الأستاذ مصلح بن دمغان
شكرا على المشاركة الرائعة
أود الإضافة .
يؤكد المؤرخون أنّ أرض بجيلة تمتد من غزائل في الجبوب شرقاً الى سفوح قمم جبال السروات المطلة على سهول تهامة غرباً ومن قها شمالاً الى المندق جنوباً
ونظراً للحركة التنقلية للناس بحثاً للرزق أحيانناً وهروباً من الحروب القبلية لأسباب
بالنسبة لحدود بجيلة فأظن المؤرخين لم يأتوا بحقيقتها في الكتب التي بين أيدينا اليوم
ولكن أنا أجزم بأن هناك كنوزا قد فقدت ومنها كتاب لأحد رجالات العرب وهو (اليشكري) وفيه يتحدث عن
بجيلة تاريخا ونسبا وأرضا إلا أن هذا الكتاب يعتبر من المفقودات وأظنه فقد في العراق أثناء غزو أعداء الإسلام
وتمزيق كيان الأمة الإسلامية .
لكن هناك معلومتين هامتين فواحدة منها تخص الحدود الجنوبية فلقد ذكر في كتاب معجم ماستعجم للبكري بأن حدود بجيلة امتدت الى تربة جنوبا ، ويدعم هذا أن حدود خثعم في الجاهلية وقبل نزوح الازد من اليمن (خثعم بن انمار اخوان بجيلة انمار) كانت تمتد إلى تربة ، فالقولات يدعمان بعضهما ويؤكدان على ان حدود بجيلة كانت الى تربة جنوبا ولازالت الحدود الى تربة الى يومنا هذا .
اما من الناحية الشمالية فهناك معلومة تعود الى القرن السادس او السابع الهجري أي منذو مايقارب 800 سنة تفيد بأن بوا أول حدود بجيلة وهذه المعلومة ذكرها ابن المجاور في كتابه.
فلقد مر خلال رحلته بديار بجيلة وذكر بأن أول حدود بجيلة هي وادي بوا ولا زالت الحدود الى بوا .
وذكر بأن في بجيلة عدة قرى مثل حداد الداهن مهور بالريف وغيرها .. ولازالت هذه القرى تحتفظ باسمائها الى اليوم .
لكن ماقبل تاريخ ابن المجاور كيف كانت الحدود؟ اعتقد بانها كانت اوسع لسبب وهو ان ياقوت الحموي ذكر بان (شقص) من اعمال بجيلة ولا اعلم ان كان يقصد شقصان او يقصد قرية معينة
اندثرت من ديار بجيلة ؟!
هذه المعلومة تعطينا معلومة بأن حدود بجيلة القديمة تقلصت منذو وقت مبكر ارجح بأنه يصل الى عهد ما قبل الإسلام وإلى صدر الإسلام ايضا وذلك لسببين هامين هما :
الاول/ الحروب البجلية- البجلية والتي أدت إلى تفرقهم ومنها الحرب التي بسببها هاجرت قبيلة عرينة والتحقت باربع قبايل ولاتزال فيها وهذه القبايل هي (سبيع وبني تميم وقضاعة .... ) لا اذكر القبيلة الرابعة ، وعرينة لاتزال من قبايل سبيع .
كما ان الحروب البجلية-البجلية ادت الى خروج بعض القبايل البجلية لطلب الاستعانة من قبايل اخرى كما فعلت احدى قبايل بجيلة عندما هاجرت الى نجران واستعانت ببني الحارث بن الكعب (ملوك نجران) على احدى القبايل البجلية الاخرى وانتصرت عليها .
فالحروب البجلية-البجلية من اهم الاحداث التي ادت الى تقلص الحدود البجلية اذ ان الكثير من ديار بجيلة اصبحت خالية من اهلها فقطنها اناس من قبايل عربية اخرى ، ولعل في نزول ثقيف إلى جوار بجيلة في ترعة مايدل على ذلك ، جيث أن ديار ثقيف الاصلية هي بالطايف ولكن تواجدهم في ترعة كان بالشراكة مع بجيلة ولذلك يقول المؤرخون وهم يتحدثون عن السروات ( ... وسراة بجيلة وقد شركتهم ثقيف في بعض منها) وهذا يدل على أن الديار التي يقطنها ثقيف في ترعة ماهي الا ديار بجلية في الاصل ، يدعم ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما تنازع اسد بن بكرز البجلي ورجل من ثقيف حول ملكية الجبل الذي يقطنه الثقفيون (بل الجبل لقسر وعليه ولد ابوهم) .
وهناك شاعر من بجيلة تحدث له بيت لا اذكره الان وكان في الغربة وهو من بني ذبيان بجيلة ، يذكر فيه أنه أتاه خبر أن البجليين تقاتلوا فيما بينهم وتشتتوا وحلت قبايل اخرى في اماكنهم .
الثاني/الجهاد .. فالتاريخ يشهد أن بجيلة كانت من أكثر القبايل العربية سخاء في بذل الارواح والاموال في سبيل الدعوة الى الله ولذلك قاموا بالاعمال التالية منذو وقت مبكر من اسلامهم :
* دعوة ملوك اليمن الى الاسلام وكان لجرير بن عبدالله البجلي الدور الاكبر في ذلك فلقد كان سببا في اسلام بعض من ملوك اليمن المتوجين
*تحطيم صنم ذو الخلصة بقيادة جرير بن عبدالله البجلي وبالاستعانة بقبيلة احمس بجيلة ومعها بعض من بني مالك بجيلة.
*هجرة مايقارب من 400 فارس بجلي الى الشام في عهد ابو بكر الصديق رضي الله عنه وكانوا اكبر قبيلة انضوت تحت لواء الجهاد.
*مشاركة بجيلة في اخماد حروب الردة في عهد ابو بكر رضي الله عنه فلقد سارت جحافلهم حتى وصلت صنعاء وفيها اصبح جرير اميرا على نجران.
* مشاركة بجيلة في القادسية في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكانوا من اكثر القيايل عددا والمؤرخين يختلفون في عددهم فهناك من قال 4000 وهناك من قال 3000 من بينهم الف امراءة ، ولكن الحقيقة تتجلى اكثر في قول قيس بن ابي حازم البجلي عندما قال (كانت بجيلة ربع الناس) .
فهذان السببان من اكثر الاسباب التي ادت الى تقلص حدود بجيلة بالاضافة الى اسباب اخرى ومنها الحروب التي كان يشنها ملوك الحجاز واليمن على بجيلة ولقد ذكرنا بعضها في قسم تاريخ بني مالك فهناك حروب بين بني مالك بجيلة وبين اشراف مكة منذو مايزيد على 700 سنة ومن الحروب ماكان من محمد علي باشا حيث قتل من بني مالك بجيلة تهامة والسراة في احدى الحروب مايزيد على 50 رجل .
وأحب أن أضيف بأنه ليس فقط قطاع السراة من بني مالك بجيلة هو ديار بجيلة بل إن ديار بجيلة تمتد إلى تهامه وتحديدا إلى (حلية وحقال) وبديهي يكون وادي إضم ووادي الجايزة ضمن حدود بجيلة القديمة فهي واقعة مابين السراة ومابين حلية وحقال .
بل أن التاريخ يذكر أن تهامة هي أول ماقصد البجليون ومن ثم توسعوا إلى السراة لكثرتهم ولعوامل أخرى .
يقول الشاعر البجلي مفتخرا بنزول بني قسر في حقال وحلية واجلاءهم (بني ثابر وهم من العرب البائدة) عنها :
وحلي أبحنا فنحن أسودها
ويقول عن وادي حقال :
منحنا حقال آخر الدهر قومنا / بجيلة كي يرعوا هنيئا وينعمُ
ولاتزال اودية حلية وحقال محتفظة باسمائها الى يومنا هذا وهي واضم والجايزة تتبع لمحافظة الليث التابعة لمكة المكرمة.
وذكر المؤرخون أن من مواطن بجيلة في تهامه (أسالم) ولا أعلم إن كان له علاقة بالسلام الواقع مابين اضم ووادي العرج اليوم .
اذا تهامة بني مالك بجيلة ليست الا جزءا لايتجزا من ديار بجيلة القديمة .
إلاّ أن أرض بجيلة كانت توصف بأنها من احسن أرض مرتفعات السروات إستقراراً
وانّ ساكنيها في ايسر حال بسبب خصوبة أرضها وتوفر المياة العذبة
كلامك سليم وأحب أن أضيف بأن القطاع التهامي إشتهر بالتمر وبالدخن بل إن وادي أضم كان مقصدا للجوعى والمعوزين ولذلك اشتهر فيه الكثير من الكرماء رحمهم الله ومنهم (زافر العقبة) ولاننسى حمدان بن ثواب في وادي الجايزة .
ولذلك يقول احد الشعراء القدماء عن الخير في اضم وعن كرم اهل اضم :
ياسلامي على عز الضعيف
مايعز الضعيف الا اهل اضم
وفي قديم الزمان كانت اراضي بجيلة اراضي خير وقد اشار ابن بطوطة الى ذلك في رحلته وقال بان الحجاج والمعتمرين كانوا ينتظرون قوافل بجيلة لانها كانت محملة بالخيرات مثل البر والعسل والسمن والتمر ولذلك كان الحجاج يطلقون على القادمين من بجيلة (ابونا) ويقولون (السرو ابونا) يعني والدنا .
ونظرا لكثرة الخيرات في بلاد بجيلة في تهامه والسراة فلقد قصدها الكثير من علماء الامة وبعضهم توفي فيها بل انها كانت مقصدا للغزاة وخاضت بجيلة دونها الكثير من الحروب الشرسة .
اكتفي بهذا القدر وشكرا لك مرة اخرى