أبو راكان الدهيسي
مراقب
:t1:
عُذراً أيها الحياء!
إشارة: عذراً، عذراً، أيُّها الحياء، فهنالك من يقتلك !.
عُذراً أيها الحياء!
حينما تجوَّلت في سوق من الأسواق في مجمَّع من المجمَّعات التجارية في مدينة من المدن الكبيرة في دولة من الدول العربية الإسلامية شعرت بالغربة القاسية، وتحسَّست شماغي وعقالي وثيابي العربية خشية أن أكون قد نسيتها، ووقفت قليلاً لأستعيد ذاكرتي، ولأطمئنَّ على وجودي في الكوكب الأرضي، وسرحت بذاكرتي في جولةٍ فرضتها عليَّ المفاجأة إلى قريتي، قبل عشر سنوات، ومدينتي التي أسكنها قبل عشر سنوات، وقلت لنفسي، أو قالت لي نفسي، أو أنَّ كائناً من الكائنات الشعورية قال لي- عذراً لا أتذكَّر الآن القائل في ذلك الوقت- فالمهم ما قالت أو قال في تلك اللحظة، أو قيل لي: يا للعجب، هل أنت الآن فعلاً في مدينة (.....)، هل هؤلاء الرِّجال الذين يمشون في هذا السوق، وهؤلاء النساء اللاتي يمشين في هذا السوق من المنتمين إلى الإسلام والمسلمين فعلاً، وهل هذه اللغة التي يتبادلها الناس في هذا المكان هي اللغة العربية فعلاً، وهل هذا المكان برُمَّتِه موجود في دولة عربية مسلمة فعلاً؟؟؟!
أسئلة كثيرة قيلت لي في تلك اللحظة، أو قُلْتُها أنا، وعلامات استفهام ضخمة ارتسمت أمام عينيَّ مختلفة الألوان، ولكنّ ألوانها كانت صارخةً جداً، وأكثر تلك العلامات الاستفهامية كان من اللون الأحمر الغامق، وكانت متوهِّجة كاللهب حتى خشيت على نفسي منها، وحتى تخيَّلْتُها براكين من الأسئلة اللاذعة تثور في وجهي وتشتعل أمام صورةٍ مخيفة لم أعهدها من قبل في هذا النوع من علامات الترقيم المتعارف عليها عالمياً، صحيح أن علامات الاستفهام في العادة تخيف الإنسان لأنها تدل على الأسئلة التي تبحث عن أجوبة، وقد تكون إجاباتها صعبة أو محرجة، وصحيح أن لكل علامة استفهام تواجهنا رَهْبة، ولكنَّ علامات الاستفهام التي داهمتني في ذلك السوق (المجنون) كانت من نوعٍ آخر.
فاجأني مركب بشري كان قادماً من بعيد يتكون من أربعة شخوص يتكلمون أو يتكلمن بصوت مرتفع، ويملؤون أو يَمْلَأْن المكان بعواصف متتابعة من الضحك، ورأيت من وراء هذا الموكب الرُّباعي موكباً ثلاثياً يتكون من ثلاثة شخوص يسيرون وراء الشخوص الأربعة حَذْوَ الحذاء بالحذاء، ودنا الموكبان مني فهالني المنظر، أربع فتيات، وثلاثة فتيان وسَبْعُ أَيادٍ تمسِك بجوَّالات، وأصوات متعالية وضحكات، وحالة متدهورة للأبناء والبنات، وإلحاحٌ شديد من علامات الاستفهام: ما هذا، ومن هؤلاء؟ ولماذا هذا الوضع المشين؟ وكيف وصل هؤلاء الشباب من الجنسين إلى هذا المستوى؟ ولماذا تقتحم البنت عالم الرجل تشبُّها وتقليداً؟ ويقتحم الشَّابّ عالم البنت تشبُّها وتقليدا؟ أين الآباء والأمهات؟ أين الدعاة والمصلحون؟ أين المجتمع المنضبط بقيمه ومبادئه؟ أين المدرسة؟ أين التعليم والتربية؟ وهجم عليَّ سؤال حاولت أن أصرفه عني خشية أن يتَّهمني المتطوِّرون بالتخلُّف، ولكنَّه ألحَّ عليَّ قائلاً: أين رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟؟
أحبَّتي، الحالة لا تسُرُّ، وتدهور المجتمعات الأخلاقي يبدأ من هذه المظاهر، فماذا نصنع؟ الأخلاق تنادي فمن يجيب؟؟!
أسئلة كثيرة قيلت لي في تلك اللحظة، أو قُلْتُها أنا، وعلامات استفهام ضخمة ارتسمت أمام عينيَّ مختلفة الألوان، ولكنّ ألوانها كانت صارخةً جداً، وأكثر تلك العلامات الاستفهامية كان من اللون الأحمر الغامق، وكانت متوهِّجة كاللهب حتى خشيت على نفسي منها، وحتى تخيَّلْتُها براكين من الأسئلة اللاذعة تثور في وجهي وتشتعل أمام صورةٍ مخيفة لم أعهدها من قبل في هذا النوع من علامات الترقيم المتعارف عليها عالمياً، صحيح أن علامات الاستفهام في العادة تخيف الإنسان لأنها تدل على الأسئلة التي تبحث عن أجوبة، وقد تكون إجاباتها صعبة أو محرجة، وصحيح أن لكل علامة استفهام تواجهنا رَهْبة، ولكنَّ علامات الاستفهام التي داهمتني في ذلك السوق (المجنون) كانت من نوعٍ آخر.
فاجأني مركب بشري كان قادماً من بعيد يتكون من أربعة شخوص يتكلمون أو يتكلمن بصوت مرتفع، ويملؤون أو يَمْلَأْن المكان بعواصف متتابعة من الضحك، ورأيت من وراء هذا الموكب الرُّباعي موكباً ثلاثياً يتكون من ثلاثة شخوص يسيرون وراء الشخوص الأربعة حَذْوَ الحذاء بالحذاء، ودنا الموكبان مني فهالني المنظر، أربع فتيات، وثلاثة فتيان وسَبْعُ أَيادٍ تمسِك بجوَّالات، وأصوات متعالية وضحكات، وحالة متدهورة للأبناء والبنات، وإلحاحٌ شديد من علامات الاستفهام: ما هذا، ومن هؤلاء؟ ولماذا هذا الوضع المشين؟ وكيف وصل هؤلاء الشباب من الجنسين إلى هذا المستوى؟ ولماذا تقتحم البنت عالم الرجل تشبُّها وتقليداً؟ ويقتحم الشَّابّ عالم البنت تشبُّها وتقليدا؟ أين الآباء والأمهات؟ أين الدعاة والمصلحون؟ أين المجتمع المنضبط بقيمه ومبادئه؟ أين المدرسة؟ أين التعليم والتربية؟ وهجم عليَّ سؤال حاولت أن أصرفه عني خشية أن يتَّهمني المتطوِّرون بالتخلُّف، ولكنَّه ألحَّ عليَّ قائلاً: أين رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟؟
أحبَّتي، الحالة لا تسُرُّ، وتدهور المجتمعات الأخلاقي يبدأ من هذه المظاهر، فماذا نصنع؟ الأخلاق تنادي فمن يجيب؟؟!
إشارة: عذراً، عذراً، أيُّها الحياء، فهنالك من يقتلك !.
المصدر : بقلم الدكتور / عبد الرحمن بن صالح العشماوي . صحيفة الجزيرة / محليات / دفق قلم / السبت 11 محرم 1429 العدد 12896