بسم:
السلام:
طرق الجبل :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ ( مقدمة بين يدي البحث ) ــــــــــــــــــــــــــــــ
تدرك الأمم العريقة في المدينة والحضارة ما للأدب الشعبي(Folklore) من أثر في حياة الشعوب
وفعالية في توجييهها وقيادتها , ولم تكن أوروبا لتبلغ ما بلغت من نهضة دون أن تلعب تيارات الأدب الشعبي دوراً خطيرا في توجهها ولم يكن ( هويتمان ) و ( هجل ) و ( فرانسزجون ) وغيرهم من أعلام الأدب الغربي ليبلغوا ما بلغوا !! لولا كلفهم بالأدب الشعبي !
يقول ( هويتمان ) عن الأدب الشعبي : ( ... أما أساسه العريق فقريب من الأرض التي تشقها الفؤوس , وأما شكله النهائي فمن صنع الجماهير المغمورة , المجهولة , أولئك الذين يعيشون حياة الواقع ) اهـ
أما أدباء ( العروبة ) المعاصرين فلم يتعرضوا لدراسة الآداب الشعبية في الوطن العربي بكثير من الدراسة ولعل في قول الدكتور ( طه حسين ) ما يفصح عن السبب في ذلك إذ يقول :
(( ... ولسوء الحظ لا يعنى الأدباء لا يعنى العلماء في المشرق العربي بهذا الأدب الشعبي عناية ما , لأن لغته بعيدة عن لغة القرآن .... وإنما الادب عندهم وسيلة للدين ... ) اهـ
وهذا هو الواقع ( مع تحفظي على بعض فكر الدكتور طه حسين ) ؟!!
أعود لموضوعي وأقول :
كم هي غنية منطقتنا ( بني مالك ) بالتراث الأدبي الشعبي الشعري الأصيل ,تراث خاص
يكاد يكون محصوراً فيها .. وتراث يشاركها فيه ماحولها من القبائل المجاورة شمالاً وجنوباً... وتراث شعبي شعري تشاركها فيه الجزيرة العربية بصفة عامه ومنه ( طرق الجبل ) .
ــــــــــــــــــــ ( أصالة هذا الفن ( طرق الجبل ) ــــــــــــــــ
يظن بعض الباحثين إن طرق الجبل ينحصر في منطقة بني مالك وما يجاورها .
- وفي الحقيقة إن طرق الجبل .. هو نوع من الشعر الشعبي المعروف في المملكة ويسير على بحر معروف من بحور الشعر وهو متفرع من المجرور .. وقد نظم على هذا البحر شعراء من عملاقة الشعر في الجزيرة العربية أمثال :
ـ لوحيان .. وجدت قصيدة لهذا الشاعر على ( طرق الجبل ) منها :
غلاه في خاطري عنه العرب ماهم بدارين
ترى حلاة الهوى ياهل ما يندرى به
سرِّي وسرك تراه وداعتك ياكامل الزين
الى حكينا على واحد ترى كلاً حكى به
ومن الجميل أنني وجد من خلال تتبعي لتطور هذا الفن أنه قد يدخل في ألحان القلطة ومن أمثلة ذلك ما دار بن الشاعرين ( بن دويرج )؟! و ( الغرمول ) ؟! ـ ترجمتهما في الهامش ـ :
يقول ( بن دويرج ) :
سلام يا الشـاعر اللي كل ما شفته صقرنـي
مثل الحبارى يلى من شافت الصارم صقرها
فرد عليه ( الغرمول ) :
لا تحسبني جريف(ن) كل من جاني طمرني
تراني غبــة بحر ما كل من جاهــا عبرهــا
إلاَ أن .. الذي جعل هذا الفن يتميز في منطقتنا عن غيرها . هو اللحن الذي يلقى به .. فهو عندنا يؤدى أداء غنائياً إلاَ فهو على نفس البحر الذي ذكرته .. لو قيل بدون لحن .
ـــــــــــــــــــــــــــ ( نشأة هذا الفن في بني مالك ) ـــــــــــــــــــــ
- طرق الجبل في بني مالك لا يكاد يعرف لبدئه تاريخ معين ألاَ أن هناك بعض القصائد التي وصلتنا تدل على قدمه وتطوره ومروره بمراحل عدة حتى وصل إلينا في صورته المعروفة اليوم .
- وينقسم طرق الجبل في الوقت الحاضر إلى قسمين :
أ ) طرق قديم . ب) طرق جديد .
وقد أصبح الآن كلاهما قديماً .. ولكن نستطيع أن نقول : هناك طرق قديم وهناك طرق أقدم . أما عن سبب تسميته بهذا الاسم فأرى أنه خذها من .. كثرة التغني به من قبل الذين يصعدون الجبال لغرض الرعي أو القنص , فعندما يجلس أحدهم في كهف أو ظل صخرة , تهيض قريحته فيتغنى بذلك اللحن الشجي .. فيطرب ويطرب ؟!!
ــــــــــــــــــــ ( الأغراض الشعرية لطرق الجبل )ــــــــــــــــــ
تطرق شعر ( طرق الجبل ) لأغراض شعرية كثيرة من رثاء ومدح وهجاء ووصف إلا إن الغرض الذي غلب على هذا الفن هو غرض الغزل ( الهوى )
فهو أكثر الأغراض التي يطرقها هذا الفن .. حتى إن البعض يطلق عليه طرق ( الهوى ) لغلبة هذا الغرض عليه .
ـــــــــــــ ( نماذج من طرق الجبل القديم ) ــــــــــــــــــ
ـ بين يدي نماذج كثيرة لهذا النوع إلا أن هناك نموذجاً .. يمكن تحديد تاريخ تقريبي للوقت الذي قيل فيه وهو بداية توحيد المملكة ، ولا شك إن هناك نماذج أقدم بكثير من هذا النموذج ، إلا أننا لا نعرف تاريخها بالتحديد .
( 1 ) ـ يقول الشاعر ( أظنه ) أحد أجداد الشاعر ابن طوير
( بدع )
قال بن عيضه شاقني حكم السعودي
جا في أيام السعودي
ومّن الديره والاسواق
وامن عميلا كان خايف من عميله
( الرد )
اقولها يا طلع بنن راس عودي
والهبايب به تنودي
في شدا ميل بالاسواق
واللي شرب فنجال من طلعه عمي له
( 2 ) ـ وهذا النموذج برواية الشاعر الناقد الأخ العزيز ( نواف بن جارالله ) :
زفرت زفره خلت اعظامي نعايش
يوم جاني علم عايش
قالوا انه صبح منعوش
يا مصرع الدنيا على من ينعشونه
( 3 ) ـ وهذا أنموذج ثالث لشاعر أراد أن يصل لمن أراد في مكان يسمى ( جغمان ) .. ولكن يحدث له في الطريق ما لم يكن ؟! إذ يعترض طريقه ثلاثة من الثيران التي وصفها ( بالدنادين ) ويدخل معها في عراك .. ينجو منه وفي نهاية الأمر لم يجد بد من أن ( يحسبل ) على ذلك الصاحب الذي لم يعلم بما جرى له فيقول :
حسبي عليك الله ياللي بايت نايم
وانا في ( جغمان ) قايم
بين ثيرانن دنادين
امرار تعطي بي يمن ومرار شاما
** والافت للنظر : إن هذا النوع من طرق الجبل هو المعروف في بلاد زهران حتى اليوم ولا يكادون يعرفون الطرق الثاني ـ الذي سأتطرق إليه أدناه ـ وقد كنت أتحين الفرصة التي تجمعني بأحد شعراء زهران المعروفين .. وقد سنحت لي الفرصة إذ التقيت بشاعر زهران ( عبد الله البيضاني ) وقد كنت برفقة أبي منير حفظه الله .. وصعدنا عقبة الباحة بعد إحدى المناسبات في تهامة .. وتوجهت بالسوال لأبي ماجد عن طرق الجبل , فتحث عن هذا النوع فقط .. ثم دار الحديث وأعطى أبو منير نماذج رائعة من طرق الجبل ( الجديد ـ المالكي ) فكان الشاعر البيضاني متعجباً ويستزيد ابن طوير من قصائد ذلك النوع .. وأفادنا أبو ماجد أنه لم يحاول أن يقول قصيدة على ذلك الطرق أبدا .. وانه لا يكاد يحفظ منه شيئاً .. إنما روى لنا بعض قصائد أحمد بن جبران :
( بدع )
سريت لك يا صاحبي في ليل(ن) اعمى
سيل وارياحن وظلما
وقالت المحليه يا احمد عيني اغرق
قلت ما عالليل مدرق
الرعد وسط البحر والبرق تلا لا
.......... الناوي تلا لا
يا بحر بك ريحن تهب وبك رياجي
( الرد )
قال احمد بن جبران قرب الهيل نعمى
وان تجنبناه ظلما
.......................
يا صاحبي لوكان من دونك رجالا
ما انقطع منك الرجا لا
واليوم لو ما جا صحيبي بكر ياجي
ـــــــــــــــ ( طرق الجبل ( الجديد ) المشهور في بني مالك ) ــــــــــــــــ
من نماذجه ما يلي :
( 1 ) ـ ( إبداع بلا حدود ) : رأينا في أدبنا العربي شعراء يجعلون من الجماد أشخاصاً يحدثونهم , يبثون إليهم شجنهم , ولوعة الحب والفراق ـ لعلهم لم يجدوا من الناس من يثقون به لحفظ الأسرار أو من يتألم ويتوجع لحالهم .. فيلجأون لمخاطبة الجماد .. فيما يسمى في النقد العربي بـ ( أسلوب التشخيص ) .. فهذا قيس ابن الملوّح ( مجنون ليلى ) يقف أمام ( جبل التوباد ) فيدور بينهما الحوار الآتي :
وأجهشْتُ للتَّوبادِ لمَّا رأيتهُ
وهلَّلَ للرَّحمانِ حينَ رآني
وأذريْتُ دمعَ العينِ لمَّا رأيتهُ
ونادى بأعلى صوتهِ فدعاني
وقلتُ له أينَ الَّذينَ عهدتهمْ
حوالَيْكَ في عيشٍ وخير زمانِ
فقالَ مضوْا واستودعوني بلادهُمْ
ومنْ ذا الَّذي يبقى علَى الحدثانِ
وإنِّي لأبكي اليومَ من حذري غداً
فراقَكَ والحيَّانِ مُؤْتلفانِ
سجالاً وتهْتاناً ووبْلاً وديمةً
وسحّاً وتسجاماً وينهملانِ
ـ انظروا .. إلى هذا الشاعر المالكي ( البجلي ) عندما وقف أمام جبل بيضان يسأله عن محبوته .... هل ابتعد كثيراً عن ما قاله ( مجنون ليلى ) ؟؟!!
يقول المالكي ( البجلي ) مخاطباً ( ضلع ) جبل بيضان :
يا ضلع بيضان صيّح لين كل الناس توحيك
حتـى ويطـلع صياحك للثريــــا والهلالــي
يا ضلع وين الحبيب اللي من أول نرقبه فيك ؟!
واليوم ادرّج في المرقاب والمرقــــــاب خــالي
( وفي مقطع آخر )
يا ضلع أنا سايلك باللي خلق نبت الحيا فيك
يا ضلع أنا سايك من هو قعد فيك العشيه ؟!
وقال : اذا سلتني بالله سيدك كان يرجيك !
واقفى ودمعه على خده كما هل النشية !!!
( 2 ) ـ ( مالكي ) طوّح به الزمن وظروف المعيشة إلى البلد الحرام .. مبتعداً عن الأهل والأحبة .. يقف متكئاً , في نهاية ( المدّعى ) متأملاً البيت الحرام وزمزم والمقام ( لعل القصيدة قديمة قبل التوسعات للحرم الشريف ) يمر به سرب من الحمام .. يذكره بالأحبة في ( الديرة ) ويذكي في جوفه لواعج الشوق ... ويهمّ ثم .. يرعوي !!!
يقول :
هيض عليه وأنا في المدعى ومقابل البيت
هيض عليه وأنا قــدام زمــزم والمقـــامي
وإلاّ حمام الحرم خارج ولبّى يوم لبيت !!
خارج من المدرسة والقايده عزّ الحمامي !!
وأنا بغيت انهبه لكن مالعربان ذليت !!
ذليت من قيلت الخوّان . فكه يا حرامي!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* وبعد أحبتي هذا فيض من غيظ .. من تراثكم الشعبي .. أرجوا ألا تصل له يد الحدثان ونحن عنه غافلون ..!!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما سبق إطلاله من .. ( مسودة كتاب الموروثات الشعبية في بلاد بني مالك بجيلة ) لـ ( جبل عمد ) .. ليلة الأربعاء 25/5/1430هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وضعت موضوعي هنا .. !! ليطلع عليه الشباب المهتمون بالتراث الشعبي ..
ــــــــــــــــــــ دمتم بود ــــــــــــــــــ
السلام:
طرق الجبل :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ ( مقدمة بين يدي البحث ) ــــــــــــــــــــــــــــــ
تدرك الأمم العريقة في المدينة والحضارة ما للأدب الشعبي(Folklore) من أثر في حياة الشعوب
وفعالية في توجييهها وقيادتها , ولم تكن أوروبا لتبلغ ما بلغت من نهضة دون أن تلعب تيارات الأدب الشعبي دوراً خطيرا في توجهها ولم يكن ( هويتمان ) و ( هجل ) و ( فرانسزجون ) وغيرهم من أعلام الأدب الغربي ليبلغوا ما بلغوا !! لولا كلفهم بالأدب الشعبي !
يقول ( هويتمان ) عن الأدب الشعبي : ( ... أما أساسه العريق فقريب من الأرض التي تشقها الفؤوس , وأما شكله النهائي فمن صنع الجماهير المغمورة , المجهولة , أولئك الذين يعيشون حياة الواقع ) اهـ
أما أدباء ( العروبة ) المعاصرين فلم يتعرضوا لدراسة الآداب الشعبية في الوطن العربي بكثير من الدراسة ولعل في قول الدكتور ( طه حسين ) ما يفصح عن السبب في ذلك إذ يقول :
(( ... ولسوء الحظ لا يعنى الأدباء لا يعنى العلماء في المشرق العربي بهذا الأدب الشعبي عناية ما , لأن لغته بعيدة عن لغة القرآن .... وإنما الادب عندهم وسيلة للدين ... ) اهـ
وهذا هو الواقع ( مع تحفظي على بعض فكر الدكتور طه حسين ) ؟!!
أعود لموضوعي وأقول :
كم هي غنية منطقتنا ( بني مالك ) بالتراث الأدبي الشعبي الشعري الأصيل ,تراث خاص
يكاد يكون محصوراً فيها .. وتراث يشاركها فيه ماحولها من القبائل المجاورة شمالاً وجنوباً... وتراث شعبي شعري تشاركها فيه الجزيرة العربية بصفة عامه ومنه ( طرق الجبل ) .
ــــــــــــــــــــ ( أصالة هذا الفن ( طرق الجبل ) ــــــــــــــــ
يظن بعض الباحثين إن طرق الجبل ينحصر في منطقة بني مالك وما يجاورها .
- وفي الحقيقة إن طرق الجبل .. هو نوع من الشعر الشعبي المعروف في المملكة ويسير على بحر معروف من بحور الشعر وهو متفرع من المجرور .. وقد نظم على هذا البحر شعراء من عملاقة الشعر في الجزيرة العربية أمثال :
ـ لوحيان .. وجدت قصيدة لهذا الشاعر على ( طرق الجبل ) منها :
غلاه في خاطري عنه العرب ماهم بدارين
ترى حلاة الهوى ياهل ما يندرى به
سرِّي وسرك تراه وداعتك ياكامل الزين
الى حكينا على واحد ترى كلاً حكى به
ومن الجميل أنني وجد من خلال تتبعي لتطور هذا الفن أنه قد يدخل في ألحان القلطة ومن أمثلة ذلك ما دار بن الشاعرين ( بن دويرج )؟! و ( الغرمول ) ؟! ـ ترجمتهما في الهامش ـ :
يقول ( بن دويرج ) :
سلام يا الشـاعر اللي كل ما شفته صقرنـي
مثل الحبارى يلى من شافت الصارم صقرها
فرد عليه ( الغرمول ) :
لا تحسبني جريف(ن) كل من جاني طمرني
تراني غبــة بحر ما كل من جاهــا عبرهــا
إلاَ أن .. الذي جعل هذا الفن يتميز في منطقتنا عن غيرها . هو اللحن الذي يلقى به .. فهو عندنا يؤدى أداء غنائياً إلاَ فهو على نفس البحر الذي ذكرته .. لو قيل بدون لحن .
ـــــــــــــــــــــــــــ ( نشأة هذا الفن في بني مالك ) ـــــــــــــــــــــ
- طرق الجبل في بني مالك لا يكاد يعرف لبدئه تاريخ معين ألاَ أن هناك بعض القصائد التي وصلتنا تدل على قدمه وتطوره ومروره بمراحل عدة حتى وصل إلينا في صورته المعروفة اليوم .
- وينقسم طرق الجبل في الوقت الحاضر إلى قسمين :
أ ) طرق قديم . ب) طرق جديد .
وقد أصبح الآن كلاهما قديماً .. ولكن نستطيع أن نقول : هناك طرق قديم وهناك طرق أقدم . أما عن سبب تسميته بهذا الاسم فأرى أنه خذها من .. كثرة التغني به من قبل الذين يصعدون الجبال لغرض الرعي أو القنص , فعندما يجلس أحدهم في كهف أو ظل صخرة , تهيض قريحته فيتغنى بذلك اللحن الشجي .. فيطرب ويطرب ؟!!
ــــــــــــــــــــ ( الأغراض الشعرية لطرق الجبل )ــــــــــــــــــ
تطرق شعر ( طرق الجبل ) لأغراض شعرية كثيرة من رثاء ومدح وهجاء ووصف إلا إن الغرض الذي غلب على هذا الفن هو غرض الغزل ( الهوى )
فهو أكثر الأغراض التي يطرقها هذا الفن .. حتى إن البعض يطلق عليه طرق ( الهوى ) لغلبة هذا الغرض عليه .
ـــــــــــــ ( نماذج من طرق الجبل القديم ) ــــــــــــــــــ
ـ بين يدي نماذج كثيرة لهذا النوع إلا أن هناك نموذجاً .. يمكن تحديد تاريخ تقريبي للوقت الذي قيل فيه وهو بداية توحيد المملكة ، ولا شك إن هناك نماذج أقدم بكثير من هذا النموذج ، إلا أننا لا نعرف تاريخها بالتحديد .
( 1 ) ـ يقول الشاعر ( أظنه ) أحد أجداد الشاعر ابن طوير
( بدع )
قال بن عيضه شاقني حكم السعودي
جا في أيام السعودي
ومّن الديره والاسواق
وامن عميلا كان خايف من عميله
( الرد )
اقولها يا طلع بنن راس عودي
والهبايب به تنودي
في شدا ميل بالاسواق
واللي شرب فنجال من طلعه عمي له
( 2 ) ـ وهذا النموذج برواية الشاعر الناقد الأخ العزيز ( نواف بن جارالله ) :
زفرت زفره خلت اعظامي نعايش
يوم جاني علم عايش
قالوا انه صبح منعوش
يا مصرع الدنيا على من ينعشونه
( 3 ) ـ وهذا أنموذج ثالث لشاعر أراد أن يصل لمن أراد في مكان يسمى ( جغمان ) .. ولكن يحدث له في الطريق ما لم يكن ؟! إذ يعترض طريقه ثلاثة من الثيران التي وصفها ( بالدنادين ) ويدخل معها في عراك .. ينجو منه وفي نهاية الأمر لم يجد بد من أن ( يحسبل ) على ذلك الصاحب الذي لم يعلم بما جرى له فيقول :
حسبي عليك الله ياللي بايت نايم
وانا في ( جغمان ) قايم
بين ثيرانن دنادين
امرار تعطي بي يمن ومرار شاما
** والافت للنظر : إن هذا النوع من طرق الجبل هو المعروف في بلاد زهران حتى اليوم ولا يكادون يعرفون الطرق الثاني ـ الذي سأتطرق إليه أدناه ـ وقد كنت أتحين الفرصة التي تجمعني بأحد شعراء زهران المعروفين .. وقد سنحت لي الفرصة إذ التقيت بشاعر زهران ( عبد الله البيضاني ) وقد كنت برفقة أبي منير حفظه الله .. وصعدنا عقبة الباحة بعد إحدى المناسبات في تهامة .. وتوجهت بالسوال لأبي ماجد عن طرق الجبل , فتحث عن هذا النوع فقط .. ثم دار الحديث وأعطى أبو منير نماذج رائعة من طرق الجبل ( الجديد ـ المالكي ) فكان الشاعر البيضاني متعجباً ويستزيد ابن طوير من قصائد ذلك النوع .. وأفادنا أبو ماجد أنه لم يحاول أن يقول قصيدة على ذلك الطرق أبدا .. وانه لا يكاد يحفظ منه شيئاً .. إنما روى لنا بعض قصائد أحمد بن جبران :
( بدع )
سريت لك يا صاحبي في ليل(ن) اعمى
سيل وارياحن وظلما
وقالت المحليه يا احمد عيني اغرق
قلت ما عالليل مدرق
الرعد وسط البحر والبرق تلا لا
.......... الناوي تلا لا
يا بحر بك ريحن تهب وبك رياجي
( الرد )
قال احمد بن جبران قرب الهيل نعمى
وان تجنبناه ظلما
.......................
يا صاحبي لوكان من دونك رجالا
ما انقطع منك الرجا لا
واليوم لو ما جا صحيبي بكر ياجي
ـــــــــــــــ ( طرق الجبل ( الجديد ) المشهور في بني مالك ) ــــــــــــــــ
من نماذجه ما يلي :
( 1 ) ـ ( إبداع بلا حدود ) : رأينا في أدبنا العربي شعراء يجعلون من الجماد أشخاصاً يحدثونهم , يبثون إليهم شجنهم , ولوعة الحب والفراق ـ لعلهم لم يجدوا من الناس من يثقون به لحفظ الأسرار أو من يتألم ويتوجع لحالهم .. فيلجأون لمخاطبة الجماد .. فيما يسمى في النقد العربي بـ ( أسلوب التشخيص ) .. فهذا قيس ابن الملوّح ( مجنون ليلى ) يقف أمام ( جبل التوباد ) فيدور بينهما الحوار الآتي :
وأجهشْتُ للتَّوبادِ لمَّا رأيتهُ
وهلَّلَ للرَّحمانِ حينَ رآني
وأذريْتُ دمعَ العينِ لمَّا رأيتهُ
ونادى بأعلى صوتهِ فدعاني
وقلتُ له أينَ الَّذينَ عهدتهمْ
حوالَيْكَ في عيشٍ وخير زمانِ
فقالَ مضوْا واستودعوني بلادهُمْ
ومنْ ذا الَّذي يبقى علَى الحدثانِ
وإنِّي لأبكي اليومَ من حذري غداً
فراقَكَ والحيَّانِ مُؤْتلفانِ
سجالاً وتهْتاناً ووبْلاً وديمةً
وسحّاً وتسجاماً وينهملانِ
ـ انظروا .. إلى هذا الشاعر المالكي ( البجلي ) عندما وقف أمام جبل بيضان يسأله عن محبوته .... هل ابتعد كثيراً عن ما قاله ( مجنون ليلى ) ؟؟!!
يقول المالكي ( البجلي ) مخاطباً ( ضلع ) جبل بيضان :
يا ضلع بيضان صيّح لين كل الناس توحيك
حتـى ويطـلع صياحك للثريــــا والهلالــي
يا ضلع وين الحبيب اللي من أول نرقبه فيك ؟!
واليوم ادرّج في المرقاب والمرقــــــاب خــالي
( وفي مقطع آخر )
يا ضلع أنا سايلك باللي خلق نبت الحيا فيك
يا ضلع أنا سايك من هو قعد فيك العشيه ؟!
وقال : اذا سلتني بالله سيدك كان يرجيك !
واقفى ودمعه على خده كما هل النشية !!!
( 2 ) ـ ( مالكي ) طوّح به الزمن وظروف المعيشة إلى البلد الحرام .. مبتعداً عن الأهل والأحبة .. يقف متكئاً , في نهاية ( المدّعى ) متأملاً البيت الحرام وزمزم والمقام ( لعل القصيدة قديمة قبل التوسعات للحرم الشريف ) يمر به سرب من الحمام .. يذكره بالأحبة في ( الديرة ) ويذكي في جوفه لواعج الشوق ... ويهمّ ثم .. يرعوي !!!
يقول :
هيض عليه وأنا في المدعى ومقابل البيت
هيض عليه وأنا قــدام زمــزم والمقـــامي
وإلاّ حمام الحرم خارج ولبّى يوم لبيت !!
خارج من المدرسة والقايده عزّ الحمامي !!
وأنا بغيت انهبه لكن مالعربان ذليت !!
ذليت من قيلت الخوّان . فكه يا حرامي!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* وبعد أحبتي هذا فيض من غيظ .. من تراثكم الشعبي .. أرجوا ألا تصل له يد الحدثان ونحن عنه غافلون ..!!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما سبق إطلاله من .. ( مسودة كتاب الموروثات الشعبية في بلاد بني مالك بجيلة ) لـ ( جبل عمد ) .. ليلة الأربعاء 25/5/1430هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وضعت موضوعي هنا .. !! ليطلع عليه الشباب المهتمون بالتراث الشعبي ..
ــــــــــــــــــــ دمتم بود ــــــــــــــــــ