الدكتور/محمد بن حمدان المالكي
شاعر وصحفي
- إنضم
- 6 يوليو 2007
- المشاركات
- 1,636
- مستوى التفاعل
- 43
- النقاط
- 48
في نجران
صدمة الأخدود تئد مغامرة أنفاق السد
تجذرت الرغبة منذ زمن لزيارة منطقة نجران المثقلة بنقوش التاريخ وفنون التراث وعبق الماضي ، فأينعت تلك الرغبة الجامحة ، لتنطلق وجسدي مغروس على سرجها ، وذلك في ضحى يوم الاثنين 2/3/1434هـ ، منطلقاً من مدينة الرياض حوالي 11 صباحاً ، بعد أن برمجت القارمن ، باتجاه مدينة الخرج ، حيث انعطف بي الطريق باتجاه وادي الدواسر مروراً بالدلم ، وقبل الوادي بـ 20 كيلو تقريباً انعطفت نحو اليسار باتجاه نجران في طريق مزدوج ينقطع تارة ويستمر المزدوج تارة أخرى ، يشق صمته مطبات اصطناعية تستقبلنا على أبواب الهجر والقرى المتناثرة كأصداف الشاطئ على جنبات الطريق ، لتجبرنا على الانحناء والاستعداد بالقدم اليمنى على المكابح كلما فوجئنا باستقبالها لنا في شموخ الجبال !
وفي تمام الساعة السابعة مساءً انسللنا بهدوء إلى مدينة نجران ، حتى تمايهنا مع جوها وعبق ثراها الأخاذ .
اتجهنا مباشرة إلى شقة مفروشة محجوزة لنا آنفاً ، وفي اليوم التالي ، حاولت البحث عن سد نجران في ذاكرة القارمن ، ولكني لم أجد له أثراً يذكر ، فتشافهت الوصف من أحد المواطنين ، وفي الطريق أخذنا نشق البساتين الوارفة حتى انتهينا إلى بوابة مغلقة عليها حرس الحدود ببنادقهم الهاجعة في سبات الأمن – ولله الحمد - ، وقد علقت لوحة بجوار البوابة تشير إلى أن مواعيد زيارة السد من الساعة 9 صباحة حتى 12 ضهراً ، ومن 3 عصراً حتى الساعة 6 مساء ، وفي الساعة الثالثة تماماً ، طلب مني خفير البوابة بطاقتي الشخصية لتسجيل البيانات ، ومن ثم سمح لنا بالدخول ، وفي طريقنا للسد استقبلتنا تلك الأنفاق الساحرة التي تبعث الرهبة ، وفي نفس الوقت تأسرك بتشكيل صخورها ، حيث حفرت تلك الأنفاق لتيسير الوصول إلى السد ، ولم يضع لها دعامات إسمنتية ، بل ظهرت أنفاقاً طبيعية ترى تسربات الماء على جانبي الأنفاق ، وقد وضعت لها مخارج طوارئ لكل 50 مترا تقريبا ، أما النفق الثاني فدخوله مغامرة لطوله وانحنائه ووجود صعود ونزول في مساره الضيق .
وفي تمام الساعة السابعة مساءً انسللنا بهدوء إلى مدينة نجران ، حتى تمايهنا مع جوها وعبق ثراها الأخاذ .
اتجهنا مباشرة إلى شقة مفروشة محجوزة لنا آنفاً ، وفي اليوم التالي ، حاولت البحث عن سد نجران في ذاكرة القارمن ، ولكني لم أجد له أثراً يذكر ، فتشافهت الوصف من أحد المواطنين ، وفي الطريق أخذنا نشق البساتين الوارفة حتى انتهينا إلى بوابة مغلقة عليها حرس الحدود ببنادقهم الهاجعة في سبات الأمن – ولله الحمد - ، وقد علقت لوحة بجوار البوابة تشير إلى أن مواعيد زيارة السد من الساعة 9 صباحة حتى 12 ضهراً ، ومن 3 عصراً حتى الساعة 6 مساء ، وفي الساعة الثالثة تماماً ، طلب مني خفير البوابة بطاقتي الشخصية لتسجيل البيانات ، ومن ثم سمح لنا بالدخول ، وفي طريقنا للسد استقبلتنا تلك الأنفاق الساحرة التي تبعث الرهبة ، وفي نفس الوقت تأسرك بتشكيل صخورها ، حيث حفرت تلك الأنفاق لتيسير الوصول إلى السد ، ولم يضع لها دعامات إسمنتية ، بل ظهرت أنفاقاً طبيعية ترى تسربات الماء على جانبي الأنفاق ، وقد وضعت لها مخارج طوارئ لكل 50 مترا تقريبا ، أما النفق الثاني فدخوله مغامرة لطوله وانحنائه ووجود صعود ونزول في مساره الضيق .
وعند وصولنا السد بدى مهيباً وشامخاً وقد ربض بين جبلين يحبس الماء ، ويعانق السماء ..
وفي اليوم التالي كان لنا موعدا مع المعلم الأبرز في مدينة نجران ، الأخدود العظيم ، ذلك الأخدود الذي حفره الملك التبعي ذو نواس وأوقد فيه النار ليلقي بالمؤمنين ، وقد حددت أياما للعزاب وأياماً للعوائل لزيارة المتحف والأخدود ، ولا أخفيكم سراً أنني قد رسمت في مخيلتي متحفاً أثرياً ينوء بالآثار والتاريخ والقطع النادرة في وجود مرشدين محترفين وتقنية متطورة لطريقة العرض كالتي رأيتها في سلطنة عمان - على سبيل المثال - ، ولكن أرجو أن تتقبلوا هذه الصدمة العنيفة بكل روح رياضية ، فقد وجدت متحفاً مكونا من صالتين لا تليق بتراث نجران ، وسمعة الأخدود ، ذلك المعلم الذي يأتي له السياح وطالبي الآثار من جميع أنحاء العالم ، إلا أنني تقبلت الصدمة ، وقلت أن ما سأراه في موقع الأخدود سيخفف وقع الصدمة .
سميت بالرحمن واتجهت إلى بوابة الأخدود ، فوجدت الموظف قد استقبلنا وهو يجلس على طاولة مدرسية عليها كتاب كبير يسجل فيه أسماء الزوار ، ومن ثم تلطف بالوقوف معي وأخذ يؤشر بيده نحو الأخدود ، وطلب مني تركيز النظر في الأحجار لرؤية آثار النار التي أوقدت في الأخدود ، ثم جلس ، وواصلت الدخول ، متوقعاً أنني سأجد مرشداً .
واصلت الدخول نحو الأخدود في جو مهيب مستشعراً ما حدث في هذا المكان للمؤمنين ، إلا أن الاستشعار بدأ يتبدد ، عندما لم أجد أي نوع من الاهتمام بمقر تلك القرية العظيمة المتهدمة أحجارها ، والتي لم تكلف هيئة السياحة نفسها بترميم المكان وإعادة بنائه على أسسه المتواجدة ، وتجهيزه بالوسائل الإرشادية ..
فقبل أشهر كنت في سلطنة عمان ، حيث دخلت بعض الحصون التي انبهرت بصلابة بنائها ، وعندما سألت المرشد عنها قال أن هيئة السياحة تقوم بترميمها وتنظيفها باستمرار ، وهي مجرد حصون لأشخاص عاديين ، فكيف بمقر تاريخي ورد ذكره في القرآن الكريم ..
بدت لي قرية الأخدود مهيبة بعض جدرانها لا زالت قائمة وعليها نقوش حيوانات وكتابات أثرية على أحجار ضخمة تبين قدرة قوم تلك الحقبة من الزمن ..
سميت بالرحمن واتجهت إلى بوابة الأخدود ، فوجدت الموظف قد استقبلنا وهو يجلس على طاولة مدرسية عليها كتاب كبير يسجل فيه أسماء الزوار ، ومن ثم تلطف بالوقوف معي وأخذ يؤشر بيده نحو الأخدود ، وطلب مني تركيز النظر في الأحجار لرؤية آثار النار التي أوقدت في الأخدود ، ثم جلس ، وواصلت الدخول ، متوقعاً أنني سأجد مرشداً .
واصلت الدخول نحو الأخدود في جو مهيب مستشعراً ما حدث في هذا المكان للمؤمنين ، إلا أن الاستشعار بدأ يتبدد ، عندما لم أجد أي نوع من الاهتمام بمقر تلك القرية العظيمة المتهدمة أحجارها ، والتي لم تكلف هيئة السياحة نفسها بترميم المكان وإعادة بنائه على أسسه المتواجدة ، وتجهيزه بالوسائل الإرشادية ..
فقبل أشهر كنت في سلطنة عمان ، حيث دخلت بعض الحصون التي انبهرت بصلابة بنائها ، وعندما سألت المرشد عنها قال أن هيئة السياحة تقوم بترميمها وتنظيفها باستمرار ، وهي مجرد حصون لأشخاص عاديين ، فكيف بمقر تاريخي ورد ذكره في القرآن الكريم ..
بدت لي قرية الأخدود مهيبة بعض جدرانها لا زالت قائمة وعليها نقوش حيوانات وكتابات أثرية على أحجار ضخمة تبين قدرة قوم تلك الحقبة من الزمن ..
خرجت من تلك القرية المثقلة بأنات المؤمنين ، وجبروت الظالمين ، وأنا أعتصر ألماً لما رأيته من إهمال لهذا المعلم التاريخي الذي لو رمم حسب قواعد الكتابات والتصور لعلماء الآثار لكان معلماً عالمياً ، يدر الدخل ويجذب السائح السعودي إلى منطقة نجران التي لا يعتبرها الكثير وجهة سياحية مهمة له ..
وفي اليوم التالي اتجهنا إلى السوق الشعبي في وسط المدينة وبجواره قصر الإمارة القديم والذي بدا من الخارج أنيقاً ومرمما ..
فدخلنا واستقبلنا المسؤول عن القصر ببخور السجائر الخارج من الغرفة التي بجوار الباب من الداخل ..
دخلنا بدون لوحات إرشادية واضحة ، وقد بدت غرف القصر متسخة ، وبعضها مقراً للنفايات !!
ولكن صدمة موقع الأخدود المهمل خدّر لدي كل تأثر وألم للمواقع الأثرية التي زرتها بعده :
من شاء بعدك فليمت
........... فعليك كنت أحاذر
فدخلنا واستقبلنا المسؤول عن القصر ببخور السجائر الخارج من الغرفة التي بجوار الباب من الداخل ..
دخلنا بدون لوحات إرشادية واضحة ، وقد بدت غرف القصر متسخة ، وبعضها مقراً للنفايات !!
ولكن صدمة موقع الأخدود المهمل خدّر لدي كل تأثر وألم للمواقع الأثرية التي زرتها بعده :
من شاء بعدك فليمت
........... فعليك كنت أحاذر
ولم ننس المرور على حديقة الملك فهد التي تعتبر معلما يستحق الزيارة لكبر مساحتها وكثر الأشجار الكبيرة فيها
وفي اليوم التالي شددت الرحال على أبها ، تلك المدينة الحالمة المشبعة بعطر الغيم ..
إلا أننا في اليوم التالي أخروّط بنا المسير إلى عقبة ضلاع ، حيث استأجرت غرفة في منتجع في أسفل العقبة وطلبت صحنين عصيدة بمرق البرمة أجهزنا عليها في دقائق ..
إلا أننا في اليوم التالي أخروّط بنا المسير إلى عقبة ضلاع ، حيث استأجرت غرفة في منتجع في أسفل العقبة وطلبت صحنين عصيدة بمرق البرمة أجهزنا عليها في دقائق ..
ومن ثم عدنا إلى أبها ، لنشد الرحال إلى مدينة القنفذة ، تلك المدينة المغموسة في الهدوء ، والنائمة على صدر البحر الأحمر ، تداعب أمواجه ، وتعانق النجوم في مسائها الحالم ..
وبعد قضاء يومين ممتعين اتجهت إلى الرياض وقد حملت أجمل الذكريات من نجران وأبها والقنفذة لكي أنثرها بين أيديكم ..
وبعد قضاء يومين ممتعين اتجهت إلى الرياض وقد حملت أجمل الذكريات من نجران وأبها والقنفذة لكي أنثرها بين أيديكم ..
