تعليق شاعر الحرب والسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الشّاعر القدير / صقر بجيلة ـــــ رعاه الله وحفظه
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبــعــد :
فقد إطّلعتُ على موضوعك الذي طرحتهُ هُنا ووجدتُ أنّهُ موضوعٌ يستحقُّ الإشادة والمناقشة بجدارةٍ وإستحقاق .
فلكَ منّي أجزلُ الشُّكر وأجمله على طرحهِ وتبنّيه
كما أشكرُ والدنا الكريم ومديرنا الفاضل ــ أبو سعيد ــ على مباركةِ هذا الموضوع والإذنِ بمناقشتهِ , وليسَ هذا والله إلا لعلمِهِ بحجمِ الموضوع وفائدتهِ وحكمتهِ وثمرتهِ المرجوّة والتي تعود على الجميع بأجملِ الثّمار والحكم .
لقد كان ومازال الشّعر بأنواعه هو ديوانُ العرب وتاريخُ أمجادهم حاضراً وماضياً ومستقبلاً ..فيهِ تُسطّرُ الإنجازات الكُبرى وبهِ تُفاخِرُ كلُّ الأمم .. هو تاجُ أدبهم وسلطانُ معرفتهم وأخلاقهم وكرمهم وكرامتهم وعزّتهم وإبآئهم .. هو حامي الشّرف والنّزاهة والمكانة .. هو الحقُّ والحكمةُ والنّبل والبيان في جميعِ أغراضهِ عند من يحسنهُ ويدركُ غاياته ومراميه وثمراته .
كيفَ لأمّةٍ أن تحيا دون أدب ؟
أو تعيش دون شِعر ؟
أو ترتقي دون شاعر ؟
أو تفاخرُ بأصالتها وكبريائها وكرامتها وأخلاقها ومبادئها وقيَمها
دون شُعراء ؟
أمرٌ في غاية الإستحالةِ أن يقع ..!
سيظلُّ للشعر العربي مكانتهُ العظيمة في النفوس .. سيظلُّ مؤثّراً في العقول سارياً في الأنفس كالسّحر .. متى ما كان ذا طلّةٍ بهيّة ومعانٍ نديّة وحكمةٍ شهيّة .. سيبقى الشّعرُ العربي بأقسامهِ وأنواعهِ ديوانُ العرب أبى من أبى ورضي من رضي .
ومن المنطقي أن لا يوجدَ الشّعرُ إذا لم يوجد الشّاعر ..!!
وأن لا يوجدُ الشّاعر إذا لم يوجدُ الشّعر ..!
لا جدال في ذلك إلا عند مَن فقدَ رشده ومنطقيّتهِ وحكمته وأدبه ..!
الشّاعر بالنسبة للأمّة التي يمثُّلها كالهواء النقي الذي لا تستغني عنهُ الأبدان والأرواح .. الشّاعرُ للأمّة هو {السنةُ القمريّة }التي من خلالها يعبّرُ عن كلِّ فصولها وأوضاعها وآلامها وطموحاتها وأمراضها وعللها وكيانها الكبير .. هو الربيع الدّائم الغير منقطع .. هو الليل هو البحر هو الوجدان هو الضّمير الحي هو النّجوم هو الإشراق هو الغياب هو النّصر هو الهزيمة هو العزيمة هو الإرادة الحُرّة .
من هو الذي يفوقُ مجدّ الشّاعر الحُر النّبيل مكانةً وقدراً ؟
من هو الذي يُداني الشّاعر الشّهم فخراً وبهاءً وكرامةً ؟
إنّ الشّاعر الحُر والصّادق والكريم والذي يرفعُ ذكر قبيلتهِ ومجدها وتاريخها وعراقتها وأخلاقها الكريمة ومروءاتها عالياً في ما يرضي الله .. حقيقٌ على الجميع تكريمهُ والإحتفاءِ بهِ , مهما اختلفت الآراء حول هذا التّكريم او كيفيّتهِ أو لم تتفق من الأساس ..!
إنّ التكريم والإحتفاء بأي شاعرٍ كان ــ وضعوا ألف خطٍّ أحمر تحت كلمة شاعر ــ ليسَ تكريماً للشّاعرِ فقط ..!
بل هو تكريمٌ للكرمِ نفسه .. تكريمٌ للعطاءِ والبذلِ والإبداع .. تكريمٌ للقبيلةِ في عمومها صغيرها وكبيرها .. تكريمٌ للوفاء .. للأجيالِ السّابقةِ واللاحقةِ والقادمة بعونِ الله .
هذهِ نظرتي الخاصّة للتكريمِ في العموم والإحتفاء بأي شاعر .
إنّ مثل هذه التجمعات الأدبيّة والثقافيّة لا جدال أنّها تُعيد مكانة القبيلة وهيبتها إلى أوجِ لمعانها وتاريخها العريض المليء بالإشراقات الأدبيّة والتاريخيّة والفكريّة .. وتؤسّسُ لمرحلةٍ قادمةٍ أكادُ أشعرُ وأتلمّسُ من الآن ثمراتها على المدى القريب والبعيد .
ولو تأمّلنا حالَ كثيرٍ من القبائل العربيّة المجاورة لوجدنا أنّها تجعلُ مثل هذه الإحتفالات والتجمّعات والملتقيات الأدبيّة ركيزةً أساسيّةً للمحافظةِ على إنجازاتها ومكتسباتها الحضاريّة في كلِّ الميادين .
ولا يوجدُ في شرعِ الله ولا في أنظمةِ دّولتنا المباركة وقوانينها العامّة أو الخاصّة المرعيّة ما يمنعُ مثل هذه الإحتفاليات والملتقيات الأدبيّة والشّعريّة الكُبرى .. بل العكسِ تماماً نجدُ أنّ الدولة بمؤسّساتها العامّة والرسميّة ترحّبُ بمثل هذه الملتقيات الأدبيّة وتدعو إليها وتعاضدُها وتسهّلُ لها كلّ عسير في سبيل إنجاحها , لأنّها تعلمُ فائدة وثمرة المعرفة الأدبيّة والثقافيّة أنّها ترفعُ حسّ المواطنة وحس المسئوليّة والمعرفة للجميع وتبني لنا جيلاً أدبياً ومعرفياً من طرازٍ رفيع , وتخلقُ أجواءً عامةً من المنافسات الأدبيّة المرموقة وتشغلُ شبابنا وفتياتنا بكلِّ ما هو مُفيد وممتع وتحسّنُ مستويات الثقافة والأدب والشّعر داخل مجتمعاتنا على العموم وتؤسِّس لمجتمعاتٍ صحيّةٍ وأجواءٍ عامّةٍ أدبيّةٍ وساحرة .
لكن مُشكلتنا الأساسيّة تكمنُ في غالبِ مسئولي القبيلة أقولُها بكلِّ صراحةٍ ووضوحٍ وأجري على الله .. سواءً المسئولين مسئوليّة رسميّة أو من نصّبوا أنفسهم لهذه المسئوليات داخل الملتقيات الأدبيّة والشّعريّة والثّقافيّة دون أن ينصّبهم أحد أو حتّى المسئولين داخل منتديات بني مالك في الغالبِ الأعم .
والواقعُ لقبائلنا الكريمة خيرُ شاهدٍ على ذلك ..!
ومن تأمّل بعينِ الحكمةِ والبصيرةِ لرأى أنّهم بعيدون تماماً كلّ البعد عن فهم هذه المسئوليات على وجه الدّقّة والتّحديد وماذا تعني في الأساس وما هي تبعاتها وثمراتها المرجوّ تحقيقها على صعيدِ القبيلة أو الصّالح العام ..!
أقولها بكلِّ وضوح هُناك من نصّب نفسهُ لمسئوليات ليسَ أهلاً لها على الإطلاق ولا يستحقُّ أن يبقى لحظةً واحدة في تلك المسئوليّة ..!
لأنّ بقاء مثل هاؤلاءِ هو الخطأ الكبير والجسيم الذي أدّى إلى ما نحن عليهِ اليوم , وقد تغافلنا عنهُ سنينَ طويلة لأسبابٍ معروفة للجميع لا داعي لشرحها , فهي أصبحت معلومةً للصّغير قبل الكبير ..!
سأنادي وأظلُّ أنادي بتشكيلِ مجلسٍ عمومي على وجه السّرعة لفحول ومطاليق بني مالك عموماً ــ من المفكّرين والأكاديميين والأدباء والشّعراء والأساتذة المرموقين والمهتمين بالصالح العام للقبيلة ــ سواءً من الرجال أو النّساء , لتدارس مثل هذه الأوضاع الغيرِ مقبولةٍ لا شرعاً ولا عُرفاً ولا ضميراً .
ألا تظنون أنّنا قد إكتفينا من الوجاهات المفرّغةِ علماً وأدباً وخُلقاً ومسئوليّة ..!
أظنّكم تعلمون الإجابة مقدماً على وجه الدقّة ولكن الحقيقةُ مرّة ومتعبة ومؤلمة , لكن الإعتراف بذلك يمثّلُ بدايةُ الحل والخطوة الأولى المؤكّدة والمهمّة للبدء بالتعافي مِمّا أصاب هذه القبيلة العريقة التي تمتدُّ جذورها عبر التاريخ وعبر الزمان وعبر مُكتسباتِ العزّة والكرامة والنخوة والشّرف .
كان كلامي مجرّداً وموضوعياً ويهدفُ للإضاءةِ والوقوف على بعض الجروح المعلومة للجميع وتصحيحِ مساراتها .
ولذلك أن يكونَ هُناكَ رجلٌ واحدٌ في بني مالك يستطيع أن يقوم بمسئوليةِ القبيلةِ على أكمل وجه , ويسعى جاهداً لتحقيقِ مصالحها المشروعةِ ديناً وعقلاً ونظاماً , خيرٌ لنا من أن تجتمع غالبيّة القبيلة ونحنُ نعلمُ أنّهُ لا يوجدُ في غالبِ تلك المجموعة من يفكّر على وجه المنطقيّة بصالح القبيلة العام وطموحاتها المشروعة , بل غالبُ طموحاته وإهتماماتهِ هي مجرّد الحضور للحضور وزيادة عدد الكراسي فقط .
أعودُ وأقول أن مثل هذه التجمّعات لابدّ من مباركتها والسّعي الحثيثِ على إنجاحها بالنّفس والمالِ والجاه والأرواح .. وبذلِ الغالي والنّفيس في سبيلِ الإرتقاءِ بها من أفضلٍ لأفضل .. حتّى تعمُّ الفائدة والمكاسب والمصالح العامّة المرجوّة
من وراء إقامتها وتنفيذها .
ولكنّنا نُريدُ الرجل المُناسب في المكان المُناسب فقط ..!
نريدُ الرجل الحكيم الفاهم الواعي المُدرك لحقوق وواجبات هذه القبيلة ويعرفُ حقائقها وطموحاتها وإهتماماتها على وجه التّحديد ..!
أمّا بالنسبةِ للمُحتفى بهِ وعريس هذه الإحتفاليّة الأدبيّة .. فليسَ بحاجةٍ لشهادتي أو حتّى إشادتي
فهو غنيٌّ عن التّعريف والمعرّفُ لا يعرّف .
ولكن الشّاعر الكبير والعملاق / عيضة بن طوير , يستحقُّ أكثر من ذلك دون جدال , فما قدّمهُ وضحّى بهِ للقبيلة من سنينِ عمرهِ وحياته , لن تكافؤهُ عليه مجرّد إحتفاليّة أو ملتقى أدبي للإشادة بشاعريّته وشعره , ولذلك أطمحُ بالكثير والكثير لشاعرنا الكبير القدير , فهو هامةٌ وقامةٌ عملاقة , وعلمٌ من الأعلامِ الشّعريّة التي لا يشقُّ لها غبار .
أتمنى أن يعكس هذا المُلتقى وهذا المهرجان الأدبي الإحتفالي , الصّورة الحقيقيّة المُشرّفة والمُشرقة التي تليقُ بقبائل بني مالك عموماً , وأن يكونُ إنعكاساً حقيقياً لإظهارِ مكانةِ
وحجم الشّاعر القدير ــ أبو منير ــ المُحتفى بهِ .
وفّقَ الله الجميع لما فيهِ خير وصلاح قبائل بني مالك عموماً وسدّد على طريقِ الحكمةِ والعقل خطاهم .
تحيّة طيبة للجميع وأعذبُ المنُى ,,,