مـــــدد الــــروح..!

أبو نواف الفقيه

مشرف سابق
إنضم
30 نوفمبر 2007
المشاركات
6,161
مستوى التفاعل
186
النقاط
63
قال تعالى
(يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة . إن الله مع الصابرين" )

يتكرر ذكر الصبر في القرآن كثيراً ؛ ذلك أن الله سبحانه يعلم ضخامة الجهد الذي تقتضيه الاستقامة على الطريق بين شتى النوازع والدوافع ؛ والذي يقتضيه القيام على دعوة الله في الأرض بين شتى الصراعات والعقبات ؛ والذي يتطلب أن تبقى النفس مشدودة الأعصاب ، مجندة القوى ، يقظة للمداخل والمخارج ..

ولا بد من الصبر في هذا كله . . لا بد من الصبر على الطاعات ، والصبر عن المعاصي ، والصبر على جهاد المشتاقين لله ، والصبر على الكيد بشتى صنوفه ، والصبر على بطء النصر ، والصبر على بعد الشقة ، والصبر على انتفاش الباطل ، والصبر على قلة الناصر ، والصبر على طول الطريق الشائك ، والصبر على التواء النفوس ، وضلال القلوب ، وثقلة العناد ، ومضاضة الإعراض . .


وحين يطول الأمد ، ويشق الجهد ، قد يضعف الصبر ، أو ينفد ، إذا لم يكن هناك زاد ومدد . ومن ثم يقرن الصلاة إلى الصبر ؛ فهي المعين الذي لا ينضب ، والزاد الذي لا ينفد . المعين الذي يجدد الطاقة ، والزاد الذي يزود القلب ؛ فيمتد حبل الصبر ولا ينقطع . ثم يضيف إلى الصبر ، الرضى والشاشة ، والطمأنينة ، والثقة ، واليقين .

إنه لا بد للإنسان الفاني الضعيف المحدود أن يتصل بالله القوى المتين ، يستمد منه العون حين يتجاوز الجهد قواه المحدودة . حينما تواجهه قوى الشر الباطنة والظاهرة . حينما يثقل عليه جهد الاستقامة على الطريق بين دفع الشهوات وإغراء المطامع ، وحينما تثقل عليه مجاهدة الطغيان والفساد وهي عنيفة . حينما يطول به الطريق وتبعد به الشقة في عمره المحدود ، ثم ينظر فإذا هو لم يبلغ شيئاً وقد أوشك المغيب ، ولم ينل شيئاً وشمس العمر تميل للغروب . حينما يجد الشر نافشاً والخير ضاوياً ، ولا شعاع في الأفق ولا معلم في الطريق ..

هنا تبدو قيمة الصلاة . . إنها الصلة المباشرة بين الإنسان الفاني والقوة الباقية . إنها الموعد المختار لالتقاء القطرة المنعزلة بالنبع الذي لا يغيض . إنها مفتاح الكنز الذي يغني ويقني ويفيض . إنها الانطلاقة من حدود الواقع الأرضي الصغير إلى مجال الواقع الكوني الكبير . إنها الروح والندى والظلال في الهاجرة ، إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود . . ومن هنا كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا كان في الشدة قال : " أرحنا بها يا بلال " . .

ويكثر من الصلاة إذا حزبه أمر ليكثر من اللقاء بالله . إن هذا المنهج الإسلامي منهج عبادة . والعبادة فيه ذات أسرار . ومن أسرارها أنها زاد الطريق . وأنها مدد الروح . وأنها جلاء القلب . وأنه حيثما كان تكليف كانت العبادة هي مفتاح القلب لتذوق هذا التكليف في حلاوة وبشاشة ويسر . .

إن الله سبحانه حينما انتدب محمداً – صلى الله عليه وسلم – للدور الكبير الشاق الثقيل ، قال له :

" يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً . نصفه أو أنقص منه قليلاً . أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً . . إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً " . .

فكان الإعداد للقول الثقيل ، والتكليف الشاق ، والدور العظيم هو قيام الليل وترتيل القرآن .. إنها العبادة التي تفتح القلب ، وتوثق الصلة ، وتيسر الأمر ، وتشرق بالنور ، وتفيض بالعزاء والسلوى والراحة والاطمئنان .
ومن ثم يوجه الله المؤمنين هنا وهم على أبواب المشقات العظام..إلى الصبر وإلى الصلاة..ثم يجيء التعقيب بعد هذا التوجيه
: " إن الله مع الصابرين "

معهم ، يؤيدهم ، ويثبتهم ، ويقويهم ، ويؤنسهم ، ولا يدعهم يقطعون الطريق وحدهم ، ولا يتركهم لطاقتهم المحدودة ، وقوتهم الضعيفة ، إنما يمدهم حين ينفد زادهم ، ويجدد عزيمتهم حين تطول بهم الطريق . . وهو يناديهم في أول الآية ذلك النداء الحبيب : " يا أيها الذين آمنوا " . .

ويختم النداء لذلك التشجيع العجيب :
" إن الله مع الصابرين " .



.
 

عندكم سلف

مجموعة حواء
إنضم
27 أغسطس 2007
المشاركات
1,427
مستوى التفاعل
23
النقاط
38
23283255020090125.gif
 
إنضم
18 فبراير 2009
المشاركات
558
مستوى التفاعل
14
النقاط
18
مشكور على الموضو ع الجيد والاختيار الموفق

دمت في حفظ من الله
ننتظر المزيد
 

أسد عمرين

Well-Known Member
إنضم
27 ديسمبر 2007
المشاركات
8,863
مستوى التفاعل
88
النقاط
48
موضوع قيم جدا

بارك الله فيك ياحصن خريص
 

كونكت

Member
إنضم
1 مارس 2009
المشاركات
183
مستوى التفاعل
6
النقاط
18
بارك الله فيك اخي الكريم وجزاك كل خير
احببت ان اضيف بعض العبارات التي اتمنى من الله ان ينفع بها
الصلاة دواء السقيم وسقم المفرط

انها الصلة بين العبد وربه

بها يجد المؤمن اللذة التي لايعلوها لذه والمنافق يراها كابوس يمتطيه كلما غدى لها او راح

انها الباب المفتوح لجنات عرضها كعرض السماء والأرض
قال صلى الله عليه وسلم (جعلت قرة عيني في الصلاة )
وقد جاء عند الترمذي وحسنه الألباني أنه صلى الله عليه وسلم قال " من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأو لى كتب له براءتان : براءة من النار ، وبراءة من النفاق .

وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما إذا دخل في الصلاة ارتعش واصفر لونه ... فإذا سئل عن ذلك قال : أتدرون بين يدي من أقوم الآن؟؟؟؟؟؟
وكان أبوه سيدنا علي رضي الله عنه إذا توضأ ارتجف فإذا سئل عن ذلك قال : الآن أحمل الأمانة التي عرضت على السماء والأرض والجبال فأبين أن يحملها وأشفقن منها .... وحملتها أنا .
وسئل حاتم الأصم رحمه الله
كيف تخشع في صلاتك ؟؟؟
قال : بأن أقوم فأكبر للصلاة .. وأتخيل الكعبة أمام عيني .. والصراط تحت قدمي ,, والجنة عن يميني والنار عن شمالي ,, وملك الموت ورائي ,, وأن رسول الله يتأمل صلاتي وأظنها آخر صلاة , فأكبر الله بتعظيم وأقرأ وأتدبر وأركع بخضوع وأسجد بخضوع وأجعل في صلاتي الخوف من الله والرجاء في رحمته ثم أسلم ولا أدري أقبلت أم لا ؟؟؟؟؟؟؟؟
يقول سبحانه وتعالى :
(( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ))
يقول ابن مسعود رضي الله عنه
لم يكن بين إسلامنا وبين نزول هذه الآية
إلا أربع سنوات
فعاتبنا الله تعالى فبكينا لقلة خشوعنا لمعاتبة الله لنا ... فكنا نخرج ونعاتب بعضنا بعضا نقول: ألم تسمع قول الله تعالى : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله .... فيسقط الرجل منا يبكي على عتاب الله لنا
الإمام الغزالي يقول : استجمع قلبك في ثلاثة مواضع000
عند قراءة القرآن وعند الصلاة وعند ذكر الموت ... فإن لم تجدها في هذه المواضع فاسأل الله أن يمن عليك بقلب .......فإنه لا قلب لك
ويوصينا حبيبنا صلى الله عليه وسلم ويقول0000
صل صلاة مودع
أسأل الله لي ولكم ان يجعلنا من الخاشعين القائمين الركع السجود وان يهبنا قلوبا حية وأعينا تذرف من خشيته وتهفوا لسماع ذكره وتدبر كتابه الكريم



اعاننا الله على اداءها بالوجه الذي يرضي ربنا عنا ويعيننا بها على الشيطان ومكائده
 

عابد الشباني1

مشرف سابق
إنضم
1 سبتمبر 2008
المشاركات
12,633
مستوى التفاعل
66
النقاط
48
جزاك الله كل خير ....والله يعطيك العافيه
 

أبو نواف الفقيه

مشرف سابق
إنضم
30 نوفمبر 2007
المشاركات
6,161
مستوى التفاعل
186
النقاط
63
كل من مر هنا .. لكم كل الشكر والتقدير والثناء وهم :

عندكم سلف

تاج القلوب

بن قربان

اسد عمرين

دمتم بصحة وعافية
 

أبو نواف الفقيه

مشرف سابق
إنضم
30 نوفمبر 2007
المشاركات
6,161
مستوى التفاعل
186
النقاط
63
الأخ الكريم كونكت

أشكر لك اضافتك القيمة التي تستحق أن تفرد كمشاركة مستقلة
سلمت وسلم فكرك النقيّ

بارك الله فيك وفي حضورك المميز

دمت موفقاً أخي الحبيب
 

أبو نواف الفقيه

مشرف سابق
إنضم
30 نوفمبر 2007
المشاركات
6,161
مستوى التفاعل
186
النقاط
63
الاخ الكريم الجبل الصامد
جزاك الله خيراً على مرورك الطيب

ودمت بخير
 

أبو نواف الفقيه

مشرف سابق
إنضم
30 نوفمبر 2007
المشاركات
6,161
مستوى التفاعل
186
النقاط
63
الأخ عابد الشباني
بارك الله فيك أخي الكريم على مرورك الطيب
 
أعلى