القديم والمحدث

إنضم
1 فبراير 2010
المشاركات
300
مستوى التفاعل
6
النقاط
18
اتسعت لغة النقد في هذا الموضوع وحفلت بمعطيات جديدة بسبب دخول مفردات جديدة إلى ميدان النقد حيث أخذ أبو تمام نصيبا منها مع ثبات بعض المهيمنات القديمة كسيطرة لغة المعيار الزمني على مواقف ابن الأعرابي الذي وجد ( أن شعار المحدثين - مثل أبي نواس وغيره - مثل الريحان يشم يوما فيذوى فيرمى به وأشعار القدماء مثل المسك والعنبر كلما حركته ازداد طيبا ) وأنشد شعرا لإبي نواس وسئل ( أما هذا من أحسن الشعر ؟ فقال : بلى : ولكن القديم أحب إلي ّ ) فالتزمت إلى هذا المعيار الخارجي واضح واللغة تخلو من التسويغ حتى إن موقفه من شعر أبي تمام يمثل منتهى التعصب في حكمه على أبي تمام والبحتري أن لهما ( من المحاسن ما لو قيس بأكثر شعر الأوائل ما وجد مثله ) ولغة المقايسة المنصفة عند ثعلب في تقدير الشعر المحدث في ( أن الأوائل لو سمعوا هذا الشعر ما فضلوا عليه شعرا )
وقد أثرت الموازنة بين أبي تمام والبحتري لغة النقد مفردات فنية جديدة ، أفرزها المنهج الشعري لكل منهما يقول المبرد ( لأبي تمام استخراجات لطيفة ومعان طريفة لا يقول مثلها البحتري وهو صحيح الخاطر حسن الانتزاع ، شعر البحتري أحسن استواء وأبو تمام يقول النادر والبارد ، وما أشبه أبا تمام إلا بغائض يخرج الدر والمخشلبة ) فلغة المبرد حافلة بمصطلح وصفي للمعنى عند أبي تمام وهذا المصطلح له علاقة وثيقة بمنهج أبي تمام في اتكائه على عقله حيث تشير ( الاستخراجات اللطيفة ) ( وحسن الانتزاع ) إلى مواجهة فنية دقيقة لمعاني أبي تمام ، وقد أثمرت دقة اللغة والوصفية عند المبرد اكتشاف المهيمنة البنائية في عدم استواء شعر أبي تمام وهي أن نهج أبي تمام يشبه عملية ( الغوص) حيث يستخرج الدر الذي يقابل المعنى النادر ، والمخشلبة التي تقابل المعنى البارد ، هذه اللغة الوصفية تستند إلى فحص نص أبي تمام واستنطاق أسلوبه والخروج بهذه النتائج التي تحيط بشعر أبي تمام ، وستجد هذه اللغة مصداقيتها عند معرفة أن أبا تمام ( كان يعوض على المعاني الدقاق فربما وقع من شدة غوصه في المحال ) فقد ( حمل على كيانه الفكر ) لأنه ( لا يسلك مسلك الشعراء قبله وإنما يستقي من نفسه ) وهذا النصوص تتفق في سياقها العامة وإحاطتها ببض جزئيات شعر أبي تمام .
ويستمر البحث في لغة أبي تمام فقد مثل مفارقة محدثة فألفاظه ( من الغربي المصدود عنه وليس يحسن للمحدثين استعمالها لأنها تجاور بأمثالها ولا تتبع أشكالها ) وأخذ عليه أنه ( يريد البديع فيخرج إلى المحال ) والمحال في لغة النقد صعوبة تصور المعنى مع فساده ، أو دقته دقة متناهية لا يمكن العقل الوصول إلى تصوره ، وأن قسما من نصوصه ( من البديع المقيت ) ولغة هذه النصوص وصفية معيارية معا فالتوجه الذي يحكمه التقويم والحكم على شعر أبي تمام مع التركيز على وصف مشكلة الشعر المحدث التي وقع فيها أبو تمام وتمثلت بإسرافه وسؤ تعامله مع البديع .
ولغة ابن قتيبة في موقفه من القديم والمحدث معيارية ( طالما أن الجودة الفنية هي المقياس النقدي ومعيار المفاضلة بين الشعراء ) فالقدم والحداثة تقاس بالإنتاج الجيد ( فكل من آتى بحسن من قول أو فعل ذكرناه له ) فقد تحددت اللغة على أساس رفض الزمن والمنزلة الاجتماعية ، فالابداع ليس حكرا على زمن دون زمن أو قوم دون آخرين وأن القدم والحداثة حلقات تطورية الواحدة تسلم الأخرى فالقديم كان حديثا في زمنه ثم يصبح قديما فيما بعد وهكذا ، وفي اللغة النقدية تبدو العدالة والإنصاف واضحة لكي يكون التقويم صحيحا ويعطي كل ذي حق حقه .




لغة النقد العربي القديم
بين المعيارية والوصفية
حتى نهاية القرن السابع الهجري
عبد السلام محمد رشيد
 

أبومهند

مراقب منتديات التعليم والتطوير
إنضم
21 أغسطس 2007
المشاركات
10,826
مستوى التفاعل
67
النقاط
48
بارك الله فيك أخي مسلم , وسيكون لي عودة للموضوع.
 

جميل الشفايف

مشرف سابق
إنضم
7 أبريل 2010
المشاركات
13,235
مستوى التفاعل
297
النقاط
83
الإقامة
بين نبضات قلب أمي
يالغلا
حبر انسكب بجنون
قلمك ينزف الابداع .. بروعة
تميز عانق روعة الجمال
نحن سنكون بأنتظارك دائما

أمنيات جميلة ارجوها لك
و دي
 

أسيرالشوق

المراقب العام
إنضم
18 أكتوبر 2007
المشاركات
55,084
مستوى التفاعل
48
النقاط
48
بارك الله فيك
شكراً لك على المشاركة
 
أعلى