اسير العشق
Active Member
ماهو الحب ؟ الحب قد تكون كلمة الحب هي الأقل من حيث حروفها لكنها الأبلغ من حيث معانيها. ( الأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها ائتلف ،وما تـناكر منها اختلف ..) حديث نبوي شريف من لم يستطع إن يعيش المحبة الإنسانية الطبيعية بشموليتها عاجزٌ من الارتقاء إلى سلم المحبة الإلهية وما من كاتب وشاعر دخل محراب الحب إلا وهو طامحٌ إلى اكتساب أكثر عدد من القراء إليه ، لأنه يدرك إي منزلة للحب في القلوب. قال الأصمعي : سألت إعرابية عن العشق فقالت جل والله عن أن يرى ، وخفي عن أبصار الورى ، فهو في الصدور كامن ككمون النار في الحجر، إن قدحته أورى ، وان تركته توارى ) ولعل أجمل ما قالته الأعرابية بأنه النار الكامنة في الحجر ، وفي ذلك دلالة فلسفية لعلاقة الروح بالجسد فهذه الروح إن زكيتها بالحب والعشق اخضرت وأينعت وأعطت ثماراً يانعة تأتي أكلها لكل محب ، و إن أوريت فيها البغضاء تحولت إلى رمادٍ يتطاير هباءً منثوراً. مراتب الحب ودرجاته : إن مراتب الحب تبدأ بالسماع والنظر فيتولد عنهما الاستحسان ، ثم يقوى فيصير مودة ، ثم تقوى المودة فتصبح محبة ، وتقوى المحبة فتصبح خلة ثم تقوى الخلة فتوجب الهوى ، فإذا قوي الهوى صار عشقاً ، ثم يزداد العشق فيصير ولهاً ، وهو قمة ما يبلغه المحب. إلا أن الباحثون قد اختلفوا في درجات الحب تبعاً لأحوال الزمان والمكان والمعارف والأحوال ، وفي هذا يرى الثعالبي أن درجات الحب تصاعدياً تبدأ : 1- العلاقة : وهي الحب اللازم للقلب . 2- الكلف : شدة الحب . 3- العشق : أعلى مراتب الحب . 4- الشغف : إحراق الحب للقلب لأنه بلغ شغافه، وفي سورة يوسف (ع) .. وردت الجملة (قد شغفها حباً) 5- الجوى :الحب الباطني . 6- التيم : وهو أن يستعبد الحب صاحبه ومن هنا يقال رجل متيم . 7- التبل : وهو أن يسقمه الهوى وفي هذا يقال رجل متبول (بانت سعاد وقلبي اليوم متبول ...) . 8- الهيام : وهو إن يذهب على وجهه لغلبة الهوى ،رجلٌ هائم مصطلحات الحب: ورد في لسان العرب مصطلحات عديدة للحب حملت في بعضها الشيء ونقيضه ومما جاء فيه : الحب نقيض البغض ، الحب الزرع ، وحبة الشيء لبه وخلاصته ، وحبة القلب سوداؤه. الصبابة هي الشوق ورقته وحرارته ، أما العلاقة فهي مأخوذة من العلق بمعنى نشب وتعلق عليه ، والعلاقة الحب والهوى الملازم للقلب و الخلة من الخليل الذي لا عيب فيهولا خلل ، أما العشق فهو فرط المحب بالمحبوب وقال ابن عربي : سمي العاشق عاشقاً لأنه يذبل كما تذبل اللبلاب إذا قطعت . آداب الحب : أول هذه الآداب هي العفة ، والمراتب التي ذكرت سابقاً ، والتي تتدرج من النظرة والاستحسان إلى أن تبلغ الوله حيث مكانة فيها للشهوة والرغبة الجنسية ،بل إن تدقيق معاني تلكالمراتب لا نرى فيها إلا حالات ميلنفسية ورغبة في إيناس المحبوب و إثارة على النفس وقديماً قالوا: ( من كان ظريفا فليكن عفيفا) ، من هنا نرى العلاقة بين كياسة السلوك وعفة الشعور ، وما يبوح عنه من قول و فعل لان من يضمر الإستشهاء ويقوم إعجابه على مفاتن الجسد ، ينكشف سره ، ويتعثر قدمه ، ويزل لسانه ، ويضطرب جنانه و يتساقط الطلاء الزائف ، وتبدو المخالب من تحت قفازات الحرير المستعارة وهو في مراحله الأولى أما حين يسلك العفة و يبتعد عن مواطن الزلل فان رحيق الحب الصافي سيجنى له وفي هذا يقول الشاعر مسعد بن كدام : تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الإثم والعار تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار علامات الحب : عندما كان التعبير عن الحب الكامن أمر غير مستحب ذهب الحبيب إلى التغني بظواهر الطبيعة ،وكل ما يقع ناظريه عليه مستخدما مفردات عديدة للتعبير ، فحيناً يقف عالي أطلال الحبيبة يخاطب رسماً درس : قفا ودعا نجداً ومن حل بالحمى وقل لنجد عندنا ان يودعا بنفسي تلك الارض ما أطيب الربى وما أحسن المصطاف والمتربعا. او يرى في نسيم الصبا رسائل عشق من ابعد عن ناظريه قسراً ويا نسيم الصبا بلغ تحياتنا من لوعلى البعد حياًكان يحينا وتراه في غمرة المعركة يرى فيلمعان السيوف المتقابلة لون ومبسم حبيبته فيزداد قوة و بسالة و ولها ، كما عبر عنترة بن شداد : وودت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم أو قد تكون علامات الحب مادية بادية على جسده وهنا وقد فسر الطب ذلك بان الحرارة المتولدة من الحزن على فراق أو بعد الحبيب تنحاز إلى القلب ومنه إلى سائر أعضاء البدن ثم تتصاعد إلى الدماغ فتولد كمون حراري ينصرف دمعاً غزيراً ، أو دماً ، وفي كلتا الحالتين يظهر شحوباً وضعفاً عاماً (ابن داود) آفات الحب : يتعرض الحب لآفات كثيرة بعضها نفسي نابع من أحوال المحب أو المحبوب، وبعضها خارجي من تدخلالآخرين محبة أو بغضاً وحسداً ، و بعضها من الزمن القاهر ويمكن تحديد بعض هذه الآفات بالاتي: 1- بوح الحبيب للمحبوب بما له في قلبه من منزلة ، فلكتمان حتى عن المحبوب هو الأكثر أمانا لان المحبوب إذا وقع له اليقين استغنى عن التعرف ، وإذا حصل له الود استغنى عن التالف ، فعند ذلك يقع البغض من غير ذنب والإعراض من غير وجد لسكون القلب الواثق لان حركة شغاف القلب هي النار الدافئة التي تجعل الحب متجدداً . 2- سوء الظن الذي قد يكون مبعثه توتر الحب من إحدى الطرفين لعجزه عن امتلاك المحبوب لقصور في التعبيرأو عجز في التقابل بمعناه الشمولي نابع عن سوء فهم المحب لحبيبته، لغموض مصطنع أو للطبيعة المبهمة للآخر. 3-العتاب إن كان ضمن حدوده دالة حب وشدة تعلق ، لكن اعتماد العتاب بشكل مستمر يقود إلى مقولة ابن حزم: (من عاتب على كل ذنب أخاه ، فخليق به أن يمله و يقلاه). 4- تحول البعض إلى رقباء ووشاة يفسدون مابين الحبيب والمحبوب ويمنعون الوصال ، ويضخمون الكلام ، ويسلكون سبيل الفتنة بدلالوفاق أو قد تكون الرقابة نتيجة الحسد والغيرة ومحاولة امتلاك المحبوب ومنعا لآخرين من النظر إليه ولعل قصة قتل ديك الجن لجاريته وغلامه نتيجة سوء الظن والغيرة دليل على مخاطر هذه الآفة و يصف المشهد شعراً : حكمت سيفي في مجال خناقها ومدامعي تجري على خديها رويت من دمها الثرى ولطالما روى الهوى شفتي من شفتيها ما كان قتيلها لأني لم أكن ابكي إذا سقط الذباب عليها لكن بخلت على العيون بلحظها و أنفت من نظر العداة إليها 5- الغدر من احد الطرفين نتيجة تقدم السن ، أو مرض عضال مما يؤدي إلى قصور في الواجبات فيخبوا الحب قليلاً ، ويسوء الظن. 6-التفاوت الاجتماعي والثقافي والاقتصادي الذي قد يؤدي إلى إشكاليات إن لم يحسن المحب تجاوزها ، و قد تتحول هذه الفروق إلى طاقة ايجابية يعشعش الحب ويزهو . إنه الحب أبجدية السماء و رسالة الأنبياء
