قيل ان رجلا نظر في المرآه فلم تعجبه سحنته ، فانطلق عامدا إلى اقرب دار للتجميل فدخل وخرج بعد ساعة وسيماً، وضيئاً ،راضياً عن نفسه قد عاد مسنون الوجه بعد استدارةٍ منفرة ، أحور العينين بعد جحوظ وحول ، أشم العرينين بعد الفطس ، أظمى الشفتين (أي رقيقهما) بعد الهدل (أي بعد غلظهما واسترخائهما ) كما ذكر أبو فهر
اتسأل مابين دخول الرجل وخروجه هل تغير حقيقة ام بقي هو ..هو
هل تغيرت اخلاقه هل تبدل فكره هل تطور هل تقدم هل استفاد
قال صاحبٌ لي بل بقي على حاله لأن الشخص هو ذاته... لم تتغير روحه ولم تتبدل نفسه ولكن الذي تغير فيه هو ما ظهر منه ، اما ما بطن فباق على حاله ، والباطن هو القيمة الحقيقة للأشخاص وهو المعمل المتعلق فيهم حقيقة، اما الظاهر( الخِلقة ) أمرها لله هو من ركبها وصورها ، فالخُلق صنيع الإنسان ذاته والله كما جاء في الحديث لا ينظر إلا للقلوب..
فقلت له :
أما انا فأقول لقد تغيَر والله ..
بل لا تدغدغني أي نسمة من جزئية شك في ذلك.. لقد تغير الرجل وتبدّل ، وإن لم يكن للظاهر قيمة حقيقية لكن ، الظاهر دليل الباطن
بل ان الظاهر متحكم في الباطن مسيرٌ له
فمثلا البرمجه اللغوية العصبيه تقوم أسسها وقواعدها و اصولها و اركانها و فروعها و كلياتها و تفاصيلها و جزيئاتها على أمر واحد ،هو الثناء على النفس والتحدث عن قوة ربما تكون غير موجودة وثقة ربما تكون أقرب الى المعدومه ومحاولة إقناع الذات قصرا وقهرا وتكرارا ومرارا بأنك تستطيع وان لم تكن كذلك ، ويجزم اهل هذا العلم بأنك إن فعلت سوف تستطيع فعلا ...
لكن لا يجزم أي واحد منهم (اي من اهل هذا العلم) ابدا بأنك سوف تنجح فالفرق بين النجاح والاستطاعة كالفرق بين العرب والغرب ،نقطه واحدة فقط لكن هذه النقطه الصغيرة تنقلك نقلة تاريخيه ثقافيه جغرافية عرقية ليس لها حد فتُعّد...
بإمكان ذلك الرجل ان يقنع نفسه بانه اصبح جميلا وكذلك بامكانه إقناع غيره بذلك، لكن هذا لن يطول سرعان ما يفشل ....حينما يكتشف صحبه ومعاشريه بأن الرجل باق على أخلاقة وسلوكياته القديمة..
بل سوف تزداد سلوكياته سوءًا ، لأنه استند على ظاهره فأصابه الغرور
ولن يقتنع بالقناعة الأخيرة التي تأصلت في رؤوس من حوله ، لأنه لايرى في نفسه إلا وجهه فلا يرى أخلاقه وسيظل في صراع معهم إلى ان يأذن الله له او لهم بالرحيل من دار اللا مقر إلى دار المستقر
هكذا هي النفس البشرية مجنونة لا تتعامل مع من حولها ، الا وفق أحكام مسبقة تكونت وتشكلت من انطباعات تافهه او مواقف صغيره ، ومن خلال هذه الثوابت التافهة الرخيصة الهشة أخذ يتعامل مع فئة من الناس ،
ربما يكتنفني كثير من الغموض
بالأمس جمعني الله في مجلس أحد الأصحاب بشاب يبلغ الثلاثين من عمره ..
دار الحوار وتنوع وتبدل وتحول .
.وكان هذا الشاب موسوعه في التذمر كان يلوم كل شيء حوله ، ولم يكن شيء اهون عليه من إلصاق التهم في الدين واهله ، حتى وان كان الحديث عن اسعار الطماطم والبقدونس..
كلاماته لازالت ترن في أذني ..
(المطاوعة ) ..(الهيئة)..(اللحى)..(المرأة)
كان ينادي بالأختلاط ..فأجبته قائلا : ألا ترى عيب في ذلك او مخالفة للشرع ((أي في الأختلاط))
قال : لا
قلت له : إذا قبل ان تنادي بنات الناس بالأختلاط ضيفنا في بيتك واجعل أختك تدِخل علينا القهوة والشاي فوالله لا نسيء لها ولا ننظر إليها إلا بحسن النية ..
فغضب وأحمَر وجهه وارتجف وازبد وارتعد فأخذ يقلب الكلام ويحوله ويبدله ، فلما أكثر عليه اهل المجلس رفض وقال : لا ارضاه لأختي لأني ابن هذه الثقافة المتخلفه مثل ما انتم ابناء لها لكني اريد من جيل آخر ان يحمل لواء الإنفتاح والمساواة والحريه ، أما انا فمثلكم وان كنت لا اقبل افكاركم لكن قدري ان اعيشها مهما كانت الظروف
قلت له : حينها لا تعليق ..
واقول هنا :
فقد لقي ابا العيناء الشاعر المعروف بعض اصحابه في الفجر، فجعل صاحبه يتعجّب من بكوره..
فقال ابو العيناء:
أراك تشركني بالفعل ،وتفردني بالتعجب
فقاسم أمين مثلا صاحب كتاب تحرير المرأة وكتاب المرأة الجديده وهو من أول الداعيين إلى سفور واختلاط المرأة المصرية كان يدعو ليلا ونهارا وسرا وجهارا بنزع الحجاب ، وبالفعل نُزع ، لكن بقي حجاب زوجته لم يُنزع
لقد كان يرفض تبرج امرأته رغم قسوته في دعوته بنات مصر ..
يظن البعض منا ان الثقافة كامنة في نقد الدين وأحكامه والدعوة الى التحلل مما أمر والخوض فيما نهى..!!
يظن البعض منا ان التقدم والتطور في ان يكون علمانيا او ليبراليا او حداثيا!!
والعيب والجهل والظلاميه في كونك تنتسب الى الإسلام كشعار ومضمون
يا هؤلاء لماذا مشروعكم هذا يبدأ بالمرأة ويمر بالمرأة وينتهي بالمرأة
لماذا لم نرى نصف واحدا منكم وكلكم انصاف وارباع فكَر وقدر ونظر في اختراع آله او صنع حديده او فك شفرة او اكتشاف دواء
لماذا يبدأ نهاركم بسم نقد الدين والحديث عن المرأة وينتهي كذلك
وقد قيل مر علماني على شيخ يعلم طلابه احكام الطهارة ولبس الجورب
فقال مخاطبا الشيخ متهكما في عمله ناقدا لصنيعه: الغرب وصلوا القمر وانت باقي تدرس أحكام لبس الجورب !!
فنظر إليه الشيخ وقد تبسم وقال له :
أصلحك الله وماذا فعلت انت ..لم تذهب معهم للقمر ولم تتعلم معنا أحكام دينك..ان كان هذا دينك حقا ..
تذكرت حينها قصة تأبط شراً ، ذلك الصعلوك العربي النحيل الشجاع الذي كان كما يقال يسابق الخيل ويسبقه
إذ لقي رجلا من ثقيف يقال له ابو وهب ، وكان جبانا أهوج (أي احمق) وعليه حلة جيدة ثمينة
فقال ابو وهب لتأبط شراً :بما تغلب الرجال يا ثابت ، وانت كما أرى دميم ضئيل ؟ قال : باسمي ، إنما أقول ساعة ما ما ألقى الرجل :أنا تأبط شراً، فيُخلع قلبه حتى أنال منه ما أردت.
فقال له الثقفي : فقط قال تأبط :فقط
قال : فهل لك ان تبيعني اسمك ؟قال : نعم ، قال فبم تبتاعه ؟ قال بهذه الحلة وبكنيتي ، قال : له أفعل ففعل ، قال تأبط : لك اسمي ولي كنيتك ، واخذ حليته ثم انصرف .
ثم قال ابياتا يخاطب فيها زوجة الثقفي :
ألا هل أتى الحسنـــــاء أن حليلها ** تأبط شراً و اكتــنـيت أبا وهــــــــبِ
فهبه تسمَى اسمي وتسميت باسمه**فأين له صبري على مُعظم الخـــــطبِ
وأين لــــه بأسٌ كبأسي وسورتي **وأين له في كل فادحــــــــــــة قلبي
والآن بعد أن مر على تركيا عشرات السنين وهي تقبع خلف النظام العلماني ماذا حدث لها سوى انها اصبحت بلد يعيش تحت اسفل خط الفقر ..هاهم يخرجون من بلادهم لينتشرون في العالم يقطّعون لحم الشاورما بعد ان قطعّتهم العلمانيه
بل ماذا حصل لمصر وقد اقتربت من ختم قرن كامل من تاريخ مظاهرة هدى شعراوي وتحررها من الحجاب هي وصويحباتها
لم تزد مصر منذ ذلك التاريخ الى اليوم الا فقرا وضياعا وتشريدا
خذ خريطة الأرض واغمض عينيك وضع اصبعك كيفما وضعت ..
تأكد تماما انك وضعته في ارض يقبع فيها مصري قد خرج من بلاده يطلب قوت يومه وكساء يواري عورته
بمباركة العلمانية طبعا
انظر الى العنوسه في مصر
لا يتزوج الرجل الا بعد ان يتجاوز الأربعين
رغم ان تكاليف الزواج ليست حكرا عليه بل هي مقسمة موزعة على الزوج والزوجه بالنصف....
لا أدري كلما ذكرت العلمانية تذكرت أخبار المغفلين لابن الجوزي رحمه الله تعالى
فقد ذكر قصة أحد المغفلين وقد كان يسير أمام حماره ومقوده في يده فرآه رجلا وصاحبه : فقال الرجل لصاحبه : يمكنني ان أخذ الحمار ولا يعلم هذا المغفل ، فحل المقود من رقبة الحمار وقال لصاحبة انطلق بالحمار ، فانطلق به وظل الرجل ممسك بطرف المقود الذي كان في رقبة الحمار يسير خلف المغفل حتى التفت المغفل بعد ساعه ، فإذ به يرى رجلا بدلا من حمار، فقال متعجبا مندهشا: اين الحمار !! فأجابه الرجل : انا هو
عدت إلى عقوق أمك..أصلحك الله
والله لقد خدعوكم يا هؤلاء عندما قالوا لكم ان الدين هو مشكلتنا ..
فقاتل الله الفهم المغفل المركب الذي يظن انه وصل وهو لم يتحرك ولم يقف على قدميه حتى...
ماذا جنينا منك ايتها الفوضويه
أجيبي لا بارك الله فيكي
أجاب صاحبي :وهل تظن بأنه سوف يبارك.....!!
:i5:
