قبل فواآت الأوان..!

إنضم
14 أكتوبر 2010
المشاركات
219
مستوى التفاعل
4
النقاط
18
شدوا وثاقها .. وحرموها ‏حواسها ... وشعرت بأنها موضوعة على ما يشبه الهودج ..

‏في ارتفاعه وحركته



‏سمعت صوت حبيبها وسطهم .. ماله لا يعنفهم ... ماله لا يمنعهم من أخذها ... ‏؟؟؟؟



‏صوت الخطوات الرتيبة تمشي على تراب خشن ... ونسائم فجرية باردة تلامس ‏ثيابها


‏البيضاء .. ورغم أنها لا ترى الا أنها تخيلت الجو من حولها ضبابيا ... ‏وتخيلت


‏الأرض التي هي فيها الآن أرضا خواء مقفرة ..



‏أخيرا توقفت ‏الخطوات دفعة واحدة وأحست بأنها توضع على الأرض .. وسمعت الى


‏جوارها حجارة ترفع ‏وأخرى توضع .. ثم حملت ثانية .. وشاع السكون من حولها ...


‏وأحست بالظلام ينخر ‏عظامها ..



‏ومن أعلى تناهى لسمعها صوت نشيج .... انه ابنها .. نعم هو ... ‏لعله آت لانقاذها


‏؟؟



‏لكن ... ماذا تسمع ؟؟ انه يناديها بصوت خفيض : أمي ..


‏ومن بين الدموع يتحدث زوجها اليه قائلا :


‏تماسك ... انما الصبر عند ‏الصدمة الأولى ... ادع لها يا بني ... هيا بنا ...



‏غلبته غصة ... وألقى ‏نظرة أخيرة على الجسد المسجى ... فلم يتمالك نفسه أن قال


‏بصوت يقطر ألما : لا ‏اله الا الله ... لا اله الا لله ... انا لله وانا اليه ‏راجعون ..



‏كان ‏هذا آخر ما سمعته منه .. ثم صوت الخطوات تبتعد ... الى أين ؟؟؟ أين تتركوني


‏؟؟ ‏كيف تتخلوا عني في هذه الوحدة وهذه الظلمة ؟؟



‏نظرت حولها فاذا هي ترى ....... ‏ترى ؟؟؟


‏أي شيء تستطيع أن تراه في هذا السرداب الأسود ؟؟


‏ان ظلمته ‏ليست كظلمة الليل الذي اعتادته ... فذاك يرافقه ضوء القمر .. وشعاع


‏النجوم ..


‏فينعكس على الأشياء والأشخاص ..


‏أما هنا فانها لا تكاد ترى يدها ... بل ‏انها تشعر بأنها مغمضة العينين تماما


...



‏تذكرت أحبتها وسمعت الخطوات ‏قد ابتعدت تماما فسرت رعدة في أوصالها ونهضت تبغي


‏اللحاق بهم ... كيف يتركونها ‏وهم يعلمون أنها تهاب الظلام والوحدة ؟؟



‏لكن يدا ثقيلة أجلستها بعنف ..



‏حدقت فيما خلفها برعب هائل ... فرأت ما لم تره من قبل ... رأت الهول قد ‏تجسد في


‏صورة كائن ... لكن كيف تراه رغم الحلكة ؟؟



‏قالت بصوت مرتعش : ‏من أنت ؟؟



‏فسمعت صوتا عن يمينها يدوي مجلجلا : جئنا نسألك ...


‏التفت .. ‏فاذا بكائن آخر يماثل الأول ..


‏صمتت في عجز ... تمنت أن تبتلعها الأرض ولا ترى ‏هؤلاء القوم ... لكنها تذكرت أن


‏الأرض قد ابتلعتها فعلا ..



‏تمنت الموت ‏لتهرب من هذا الواقع الذي لامفر منه ... فحارت لأمانيها التي لم تعد


‏صالحة ... ‏فهي ميتة أصلا ..



- ‏من ربك ؟؟


- ‏هاه ..


- ‏من ربك ؟؟


- ‏ربي .. ‏ما عبدت سوى الله طول حياتي ..


- ‏ما دينك ؟؟


- ‏ديني الاسلام ..


- ‏من ‏نبيك ؟؟


- ‏نبيي .......


‏اعتصرت ذاكرتها ... ما بالها نسيت اسمه ؟؟ ألم تكن ‏تردده على لسانها دائما ؟؟


‏ألم تكن تصلي عليه في التشهد خمس مرات يوميا ؟؟


‏بصوت غاضب عاد الصوت يسأل :


- ‏من نبيك ؟؟


- ‏لحظة أرجوك ... لا أستطيع ‏التذكر ...


‏ارتفعت عصا غليظة في يد الكائن ... وراحت تهوي بسرعة نحو رأسها .. ‏فصرخت ....


‏وتشنجت أعضاؤها ... وفجأة أضاء اسمه في عقلها فصرخت بأعلى صوتها :


- ‏نبيي محمد ... محمد ...


‏ثم أغمضت عينيها بقوة ... لكن ..



‏لم يحدث ‏شيء .. سكون قاتل ..



‏فتحت عينيها مستغربة فقال لها الكائن الذي اسمه نكير : ‏أنقذتك دعوة كنت


‏ترددينها دائما ( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك )



‏سرت قشعريرة في بدنها .. أرادت أن تبتسم فرحة .... لكنها لم تستطع ... ليس ‏هذا


‏موضع ابتسام .... ياربي متى تنتهي هذه اللحظات القاسية ..



‏بعد قليل ‏قال لها منكر : أنت كنت تؤخرين صلاة الفجر .....



‏اتسعت عيناها ... عرفت أنه ‏لا منجى لها هذه المرة ... لأنه لم يجانب الصواب ...


‏دفعها أمامه ... أرادت أن ‏تبكي فلم تجد للدموع طريقا ... سارت أمام منكر ونكير


‏في سرداب طويل حتى وصلت ‏الى مكان أشبه بالمعتقلات ...



‏شعرت بغثيان ... وتمنت لو يغشى عليها ... لكن ‏لم يحدث ...


‏فاستمرت في التفرج على المكان الرهيب ...



‏في كل بقعة كان ‏هناك صراخ ودماء .. عويل وثبور ... وعظام تتكسر .. وأجساد تحرق


... ‏ووجوه قاسية ‏نزعت من قلوبها الرحمة فلا تستجيب لكل هذا الرجاء ..



‏دفعها الملكان من ‏خلفها فسارت وهي تحس بأن قدميها تعجزان عن حملها .... واذا


‏بها تقترب من رجل ‏مستلق على ظهره .. وفوق رأسه تماما يقف ملك من أصحاب الوجوه


‏الباردة الصلبه .. ‏يحمل حجرا ثقيلا ... وأمام عينيها ألقى الملك بالحجر على رأس


‏الرجل ... فتحطم ‏وانخلع عن جسده متدحرجا .... صرخت .. بكت .. ثم ذهلت ذهولا


‏ألجم لسانها ..



‏وسرعان ما عاد الرأس الى صاحبه .. فعاد الملك الى اسقاط الصخرة عليه ...


‏هنا .. قيل لها :


- ‏هيا .. استلقي الى جوار هذا الرجل ..


- ‏ماذا ؟؟


- ‏هيا ...


‏دفعت في عنف .. فراحت تقاوم ... وتقاوم .. وتقاوم .. لا فائدة .. ‏ان مصيرها


‏لمظلم .. مظلم حقا ..



‏استلقت والرعب يكاد يقطع أمعاءها .. ‏استغاثت بربها فرأت أبواب الدعاء كلها


‏مغلقة .. لقد ولى عهد الاستغاثة عند ‏الشدة ... ألا ياليتها دعت في رخائها ..


‏ياليتها دعت في دنياها .. ليتها تعود ‏لتصلي ركعتين .. ركعتين فقط .. تشفع لها


..



‏نظرت الى الأعلى فرأت ملكا ‏منتصبا فوقها .. رافعا يده بصخرة عاتية يقول لها :


- ‏هذا عذابك الى يوم القيامة ... ‏لأنك كنت تنامين عن فرضك ...



‏ولما استبد اليأس بها ... رأت شابا كفلقة ‏القمر يحث الخطى الى موضعها .. ساورها


‏شعور بالأمل ... فوجهه يطفح بالبشر ‏وبسمته تضيء كل شيء من حوله ..



‏وصل الشاب ومد يديه يمنع الملك ...


‏فقال ‏له :


- ‏ما جاء بك ؟؟


- ‏أرسلت لها ... لأحميها وأمنعك ؟؟


- ‏أهذا أمر من ‏الله عز وجل ؟؟


- ‏نعم ..


‏لم تصدق عيناها ... لقد ولى الملك .... اختفى .. ‏وبقي الشاب حسن الوجه .. هل هي


‏في حلم ؟؟



‏مد الشاب لها يده فنهضت .. ‏وسألته بامتنان :


- ‏من أنت ؟؟


- ‏أنا دعاء ابنك الصالح لك ... وصدقته عنك .. ‏منذ أن مت وهو لا ينفك يدعو لك


‏حتى صور الله دعاءه في أحسن صورة وأذن له ‏بالاستجابة والمجيء الى هنا ..



‏أحست بمنكر ونكير ثانية ... فالتفتت اليهما ‏فاذا بهما يقولان :


‏انظري .. هذا مقعدك من النار ... قد أبدله الله بمقعدك من ‏الجنة ..

 
أعلى