
بينما كان الدميري يقوم بعمله في مزرعته , حضر إليه الشولاني والـ1000ـارس
الشولاني : سلام يا أبو أحمد
الدميري :عليكم السلام , حياكم الله جيتوا والله جابكم خلكم تتضحون معي
جلس الرجال يتشاركون الطعام
الـ1000ـارس : سمعت يا أبوأحمد يقولون الكهربه بتجي
الدميري : أي كهربه
الشولاني : والله ما ندري يقولون تولع بالليل بدال الأتاريك والفوانيس , ما ندري كيف ؟
الدميري : الله يعطينا خيرها ويصرف عنا شرها
الـ1000ـارس : الله يعطينا خير هذا الوقت
الشولاني : شوفوا ذيك اللي مايقدر يمشي هناك
الدميري: هذاك بن صينية ومعه الدهيسي رامي
الشولاني : بن صينية , بن صينية... تعال
بن صينية : سلام عليكم
الـ1000ـارس : وشبك يابن صينية تمشي على أطراف رجليك
رامي : هذا الفقيه الله يسلمكم ضربه لين بغي يقطع رجليه
الدميري: عند أيش
بن صينية: عند سورة الفلق
الشولاني : خاب رجاك , وأنت لا ذلحين ما جبت صورة الفلق اللي حافظاتها حتى الكهيل
بن صينية : حفظت الناس والفاتحة والصمد , لكن هذي السورة قهرت فيها صعبة
الـ1000ـارس : هيه روّح روّح ليته قطع حتى أذانيك .. الباقي تلقاه عند أبوك يالفاغر
بدأت الاستعدادات في القرية وركب بعض الأهالي اللمبات وبدءوا ينتظرون قدوم الليل لبدء
تجربة إنارة تلك اللمبات المركبة , اشتغلت الكهرباء وأنارت المكان
فصاح الجميع .. محمد , أبي الإسلام , أطهر , صبي , شبوان , عذب المزايا , فيلسوف , أبو خير , بن مستور
( ولّع الكهرب ’ شب نيرانه ) وأخذوا يرددونها ويعرضون فرحاً بهذا الجديد
في حين .. أبو ماجد , والجبرتي , وأبو هاجر, الدميري , حصن خريص واليابس وأبو سلطان وأبو محمد .........
كانوا يحوقلون , ويستغفرون الله , ويفكرون في عاقبة هذا التطور لقريتهم الوادعة
الجزء الرابع والأخير
لأول مرة يستمر السهر في القرية حتى منتصف الليل , فقد أرادوا تجربة الإنارة لوقت طويل ذلك الليل البهيم المظلم جعلته الكهرباء نهارا
بقالة أبو خير في ازدهار , زاد وصول الكهرباء في توسعه فأحضر لبقالته
ما لم يستطيع قبل ذلك
لكن يظل هناك من لا يقبل التغيير
ذات يوم وبعد صلاة المغرب بقي في المسجد أبو هاجر فأقبل إليه أبو مهند
أبو مهند : أشوفك قاعد يا أبو هاجر منت ضاوي البيت
أبو هاجر : لا أبنتظر صلاة العشاء وأضوي مرة وحدة
أبو ردة الشباري : أجل خلنا نقعد نتهرج لين يأذن
أبو مهند : وش رأيكم في ذا الصفة ,ما عاد يقومون بدري يدقونها في النوم لين الساعة سبعة
ولاعاد يصلون الفجر لين تشرق الشمس
أبو رده .. من يوم جتنا الكهربه والناس ما عاد يرقدون إلا من بعد عشرة , وكيف يقومون
أبو هاجر : الزمن هذا تغير الله يعطينا خيره
أبو مهند : بداها اخوك محمد يوم جاب الدجاج المصبّر في أكياس من الطايف والناس
غدوا كما المجننه فوقها, ما يدرون أنه ماجاب لهم إلا البلى
أبو هاجر : صدقت , لكن كل ما هرجنا له يترك هذي البلاوي عنه , قال تجارة وربح
لكن الناس أخره ما يخلونها توقع عنده كنهم ما يعرفون الدجاج
أبو مهند : أرتاحن الحريم من الغلي والنتف , ما عاد يبغن إلا الراحة
أذن المؤذن لصلاة العشاء وسكت المتحاورون وهم يرددون خلف المؤذن
هكذا كانت الحياة جميلة رائعة بروعة تلك القرية وروعة أهلها
ولكن وبسرعة وبدون سابق إنذار تحول كل جميل فيها إلى خيال وأصبح كل ذلك مجرد ذكريات
فماذا جرى لها ؟ وما الذي حل بسكانها الطيبين ؟
بن مستور : كيفك ياحميان وكيف شغلك , بشر
حميان : والله ياخي من يوم فتحوا الطريق الإسفلت جن برم الكوريين والحال وقف
اليابس أخذ له سيارة ولا عاد يتشبح فينا , ومحمد أبو خير مثله شرى السيارة وكل يوم غادي جاي على الطايف
وحصن خريص ما عندك علم حتى ورعانه يوديهم المدرسة بالسيارة وهو يالله يالله يسوق دوب تعلم , وقفوا حالي ذا الكوريين لا وفقهم ربي
عذب المزايا : هذا الوقت ما خلى شيء على حاله , يقولون أبو ماجد مشى بعياله , نقل الرياض
حميان : والجبرتي أمس وديته الطايف.. , يقول الورعان يبغون المدارس هناك أحسن لهم
بن مستور : وبلاده وبيته من عندها ؟
حميان : حط له مصري
بن مستور : حتى أبو ماجد , وأبو محمد حطوا عمال في مزارعهم وحول بيوتهم
عذب المزايا : والعمال ذولي بيحرصون على البلاد كما صاحبها
حميان : لا والله , ما للبلاد إلا أهلها , لكن الجماعة الديرة ما عاد تسدهم
بن مستور : لايهمكم بيعودون تصارع بهم دنياهم وتردهم
مرت السنين و امتلأت القرية الوادعة بالعمالة بدل سكانها الذين هاجروا
واحتدم الصراع بين عدد من الأهالي
حول الأملاك ,والأراضي البيضاء ,, ولم تعد تحل المشاكل إلا بتدخل الجهات الحكومية
وقلت الزراعة , وندرت الأمطار , وأجدبت الأرض , وقلت المياه
وكأنها تعلن الحداد على فراق تلك الأيام الخوالي
وتحولت القرية إلى مكان خصب للسرقات , فهُجمت البيوت الخالية من ساكنيها
وعاث في الأرض المفسدون , وسكنت المدينة الفاضلة بغير أهلها
فمتى تعود قريتنا الحالمة مدينة فاضلة
فلا يوجد بمثل جمالها وروعتها
تمت بحمد الله
- يتخلل القصة كثير من النقص لكنها محاولة أتمنى أن تحظى برضاكم