سقوط قارون العصـــر ..!!

أبو نواف الفقيه

مشرف سابق
إنضم
30 نوفمبر 2007
المشاركات
6,161
مستوى التفاعل
186
النقاط
63

سقوط قارون العصـر!!



يَعْلَمُ الخبراء الأمريكيون وغيرهم ، أنَّ الأزمة الحقيقية ، والكارثة العظمى ، ليست هي هذا التدهور المريع في الاقتصاد الأمريكي ، الذي أعلـن نهاية حلم القرن الأمريكي الذي جاء به المحافظون الجدد المتصهينون ، ثم مازالوا في سقوط واحــداً تلو الأخر حتى سقطت خزينتهم أخيــراً ، تلك التي أنفقوا منها على مشروعهم ثـمَّ كانت عليهم حسرة.

بل في سقوط وهـم الإله الذي سبَّحت بحمده أمريكا ، وطافت حول عرشه ، وسارت كهنتُه في العالـم ، تبشِّـر البشرية بأنَّه المنقـذ الأوحد ، الذي زعموا أنـه إليه إنتهى التاريخ ، وعلى الخلق جميعا أن يعبدوه ، طوعا بقيود العــار ، أو كرها بالحديد والنار !

ونعني به هنــا ما وصفه الكاتـب أنتوني فاجولا ، في واشنطن بوست : ( سلب واشنطن أكثر فأكثر السلطة الأخلاقية على نشر إنجيل الرأسمالية غيـر المقيدة) ، الذي كما وصف أيضا : (في العقود الثلاثة الماضية ظلت الولايات المتحدة تقود "حملة صليبية" لإقناع غالبية دول العالــم به ) ؟

وقد صـدق الصحفي هوارد لا فرانتشي في مقولته التي نشرتها صحيفة ذي كريستيان ساينس مونيتور الخميس الماضي ، إذ قال : ( إن التصريحات التي انطلقت من أماكن عديدة من العالم ، سواء تلك التي صدرت من إيران ، وفنزويلا ، معتبرة الأزمة نهاية للولايات المتحدة كقوة عظمى , أو البيانات المتحفظة من القادة الأوروبيين بانبلاج عهد جديد متعدّد الأقطاب, كلُّها توصلت إلى نتيجة مفادها أنَّ بنية القوة العالمية المستندة إلى الهيمنة ، والزعامة الأميركية ، تعيش حالة من الفوضى ، ولن تقوم لها قائمة مرة أخرى).

وذكر في المقال أنَّ هذه النتيجة تتفق مع التكهنات بتضاؤل القوة الأميركية عالميا, وهي تكهنات نبعت من احتلال الولايات المتحدة للعراق.

إنَّ الكارثة العظمى التي حلَّت على أمريكا ، هـي هـويُّ صنمها ، وسقوط الثقة به ، وبأنَّ لديها ما تقود به العالـم ، إنـَّه بإختصـار : بداية أفول حضارتها الزائفة.

والأدهى والأمر أنَّ هذا حـدث ، وشهـود الأرض كلهم يشيرون بإتجاه واحد إلى أن سبب هذا الدمار العالمي ، هـو أمريكا ، شهادة واحدة متَّحــدة : أنـتم سبب هذا الفساد العظيم الذي حصل في الأرض .

ولسان حالهـم يقول : لقد قدتـم العالـم زاعمين أنّكـم ستعجلونه أكثر أمنـاً ، فغدا أشـدّ خوفاً ورعبـاً ، وأنـَّكم ستصيرونه أكثر استقراراً ، فأصبح أعظم اضطراباً ، وأنَّـكم ستصنعون عصـر الرفاه تحت ظلال العولمـة ، فأدخلتم العالـم بالداهية الدهياء ، والمصيـبة العمياء ، فدمَّرتـم ما بناه الإقتصاد العالمي في عقـود ، بجشعكم ، وعبادتكم للمادة ، وإنعدام الشعور بالمسؤولية.

ولقد غدا كلُّ شيء واضحا لذوي البصيرة ، فقـد تحطمت غطرسة القوة الأمريكية بيد من احتقرتهـم في أفغانسـتان ، وسخرت منهـم في العراق، ولازالت عاجزة أن تعلن النصـر ، ولازالت خائفة ممـا ستلقـاه لو بقيت ، أوتراه إذا هربـت.

ثم ظهر جميع نفاقها على العالم ، وعرفها الناس كلُّهم على حقيقتها ، وسقطـت سمعتها في دعواها أنها تحمل شعلة الحرية ، وحقوق الإنسان .

ثم أخيـراً تهاوى إلهُهــا الرأسمالي القائم على الربــا والجشع ، الذي كانت تحمل عرشـه على أكتافها ، وتطوف به العالم ، وتُسخِّـر الناس له .

لقـد هُزمـت القوة ، وسقطت الأخـلاق ، وتهاوت القيـم ، فأيُّ شيء بقي في الحضارة ؟!

لقـد تبخَّـر كلُّ شيء في لمـح البصـر كما وصف الله تعالى : ( أمليت لها وهي ظالمة ، ثم أخذتها وإلي المصيـر )

ولم يكن بين انطلاق إعلان الحملة الصليبيَّة ، لإستهداف الإسلام ، وبيـن هذه النتيجة سوى سبع سنيـن !

لقد سقط قارون العصـر ، الرأسمالية الأمريكية ، كنـز كنوز الأرض : ( وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ).

وخسف الله به ، من حيث لم يحتسـب ، وكان يُعرض مستكبـرا عن نصيحة الناصحين : أنْ لاتبـطر في الأرض ، وأحسن إلى الناس ، ولا تفسد.

(إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ، وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ، وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِين )

فكان يستكبـر ، ( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) ،وينسـى أنَّ سنـة الله تعالى ، أن يهلك الطغـاة ، ويجعل المجرمين عبرة،ولكن بعد إمهالهـم : ( أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ ، مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ، وَلاَ يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ )

وجـاء تائهـا من آخر الأرض ، يمشى بأساطيله بطــراً ، يهريق الدماء ، ويقتل الأبريـاء ، ويحتل الشعوب ، ويرهـب القلـوب .

وقـد اغتـرَّ الجاهلـون بظاهر قوِّتـه ، ، وانبهروا بكنوزه وعظمتـه : ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ، قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا : يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ ، إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ ).

وثبت الذين أوتوا العلم ، فحذَّروا الناس من السيـر وراء هذا الصنـم المزيَّـف، والإغتـرار بما يقوله كهنـتُه ، وسدنـتُه : ( وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلاَ يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ ).

ثم جاء وعيد الله تعالى، فبـدا الخلــق كلُّهم عاجزين عن إنقاذ قارون العصـر ، وهـم في حيـرة ، ودهشـة ، كيف خسف الله به ، فلم يكن لـه وليُّ ينصره مــن بأس الله تعالـى ؟! : ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ).

والعجب أن هذا الخسـف إنما حدث بيد أمة الإسلام ، التي لها الفضل على البشرية ، بما تحمـلته من دماء ، وأشلاء ، ودمار ، وتضحيات ، لتوقـف عجلة هذا الصنـم ،وتحطـم طغيانـه الذي ذاق العالم كله ويلاتـه.

ثم هي بعد ذلك مجحودٌ فضلها ، مكذوبٌ سعيها ، محتقـرٌ إنجازها !!

هذا ..ولايخفى أنَّ هذا الحدث المهول الذي دهـم العالم هذه الأيام ، لايعني أنَّ أمريكا ستنتهي وتختـفي ، بل هـي بداية تغيـر استراتيجي على المشهد العالمي ، سينتج منه ما يلي :

نهاية التسيُّد الأمريكي الإقتصادي والسياسي وإلى الأبد.

ولادة نظام عالمي متعدِّد القطبية.

دخول الكيان الصهيوني في مرحلة عصيبة ، تؤذن بقرب نهايته.

تغيرات سياسية كبيرة في النظام العربي .

وأنَّ هذا سيحدث بالتدريج على مدى عقد من الزمن ـ والله أعلم ـ فإنْ كتـب الله تعالى لنا حيـاةً بعد ذلك ، فسنشهد ـ والله أعلم ـ تغيرات كبيرة ، بعض صورهـا : عودة حركة طالبان ، وتغير جذري في باكسـتان ، ومواجهـة إسلاميـة واسعة للمشروع الصفوي ينتهي بفشله ، وبروز حالة إسلامية شاملة ، تتحول إلى نهضة منظمَّة ، فميلاد كيان سياسي إسلامي منافس عالميـَّا .

وسواء قرت أعيـننا بهذا الأمـل ، أم شهـده من بعدنــا ، فنسأل الله تعالى أنْ يكتب لنا أجـر حبِّنـا لعودة الإسلام ، وفرحنا بيوم نرى فيه عـزَّ المسلمين ، أمـّا الإسهام في صنعه ، فنحن أحقـر من ذلك ، وأقـلُّ شأنا ، غير تعلقنا بأمـل أنَّ المرء مع مـن أحب يوم القيامة ، وما خاب من كان أمله بالله تعالى ، وحسبنا الله ونعـم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصيــر
 
إنضم
30 أكتوبر 2007
المشاركات
14,346
مستوى التفاعل
112
النقاط
63
الموقع الالكتروني
www.banimalk.net
اللهم اجمع شمل المسلمين ووحد صفوفهم

اللهم عليك بأعدائك اعداءالدين فهم لا يعجزونك

ابانواف شاكرومقدرلك مجهودك الأكثرمن رائع
 

أبو نواف الفقيه

مشرف سابق
إنضم
30 نوفمبر 2007
المشاركات
6,161
مستوى التفاعل
186
النقاط
63
اخي ابو راكان لك مني باقة ورد طائفي على جهودك الرائعة ومتابعتك المستمرة دونما انقطاع ولا كلل أو ملل اعانك الله واثابك

كم انت جميل
 
التعديل الأخير:
إنضم
22 مايو 2008
المشاركات
363
مستوى التفاعل
7
النقاط
18
الإقامة
أرض الحرميــــن
قراءه واقعيه للاحداث الراهنه على الساحه الدوليه ولاشك ان الدروس التي يجب ان تستفاد كثيره جدا
فياليت قومي ينهضون من غفوتهم وياخذون العبر مما حدث وسيحدث في المستقبل المنظور
ان اي حضاره تقوم على غير المنهج الرباني فهي الى الزوال اقرب فابلامس القريب دولة الالحاد السوفيت
وقبلها امبراطورية بريطانبا الذليله واليوم رأس الكفر امريكا التي تترنح وعما قريب انشا الله نرى تفككها شكرا اخي الكريم حصن خريص على هذا الطرح وفقك الله لكل خير
 

أبو نواف الفقيه

مشرف سابق
إنضم
30 نوفمبر 2007
المشاركات
6,161
مستوى التفاعل
186
النقاط
63
احسنت اخي الغالي ابو نواف الدهيسي

على هذا الطرح الجميل ونسأل الله أن يعجل بسقوطها وليس ذلك على الله بعزيز فهذه بوادر لمن كان له قلب

بوركت اخي الغالي على مرورك الذي اسعدني كثيرا

دمت بصحه وعافية
 

يوم جديد

Active Member
إنضم
29 أغسطس 2008
المشاركات
1,060
مستوى التفاعل
10
النقاط
38
الإقامة
الطائف
good v اشكرك اخوي على الدرايه الواسعه بما يدور حولنا فنحن عامة الناس ننساق وراء التزوق الامريكي ولا نعرف مذا امامنا ولا مذا يخبيء لنا العصر فكانت النتيجه التي سوق لها المراهنون على السوق الحر فقد كتبت في موضوع السوق الحر والواقع المر عن مآسي الانجراف وراء ما هو بالسوق الحر والزيف الكاذب دمت بخير
 
التعديل الأخير:

أبو نواف الفقيه

مشرف سابق
إنضم
30 نوفمبر 2007
المشاركات
6,161
مستوى التفاعل
186
النقاط
63
بارك الله فيك أخي الكريم /يوم جديد
استنتاج جميل وواعي تشكر عليه
دمت حاضراً متفاعلاً مع ما يطرح
 

ابو هااجر

المراقب العام
إنضم
31 أغسطس 2007
المشاركات
30,700
مستوى التفاعل
188
النقاط
63
الإقامة
الرياض
جولة الباطل ساعة وجولة الحق الى قيام الساعة
وخير شاهد دولة الكفر والطغيان وزعيمة الفساد والارهاب امريكا
ها هي تتهاوى عروشها يوماً بعد يوم
اللهم انصر الاسلام والمسلمين
واكتب لنا شرف نصر هذا الدين
شكر الله لك ابا نواف على جميل طرحك
 

مستور العبدلي

Well-Known Member
إنضم
12 أغسطس 2007
المشاركات
1,389
مستوى التفاعل
26
النقاط
48
بارك الله فيك أخي الكريم على مانقلت .,., ونسأل المولى عز وجل أن يعجل بنصر الأسلام والمسلمين وأن يدمر أعداءالدين , ...
 

أبو نواف الفقيه

مشرف سابق
إنضم
30 نوفمبر 2007
المشاركات
6,161
مستوى التفاعل
186
النقاط
63
حياك الله وبياك اخي الغالي ابو هاجر

اسعدني مرورك وتعليقك

دمت موفق لكل خير
 

أبو نواف الفقيه

مشرف سابق
إنضم
30 نوفمبر 2007
المشاركات
6,161
مستوى التفاعل
186
النقاط
63
اخي مستور العبدلي لكم تشرفن بحضورك هنا

ولكم اسعدني مرورك وتعليقك

وفقك الله ورعاك
 

ولدالديره

نبض واحساس راقي
إنضم
20 أغسطس 2007
المشاركات
315
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
اخي الكريم حصن خريص
موضوعك هذا ذوشجون وخصوصا حينما يكون عن دوله مثل امريكا.
ولاكنني اعتقد ان امريكا لن يأتي سقوطها بهذه السهوله لان امريك مسيطره على منابع النفط في العالم كله ..ونحن نعلم هذا !!!!!!
ناهيك عن الاستثمارات التي بداخلها من كبار رجال الاعمال والمؤسسات العالميه.

حينما سقط ما يسمى بالاتحاد السوفيتي لم يكن لديه مثل ما لدى امريكا من حلفا
وامريكا كانت تسعى بكل جهودها في اسقاط الاتحاد السوفيتي بكل الطرق ...
هذا لايعني بان روسيا لاتسعى الان هي والصين على سقوط امريكا ولاكن رغم كل شيئ فأمريكا لها حلفاء يستطيعون بناءها من جديد.....
واخيرا لو ذهبت امريكا جانا العن منهم طالما هذا حالنا.....شكرا لك اخي وارجو قبول مداخلتي ولك مني كل التقدير.....
 

أبو نواف الفقيه

مشرف سابق
إنضم
30 نوفمبر 2007
المشاركات
6,161
مستوى التفاعل
186
النقاط
63
اخي الحبيب ولد الديرة

أشكرك على مرورك وتعليقك الجميل
وردا على سؤالك أكتفيت بهذا النقل لعل فيه الفائدة لي ولك

تأملات ..في أزمة أمريكا


قال صلى الله عليه وسلم « إن حقا على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه » [ رواه البخاري (6501) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ]

لقد بلغت أمريكا ذروة عزها ، ووصلت إلى قمة مجدها ،وها هي اليوم يتهاوى عرشها .. ويهتز كيانها .. ويزول –بإذن الله تعالى- ملكها ووجودها ، وتصبح تلك الدولة التي كانت في يوم من الأيام هي الدولة العظمى في العالم .. وهي العصى التي تضرب الأمم والشعوب .. هي الآن بفضل الله تعالى عاجزة عن حمل نفسها ، مثقلة بجراحها .. جاءها الموت من كل مكان .. وحلت عليها عقوبة الله تعالى .. عقوبة الله تعالى التي لا تمهل الظالم .. فقد أسرفت سنينا ، وأفسدت دهراً .. وعاثت في الأرض الفساد .. سفك للدماء .. واعتداء على أعراض الشرفاء .. ونهب لأموال الفقراء .. وتسلط على الضعفاء حتى صدق عليها قول النبي « إن الله ليملي للظالم ، حتى إذا أخذه لم يفلته . قال : ثم قرأ : (( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد )) . » [ رواه البخاري (4686) من حديث أبي موسى الأشعري ] وصدق عليها قول الجبار جل جلاله (( لاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ))

لله تعالى حكمة في إمهال أمريكا في تلك السنوات ..فمن تلك الحكم :

ـ ابتلاء لأهل الإيمان واختبار لهم .. من يصبر ويدافع وينافح عن دينه .. ومن ينبهر بما يسمى بالحضارة العريقة ويُسبح بحمدهم صباح مساء .

ـ وفيها عبرة لمن طغى وتكبر وتجبر .. أن ذلك مصيره .. وتلك نهايته .. طال الزمان أم قصر .. فنهاية الظلم مريرة .. فكم قتلت أمريكا في بلاد الرافدين ؟! وكم قتلت في بلاد الأفغان ؟!! ولا تزال تقتل وتسفك وتدمر !!

ـ وفيها فضح لأهل النفاق من اللبراليين والعلمانيين ومن سار على دربهم ، واقتفى أثرهم شعر بذلك أو لم يشعر ، فمن ذلك قول بعضهم في جريدة الجزيرة عدد (10866 ) ( والقول إن بإمكاننا أن نعيش بمعزل عن أمريكا والغرب عموماً، في هذا العصر، وفي ظل تجربتنا التاريخية، هو ضربٌ من ضروب التخريف ..) فهاهي أمكم قد وقعت في الفخ وحلت عليها عقوبة الله تعالى فيا ترى ماذا سيفعل هؤلاء عند سقوط أمريكا وزوالها ؟!!

ـ وفيها تثبيت للمؤمنين على دينهم .. وأنه لا قائمة للأمم بلا إسلام ، ولا نظام عادل وكامل وشامل إلا نظام الإسلام في كافة جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية وغيرها .. فأهل الإيمان ينظرون الآن بيقين مصداق قوله تعالى (( يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ )) فها هو الربا يمحق ويذهب اقتصاد بلد هو الأم لكثير من دول العالم .. فما بين طرفة عين وانتباهتها تصبح تلك الدولة العظمى في ورطة تبحث عن المخرج منها ولا مخرج إلا بالإسلام والإسلام فحسب فاللهم ثبتنا على الإيمان يارب العالمين.

ـ وأخيرا ..هل يدرك أهل الحل والعقد بعد أزمة أمريكا خطورة الربا وآثاره الفتاكة في تدمير الاقتصاد !! فقد أقام الله الحجة عليهم وأراهم بأم أعينهم ما صنع الربا في أمريكا ..فهل ينتظرون أن يحل بهم ما حل بغيرهم ـ نسأل الله السلامة والعافية ـ يقول الله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ )) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن تشترى الثمرة حتى تطعم، وقال: ”إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلّوا بأنفسهم عذاب الله“([1]).

نسأل الله أن يقر عيوننا بعز الإسلام ونصر المسلمين عاجلا غير آجل يا رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
 
أعلى