كظم الغيظ

الدبيسي

Active Member
إنضم
2 يناير 2008
المشاركات
966
مستوى التفاعل
37
النقاط
28
..كظم الغيظ في القرآن والسنة . كظم الغيظ، خلق قرآني جعله الله تبارك وتعالى من صفات المتقين، فقال عز وجل (( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )).
مادة كظم تدل في اللغة على الامساك والجمع للشيء، والكظم هو اجتراع الغيظ والامساك عن ابدائه وكأنه يجمعه الكاظم في جوفه، وكظم الرجل غيظه أي اجترعه وبابه ضرب، فهو رجل كظيم ومكظوم.
وجاء في قوله تعالى ((وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ )) وقوله تعالى في يوسف عليه السلام ((وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ )) وقوله تعالى ((وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذْ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ)) وقوله تعالى ((ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ)) وقوله تعالى ((وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ)).
وعن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (ما من جرعة يتجرعها الإنسان أعظم أجراً من جرعة غيظ في الله عز وجل).
والغيظ صفة تدل على تميز في المخلوق عند احتداده يتحرك لها. وقيل الغيظ (الغضب)، وقيل غضب كامن للعاجز، وقيل هو أشد من الغضب.وفي حديث أم زرع: (وغيظ جارتها لانها ترى من حسنها ما يغيظها). وفي بعض روايات مسلم (اغيظ رجل على الله يوم القيامة أخبثه واغيظه عليه رجل تسمى بملك الاملاك). وفي قوله تعالى ((تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنْ الْغَيْظِ)) أي من شدة الحر. وقال محمد عبده في الغيظ، (ألم يعرض للنفس اذا هُضم حق من حقوقها المادية كالمال، أو المعنوية كالشرف، فيزعجها إلى التشفي والانتقام، ومن أجاب داعي الغيظ إلى الانتقام لا يقف عند حد الاعتدال، ولا يكتفي بالحق بل يتجاوزه إلى البغي، فلذلك كان من التقوى كظمه).
وقد وردت كلمة الغيظ في آيات من القرآن الكريم منها قوله تعالى ((وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمْ الأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)) وقوله تعالى ((وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ)). * وكظم الغيظ هو تجرعه واحتمال سببه والصبر عليه، وفي الحديث الشريف عن معاذ بن أنس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء. رواه أبو داود والترمذي وقال بعض المفسرين في قوله تعالى عن المتقين ((وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ)) انهم الذين اذا ثار غضبهم -وهو أشد الغضب- كظموه وكتموه، ولم يستجيبوا لدواعيه ولا يعملون غضبهم في الناس، بل يكفون شرهم عنهم، ويحتسبون ذلك عند الله عز وجل. وقال ابن جرير الطبري في العبارة نفسها ((وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ)) يعني والجارعين الغيظ عند امتلاء نفوسهم منه. وكظم الغيظ يحتاج إلى إرادة صلبة وعزيمة قوية وشخصية تتحكم في عواطفها ومشاعرها الانتقام والتشفي، أو إلى ارتكاب ما لا يحسن بالرجل الحكيم الوقور. لذلك قال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم (ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم (ما تعدون الصرعة فيكم قالوا: الذي لا يصرعه الرجال، قال ليس كذلك، ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب). وقد عنيت السنة النبوية المطهرة عناية واضحة بفضيلة كظم الغيظ، قال صلى الله عليه وسلم (من كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه لأمضاه، ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا)، وفي قوله صلى الله عليه وسلم (ما جرع عبد جرعة اعظم من جرعة غيظ كظمها اتقاء وجه الله تعالى) فالتعبير بكلمة (جرع)، تفيد المعاناة والمعالجة وحمل النفس على الشيء المتعب الذي يعقب خيراً، كما يتجرع المريض الدواء المر ليورثه الشفاء والعافية.وقال تعالى ((يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ)). وكأن احتياج كظم الغيظ إلى الجهد والمشقة والمقاومة وهو بعض السر في ان الله تبارك وتعالى قد جعل هذه الفضيلة من أخلاق أهل التقوى. ولعل هذا السبب في أن السيدة عائشة رضي الله عنها كظمت غيظها حينما غاظها بعض من يخدمها وقالت: لله در التقوى ما تركت لذي غيظ شفاء). والغضب هو العامل المفسد لكظم الغيظ، فمن استجاب لداعي الغضب لم يستطع أن يكظم غيظه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: علمني شيئاً، ولا تكثر علي لعلي أعيه، فقال له لا تغضب فكرر الرجل قوله مراراً، وفي كل مرة يقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تغضب وقد كرم الرسول صلى الله عليه وسلم اولئك الذين ينأون بأنفسهم عن الاستجابة للغضب الطائش الجامح، فقال (أشدكم من ملك نفسه عند الغضب وأحلمكم من عفا عند المقدرة وقال: من كف غضبه ستر الله عورته) وقال صلى الله عليه وسلم (من ملك غضبه وقاه الله عذابه).
والعلماء يقولون ان الغضب هو فوران دم القلب لارادة الانتقام وهذا شيء كأن الإنسان مجبول عليه، ولا يستطيع التخلص منه بالكلية، ولكن المأمول من الرجل صاحب الاخلاق الفاضلة ان يتجنب اسباب الغضب ما استطاع، وان لا يطع الشيطان فيما يوسوس له من الاستجابة لداعي الغضب، فلا يتهور ولا يتجبر ولا يندفع، وهذا خلق من اخلاق الانبياء، لان الحلم شيمة من شيمهم الاساسية.
وقد كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي المثل الأعلى في كظم الغيظ ومقاومة الغضب، وكان يتحمل من أذى قومه ما يتحمل وهو كاظم غيظه ضابط نفسه، ويقول في تواضع نبيل (أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر).
ومن وراء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نجد أفراداً، عرف الناس لهم كظم الغيظ وتحمل الأذى، ومنهم الأحنف بن قيس الذي كان يقول (من لم يصبر على كلمة سمع كلمات ورب غيظ قد تجرعه مخافة ما هو أشد منه).
وقد كتب الامام علي رضي الله عنه إلى الحارث الهمداني فقال له وهو يوصيه بمكارم الخصال ومحامد الفعال (وأكظم الغيظ وتجاوز عند المقدرة، واحلم عند الغضب واصفح مع السلطة والقدرة تكن لك العافية) وهذا النص يدلنا على ان كظم الغيظ انما يجمل ويحسن اذا كان من الأعلى بالنسبة إلى الادنى ومن القادر بالنسبة إلى العاجز، ومن القوي بالنسبة إلى الضعيف، ولذلك كان من أحق الناس بالاتصاف بفضيلة كظم الغيظ هم الرؤساء والقادة، والمعلمون والكبار ومن هم على شاكلتهم.
وقد تحدث الغزالي (رحمه الله) عن آثار الغضب عند العجز عن كظم الغيظ، فقال (تغير اللون وشدة الرعدة في الاطراف، وخروج الافعال عن الترتيب والنظام واضطراب الحركة والكلام.
ولو رأى الغضبان في حالة غضبه قبح صورته لسكن غضبه حياء من قبح صورته، واستحالة خلقته، وقبح باطنه اعظم من قبح ظاهره، فالظاهر عنوان الباطن وقد أرشدنا رسولنا صلى الله عليه وسلم إلى الوسائل التي تقي عواقب الغضب السيئة.
* الوسيلة الأولى: قوله صلى الله عليه وسلم (اذا غضب احدكم وهو قائم فليجلس فإن لم يذهب عنه الغضب فليضطجع).
* الوسيلة الثانية: قوله صلى الله عليه وسلم (ان الغضب من الشيطان وان الشيطان خلق من نار وانما تطفأ النار بالماء، فاذا غضب فليتوضأ).
* الوسيلة الثالثة: قوله صلى الله عليه وسلم عندما رأى رجلاً غاضباً ثائراً فقال: (اني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).
وينبغي ان تتذكر ان الغضب يكون محموداً في بعض الأحيان وقد أشار الغزالي إلى هذا حين قال: وانما المحمود غضب ينتظر اشارة العقل والدين، فينبعث حين تجب الحمية، وينطفئ حين يحسن العلم، وحفظه على حد الاعتدال هو الاستقامة التي كلف الله بها عباده وهو الوسط الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (خير الامور أوسطها).
فمن حال غضبه إلى الفتور حتى أحس من نفسه بضعف الغيرة وخسة النفس في احتمال الذل والضيم في غير محله، ينبغي ان يعالج نفسه حتى يقوي غضبه.
ومن مال غضبه إلى الافراط حتى جره إلى التهور واقتحام الفواحش، فينبغي أن يعالج نفسه لينقص من سورة الغضب، ويقف على الحق الوسط بين الطرفين فهو الصراط المستقيم.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يُجملنا بخلق الاستقامة على سواء السبيل.
 

فهد الرباحي

امير القلـــــــم
إنضم
22 أبريل 2008
المشاركات
2,569
مستوى التفاعل
18
النقاط
38
الإقامة
العيينة
ان الغضب من الشيطان وان الشيطان خلق من نار وانما تطفأ النار بالماء، فاذا غضب فليتوضأ
 

الدبيسي

Active Member
إنضم
2 يناير 2008
المشاركات
966
مستوى التفاعل
37
النقاط
28
أشكر كل من شاركني الموضوع وأتمنى من اللة التوفيق للجميع دمتو بود
 
أعلى