الحجاز

أسيرالشوق

المراقب العام
إنضم
18 أكتوبر 2007
المشاركات
55,079
مستوى التفاعل
48
النقاط
48
الحجاز
1550013666-f98f3.jpg
حاجز بين اليمن والشام وهو مسيرة شهر قاعدتها مكة حرسها الله تعالى لا يستوطنها مشرك ولا ذمي كانت تقام للعرب بها أسواق في الجاهلية كل سنة فاجتمع بها قبائلهم يتفاخرون ويذكرون مناقب آبائهم وما كان لهم من الأيام ويتناشدون أشعارهم التي أحدثوا‏.‏
وكانت العرب إذا أرادت الحج أقامت بسوق عكاظ شهر شوال ثم تنتقل إلى سوق مجنة فتقيم فيه عشرين يوماً من ذي القعدة ثم تنتقل إلى سوق ذي المجار فتقيم فيه إلى الحج والعرب اجتمعوا في هذه المواسم فإذا رجعوا إلى قومهم ذكروا لقومهم ما رأوا وما سمعوا‏.‏
عن ابن عباس رضي الله عنه ان وفد اياد قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم‏:‏ أيكم يعرف قس بن ساعدة قالوا‏:‏ كلنا نعرفه‏.‏
قال‏:‏ ما فعل قالوا‏:‏ هلك‏!‏ فقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما أنساه بعكاظ في الشهر الحرام على حمل أورق وهو يخطب الناس ويقول‏:‏ أيها الناس اسمعوا وعوا من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آت آت إن في السماء لخبراً‏:‏ سحائب تمور ونجوم تغور في فلك يدور‏.‏
ويقسم قس قسماً ان لله ديناً هو أرضى من دينكم هذا‏!‏ ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون ارضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا فناموا ثم قال‏:‏ أيكم يروي شعره فقال أبو بكر‏:‏ أنا أحفظه يا رسول الله فقال‏:‏ هات فأنشد‏:‏ في الذّاهبين الأوّلين من القرون لنا بصائر لمّا رأيت موارداً للموت ليس لها مصادر ورأيت قومي نحوها تمضي الأكابر والأصاغر أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر لا يرجع الماضي ولا يبقى من الباقين غابر قال ابن عباس رضي الله عنه‏:‏ ذكر قس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ رحم الله قساً إني لأرجو أن يأتي أمة واحدة‏.‏
حكى رجل من ثقيف انه رأى بسوق عكاظ رجلاً قصير القامة على بعير في حجم شاة وهو يقول‏:‏ أيها الناس هل فيكم من يسوق لنا تسعاً وتسعين ناقة ينطلق بها إلى أرض وبار فيؤديها إلى حماله صبار قال‏:‏ فاجتمع الناس عليه يتعجبون منه ومن كلامه وبعيره‏.‏
فلما رأى ذلك عمد إلى بعيره وارتفع في الهواء ونحن ننظر إليه إلى أن غاب عن أعيننا‏.‏
ويكثر لأهل الحجاز الجذام لفرط الحرارة يحرق أخلاطهم فيغلب على مزاجهم السوداء سوى أهل مكة فإن الله كفاهم ذلك‏.‏
وبها أشجار عجيبة كالدوم وهو شجر المقل قيل‏:‏ إنها شجر النارجيل في غير الحجاز والعنم ولها ثمرة طويلة حمراء تشبه أصابع العذارى والاسحل شجر المساويك والكنهبل والبشام قالوا‏:‏ هو شجر البلسان بمصر والرتم والضال والسمر والسلع‏.‏
وبها جبل الحديد وهو في ديار بجيلة ويسمى جبل الحديد إما لصلابة حجره أو لأنه معدن الحديد‏.‏
أسرت بجيلة تأبط شراً فاحتال عليهم حيلة عجيبة وذاك أن تأبط شراً وعمرو بن براق والشنفرى خرجوا يرون بجيلة فبدرت بهم بجيلة فابتدر ستة عشر غلاماً من سرعانهم وقعدوا على ما لهم وأنذر تأبط شراً بخروج القوم لطلبة فشاور صاحبيه فرجعوا إلى قلة هذا الجبل وإنه شاهق مشمخر وأقاموا حتى يضجر القوم وينصرفوا فلما كان اليوم الثالث قالا لتأبط شراً‏:‏ رد بنا وإلا هلكنا عطشاً‏!‏ فقال لهما‏:‏ البثا هذا اليوم فما للقوم بعد اليوم مقام‏.‏
فأبيا وقالا له‏:‏ هلكنا فرد بنا وفينا بقية‏.‏
قال‏:‏ هبطا‏.‏
فلما قربوا من الماء أصغى تأبط شراً وقال لصاحبيه‏:‏ إني لأونس وحبيب قلوب الرصد على الماء‏!‏ قالا‏:‏ وجيب قلبك يا تأبط‏!‏ قال‏:‏ كلا ما وجب وما كان وجاباً ولكن رد يا عمرو واستنقض الموضع وعد إلينا‏.‏
فورد وصدر ولم ير أحداً فقال‏:‏ ما على الماء أحد‏.‏
فقال تأبط شراً‏.‏
بلى ولكنك غير مطلوب‏.‏
ثم قال‏:‏ رد يا شنفرى واستنقض الموضع وعد‏.‏
فورد الشنفرى وشرب وصدر وقال‏:‏ ما رأيت على الماء أحداً‏.‏
قال تأبط شراً‏:‏ بلى ما يريد القوم غيري‏!‏ فسر يا شنفرى حتى تكون من خلفهم بحيث لا يرونك وأنت تراهم فإني سأرد فأؤخذ وأكون في أيديهم فابدلهم يا عمرو حتى يطمعوا فيك فإذا اشتدوا عليك ليأخذوك وبعدوا عني فابدر يا شنفرى حل عني وموعدنا قلة جبل الحديد حيث كنا وورد تأبط شراً وشرب الماء فوثب عليه القوم وأخذوه وشدوا وثاقه فقال تأبط شراً‏:‏ يا بجيلة إنكم لكرام فهل لكم أن تمنوا علي بالفداء وعمرو بن براق فتى فهم وجميلها على أن تأسرونا أسر الفداء وتؤمنونا من القتل ونحن نحالفكم ونكون معكم على أعدائكم وينشر هذا من كرمكم بين أحياء العرب قالوا‏:‏ أين عمرو قال‏:‏ ها هو معي قد أخره الظمأ فلم يلبث حتى أشرف عمرو في الليل فصاح به تأبط شراً‏:‏ يا عمرو إنك لمجهود فهل لك أن تمكن من نفسك قوماً كراماً يمنون عليك بالفداء قال عمرو‏:‏ أما دون أن أجرب نفسي فلا‏.‏
ثم عدا فلا ينبعث فقال تأبط شراً‏:‏ يا بجيلة دونكم الرجل فإنه لا بصر له على السعي وله ثلاث لم يطعم شيئاً‏!‏ فعدوا في أثره فأطمعهم عمرو عن نفسه حتى أبعدهم وخرج الشنفرى وحل تأبط شراً وخرجا يعدوان ويصيحان‏:‏ يعاط يعاط‏!‏ وهي شعار تأبط شراً فسمع عمرو أنه نجا واستمر عدواً وفات أبصارهم واجتمعوا على قلة الجبل ونجوا ثم عادوا إلى قومهم فقال تأبط شراً في تلك العدوة‏:‏ يا طول ليلك من همٍّ وإبراق ومرّ طيف على الأهوال طرّاق تسري على الأين والحبّاب مختفياً أحبب بذلك من سارٍ على ساق لتقرعنّ عليّ السّنّ من ندمٍ إذا تذكّرن مني بعض أخلاق نجوت فيها نجاتي من بجيلة إذ رفعت للقوم يوم الرّوع أرفاقي لمّا تنادوا فأغروا بي سراعهم بالعيلتين لدى عمرو بن برّاق لا شيء أسرع مني ليس ذا عذرٍ ولا جناح دوين الجوّ خفّاق أو ذي حيودٍ من الأروى بشاهقةٍ وأمّ خشفٍ لدى شثٍّ وطبّاق وقلّةٍ كشباة الرّمح باسقةٍ ضحيانةٍ في شهور الصّيف مخراق بادرت قلتّها صحبي وقد لعبوا حتى نميت إليها قبل إشراق ولا أقول إذا ما خلّةٌ صرمت‏:‏ يا ويح نفسي من جهدي وإشفاقي‏!‏ لكنّما عولي إن كنت ذا عولٍ على ضروبٍ بحدّ السّيف سبّاق سبّاق عاديةٍ فكّاك عانيةٍ قطّاع أوديةٍ جوّاب آفاق‏!‏ وبها جبل رضوى وهو جبل منيف ذو شعاب وأودية يرى من البعد أخضر وبه مياه وأشجار كثيرة زعم الكيسانية أن محمد بن الحنفية مقيم به وهو حي بين يدي أسد ونمر يحفظانه وعنده عينان نضاختان تجريان بماء وعسل ويعود بعد الغيبة يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وهو المهدي المنتظر وإنما عوقب بهذا الحبس لخروجه على عبد الملك بن مروان وقلبه على يزيد بن معاوية وكان السيد الحميري على هذا المذهب ويقول في أبيات‏:‏ ألا قل للوصيّ‏:‏ فدتك نفسي‏!‏ أطلت بذلك الجبل المقاما ومن جبل رضوى يقطع حجر المسن ويحمل إلى البلاد‏.‏
وبها جبل السراة قال الحازمي‏:‏ إنها حاجزة بين تهامة واليمن وهي عظيمة الطول والعرض والامتداد ولهذا قال الشاعر‏:‏ قال أبو عمرو بن العلاء‏:‏ أفصح الناس أهل السروات أولها هذيل ثم بجيلة ثم الأزد أزد شنوءة‏.‏
وإنها كثيرة الأهل والعيون والأنهار والأشجار وبأسفلها أودية تنصب إلى البحر وكل هذه الجبال تنبت القرظ وفيها الأعناب وقصب السكر والاسحل وفيه معدن البرام يحمل منه إلى سائر البلاد‏.‏
وبها جبل قنا وهو جبل عظيم شامخ سكانه بنو مرة من فزارة وحظ صاحبة قنا مشهور قال الشاعر‏:‏
أصبت ببرّةٍ خيراً كثيراً ** كأخت قنا به من شعر شاعر
وهو ما ذكر أن نصيباً الشاعر اجتاز بقنا ووقف على باب يستسقي فخرجت إليه جارية بلبن أو ماء وسقته وقالت له‏:‏ شبب بي‏!‏ فقال لها‏:‏ ما اسمك قالت‏:‏ هند‏.‏ فأنشأ يقول‏:‏
أحبّ قناً من حبّ هندٍ ولم أكن ** أبالي أقرباً زاده الله أم بعدا
أروني قناً أنظر.... إليه فإنّني ** أحبّ قناً إنّي رأيت به هندا‏!‏
فشاع هذا الشعر وخطبت الجارية وأصابت خيراً بسبب شعر نصيب‏.‏
وبها جبل يسوم في بلاد هذيل قرب مكة لا يكاد أحد يرتقيه ولا ينبت غير النبع والشوحط تأوي إليه قرود تفسد قصب السكر في جبال السراة وأهل جبال السراة من تلك القرود في بلاء وفي الأمثال‏:‏ الله أعلم بمن حطها عن رأس يسوم قيل‏:‏ إن رجلاً نذر ذبح شاة فمر بيسوم فرأى فيه راعياً فاشترى منه شاةً وأنزلها من الجبل وأمر الراعي بذبحها وتفريقها عنه وولى‏.‏
فقيل له‏:‏ إن الراعي يذبحها لنفسه‏!‏ فقال‏:‏ الله اعلم بمن حطها عن رأس يسوم‏.‏
وبها عين ضارج عين في برية مهلكة بين اليمن والحجاز في موضع لا مطمع للماء فيه‏.‏
حدث إبراهيم بن إسحاق الموصلي أن قوماً من اليمن أقبلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فضلوا الطريق ومكثوا ثلاثاً لم يجدوا ماء وأيسوا من الحياة إذ أقبل راكب على بعير له وكان بعضهم ينشد‏:‏ ولما رأت أن الشّريعة همّها وأنّ البياض من فرائصها دامي تيمّمت العين التي عند ضارجٍ يفيء عليها الظّلّ عرمضها طامي فقال الراكب‏:‏ من قائل هذا الشعر قالوا‏:‏ امرؤ القيس‏.‏
قال‏:‏ والله ما كذب‏!‏ هذا ضارج وأشار إليه فحثوا على ركبهم فإذا ماء عذب وعليه العرمض والظل يفيء عليه فشربوا ريهم وحملوا ما اكتفوا فلما أتوا رسول الله قالوا‏:‏ يا رسول الله أحيانا الله ببيتين من شعر امريء القيس وأنشدوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ذاك رجل مذكور في الدنيا شريف فيها منسي في الآخرة خامل فيها يجيء يوم القيامة ومعه لواء الشعراء إلى النار‏.‏وبها عين المشقق‏.‏
 

أريج الروح

مراقبة المنتديات العامة
إنضم
28 ديسمبر 2017
المشاركات
11,395
مستوى التفاعل
2
النقاط
38
موضوع قيم
تسلم يداااك

ودي وتقديري لك اخي اسير الشوق

:t3:
 
أعلى