اسباب العنف عند الشباب

ابوعبدالعزيز الشوقبي

مشرف الترحيب والمناسبات
إنضم
7 فبراير 2012
المشاركات
7,140
مستوى التفاعل
25
النقاط
48
الإقامة
تبوك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصص عنف الشباب لا تكاد تحصى لكثرتها.. لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن مأساة جديدة، أو حادثة عجيبة فريدة، حتى أصبح الأمر ظاهرة تحتاج إلى نظر في أسبابها وآثارها وكيفية علاجها.
ولا يخفى على ذي عين باصرة مظاهر العنف التي ملأت أرجاء الأرض، وأركان الدنيا، وشباب العالم، والتي لم يصبح أبناؤنا بمعزل عنها ولا شبابنا منها ببعيد؛ فقد طالتهم كما طالت غيرهم، وليس هذا بمستغرب بعد أن أصبح العالم صغيرا متقاربا كأنه يعيش في مكان واحد، وبعد العولمة التي غزت العالم وكنا نحن المسلمين وأبناء الشرق أكثر المتأثرين بها والمتضررين منها. وكذلك بعد أن تشابهت أسباب ذلك العنف بين شباب العالم في معظمها أو في بعضها غير القليل على أقل تقدير.
فمن مظاهر هذا العنف
حوادث القتل بأنواعها، وزيادة حوادث الاختطاف، وانتشار أعمال البلطجة، وكذلك عنف الشباب مع آبائهم وأمهاتهم، وإخوانهم وأخواتهم، وجيرانهم والناس من حولهم.. وكذلك من أوضح هذه المظاهر العنف في المدارس ـ سواء في ذلك البنين والبنات ـ والشللية في المتوسطات والثانويات، وسوء المعاملة مع المدرسين والمسؤولين، وكسر الممتلكات العامة وحرقها، وحوادث الاغتصاب وفعل الفواحش بالقهر والقوة وتحت تهديد السلاح، وكثرة المعارك بين الشباب والتي يستخدم فيها الأسلحة البيضاء والسيوف والسلاسل الحديدية وغيرها من المظاهر المنتشرة بين الشباب.

ولا شك أن هذه الظاهرة لها أسبابها التي أدت إليها أو ساعدت عليها:
ومن هذه الأسباب
العنف الأسري: والمتمثل في الضرب المبرح للأبناء، ودوام التوبيخ والتجريح والنقد والتحقير، وعدم وجود أي عبارات للتشجيع والثناء والمديح، والتكليف بما لا يطاق أحيانا، ومحاولة بعض الآباء أن يحقق ابنه ما فشل هو في تحقيقه؛ كأن يجبره على سلوك عمل معين، أو دراسة شيء معين هو لا يحبه ولا يهواه.. وقد عد كثير من العلماء النفسيين والمحللين والمتخصصين هذا من أكبر أسباب العنف لدى الأبناء إذ إن النشأة عليها دور كبير ومعول عظيم في تشكيل نفسية الناشئ.. ثم قد يكون هذا العنف من أحد الأبوين أو من كليهما ناتجا عن تربيتهما الأولى وموروثا عنها فيخرج الوالد عنيفا ويتعامل مع أبنائه كما تعومل معه.. أو بسبب تعاطيهما أو أحدهما المخدرات والمسكرات التي تعد من أسباب العنف في البيوت، وكذلك الثقافة الخاطئة أو سوء الفهم باعتقاد الأب أن الغلظة في التعامل هي الرجولة وهي القوامة، وهو لا شك مفهوم خاطئ، وقد كان صلى الله عليه وسلم أعظم الناس رجولة ومع ذلك كان أكثرهم رأفة ورحمة.

الشعور بالنقص: كذلك من أسباب العنف، ويكثر في الأيتام، أو الأبناء غير الشرعيين، وهؤلاء إن لم يحاطوا برعاية وعناية نشؤوا ناقمين على مجتمعاتهم، فيكثر فيهم التجبر والعصيان والانحراف إلا من رحم الله.
وربما كان الشعور بالنقص ناتجا عن سوء تربية في البيت أو سوء معاملة من مدرس أو مسؤول. ولهذا نلفت أنظار المربين خصوصا المدرسين، أن يحذروا جرح الطلاب ووسمهم بالنقص لأنه إذا أحدث فيه نقصا فسيحدث فيه ذلك ـ في الغالب ـ دافعا أن ينتقم، فإن لم يستطع أن ينتقم من أستاذه تحول إلى العنف مع أصحابه ليغطي هذا النقص الذي أصابه.

وللثقافة التي ينشرها الإعلام ـ خاصة المرئي منه ـ الدور الأكبر في نشر ثقافة العنف بين الشباب، فأفلام الرعب، وأفلام "الأكشن" كما يسمونها، ولون الدماء التي تغطي كل شيء فيتعود الإنسان على رؤيتها، مع تبجيل أصحاب البطولة في هذه الأفلام والمسلسلات حتى يتوهم الشاب أن البطولة في الضرب والقتل والسلب والنهب وتصبح هذه الثقافة هي السائدة، خصوصا حين يتقمص الصبي دور البطل ويعيش معه في عقليته وداخليته. دون نظر للتاريخ الذي يحكي عنه الفيلم أو المسلسل، أو النظر للاختلاف بين الواقع المعاش وزمن القصة المرئية. ولكنها شئنا أم أبينا ثقافة تتسلل إلينا وإلى شبابنا.

وأهم من هذا كله أن الإعلام جعل هؤلاء هم القدوة، يتصدرون صفحات الجرائد والمجلات، ويعتلون المنابر الإعلامية، ويستضافون على موائد برامجها، وكأنهم أبطال حقيقيون مما يجعل الأبناء يتمنون أن يكونوا أمثالهم فعلا.
ووسائل الإعلام أيضا حين تكرس لمفهوم الفوارق الاجتماعية بين الأفراد بما تبثه وتطرحه فهي تكرس في ذات الوقت لزيادة العنف بين أصحاب الطبقات المهمشة والمهملة إعلاميا على الأقل.

انتشار البطالة بين الشباب: وعدم توفير فرص للعمل مما يصيب بالشعور بالإحباط وخيبة الأمل واليأس من المستقبل، وعدم القدرة على فتح بيت وتكوين أسرة مع تأخر سن الزواج المتزامن مع التطرف الشديد في ملابس الفتيات ومشاهد العري في القنوات مما يؤدي إلى الكبت الداخلي، والذي يعبر عنه غالبا في صورة من صور العنف الخارجي.


ضعف الفهم للدين: وهذا من ضمن الأسباب فقد يكون هناك ضلال في فهم الشاب ـ كما في بعض الجماعات المتطرفة والتي تتخذ من العنف وسيلة للتعبير عن أفكارها وآرائها.

وقد يكون عنف الخطاب الديني عند بعض المتصدرين والمتحدثين باسم الدين، والشحن الزائد عن الحد، أو مطالبة المدعوين بما لا يطيقونه، وعدم مراعاة حال الناس وواقعهم وحدود إمكانياتهم.. هذا كله مما يزيد التوتر عند السامعين وينعكس عليهم عنفويا.. لكننا ننبه أن هذا الخطاب لا يكون إلا عند تصدر غير المتأصلين علميا، وبعض من لا علم عنده، أو تصدر الأصاغر.

أخيرا: ضعف قنوات الحوار بين الشباب والجهات المعنية بحل مشكلاتهم، مع ضعف القدرة على الإقناع الثقافي والديني لدى بعض المتخصصين في الندوات القليلة أو من خلالا وسائل الإعلام، فالكل غالبا يتعامل مع هذه المشكلات بسطحية شديدة دون معالجة حقيقية لتلك المشكلات، أو إيجاد حلول واقعية وسليمة ومشاهدة لا مجرد وعود بل ربما لا توجد هذه الوعود أصلا.


وسائل العلاج
إذا كانت هذه هي بعض الأسباب التي نتجت عنها ظاهرة العنف بين الشباب، فلا شك أن معالجة تلك المشكلة لا يكون إلا بمعالجة تلك الأسباب والبحث في نشر ثقافة تربوية عند الآباء والمربين والمدرسين في كيفية التعامل مع النشء وتوجيههم بعيدا عن الشدة والعنف.

كما أن نشر ثقافة التراحم والتفاهم ونبذ التشدد والاعتماد على العقل وتقديم الأذكياء ومدحهم يساعد في نبذ الاعتماد على العضلات في حل المشكلات.
إننا نناشد المسؤولين عن وسائل إعلامنا الالتفات إلى كل ما يقدم؛ فهو في النهاية يؤدي إلى ترسيخ عقائد ومفاهيم تؤثر سلبا أو إيجابا على عقلية المتلقي وفكره وثقافته، فلابد من العناية بما يعرض على الشاشات أو في الصحف أو غيرها من وسائل الإعلام بجميع أنواعها.. مع التركيز الشديد على إدانة العنف وسياسة أخذ الحقوق بالقوة دون الرجوع إلى القوانين والضوابط الموضوعة.
وإذا كانت البطالة سببا مؤثرا في هذا الباب فإيجاد فرص عمل وشغل الشباب بما يفيد، وتيسير مصادر دخل وأسباب بناء الأسر ضرورة من ضرورات حل هذه المشكلة.
لابد من نشر سياسة الحوار بين الشباب والجهات المعنية، ودراسة المشكلات بكل شفافية وترك الفرصة للشباب ليتحدث عن نفسه وعن حاجاته، وأن يكون المسؤولون عنهم ممن هم أقرب إلى أعمارهم وأفهامهم وعقولهم وأعرف بمتطلبات مرحلتهم.. مع الشفافية والصدق في إيجاد حلول حسب الإمكانيات المتاحة والمتيسرة لدى الدول، دون الوعود البراقة والأماني الكاذبة والتي تعود بمردود معكوس وغير مرغوب.
هذه كانت خطرات، وتبقى الحلول في حيز الأمنيات، ولكننا نسأل الله الأمن لبلادنا والعصمة لأبنائنا وشبابنا والحياة الرغيدة الآمنة الرحيمة لأمتنا ودولنا.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 

أسيرالشوق

المراقب العام
إنضم
18 أكتوبر 2007
المشاركات
55,084
مستوى التفاعل
48
النقاط
48
تسلم يمينك أخي أبو عبدالعزيز

موضوع غاية في الأهمية ونسأل الله الهداية للجميع
 

مشعل بن شويل

مراقب سابق
إنضم
10 أبريل 2010
المشاركات
12,422
مستوى التفاعل
62
النقاط
48
كلام جميل شكراً أخوي الكريم أبو عبدالعزيز
 

ابوعبدالعزيز الشوقبي

مشرف الترحيب والمناسبات
إنضم
7 فبراير 2012
المشاركات
7,140
مستوى التفاعل
25
النقاط
48
الإقامة
تبوك


اسير الشوق
مشعل بن شويل
احمد
ابو عماد
تواجدكم هنا اسعدني كثيرا اسعد الله ايامكم
لكم مني فائق الاحترام
 

احاسيس

مشرفة سابقة
إنضم
10 أغسطس 2010
المشاركات
8,994
مستوى التفاعل
137
النقاط
63
نعم يااخ عبدالعزيز العنف بين الشباب منتشر بجميع المجتمعات و هو تصرف غير مسؤل يؤدي الى الضرر الخطيرو اذى جسمي ونفسي بالاخرين وكل تهديد

كل افعال بااستخدام القوه يسبب اذى نفسي وجسماني والعنف يااخ عبدالعزيز كفانا الله الشر والبلاوي يقسم الى عده

اقسام العنف ضد المعلم وضد الطلاب في مابينهم وايضا بالبيت وبالشوارع العامه سبب العنف وراثي من الاهل

اذا تربى وكبر بداخل جو اسري عنيف بين الاب والام وايضا مشاهده افلام العنف وايضا السبب الرئيسي ضعف الوازع

الديني يؤثر سلبيا على تصرفات البعض لابد يكون فيه تعاون مستمر بين الجهات التعليميه والامنيه وبحث ووتشاور

بين هذه الجهات لتخلص من هذه الظاهره ايجاد توعيه مستمره ومحاضرات ونشر

بالمدارس مختصين نفسيين واجتماعيين ايضا المرشد الطلابي له دور كبير في المدرسه بالتعامل مع هالظاهره

وفي النهايه اشكرك على مواضيعك الهادفه والقيمه

خالص التحايا حفظنا الله من كل شر وسوء
 

فديتك

مراقب إستراحة المنتدى
إنضم
4 نوفمبر 2011
المشاركات
19,906
مستوى التفاعل
25
النقاط
48
الإقامة
الرياض
طرح في غاية الأهميه يهتم بأهم لبنة في المجتمع وهم الشباب االمستهدفين بالدرجة الأولى من قبل أعداء البلد ، مما يستوجب وضع اليد باليد والتكاتف لحمايتهم من هذا الشر المحدق



سلمت أناملك أخي ابو عبد العزيز
 

ابوعبدالعزيز الشوقبي

مشرف الترحيب والمناسبات
إنضم
7 فبراير 2012
المشاركات
7,140
مستوى التفاعل
25
النقاط
48
الإقامة
تبوك
احاسيس
فديتك

تواجدكم هنا اسعدني كثيرا اسعد الله ايامكم
لكم مني فائق الاحترام
 

نيمس بجيلة

Active Member
إنضم
24 نوفمبر 2012
المشاركات
3,816
مستوى التفاعل
7
النقاط
38
ابو عبدالعزيز الشوقبي

الله يبيض وجهك على هيك موضوع

تقبل كل الاحترام والتقدير
 
إنضم
16 نوفمبر 2013
المشاركات
20
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
انتغام من المجتمع ..والحسد...بسبب الفقر والتربيه العنيفه من اﻻبوين....اهم اسباب العنف......شكرا موضوع جيد..في جميع فقراته...والعمل بعدالعلم...هواﻻساس
 
أعلى