[ المســيّر و المـخـيّـر ]

إنضم
13 يونيو 2015
المشاركات
77
مستوى التفاعل
2
النقاط
8
إنّ الإنسـان [ مخـيّر ] بقـدر مـا يعـلم ، و [ مـسـيّر ] بقـدر مـا يجهـل .
_ مثال على ذلـك : إذا كـنتِ من سـكان مدينـة ، فأنت [ مخـيـرة ] بيـن مجموعة طرق للذهـاب لمكـان معـيّن ، و لكن إذا كـنتِ غـريبة عـن المدينة ، فأنت [ مـسـيّرة ] حسـب إرشـادات الدليل .
.
اللـوح المحـفـوظ :
إنّ [ اللـوح المحـفوظ ] عـند الله تعـالى ، فيـه كـل الأمـور الأسـاسية في الكـون ، و [ الغـير قابلة للتغـيـير ] ، سـواء آمـن الناس أم كـفروا ، مثال : ( كـل نفـس ذائـقة المـوت ) الأنبياء 35 ، سـواء آمـن الناس أم كـفروا فالـكل سـوف يمـوت ، و القرآن الكـريم نـزل مـن : [ اللـوح المحفـوظ ] ، يقول تعالى : ( بل هـو قـرآن مـجـيد في لـوح محـفوظ ) البروج 22 .
.
الإمـام المـبين :
إنّ : [ الإمـام المـبيـن ] عـند الله تعالى ، هـو سـجـلّ يتـمّ فيه : [ تثـبيت ] أعمـال الناس التي يعـملونها بكل الحـرية و الاختيـار ، يقول تعالى : ( و نكـتب مـا قـدّمـوا و آثـارهـم ، و كـل شـيء أحصـيناه في إمـام مـبيـن ) يس 12 .
.
القـضــاء و القــدَر :
القـضــاء : هـو عـلم اللـه المُـسْـبـق على مـا سـتكـون عليه الأمـور في المـستقـبـل ، دون أن : [ يفـرضـهـا ] على الإنسـان ، و إلاّ لَـمَـا حـاسَـبَ عليهــا ، فقـد : [ كـتبهـا ] و لـم يفـرضـهـا ، و يتـمّ : [ تثبـيتهـا ] بالشـكل النهـائي إذا فعلهـا الإنسـان بكـل حـريتـه ، يقول تعالى : ( يمـحو اللـه مـا يشـاء ، و يـثْـبت و عـنده أمّ الكتـاب ) الرعد 39 ، و إذا لـم يفعلـهـا الإنسـان ، فإنهـا : [ تمحـى و لا تثـبّت ] .
.
مـثال : [ فـرعون و الكـافـرون ] :
لـو أنّ اللـه سبحانه قـد : [ كـتَب = فَـرَضَ ] على فـرعون أن يكون من أهـل النـار ، لمَـا أرسَـل إليـه رسـوليـن [ مـوسى و هـارون ] عليهمـا السـلام ، و طالبهمـا أن يقولا لـه قولاً : [ لـيّـنـاً ] كي يـؤمنَ بالله : ( فقـولا لـه قـولاً - لـيّـنـاً - لعـلّه يـتذّكـر أو يخـشـى ) طـه 44 .
_ و كـذلك اللـه سـبحانهُ : ( لا يـرضى لعبـاده الكُـفـر ) الزمر 7 ، و إذا تـابَ الكـافرون عـن كـفـرهِـم ، فـسـوف يغـفـر اللـه لهـم كـلّ المـاضي الذي كـانوا فيـه أي : [ يمحـوه ] مـن سـجـلّ أعمـالـهم ، يقول تعالى : ( قُـل للّـذين كـفروا : إن ينتهـوا يُـغـفـر لهـم مـا قـد سَـلَـف ) الأنفـال 38 ، و في هـذا المجـال يقول الشـاعر :
يسْـتوجِبُ العفـوَ ، الكريمَ إذا اعـترفْ ....... و تابَ عـمّا قـد جناه و اقـترفْ
لقـوله : ( قُـل للذينَ كفروا ... إنْ ينتهوا ، يُغفَـرْ لهُـم مـا قد سلَفْ )
.
و الـقَـدَر : هـو ظهـور الأمـور على الواقـع طبـقـاً لعـلـم اللـه بهـا تمـامـاً ، فـالله سـبحانه يعـلـم أنّ الإنسـان سـيعـملُ باختيـاره لأن يكـون سعـيداً أم شـقـيّـاً ، دون أن يفْـرض الله ذلـك عـليه ، فالإنسـانُ لـيس [ روبـوت ] مـبرمج ، يقول تعالى : ( اعمـلوا مـا شـئـتم ، إنـه بمـا تعـملون بَـصـير ) فصلت 40 .
_ إنّ اللّـه سـبحانهُ : [ مُـريـدٌ بـإرادة ] ، أي : خلَـقَ كـلّ شَـيءٍ مـن خـير أو شـرّ بعـلمه و إرادتـه : ( قـل كـلّ مـن عـند اللـه ) النساء 78 ، و اللـه سُـبحانهُ خـلق الشـرّ و لـكن لـم يـأمـر بـه و لا يـرضـاه ، و سـوف يُحـاسِـبُ عـليه ، فقـد خـلقـه مـن أجـل : [ اختـبار ] الإنسـان في الحـياة الـدنيـا ، يقول تعالى : ( و نفـس و مـا سـوّاهـا ، فـألهمـهـا فجـورهـا و تقـواهـا ) الشمس 7 / 8 .
_ و السـؤال : كيـف سـيُحاسـب عـليه و قـد خـلقـه ؟ !!! ، و الجـواب : لأنـه قـد نهـى عنـه ، و فـعـلـه العـبـد [ بـاختـياره ] غـيـر مُـجـبـَر و لا مُـكْره : ( و إذا فعـلـوا فـاحـشـة قـالوا : وجـدنا عليـهـا آبـاءنـا و اللـه أمـرنـا بهـا ، قُـل إن اللـه لا يـأمـر بالفحـشـاء ، أتقـولون على اللـه مـالا تـعلمـون !!!!! ) الأعراف 28 .
.
_ النـفـع و الـضـرر :
إن الإنسـان يـمكنه أن : [ يضـرّ الآخـرين ] ، لكنـه لا [ يمـلك الضـرَر ] ، مثل الـذي يسـتطيع قيـادة السيـارة ، لكنـه لا يمـلك السـيارة ، أي : أن الإنسان لا يسـتطيع أن يضـرّ أحـداً آخـر ، إلاّ [ بـإذن اللـه ] لقوله تعالى : ( قـل لا أمـلك لنفـسي ضَـراً و لا نفـعاً إلاّ مـا شاء اللـه ) يونس 49 ، و كـذلك قولـه تعالى : ( و مَـا هـم بضـارين بِـه مـن أحـد إلاّ بإذن الله ) البقرة 102 ، فالضَـرر بإذن الله ، لـكنّ الله : [ لا يرضـاه ] ، لأنّ الله ذاتـه لا يضـرّ ، فهـو الـذي : [ يكـشـف ] الضَـرر : ( فـلمـا كـشـفـنا عنـه الضُـرّ ) يونس 12 ، و لـو أراد الضـرر لـمَـا كـشَـفـه أصـلاً .
و إذا وصَـل الضَـرر لمرتبـة : [ المَـصائـب ] ، فهذا مـن فعـل الإنسـان : [ حصـراً ] ، لأن الله لا يـأذن ب : [ المـصائـب ] لقوله تعالى : ( و مَـا أصَـابكـم مـن مُـصيـبة فبـمـا كـسَبـت أيـديـكم ) الشورى 30 .
.
_ مثـال : المـواليد المـشـوّهـون :
يعـتـقد بعـض النـاس أنّ [ المـواليد المـشـوّهـين ] ، هـم قـدَرٌ مـنَ اللـه ، و مُـصيبة منـه حـلـت بهـم حتى قبـل أن يولـدوا ، و لتصـحيح هـذا المفهـوم :
يقول تعالى : ( لقـد خـلقـنا الإنسـان في أحـسن تقـويم ) التين 44 ، فـالأصل هـو : [ الكمَـال ] ، أمـا الإسـتثنـاء فهـو : [ التشـويـه ] ، و الله قـد برمَـج الإنسان عـلى : [ الكمَـال ] ، لكن سـبـب ولادة أشخـاص مـشـوّهين ، هـو تلـوّث البيئـة مثل التعـرّض إلى [ الإشـعاعات النوويـة ] مثـلاً ، أو تنـاول [ الأطـعمة المـعدّلة وراثيـاً ] ..... ، و هـذه الأمـور كلّها من [ صنـع الإنسـان ] ، و اللـه لـم يأمـر بهـا : ( ظهـر الفـساد في البـرّ و الـبحـر بمـا كـسبـت أيـدي النـاس ، ليُـذيقهـم بعـض الـذي عمـلوا و لعلـهم يرجـعون ) الروم 41 ، لكـنّ الناس لا يرجعـون عـن تخـريب البيـئة !!!! .
_ و مـن أسـباب الولادات الـمشـوهة ، هـو : [ عـدم إجـراء الفـحص الطبـيّ الـلازم للـزوجين قبـل الـزواج ] ، و أنـا أعـرف زوجـين رفضـا الفـحص الطبـي و أصـرّا على الزواج بسـبب : [ الحـب ] ، فجاءهمـا أولاد مـعـتوهـين ، فقـالوا : هـذه إرادة الله ، فقلـتُ لهما : ( آ اللـهُ أذِن لـكم ؟! ، أمْ على اللـه تـفتـرون ) يونس 59 ، فالله تعالى يقولهـا صـراحـةً : ( و لـولا أن تُـصـيبَهُـم مصـيبةٌ - بمـَا قَـدّمَـت أيـديهِـم - ) القصص 47 .
.
_ الـزواج و الـقسـمة و النصـيب :
إنّ الـزواج ليـسَ [ قـسـمةٌ و نصـيب ] مفـروضـةٌ مـنَ اللـه سـبحانه ، و لكـنّه : [ عـقد نكـاح ] ، مثله مثل باقي [ العـقود ] الأخـرى ، و العـقد يكـون : [ برضى ] طـرفيْ العقـد ، لـذلك سَـمح الله [ بالطـلاق و اسـتبدال الأزواج ] في حـالـة عـدَم التـفـاهـم ، و ذلك من خـلال الإرادة البشـريّة : ( و إذا - أردتـم - اسـتبدال زوجٍ مكـانَ زوج ) النساء 20 ، فـالزواج هـو : اخـتيار و تفـاهـم و محـبّة بيـن الطـرفين : [ الذكـر و الأنثـى ] ، لذلك تـركَ اللـه سُـبحانه لرسوله الكريم صلى الله عليه و على آله و صحبه أجمعين ، تـرك لـه حـرّية الأخـتيار : ( تـرجي مَـن - تشـاء - منهـن ، و تُـؤوي إليـكَ مَـنْ - تشـاء - ) التحريم 5 ، فعلى كل إنسـان و إنسـانة : [ السَـعي ] مـن أجـل إيجـاد شـريك الحـياة و بكل حـريّة اختـيار و تفـاهم ، و لـذلك كـانت فتـرة : [ الخطـوبة ] قبل الزواج مـن أجـل التفاهـم ، يقول تعالى : ( لـيسَ لـلإنسـان إلا مـا سـعى ) النجم 39 ، و هـذا السـعي للبحث عـن شـريك الحـياة يعـتبر من : [ الأخـذ بالأسـباب ] .
.
السـعادة الداخليـة :
هي المـرور عـبر : [ المواقـف الصـعبة ] ، كي نعيشهـا : [ أوقات طـيّبة ] للوصول إلى [ الأيام الحـلوة السـعيدة ] ، و التي يـريدهـا الله سبحانه و رسوله الكريم صلى الله عليه و سلّم ، الذي أرسـله الله : [ بالبشـائر السـعيدة ] ، فالكثير منَ الآيات تقول له : ( و بـشّـر المؤمنين ) البقرة 223 / التوبة 112 / يونس 87 / الأحزاب 47 / الصف 13 ، و لم تقـل لـه : [ خـوّف المـؤمنين !!!!!!!!!! ] .
.
و القـرآن الكريم من خـلال [ بشـائره ] ، يُريد تخـليص الإنسـان منَ التوتّـر و الاكتـئاب و المعاناة و التوهّـم و القـلق منَ الحـياة و مـا بعـدهـا ، و اكـتساب الثـقة و الهدوء و المرح و المبـادرة و الأداء السـليم بطاقة : [ إيجابية عـالية ] للنجاح في الحياة ، و بالتالي الشـعور ب : [ السـعادة الـداخـلية ] بإزالة الاضـطرابات في : [ حـقول التفـكير ] الإنسـاني .
:i5:
 

أسيرالشوق

المراقب العام
إنضم
18 أكتوبر 2007
المشاركات
55,084
مستوى التفاعل
48
النقاط
48
بارك الله فيك
شكراً لك على الطرح الرائع
 

ريحانة بجيله

Active Member
إنضم
18 فبراير 2018
المشاركات
5,428
مستوى التفاعل
2
النقاط
38

تسلم على الموضوع

جزاك الله خيرا
وجعلة فى ميزان حسناتك​
 
أعلى