رمضان زمان ومكان

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

رمضان في الهند

%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%A1-%D8%B1%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%86%D8%AF1-768x507.jpg


يشكل المسلمون في الهند ثاني تجمع إسلامي بعد مسلمي أندونسيا، حيث يبلغ عدد المسلمين فيها أكثر من (200) مليون مسلم، من إجمالي عدد سكان الهند، الذي يزيد عددهم على مليار نسمة، والمسلمون يشكلون الديانة الثانية في الهند بعد الديانة الهندوسية .

والمسلمون وفقا للدستور والقوانين الهندية يتمتعون بجميع الحقوق المدنية. وتسهل الدولة الهندية للمسلمين إقامة شعائرهم بحرية وأمان في المناطق التي يتواجد فيها نسبة كبيرة من المسلمين. ولا يمنع ذلك قيام بعض المتطرفين الهندوس بين الحين والآخر بانتهاك حرمات المسلمين .

ونظرًا لانتشار المسلمين في أماكن متفرقة في هذا البلد الشاسع والواسع، فإن ثبوت رمضان قد يختلف فيه من مكان لآخر، إضافة إلى اختلاف الناس هناك في اتباع المذاهب الفقهية، وما يترتب عليه من اعتبار اختلاف المطالع، أو عدم اعتبارها. وعلى العموم فإن هناك هيئة شرعية خاصة من العلماء تتولى متابعة أمر ثبوت هلال رمضان، وتعتمد في ذلك الرؤية الشرعية، وحالما يثبت لديها دخول شهر رمضان، تُصدر بيانًا عامًا، ويتم إعلانه وتوزيعه على المسلمين.

ومع ثبوت شهر رمضان تعم الفرحة المسلمين أينما كانوا، والمسلمون في الهند لا يشذون عن هذه القاعدة، إذ تعم الفرحة جميع المسلمين هناك، والأطفال منهم خاصة، ويتبادلون عبارات التهاني والفرح، مثل قولهم: (رمضان مبارك) ونحو ذلك من العبارات المعبرة عن الفرحة والسرور بقدوم هذا الشهر الكريم.

ولشهر رمضان في الهند طابع خاص، حيث تضاء المساجد ومآذنها، وتكثر حلقات القرآن، وتمتلئ المساجد بالمصلين، وتتجدد حياة المسلمين في هذا الشهر الذي يُغَيّر عاداتهم اليومية، ويخرق كثيرًا مما ألفوه واعتادوه.

ويحافظ غالبية المسلمين هناك على سُنَّة السحور. ومن معتاد طعامهم فيه (الأرز) و(الخبز) وهو غذاؤهم الرئيس، ويطبخ إلى جانب أنواع أخرى من الطعام، إضافة إلى (الخبز) و(الإدام).

وشخصية (المسحراتي) لا تزال تؤدي دورها على أتم وجه عند مسلمي الهند؛ حيث يطوف كل واحد منهم على الحي الذي وكِّل به، ليوقظ الناس قبل أن يدركهم أذان الفجر، ومع نهاية شهر رمضان تُقدم له الهدايا والأعطيات وما تجود به أيدي الناس، لقاء جهده الذي بذله لهم.

ويفطر المسلمون هناك عادة عند غروب الشمس، على رشفات من الماء إذا لم يجدوا تمرًا. وبعضهم يفطر بالملح الخالص؛ وذلك عملاً بقول تذكره بعض كتب الحنفية أن من لم يجد التمر أو الماء ليفطر عليه، يفطر على الملح. وهي عادة لا تعرف إلا بالهند. وتشتمل مائدة الإفطار الهندية على (الأرز) وطعام يسمى (دهى بهدى) يشبه طعام (الفلافل مع الزبادي) و(العدس المسلوق) وطعام يُطلق عليه اسم (حليم) و(الهريس) وهو يتكون من القمح واللحم والمرق، وكل هذه الأنواع من الطعام يضاف إليها (الفلفل الحار).

أما المشروبات فيتصدرها (عصير الليمون) و(اللبن) الممزوج بالماء، و(الحليب). وفي ولاية (كيرلا) جنوب الهند، تحضِّر بعض الأسر المسلمة هناك مشروبًا يتكون من (الأرز) و(الحلبة) ومسحوق (الكركم) و(جوز الهند) لوجبة الإفطار، ويشربونه بالملاعق المصنوعة من قشور جوز الهند، معتقدين أن هذا المشروب يزيل تعب الصوم، وينشِّط الصائم للعبادة ليلاً. ومن العادات المخالفة للسنة عند أهل هذه المناطق تأخير أذان المغرب، وتقديم أذان الفجر احتياطًا للصيام.

ومن العادات الطريفة والظريفة لبعض المسلمين هناك توزيع الحلوى والمرطبات وثمار الجوز الهندي على المصلين عقب الانتهاء من صلاة التراويح؛ وأحياناً يوزع التمر وسكر البنات، والمشروب الهندي يسمى (سمية) وهو يشبه (الشعيرية باللبن) عند أهل مصر. وأغلب أنواع الحلوى هناك تُحضَّر من مادة (الشعيرية).

ويجتمع كل جماعة في مسجد حيِّهم على طعام الإفطار، حيث يُحْضِرُ كل واحد منهم ما تيسر له من الطعام والشراب والفواكه، ويشترك الجميع في تناول طعام الإفطار على تلك المائدة؛ ومن المناظر المألوفة هنا أن ترى الصغار والكبار قبيل أذان المغرب بقليل وقد حملوا في أيديهم أو على رؤوسهم الصحون والأطباق متجهين بها صوب المساجد بانتظار وقت الإفطار.

ويحرص الأطفال على شراء فوانيس رمضان، وتراهم يتجولون في الأحياء الشعبية فرحين مسرورين بما أنعم الله عليهم من خيرات هذا الشهر، وهم ينشدون الأغاني الدينية بلغتهم الهندية ولهجاتهم المحلية.

وأغلب المسلمين في الهند يحافظون على لبس (الطاقية) خصوصًا في هذا الشهر، ويرتادون المساجد للصلاة وتلاوة القرآن، إذ يجتهد كل مسلم هناك في قراءة ختمة من القرآن خلال هذا الشهر. إضافة إلى اهتمامهم بحضور صلاة التراويح التي يشد لها الجميع رحالهم. وهم في أغلب المساجد يصلون صلاة التراويح عشرين ركعة، وفي بعض المساجد يكتفون بصلاة ثماني ركعات، يتخللها أحياناً درس ديني، أو كلمة طيبة يلقيها بعض أهل العلم المتواجدين في تلك المنطقة، أو بعض رجال الدعوة الذين يتنقلون بين المساجد، داعين الناس للتمسك بهدي خير الأنام.

وهم في العادة يختمون القرآن خلال هذا الشهر. وبعض المساجد التي لا يتوفر فيها إمام حافظ، يسعى أهل الحي لاستقدام إمام حافظ للقرآن من مناطق أخرى للقيام بهذه المهمة.

ومن العادات المتبعة أثناء صلاة التراويح، قراءة بعض الأذكار، كقولهم: (سبحان ذي الجبروت والملكوت، والكبرياء، والعظمة، سبوح قدوس، رب الملائكة والروح) كما يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، ويذكرون أسماء أولاده، والحسن والحسين، وفاطمة الزهراء، وأسماء الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، كل هذا يكرر بعد كل أربع ركعات من صلاة التراويح.

وتنظَّم بعض الدروس الدينية وحلقات القرآن خلال هذا الشهر، ويقوم عليها بعض أهل العلم، وإذا لم يتوفر من يقوم بذلك يجتمع بعض رواد المسجد على قراءة كتاب ما، وفي بعض الأحيان توجه الدعوة لبعض الخطباء المعروفين لإلقاء بعض الدروس، وقد يتولاها بعض رجال الدعوة، وهم كثر في تلك البلاد، وقد توجه هذه الدعوة إلى العلماء من خارج الهند، وخاصة من الدول العربية، وأكثر ما يكون هذا في العشر الأخير من رمضان، وتعقد هذه الدروس بعد صلاة العصر، أو أثناء التراويح، أو بعد الانتهاء منها.

والمسلمون في الهند يحافظون على سنة الاعتكاف، وخاصة في العشر الأواخر من رمضان؛ وهم يولون عناية خاصة بليلة القدر على وجه أخص، وهي عندهم ليلة السابع والعشرين. وهم يستعدون لإحياء هذه الليلة بالاغتسال والتنظف ولبس أحسن الثياب، وربما لبس بعضهم الجديد من الثياب، احتفاءً بهذه الليلة، وتقديرًا لمكانتها.

وفي هذه الليلة يختم القرآن في صلاة التراويح. ومن العادة عند مسلمي الهند بعد دعاء ختم القرآن توزيع الحلاوة، وقد يوزعون شيئًا من السكر، أو نحو ذلك من أنواع الحلوى. والعادة عند مسلمي الهند أن يقوم إمام المسجد بالنفث (النفخ) على تلك الأنواع من الحلوى كل يوم من أيام رمضان، بعد قراءة الجزء من القرآن في صلاة التراويح، ويسمون هذا (تبرك) ويُكرَم الإمام في هذا اليوم غاية الإكرام، حيث يُلْبَس حلة جديدة، وتُقدم له الهدايا والأعطيات، كل ذلك مقابل ما قام به من ختم القرآن في صلاة التراويح. وربما يسبق كلَ هذه المراسم اتفاقٌ مسبق بين الإمام وأهل الحي على كل هذه الأمور!!

ومن العادات المعهودة في صباح ليلة السابع والعشرين عند مسلمي الهند زيارة القبور، حيث يخرج الجميع إلى المقابر لزيارة موتاهم، وقراءة ما تيسر من القرآن عند قبورهم.

والشباب المسلم في الهند ضائع بين بين؛ فريق فُتن بمظاهر الحياة العصرية، فليس له من دينه إلا المظاهر والشكل فحسب، وهو فيما وراء ذلك لا يدري من الأمر شيئًا، وأغلب هؤلاء الشباب من طبقة المثقفين. ويقابلهم فريق من الشباب الجهال، الذين جهلوا دينهم، ولم يُحصِّلوا من علوم الدنيا شيئًا. والغريب هناك أن فريقًا من هذا الشباب الضائع ينتهز الفرصة في ليلة القدر لإزعاج الناس - مسلمين وغير مسلمين - الذين ليس من عادتهم السهر إلى وقت متأخر من الليل، لذا تراهم يجولون في الشوارع والحارات يقرعون الأبواب بحجة تنبيه الناس إلى إحياء هذه الليلة، ولهم أعمال غير ذلك هم لها عاملون!!

والمسلمون عامة في الهند يقدسون شهر رمضان غاية التقديس، ويحترمونه أشد الاحترام؛ وهم يعتبرون كل ما يخل بحرمة هذا الشهر أمراً منكراً ومستنكراً ومرفوضاً، ولأجل هذه المكانة عندهم يحرص الجميع على مراعاة حرمة هذا الشهر، والإنكار على كل من يسعى للنيل منها.

أما غير المسلمين فبعضهم يقيم حرمة لهذا الشهر، ويراعي مشاعر المسلمين فيه، وربما اغتنموا هذه المناسبة ليباركوا لهم بقدوم هذا الشهر الكريم، أو لدعوتهم إلى مائدة إفطار...وثمة آخرون لا يرعون حرمة لهذا الشهر، بل إنهم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، ويسعون في إثارة المشاكل والفوضى هنا وهناك.

والجمعة الأخيرة من رمضان تُسمى عند مسلمي الهند (جمعة الوداع) ويعتبر المسلمون هناك هذه الجمعة مناسبة عظيمة للاجتماع والالتقاء، فترى الجميع كل قد حزم أمتعته، وشد رحاله إلى أكبر مسجد في مدينة (حيدر آباد) يسمى عندهم (مكة مسجد) وهم يروون في سبب هذه التسمية قصة حاصلها: أن ملكًا مسلمًا قبل خمسمائة عام قصد مكة للحج، وفي رحلة عودته أحضر معه حجرًا من مكة، وأمر بوضعه ضمن بناء هذا المسجد، ثم بعد ذلك أخذ الناس يطلقون عليه هذا الاسم لهذا السبب. وبعيدًا عن هذه القصة، تجتمع في هذا المسجد أعداد غفيرة من المسلمين في هذه (الجمعة الأخيرة) بحيث تصل صفوف المسلمين وقت أداء الصلوات قرابة ثلاثة كيلو مترات من كل جانب من جوانب المسجد، ولأجل هذا الاجتماع تغسل الشوارع والساحات المجاورة لهذا المسجد ليلة الخميس السابقة ليوم الجمعة الأخيرة من رمضان، كما ويُمنع مرور الناس في تلك الشوارع والساحات المحيطة بهذا المسجد، ويبقى هذا الحظر ساري المفعول إلى وقت الانتهاء من صلاة الجمعة.
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

فتح أنطاكية 666 هـ

%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%88%D9%8A%D8%A9+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3.jpg


كانت مدينة أنطاكية من مدن الشام التي شملها الفتح الإسلامي في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقد فتحها المسلمون عقب معركة اليرموك بقيادة أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -، وظلت هذه المدينة بأيدي المسلمين إلى أن بدأت الحملات الصليبية على بلاد الإسلام سنة 491هـ، فكانت من أوائل المدن التي سقطت في قبضة الصليبيين مدينة أنطاكية؛ وذلك لأهميتها البالغة عندهم بحكم موقعها المتحكم في الطرق الواقعة في المناطق الشمالية للشام؛ ولأنها مقر مملكة هرقل أيام الفتح الإسلامي للشام، فعملوا على إزالة أي أثر إسلامي فيها، وحولوا المساجد إلى كنائس، واهتموا بتحصينها غاية الاهتمام لتكون نقطة انطلاق لهم إلى البلاد الأخرى، حتى بنوا عليها سوراً طوله اثنا عشر ميلاً، وعلى هذا السور ما يقارب مائة وستة وثلاثين برجاً، وفي هذه الأبراج ما يقارب أربعة وعشرين ألف شرفة، يطوف عليها الحراس كل يوم وليلة على التناوب، فغدت من أعظم المدن في ذلك الحين مناعة وحصانة.

وظلت أنطاكية في أيدي الصليبيين قرابة مائة وسبعين عاماً حتى قيَّض الله لها من يخلصها منهم وهو الملك الظاهر بيبرس الذي تولى سلطنة المماليك سنة 658هـ، وأخذ على عاتقه استرجاع البلاد الإسلامية من أيدي الصليبيين، فقام بطرد التتار من الشام إلى العراق ليتفرغ لقتال الصليبيين، وبدأ يفتح المدن، الواحدة تلو الأخرى، ففتح قيسارية وأرسوف وصفد، ثم أخذ الكرك ويافا، وضرب قلعة عكا، ثم نزل على حصن الأكراد فحمل إليه أهله من الفرنج الأعطيات فأبى أن يقبلها وقال: "أنتم قتلتم جنديّاً من جيشي وأريد ديته مائة ألف دينار"، وبذلك مهد الطريق لفتح أنطاكية، واستطاع عزلها عن المدن المجاورة، وقَطَع كل الإمدادات عنها.

وفي الرابع والعشرين من شعبان سنة 666هـ خرج بيبرس من طرابلس، دون أن يطلع أحدًا من قادته على وجهته، وأوهم أنه يريد بلداً آخر غير أنطاكية، فنزل على حمص، ومنها إلى حماة، ثم إلى فامية، وكان يسير بالليل وينزل على البلاد بالنهار، حتى لا يتمكن الصليبيون من معرفة هدفه، وعمل على تقسيم جيشه إلى ثلاث فرق، اتجهت فرقة منها إلى ميناء السويدية لتقطع الصلة بين أنطاكية والبحر، وفرقة أخرى اتجهت إلى الشمال لسد الممرات بين قلقلية والشام، ومنع وصول الإمدادات من أرمينية الصغرى. أما الفرقة الرئيسية التي كانت بقيادته فتوجهت مباشرة إلى أنطاكية، وضرب حولها حصارًا محكمًا في أول رمضان سنة 666هـ.

وبعد أن فرض عليها الحصار طلب أهلُها الأمان، وأرسلوا وفداً للتفاوض معه، ولكنهم اشترطوا شروطاً رفضها بيبرس فشدّد في حصارهم حتى فتحها بالقوة في الرابع عشر من شهر رمضان سنة 666هـ، وغنم المسلمون الغنائم الكثيرة، وأُطْلق من فيها من أسرى المسلمين، وعادت هذه المدينة إلى المسلمين بعد أن سيطر عليها الصليبون مائة وسبعين عاماً، وكان سقوط إنطاكية أعظم فتح حققه المسلمون على الصليبيين بعد معركة حطين.
 

اسير النسيان

مراقب المنتديات العامة
إنضم
25 يناير 2010
المشاركات
7,339
مستوى التفاعل
115
النقاط
63
الإقامة
غريب ديــــــــــــار
السلام عليكم

شكراً لك أختي على موضوعك المميز
وتقبلي إطلالتي على طرحك

الله يعطيك العافية وننتظر طرحك القادم إن شاء الله

دمتي في رعاية الله وحفظه


اسير النسيان
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38
السلام عليكم

شكراً لك أختي على موضوعك المميز
وتقبلي إطلالتي على طرحك

الله يعطيك العافية وننتظر طرحك القادم إن شاء الله

دمتي في رعاية الله وحفظه


اسير النسيان

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تسلم اخي على الحضور وكلامك الطيب
خالص شكري وتقديري لشخصكم الكريم
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

رمضان في الإمارات

5bc2d290ecf0e96c54164e28bfb0917b.jpg


" رمضان كريم وعساكم من عوّاده " ، مقولةٌ تتردّد على ألسنة الناس يهنئون فيها بعضهم على حلول الشهر الكريم ، ويظهرون فيها فرحتهم وابتهاجهم بموسم الخيرات والبركات ، ذلك هو الشعور الرمضاني في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وللّيالي الرمضانية عبقٌ خاصٌ عند الأطفال ، حيث يخرجون للّعب في الساحات والأحياء ، ويكثر عندهم استخدام الألعاب النارية والمفرقعات بمختلف أنواعها ، فبعضها ينفجر في الجو محدثاً أصواتاً عالية ، وبعضها يتحوّل إلى نجوم زاهية الألوان ، وبعضها يقذف شرارات مختلفة ، ولا تكاد ليلةٌ تخلو من استخدام هذه الألعاب التي تضفي على الجو بهجة في قلوب الجميع.

وعندما يتعلّق حديثنا برمضان ، فإنه يتوجّه بالضرورة إلى الكلام عن أهمّ ميّزاته وأجمل لحظاته ، إنه الكلام عن لحظاتٍ يصل فيها الشعور الإيماني إلى ذروته وقمّته ، حيث يبتهل العبد بالدعاء ومدّ أكف الضراعة إلى المولى جلّ وعلا ، ويثني فيها عليه بما هو أهله ، ولا يزال المسلم هكذا يتقلب في هذه الرحاب العلويّة ، حتى ينطلق الأذان يصدح في الفضاء مؤذناً بانتهاء صيام ذلك اليوم ، وحلول وقت الإفطار ، فتغمر الفرحة جنبات البيوت مصداقا لحديث الصادق المعصوم صلى الله عليه وسلم : ( للصائم فرحتان فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقى ربه ) ، ويتحلّق الناس حول موائد الإفطار صغاراً وكباراً.

وفيما يتعلّق بالأكلات الرمضانية ، فإن الهريس يأتي في مقدّمها ، حيث تعتبر هذه الوجبة على قائمة الوجبات المفضلة عند أهل الإمارات ، ولا تكاد تخلو مائدة منها ، كما تشتهر المائدة الإماراتية بالثريد والسمبوسة والأرز بمختلف أنواعه : المكبوس والبرياني ، إلى جانب الحليب واللبن والعصائر المختلفة ، ويوجد من يقوم بتفضيل اللبن مخلوطا بالحليب ، وبطبيعة الحال تأثّرت المائدة الإماراتية بأكلات الشعوب الأخرى نتيجةً للتداخل الحضاري بين سكّان الإمارات ، ومن هنا دخلت لقمة القاضي والجيلي وغيرهما مما هو مشهور ومعروف.

ولدولة الإمارات نصيب وافرٌ من تقديم الوجبات الخيرية على الصعيدين الداخلي والخارجي ، أما على المستوى الداخلي ففي أغلب مساجد الدولة تجد فيها الموائد العامرة بالأطعمة المتنوعة ، والتي توزّع من قبل الجهات الخيرية والمؤسسات الحكومية ، ولا شك أن في ذلك رحمة لذوي الدخل المحدود من العمالة الوافدة وعابري السبيل.

وعلاوة على ما تقدّم ، فهناك مظهرٌ آخر يستحقّ الإعجاب والثناء ، ذلك هو وقوف عدد من شباب الخير عند الإشارات والدوّارات أوقات الإفطار ، يحملون في أيديهم عبوات التمور الصغيرة وأكواب المياه ، ليقدّموها إلى السائقين الذين تأخّر بهم الوقت فلم يصلوا إلى بيوتهم.

وكان لذلك أثرٌ واضحٌ على بعض محطّات البترول في الدولة ، والتي احتذت بدورها حذوهم ، فقامت بتوزيع وجبات إفطار مجانية لمن يقوم بتعبئة البترول في ساعة الإفطار ، وبعضهم أضاف إلى ذلك توزيع شريط قرآني وورقة تذكير بدعاء الركوب والسفر هديةً تذكارية منهم.

ومن الملامح المميزة لهذا الشعب الكريم ، كثرة نصب الخيام في الشواطيء والبراري للجلوس هناك والترويح عن النفس بعد إتمام العبادة ، ويتلذّذ الناس بهجر البنيان والعودة إلى الأصالة ، وعادة ما تكون هذه المجالس مجهّزة بوسائل الراحة ، ويدور فيها الحديث عن مختلف جوانب الحياة ، ويفضّل الكثيرون ممارسة أنواع الرياضة لتساعدهم على هضم المأكولات ، وتحقيقا للمتعة والترفيه ، ومن أشهر هذه الألعاب ، كرة القدم وكرة الطائرة.

وفيما يتعلّق بجانب العبادة ، تتفاوت صلاة التراويح بين مسجد وآخر ، ففي بعض المساجد يفضّل المصلون أن تكون الصلاة ثماني ركعات ، والبعض الآخر يصلّي إحدى وعشرين ركعة ، وعلى أيّة حال فإن الصلاة تُعتبر معتدلة ليست بالطويلة ولا القصيرة ، حيث يختم بعض أئمة المساجد القرآن ، ولا يخلو الأمر من أخطاء لبعض الأئمة ، إذ يُسرعون في الصلاة سرعةً تخلّ بأركان الصلاة .

ويوجد في الإمارات ما يُسمّى بالمهرجانات الرمضانيّة ، وهي مهرجانات شرائيّة تُنصب فيها الخيام ، ويأتي فيها البائعون من الداخل والخارج ، ويتقاطر الناس من كل مكان ليشاهدوا الجديد والغريب من البضائع والمنتجات ، لا سيما الباعة الصينيون الذين تميزوا عن غيرهم بالأدوات المبتكرة والمتميزة ، ويصاحب هذه المهرجانات تواجد ألعاب ترفيهية للأطفال ، وأماكن مخصّصة لبيع المطعومات والمشروبات المختلفة ، وفي بعض المهرجانات تُخصّص زوايا تراثية تُعرض فيها صور الحياة من الماضي ، وطرق وأساليب الحياة في الماضي مما يعيد إلى الأذهان أصالة حياة الآباء والأجداد.
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

رمضان في تركيا

m-20-06-2015-31.jpg

يستقبل المسلمون الأتراك شهر رمضان المبارك بمظاهر البهجة والفرح، مثلما هو الحال عند كل الشعوب الإسلامية في أنحاء العالم الإسلامي. والمظاهر العلنية التي يبديها هذا الشعب المسلم عند قدوم شهر رمضان لهي أكبر دليل، وأصدق برهان على عمق وترسخ الإسلام، على الرغم من كل المحاولات التي قامت وتقوم لإبعاد هذا الشعب عن دينه.

وتمثل مدينة ( استانبول ) الرمز الإسلامي في ذاكرة الشعب التركي؛ إذ هي كانت مقر الخلافة الإسلامية لفترة تزيد عن الخمسة قرون، كما أن فيها عددًا كبيرًا من المساجد والمعالم الإسلامية، ناهيك عن الأمانات النبوية المقدسة التي أحضرها السلطان سليم الأول عند عودته من الشرق العربي. وأكثر ما تبدو المظاهر الرمضانية عند هذا الشعب في هذه المدينة، التي تضم نسبة كبيرة من السكان تصل إلى أربعة عشر مليوناً أو يزيد، وفي هذه المدينة يُقرأ القرآن خلال هذا الشهر يوميًا في قصر ( طوبقابي ) الباب العالي سابقًا، وتستمر القراءة في هذا القصر دون انقطاع في ليل أو نهار.

ويعتمد المسلمون في تركيا الحسابات الفلكية في ثبوت شهر رمضان، وقلَّ من الناس من يخرج لترصد هلال رمضان. وتتولى هيئة الشؤون الدينية التركية الإعلان عن بدء هلال شهر رمضان المبارك.

ومع بدء إعلان دخول الشهر الكريم رسميًا تضاء مآذن الجوامع في أنحاء تركيا كافة عند صلاة المغرب، وتبقى كذلك حتى فجر اليوم التالي، ويستمر الأمر على هذا المنوال طيلة أيام الشهر الكريم. ومظهر إنارة مآذن المساجد يعرف عند المسلمين الأتراك بـاسم ( محيا ) وهو المظهر الذي يعبر عن فرحة هذا الشعب وبهجته بحلول الشهر المبارك. ولكل مسجد من المساجد الكبيرة هناك منارتان على الأقل، ولبعضها أربع منارات، ولبعضها الآخر ست منارات. والعادة مع دخول هذا الشهر أن تُمد حبال بين المنارات، ويُكتب عليها بالقناديل كلمات: ( بسم الله، الله محمد، حسن حسين، نور على نور، يا حنان، يا رمضان، خوش كلدي ) وأمثال ذلك، وما يكتبونه يقرأ من الأماكن البعيدة لوضوحه وسعته.

وانتشار الدروس الدينية في المساجد وقراءة القرآن مظهر بارز في هذا الشهر عند الأتراك؛ وخاصة في مدينة ( استانبول ) المشتهرة بمساجدها الضخمة، ومآذنها الفخمة، والتي يأتي في مقدمتها مسجد ( آيا صوفيا ). ويبتدئ وقت هذه الدروس مع صلاة العصر، وتستمر إلى قرب وقت المغرب، وتُرى المساجد الشهيرة في هذا الشهر عامرة بالمصلين والواعظين والمستمعين والمتفرجين الطوافين من النساء والرجال.

والعادة في تركيا أنه حينما يحين موعد أذان المغرب تطلق المدافع بعض الطلقات النارية، ثم يتبع ذلك الأذان في المساجد. وبعد تناول طعام الإفطار يُهرع الجميع مباشرة؛ أطفالاً وشبابًا، ونساء ورجالاً، صوب الجوامع والمساجد لتأمين مكان في المسجد، يؤدون فيه صلاة العشاء وصلاة التراويح، والتأخر عن ذلك والإبطاء في المسارعة قد يَحْرِم المصلي من مكان في المسجد، وبالتالي يضطره للصلاة خارج المسجد، أو على قارعة الطريق.

والحماس الزائد عند الأتراك لأداء صلاة التراويح يُعد مظهرًا بارزًا من مظاهر الفرح والحفاوة بهذا الشهر الكريم، حيث تلقى صلاة التراويح إقبالاً منقطع النظير من فئات الشعب التركي كافة، الأمر الذي يدل دلالة واضحة على الحب العظيم والاحترام الكبير الذي يكنه أفراد هذا الشعب لهذا الشهر الفضيل، لكن يلاحظ في هذه الصلاة السرعة في أدائها، إذ لا يُقرأ فيها إلا بشيء قليل من القرآن، وقليل هي المساجد التي تلتزم قراءة ختمة كاملة في صلاة التراويح خلال هذا الشهر المبارك.

ومن المعتاد في صلاة التراويح عند الأتراك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد كل ركعتين من ركعات هذه الصلاة، إضافة إلى قراءة بعض الأذكار الجماعية التي تقال بعد كل أربع ركعات؛ كقولهم: ( عز الله، وجل الله، وما في قلبي إلا الله ).

ومن معتادهم إضافة لما تقدم، قولهم في النصف الأول من رمضان: ( مرحبًا يارمضان ) وقولهم في النصف الثاني منه: ( الوداع ).

ومن الأمور التي يحرص عليها الأتراك في هذا الشهر صلاة ( التسابيح ) وهم يؤدونها عادة في الأيام الأخيرة من رمضان، أو ليلة العيد.

والأتراك يولون عناية خاصة بليلة القدر، حيث يقرؤون فيها المدائح النبوية، إضافة إلى بعض الأناشيد الدينية.

ومن المعروف عن الشعب التركي المسلم اهتمامه الشديد وحرصه الدائب على قراءة القرآن طيلة شهر رمضان؛ ففي هذا الشهر المبارك يقوم المسلمون الأتراك بتقسيم وتوزيع سور القرآن الكريم فيما بينهم، على أساس قدرة كل شخص منهم فيما يستطيع أن يقرأه من القرآن، ثم مع اقتراب الشهر الكريم من نهايته تقوم تلك المجموعات التي قسمت قراءة القرآن فيما بينها وتذهب إلى مسجد من المساجد، وتتوجه إلى الله بالدعاء الجماعي الخاص بختم قراءة القرآن الكريم، ويتبع ذلك عادة حفل ديني صغير يشارك فيه إمام ذلك المسجد، يتضمن بعض الكلمات والأذكار والأناشيد الدينية.

أما صلاة التهجد فالمقبلون عليها قليل، ويقال مثل ذلك في سُنَّة الاعتكاف، إذ هجرها الكثير هناك، فلا يقيمها إلا من وفقه الله لفعل الطاعات، وتمسك بهدي رسول الهدى والرشاد.

ومن العادات المتبعة في هذا البلد المسلم خلال موسم رمضان إقامة معرض للكتاب، يبدأ نشاطه مع بداية الأسبوع الثاني من الشهر الكريم، ويفتح المعرض أبوابه كل يوم لاستقبال زواره بعد صلاة المغرب، ويستمر حتى وقت مـتأخر من الليل.

الجمعيات الخيرية المدعومة من قِبَل الأحزاب الإسلامية التركية، وبالاشتراك مع أهل الإحسان والموسرين تقيم كل يوم من أيام رمضان ما يسمى بـ ( موائد الرحمن ) وهي موائد مفتوحة، يحضرها الفقراء والمحتاجون وذووا الدخل المحدود. وتقام هذه الموائد عادة في الساحات والأماكن العامة. كما يقوم أهل الخير هناك بتوزيع الحلوى والمشروبات على الأطفال المشاركين في صلاة التراويح عقب انتهائها.

وأما ساعات العمل في الدوائر الرسمية فلا يطرأ عليها أي تغير خلال هذا الشهر، حتى إن بعض الصائمين يدركهم وقت المغرب وهم في طريقهم إلى منازلهم بسبب طول فترة ساعات العمل؛ في حين أن قطاعات العمل الخاصة تقلل ساعات العمل اليومي مقدار ساعة أو نحوها.

ومع دخول النصف الثاني من شهر رمضان يُسمح للزائرين بدخول جامع يسمى جامع ( الخرقة ) وهو في مدينة استنبول، والذي يقال: إن فيه مكانًا يُحتفظ بداخله بـ ( الخرقة النبوية ) التي أحضرها السلطان سليم لاستانبول بعد رحلته للشرق الإسلامي عام ( 1516م ) ولا يُسمح في أيام السنة العادية بزيارة ذلك المكان.

والمطبخ التركي غني عن التعريف، وما يعنينا منه كيف يكون أمره في رمضان؛ وعادة ما يبدأ الناس هناك إفطارهم على التمر والزيتون والجبن، قبل أن يتناولوا وجباتهم الرئيسة. والناس في هذا الموقف فريقان: فريق يفطر على التمر وقليل من الطعام، ويذهب لأداء صلاة المغرب، ثم يعود ثانية لتناول طعامه الرئيس، وهؤلاء هم الأقل. والفريق الثاني يتناول طعامه كاملاً، ثم يقوم لأداء صلاة المغرب، بعد أن يكون قد أخذ حظه من الطعام والشراب. وهذا الفريق هو الأكثر والأشهر بين الأتراك.

و( الشوربة ) هي الطعام الأبرز حضورًا، والأهم وجودًا على مائدة الإفطار التركية، إضافة إلى بعض الأكلات التي يشتهر بها البيت التركي. ومن الأكلات الخاصة بهذا الشهر عند الأتراك الخبز الذي يسمى عندهم ( بيدا ) وتعني ( الفطير ) وهي كلمة أصلها فارسي؛ وهذا النوع من الخبز يلقى إقبالاً منقطع النظير في هذا الشهر، حتى إن الناس يصطفون طوابير على الأفران قبل ساعات من الإفطار للحصول على هذا النوع من الخبز الذي يفتح الشهية للطعام، وينسي تعب الصوم.

وتعتبر ( الكنافة ) و( القطايف ) و( البقلاوة ) و( الجلاّش ) من أشهر أنواع الحلوى التي يتناولها المسلمون الأتراك خلال هذا الشهر الكريم. وربما كان من المفيد أن نختم حديثنا عن المطبخ التركي بالقول: إن الشعب التركي المسلم من أكثر الشعوب الإسلامية التي تتمتع بثقافة متميزة في الطعام والشراب، إعدادًا وذوقًا ونوعًا.

ثم إن ليالي رمضان في هذا البلد، وخاصة في مدينة استنبول، بعضها بيضاء وبعضها حمراء؛ فهي يتجاذبها اتجاهان: اتجاه يرى في هذه الليالي أنها ليالي عبادة وطاعة، فهو يمضيها ويستغلها بين هذه وتلك؛ واتجاه يرى في تلك الليالي أنها ليالي سرور وفرح، وعزف وقصف، ورقص وعصف، فهو يمضيها في المقاهي، وتدعى في البلاد التركية بـ ( بيوت القراءة ) = ( قراء تخانة لر ) أو في دور اللهو، حيث المعازف الوترية، كالعود والقانون والكمنجا؛ وغير الوترية، أو في غير هذه الأماكن.

وليس من العجيب عند سكان مدينة ( استانبول ) كثرة المعازف في رمضان وفي غير رمضان؛ كما وترى أصحاب الطبول الكبيرة يجولون في الشوارع من أول الليل إلى وقت الإمساك قُبيل الفجر.
 

أسيرالشوق

المراقب العام
إنضم
18 أكتوبر 2007
المشاركات
55,084
مستوى التفاعل
48
النقاط
48
الأخت الفاضلة ريحانة بجيلة

الله يجزاك خير الجزاء على الطرح المميز
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

موقعة شقحب 702 هـ

79-150741-altatar-victory-muslims_700x400.jpeg

أراد قازان حفيد هولاكو تحطيم سلطان المسلمين في مصر، واسترداد الأرض المقدسة وتسليمها للنصارى، فجَيَّش الجيوش الجرّارة لهذه المهمة، وتقدّمت جيوشه إلى بلاد "حلب وحماة" حتى وصلت إلى "حمص وبعلبك"، وعاثوا في تلك الأراضي فساداً، وأقدموا على عظائم وفظائع تعجز الألسن عن وصفها، واستحرّ القتل في المسلمين، وسرعان ما انتشرت هذه الأخبار إلى التخوم المجاورة والبلدان القريبة، حتى قَلقَ الناس وفزعوا فزعاً شديداً، وجعل المرجفون يقولون: "لا طاقة لجيش الشام مع هؤلاء المصريين بلقاء التتار".

وعمل العلماء على إشراك الخليفة المستكفي بالله ، والسلطان الناصر محمد بن قلاوون الصالحي في مواجهة الغزاة، وقام شيخ الإسلام ابن تيمية بدور عظيم في هذا الجانب، فقد اجتمع نائب السلطان والأمراء وقادة الجند والعلماء، ونظروا فيمن يبعثوه إلى السلطان ليحثه على المجيء لنصرة أهل الشام، فوقع اختيارهم على الإمام ابن تيمية رحمه الله لما علموا من شجاعته وجرأته في قول الحق والصدع ب ، ووقف ابن تيمية موقفاً شجاعاً في وجه السلطان - رغم جبروته وقوته - وقال له فيما قال: "إن كنتم أعرضتم عن الشام وحمايته، أقمنا له سلطاناً يحوطه ويحميه ويستغله في زمن الأمن"، ثم قال له: "لو قُدِّر أنكم لستم حكَّام الشام ولا ملوكه واستنصركم أهله وجب عليكم النصر، فكيف وأنتم حكامه وسلاطينه، وهم رعاياكم، وأنتم مسؤولون عنهم؟!"، ولم يزل بهم حتى أرسلوا الجيوش إلى الشام.

وبعد ذلك اجتمع الأمراء وتحالفوا على لقاء العدو وشجّعوا أنفسهم ورعاياهم حتى نودي في دمشق بألاَّ يرحل منها أحد، وتهيّأ الناس للقتال وارتفعت الروح المعنوية عند الجند وعامة الناس، وكان لشيخ الإسلام ابن تيمية أعظم الأثر في إلهاب عواطف الأمة وإذكاء حماسها، حتى إنه كان يحلف للأمراء وللناس أنهم في هذه الكرَّة منصورون، فيقول له الأمراء: قل: إن شاء الله ، فيقول: "إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً"، ثقةً منه بموعود الله بالنصر لمن أطاعه وجاهد في سبيله. وكان يدور على الأجناد والأمراء، ويفتي الناس بالفطر، ويأكل هو من شيء معه في يده، ليعلمهم أن إفطارهم أفضل ليتقووا على القتال، فيفطر الناس معه.

ومرّ السلطان بصفوف الجيش والقراء يقرؤون الآيات التي تحضّ على الجهاد والاستشهاد، وهو يقول لهم: دافعوا عن دينكم وحريمكم، ووضعت الأحمال وراء الصفوف، وأمر الغلمان بقتل من يحاول الهرب من المعركة.

وقد ثبت السلطان ابن قلاوون في ذلك الموقف ثباتاً عظيماً، وبايع الله وصدَقه فصدقه الله، حتى إنه أمر بجواده فقيِّد لئلا يهرب. ثم بدأ القتال والتحم الصفّان في يوم السبت الثاني من رمضان بسهل شقحب جنوبي دمشق، وكان عدد جيش التتار خمسين ألف مقاتل، وقيل إن عدده كان يصل إلى مائة ألف، وطلب شيخ الإسلام ابن تيمية من قائد الجيش أن يوقفه موقف الموت، فأخذه القائد وأوقفه في مكان ينحدر منه التتار كالسيل الهادر، فلما أقبلوا وبريق سيوفهم يلمع من بعيد، والغبار منعقد فوق رؤوسهم، قال له: يا سيدي هذا موقف الموت وهذا العدو قد أقبل تحت هذا الغبار المنعقد، فدونك ما تريد، فرفع طرفه إلى السماء، وأشخص بصره، وحرك شفتيه طويلاً، ثم أقدم على القتال. واحتدمت المعركة، واستحرّ القتل، واستطاع التتار في بادئ الأمر أن ينزلوا بالمسلمين خسارة جسيمة، فقُتِل من قُتِل من الأمراء، إلا أن الحال لم يلبث أن تحول بفضل الله لصالح المسلمين.

وقد استمرت المعركة من العصر يوم السبت إلى الساعة الثانية من يوم الأحد، ولما جاء الليل لجأ التتر إلى اقتحام التلال والجبال والآكام، فأحاط بهم المسلمون ومنعوهم من الهرب، وقتلوا منهم ما لا يعلم عدده إلا الله عز وجل، وجعلوا يجيئون بهم في الحبال فتضرب أعناقهم، وتساقط كثير ممن حاول الهرب في الأودية والمهالك، وغرق آخرون في الفرات بسبب الظلام.وكشف الله بذلك عن المسلمين غمَّة عظيمة شديدة، فأمسى الناس وقد استقرت خواطرهم، واستبشروا بهذا الفتح العظيم والنصر المبارك، فلله الحمد والمنة.
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

رمضان في نيوزلندا

1_201097_10176.jpg

تبلغ نسبة المسلمين في نيوزلندا قرابة ستين ألف مسلم تقريبا ، يتمتعون بحرية دينية، يمنحها لهم القانون النيوزلندي، فهم يمارسون شعائرهم بحرية مطلقة دون أية مضايقات تذكر، كما يسمح القانون النيوزلندي للمرأة المسلمة أن تضع الحجاب على رأسها، والذي هو شعار إسلامها.

عندما يحين موعد التماس هلال رمضان يخرج بعض المسلمين هناك إلى المرتفعات لمراقبة هلال رمضان، وإذا ما تحققوا من ثبوت هلال رمضان نشروا خبر ذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة.

وحالما يتم الإعلان عن ثبوت الشهر الكريم، يهنئ المسلمون بعضهم بعضًا، ومن العبارات المتداولة بينهم في هذه المناسبة، قولهم: (مبارك عليكم الشهر) و (رمضان كريم) يقولون تلك العبارات مع ما يرافق ذلك من علامات السرور والحبور التي تعلو وجوه المسلمين في تلك الديار، وقد فتحت عليهم هذه المناسبة الكثير الكثير من الذكريات.

وعلى الرغم من أن النهار النيوزلندي في أيام الصيف يزيد طوله عن ست عشرة ساعة، فإن مظاهر البهجة، وعلامات الفرحة بقدوم رمضان، لهي أصدق دليل، على عمق وترسخ الإسلام والإيمان في قلوب المسلمين في تلك الديار، ولهي أوضح برهان على رفض الإباحية والفجور والعصيان.

ولا شك، فإن لشهر رمضان عند مسلمي نيوزلندا - كباقي ديار الإسلام - خصوصية ليست لغيره من الشهور؛ حيث تطرأ بعض التغيرات على حياة المسلمين اليومية، فتختلف أوقات طعامهم، وأوقات نومهم واستيقاظهم.

والمسلمون في تلك البلاد يحرصون كل الحرص على التمسك بتعاليم دينهم، واتباع هدي نبيهم صلى الله عليه وسلم؛ فالجميع هناك يحترمون حرمة هذا الشهر الفضيل، وقلما تجد من المسلمين من ينتهك حرمة هذا الشهر، سواء بالإفطار علانية، أو بارتكاب المعاصي والمنكرات.

كما أن الشباب هناك حريص جدًا على الالتزام بآداب الإسلام، والعمل بأحكامه، على الأقل في هذا الشهر الفضيل، وهذا لا يمنع وجود بعض الشباب الذين أثرت فيهم معالم الحضارة الجديدة، فنجدهم يمضون أوقاتهم هنا وهناك، دون أن يستغلوا هذا الشهر الاستغلال المطلوب والمرجو، لكن مع ذلك نرى الجميع يراعي حرمة هذا الشهر، ويلتزمون بأداء واجباتهم فيه أشد الالتزام.

واقتداء بهدي سيد المرسلين، يحافظ المسلمون هناك على سنة السحور، فهم ينهضون من نومهم لتناول طعام السحور، والذي يشتمل عادة على (الحليب) و(الجبن) و(المربيات) و(البيض).

وفي نيوزلندا تقام الصلوات الخمس، ويُنادى فيها لصلاة الجمعة ويخطب لها بشكل دائم في المساجد، ومن أهم المساجد في نيوزلندا مسجد (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه، ومسجد (مدرسة المدينة) كما وتعقد الندوات والمحاضرات الدينية لأبناء الجاليات الإسلامية بلغات مختلفة، وتنظم دورات العلم الشرعي، وحلقات تعليم القرآن، والتي تعتمد في أغلبها على زيارة بعض العلماء والدعاة الوافدين من بلاد الحرمين الشريفين ومصر وغيرهما من بلاد الإسلام.

صلاة التراويح تتمتع بحب عظيم واحترام كبير عند المسلمين هناك، وتشهد إقبالاً مشهودًا، وحضورًا مكثفًا؛ فبعد تناول طعام الإفطار يُهرع الأطفال والشباب والنساء والرجال إلى الجوامع والمساجد لأداء صلاة العشاء، ومن بعدها يستعد الجميع لأداء صلاة التراويح؛ حيث يصلي المسلمون في تلك البلاد النائية صلاة التراويح عشرين ركعة في أغلب المساجد، يقرأ فيها الإمام جزءًا كاملاً من القرآن الكريم. وعادة يتخلل صلاة التراويح درس ديني أو كلمة وعظ يلقيها بعض الضيوف العلماء الموفدين خصيصًا لهذه المناسبة.

ونظرا لقصر الليل في تلك البلاد فإن صلاة التراويح تنتهي وقد قاربت الساعة الثانية عشرة ليلاً. ولا يمنع هذا الأُسَر المسلمة من التزاور والالتقاء والسهر إلى جزء من الليل، رغم ضيق الوقت، ولا يمنع ذلك أيضًا من اجتهادهم في إحياء تلك الليالي الفضيلة بالتهجد وقراءة القرآن، وخاصة ليالي العشر الأخير من رمضان، حيث يقوم الناس لرب العالمين حتى قبيل الفجر.

ولا يخلو مسجد هناك من وجود معتكف عاكف على العبادة والطاعة. فبعض المسلمين في تلك الديار يغتنمون هذه الأيام والليالي في الخلوة والتفرغ للطاعة، بعيدًا عن صخب الحياة ومشاغلها. وقد أعدت للمعتكفين في تلك المساجد أكشاك صغيرة، يخلو فيها المعتكف مع ربه سبحانه، الأمر الذي يبعث على تغذية الروح، واستشراف الرحمة، والخشوع في العبادة، والتدبر في قراءة القرآن، والتفكر في خلق الله.

الإفطار الجماعي في بلاد الغربة له نكهته ودلالته الخاصة هناك، حيث يلتقي الجميع على مائدة واحدة، تجسد لهم كل معاني الوحدة والالتئام، وتبعد عنهم ألم الغربة ووحشة البعد والفراق. ويتعارف الجميع ويتبادلون مشاعر الأخوة والمحبة، ويتسابقون في طاعة الله، ويعيشون أجواء إسلامية ترسخ المعاني الإسلامية في أذهان الصغار قبل الكبار.

ويكون الإفطار الجماعي عادة في المساجد طيلة أيام الشهر الكريم، حيث يتولى المحسنون ترتيبها وتمويلها, كما تنظم بعض الجمعيات الإسلامية الإفطار الجماعي باستئجار قاعات خاصة، تدعوا المسلمين للحضور إليها، فتُحضر كل أسرة ما تيسر لها من الطعام أو الحلويات للمشاركة والتعارف والتقارب. وتخفض بعض المحلات التجارية الإسلامية قيمة بعض المواد التي تُستخدم في صنع الحلوى لرمضان والعيد إكرامًا لهذا الشهر الكريم.

كما وتنظم هناك بعض الجمعيات سوقاً خيرية خلال شهر رمضان، يعرض فيها المسلمون بضائعهم، وتمثل تلك السوق فرصة مناسبة للمسلمين للتسوق في سوق إسلامية، تحوي الكثير من متطلبات المسلمين من الملابس والمأكولات، وغير ذلك من الحاجات.

وكما يحرص المسلمون المقيمون في نيوزلندا على الالتزام بآداب الصيام والعمل بأحكام الإسلام، فكذلك هم يسارعون في إخراج صدقات أموالهم، وزكوات فطرهم، ويوزعونها على المستحقين من الفقراء والمساكين إن وجدوا، وإلا بعثوا بها إلى بلادهم الأصلية، وهم يتولون أمر ذلك بأنفسهم، إذ لا توجد جهات مختصة تتولى أمر جمع الصدقات وتوزيعها.

عندما يغادر شهر رمضان ببركاته ونفحاته الإيمانية، يأتي العيد بأشواقه وأفراحه. ولصلاة العيد مكانتها وبهجتها في غير بلاد المسلمين. فهي فرحة العيد، وهي تجمع المسلمين، وهي الوسيلة الرئيسة لتعارف المسلمين، وتبادل التهاني والأماني فيما بينهم، حيث يجتمع المسلمون في مصلى العيد وأصواتهم تعلو بقول: الله أكبر الله أكبر، وقد أشرقت وجوه الجميع، فتقام صلاة العيد، وبعدها الخطبة، ثم يسلم الجميع بعضهم على بعض ويتعارفون ويتآلفون في منظر بديع، يجمع المسلمين من جنسيات مختلفة، ومن بقاع شتى من بقاع العالم الإسلامي.
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

انتصار العاشر من رمضان 1393هـ

10171.jpg


رمضان شهر البركة والخير والرحمة، وهو أيضا شهر الانتصارات قديما وحديثا، نعم، بطولات وفتوحات كبيرة في تاريخ أمتنا الإسلامية، قدَّر الله لها أن تكون في رمضان.

وفي تاريخ مصر أيام لا تنسي، منها العاشر من رمضان عام (1393هـ) الموافق السادس من أكتوبر (1973م)، والذي تمكنت فيه القوات المصرية من عبور قناة السويس ـ التي كانت توصف بأنها أصعب مانع مائي في العالم ـ، وتحطيم أكبر ساتر ترابي ألا وهو خط بارليف الذي كان جبلا من الرمال والأتربة، ويمتد بطول قناة السويس في نحو (160) كيلو متر من بورسعيد شمالاً وحتى السويس جنوباً، ويتركز على الضفة الشرقية للقناة، وهذا الجبل الترابي ـ الذي كانت تفتخر به القيادة الإسرائيلية لمناعته وشدته ـ كان من اكبر العقبات التي واجهت القوات الحربية المصرية في عملية العبور والانتصار. وقد اعتبر المؤرخون المعاصرون هذا الحدث أول انتصار عسكري للمسلمين والعرب في العصر الحديث على اليهود ـ إسرائيل ـ الذي شفى الله به صدور قوم مؤمنين، وأذهب غيظ قلوبهم.

لقد خاض الجيش المصري البطل تلك المعركة وهو يعلم أنها معركة مصير، لأن هزيمة الجيش المصري فيها لو حدثت فإنه يعني سيادة إسرائيل على المنطقة كلها، وذلك لأن مصر كانت قد انكسرت قبلها بست سنوات انكساراً شديداً بهزيمة يونيو (1967م)، التي أتاحت للعدو الصهيوني أن يقدم نفسه للعالم كسيد وحيد، وأن جيشه هو الجيش الذي لا يُقهر، وظل بالفعل يعربد في أجواء مصر طوال سنوات ما عُرِفَ بحرب الاستنزاف.

إن الجندي المصري في حرب (1973م) هو نفسه في حرب (1967م) من حيث الشكل والمظهر، ولكنه يختلف من حيث الباطن والجوهر، فالإنسان يُقاد ويتغير من داخله لا من خارجه، ولا يقود الناس في بلادنا شيء مثل الإيمان بالله عز وجل، ولا يحركهم مثل الجهاد في سبيل الله، فإذا حركته بـ (لا إله إلا الله والله أكبر)، وقلت: يا ريح الجنة هبي، وذكَّرتَه بالله ورسوله، وسيرة الأبطال العظام: خالد وأبي عبيدة وسعد وطارق وصلاح الدين وقطز وعمر المختار، فقد خاطبت قلبه ونفسه، وأوقدت جذوته، وحركت وبعثت عزيمته، وهنا لا يقف أمامه شيء، إنه يصنع البطولات، ويتخطى المستحيلات، لأنه باسم الله يتحرك، وعلى الله يتوكل، ومن الله يستمد عونه وانتصاره: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}(الطلاق:3)، {وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم}(آل عمران:126)، {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون}(آل عمران:160).

لقد أنهت حرب العاشر من رمضان أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر، وكانت بداية الانكسار للعسكرية الإسرائيلية، ومن ثم سيظل هذا اليوم العظيم ـ العاشر من رمضان (1393هـ) السادس من أكتوبر (1973م) ـ مصدر مجد وفخر يحيط بقامة العسكرية المصرية على مر التاريخ، ويظل وساما على صدر كل مسلم وعربي، كما نرجو أن يكون شفيعا للشهداء الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم لله تعالى، من أجل أن تعيش أمتنا تنعم بالعزة والكرامة، فطوبى للشهداء، قال الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون}(آل عمران:169).
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38


وفيات وولادات وأحداث في رمضان


understanding-islam-1024x576.jpg


سنة 13 قبل الهجرة



نزول القرآن الكريم

ابتدأ الوحي يتنزل على النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان، والقرآن الكريم يشابه بذلك غيره من الكتب السماوية التي نزلت في ذات الشهر ، ففي حديث واثلة رضي الله عنه مرفوعا: ( أُنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان، وأُنزلت التوراة لستٍ مضت من رمضان، وأُنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان، وأُنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان، وأُنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان ) رواه الطبراني في الكبير وأصله عند أحمد .

سنة 3 قبل الهجرة

وفاة أبي طالب و خديجة بنت خويلد

توفي أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، وبعده بزمن يسير توفيت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، أولى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم .



سنة 1 هجري



سرية سيف البحر

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه إلى "سيف البحر" ومعه ثلاثون رجلا من المهاجرين، بهدف اعتراض قافلة لقريش بقيادة أبي جهل بن هشام ومعه ثلاثمائة راكب من أهل مكة، فكاد أن يحدث بينهم القتال لولا تدخل مجدي بن عمرو الجهني الذي كان حليفا للفريقين، وهذه أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحدٍ من المسلمين.

سنة 2 هجري

غزوة بدر الكبرى

كانت أول غزوة حدثت بين جيش الإسلام وجيش الكفر، إذ قاتل المسلمون بثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ما يقارب ألف رجل من رجالات قريش، فكان نصر الله للمؤمنين، وقُتل من قريش سبعون رجلاً.

سنة 2 هجري

وفاة عبيدة بن الحارث بن المطلب

توفي الصحابي الجليل عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف القرشي المطلبي ـ رضي الله عنه ـ، كان من السابقين للإسلام، وهو الذي بارز "عتبة" يوم بدر فجرح كل منهما الآخر، فأجهز علي و حمزة ـ رضي الله عنهما ـ على عتبة فقتلاه، واحتملا عبيدة وبه رمق، فلم يلبث أن توفي بالصفراء في العشر الأخير من رمضان.

سنة 3 هجري

ولادة الحسن بن علي بن أبي طالب

ولد الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، وذلك في نصف شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة، وقد كان أشبه الناس وجهاً برسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

سنة 4 هجري

زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب

تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت خزيمة الهلالية رضي الله عنها، وكانت قبله عند الطفيل بن الحارث فطلقها، واشتهرت بأم المساكين، لأنها كانت تطعمهم وتتصدق عليهم، ثم لم تلبث عنده إلا شهرين أو ثلاثة وماتت.

سنة 8 هجري

فتح مكة

تم فتح مكة وتحرير ذلك الموطن من براثن الشرك وأهله، وتتابع الناس من شتى أنحاء الجزيرة ليدخلوا في دين الله أفواجاً، وأصبحت مكة منطلقا للدعوة الإسلامية التي تنشر ضياءها في كل مكان.

سنة 8 هجري

هدم صنم العزى

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى العزى ليهدمها، وكانت بيتا بنخلة يعظّمه قريش وكنانة ومضر، فهدم البيت، وقتل كاهنة كانت تقوم على هذا البيت وتدعى بالعزّى.

سنة 8 هجري

هدم صنم مناة

أرسل النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد الأشهلي رضي الله عنه إلى صنم مناة، وهي صنم كانت تعظّمه الأوس والخزرج ومن دان بدينهم في الجاهلية، فخرج هذا الصحابي في عشرين فارسا حتى هدمها.

سنة 8 هجري

هدم صنم سواع

أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى صنم سواع، وكان لبني هذيل بن الياس، فهدمها ولم يجد في خزانتها شيئا.

سنة 9 هجري

إسلام ملوك حمْير

قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك كتاب ملوك حمير يعلنون فيها إسلامهم منهم: الحارث بن عبد كلال و نعيم بن عبد كلال ، و النعمان و معافر و همدان .

سنة 9 هجري

إسلام وفد "ثقيف"

جاء وفد من ثقيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد عودته من تبوك، ليعلنوا إسلامهم وإسلام قومهم، وكان على رأس الوفد: عبد ياليل بن عمرو ، وثلاثة من بني مالك واثنان من الأحلاف.

سنة 9 هجري

إسلام جرير بن عبدالله البجلي

في عام الوفود قدم جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه إلى المدينة مسلما، وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم مقبلا فقال في خطبته: ( يدخل عليكم من هذا الفج من خير ذي يمن، ألا إن على وجهه مسحة ملك ) رواه أحمد ، فأسلم وبايع.



سنة 13 هجري



معركة "البويب"

كانت هذه المعركة العظيمة زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك بعد هزيمة المسلمين في وقعة "الجسر"، وكان جيش المسلمين فيها بقيادة المثنى بن حارثة رضي الله عنه، وقد أبلى المؤمنون فيها بلاء حسناً، فنصر الله جيش المسلمين، وثأروا لهزيمتهم السابقة.

سنة 14 هجري

بدء صلاة التراويح جماعة

جمع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس في صلاة التراويح، بعد أن كانوا يصلون فرادى، وقد أجمع المسلمون عليها حتى يومنا هذا.

سنة 38 هجري

مقتل علي بن أبي طالب

في السابع عشر من رمضان لذلك العام، انتهى عصر الخلافة الراشدة بمقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، على يد أحد الخوارج واسمه: عبدالرحمن بن ملجم ، فقتله أولاد علي وذلك في شهر رمضان سنة أربع وأربعين.

سنة 38 هجري

وفاة صفوان بن بيضاء

توفي الصحابي صفوان بن بيضاء رضي الله عنه، من مهاجري بدري، شهد المشاهد كلها، وتوفي في رمضان ولم تكن له ذرية.



سنة50 هجري



وفاة المغيرة بن شعبة

كان المغيرة بن شعبة رضي الله عنه من دهاة العرب، ومن أهل المشورة والرأي، وقد أسلم عام الخندق، وشهد المشاهد بعدها، تولى في عهد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ثم انتهى به الأمر على ولاية الكوفة إبان خلافة معاوية رضي الله عنه، حيث توفي هناك.

سنة 53 هجري

وفاة زياد بن أبي سفيان

ساعد زياد معاويةَ بن أبي سفيان في ضبط أمر العراق، ولكنه كان شديداً في ولايته وظالماً، فدعا عليه ابن عمر رضي الله عنهما، وأمَّن الناس على دعائه، فهلك بالطاعون.

سنة 56 هجري

وفاة عائشة بنت أبي بكر

توفيت أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما، أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه، اشتُهرت بالعلم والفقه وكثرة الرواية، كما اشتُهرت بالمهارة في الطب والشعر، وكان الناس إذا اختلفوا في مسألة رجعوا إليها. وتوفّيت عن عمر يناهز الستين عاماً.

سنة 75 هجري

تولية الحجاج بن يوسف على الكوفة

قام الملك عبدالملك بن مروان بتولية الحجاج بن يوسف الثقفي على الكوفة، بعد أن عزله عن نيابة المدينة النبوية، فدخلها باثني عشر راكباً، وقد كان حكمه مليئا بالدماء المراقة من شعبه، توفي بعدها في رمضان أيضاً.

سنة 92 هجري

دخول الأندلس ومعركة "برباط"

فتح إقليم الأندلس في ذلك العام على يد القائد المسلم طارق بن زياد ، وكان قد حضر عن طريق مضيق جبل طارق، فهزم الفرنج في معركة تسمى بمعركة "برباط" وافتتح "قرطبة" وقتل صاحبها لذريق.



سنة 112 هجري

وفاة القائد الجراح بن عبد الله الحكمي

توفي القائد العظيم مقدم الجيوش فارس الكتائب أبو عقبة الجراح بن عبد الله الحكمي ، ولي البصرة والكوفة، وروى عن الإمام ابن سيرين ، وكان مشهورا ببطولاته وشجاعته، مع ما كان فيه من تقوى وعبودية، وكان موته بلاء على المسلمين.

سنة115 هجري

وفاة الإمام عطاء بن أبي رباح

توفي الإمام الجليل شيخ الإسلام مفتي الحرم عطاء بن أبي رباح القرشي ، كان رحمه الله أعلم أهل مكة في زمانه ، وقد أدرك مائتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واشُتهر بزهده وورعه.

سنة 124 هجري

وفاة الإمام الزهري

توفي الإمام محمد بن مسلم بن عبيد الله القرشي الزهري ، تابعي جليل، وأحد أعلام الحديث والرواية، وهو أوّل من دوّن العلم وكتبه، كما اشتُهر بالجود والسخاء، توفي عن عمر يناهز الخمسة والسبعين عاماً.

سنة 129 هجري

بدأ الدعوة إلى الدولة العباسية

في رمضان قام المدعو أبو مسلم الخراساني بالدعوة إلى إقامة دولة بني عباس، فقصده الناس من كل جانب، واتّخذ السواد شعارا له ولمن معه، وقد أريقت في سبيل ذلك دماء كثير من المسلمين.

سنة 129 هجري

إنهاء أمر الخوارج بالكوفة

بعد معارك شديدة بين يزيد بن عمر بن هبيرة والخوارج، استطاع يزيد أن يخلص الكوفة من أيدي الخوارج، وكان ذلك في عهد الخليفة مروان بن محمد .

سنة 130 هجري

وفاة الإمام أبي الزناد

توفي الإمام الفقيه الحافظ عبد الله بن ذكوان القرشي المدني ـ ويلقب بأبي الزناد ـ، حدَّث عن جماعة من الصحابة، وشهد له علماء عصره بقوة تحصيله، مات أبو الزناد فجأة في مغتسله ليلة الجمعة لسبع عشرة خلت من رمضان.

سنة 131 هجري

وفاة الإمام محمد بن جحادة

توفي الإمام محمد بن جحادة الكوفي، وكان من الفضلاء الصلحاء، وقد اشتُهر بكثرة العبادة، حتى قيل أنه كان لا ينام من الليل إلا أيسره، وقد توفي أثناء ذهابه إلى مكة.

سنة 148 هجري

وفاة الإمام ابن أبي ليلى

توفي العلامة محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، مفتي الكوفة وقاضيها، حدث عنه شعبة وسفيان بن عيينة ، وكان من أجود الناس في القرآن وضبطه.

سنة 152 هجري

وفاة الإمام معمر بن راشد

توفي الإمام الحافظ أبو عروة معمر بن راشد الأزدي ، كان من أوعية العلم مع الصدق والتحري والورع والجلالة وحسن التصنيف، قال عنه ابن جريج : "عليكم بهذا الرجل - يعني معمرا -؛ فإنه لم يبق في زمانه أعلم منه"، سكن صنعاء وتزوج بها ورحل إليه سفيان الثوري ، وتوفّي عن ثمانٍ وخمسين سنة.

سنة 161 هجري

وفاة الإمام أبو أيوب الإفريقي

توفي الإمام القدوة عبد الرحمن بن زياد بن أنعم أبو أيوب الشعباني الإفريقي ، قاضي افريقية وعالمها ومحدثها، كان ممن لا يخشى في الله لومة لائم، وكان الثوري يعظّمه جداً.

سنة 164 هجري

وفاة الإمام همام بن يحيى

توفي الإمام الحافظ همام بن يحيى البصري ، كان أبوه قصّابا بالبصرة، حدث عن عطاء بن رباح ونافع مولى عمر وغيرهم، واحتج به أرباب الصحاح.

سنة 168 هجري

نقض الروم للعهد مع المسلمين

في عهد الخليفة هارون الرشيد ، نقضت الروم العهد الذي كان بينها وبين المسلمين، ولم يستمروا على الصلح أكثر من اثنين وثلاثين شهراً، فقاتلهم المسلمون وانتصروا عليهم.

سنة 174 هجري

وفاة الأمير روح بن حاتم

توفي الأمير أبو حاتم روح بن حاتم ابن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة المهلبي ، كان أحد الأجواد والأبطال، ولي ولايات جليلة في عهد الخليفة السفاح و المنصور وغيرهما، فقد ولي السند ثم البصرة فالمغرب حيث توفي فيها.

سنة 181 هجري

وفاة الإمام عبدالله بن المبارك

توفي الإمام الجليل عبدالله بن المبارك رحمه الله، عن عمر ناهز الثلاث والستين عاماً، وقد كان الإمام أحد أعلام الإسلام، وقد صنف تصانيف نافعة، كما اشتهر أيضاً بجهاده في سبيل الله وغزوه الدائم ومتابعته للحج، وخشيته لله تعالى، وأطبق العلماء قاطبة على علمه وفضله.

سنة 197 هجري

وفاة الحافظ حماد بن زيد

توفي العلامة المحدث الحافظ أبو إسماعيل حماد بن زيد بن درهم ، من أئمة السلف وأتقنهم حفظاً، قال عنه الإمام عبد الرحمن بن مهدي : "لم أر أحدا قط أعلم بالسنة ولا بالحديث الذي يدخل في السنة من حماد بن زيد "، وكان ضريراً لكنه متين في حفظه، وتوفي في رمضان.

سنة 201 هجري

وفاة الإمام بقي بن مخلد

توفي الإمام القدوة بقي بن مخلد بن يزيد الأندلسي القرطبي ، وكان إماماً مجتهداً صالحاً، أخذ علم الحديث عن أهل الشرق، ثم نقله إلى أهل الأندلس، ألّف تفسيراً ومسنداً يعدان من أعظم ما كتب في بابهما.

سنة 208 هجري

وفاة السيدة نفيسة بنت الحسن

في رمضان توفيت السيدة نفيسة بنت الأمير أبي محمد الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وكانت من الصالحات، وقد سمع عليها الإمام الشافعي وهي التي صلت على جنازته، وقد دُفنت في مصر.

سنة 218 هجري

دخول الخليفة المعتصم إلى بغداد

في يوم السبت من أول رمضان، دخل الخليفة محمد بن الرشيد هارون بن محمد المهدي الشهير بـ المعتصم إلى بغداد، وقد استُقبل فيها بحفاوة بالغة، وموكب فخم.

سنة 222 هجري

الخليفة المعتصم يفتح مدينة "بابك"

أنفق المعتصم والمأمون على محاولة فتح مدينة "بابك" الكثير من الذهب والفضة، إلى أن بعث المعتصم لقائده العسكري مدداً كبيراً من الجيش، فتقاتلوا قتالاً شديداً، وتم النصر في العشر الأواخر من شهر رمضان.



سنة 223 هجري



أول وصول جيش المسلمين إلى "عمورية"

أراد الخليفة المعتصم فتح مدينة "عمورية" الرومية، وجهّز لها جيشا جرّاراً، وقد وصلت طليعة الجيش إلى هذه المدينة في الخامس من رمضان، وضرب عليها حصاراً محكماً، فبعث امبراطور الروم إلى المعتصم يطلب منه الصلح فأبى، ثم قاتلهم حتى انتصر على أعدائه وفتح المدينة.

سنة 228 هجري

وفاة الإمام العيشي

توفي الإمام العلامة الثقة عبيد الله بن محمد بن حفص القرشي التيمي ، كان من سادات أهل البصرة، اشتهر بالتحديث، والسخاء والجود.

سنة 241 هجري

خروج الإمام أحمد بن حنبل من السجن

في فتنة خلق القرآن، والتي تولى كبرها الخليفة المأمون ، حيث ألزم الناس بالقول بخلق القرآن، وثبت بعض العلماء على الحق، منهم الإمام أحمد بن حنبل ، وبعد موت المأمون استمر الخليفة المعتصم على منواله، وعذبه عذابا شديداً، وفي اليوم الخامس والعشرين من رمضان أطلق سراحه من السجن.

سنة 350 هجري

وفاة الملك الناصر لدين الله

توفي الملك الملقب بأمير المؤمنين الناصر لدين الله أبو المطرف عبد الرحمن بن الأمير محمد ، باني مدينة "الزهراء" والذي دامت دولته خمسين سنة، وهو صاحب الفتوحات الكثيرة والغزوات المشهورة، افتتح سبعين حصنا من أعظم الحصون، وهو أوّل من تلقّب بألقاب الخلافة في الأندلس، وقد كان ممّن اشتهر بالحزم والسؤدد والشجاعة.

سنة 363 هجري

وفاة الحافظ بن السمسار

توفي الإمام الحافظ الصدوق أبو العباس محمد بن موسى بن الحسين الدمشقي السمسار ، محدث الشام وعالمها، والذي قال فيه الإمام الكتاني : "كان ثقة نبيلا حافظا كتب القناطير".

سنة 407 هجري

وفاة الإمام أحمد البزاز

توفي الإمام الحافظ أبو عبد الله أحمد بن المحدث محمد بن يوسف بن دوست البغدادي البزاز ، وقد كان رحمه الله من العارفين بمذهب الإمام مالك ، وأثنى عليه بعض الأئمة، توفي في رمضان عن أربع وثمانين سنة.

سنة 410 هجري

وفاة الإمام ابن مردويه

توفي الحافظ المجود العلامة أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني ، محدث أصبهان ، صاحب "التفسير الكبير" و"التاريخ" و"الأمالي الثلاثمائة مجلس"، وكان من فرسان الحديث، قد ألف مستخرجاً على صحيح البخاري .

سنة 428 هجري

وفاة الطبيب ابن سينا

توفي أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا ، وكان طبيباً عارفاً بأمور الفلسفة وعلوم المنطق، إلا أنه كان فاسداً في اعتقاده، وقد ذكر ابن خلكان أنه تاب آخر عمره، ثم مات يوم الجمعة في رمضان سنة ثمان وعشرين وأربع مئة، عن ثمانية وأربعين سنة.



سنة 429 هجري



ظهور فتنة التسمّي بملك الملوك

في رمضان لقّب جلال الدولة شاهنشاه الأعظم بملك الملوك، وذلك بأمر الخليفة وأمر بأن يخطب له على المنابر بذلك، فاستاءت العامة ورمت الخطباء بالآجُر - وهو الطوب الذي أصله من الطين المحمّى - ووقعت فتنة شديدة بسبب ذلك، وقد ورد النهي عن التسمّي بملك الأملاك، لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن أخنع اسم عند الله: رجل تسمى ملك الأملاك ) رواه البخاري .

سنة 455 هجري

وفاة السلطان طغرلبك

توفي السلطان الكبير محمد بن ميكائيل المشهور بأبي طالب ، وهو أصل السلاجقة وأوّل ملوكها، وقد اشتهر بشجاعته وإقدامه مع صلاح كان فيه، وقد توفي عن سبعين سنة قضى ما يقارب نصفها في الملك.

سنة 456 هجري

ولادة الإمام ابن حزم الظاهري

ولد الإمام أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم القرطبي شيخ الظاهرية في رمضان، وقد ولد بـ" قرطبة"، صنّف العديد من المصنفات في شتى العلوم، وكان ناصرا للمذهب الظاهري في الأندلس، وقد اشتهر بحدّة الذكاء وسعة العلم بالكتاب والسنة والمذاهب، والمعرفة التامة بالملل والنحل.

سنة 458 هجري

وفاة القاضي أبو يعلى الحنبلي

توفي القاضي أبو يعلى محمد بن الحسن بن محمد بن خلف بن أحمد الفرا شيخ الحنابلة ،وممهّد مذهبهم في الفروع، وكان من سادات العلماء الثقات، وقد صنف تصانيف عديدة على مذهب الإمام أحمد وانتشرت في الآفاق.

سنة 517 هجري

وفاة الشاعر ابن الخياط الدمشقي

توفي شاعر عصره أبو عبد الله أحمد بن محمد بن علي بن يحيى بن صدقة التغلبي الدمشقي ، والذي اشتهر بالشعر ومدح الملوك والسلاطين، وكان في شعره عذوبة يشهد بها من كان في عصره.

سنة 518 هجري

وفاة أبو الفضل الميداني

توفي أبو الفضل أحمد بن محمد الميداني النيسابوري الشاعر والأديب اللغوي، كان قد اختص بصحبة الإمام الواحدي المفسر وقرأ عليه، وله تصانيف بديعة في اللغة، منها: كتاب "الأمثال" والذي لم يعمل مثله، وكتاب "السامي في الأسامي"، وكان له سماع للحديث.

سنة 530 هجري

وفاة الواعظ أبي بكر العامري

توفي محمد بن عبدالله بن أحمد بن حبيب ، أبو بكر العامري ، المعروف بابن الخباز ، سمع الحديث واشتهر بالوعظ، وكان له إلمام بالفقه.

سنة 541 هجري

وفاة الإمام عبدالحق بن أبي بكر

توفي الإمام العلامة أبو محمد عبد الحق بن أبي بكر المحاربي الغرناطي ، شيخ المفسرين، وكان إماماً في الفقه وفي التفسير وفي العربية، من أوعية العلم، واسع المعرفة قوي الأدب، وقد ولي القضاء واشتغل به.

سنة 544 هجري

وفاة القاضي عياض

توفي شيخ الإسلام القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض الأندلسي المالكي، حاز من الرئاسة والرفعة في بلده ما لم يصل إليه أحد من أهل بلده، وكانت له تصانيف عدّة تخدم مذهب الإمام مالك .



سنة 559 هجري



وقعة "حارم"

بعد الهزيمة التي لحقت المسلمين في واقعة "البقيعة"، استغاث نور الدين بعساكر المسلمين، فهبوا لنجدته ونصرته على الروم، فحاصروا حصنهم المسمّى بـ"حارم" وضربوه بالمنجنيق، وقتلوا منهم ما يزيد عن عشرة آلاف قتيل، ومثل هذا العدد من الأسرى.

سنة 580 هجري

وفاة الإمام الرافعي

توفي الإمام العلامة مفتي الشافعية أبو الفضل محمد بن عبد الكريم بن الفضل الرافعي القزويني ، تفقّه على مذهب الشافعية وبرع فيه، وله شرح مسند الشافعي في مجلدين، وذكروا له كرامات كثيرة.

سنة 584 هجري

وفاة الأمير الشيرازي

توفي الأمير مؤيد الدولة أبو المظفر أسامة بن مرشد بن علي الشيرازي ، له علم غزير ولا سيما في الشعر، إذ ذكر أنه يحفظ من شعر الجاهلية عشرة آلاف بيت، وكان له مصنفات.

سنة 584 هجري

فتح "الكرك" و"صفد"

قام المسلمون بقيادة الملك صلاح الدين الأيوبي بفتح "الكرك"، ثم خرجوا قاصدين مدينة "صفد"، وحاصروها بالمنجنيق، حتى أنقذوا تلك المدينة من أيدي الصليبيين، وأمّنوا الناس على أنفسهم وأرواحهم في تلك الحصون.

سنة 586 هجري

إنقاذ مدينة "عكا" من الفرنج

بعد حصار طويل قام به الفرنجة على مدينة "عكا"، نزلوا في آخر أمرهم إلى الخندق، فقاتلهم المسلمون قتالاً شديداً، وصنعوا نيراناً عظيمة على السور، فانهزم الفرنجة، وتمّ استنقاذ هذه المدينة من حصارها الشديد.

سنة 587 هجري

وفاة الملك المظفر

توفي الملك المظفر تقي الدين عمر بن الأمير نور الدولة شاهنشاه بن أيوب بن شاذي صاحب حماة، وكان رحمه الله شجاعاً مهيباً، مقداماً جواداً، له مواقف مشهودة مع عمه السلطان "صلاح الدين"، وكان قد استنابه على مصر وحماة، وله مواقف تدل على علو همته في الجهاد.

سنة 597هجري

وفاة العماد الكاتب الأصبهاني

توفي محمد بن محمد بن حامد بن هبة الله ، المعروف بالعماد الكاتب الأصبهاني ، صاحب المصنفات والرسائل، اشتُهر في زمنه بالشعر والبلاغة، وقد صنّف عدة مصنفات جيدة السبك منها: الجريدة ‏(‏جريدة النصر في شعراء العصر‏)‏ و‏(‏الفتح القدسي‏)‏، و‏(‏البرق الشامي‏)‏، وغير ذلك من المصنفات المسجعة، وقد توفي في رمضان.

سنة 597 هجري

وفاة ابن الجوزي

توفي شيخ الإسلام جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن جعفر الجوزي ، وكان قد اشتهر بمواعظه، وله مصنفات عدة في كثير من الميادين، وقد توفي عن سبع وثمانين سنة.

سنة 626 هجري

وفاة الأديب ياقوت الحموي

توفي الأديب المؤرخ شهاب الدين ياقوت الرومي الحموي النحوي ، كان شاعراً جيد الشعر، وله مؤلفات عظيمة، منها: كتاب " معجم الأدباء"، وكتاب "الشعراء المتأخرين والقدماء"، وكتاب "معجم البلدان"، وكتاب "المبدأ والمآل في التاريخ"، وكتاب "الدول" وغيرها.

سنة 645 هجري

وفاة الحريري

توفي علي ، وهو المعروف بالحريري ، وقد كان عند الحريري مجون واستهزاء بأمور الشريعة والتهاون فيها، وإظهار لشعائر أهل الفسق والعصيان، وكان أثره الفاسد كبير على العامة والخاصة.



سنة654 هجري

حصول الحريق الكبير في المسجد النبوي

ذكر العلامة أبي شامة ‏:‏ أنه قد وقع في ليلة الجمعة مستهلّ رمضان في تلك السنة، حريق كبير في مسجد المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وقد حصل الحريق بسبب أحد القائمين على المسجد، إذ علقت ناره بالمسجد.



سنة 658 هجري



موقعة "عين جالوت"

بعد الاجتياح الكبير لقوات التتار لبلاد المسلمين، وبعد المجازر الرهيبة التي قاموا بها، استطاع المسلمون أن يوقفوا مدهم، وذلك بعد المعركة العظيمة التي جرت بين الفريقين عند "عين جالوت" بين "بيسان" و"نابلس"، وكان شعار المسلمين في هذه المعركة: "وا إسلاماه"، وانتصر فيها المسلمون بقيادة القائد الكبير "قطز".

سنة 663 هجري

انتصار المسلمين في المغرب على الإفرنج

ذكر الإمام ابن كثير خبرا يفيد انتصار المسلمين على الفرنجة، وقد قتلوا منهم خمسة وأربعين ألفاً، وأسروا عشرة آلاف، واستطاعوا استعادة اثنتين وأربعين بلدة، منها: "برنس"، و"أشبيلية"، و"قرطبة"، و"مرسية"، وكانت النصرة في يوم الخميس.

سنة 665 هجري

وفاة العلامة أبو شامة

توفي العلامة المجتهد شهاب الدين أبو القسم عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي والمعروف بأبي شامة ، كان مجيدا لعلم القراءات، عالماً بالنحو، مؤرخاً مشهوراً، وله تصانيف عديدة ومختصرات مفيدة.

سنة 666 هجري

فتح أنطاكية

وهي مدينة عظيمة، فيها خيرات كثيرة، وذكروا أن عدد بروجها مائة وستة وثلاثون برجاً، وكان فتحها على يد السلطان الملك الظاهر .

سنة 672 هجري

وفاة الإمام ابن مالك النحوي

توفي الشيخ جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك أبو عبد الله الطائي الحياني النحوي، كان إماماً حاد الذكاء، ظهرت براعته في النحو واشتُهر به، وهو صاحب تصانيف مشهورة، وأشهرها: "ألفية ابن مالك في النحو والصرف".

سنة 687 هجري

وفاة الإمام قطب الدين

توفي خطيب القدس، أبو الذكاء عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم القرشي الزهري العوفي النابلسي الشافعي، كان خطيباً لبيت المقدس، إماماً في التفسير، وله باعٌ في الفتيا، كما كان حسن الهيئة مهيباً عزيز النفس، توفّي عن أربع وثمانين سنة.

سنة 694 هجري

وفاة شرف الدين المقدسي

توفي الشيخ الإمام الخطيب شرف الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ كمال الدين أحمد بن نعمة بن أحمد المقدسي الشافعي ، اشتغل بالتدريس والفتيا، وتولّى القضاء نيابة بدمشق وأفتى فيها، وكان من أوعية العلم، واشتهر بالخطابة.

سنة 701 هجري

وفاة الشيخ شرف الدين البعلبكي

توفي الشيخ شرف الدين علي بن الشيخ تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الشيخ أبي الحسن أحمد بن عبد الله اليونيني البعلبكي ، سمع من والده الكثير، واشتغل بالفقه، وكان عابداً عاملاً كثير الخشوع. توفي مقتولاً، وقد تحسر الناس على وفاته.‏



سنة 702 هجري



معركة "شقحب"

أراد حفيد "هولاكو" الملك "قازان"، إنهاء حكم المسلمين في مصر، وتسليم بيت المقدس للنصارى، فجهّز لهذه المهمة جيوشاّ جرّارة، وتقدمت جيوشه إلى بلاد "حلب" و"حماة" حتى وصلت إلى "حمص" و"بعلبك"، فتصدى لهم المسلمون بعد أن قام شيخ الإسلام ابن تيمية بشحذ همم المسلمين شعوباً وحكاماً لمواجهة الغزاة، والدفاع عن المقدسات، ودارت رحى الحرب في سهل شقحب حيث كُتب النصر للمسلمين.

سنة 1010 هجري

وفاة الطاغية عبدالحليم اليازجي

توفي عبد الحليم الباغي المعروف باليازجي ، أحد الطغاة الذين خرجوا على السلطنة في زمن السلطان محمد الثالث، وحدثت بسببه الكثير من الفتن، وأريقت الدماء، واستبيحت الحرمات.

سنة 1014 هجري

وفاة المقريء عبدالرحمن اليمني

توفي عبد الرحمن بن شحاذة المعروف باليمني الشافعي، شيخ القراء وإمام المجوّدين في زمانه، وفقيه عصره، كان مجيداً للقراءات العشر، وأخذ علوم الأدب عن كثيرين.

سنة 1020 هجري

وفاة الأديب عبدالحق الدمشقي

توفي الأديب المشهور عبد الحق بن محمد بن محمد الحمصي الأصل الدمشقي الشافعي الملقب زين الدين الحجازي ، أثنى عليه كثير من علماء عصره، وكان أديباً متمكناً من فنون كثيرة، لطيف المعاشرة، وغلبت عليه العلوم العقلية مع إحاطة تامة بالعربية والأصول، توفي في النصف من رمضان.

سنة 1034 هجري

وفاة الأديب عبدالجواد المنوفي

توفي الأديب الكبير عبد الجواد بن محمد بن أحمد المنوفي المكي الشافعي ، كان فاضلاً أديباً حسن المذاكرة، أقام بمكة حيث أخذ عن علمائها، وولّي بها مدرسة، وأضاف إلى التدريس الإمامة والخطابة، وله مواقف تدل على همةٍ عاليةٍ.

سنة 1063 هجري

وفاة الإمام عبدالرحمن الصديقي

توفي الإمام عبد الرحمن بن زين العابدين بن محمد بن أبي الحسن البكري الصديقي ، كان عالماً متبحراً، جم الفضائل، محيطاً بكثير من الفنون، وكانت وفاته يوم الجمعة.

سنة 1098 هجري

وفاة الإمام عبدالرحمن بن يوسف البهوتي

توفي الإمام عبد الرحمن بن يوسف بن علي الملقب زين الدين البهوتي الحنبلي، ولد بمصر ونشأ بها، وقرأ الكتب الستة وغيرها من كتب الحديث، ثم اشتغل بالعلم، وبرع في مذهب الإمام أحمد .

سنة 1127 هجري

وفاة الإمام خير الدين

توفي الإمام خير الدين ابن الشيخ تاج الدين بن محمد بن إلياس ، والذي كان خطيباً وإماماً في المدينة، واشتغل بالتدريس والتأليف،‏ ‏وتولى نيابة القضاء ثلاث مرات، واعتنى الخطيب عبد الله الخليفتي بجمع فتاواه وسماها: ‏"‏الفتاوي الإلياسية‏"، وكذلك جمع ديوان شعره‏.

سنة 1249 هجري

عزل منيب أفندي من إدارة "عكا"

قام إبراهيم باشا بعزل منيب افندي من إدارة شؤون الحكومة في مدينة "عكا"، ثم عيّن الشيخ حسين مكانه مديراً لأمور هذه المدينة.

سنة 1368 هجري

وفاة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

توفي الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ ، مفتي البلاد السعودية في عصره، كان وعاء من أوعية العلم، بصيراً بأمور الناس، أنشأ دار الإفتاء وكان رئيساً لها، ونظم القضاء في بلاده، وقد تخرّج على يديه الكثير من الطلاب الذين نشروا علمه في كل مكان.

سنة 1393 هجري

الانتصار على القوات الإسرائيلية

تمكنت القوات المصرية في رمضان من عبور قناة السويس، والتي كانت توصف بأنها أصعب مانع مائي في العالم، ثم قاموا بمطاردة الجيش الإسرائيلي واحتلال مواقعهم، وقد اعتبر المؤرخون المعاصرون هذا الحدث أول انتصار عسكري للمسلمين على اليهود في العصر الحديث.

سنة 1398 هجري

تعيين الشيخ جاد الحق مفتياً لمصر

تم تعين الشيخ جاد الحق مفتيًا للديار المصرية، وكان له أعظم الأثر في تفعيل دور هيئة الإفتاء، والمحافظة على تراثها الضخم، ثم عيّن بعدها وزيراً للأوقاف في مصر.

سنة 1415 هجري

وفاة الشيخ صالح الخريصي

توفي الشيخ صالح بن أحمد بن عبد الله الخريصي ولد في مدينة بريده عام 1328هـ، ونشأ يتيما بين إخوانه، ثم توجّه للعلم الشرعي فدرس على يد عدد من العلماء والمشايخ، ثم تم اختياره إماماً ومدرساً لأحد مساجد بريده الكبار، وعُيّن بعدها قاضياً في بلدة -الدلم - ثم رجع إلى بريده وصار رئيس محكمة بريده حتى أُحيل إلى التقاعد.





سنة 1417 هجري



وفاة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الشعلان

توفي الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الشعلان إمام وخطيب المسجد الحرام، ولد في مدينة حائل عام 1326 هـ، وحفظ القرآن الكريم، ودرس اللغة والفقه على أيدي علمائها، ثم انتقل إلى الطائف حيث درس في دار التوحيد التي كانت تهتم بالعلوم الشرعية واللغة العربية، وبعدها التحق بكلية الشريعة بمكة المكرمة، وتخرج منها ليعمل قاضيا في المحكمة المستعجلة بمكة المكرمة ثم إماماً لمسجد النقاء بمكة ثم في مسجد الجميزة، ثم صدر أمر تعيينه إماماً وخطيبا في المسجد الحرام، بالإضافة إلى عمله رئيساً للمحكمة المستعجلة بمكة، وقضى بها نحو ثلاثين عاماً.



سنة 1420 هجري



وفاة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود

توفي العلامة الشيخ عبد الله بن زيد بن عبد الله بن محمد بن راشد بن إبراهيم بن محمود علم من أعلام قطر وعلمائها، درس على يد مفتي الديار السعودية العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وعلى عدد من علماء نجد، وتولّى التدريس في الحرم المكيّ لمدة سنة كاملة، ثم انتقل إلى دولة قطر قاضياً ومفتياً ومعلماً، وظل فيها حتى توفّي، وقد جاوزت مؤلفاته الستين مؤلفاً، وكان له أثر واضحٌ على مسيرة الدعوة في المنطقة.



سنة 1420 هجري



وفاة الشيخ صلاح الدين كبارة

توفي الشيخ صلاح الدين كبارة ، شيخ قراء طرابلس ولبنان، وأحد أبرز القراء اللبنانيين والعرب في العصر الحديث، تولّى الشيخ في حياته عدة مناصب مهمّة، كان من أهمها اختياره مقرئا لإذاعة فلسطين عام ثمانية وأربيعين، ومقرئا للمسجد العمري الكبير في بيروت، وكان ممثلاً للبنان في كثير من المؤتمرات، ثم شغل منصب القائم مقام مفتي الجمهورية اللبنانية، وكانت وفاته في الثالث والعشرين من رمضان عن عمر ناهز الثمانين عاماً.

سنة 1420 هجري

وفاة الشيخ أبو الحسن الندوي

توفي الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي عن عمر يناهز التسعين عامًا، وقد كان الشيخ من أبرز علماء القارة الهندية، وله جهود عظيمة في نشر الدعوة الإسلامية في ربوع العالم الإسلامي.
 
التعديل الأخير:

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

رمضان في العراق

2014_7_2_13_47_28_313.jpg


لشهر رمضان في العراق، كسائر بلاد المسلمين في أرجاء المعمورة، طعم خاص. حيث يبدأ الناس بالتحضير لهذا الشهر الكريم من خلال تجهيز المساجد لاستيعاب المصلين، الذين تعج بهم المساجد في هذا الشهر أكثر من أي وقت آخر. ويبادر الناس إلى شراء المواد الغذائية التي يحتاجونها في وجبات إفطارهم وسحورهم، والتي تشتمل عادة على المواد الغذائية الأساسية، إضافة إلى الحلوى، والعصائر، إلخ.

والملفت في رمضان عند أهل العراق أن نسبة كبيرة منهم يلتزمون بتعاليم هذا الشهر الكريم من صيام، وقيام، وتلاوة للقرآن الكريم، فتجد ذلك حتى بين صغار السن ممن هم دون سِنِّ التكليف، إذ يحرص أولياؤهم عادة على أمرهم بالصيام وغيره من العبادات تدريبًا لهم على العبادات في صغرهم.

ومن بين العادات التي يمارسها العراقيون في ليالي رمضان هي لعبة "المحيبس" التي تضم فريقين من الرجال، يقوم أحد أفراد الفريق الأول بإخفاء خاتم بإحدى يديه، فيمد جميع أفراد الفريق أيديهم مقبوضة، ليحزر أحد أعضاء الفريق الآخر في أي يد يوجد الخاتم، فإن نجح في ذلك أخذ الخاتم لفريقه ليقوموا بنفس العملية. يتخلل هذه اللعبة تناول المشروبات المرطبة، والحلوى التي تعد خصيصًا لمثل تلك الليالي الرمضانية، كما تخصص للفريق الفائز هدايا معينة.

ومن العادات في هذا الشهر كثرة الزيارات بين الجيران والأقارب في ليالي رمضان، يتناول خلالها المتزاورون أطايب الطعام، وأنواع الحلوى، ومختلف العصائر.

ومما اعتاد عليه العراقيون في شهر رمضان، جلسات الإفطار الجماعية التي تلم شمل الأقارب، فيجلس الرجال في مكان والنساء في مكان آخر لتناول وجبات الإفطار.

ويشد انتباه الداخل إلى المساجد العراقية لأداء صلاة التراويح كثرة المصلين من مختلف الفئات العمرية، وخاصة الشباب والأطفال..

وفي الثلث الأخير من شهر رمضان، يستعد الناس لاستقبال عيد الفطر من خلال تزيين البيوت لاستقبال المهنئين من الأقارب والأصدقاء. ويتم أيضًا تجهيز ألعاب الأطفال في الساحات والحدائق. ناهيك عن إعداد الحلوى، والعصائر، والمكسرات التي تقدم للضيوف والزوار.
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

رمضان في بنين


%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA_%D8%B9%D9%86_%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A8%D9%86%D9%8A%D9%86.jpg


دولة ( بنين ) تقع في القارة الإفريقية ، يزيد عدد سكانها على عشرة مليون ، ونسبة المسلمين فيهم تصل إلى ( 45% ) تقريبًا، ويتمتع المسلمون في بنين بالحرية في ممارسة العبادة.

يبدأ استعداد المسلمين في بنين لاستقبال شهر رمضان بتنظيف المساجد، وفرشها بالسجاد، وتزيينها بالأضواء. كما ويأخذ الناس بتحضير وتخزين ما يلزمهم من حاجات ومستلزمات خاصة بهذا الشهر الكريم.

ويخرج معظم الناس لالتماس هلال رمضان، وقد تختلف الرؤية من مكان لآخر، لاعتماد البعض على خبر وسائل الإعلام، واعتماد البعض الآخر على التقويم الحسابي . وإذا ثبت هلال رمضان، أُعلن خبر ذلك بين المسلمين، وعمت الفرحة القلوب.

يستقبل المسلمون في بنين شهر رمضان والفرحة تملأ قلوبهم، وحالما يتم ثبوت الشهر الكريم يبتهج الجميع بحلول شهر الخير، ويضرع الكل إلى الله أن يقبل منهم ما يقدمون من طاعات وقربات في هذا الشهر المبارك.

في هذا الشهر الكريم يُقبل المسلمون على قراءة القرآن حيث تنظم حلقات جماعية في المساجد والمدارس لهذا الغرض. وتتسابق فرق الحلقات في إتمام تلاوة القرآن الكريم خلال هذا الشهر. أما في العشر الأواخر من رمضان، فإنه يتم تلاوة القرآن كاملاً في بعض المساجد، وبعدها يتوجه الجميع بالتضرع إلى الله بأن تعم رحمته على البلاد والعباد. ثم تذبح بقرة لذلك بحضور الزعماء والكبار.

وتنظم المحاضرات لوعظ الناس وتثقيفهم بالعلم الشرعي، وتعقد مجالس العلم الشرعي، والتي تعرف باسم ( مجالس تفسير القرآن الكريم ) يتم فيها تفسير القرآن الكريم باللهجات المحلية أو باللغة الفرنسية. يلي هذه المجالس حديث عن بعض المسائل الفقهية، إضافة إلى مناقشة عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة.

وصلاة التراويح تقام في المساجد عادة، وقد تخصص لها بعض المصليات في الأماكن العامة، حيث يكون عدد الحضور غير معهود، كما وتحرص النساء المسلمات في بنين على حضور صلاة التراويح. وتصلى صلاة التراويح عشرين ركعة في أغلب المساجد، ويختم في بعض المساجد بالقرآن. وقد تلقى بعض الكلمات والمواعظ أثناء صلاة التراويح.

ويعتكف بعض المسلمين في بنين في المساجد، وخاصة في العشر الأواخر من رمضان، حيث يحيون تلك الليالي بالقيام، وتلاوة القرآن، والأذكار والأوراد، ونحو ذلك من أنواع الطاعات والقربات.

وليلة القدر عند مسلمي بنين هي ليلة السابع والعشرين من رمضان، حيث يتم إحياء هذه الليلة في المساجد في قراءة القرآن والذكر والدعاء، ومن مظاهر هذه الليلة عند مسلمي بنين توزيع الصدقات.

إلى جانب ذلك تنظم بعض المساجد في ليالي هذا الشهر بعض المسابقات الثقافية والعلمية للشباب، إضافة إلى أنها تسعى إلى تهيئة بعض الألعاب الخاصة بصغار السن، وتقيم العائلات الحفلات الاجتماعية، حيث يتم من خلالها تبادل الزيارات بين المسلمين، وتقديم التهاني بهذا الشهر، والتوجه بالدعاء إلى الله بالقبول والتوفيق.

وموقف غير المسلمين في بنين من هذا الشهر موقف محايد، فهم لا يتبرمون بهذا الشهر، ولا يظهرون شيئًا ينقص من حرمته، ولا يفعلون شيئًا يجرح مشاعر المسلمين، بل قد يتعاطفون معهم في صيامه، ويتقربون إليهم بأشياء لا يفعلونها في غيره من الأيام.
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

رمضان في عُمان


t.php


الاستعداد لاستقبال شهر رمضان في عُمان يكون عادة بالتهيؤ للشهر الكريم منذ وقت مبكر، وقبل دخول الشهر الكريم بشهور، حيث يتواصى الناس بالخير، ويذكر الناس بعضهم بعضًا باقتراب موعد حلول شهر رمضان.

يستقبل أهل عُمان شهر الخير بالفرح والبهجة والسرور؛ وأكثر ما تتجلى هذه المشاعر في الليلة الأخيرة من شهر شعبان؛ حيث يخرج الناس لمشاهدة هلال رمضان، ويتنافسون في مراقبة هلاله، فتراهم يبحثون عن الأماكن المرتفعة، فيصعدون إليها شغفًا وطلبًا للفوز برؤية الهلال؛ حيث إن رؤية الهلال لها مزية ومكانة عند الناس في عُمان، لذلك نرى أن من يسبق إلى رؤية هلال رمضان يشتهر اسمه بين الناس، ويذيع صيته.

أهل الخليج عمومًا عاداتهم متقاربة وأعرافهم متشابهة ؛ حيث تتنوع الأكلات الرمضانية عندهم، والتي منها ( الشربة ) و( الهريس ) و( الثريد ) وغير ذلك من الأكلات الخليجية المشهورة في هذا الشهر الكريم.

أما فيما يتعلّق بالحلوى ، فإن أهل عمان قد تميّزوا عمّن سواهم من أهل الخليج بـ " الحلوى العمانية " ، وهي حلوى لذيذة لا يخلو منها البيت العماني طيلة أيام العام ، ولها أنواع عدّة تتفاوت في قيمتها ومكوّناتها ، ويأتي في مقدمها " السُلْطانية " التي تُعتبر أغلى أنواع الحلوى ، ولا يحصل عليها إلا علية القوم من شيوخ القبائل وكبار التجّار نظرا لقيمتها المرتفعة ، تليها حلوى " بركا " وحلوى " نزوى " و " صحار " ، وتأخذ هذه الحلوى ألوانا عدة ، فمنها ما هو أسود اللون ومنها ما هو أصفر ومنها الأحمر ، ويتم إضافة اللوز أو الفستق إليها، وفي بعض الأنواع يُضاف إليها " الكازو " والزعفران والهيل والسمن العربي ، وحديثاً تم إدخال التمر في هذه الحلوى رغبة في تطوير صناعتها واستحداث مذاقاتٍ جديدة لها.

وظاهر الليالي الرمضانية قد لا تختلف عن غيرها من الدول الخليجية ، حيث يجتمع كل أصحاب القرية، أو الحي الواحد في أحد المساجد لأداء صلاة التراويح، وتتفاوت المساجد في أداء عدد ركعات صلاة التراويح حسب ما يراه أئمة المساجد ومشايخها؛ فالبعض يصلي التراويح عشرين ركعة، والبعض الآخر يصليها ثمان ركعات.

واجتماع الناس في رمضان ظاهرة بارزة عند أهل عُمان ، حيث يتكرر اجتماعهم أكثر من مرة في اليوم الواحد؛ فإضافة إلى اجتماعهم وقت أداء الصلوات المكتوبة؛ يجتمع الناس في حلقات لتدارس وقراءة القرآن بعد الفجر والعصر من أيام رمضان؛ كما يجتمعون عند تناول طعام الفطور في البيت داخل الأسرة الواحدة، أو في المسجد داخل أهل الحي الواحد؛ ويلتقي الجميع لشرب القهوة بعد أداء صلاة التراويح ؛ ومن العادات أيضًا عند أهل عُمان اجتماعهم في اليوم السابع والعشرين في الأسواق لشراء مستلزمات العيد.

وتعقد في هذا الشهر المبارك مجالس الصلح والمصالحة بين المتخاصمين والمتشاحنين والمتنافرين؛ حيث يسامح المتخاصمون بعضهم بعضًا، ويتناسى المتشاحنون ما كان بينهم من شحناء وبغضاء، ويصل المتقاطعون ما أمر الله به أن يوصل.

أما استقبال العيد عند أهل عُمان فله بهجته وموقعه الخاص في النفوس، حيث يخرج الناس إلى المصليات التي أعدت لأداء صلاة العيد، فيؤدون الصلاة جماعة. وتقام بالقرب من تلك المصليات مجمعات للتسوق، واستراحات للتعارف والتزاور واللقاء. ويرافق ذلك أحيانًا إطلاق بعض العيارات النارية احتفاء بقدوم العيد السعيد.

كما تُنَظم بعض اللقاءات بين الرجال يقومون خلالها ببعض الحركات ( الدبكات ) التي تدل على أصالة الأجداد ومفاخر التراث. ويلاحظ التواجد المكثف للأطفال في تلك المواقع حيث يحضرون ابتغاء الحصول على الهدايا والحلوى التي تقدم في العيد خصيصًا لهم.

وإن ذُكر العيد ذُكر معه أهم عاداته عند أهل عُمان ، تلك هي عادة " الشوا " ، وهي عرف اجتماعي من الأعراف المحبّبة لدى هذا الأهالي ، يجتمع فيها أهل الحي ليقوموا بما يشبه " حفلة الشواء الجماعية " ، وتبدأ مراسيم هذه العادة قبل العيد بعدّة أيّام حيث يتم تهيئة تنّور ضخم يتّسع لعشرين ذبيحة أو أكثر ، وهذا التنّور مبني من الحجر والطين ، كذلك يتمّ جمع الحطب وإعداد المكان المناسب.

وفي أول يوم للعيد - أو اليوم الثاني بحسب اختلاف المناطق هناك ـ وبعد الانتهاء من صلاة الظهر والفراغ من معايدة الناس وصلة الأرحام والأقارب ، يتجمّع أهالي المنطقة لتجهيز وإعداد اللحم الذي سوف يوضع في التنّور ، وينقسم أهالي الحي إلى مجموعات ويتم إعطاء كل مجموعة مهمّتها ، ويتم خلال ذلك تقطيع اللحم إلى أوصال مناسبة وإزالة الشحوم المتعلّقة بها ـ وذلك لأن الشحوم بطبيعتها سريعة الذوبان مما لا يتناسب مع طريقة الشواء هذه - ، ويضاف إلى اللحوم أنواعٌ خاصة من البهارات ، وتُلفّ كل قطعة لحم في ورق الموز أو " اللامبو " ، ويفضّل الآخرون استخدام " الشوع " بدلاً عن ذلك لأنه يعطي نكهة مميزة للحم بعد نضوجه ، كما أنه يحمي اللحم من الاحتراق داخل التنّور ، ثم يتم وضع اللحم كلّه داخل " الوخيفة " أو " الخيفة " ، وهو الجراب الذي يوضع فيه اللحم ، ويكون مصنوعاً من سعف النخيل ، ولها تسمية أخرى عند بعض المناطق وهي " الخصف " ، ويُراعي عند وضع اللحم داخل الجراب أن يتم توزيع اللحم على هيئة طبقات يُفصل بينها بورق الموز ، وإذا لم يُجد فإنهم يستعيضون عنه بورق القصدير.

وفي المقابل يتم تهيئة التنّور ويوضع فيه الحطب الذي قد تمّ إعداده مسبقا ، وتُوقد النار في هذا الحطب حتى يصبح جمرا متقداً ، عندها توضع " الخيفة " داخل التنّور ويُحكم عليها الإغلاق من أعلى التنّور بوضع غطاء حديدي يمنع تسرّب الأكسجين إلى الداخل أو دخول الأتربة على التنّور ، كما أن هذه الطريقة تساعد التنّور على البقاء حارّا يومين أو يزيد.

ويتفرّق الناس في هذا اليوم ، ليجتمعوا مرة أخرى في اليوم التالي قبيل الظهر ، حيث يتم استخراج اللحم من التنّور ، وتلك عملية تأخذ بعض الوقت نظرا لكثرة اللحم الموجود ، وفي الوقت ذاته تقوم النساء في البيوت بإعداد الأرز الذي سيؤكل مع هذا اللحم ، وبعد الانتهاء من الصلاة يذهب الناس إلى مجلس الحي أو القرية ليتناولوا الغداء معاً ، ويتم تخصيص جزء من اللحم للنساء اللاتي في البيوت.

ومما يذكر هنا في هذه المناسبة أن الناس يجتمعون عادة ليقوموا بزيارة شيوخ القبائل ، وقد يؤدي ذلك بهم أن يقطعوا مسافات طويلة ، ويستمرّ تبادل الزيارات بين أهالي المناطق المختلفة طيلة أيام العيد.
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38


رمضان في ماليزيا

520181623215783266272.jpg


تقع دولة ماليزيا في قلب منطقة جنوب شرق آسيا؛ ويحدها من الغرب أندونيسيا، ومن الشرق مملكة بروناي ( دار السلام ) ومن الشمال سنغافورة، ومن الجنوب تايلاند. ويبلغ عدد سكانها أكثر من ( 30 ) مليون نسمة، وتبلغ مساحتها الإجمالية ( 733ر329 ) كيلومترًا مربعًا، وماليزيا من الدول التي يعيش فيها أغلبية من المسلمين، يزيد عددهم على ( 16 ) مليون من إجمالي عدد السكان، كما يعيش فيها حوالي ( 25% ) من الصينيين البوذيين، و( 15% ) من الهندوس، وجنسيات أخرى متفرقة الأعراق، والإسلام هو دين الدولة الرسمي في ماليزيا، ورئيس الدولة من المسلمين، ويوصف الشعب الماليزي المسلم بأنه شديد التدين والحفاظ على تقاليده وعاداته.

يستعد المسلمون الماليزيون لاستقبال شهر رمضان بتنظيف المساجد والمنازل، وتُهرع النساء إلى شراء المزيد من احتياجاتهن المنزلية؛ استعدادًا لقدوم شهر رمضان.

وفي ليلة التاسع والعشرين من شهر شعبان يقوم بعض الأفراد بتحري رؤية هلال رمضان؛ واحتفاءً بهذا الشهر الكريم يقوم وزير الشؤون الدينية بنفسه بالتماس هلال رمضان، وحالما تتم ولادة هلال رمضان، يجري الإعلان الرسمي عبر وسائل الإعلام عن دخول شهر رمضان وبدء الصوم؛ حيث ينتظر المسلمون كلهم بفرح وسرور هذا الإعلان، فيخرجون إلى المساجد في جماعات، رجالاً ونساءً وشبابًا وأطفالاً، ويؤدون صلاة التراويح في جماعة، وبعدها يعود الجميع إلى بيوتهم لإعداد وجبات السحور.

وفور الإعلان عن دخول شهر رمضان تقوم البلديات برش الشوارع الرئيسة، وتنظيف الساحات العامة، وتنصب حبال الزينة والمصابيح الكهربائية في الشوارع الرئيسة للبلد.

ويقوم المسلمون هناك بتبادل التهاني فيما بينهم، ويعلق أصحاب المحال التجارية لافتات، كُتب عليها عبارات التهنئة بدخول شهر الصيام، مثل ( شهر مبارك ) و( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) وغير ذلك من عبارات التهنئة والفرح، التي غالبًا ما تكون باللغة العربية. كما وتضاء مآذن المساجد طوال الليل، ويُعلن من خلال تلك المآذن عن دخول شهر الصيام.

أما في القرى، فيحتفل المسلمون هناك بدخول الشهر الكريم بالتجمع في المساجد، وتهنئة بعضهم بعضًا، ويعلنون عن دخول شهر رمضان بقرع الطبول الكبيرة، وتسمى عندهم ( الدوق ).

والمساجد في ماليزيا تفتح أبوابها طوال هذا الشهر المبارك آناء الليل وأطراف النهار، ولا تغلق مطلقًا، على خلاف باقي أيام السَّنَة. وعند صلاة المغرب يُحضر أهل الفضل والسَّعَة معهم بعض المأكولات والمشروبات، حيث توضع على مفارش طويلة في الأروقة، وتكون الدعوة عامة ومفتوحة للجميع للمشاركة في تناول طعام الإفطار.

وبعد الانتهاء من صلاة المغرب يذهب المصلون إلى تناول وجبة الإفطار الأساسية مع عائلاتهم وذويهم في بيوتهم، ثم يخرج الجميع لأداء صلاة العشاء والتراويح في المسجد.

والجدير ذكره هنا، أن البخور يُحْرَص على إطلاقه واستمراره في المساجد؛ احتفاءً بشهر رمضان، وكذلك يقوم بعض الموسرين برش العطور والروائح الزكية في المساجد؛ تقديرًا منهم لمكانة هذا الشهر في نفوسهم، وعند الانتهاء من صلاة العشاء والتراويح يجتمع المصلون ثانية في المساجد لصلاة القيام، وقراءة ما تيسر من القرآن جماعات وأفرادًا. وعند استراحتهم يأكلون من الفاكهة بعضًا مما يحبون، ويتناولون من الحلوى شيئًا مما يشتهون، ويتعاهد أفراد الأسرة الماليزية على قراءة القرآن كاملاً في البيوت خلال شهر رمضان، ويصبح الشغل الشاغل للجميع قراءة القرآن وارتياد المساجد.

ويلاحظ أن الصبية في تلك البلاد يحرصون على ارتداء ملابسهم الوطنية، ويضعون على رؤوسهم القبعات المستطيلة الشكل؛ في حين أن الفتيات يرتدين الملابس السابغة الطويلة الفضفاضة، ويضعن على رؤوسهن الحجاب الشرعي.

والحكومة الماليزية تهتم وتولي عناية خاصة بشهر رمضان؛ وتتجلى هذه العناية وذلك الاهتمام بتشجيع المسلمين على العمل والنشاط والإنتاج في رمضان، وترصد لأجل ذلك الحوافز والجوائز خلال هذا الشهر.

وتقوم الإذاعة الدينية في ماليزيا بالإعداد لبرامج خاصة بشهر رمضان؛ محورها السيرة النبوية، وسير الصحابة الكرام، وأحكام الفقه، والتفسير، وتلاوة القرآن، وغير ذلك من المسابقات والمشاركات والفعاليات الرمضانية.

ومن معتاد الأسر والعائلات الماليزية تبادل الهدايا والأطعمة والحلويات مع بعضها البعض في هذا الشهر الكريم؛ تدعيمًا لأواصر المحبة والوئام بينها، وتعظيمًا لمكانة هذا الشهر في نفوسها.

وتمتلئ المساجد الماليزية في هذا الشهر بالمصلين في جميع الصلوات، ولا سيما في صلاتي العشاء والفجر؛ وعادة ما تقام الدروس الدينية والمواعظ هناك عقيب صلاة الفجر مباشرة، وتستمر تلك الدروس حتى تطلع الشمس، حيث يتوجه الجميع إلى عمله في حيوية ونشاط، إذ أكثر الناس هناك، وخاصة أصحاب الأعمال، لا يعرفون النوم بعد الفجر، بل يمارسون أعمالهم في وقت مبكر، وخاصة في هذا الشهر.

وعند اقتراب موعد أذان المغرب يتجمع الرجال والصغار في المساجد القريبة من منازلهم، في حين تعكف النساء على تحضير وتجهيز طعام الإفطار؛ ومع أذان المغرب، يفطر الرجال في المساجد على مشروب محلي يعدّونه مع بعض التمر، ثم يؤدون صلاة المغرب، ويعودون إلى بيوتهم لتناول طعام الإفطار مع عائلاتهم.

ووجبة الإفطار الماليزية تتعدد أنواع أطباقها، غير أن الأرز يبقى هو الطبق الأساس والأهم بين تلك الأطباق، ويكون إلى جانبه اللحم أو الدجاج. وبعد الإفطار يفضل الجميع شرب القهوة الخفيفة أو الشاي.

بعد تناول وجبة الإفطار الأساسية، يتوجه الجميع إلى المساجد لأداء صلاة العشاء والتراويح؛ والمسلمون هناك يصلون صلاة التراويح عشرين ركعة في أغلب المساجد، ويشترك في هذه الصلاة الجميع، كبارًا وصغارًا، ورجالاً ونساءً، وشيوخًا وشبابًا.

ومع الانتهاء من صلاة التراويح تعقد مجالس العلم، وتنظم حلقات القرآن؛ حيث تتحلق جموع المصلين في حلقات لسماع دروس العلم الشرعي من أهل العلم، وغالبًا ما تنفض تلك الحلقات مع حلول منتصف الليل، ثم يغادر معظم المصلين إلى بيوتهم، بينما يمكث البعض في المسجد لقراءة القرآن والعبادة.

وما زال المسلمون في ماليزيا يحرصون على شخص ( المسحراتي ) فهو حاضر في العديد من القرى والمدن مع بداية رمضان، ومستمر إلى نهايته؛ حيث يقوم بالتطواف في الأزقة، والطواف على الأحياء والبيوت، لينبه الناس للاستيقاظ لتناول طعام السحور، وهو يبدأ نشاطه ذاك قبل الفجر بساعة تقريبًا.

ومن عادة المسلمين هناك أن يتناولوا بعد الفراغ من طعام السحور شرابًا يسمى ( الكولاك ) وهو شراب يساعد على تحمل العطش، ويدفع الظمأ عن الجسم في نهار رمضان، ناهيك عن أنه يزود شاربه بطاقة وقوة خاصة تعينه على القيام بعمله وواجبه أثناء الصيام.

وتُنَظِّم كثير من المساجد في هذا الشهر مسابقات القرآن الكريم، والمسابقات الدينية في موضوعات العلوم الإسلامية، من فقه وحديث وتفسير...حيث يشارك فيها الكثير من شباب وفتيات هذا البلد المسلم، ويتم توزيع الجوائز والهدايا في احتفال كبير تشرف على تنظيمه ورعايته وزارة الشؤون الدينية، وتُنقل وقائعه عبر وسائل الإعلام كافة.

والمساجد في العشر الأواخر من رمضان تلقى إقبالاً محمودًا، وحضورًا مشهودًا من العُبَّاد والمعتكفين؛ بحيث لا يكاد يخلو مسجد من المساجد هناك من قارئ للقرآن، أو قائمٍ يصلي في المحراب، أو عاكف على عبادة الله.

وكما ذكرنا بداية، فإن في دولة ماليزيا طوائف غير مسلمة، فهي في عمومها ترعى للمسلمين حرمة في هذا الشهر؛ فلا تأكل جهارًا في نهار رمضان، ولا تقوم بممارسات تجرح مشاعر المسلمين، بل وأحيانًا يشارك بعضُهم المسلمين في أنشطتهم الرياضية، وفعالياتهم الترفيهية التي تقام هنا وهناك من أرجاء تلك البلاد. ويعتبر المسلمون هناك هذه المشاركة وسيلة لتعريف هؤلاء بحقيقة الإسلام وعالميته، وكثيرًا ما تثمر هذه اللقاءات والمشاركات نتائج إيجابية في مجال الدعوة للإسلام.

ومع اقتراب شهر رمضان للرحيل، واقتراب حلول يوم العيد، يقوم بعض المتخرجين من المدارس والمعاهد الدينية بعمل لجان في المساجد لجمع زكاة الفطر، ومن ثم يقومون بتوزيعها على الفقراء والمحتاجين؛ كما ويوزع بعض أهل الخير الملابس الجديدة، وحلويات العيد، والأموال على الفقراء والمحتاجين. كل ذلك يجري في جو أخوي وإيماني، يدل على مدى التكافل والتعاطف بين المسلمين في تلك البلاد، حيث يكون الجميع في غاية السعادة والفرح مع قدوم عيد الفطر.
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

رمضان في كندا


687b93a42fcd2ee82e282b23e10501a9497ce9b5-090616114248.jpg


يشكل المسلمون المقيمون في كندا نسبة قليلة لا تبلغ المليون نسمة من مجموع السكان البالغ عددهم قرابة الخمسة والثلاثين مليون نسمة، والمسلمون في تلك الديار لا يتمتعون بحرية ذات شأن تذكر، وخاصة بعد الأحداث التي شهدتها الساحة العالمية في السنوات الأخيرة.وعلى الرغم من ذلك، فإن الجالية الإسلامية في كندا تترقب بشوق ولهفة مجيء شهر رمضان المبارك - شهر الخير - حيث تعم الفرحة جميع المسلمين هناك لدى سماعهم خبر ثبوت الشهر الكريم، فيهنئ المسلمون بعضهم بعضًا بقدوم شهر رمضان، ويتبادلون مشاعر الأخوة والمحبة فيما بينهم، معبرين عن ذلك بقول بعضهم لبعض: ( كل عام وأنتم بخير ).

وليس من المعتاد عند المسلمين في تلك الديار الخروج لالتماس هلال رمضان، إذ هم في العادة يكتفون بخبر وسائل الإعلام، وبمجرد أن يثبت خبر دخول الشهر الكريم حتى يسارع الجميع للمباركة والتهنئة، باللقاء أو الاتصال أو بما تيَّسَر لديهم من وسائل ينقلون من خلالها فرحتهم، ويُعبِّرون عن بهجتهم وسرورهم بقدوم الضيف المبارك شهر الخير والعمل.

ولا تُلاحظ تغيرات ذات شأن ووزن تطرأ على حياة المسلمين في كندا مع دخول الشهر الفضيل، إذ تبقى الحياة سائرة حسب وتيرتها المعتادة، ووفق نظامها المألوف، وهذا أمر طبيعي؛ إذ لا يشكل المسلمون هناك نسبة تسمح لهم بسيادة عاداتهم وممارسة شعائرهم الإسلامية التي عهدوها في بلادهم الأم.

ومع ذلك، فلا نعدم أن نجد بعض المسلمين في كندا يحافظون على التمسك بالهدْي النبوي ما وسعهم الأمر في ذلك؛ فأحيانًا نجدهم يحرصون على الحفاظ على سنة تناول طعام السحور، وهم غالبًا يفطرون على التمر والحليب، أو التمر والماء، أو ما تيسر لهم من مشروبات.

كما وإن الإفطار الجماعي في المساجد يُعتبر مَعْلَمًا بارزًا خلال هذا الشهر الكريم؛ حيث تجتمع الجاليات الإسلامية من جنسيات مختلفة على مائدة واحدة، يتناولون طعام الإفطار سوية، ثم يؤدون صلاة التراويح جماعة، والتي قد يتخللها في بعض الأحيان درس ديني أو كلمة إيمانية يلقيها بعض الشباب الملتزم، أو بعض الدعاة الذين يزورون تلك البلاد خلال هذا الشهر الكريم.

ويصلي المسلمون صلاة التراويح هناك عشرين ركعة غالبًا، ويُختم القرآن في بعض المساجد، وفي البعض الآخر يُقرأ في صلاة التراويح بما تيسر من القرآن. وربما كان قلة المساجد وبعدها عن مساكن كثير من المسلمين مانعًا مهمًا من حضور الكثير لأداء صلاة التراويح في جماعة. ومن أشهر المساجد التي يؤمها المسلمون في كندا مسجد ( السنة النبوية ) في مدينة ( مونتريال ) العاصمة، حيث يرتاد المسلمون في تلك المدينة وضواحيها هذا المسجد خلال هذا الشهر الكريم بشكل ملفت للانتباه.

وتشهد أغلب النساء صلاة التراويح في المساجد، ولا يتخلف منهن إلا من كانت صاحبة عذر، أو ضلت سواء السبيل في غمرة تلك الحياة الفاتنة.

ويُعقد في كل يوم من أيام شهر رمضان مجلس قرآني، يتولى أمره بعض الحافظين لكتاب الله والمتقنين لتلاوته؛ حيث يستمع للحضور التي تقرأ بين يديه، ويصحح لهم ما يقعون فيه من أخطاء التلاوة، كما ويتعرض بين الحين والآخر لشرح معنى آية أو كلمة تحتاج إلى شرح، أو يجيب عن سؤال يوجه إليه من بعض الحضور في ذلك المجلس.

أما سُنَّة الاعتكاف في هذا الشهر فلا يحافظ عليها إلا القليل من المسلمين؛ إذ قلما تجد أحدًا قد اعتكف في مسجد من المساجد في تلك البلاد، غير أن المساجد في ليلة السابع والعشرين تكتظ بجموع المصلين والملتمسين لبركة ليلة القدر، حيث يعتقد المسلمون هناك أن ليلة السابع والعشرين هي ليلة القدر، ولأجل هذا الاعتقاد يحرص الكثير على إحياء تلك الليلة، والعكوف في المساجد إلى طلوع فجر تلك الليلة، ثم يذهب كلٌّ من حيث أتى، راجيًا رحمة ربه، وآملاً عفوه وغفرانه.

أما عن إخراج صدقة الفطر، فلا تلقى كبير عناية واهتمام من مسلمي تلك الديار، إذ لا يخرجها إلا البعض، والأكثر يغض الطرف عنها. والذين يخرجونها يتولون ذلك بأنفسهم؛ حيث لا توجد جميعات ولا هيئات رسمية تقوم بأمر الجمع والتوزيع.

أما عن ليالي المسلمين الرمضانية في كندا، فهي لا تختلف كثيرًا على غيرها من ليالي السنة، سوى أداء صلاة التراويح، وقراءة شيء من الذكر الحكيم، وما تبقى من ساعات تلك الليالي فتسير على حالها ومنوالها، بين سهر في طاعة الله وطلب رضوانه، وبين سهر في معصية الله، وفعل ما يسخطه؛ ومما يؤسف له أن كثيرًا من الشباب في تلك الديار قد فتنته مغريات تلك الحضارة الزائفة، وأخذت من عقله وقلبه كل مأخذ، وركن إليها كل الركون، وهم عن الآخرة معرضون، وعلى الدنيا وشهواتها مقبلون. ولا يمنع هذا الوضع من أن تجد هناك بعض الشباب المسلم - على قلتهم - الذين لا يزالون يتمسكون بدينهم، ويلتزمون بأحكامه أشد الالتزام، وهم فوق ذلك يقبضون عليه كالقابض على الجمر.

ومظاهر الإخلال بحرمات هذا الشهر الكريم عادة ما تظهر بين المسلمين الذين لا يصلون، ولا يقيمون للدين وزنًا، ولا يرعون له حرمة؛ فتجدهم لا يكترثون بشيء من تعاليم الإسلام، ولا يلتزمون بشيء من آدابه وأحكامه.

وغير المسلمين في كندا ليسوا في العير ولا في النفير، كما يقول المثل العربي. وإذا كان لكل قاعدة استثناء، كما هو معروف ومشهور، فإن ما رُوي لنا يصدق تلك القاعدة، ويشد من أزرها، وهو أن بعض أهل تلك البلاد من غير المسلمين كان يصوم شهر رمضان خلسة وخفية من غير أن يُخبر أحدًا، أو يدري به أحد، بل ربما لا يتجرأ هو نفسه على أن يبوح بسره وفعله لأحد قريب أو بعيد !!
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38



رمضان في موريتانيا



%D9%85%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%20-%20%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF.JPG


أول ما يُلاحَظ عند الموريتانيين في شهر رمضان اختلافهم في ثبوت هلاله. ذلك أن الدولة قد عينت لجنة خاصة لمراقبة الأهِلَّة، للبت في أمر رؤية الهلال. غير أن فريقًا من الناس لا يعبأ بما تصدره تلك اللجنة من قرارات، فلا يصوم إلا حين تثبت رؤية الهلال لديه من خلال أشخاص يثق بعدالتهم وصدقهم ودينهم، أو بتمام شعبان ثلاثين يومًا. وغالب الناس هناك يخرجون لالتماس الهلال عملاً بالسُّنَّة.

والشعب الموريتاني كغيره من شعوب أهل الإسلام يستقبل شهر الصيام بالفرح والابتهاج والسرور؛ ومن عبارات التهنئة المتعارف عليها هناك قولهم: ( مبارك عليكم رمضان ) و( الله يعيننا على صيامه وقيامه ).

وتكثر في هذا الشهر الزيارات، وصِلة الأرحام. وتمتلئ المساجد بالشيوخ والأطفال والشباب والنساء، وتقام المحاضرات الدينية في أكثر المساجد.

وعلى الصعيد الرسمي تقوم الدولة بإرسال عشرات الشاحنات المحملة بالتمور والأرز والقمح والسكر والحليب والزبدة وغيرها من المواد الاستهلاكية إلى مختلف أنحاء البلاد، ليتم توزيعها في المساجد على الصائمين لتساعد في وجبات الإفطار.

وتشرف الجمعيات والمؤسسات الخيرية على توزيع الأطعمة والأغطية على المرضى في المستشفيات، كما يتم تقديم مساعدات مادية لسكان البوادي والمناطق النائية.

وللموريتانيين عادات وتقاليد في شهر رمضان؛ منها الاستماع إلى صلاة التراويح منقولة على الهواء مباشرة من الحرمين، ولا عجب في ذلك، إذ ثمة فرق في التوقيت بين مكة وموريتانيا يصل إلى ثلاث ساعات، وهم يحسبون أن في ذلك تعويضًا روحًيا عن أداء مناسك العمرة وزيارة المسجد النبوي في هذه الفترة... وينهمك بعضهم في تسجيل أشرطة عن الصلاة في الحرمين، ويتباهون في تقليد قراءة الشيخين: علي الحذيفي، وعبد العزيز بن صالح.

ومن عادات الموريتانيين في مجال العبادة المثابرة على قراءة كتب التفسير في المساجد والبيوت، كما تُنظَّم بعض الحلقات لتدريس كتب الحديث، ولا سيما صحيحي البخاري ومسلم. ويتولى أمر هذه الدروس عادة أئمة المساجد، أو رجال الدعوة، أو طلبة العلم الذين ينشطون خلال هذا الشهر المبارك.

ولا يزال الناس هناك يحافظون على سُنَّة السحور، ومن الأكلات المشهورة على طعام السحور ما يسمى عندهم ( العيش ) وهو ( العصيدة ) عند أهل السودان.

وللموريتانيين عاداتهم في وجبات الإفطار، مثل الحرص على تناول بعض التمر، ثم يتناولون حساءً ساخنًا، ويقولون: إن معدة الصائم يلائمها الساخن في بداية الإفطار أكثر مما يلائمها البارد. ثم يقيمون الصلاة في المساجد أو البيوت، وعند الانتهاء منها يشربون شرابًا يسمونه ( الزريك ) وهو عبارة عن خليط من اللبن الحامض والماء والسكر. أما الحلويات فالمشهور عندهم منها التمر المدعوك بالزبد الطبيعي.

ومن ثَمَّ تأتي وجبة الإفطار الأساسية التي قد تتكون من ( اللحم ) و( البطاطس ) و( الخبز )...والناس هناك تختلف عاداتهم في توقيت هذه الوجبة؛ فمنهم من يتناولها مباشرة بعد الفراغ من صلاة المغرب، ومنهم من يُؤخرها إلى ما بعد صلاة العشاء والتراويح، ثم يشربون بعدها الشاي الأخضر. والجدير بالذكر أن تناول الشاي الأخضر لا توقيت له عندهم، بل وقته مفتوح، فهم يشربونه الليل كله، ولا يستثنون منه إلا وقت الصلاة.

والأكلات على طعام الإفطار تختلف من مكان لآخر، ومن الأكلات المشهورة على مائدة الإفطار طعام يسمى ( أطاجين ) وهو عبارة عن لحم يطبخ مع الخضروات، ويؤدم به مع الخبز.

وتقام صلاة التراويح في مساجد البلاد كافة، وتصلى ثماني ركعات في أغلب المساجد، ويحضرها غالبية السكان، بينما يصليها العجزة والمسنون في البيوت. وفي ليلة السابع والعشرين يُخْتَم القرآن الكريم في أكثر المساجد. وفي البعض الآخر لا يختم القرآن إلا ليلة الثلاثين من رمضان، وبعض المساجد تختم القرآن مرة في كل عشر من رمضان، أي أنها تختم القرآن ثلاث مرات خلال هذا الشهر الفضيل. وتشارك النساء في صلاة التراويح بشكل ملحوظ. ومن العادات المعهودة عند الموريتانيين في صلاة التراويح قراءة الأذكار والأدعية والقرآن بشكل جماعي. أما الدروس الدينية أثناء صلاة التراويح فقلما يُعتنى بها.

ومن العادات عند ختم القرآن في صلاة التراويح أن يُحضِر بعض الناس إناء فيه ماء ليتفل فيه الإمام، ثم يتبركون بذلك الماء.

وبمجرد الانتهاء من وجبات الإفطار، والفراغ من صلاة التراويح يبدأ الناس ينتقلون في أطراف القرية لتبادل الزيارات مع الأصدقاء والأحباب، وتجاذب أطراف الحديث، واحتساء ( الأتاي ) وهو الشاي الأخضر المخلوط بالنعناع.

ويحرص الجميع هناك على قيام ليلة القدر وإحيائها بالذكر والعبادة، وهم يعتقدون في أغلبهم أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان. ومن المظاهر المعهودة في صبيحة هذه الليلة التسامح والتصافي بين الناس، والسعي إلى الصلح والإصلاح بين المتخاصمين والمتنافرين.

وسُنَّة الاعتكاف خلال هذا الشهر تلقى حضورًا من بعض كبار السن، ومن بعض الشباب الذي ينتهز هذه الفرصة للإقبال على الله وتجديد التوبة معه. وفي هذا الشهر يعكف غالب الناس على تلاوة القرآن؛ فقد تجد من يختم القرآن كل يوم وليلة. بل قد تجد بعضهم يختم القرآن ثلاث ختمات في يومين. أي بمعدل ختمة في النهار ونصف ختمة في الليل.

ومن الجدير ذكره، أن مؤذني تلك البلاد لا يتقيدون بوقت محدد للأذان، خاصة أذان المغرب، وأيضًا إمساكهم عن الطعام مبكرًا قبل أذان الفجر.

والجميع هناك يلتزم إخراج زكاة الفطر، والعادة أن يتولى الأفراد ذلك بأنفسهم لعدم وجود جهات رسمية أو خيرية تتولى أمر جمعها وتوزيعها على مستحقيها. كما يحرص أهل الفضل والسعة على إقامة الموائد الرمضانية التي يُدعى إليها الفقراء وذووا الحاجة.

ومن الطريف عند أهل موريتانيا اصطلاحاتهم الخاصة في تقسيم أيام الشهر المبارك؛ فالمصطلح الشعبي عندهم يقسم الشهر المبارك إلى ثلاث عشرات: (عشرة الخيول) و(عشرة الجِمال) و(عشرة الحمير) وهم يعنون بهذه التقسيمات: أن العشرة الأولى تمر وتنتهي بسرعة الخيل؛ لعدم استيلاء الملل والكسل على النفوس، أما العشرة الثانية فإن أيامها أبطأ من الأولى لذلك فهي تمر بسرعة الجمال... ثم تتباطأ الأيام في وتيرتها حتى تهبط إلى سرعة الحمير!!

والوسط الموريتاني لا يخلو من بعض المارقين والخارجين على الأخلاق الرمضانية. حيث يقوم البعض بالسهرات الماجنة، والحفلات الغنائية، ونحو ذلك. إلا أن ذلك ولله الحمد قليل جدًا خلال هذا الشهر بالمقارنة مع باقي أيام السنة.
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

رمضان في اليمن


629.jpg


يرتبط رمضان ارتباطا وثيقا مع أصالة هذا البلد وعمقه الحضاري ، وكانت لهذه المظاهر التراثيّة بصماتها الواضحة على هذا الشهر الفضيل ، وتبدأ هذه العادات منذ اللحظة التي يتحرّى الناس فيها رؤية الهلال قبيل رمضان ، وفي الغالب تُعتمد رؤية أهل الساحل أكثر من غيرهم من أهل الجبال.

وهناك عادة اجتماعية كانت موجودة إلى عهد قريب ، وهي أنه إذا أُعلن عن غد أنه رمضان ، يقوم الأطفال بأخذ أكوام من الرماد ويجعلونه على أسطح المنازل على هيئة أوعية دائرية ، ثم يصبون فيها الجاز ويشعلونها ، وقد اندثرت هذه العادة في المدن ولازال البعض يمارسها في القرى.

وعند التأكد التام من دخول شهر رمضان يهنّئ الناس بعضهم البعض على قدوم هذا الشهر ، وفي الغالب يتبادل الناس هذه التحايا في أول نهار من رمضان.

في الصباح الرمضاني لا تكاد تجد أحدا مُستيقظاً ، تكون الشوارع خالية والمحلات مقفلة ، سوى محلات قليلة جدا يلجأ الناس إليها عند الحاجة الملحّة ، ويتأخّر الدوام الحكومي إلى الساعة التاسعة أو العاشرة صباحا.

وأما عند الظهر فيلاحظ على المساجد امتلاؤها ، حيث يقبل الجميع إلى الصلاة ، وبعد الصلاة يظل أغلب الناس في المساجد يقرؤون القرآن ويذكرون الله تعالى ، ويصطحب الناس معهم أولادهم كي يشار***م في هذا الأجر.

ولطول هذه الجلسة يلجأ بعضهم إلى اصطحاب ما يُسمّى " الحبوة " وهي حزام عريض يقوم الشخص بوضعه على محيط جسده بحيث يضمّ إليه قدميه ، ومثل هذا يساعده على الجلوس في وضعية الاحتباء لساعات طويلة دون أن يشعر بالتعب ، وتُستخدم " الحبوة " بكثرة في جنوب اليمن . أما بالنسبة لأهل الشمال فيأتون بالمخدّات التي يضعونها خلف ظهورهم أو المتّكأ وينطقونها هناك " المتْكى " ، ويظل الجميع في هذا الجوّ الإيماني حتى يصلّي الناس صلاة العصر.

وبعد صلاة العصر تكون هناك كلمة إيمانية قصيرة يلقيها إمام الحيّ أو أحد الدعاة المتواجدين ، ثم يكمل البعض جلوسه في المسجد ، بينما يخرج الآخرون لقضاء حوائجهم وتجهيز لوازم الإفطار.

وعندما يقترب أذان المغرب ، يستعدّ الناس للإفطار بحيث يأتي كل واحد منهم بشيء من إفطاره إلى المسجد ليجتمعوا هناك ويفطروا معاً ، مما يزيد في تعميق أواصر التقارب بينهم ، كما أنه مواساةٌ للفقراء الذين لا يجدون ما يفطرون عليه.

يقوم الناس بفرش مائدة طويلة تّتسع للمتواجدين في المسجد ويضعون فيها الأطعمة والمشروبات المختلفة ، بحيث يجتمع المصلّون على هيئة صفوفٍ ويكون الأكل جماعيّا ، وأهم ما يميّز هذه المائدة أكلةٌ تُسمّى بـ" الشفوت " وهي من أكلات أهل الوسط والجنوب ، كذلك هناك التمر والماء و" الحلبة " المخلوطة بالخل ، والمرق والشوربة والسمبوسة ، ولا بد من وجود " السحاوق " وهو مسحوق الطماطم مع الفلفل ، ومن خلال ما سبق نلاحظ أن عناصر هذه المائدة خفيفة على المعدة ، ولذلك فإن الوقت بين الأذان والإقامة يكون قصيرا بحيث لا يتجاوز السبع دقائق.

وبعد الصلاة يرجع الناس إلى أهاليهم كي يتناولوا الإفطار الحقيقي ، وبالطبع فإن عناصر المائدة تكون أكثر دسامةً وتنوّعاً ، حيث يقدّم فيها : " اللحوح " واللبن ، و " الشفوت " وشوربة " العتر "، ويُضاف إلى ما سبق مرق اللحم أو الدجاج، وقد يأكلون " العصيدة " وإن كان هذا نادراً بسبب ثقل هذه الوجبة على المعدة.

ومن المشروبات المشهورة في شمال البلاد مشروب " القديد " ، وهو المشمش الذي يجفّف بالشمس حتى يصبح يابساً ، ثم يوضع في الماء نصف يومٍ مع السكّر ، وينبغي شربه في نفس اليوم الذي يجهز فيه ؛ لأنه إذا تُرك فترةً طويلة يتخمّر ويصبح فاسداً.

وللحلويّات في المائدة نصيب ، فبالإضافة إلى المهلّبية ـ والتي يسمّونها هناك المحلّبية ـ والجيلي ، توجد هناك أكلة شعبية لذيذة اسمها " الروّاني " ، وهي نوع من أنواع الكيك بالبيض والدقيق ، ويُضاف إليها ماء السكّر.

أما أهالي الجنوب فيوجد في بعض مناطقها كحضرموت وغيرها من يأكلون الأرز على الإفطار بالرغم من كونها وجبةً ثقيلة ، وحينها يأكلون الأرز مع اللحم " المضبي " أو " المندي " أو " المضغوط " أو " الحنيذ " ، كذلك يأكلونه مع " المقدّد " أو " اللخم " وهي أسماك مجفّفة ويكون طعمها مالحاً ، وفي أنحاء عدن و شبوة ويريم يأكلون اللحم أو الدجاج مع الصالونة.

وبعد الانتهاء من الإفطار ، يرى البعض أن يقوم بشرب الشاي أو القهوة ريثما يحين وقت الصلاة ، وقد يأكلون " القلاّء " ، وهي عبارة عن فول صغير محمّص ، فهو إذاً بمثابة المكسّرات.

ثم يقوم الجميع بالتجهّز للصلاة ، ويلاحظ أن وقت الإقامة يُؤخّر نصف ساعة مراعاة لأحوال الناس ، ويصلّي الناس أحد عشر ركعة، وبعضهم يصلّي إحدى وعشرين ركعة ، وبعد كل أربعة ركعات يأتي أحد المصلّين ويقوم بتطييب بقية المصلين ، وقد يضعون الماء المبخّر في المسجد.

فإذا انتهت الصلاة في المسجد ، ينفضّ الناس إلى أعمالهم أو بيوتهم ، ويقوم الأغلب في الذهاب إلى ما يُسمّى بمجالس القات ، وهي تكتّلات شعبية يجتمع فيها أهل اليمن بأطيافه المختلفة لأكل القات ، وعادة ما يصاحب هذه الجلسات النارجيلة – ويسمونها " المدع " – والدخان وغيرها من المظاهر السيئة ، وفي أثناء هذه الجلسات تدور نقاشات ساخنة حول قضايا مختلفة ، وقد يصاحب هذه الجلسات مشاهدة التلفاز أو اللعب بــ " الكيرم " أو " البطّة ".

أما ما يخصّ مظاهر العيد واستعداداته ، فما إن يتم الإعلان عن يوم العيد حتى يقوم الأطفال بعمل ما يُسمّى " تنصيرة العيد " ، وحاصلها أن يقوم الأطفال بإشعال كومة من الأخشاب المحروقة في أعالي الجبال ، وأصل هذه العادة جاءت من احتفال الأجداد بانتصاراتهم على أعدائهم بإشعال نيران على رؤوس الجبال ، وألقت هذه العادة بظلالها على أطفال المدن فقاموا بممارسة العادة لكن على نحوٍ مختلف ، وذلك بأن يقوموا بجمع الإطارات التالفة وإشعالها في الحارات والأماكن العالية ، ولا يخفى على الجميع المضار الصحيّة والبيئية الناتجة عن إحراق مثل هذه الإطارات ، الأمر الذي جعل السلطات تقوم بمنع مثل هذه الأعمال في المدن.

من ناحية أخرى تبدأ النساء بتجهيز كعك العيد ، وهو كعك محشو بالتمر يُعمل بأشكال شتّى ، ولا ينبغي نسيان الحلويات والمكسّرات مثل الفستق والزبيب واللوز ـ والأخيران هما من أهم ما يُجهّز -.

وفي صباح العيد يبدأ الأولاد ـ صغارا وكبارا ـ بالسلام على آبائهم وتقبيلهم على ركبهم ، ثم يذهبون إلى المصلّى ، والذي يكون عادة خارج المدينة ، وبعد الصلاة يتبادل الناس التهاني على حلول العيد بعبارات مختلفة كقولهم : " من العايدين ومن الفايزين ، وعيدكم كل عيد " ، ثم يذهب الجميع لزيارة أقاربهم والسلام على أرحامهم وهذا أمرٌ ضروري جدا ، وهنا يأتي " عَسَب العيد " ومعناه أن يذهب كل شخص إلى أرحامه بكيس مملوء بالنقود ليقوم بتوزيعه على النساء من أقاربه ، ويكون على هيئة مبلغٍ رمزي يُعطى كنوع من الصلة.

وهذه الزيارات للأرحام تكون على هيئة زيارات متبادلة سريعة ، بحيث يسلّم الشخص على رحمه ويأكل شيئا من الكعك ثم يبادر بالخروج ، فإذا انتهى من جولته عاد إلى بيته.

وقبل الظهر يخرج " المزيّن " وهو شخص يحمل طبلا أو طاسة يضرب عليها ليقوم الناس برقصات جماعية " البرْعة " أي : الرقص بالخنجر ، وهذه الرقصات تختلف كيفيّتها من قبيلة إلى أخرى ، فهناك الرقصة الخولانية والحيمية والهوشلية وغيرها.

ثم يبدأ " النَّصْع " وهو الذهاب إلى المناطق الخالية من الجبال ليتبارى أهل القبائل على الرماية وإظهار الكفاءة في التصويب.

وخلال أيام العيد كلّها ، تُقام المجالس الكبيرة لتناول القات ، ويقصدها الناس من كل مكان ، وفي الجملة فإن عادات أهل اليمن كثيرة ، تظهر بينها فروقات بسيطة من منطقة إلى أخرى.
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

رمضان في ألبانيا


albaniaramadan4_171052.jpg


تقع ألبانيا في جنوب شرق أوربا، وهي إحدى دول شبه جزيرة البلقان، ويبلغ عدد سكانها نحو 3.4 مليون نسمة، ونسبة المسلمين تزيد على 80% من مجموع السكان، الذين أكثرهم ألبانيون ونسبة قليلة منهم يونانيون، ويتمتع المسلمون في ألبانيا بحرية دينية مقبولة، وتسمح لهم الدولة بممارسة شعائرهم الدينية، ويوجد في ألبانيا حاليًا نحو (270 ) مسجدًا، من أصل نحو ( 1667 ) مسجدًا، كان يصلي فيها المسلمون الألبان قبل أن يأتي الحكم الشيوعي، ويمنع حرية ممارسة الأديان.

ويبدأ استعداد المسلمين في ألبانيا لاستقبال شهر رمضان بتوزيع بعض الكتيبات والمطويات التعريفية، التي تبين فضل الشهر الكريم على غيره من الشهور؛ كما يقوم أئمة المساجد والدعاة بتقديم بعض الدروس والمحاضرات والتي يكون محورها فضل شهر رمضان. ويتم عادة استقدام بعض الأئمة والعلماء من تركيا خلال هذا الشهر الفضيل، للاستفادة من علمهم وتوجيههم؛ وإمامتهم في صلاة التراويح خاصة، حيث يحرص أئمة المساجد في ألبانيا على ختم القرآن في هذا الشهر، فيتلو الإمام "التركي" جزءًا من القرآن يوميًا في المسجد بعد صلاة الظهر، ويلتف حوله المصلون يستمعون إليه وهو يقرأ آيات الذكر الحكيم.

ومن جملة استعداد المسلمين في ألبانيا لاستقبال هذا الشهر تهيئة الأماكن الخاصة بأداء صلاة التراويح التي تشهد حضورًا مميزًا، وإقبالاً عامًا.

المسلمون في ألبانيا ينتظرون هذا الشهر بشوق شديد، ويستعدون له أتم استعداد؛ وما أن تُعلن المشيخة الإسلامية عن بدء الصوم حتى تعم الفرحة قلوب الجميع، ويتبادلون عبارات التهنئة بقدوم الشهر الفضيل، كقولهم: ( عيدكم مبارك ) و( رمضان مبارك ) و( رمضان كريم ) ( Gezuar Ramazanin ).

ومع ثبوت دخول شهر رمضان تُسمع أصوات الطبول في أماكن متفرقة من ألبانيا؛ إعلانًا وإعلامًا بثبوت هلال رمضان. ولا تقتصر عملية قرع الطبول ليلة ثبوت رمضان على فترتي السحور والإفطار، بل تستمر في بعض المناطق أثناء النهار ليوم أو يومين، ابتهاجًا وفرحًا بقدوم شهر الطاعة وشهر المغفرة. بعدها تقتصر عملية قرع الطبول على وقت السحور ووقت الإفطار فحسب. كما يُبث أذان المغرب عبر القناة الرئيسة كل يوم من أيام الشهر الفضيل.

ومع بدء شهر الصوم يصوم جميع المسلمين الألبان، المتدينون منهم وغير المتدينين على حد سواء.

ومن العادات الحميدة عند الألبان أنهم لا يسهرون، وهم يأوون إلى مضاجعهم مبكرين، ويستيقظون لتناول وجبة السحور، عونًا لهم على صيام يومهم.

وشخصية ( المسحراتي ) موجودة في تلك الديار، ولعلها منقولة عن طريق الأتراك إليها؛ حيث يمر رجل يحمل ( طبلة ) يوقظ الناس بها، مرددًا بعض الأدعية والابتهالات الدينية. ومع نهاية الشهر يعطيه السكان ما تجود به أيديهم من المال أو العطايا.

والإفطارات الجماعية تكثر في الشمال والوسط الألباني حيث يكثر تواجد المسلمين هناك؛ ويقوم عليها بعض الجمعيات الخيرية، وقد كانت تلك الجمعيات الخيرية فيما مضى من الزمن تقوم بنشاط محمود ومشهود في مجال أعمال البر والخير، وقد قلَّ نشاطها في الآونة الأخيرة نتيجة التطورات والتداعيات التي تشهدها الساحة العالمية.

ومن العادات المحمودة عند الألبان في رمضان ازدياد الألفة والمودة بين الناس، حتى بين المسلمين والنصارى؛ فتقل الخصومات، وتكثر الزيارات، ويتأثر النصارى بجو رمضان، بل إن بعضهم يسأل عن موعد ليلة القدر، ويحرص على تحريها، والأعجب أن بعضهم يصومها؛ لأنهم يعرفون قدرها ومنزلتها !!

وليس كل المسلمين في ألبانيا يلتزمون بأداء الصلاة، إذ إن بعضهم لا يعرف من الإسلام إلا الاسم فحسب؛ فالملتزمون بأحكام الإسلام عددهم قليل، وبعض كبار السن ينظر إلى رمضان على أنه مجرد عادة لا عبادة، فهم لا يكادون يعرفون شيئًا عن مكانة هذا الشهر، وكل ما يعرفونه أن يجب عليهم الانقطاع عن الطعام والشراب أثناء النهار فحسب، كما وتنتشر بعض البدع والخرافات في بعض الأماكن النائية. إلا أن لشهر رمضان احترامًا خاصًا، ومكانة عظيمة، ومنزلة رفيعة لدى معظم المسلمين الألبان.

وتعقد في مساجد ألبانيا خلال شهر رمضان دروس العلم، وحلقات تلاوة القرآن، يقوم بها الأئمة من تلك البلاد، والمقيمون هناك من العرب والأتراك . ومن أهم المساجد هناك، مسجد ( دينه خوحا = Dine Hoxha ) وهو في العاصمة، ومسجد ( أنهم بي = Ethem Beu ).

ويمضي الألبان ليالي هذا الشهر بين صلاة التراويح، وقيام الليل، ومجاذبة أطراف الحديث.

وفي هذا الشهر تكثر أعمال البر والإحسان بين الناس، فيُخرج الناس صدقات أموالهم بأنفسهم، أو يدفعون بها إلى الجهات الخيرية حيث تتولى أمر توزيعها على مستحقيها. ويصل الناس أرحامهم وذويهم، وتكثر اللقاءات والاجتماعات بين المسلمين في أيام وليالي هذا الشهر الكريم، حيث يتبادل الناس الأحاديث الدينية، ويتناقشون في شؤون وشجون إخوانهم المسلمين في بقاع العالم الإسلامي.

صلاة التراويح عند مسلمي ألبانيا لها مزية خاصة، إذ تلقى إقبالاً غير معتاد، وتصلى عادة في المساجد إن تيسر ذلك، وإلا تصلى في بيوت أحد الناس. وتصلى في أغلب المساجد عشرين ركعة، وتصلى في بعض المساجد ثمان ركعات فقط. ويحرص الكثير من النساء المسلمات في ألبانيا على حضور وأداء هذه الصلاة. ويختم القرآن في بعض المساجد أثناء صلاة التراويح. وبعد الفراغ من صلاة التراويح يكون دعاء جامع يتولاه إمام الصلاة، أو أحد الصالحين، ويؤمِّن الجميع من ورائه.

ثم إن من الغريب هناك أن بعض الجُهَّال يصلون صلاة التراويح فحسب، ولا يصلون الصلوات الخمس المفروضة، لا في رمضان ولا في غير رمضان.

أما سُنَّة الاعتكاف فهي غير معهودة عند كبار السن من المسلمين الألبان، غير أن الشباب المسلم الجديد، وخاصة الذين تلقوا دراستهم في العديد من البلدان الإسلامية يحرصون على إحياء هذه السنة، والمحافظة عليها، فهم يعتكفون في المساجد في العشر الأخير من هذا الشهر، ويمضون أوقاتهم في طاعة الله وعبادته، وينبهون من حولهم لأهمية إحياء هذه السُّنَّة المباركة.

وليلة القدر عند مسلمي ألبانيا هي ليلة السابع والعشرين، وهم يحتفلون بها غاية الاحتفال، ويجتهدون في العبادة فيها وسعهم، ويمضون معظم الليل قائمين خاشعين لله.

ومع قرب رحيل شهر الخير، يأخذ الناس بالتهيؤ لاستقبال ضيف جديد، وقادم عزيز، إنه العيد وما يحمله من أفراح وأتراح، وهموم وشجون...فهو مناسبة عزيزة عند الجميع للالتقاء، وتبادل الزيارات، والسؤال عن الأحوال، والتطلع إلى الآمال.
 
أعلى