ابن السماك وهارون الرشيد وشربة ماء

أريج الروح

مراقبة المنتديات العامة
إنضم
28 ديسمبر 2017
المشاركات
11,395
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

ابن السماك وهارون الرشيد وشربة ماء

577.jpg


هارون الرشيد

كتب- أحمد صوان
كان أميرُ المؤمنين هارون الرشيد يغزو عامًا ويحج عامًا، وكان من أحسن الناس سيرة، فى نفسه ورعيته، فكان يتصدق من صلب ماله فى كل يوم بألف درهم، وكان سريع العطاء جزيله، يحب الفقهاء والشعراء ويعطيهم، لا يضيع لديه بر ولا معروف، وكان يصلى فى كل يوم مائةَ ركعة تطوعًا إلى أن فارق الدنيا، إلاّ أن تعرض له علة، وإذا حج أحج معه مائةٌ من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج أحج ثلاثمائة بالنفقة السابغة والكسوة التامة.
وفى أحد الأيام دخل محمد بن صبح السماك الكوفى على أمير المؤمنين هارون الرشيد، فوافق، ودخل فوجده يرفع الماء إلى فمه ليشرب فقال:‏ ‏ ناشدتك الله يا أمير المؤمنين أن تنتظر به قليلاً. فلما وضع الماء قال له:‏ ‏ أستحلفك بالله تعالى، لو أنك مـُنعت هذه الشربة من الماء، فبكم كنت تشتريها؟
قال:‏ بنصف ملكى.
قال:‏ ‏اشرب هنأك الله.
فلما شرب قال:‏ ‏ أستحلفك بالله تعالى، لو أنك منعت خروجها من جوفك بعد هذا، فبكم كنت تشتريها؟
قال:‏ ‏ بملكى كله. فقال:‏ ‏ يا أمير المؤمنين إن ملكا تربو عليه شربة ماء، وتفضله بولة واحدة، لخليق ألا يـُنافس فيه، فبكى هارون الرشيد، حتى ابتلت لحيته. فقال الفضل بن الربيع، أحد وزرائه، مهلًا يا ابن السماك، فأمير المؤمنين أحق من رجا العاقبة عند الله بعدله فى ملكه، فقال ابن السماك، يا أمير المؤمنين، إن هذا ليس معك فى قبرك غدًا، فانظر لنفسك، فأنت بها أخبر، وعليها أبصر، وأما أنت يا فضل، فمن حق الأمير عليك، أن تكون يوم القيامة من حسناته، لا من سيئاته، فذلك أكفأ ما تؤدى به حقه عليك.‏ ‏ لا شيء أجل من العافية، ولا يدوم ملك إلا بالعدل، ولا ينفع نفسًا إلا ما قدمت، يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئًا، ويوم لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم.
 

أسيرالشوق

المراقب العام
إنضم
18 أكتوبر 2007
المشاركات
55,079
مستوى التفاعل
48
النقاط
48
بارك الله فيك
شكرا لك على المشاركة الرائعة
 
أعلى