ديوان الشاعرة .........نازك الملائكة

نسيم مطر

Active Member
إنضم
21 أغسطس 2018
المشاركات
1,373
مستوى التفاعل
0
النقاط
36

إلى عمتي الراحلة




أنا لم أزل في الفجر رانية للأفق في صمت وإعياء
تتدافع الذكرى على شفتي بعض ارتعاشات وأصداء
الجرح نديان تعيش به أصداء ماض ميت ناء
أيامه عادت صدى حلم لم تبق منه غير أشلاء
غير ابتسامات ممزّقة أودت بهنّ مرارة الداء
تتدافع الذكرى وتملأني أشباحها قلقا وأشجانا
ألأمس ما زالت كآبته حرّى تذكرّني بما كانا :
بالليل كيف سهرته ألما بالفجر كيف أطلّ ظمآنا
بدموعي العطشى وحرقتها بتدفق الإحساس أحزانا
باليأس كيف طغت مرارته وتمرّدت حرقا ونيرانا
الأمس هل في الأمس من حلم هل فيه ما ينجي من الحرق ؟
هل فيه بعض صدى يناغمني ذكرى ؟ رجاء غير محترق
لفظ يمرّ ؟ وبسمة ؟ ويد مرّت برقتها على قلقي ؟
أوّاه..بعض خطى ألوذ بها من حزني القاسي ومن أرقي
بعض ابتسامتك التي غربت في الصمت واحتقت على الأفق
ألدمع أذرفه ويذرفني قلبا يجنّ أسى ويحتضر
قطراتع نار تمزّقني ما زال منها في دمي أثر
عيناي تحترقان من ألم تدمى وتقطر فيهما الصور
جرحان لا جفنان أين غدي ؟ أين الطبيعة والهوى النضر ؟
ما للحياة هوت أشعتها ليلا وعّكر جوهّ القدر ؟
أين التفتّ تصدّني صور وحشية , وشتيت آلام
ذكرى من الماضي تحطمني وتظل تصهر جفني الدامي
أوّاه..كيف سقطت ميتة وأنا أعيش وتلك أوهامي
وأنا أعيش رؤى ممزّقة وأحزك أهوائي وأحلامي
تتلفت الذكرى إليك وبي ظمأ يعتّم جوّ أيامي
وأريد أن أنسى فتخنقني رعشات حزن ساهد مرّ
أبقيت جرحا حافرا قلقا في قلب أحلامي وفي شعري
كفّ الحنان نسيت ملمسها وفقدت معبرها على شعري
لم يبق منها غير أغنية جفّت مرارتها على ثغري
وسهرت أنشدها وأنشدها في ليلة مأسورة الفجر
أواه من حزني ومن ظمأي هل عدت طيفا مطفأ المقل
ألقبر ضمّك في برودته بعد ارتعاشة قلبي الخضل
لا طير يوقظ فيك عرق هوى لا شيء يبعث خامد الأمل
ألظلّ مرّ وأنت ساهية عن رقصه وشعاعه الثمل
والنجم لاح وأنت هامدة لا تعبأين بضوئه الخجل
وتمرّ أصداء الحياة ضحى بوسادك المجزون وا أسفا
صوت المؤذن كم سهرت له ما باله في مسمعيك غفا ؟
ما بال رعشته تمرّ على قلب تناسى كيف أمس هفا
ما بالها لاذت بغربتها ومضت تباكي حولك (النجفا)
تبكي وترسم في انتفاضتها صوتا يبيت الليل مرتجفا
أوحيدة في القبر هامدة وأنا أمسّ سريرك الخاوي ؟
خصلات شعرك فوق حرق في عمق يأسي الصارخ الداوي
ومكان رأسك في الوسادة في قلبي بقايا كوكب هاو
وقميصك الباكي أما بقيت فيه حرارة جسمك الذاوي ؟
كيف انطويت وأنت خالدة في أدمعي ؟ شلّت يد الطاوي
أصغي وهل تصغين ؟ هل بلغت مثواك أصداء ارتعاشاتي

كيف انتفضت وأنت هامدة في مخلبي ألمي وآهاتي

تتعثر النغمات في شفتي بصراخ أحزاني وأنّاتي
مزّقت أيامي التي سلفت ودفنت فيك بشاشة الآتي
وأضعت أفراحي ومن عبث شبه ابتساماتي وضحكاتي
 

نسيم مطر

Active Member
إنضم
21 أغسطس 2018
المشاركات
1,373
مستوى التفاعل
0
النقاط
36


لنكن أصدقاء



لنكن أصدقاء

في متاهات هذا الوجود الكئيب

حيث يمشي الدمار ويحيا الفناء

في زوايا الليالي البطاء

حيث صوت الضحايا الرهيب

هازئا بالرجاء

لنكن أصدقاء

فعيون القضاء

جامدات الحدق

ترمق البشر المتعبين

في دروب الأسى والأنين

تحت سوط الزمان النزق

لنكن أصدقاء ,

ألأكفّ التي عرفت كيف تجبي الدماء

وتحزّ رقاب الخلّيين والأبرياء

ستحسّ اختلاج الشعور

كلّما لامست إصبعا أو يدا

والعيون التي طالما حدّقت في غرور

ترمق الموكب الأسودا

موكب الرازحين العبيد

هذه الأعين الفارغات

ستحسّ الحياة

ويعود الجمود البليد

خلفها ألف عرق جديد

والقلوب التي سمعت في انتعاش

صرخات الجياع العطاش

ستذوب لتسقي صدى الظامئين

كأسة ولتكن ملئت بالأنين

لنكن أصدقاء

نحن والحائرون

نحن والعزّل المتعبون

والذين يقال لهم "مجرمون"

نحن والأشقياء

نحن والثملون بخمر الرخاء

والذين ينامون في القفر تحت السماء

نحن والتائهون بلا مأوى

نحن والصارخون بلا جدوى

نحن والأسرى

نحن والأمم الأخرى

في بحار الثلوج

في بلاد الزنوّج

في الصحارى وفي كلّ أرض تضمّ البشر

كلّ أرض أصاخت لآلامنا

كلّ أرض تلقّت توابيت أحلامنا

ووعت صرخات الضجر

من ضحايا القدر

لنكن أصدقاء

إن صوتا وراء الدماء

في عروق الذين تساقوا كؤوس العداء

في عروق الذين يظلّون كالثملين

يطعنون الإخاء

يطعنون أعزّاءهم باسمين

في عروق المحبّين..والهاربين

من أحبّائهم , من نداء الحنين

في جميع العروق

إنّ صوتا وراء جميع العروق

هامسا في قرارة كلّ فؤاد خفوق

يجمع الأخوة النافرين

ويشدّ قلوب الشقّيين والضاحكين

ذلك الصوت , صوت الإخاء

فلنكن أصدقاء

في بعيد الديار

ووراء البحار

في الصحارى , وفي القطب , في المدن الآمنه

في القرى الساكنه

أصدقاء بشر

أصدقاء ينادون أين المفر ؟

ويصيحون في نبرة ذابله

ويموتون في وحدة قاتله

أصدقاء جياع , حفاة , عراه

لفظتهم شفاه الحياه

إنهم أشقياء

فلنكن أصدقاء

من بعيد

صوت عصف الرياح الشديد

ناقلا ألف صوت مديد

من صراخ الضحايا وراء الحدود

في بقاع الوجود

ألضحايا , ضحايا العراك

وضحايا القيود

وصدى "هياواثا " هناك

مثقلا بأنين الجياع

بأسى المصطلين لظى الحمّى

بالذين يموتون دون وداع

دون أن يعرفوا أما

دونما آباء

دونما أصدقاء
 

نسيم مطر

Active Member
إنضم
21 أغسطس 2018
المشاركات
1,373
مستوى التفاعل
0
النقاط
36


جنازة المرح





سأغلق نافذتي فالضياء يعكّر ظلمتي البارده
سأسدل هذا الستار السميك على صفحة القصة البائده
وأطرد صوت الرياح البليد وإشعاعة الأنجم الحاقده
وأسند رأسي إلى الذكريات وأغمس عينيّ في دمعتين
وأرسل حبي يلفّ القتيل ويدفىء جبهته الهامده
لعلي أردّ إليه الحياة وأمسح من زرقه الشفتين
سأغلق نافذتي فالقتيل يحب الظلام العميق العميق
واكره أن يتمطّى الضياء على جسمه الشاعريّ الرقيق
على جبهة زرعتها النجوم ولوّنها ضوؤها بالبريق
وكانت تشعّ الحياة فعادت تمجّ الأسى والرّدى والعذاب
تخطّ عليها ذراع الممات أساطير عهد سحيق سحيق
أمرّ عليها بكفّي فأصر خ رعبا واسقط فوق التراب
سأغلق نافذتي فالظهير ة لا ينتهي حقدها الراعب
تصبّ سكينتها في برود ويسخر بي وجهها الغاضب
يطاردني صمتها السرمديّ ويكئبني لونها الراسب
وأين المفر ؟ تكاد الستائر تدخلها غرفتي المظلمه
وأين المفر ؟ وهذا القتيل يروّعني وجهه الشاحب
أمامي القتيل وخلفي الظهير ة يا للمطاردة المؤلمه
سأصبر حتى يجيء الدجى ويغرب خلف الوجود الضياء
فأحمل هذا القتيل البريء إلى هوّة من كهوف المساء
أسير بأشلائه موكبا بطيء الخطى كليالي الشتاء
وتتبعني شهقات التذكّ ر مهمومة في أسى وشرود
وفي آخر الموكب المترّنح وجه يشيعه في ازدراء

وفي آخر الموكب المترّنح وجه يشيعه في برود

عرفت الجبين عرفت الشفاه وهذي العيون الغلاظ الأديم
عرفت بها وجه حزني الدفين وقد عاد يحمل جرحي القديم
وفي يده مدية لم يزل علة حدّها دم أمسي الأليم
عرفت العدوّ اللجوج هناك يسير على أثر الموكب
يحدّق مستهزئا بالقتيل ويضحك ضحكة فظّ أثيم
نعم هو ..أعرفه جيدا فكم مرّة قبل قد مرّ بي
وأبصرت في أثري ألف طيف حزين تلفّع بالعبرات
عرفت بها البسمات التي لقيت بها لطمات الحياة
عرفت بها الضحكات التي سكبت نداها على الذكريات
أهذي إذن بسماتي ؟ حنانا أعدن عبوسا ورجع أنين ؟
أهذي إذن ضحكاتي أهذي نهاية ما صغت من بسمات
وهذا القتيل أحقا فقدت به مرحي المضمحلّ الدفين ؟
 

نسيم مطر

Active Member
إنضم
21 أغسطس 2018
المشاركات
1,373
مستوى التفاعل
0
النقاط
36

يوتوبيا في الجبال




تفجّري يا عيون

بالماء , بالأشعّة الذائبه

تفجّري بالضوء , بالألوان , فوق القرية الشاحبه

في ذلك الوادي المغشّى بالدجى والسكون

تفجّري باللحون

فوق انبساط السفح بين التلال

في المنحنى حيث توج الظلال

تفجّري بالجمال

وشيّدي يوتوبيا في الجبال

يوتوبيا من شجرات القمم

ومن خرير المياه

يوتوبيا من نغم

نابضة بالحياه

تفجّري , سيلي على منحدرات الصخور

حيث يطير الفراش

في نشوة وارتعاش

تفجّري حيث تنام الطيور

في جنّة من عطور

حيث يغطّي السفح غاب كثيف

صنوبريّ الحفيف

تفجّري نقيّة فوق حصى المنحدر

في عطفة الوادي العميق المخيف

في ظلل الجوز الرقيق الوريف

تحت انبساط الشجر

تفجّري في الصباح

تفجّري جارفة كالرياح

تفجّري في الغروب

وشيّدي يوتوبيا من قلوب

من كلّ قلب لم تطأه الحقود

ولم تدنسّه أكفّ الركود

من كلّ قلب شاعريّ عميق

لم يتمرّغ بخطايا الوجود

من كلّ قلب رقيق

مستغرق في حلمه لا يفيق

إلا على حلم بعيد المدى

ليس له من حدود

حلم تحدّى الغدا

من كلّ قلب لا يطيق الجمود

ولا صرير القيود

تفجّري بيضاء فوق الصخر

لونا وضوءا يتحدى كلّ رجس البشر

تفجّري لن يسأم المنحدر

سيلي على النائمين

وأغرقي تهويمة الظالمين

فيضي على الميّتين

على قلوب لا تحسّ الحنين

على عيون لم تطهّرها أكفّ البكاء

على نفوس لا تحسّ السماء

على أكف تجهل الكبرياء

سيلي بعيدا في القرى الجائعه

حيث الحفاة العراه

وحيث لا يبلغ سمع الحياه

إلا صراخ الأنفس الضارعه

إلا عواء الذئاب

في عطفة الوادي الشقيّ الحزين

في شاهقات الهضاب

وحيث لا تبصر عين السنين

إلا أسى المتعبين

قوافل يحدو بها أشقياء

في جنّة من رخاء

قوافل الجائعين

في ذلك الوادي الخصيب التراب

قوافل الظامئين

يلتمسون السراب

والماء يجتاح انزلاق السنين

قوافل للملال

يحرمها الكدّ نقاء الجبال

قوافل مجّت رنين الفؤوس

وغيرها للكؤوس

للنوم والأحلام تحت الظلال

أنصاف موتى لا تحسّ الجمال

تفجّري يا مياه

تفجّري فوق قبور البشر

تفجّري في الصخر

وسجّلي مأساة هذي الحياه

فوق جبين القدر

ما زالت القرية منذ القدم

أقصوصة ممزوجة بالألم

قصّت أساها الرياح

على شحوب الصباح

تفجّري, سيلي وغطّي القمم

ألقي على القصّة ستر العدم

لا تذكري هذا النشيد الحزين

ما كان إلا رجع صوت وهون

أصغت إليه السنين

في لحظة, ثم مضت في سكون
 

نسيم مطر

Active Member
إنضم
21 أغسطس 2018
المشاركات
1,373
مستوى التفاعل
0
النقاط
36

وجوه ومرايا




يا كؤوس الأحلام يا من تخيّل تك أفقا تضمّه الأضواء
آه لو تدركين كيف أحسّ ال كون صحراء خلفها صحراء
والرحيق الذي حلمت به كي ف طوته المرارة الخرساء
كيف حين استلمت كأسي أرسل ت دموعي ولم يفدني ارتواء
***

إرتوائي ؟ أوّاه من حرق الرّو ح لماذا تظلّ روحي ظمأى ؟
إرتوائي ؟ هذا السّراب الذي ير كض قلبي وراءه وهو ينأى
إرتوائي حسبته شفقا حل وا فلمّا دنوت لم أر شيئا
ليس غلا اللاشيء يصدم شوقي ويذيب الأحلام جزءا فجزءا
***

ألفراغ الفراغ يقتلني أوّ آه لو كان للوجود وجود
آه لو لم تحل مواقع أقدا مي امتدادا حدوده اللاحدود
السكوت السكوت يفغر فاه وغدا يغرب الهوى والنشيد
والظلام الظلام يطفىء عينيّ فماذا أحسّ ؟ ماذا أريد ؟
***

أيّها الليل ليل روحي أما من ملجأ من برودة الظلماء ؟
ظمأ صارخ بأعماق نفسي لشعاع مسلسل من ضياء
آه لو لم يحل رجائي الإلهيّ سرابا ضحلا وبعض عزاء
آه لو كانت السعادة شيئا غير هذي الفقاعة السوداء
***

لقبّوها الحياة وهي اضطراب أبدي ولهفة لا تقرّ
وامتداد للاّنهاية لا يب دأ لا ينتهي فأين المفرّ ؟
لقبّوني " أنا " ولم يفهموني ما أنا ما وجودي المكفهرّ
أنا ماذا ؟ تحرّق ليس يرتا ح وظلّ سرعان ما سيمرّ..
***

في صفاء المرآة حدّقت في طي في طويلا والشكّ في مقلتيّا
كائن شاحب يحدّق في وج هي مثلي محيّرا مطويّا
هذه هذه أنا ليس من شكّ فلم لا أمسّها بيديّا ؟
لم لا أستطيع أن ألمس الذا ت ؟ وأمحو تحرّقي الأبديّا ؟
***

ثم ماذا ؟ أمدّ كفّي في شو ق عميق فلا أعانق ذاتي
صدمة صدمة تمزّق روحي ليس إلا برودة المرآة
الزجاج الجبّار شفّ ولكن عن مثال مشوّه للحياة
عن كيان رسمته أنا وحدي فإذا غبت غاب في الظلمات
***

الكيان الممسوخ ها أنا أمحو ه كفاه هزءا بنار أسايا
ضربة من يدي تحطّمت المر آة فوق الثرى وعادت شظايا
ليتني كنت صنتها عاد وجهي ألف وجه تطلّ منها الضحايا
ليتني كنت صنتها ليتني أع لم كيف المرآة عادت مرايا
 

نسيم مطر

Active Member
إنضم
21 أغسطس 2018
المشاركات
1,373
مستوى التفاعل
0
النقاط
36


قبر ينفجر



ناديت أكداس الرمال : تفجرّي لن تدفني جسدي النقيّ الثائرا
وهتفت يا روح الممات : تمزّقي لن تحبسي قلبي الجريء الساخرا
وصرخت بالأرض الدنيئة : إرفعي من قلب هذا الطين روحي الشاعرا
هذا فؤادي نابضا , هذا دمي متفجّرا تحت التراب مشاعرا
بالأمس في هذا الظلام دفنتني تحت الثرى ولففتني بصخوره
لم تسمعي دقّات قلبي في الدجى وأشحت عن إحساسه وشعوره
لم تفهمي روحي وخلت سكونه موتا ولم يبلغك رجع هديره
ووهمت أيتها الحياة فلم تري في أدمعي غير الردى وفتوره
ما نفع أكداس التراب جميعها ؟ ألآن ينفجر التراب الغاصب
الجثة الظمأى التي أودعتها بالأمس والوجه الكئيب الشاحب
ألآن ينفجران نارا حيّة ويسابق الإعصار روحي الصاخب
والآن ينبثقان من قلب الثرى ويعود لي الأمل الجميل الذاهب
ما خلته صخرا إليك وجيبه ما خلته صمتا إليك نشيده
ألقبر ضجّ وضاق تحت عواطفي والطين حولي لن أطيق ركوده
هذا الرماد حذار من أعماقه فوراءه جمر نسيت رعوده
يا من حسبت النار طينا خامدا ونسيت إعصار الصبا وخلوده
هذي العيون حذار منها إنها خلف الجفون عميقة أغوارها
هذي العروق حذار من فورانها فغدا سيصرخ في المدى إعصارها
هذي الشفاه حذار من سكناتها فغدا ستجتاح المدى أشعارها
هذا الفؤاد حذار من غفواته فوراء رقدته الحياة ونارها
ناديت أكداس الرمال : تفجرّي وهتفت يا روح الممات : تمزّقي
وصرخت بالأرض الدنيئة : إرفعي أسر التراب عن الشباب المرهق
فإذا الحياة مشيحة عن صرختي لم يأتها نغم اللهيب المحرق
وأنا على صدر التراب تمرّد حرّ ونار توثّب وتحرّق
لم يبق إلا أن يحطّم ساعدي هذي القيود وها أنا , هذي يدي ‍
سأفجّر القبر الصغير حجارة وأطير من أمسي القريب إلى غدي
وسأصرع الموت الضعيف وأنثني بمخاوفي وسعادتي وتنهدّي
وسأنثر الألحان في صمت الدجى يا أنجم الليل المضيئة فاشهدي
ناديت أكداس الرمال : تفجرّي فتفجّرت تحت المساء المظلم
وجمعت أحلامي ومزّقت الثرى بصفائها ووقفت تحت الأنجم
وفتحت صدري للضياء وسحره وصرخت بالكون الجميل الملهم
أنا حيّة يا أرض , هذي نغمتي هذا نشيد فؤادي المتكلّم
 

نسيم مطر

Active Member
إنضم
21 أغسطس 2018
المشاركات
1,373
مستوى التفاعل
0
النقاط
36


ذكريات




كان ليل , كانت الأنجم لغزا لا يحلّ

كان في روحي شيء صاغه الصمت المملّ

كان في حسّي تخدير ووعي مضمحلّ

كان في الليل جمود لا يطاق

كانت الظلمة أسرارها تراق

كنت وحدي لم يكن يتبع خطوي غير ظلي

أنا وحدي , أنا والليل الشتائيّ..وظلي

***

لم أكن أحلم لكن كان في عينيّ شيء

لم أكن أبسم لكن كان في روحي ضوء

لم أكن أبكي لكن كان في نفسي نوء

مرّ بي تذكار شيء لا يحدّ

بعض شيء ما له قبل وبعد

ربّما كان خيالا صاغه فكري وليلي

وتلفتّ ولكن لم أقابل غير ظلّي

***

كان صمت راكد حولي كصمت الأبديّة

ماتت الأطيار أو نامت بأعشاش خفيّة

لم يكن ينطق حتى الرغبات الآدميّة

غير صوت رنّ في سمعي وذابا

لحظة لم أدر حتى أين غابا

آه لو أدركت من ألقاه في الصمت المملّ

أتراني لم أكن أمشي أنا وحدي وظلي ؟

كانت الظلمة تمتدّ إلى الأفق الغريب

كلّ شيء وغرق فيها كقلبي , كشحوبي

ظلمة ممتدّة كالوهم كالموت الرهيب

غير ضوء خاطف مرّ بجفني

لحظة لم تدر ماذا كان ,عيني

كان ضوءا لونه لون خيال مضمحلّ

مرّ بي لمحا وأبقاني أنا وحدي وظلّي

***

كان في الجوّ الشتائيّ ارتعاش وجمود

جمد الظلّ من البرد وغشّاه الركود

ليلة يرتجف في أجوائها حتى الجليد

غير دفء طاف من قلبي الوجيع

فزت فيه من شتائي بربيع

وإذا في عمق قلبي فرحة الفجر المطلّ

غير أني كنت في الليل أنا وحدي وظلّي

***

كان في روحي فراغ جائع كاللاّنهايه

كان ظلي صامتا لا لحن لا رجع حكايه

باهتا يتبع مسرى خطواتي دون غايه

غير كأس عبرت حين صرخت

قطرة واحدة ثم ارتويت

أتراه كان أكذوبة إحساسي المضلّ

أو ما كنت أنا وحدي مع الليل وظلّي ؟

***

كان قلبي متعبا يسكنه حزن فظيع

رقصت فيه وشدّته إلى الجرح دموع

صور في قعره يصبغ مرآها النجيع

كان , لكنّ يدا مرّت عليه

حملت بعض تحاياها إليه

باركت آلامه السوداء كانت يد طفل

أيّ طفل ؟ لم يكن في الليل غيري غير ظلّي
 

نسيم مطر

Active Member
إنضم
21 أغسطس 2018
المشاركات
1,373
مستوى التفاعل
0
النقاط
36

تهم



أعبّر عمّا تحسّ حياتي وارسم إحساس روحي الغريب
فأبكي إذا صدمتني السنين بخنجرها الأبديّ الرهيب
وأضحك مما قضاه الزمان على الهيكل الأدميّ العجيب
وأغضب حين يداس الشعور ويسخر من فوران اللهيب
أعبّر عن كلّ حسّ أعيه

وأبكي الحياة ولا أنكر

وأضحك من كلّ ما تحتويه

وأغضب لكنّني أشعر

يقولون شاعرة في السحاب تحلّق خلف سراب النجوم
أنانيّة لا تحسّ الوجود وإن صرعته جبال الغموم
خياليّة تمقت الكائنات وتخلق عالمها في الغيوم
خريفيّة تكره الضاحكين لتدفن جبهتها في الهموم
أنانيّة وأحب البشر

خياليّة وحياتي تسير

خريفيّة وأناجي الزهر

وعاطفتي لهب من شعور

يقولون:عاشقة للظلام تحبّ الدياجي وتهوى السكون
وتنشد أشعارها للجبال وترسم أحلامها للعيون
تحبّ الحياة ولكنّها تعكّرها بخيال المنون
ترى جوّها غيهبا حالكا يضيق بآثامه الملهمون
أحبّ الظلام ولكنني

أثور على كلّ أحلامكم

أحبّ الحياة على أنني

أحقر موكب أيامكم

يقولون: جامدة الحسّ تحيا مع الأمس في حلم جامد
يقولون: صوفيّة فالحياة تنوح على حسّها الخامد
عواطفها جمدت كالنجوم كتهويمة القمر البارد
وتحليقها كان ثم امّحى على صدر إحساسها الراكد
يقولون لكنّني تائهه

ألوذ بصمتي الخفيّ الغريب

أعيش حياتي كالآلهه

وقلبي شعور وروحي لهيب

يقولون دعهم غدا يعلمون ودعني أنا للشّذى والجمال
أحبّ الحياة بقلبي العميق وأمزج واقعها بالخيال
أحبّ الطبيعة حبّ جنون أحبّ النخيل أحبّ الجبال
وأعشق ذاتي ففي عمقها خيال وجود عميق الظلال
وأهتف يا نار قلبي الغريب

وموج أحاسيسي الثائره

إذا اتّهموا فلماذا أجيب

بغير ابتسامتي الساخره ؟
 

نسيم مطر

Active Member
إنضم
21 أغسطس 2018
المشاركات
1,373
مستوى التفاعل
0
النقاط
36


رماد




أهكذا داست علينا الحياه لم تبق منا صدى
لم تبق إلا الندم الأسودا وصوت واخيبتاه
أليس من كوكبنا الآفل إيماضة تستعاد ؟
أليس من كوكبنا الآفل إيماضة تستعاد ؟
أليس عنّا نبأ أو نشيد أو همسة واحده ؟
ألم تعد قصّتنا البائده توقظ عرقا جديد ؟
ألم يعد قطّ لنا من مكان في القصّة الجاريه ؟
أليس في كاساتنا الخاليه شيء يهمّ الزمان ؟
وذلك الموكب والسائرون فوق ثرى المنحدر
لم يدركوا أنّ هوانا اندثر في عمق قبر السكون
ووقع أقدام الهوى الراحله إلى مكان بعيد
تنقاها الريح فلا تستعيد ألحانها القافله
ونحن ما زلنا نجرّ الحنين والأمس والذكريات
أقيادنا مثقلة بالحياة ونحن في الميّتين
ونحن ما زلنا نسوق الرّماد لنطعم الموقدا
وأذرع الأحلام ترجو سدى خلق غد من جماد
وبعث ماض لون أركانه من مزق الأحلام
أمسى رهيبا تنكر الأيام عاري جدرانه
أمسى بعيدا تحجب الوديان أسواره القاتمه
تعيث فيه الهدأة الساهمه ويحكم النسيان
والريح لم تبق على بابه حروف أسمائنا
لم تبق حتى وقع أقدامنا في جوّ محرابه
وربّما طافت به في ذهول أشباحنا الباكيه
تطوف حول الغرف الخاليه سدى تريد الدخول
أشباحنا يضلّها الإعصار تحت غلاف الضّباب
تظلّ ولهى تلطم الأبواب والحائط المنهار
أشباحنا حافرة في ارتعاد مقبرة الذكريات
لا صورة تنبض فيها حياة لا شيء غير الرّماد
تنصت في رعب وفي إعياء عند السياج الحزين
فلا تعي إلا بقايا أنين ترسله الأقباء
أشباحنا تستفهم النسيان عن أمسها الضائع
فلا ترى إلا الردى الجائع يقوّض البنيان
وأذرع السرو تمدّ الذهول فوق شحوب الخراب
كأنها تقذف فوق القباب معنى الردى والذبول
ولفظة واحدة واحده تكرّرت في المكان
سمعتها تفحّ كالأفعوان في الشرف البارده
أبصرتها مكتوبة باللهيب في الغرف الباليه
وفوق ساق السروة العاريه وفي الفناء الجديب
أحسستها تهمس معنى "مضى" ملء المساء الكئيب
أبصرتها في كلّ ركن رهيب أبصرت لفظ " انقضى"
وتلتقي أشباحنا في المساء باردة واجمه
تنظر في تقطيبة ساهمه في سورة من غباء
أشباحنا تطلب ماضينا لا تدرك الأسرار
كيف انقضى ؟ ألم يعد في الدار صوت ينادينا ؟
أهكذا داست علينا الحياه لم تبق منا صدى ؟
لم تبق إلا الندم الأسودا وصوت واخيبتاه ؟
 

نسيم مطر

Active Member
إنضم
21 أغسطس 2018
المشاركات
1,373
مستوى التفاعل
0
النقاط
36


الخيط المشدود في شجرة السرو




-1-

في سواد الشارع المظلم والصمت الأصمّ

حيث لا لون سوى لون الدياجي المدلهمّ

حيث يرخي شجر الدفلى أساه

فوق وجه الأرض ظلاّ ,

قصة حدّثني صوت بها ثم اضمحلا

وتلاشت في الدّياجي شفتاه

قصة الحبّ الذي يحسبه قلبك ماتا

وهو ما زال انفجارا وحياة

وغدا يعصرك الشوق إليّا

وتناديني فتعيى ,

تضغط الذكرى على صدرك عبئا

من جنون , ثم لا تلمس شيئا

أيّ شيء , حلم لفظ رقيق

أيّ شيء , ويناديك الطريق

فتفيق..

ويراك الليل في الدرب وحيدا

تسأل الأمس البعيدا

أن يعودا

ويراك الشارع الحالم والدفلى , تسير

لون عينيك انفعال وحبور

وعلى وجهك حبّ وشعور

كلّ ما في عمق أعماقك مرسوم هناك

وأنا نفسي أراك

من مكاني الداكن الساجي البعيد

وأرى الحلم السعيد

خلف عينيك يناديني كسيرا

.....وترى البيت أخيرا

بيتنا , حيث التقينا

عندما كان هوانا ذلك الطفل الغريرا

لونه في شفتينا

وارتعاشات صباه في يدينا

-3-

"ها هو البيت كما كان , هناك

لم يزل تحجبه الدفلى ويحنو..

فوقه النرنج والسرو الأغنّ

وهنا مجلسنا..

ماذا أحسّ ؟

حيرة في عمق أعماقي , وهمس

ونذير يتحدّى حلم قلبي

ربما كانت..ولكن فيم رعبي ؟

هي ما زالت على عهد هو أنا

هي ما زالت حنانا

وستلقاني تحاياها كما كنا قديما

وستلقاني....." .

وتمشي مطمئنا هادئا

في الممر المظلم الساكن , تمشي هازئا

بهتاف الهاجس المنذر بالوهم الكذوب :

" ها أنا وقد فارقت أكداس ذنوبي

ها أنا ألمح عينيك تطلّ

ربما كنت وراء الباب , أو يخفيك ظلّ

ها أنا عدت , وهذا السلّم

هو ذا الباب العميق اللون , مالي أحجم ؟

لحظة ثم أراها

لحظة ثم أعي وقع خطاها

ليكن ...فلأطرق الباب .."

وتمضي لحظات

ويصرّ الباب في صوت كئيب النبرات

وترى في ظلمة الدهليز وجها شاحبا

جامدا يعكس ظلاّ غاربا :

" هل..؟ ويخبو صوتك المبحوح في نبر حزين

لا تقولي إنها.."

" يا للجنون ‍

أيها الحالم , عمّن تسال ؟

أنها ماتت"

وتمضي لحظتان

أنت ما زلت كأن لم تسمع الصوت المثير

جامدا , ترمق أطراف المكان

شاردا , طرفك مشدود إلى خيط صغير

شدّ في السروة لا تدري متى ؟

ولماذا ؟ فهو ما كان هناك

منذ شهرين..وكادت شفتاك

تسأل الأخت عن الخيط الصغير

ولماذا علقّوه ؟ ومتى ,
ويرنّ الصوت في سمعك: "ماتت.."

"إنها ماتت.." وترنو في برود

فترى الخيط حبالا من جليد

عقدتها أذرع غابت ووارتها المنون

منذ آلاف القرون

وترى الوجه الحزين

ضخّمته سحب الرّعب على عينيك "ماتت.."

-4-

هي "ماتت.." لفظة من دون معنى

وصدى مطرقة جوفاء يعلو ثم يفنى

ليس يعنيك تواليه الرتيب

كل ما تدركه الآن هو الخيط الغريب

أتراها هي شدّته ؟ ويعلو

ذلك الصوت المملّ

صوت "ماتت.." داويا , لا يضمحلّ

يملأ الليل صراخاً ودوياً

"إنها ماتت" صدى يهمسه الصوت مليا

وهتاف رددته الظلمات

وروته شجرات السرو في صوت عميق

"إنها ماتت" وهذا ما تقول العاصفات

"إنها ماتت" صدى يصرخ في النجم السحيق

وتكاد الآن أن تسمعه خلف العروق

-5-

صوت ماتت رنّ في كلّ مكان

هذه المطرقة الجوفاء في سمع الزمان

صوت " ماتت" خانق كالأفعوان

كلّ حرف عصب يلهث في صدرك رعبا

ورؤى مشنقة حمراء لا تملك قلبا

وتجني مخلب مختلج ينهش نهشا

وصدى صوت جحيميّ أجشا

هذه المطرقة الجوفاء : "ماتت"

هي ماتت , وخلا العالم منها

وسدى ما تسأل الظلمة عنها

وسدى تصغي إلى وقع خطاها

وسدى تبحث عنها في القمر

وسدى تحلم يوما أن تراها

في مكان غير أقباء الذكر

إنها غابت وراء الأنجم

واستحالت ومضة من حلم

-6-

ثم ها أنت هنا , دون حراك

متعبا , توشك أن تنهار في أرض الممرّ

طرفك الحائر مشدود هناك

عند خيط شدّ في السروة , يطوي ألف سرّ

ذلك الخيط الغريب

ذلك اللغز المريب

أنه كلّ بقايا حبّك الذاوي الكئيب

-7-

ويراك الليل تمشي عائدا

في يديك الخيط , والرعشة , والعرق المدوّي

"إنها ماتت.." وتمضي شاردا

عابثا بالخيط تطويه وتلوي

حول إبهامك أخراه , فلا شيء سواه ,

كلّ ما أبقى لك الحبّ العميق

هو هذا الخيط، واللفظ الصفيق

لفظ " ماتت" وانطوى كلّ هتاف ما عداه
 

نسيم مطر

Active Member
إنضم
21 أغسطس 2018
المشاركات
1,373
مستوى التفاعل
0
النقاط
36


أول الطريق




لنلتق , فالريح تعصف والمنحنى لا يعي

وغمغة الهاجس المتهدّد في سمعي

وهذا الطريق الذي سلبته خطاي السكون

غريب مخيف المعابر يشبه لون المنون

أحسّ السراب

وراء الهضاب

وألمس في لونه مصرعي

وأنت بعيد وراء الظنون

لنلتق , .. إني أخاف المساء الغريق الضياء

أرى ماردا من أساي الممزّق يطوي الفضاء

ينقل أقدامه السود بين عيون السنا

ويطفئها , عدت أخشى أذاه على نجمنا

فعين الإله

غفت عن أذاه

وقد يستعير لهيب البكاء

ويغمده في ابتساماتنا

***

لنلتق..ما أطول الإنتظار على الخائفين

لنلتق , تحجبنا فكرة عن عيون السنين

هنالك ترصدنا نجمة من هوانا الرقيق

تمدّ يديها لترشدنا لمكان سحيق

وراء الجراح

ولسع الرّياح

بعيدا وراء كهوف الأنين

هنالك يبدأ كلّ طريق

***

هنالك تبتدىء الذكريات سجلا جديد

وتبدو حدود طريق يشقّ الفضاء المديد

إلى موضع في المدى المرتمي حجبته الظلال

وما كشفت عن خفاياه حتى عيون الخيال

سنعبر فيه

إلى ألف تيه

سدى يتحرّى الزمان البليد

خطانا فنحن وراء المحال

***

سنحيا معا في عوالم حافلة بالوعود

ونملك ليلا يبيع النّعاس وعطر الورود

سينبجس الماء حيث لمسنا أديم الثرى

ويرقص حول خطانا بأجنحة من شذى

سنمحو الزّمان

وننسى المكان

هناك ونقسم ألاّ نعود

إلى أمسنا المنطوي

سر بنا !
 

المـسكت

مشرف منتدى الرياضة
إنضم
17 نوفمبر 2012
المشاركات
45,828
مستوى التفاعل
3
النقاط
38
شكراً على المشاركه الرائعه
 
أعلى