قصيدة ابكتني

إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
54
مستوى التفاعل
1
النقاط
8
بسم:​
السلام:​
أبو البقاء الرندي
601 - 684 هـ / 1204 - 1285 م

صالح بن يزيد بن صالح بن شريف الرندي، أبو البقاء.
وتختلف كنيته بين أبي البقاء وأبي الطيب وهو مشهور في المشرق بأبي البقاء.
وهو أديب شاعر ناقد قضى معظم أيامه في مدينة رندة واتصل ببلاط بني نصر ابن الأحمر في غرناطة.
وكان يفد عليهم ويمدحهم وينال جوائزهم وكان يفيد من مجالس علمائها ومن الاختلاط بأدبائها كما كان ينشدهم من شعره أيضاً.
وقال عنه عبد الملك المراكشي في الذيل والتكملة كان خاتمة الأدباء في الأندلس بارع التصرف في منظوم الكلام
ونثره فقيهاً حافظاً فرضياً له مقامات بديعة في أغراض شتى وكلامه نظماً ونثراً مدون.


بعد سقوط اخر أراضي المسلمين في الأندلس كتب أحد الشغراء هذه القصيدة الراائعة فيها من العبر الكثير


أبو البقاء الرندي



--------------------------------------------------------------------------------


لكل شيء إذا ما تم نقصان * فلا يغر بطيب العيش إنسان

هي الأمور كما شاهدتها دولٌ * من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ

وهذه الدار لا تبقي على أحد * ولا يدوم على حال لها شانُ

يمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ* إذا نبت مشرفيات وخرصان

وينتضي كل سيف للفناء ولو * كان ابن ذي يزن والغمد غمدان

أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ * وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ

وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ * وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ

وأين ما حازه قارون من ذهب * وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ

أتى على الكل أمر لا مرد له* حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا

وصار ما كان من مُلك ومن مَلك * كما حكى عن خيال الطيفِ وسنانُ

دار الزمان على دارا وقاتله * وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ

كأنما الصعب لم يسهل له سببُ * يومًا ولا مَلك الدنيا سليمان

فجائع الدهر أنواع منوعة * وللزمان مسرات وأحزانُ

وللحوادث سلوان يسهلها * وما لما حل بالإسلام سلوانُ

دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له * هوى له أحدٌ وانهد نهلانُ

أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ * حتى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ

فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيةٍ * وأين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ

وأين قرطبةٌ دارُ العلوم فكم * من عالمٍ قد سما فيها له شانُ

وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ * ونهرها العذب فياض وملآنُ

قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما * عسى البقاء إذا لم تبقى أركان

تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ * كما بكى لفراق الإلف هيمانُ

حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما * فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ

حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ * حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ

يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ * إن كنت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ

وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ * أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ

تلك المصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمها * وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ

يا راكبين عتاقَ الخيلِ ضامرةً * كأنها في مجال السبقِ عقبانُ

وحاملين سيوفَ الهندِ مرهقةُ * كأنها في ظلام النقع نيرانُ

وراتعين وراء البحر في دعةٍ * لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ

أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ * فقد سرى بحديثِ القومِ ركبانُ

كم يستغيث بنا المستضعفون وهم * قتلى وأسرى فما يهتز إنسان

لماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ * وأنتمْ يا عباد الله إخوانُ

ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ * أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ

يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ * أحال حالهمْ جورُ وطغيانُ

بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم * واليومَ هم في بلاد الضدِّ عبدانُ

فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ * عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ

ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ * لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ

يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما * كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ

وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ * إذ طلعت كأنما ياقوتٌ ومرجانُ

يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً * والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ

لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ * إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ
 

أبومهند

مراقب منتديات التعليم والتطوير
إنضم
21 أغسطس 2007
المشاركات
10,826
مستوى التفاعل
67
النقاط
48
رائعة ومؤثرة هذه القصيدة , وفيها بالفعل اعتبار لكل معتبر.

وبارك الله فيك ياعلي .. وتسلم على هذا النقل الرائع .
 

عمر البدوي

Well-Known Member
إنضم
25 يناير 2008
المشاركات
2,526
مستوى التفاعل
40
النقاط
48
تسلم على هذا النقل الجميل والرائع

يعطيك العافيه

تقبل مروري
 

تركي الدهيسي

Active Member
إنضم
18 يناير 2009
المشاركات
1,136
مستوى التفاعل
15
النقاط
38
الإقامة
السعوديه
9%20(10).gif
 

أسيرالشوق

المراقب العام
إنضم
18 أكتوبر 2007
المشاركات
55,084
مستوى التفاعل
48
النقاط
48
بارك الله فيك
شكراً لك على الطرح الرائع
 
أعلى