ذو القـرنـيـن

أسيرالشوق

المراقب العام
إنضم
18 أكتوبر 2007
المشاركات
55,084
مستوى التفاعل
48
النقاط
48
ذو القرنين

وكان أسم ذي القرنين الصعب . وهو ذو القرنين بن الحارث الرائش بن قيس بن صيفي بن سبأ الأصغر بن كعب بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن بكر بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ ابن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام.

ولي الملك بعد أبيه الرائش، وهو الذي مكن الله له في الأرض وبلغ مشارقها ومغاربها، وذكره الله في كتابه، وسار بين الصدفين، وسد السد على يأجوج ومأجوج خلاف ما يزعمه بعض أهل العلم والمؤرخين واللغويين من أنه الإسكندر الروماني فإن الإسكندر اليوناني باني الإسكندرية لم يسد سداً، وكان يلقب بذي القرنين، وهو غلط فاحش وبذلك روجوا على ضعاف العقول وعارضوا القرآن العظيم، بأنه لا يوجد سد ،

ويقال: إن المقدوني اليوناني أو الإسكندر الروماني لم يسد سداً، وإنما الذي أقام السدود ذو القرنين، واسمه الصعب بن الرائش وقد ذكر المصطفى الغلاييني في كتابه فقال: تلقيب الإسكندر المقدوني بذي القرنين قد استفاض على ألسنة كثيرة من الناس واللغويين والمفسرين والمؤرخين وهو غلط فاحش؛ فإن ذا كلمة عربية محض؛ وذو القرنين من ألقاب ملوك اليمن، وكان منهم ذو جدن وذو كلاع وذو نواس وذو نشاتير وذو رعين وغير ذلك من ألقابهم.

وذو القرنين، وهو الذي مكن الله له في الأرض وعظم ملكه وبنى السد على يأجوج ومأجوج، وهو الصعب بن الرائش.

وقد سئل ابن عباس رضي الله عنه عن ذي القرنين الذي ذكره الله في كتابه العزيز فقال: هو من حمير، وهذا يقوى أنه الصعب وأنه غير الإسكندر المقدوني باني الإسكندرية، هذا يوناني وهذا عربي، وكلاهما ملك ملكاً عظيماً، فأفهم هذا فإنه الحق الذي لا محيد عنه.

وقد حققه أبو الفدا في تاريخه فراجعه عند ذكر الطبقة الثانية من ملوك الفرس، وكانت العرب قد ذكرته في أشعارها، ويفتخرون به ويعدونه في الملوك من قومهم، ويسمونه الصعب.
ويؤخذ من أكثر الشعراء أن اسم ذي القرنين الصعب، عند العرب، ووقع ذكر ذي القرنين أيضا في كثير من أشعار العرب: في شعر امرئ القيس، وطرفة ودوس ومذحج وغيرهم، وفي كتاب نشر المحاسن اليمانية شيء كثير مما يطول نقله، هذه الأشعار إشارة تدل على أن ذا القرنين هو هذا وليس المقدوني.

ثم ملك بعده ابنه أبرهة ( ذو المنار ) بن الصعب ذو القرنين المتقدم ذكره. وذكر أنه ثبت على وصية أبيه ذي القرنين وعمل بها وحفظها، وهو أول من نصب الأعلام ، وبنى الأميال والعلامات على الطريق والمناهل ؛ فلذلك سمي ذا المنار.

قلت : وهو ليس ( المسمى ابرهة الجبشي ) – صاحب الفيل - الذي اراد هدم الكعبة .
وذكروا أن أبرهة ( ذو المنار ) هذا . ضرب في البلاد العاصية من شرقها وغربها ليفتحها ويأخذ إتاوتها وفي بعض الكتب، أن خراسان أخو فارس، وأخوهما كرمان والكرز الأكبر، وأبوهما يافث بن نوح عليه السلام، أما الروم الأولى فمن ولد إرم بن سام بن نوح ولإخوتهما الصقالبة والخزر واللات والكابل والصين والسند والهند وكل هؤلاء قد ملكها أبرهة بعد أبيه ذي القرنين الصعب.

ثم إن أبرهة ذا المنار وصى أبنه عمراً ذا الأذعار فقال له:

يا بني أن الملك ( بضم الميم ) زرع ، والملك ( بفتح الميم وكسر اللام ) قيم ذلك الزرع، فإن أحسن القيم قيامه عليه في سقايته عند حاجته، وفي إبعاد غرائب النبات عنه، وبتعاهده إياه بالحماية عند المؤذيات من البهائم والطير، زكا حصاده، وحمده القيم، واستكرمت الأرض. وإن كان القيم غير ذلك، فلم يتفقد الزرع، ولم يتعهده بالحماية والحفظ أوهنه العطش، وأكلته الطيور، وداسته البهائم فلا الزرع نام، ولا الأرض معمورة، ولا القيم محمود.

قال ثم إن عمراً ذا الأذعار ولى الملك بعد أبيه وخرج يتفقد الأعمال في شرق البلاد وغربها، فكان لا يسمع به قوم إلاولوا على أدبارهم خائفين مذعورين ، فلذلك سمي ذا الأذعار،

وهو أبو تبع الأول. وقال المسعودي: وملك خمسا وعشرين سنة، وغزا ديار المغرب، وسار إليه كيقالوس ابن كنعان ملك فارس، فبارزه وانهزمت جنود كيقالوس وأسره ذو الأذعار،

ثم إن عمرا ذا الأذعار وصى ولديه تبع ورفيدة، فقال لهما:

غيركما يجهل الملك وسياسته ورعايته وصلاحه، وما يحتاج إليه الملك من المداراة والمحاباة والمناوى. وما الملك إلا رحى تدور على قطب، فإن جعل لها من ذلك قطبا آخر وقفت الرحى وما دارت وتعطلت أسبابها وانقطع رجاء أهلها. فهذا لتعلموا أن الملك لا يستوي لاثنين إلا أن يكون أحدهما المقتدى والآخر المقتدى به، وقد علمتما أن التاج لا يسع رأسين ولا يجتمعان في تاج أبدا، كما لا يصلح سيفان في غمد واحد .

فأمر ابنه رفيدة بطاعة أخيه تبع، وهذا أول من ملك من التبابعة.
ثم إن تبع ولى الملك بعد أبيه وقلد الوزارة لأخيه رفيدة، وكان إلى تبع ما يكون إلى الملك، وكان لرفيدة ما يكون إلى الوزير، فبقيا على ذلك دهرا طويلا على وصية أبيهما وسار الملك تبع في الناس سيرة أبيه ذي الأذعار، وبسط العدل والإحسان في الأرض ورزق الهيبة وأعطى من الطاعة ما لم يعط أحدا ممن قبله،
قال وكانت مدائن ملوكهم صنعاء، والملوك من كهلان في مأرب على ثلاثة مراحل منها، وكان بمأرب السد الذي ضربته بلقيس ملكة من ملوكهم، وهو سد ما بين جبلين بني بالصخر والقار، فحفظت به ماء العيون والأمطار، وتركته فيه على قدر ما يحتاجون إليه في سقيهم، وهو الذي يسمى ( العرم ) .

ويقال: إن الذي بناه حمير، وهو أبو القبائل اليمانية ويقال: إن الذي بناه لقمان بن سناد الأكبر،

وقيل بناه سبأ بن يشجب بن يعرب، وهو الأليق. وأنه ساق إليه سبعين وادياً ومات قبل تمامه، فأتمه ملوك حمير من بعده.

هؤلاء التبابعة عدة ملوكهم في عصور متتابعة وأحقاب متطاولة لا يضبطها الحصر.
وكانوا متجاوزين ملوك اليمن إلى أبعد عنهم من العراق والهند والمغرب .

ثم ولي الملك بعد تبع ابنه حسان، وهو ملك كرب، وهو الثاني من التبابعة .

وذكر أنه وصى ابنه إفريقيس، فقال له:

يا بني إن الملك صنعة، والملك صانع، فإن قام الصانع حق قيامه على صناعته، إستجادها الناس له، واستحكم أمره فيها فكسب لها المال والجاه وكانت له عدة وذخيرة. وإن استهان بها ولم يقم حق قيامه عليها، ذهبت الصنعة من يده، وتقطعت منافعها عنه، وأكتسب الذم لنفسه والحرمان. وكل نفس لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.

ويقال: إن حسان هذا هو قاتل أخيه. وهو الذي يعرف بأقرن ؛ توفي في أرض المغرب بعد أن ملك خمسين سنة وقد ملك الأقطار.

ثم ولى الملك بعده ابنه إفريقيس، فلما استقر الملك له غزا بقبائل العرب بلاد المغرب، وبنى بها مدينة وسموها باسمه إفريقية. وساق البربر إليها من أرض كنعان ، وقتل الملك جرجير.

ويقال هو الذي سمى البربر بهذا الاسم ؛ لأنه لما فتح بلاد الغرب وسمع رطانتهم قال ما هذا ? ما أكثر بربرتهم ! فسموا البربر وكلمة البربر في لغة العرب هي اختلاط أصوات غير مفهومة.

ولما رجع من غزو المغرب، ترك هناك من قبائل حمير صنهاجة وكتامة، وهما بها إلى الآن.

قال الطبري والجرجاني والمسعودي وابن الكلبي وجميع النسابين وهذا هو الثالث من التبابعة. ثم إفريقيس وصى أخاه أسعد أبا كرب الكامل، فقال:

قد علمت ما وصانا به أبونا مما عهد إليه أبوه من وصايا الآباء والأجداد، وسياسة هذا الملك الذي أوتيناه دون غيرنا. فعليك بالتمسك بما وجدتني عليه من بث العدل واصطناع الرجال، ومكايدة العدو، والصفح عند الاقتدار، وسد الثغور، وصف الخلل.

وذكروا أن أسعد الكامل ملك كرب، وهو الرابع من التبابعة وولى الملك بعد أخيه فسار في الناس سيرة الأوائل من آبائه وأجداده، وملك من البلاد ما لم يملكه غيره، وأعطى من العدل والعدة ما لم يعطه ملكا.

وذكر أن أسعد مرض مرة وأشرف على الموت منها، وذلك بعد انصرافه من سفره الذي دخل فيه بحر الظلمات ، وكان له ابن يقال له حسان الأصغر؛ سماه باسم أبيه، وذكروا أنه لم يملك ومات قبل أبيه، وهو الذي ذكره أبوه أسعد الكامل في شعره،

قال الاسد : ( بحر الظلمات ) هو في نهاية بلاد المغرب غربا ( هو المحيط الاطلسي ) ؛ ويبدو ان الملك اسعد الكامل حاول عبوره ( مجازفة ) الى ما وراءه ؛ ولو انه اتمها و نجح لأصبحت ( الامريكتينمن ديار العرب ) اليوم .
او لاطلق المستكشفين الاوربين على سكانها ( العرب الحمر ) على اقل تقدير . ههههههه .

وذكروا أن حسان مات قبل أبيه،

فلم يكن أحق بالملك بعد أسعد الكامل من جده المعمر، الذي يعرف بقرمل؛ وهو تبع بن زيد بن رفيدة، وهو الخامس من التبابعة ؛ فقال له يوصيه :

ما من شيء إلا وله أصل وأساس، وأصل الملك والأساس الرجال، وأساس الرجال الإحسان إليها؛ ومن أحسن إلى الرجال أطاعته وسمعته له، ومن سمعت له الرجال وأطاعته دانت له البلاد ومن فيها، ومن دانت له البلاد من فيها فهو مالكها بعد الله، ومالكها لا يدوم له الملك فيها إلا بالعدل والإحسان، فإنه لا طاعة لمن لا عدل له، ولا ملك لمن لا إحسان له .

ثم إنه حفظ وصيته وعمل بها فحسنت سيرته، وملك ما مالكه الأوائل من آبائه وأجداده،
ثم إنه وصى ابنه ياسر وهو السادس من التبابعة، وقال يا بني:

إن الملك مصباح، والملك واقد ذلك المصباح، فإن حفظه من ريح تطفئه أو ذبالة لا تسائغه، أو مستوقد يخونه، دام له ذلك المصباح وسلم ضياؤه ونوره، وإن بعد عنه ولم يقم به حق قيامه عليه، طفأه الريح، فإن سلم من الريح لم يسلم من احتراق الذبالة، ولا يأمن عند احتراق الذبالة في موقد المصباح، أن يظل المستوقد. فلا النور ساطع، ولا المستوقد صحيح؛ ولا الذبالة سالمة، ولا الواقد محمود.

وياسر هذا المسمى بياسر النعم. ولى الملك بعد أبيه تبع بن زيد بن رفيدة بن عمر ذي الأذعار، وحفظ وصية أبيه تبع، وثبت عليها، وعمل بها، وسار بسيرة آبائه وأجداده في سياسة الملك فيما بينه وبين الناس، ولم يتعد سيرة أسلافه.

وهو الذي وطئ أرض العراق وفارس والروم وفتح مدنها ، وضرب مدينة الصفد ووادي جيحون، وكان ملكه مائة وستون سنة. وذكر بعض الرواة أنه ملك بلاد الروم واستعمل عليهم ماهان فهلك ماهان،

وملك بعده ابناه قيوس وياسر.

ثم إن ياسر ولى الملك بعد أبيه تبع، وثبت على وصيته وحفظها، وعمل بها، في سياسة الملك بينه وبين الناس، ولم يتعد سيرة أسلافه؛ وسنن أوائله. وأنه وصى ابنه شمر فقال له :

يا بني دبر الملك، فإن التدبير ثباته ؛ والإحسان سياسته؛ والعدل قوامه، والرجال عزه، والمال نجدته، والعشيرة عدته، فلا ملك لمن لا تدبير له؛ ولا ثبات لمن لا إحسان له، ولا إحسان لمن لا عدل له؛ ولا عدل لمن لا قوام له، ولا قوام لمن لا رجال له، ولا رجال لمن لا عدل له.

وذكر أن شمر ذا الجناح ولي الملك بعد أبيه وكان من أعظم الملوك سلطاناً، وهو الذي يقال له تبع الأكبر،

وهو الذي سار في بحر الظلمات بعد أسعد، ووصل منقطع الأرض ، يطلب فيها ما طلب ذو القرنين.

قال الاسد : ( هنا محاولة ثانية ) لعبور المحيط الاطلسي ( الى المجهول ) – ارض الامريكتين – وفي اعتقادي ان تبع هذا و قبله أسعد الكامل ملك كرب، وهو الرابع من التبابعة . ربما بلغهما شائعة عن وجود ارض و ناس خلف بحر الظلمات ولكنها معلومات غير مؤكدة لديهما والله اعلم .
ولكن ماذا عنى المؤلف بقوله : ( وصل منقطع الأرض ) .

وأسعد هو الذي بنى مدينة سمرقند وإليه تنسب. وكتب على باب مرو الكتاب الذي يعرف. وله آثار أشتهر بها إلى اليوم.

وكذلك كتب على باب الصين حين فتحها وملكها،

وكتب على باب بلاد المغرب الذي ليس وراءه إلا الرمل ، الذي ترتطم أمواجه كأمواج البحور. وتجري كما تجري السيول في أوديتها ، فلم يجد فيها مجازا. وعبر بعض أصحابه فلم يرجعوا ، فأمر بصنم من نحاس فنصب على شفير الوادي وكتب في صدره بالخط المسند الحميري :

( ليس وراءه مجاز؛ فلا أحد يتكلف فيذهب ويعطب )


قال الاسد : ( هنا سجلت لنا نتائج المحاولتين الأولى و الثانية ) ؛ وانه ( عبر بعض أصحابه فلم يرجعوا ) .
لذلك كتب على باب بلاد المغرب ( الذي ليس وراءه إلا الرمل ، الذي ترتطم أمواجه كأمواج البحور. وتجري كما تجري السيول في أوديتها ) . : ( ليس وراءه مجاز؛ فلا أحد يتكلف فيذهب ويعطب ) .

قال هشام الكلبي: وقد ذكر ذلك دعبل بن علي الخزاعي إذ يقول في شعره:

وهم سمروا سمرقند بأسمرهم وهم غرسوا بأيديهم دفـينـا
وهم كتبوا الكتاب بباب مـرو وباب الصين كانواالكاتبينـا

قال: ثم إن تبع ولي الملك، وهو أبو كرب، وهو أول من بشر برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد سبأ، وبعد أسعد الكامل، وحج وطاف البيت أسبوعاً، ونحر البدن وكسا الكعبة وجعل لها بابا، ومغلاقاً،

وذكر أن تبع هذا هو الذي رتب الملوك، وأبناء الملوك من قومه في قبائل الغرب والعجم، ومدائنها وأمصارها فكان لكل قبيلة من العرب ملك من حمير، وكهلان، يسمع له ويطاع،

ثم جمع الملوك، وأبناء الملوك، والأقيال وأبناء الأقيال، وقال لهم:

أيها الناس إن الدهر نفذ أكثره، ولم يبق إلا أقله، وإن الكثير إذا قل فهو إلى النقصان أرى منه إلى الزيادة، وإنكم لتسلكون طريق الآباء والأجداد وتصيرون إلى ما صاروا إليه .وكل يوم يمر على المرء من حياته ولكل زمان أهل؛ ولكل دائرة سبب. هذه الفترة من عز فيها يعز بظهور نبي يعز الله به دينه، ويخصه بالكتاب المبين على إياس من المرسلين، ورحمة للمؤمنين، وحجة على الكافرين .
فليكن ذلك عندكم وعند أبنائكم قرناً فقرنا، وجيلاً فجيلا؛ لتتوقعوا ظهوره وتؤمنوا به وتجتهدوا في نصرته، على كافة الأحياء، حتى يفيء الناس إلى أمر الله تعالى .


وذكروا أن الملوك وأبناء الملوك من حمير وكهلان، لم تزل تتوقع ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوصي بالطاعة له، والإيمان به، والجهاد معه، والقيام بنصرته من ذلك العصر إلى ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا له حين بعث من أحرص الناس على نصرته وطاعته، فمنهم من سمع وصدق، ومنهم من رآه ونصره، وجاهد في سبيل الله دونه، حتى أتاه اليقين، نطق بذلك الكتاب المبين في قوله جل شأنه: ( والذين تبوءوا لدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ) إلى آخر الآية .
وقوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) إلى آخر الآية.

ويقال: إنهم همدان ونجيب، وذكروا أن يوسف ذا النواس لما انتقل إليه الملك ظهر له الحسد من بعض قومه، وبلغه عنهم قوارض يلفظون بها في أمره، فأقبل إليهم وقال :

أيها الناس ما من رئيس حقد فأفلح، ولا من رام أمراً أستعجل فيه فنجح. وكاف بمن يقول ملك يوسف ذو نواس هذا الأمر وليس من ورثته ولا من أبناء من حازه قبله، ليس الأمر كما ذكر وزعم الزاعم. ولكن للملك أساس من حازه حاز الملك.

ويقال ذو نواس هذا الذي خد الأخدود، وكان يدين باليهودية وكانت اليمن تدين باليهودية من عصر تبع، وحدثت النصرانية في نجران، وفي بعض اليمن حين أتاهم فيمون، وهذا سببه وخبره يطول شرحه.

وذكروا ان ذارعين وأسمه بريم بن زيد، ويقال إنه من كهلان، وإنه ولي الملك وأحسن السيرة، وملك ملكا عظيما .

ويقال: إنه أقبل على أهل بيته وولده وكان قد عمر طويلا حتى ضعف بصره، وكل سمعه، وقال لهم:

يا بني إني قد حفظت وصايا الأوائل من أسلافي، وملكت ملك آبائي وأجدادي، وأفادني الكبر والشيب من الأدب والزيادة في المعرفة ما يصلح به المرء دنياه ومعيشته وما يحيي المآثر والمكارم أكثر مما ورثني الآباء والأجداد.

وذكروا أن بنيه وبني عمه حفظوا هذه الوصية وعملوا بها، وكانت سيرتهم محمودة، وذكروا أن ذا الأنفار لما ولى الملك وساسه أقبل على عشيرته. فقال :

الاثنان وإن قرب أمرهما أمثل من الواحد، وإن عظم أمره. اجتمعوا تعزوا ولا تفرقوا تذلوا.

وذكروا أن حول بن حرب بن ذي نفار ولي الملك، وساس على سنن الأوائل من أسلافه وأجداده، واسمه عامر، وذكروا أنه أقبل على بنيه واخوته، فقال لهم:

ما كل موص بالغ فيما يوصى كل ما يريد. إن البلاغة دليل لإصابة مواقع الحكم. يا بني: أطيعوا الأشد منكم تعزوا، ولا تعصوا أمره فتذلوا، واجتمعوا تهابوا، ولا تتفرقوا وتعاونوا، وأنصفوا الناس واعدلوا فيما يعرض عليكم من أمورهم تحمدوا، وحسنوا أخلاقكم معهم تسودوا، وإن الشرف مع الحمد حيث كان، والعز مع الإنصاف حيث استبان، والطاعة مع السؤدد.

وذكروا أن مناخ حفظ الوصية وعمل بها، وأجرى الناس على عاداتهم، واستدام له الأمر. ثم دعا اخوته وقومه من بني عبد شمس فقال لهم:

إن المرء لا يسود إلا بكرمه، ولا ينال منتهى العز إلا بقومه، ولا يرزق محبة الناس إلا بالإحسان إليهم، ولا ينال الملك إلا ببذل المال للخاصة والعامة، ولا يدوم له الملك إلا بعدله وإحسانه.​
 
إنضم
13 يونيو 2015
المشاركات
77
مستوى التفاعل
2
النقاط
8
جزاك:

و تفـضـلوا بـقـبول أسـمى آيات العـرفان و التـقـديـر و الاحـتـرام .
 
أعلى