هكذا هم الغرباء الأصفياء عبر الزمن...
تضحية وفداء.. شجاعة وإباء.. صدق واخلاص وجذوة عطاء.. لله هم..لله هم..
أنس بن النضر= الشهيد الصادق أنس بن النضر =
قد أحب أنس رسوله -صلى الله عليه وسلم- وظل مدافعًا عنه حتى آخر قطرة دم في جسده ، ولم يعلم بخروج النبي -صلى الله عليه وسلم- لقتال المشركين في*غزوة بدر*، فحزن حزنًا شديدًا، ونذر نفسه للشهادة في سبيل الله ليعوض ما فاته من يوم عظيم.
وذهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-*نادمًا أن فاتته غزوة بدر، فقال للنبي -صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله، غبت عن قتال بدر، غبت عن أول قتال قاتلتَ المشركين، لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين اللهُ ما أصنع"، فلما كانت*غزوة أحد، خرج أنس بن النضر مع المسلمين، وهو يتمنى أن يلقى الله شهيدًا في هذه الغزوة.
وبدأت المعركة وكان النصر حليف المسلمين إلى أن خالف الرُماة أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وتحول النصر إلى هزيمة، وفر عدد كبير من المسلمين، ولم يثبت مع النبي (صلى الله عليه وسلم) سوى نفرٌ قليل. فلما رأى أنس بن النضر ذلك المشهد تذكَّر على الفور وعده لله، وقوله للرسول صلى الله عليه وسلم: "لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع". ثم أُشيع وانتشر بين المسلمين بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم- - قد قتل, فقال*:"
إن كان رسول الله قد مات ما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه".
فانطلق يشق صفوف المشركين قائلاً: "اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء (يعنى أصحابه) وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء (يعنى المشركين)"، ثم تقدم شاهرًا سيفه، فاستقبله*سعد بن معاذ*فقال: " يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أُحد. وأخذ يقاتل ويضرب بسيفه يمينًا وشمالاً، حتى سقط شهيدًا على أرض المعركة، وبعد انتهاء القتال حكى سعد بن معاذ للنبي (صلى الله عليه وسلم) ما صنعه أنس بن النضر، وقال:"فما استطعت يا رسول الله ما صنع". "أي أنني لم استطع أن أصنع مثل ما صنع"
وقام الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه ليتفقدوا شهداء أحد، ويتعرفوا عليهم، فوجدوا أنس بن النضر ، وبه بضعة وثمانون جرحًا ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم، وقد مثّل به المشركون
ـ أي شوهوه - فلم يعرفه أحد إلا أخت الربيع بنت النضر "بعلامة في أصابعه". وروي أن هذه الآية الكريمة {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا}
نزلت في أنس بن النضر ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم.
.......