اجعلوا لكم خبيئة من العمل الصالح .

إنضم
27 فبراير 2008
المشاركات
183
مستوى التفاعل
6
النقاط
18
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل)) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: "اجعلوا لكم خبيئة من العمل الصالح كما أن لكم خبيئة من العمل السيئ".

والخبيئة من العمل الصالح هو العمل الصالح المختبئ يعني المختفي عن أنظار الخلق، ترفعه إلى رب المخلوقين الذي يعلم السر وأخفى -سبحانه وتعالى-، والزبير رضي الله عنه هنا ينبهنا إلى أمر نغفل عنه وهو المعادلة بين الأفعال رجاء المغفرة؛ فلكل إنسان عمل سيئ يفعله في السر فأولى له أن يكون له عمل صالح يفعله في السر أيضًا لعله أن يغفر له الآخر.
لا شك إنا إلى الله سائرون، وإلى لقائه ذاهبون، وبين يديه - يوم الحشر الأكبر - موقوفون {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} في ذلك اليوم العصيب {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} تأمل معي في هذا الحديث النبوي العظيم، عش أحداثه الآن لتبحث لك عن مخرج قبل أن تعيشها واقعاً فتصيح في خوف ورعب وذهول: {أَيْنَ الْمَفَرُّ} تخيل هذا الموقف المهول يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما منكم أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة)) قال الله تعالى {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}
ما الحل؟! كيف الخلاص؟
الحل، ما دمت في هذه الحياة الدنيا فحاول أن تعمل بهذه الوصية النبوية وستجد فيها الحل والخلاص من هول ذلك اليوم وصعوبته قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل)) ، فالحل إذن هو العمل الصالح الذي تخفيه عن أنظار الخلق، وترفعه إلى رب المخلوقين الذي يعلم السر وأخفى - سبحانه وتعالى - "روى الفلاس عن الخريبي - رحمهم الله - قال: كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح، لا تعلم به زوجته ولا غيرها".
عمل صالح مِن صلاة في ظلام الليل، أو صدقة في السر؛ تطفئ غضب الرب، أو تلاوة لكتاب الله، أو مواساة مسكين، أو إغاثة ملهوف، أو صيام لا يعلم به أحد، أو دعاء، أو استغفار، أو ذكر للواحد الغفار، والله لا يضيع أجر المحسنين.
وانظر إلى هذه الصورة الناصعة المشرقة التي تجسد لك المقصود فخذها وتأملها لتحذو إن حذوت على مثالِ صورة مشرقة لهذين الصحابيَيْن الجليلَيْن - رضوان الله عليهما - لتعلم كيف كان أولئك الأفذاذ العبَّاد الزهاد يستعدون لليوم الموعود بمثل هذه الأعمال الصالحة الخفية فـ"عن أبي صالح الغفاري: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يتعاهد عجوزاً كبيرة عمياء في بعض حواشي المدينة من الليل، فيستقي لها، ويقوم بأمرها، فكان إذا جاء وجد غيره قد سبقه إليها، فأصلح ما أرادت، فجاءها غير مرة كلاً يسبق إليها، فرصده عمر؛ فإذا هو بأبي بكر الصديق الذي يأتيها وهو يومئذ خليفة، فقال عمر: أنت هو لعمري!!".
بمثل هذه الأعمال الفذة، والنيات الخالصة، والتنافس الصادق؛ استحق أولئك الرجال أن يقول الله عنهم: {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } "قال أبو حازم: لا يحسن عبد فيما بينه وبين ربه إلا أحسن الله ما بينه وبين العباد، ولا يعور ما بينه وبين الله إلا أعور الله ما بينه وبين العباد، ولمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها.
وهذا داود بن أبي هند يصوم أربعين سنة لا يعلم به أهله، كان له دكان يأخذ طعامه في الصباح فيتصدق به، فإذا جاء الغداء أخذ غداءه فتصدق به، فإذا جاء العشاء تعشى مع أهله!!.
وكان - رحمه الله - يقوم الليل أكثر من عشرين سنة، ولم تعلم به زوجته، فسبحان الله انظر كيف ربّوا أنفسهم على هذا لعمل وإن كان شاقاً، وحملوها على إخفاء الأعمال الصالحة، فهذه زوجته تضاجعه، وينام معها، ومع ذلك يقوم عشرين سنة أو أكثر ولم تعلم به، فأي إخفاء للعمل كهذا! وأي إخلاص كهذا!
قال ابن القيم - رحمه الله -: "للعبد بين يدي الله موقفان، موقف بين يديه في الصلاة، وموقف بين يديه يوم لقائه، فمن قام بحق الموقف الأول هُوِّن عليه الموقف الآخر، ومن استهان بهذا الموقف ولم يوفه حقه شُدِّد عليه ذلك الموقف"
فهيا أخي نعزم لله من الآن أن يكون لنا عمل صالح نخفيه عن أعين الخلق؛ لنلقى به ربنا غداً، فيكون لنا إلى الجنة هادياً، وعن الجحيم واقياً.

 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38
بارك الله فيكـ

ولا حرمكـ الأجر
دمت برضى الله وفضله
 
أعلى