:: أرواحٌ في السماء :: ( موضوع مهم يحكي حالنا )

عذب السجايا

مشرف سابق
إنضم
3 يوليو 2011
المشاركات
4,121
مستوى التفاعل
117
النقاط
63
:: أرواحٌ في السماء ::
،.


كان الغلام الصغير يطل كل ليلة من نافذة منزلهم بعد صلاة العشاء ، يقلب بصره هنا وهناك
..
تارة إلى منزل جيرانهم ، وتارة ينظر إلى السماء وقد ازدان فضاؤها بالنجوم اللامعة من كل لون ..
ولكن شيئاً غريباً لطالما حيّر عقل الغلام ..


..



ألا وهو ذلك ( الجذع ) الذي كان يراه منصوباً فوق سطح منزل جارهم أبي منصور !



حيث أن الصغير لم يستطع أن يجد تفسيراً لكيفية نمو ذلك ( الجذع ) فوق السطح أثناء الليل ،،

ثم هو لا يرى له أثراً أثناء النهار !!




ومضت أيام عديدة على الغلام الصغير .. ورأسه يدور بمختلف الأفكار والخيالات ..



حتى كانت ليلة لم ير فيها ( الجذع ) فوق منزل جارهم كالعادة ..




فما كان من الغلام إلا أن مشى إلى أمه حتى جلس إلى جانبها ..


ولف يده حول عنقها ،، ثم سألها : أمي ! هل تعرفين أين ذهب ذلك ( الجذع ) الذي كان فوق منزل جارنا أبي منصور ؟





نظرت الأم إليه بدهشة وقالت : جذع ؟!

منذ متى يا صغيري كانت الأشجار تطلع فوق المنازل ؟




رد الغلام بإصرار :

لقد كان هناك ! كنت أراه كل ليلة ، وكان لا يظهر أثناء النهار ..




..::..



أخذت الأم تفكر لمّا رأت إصرار ولدها ، ثم تذكرت شيئاً كان فيه حل ذلك اللغز ..

فتبسمت وهي تمسح بيدها رأس الصغير وتقول :

يا حبيبي ! ذلك لم يكن جذعاً ، بل هو جارنا منصور بن المعتمر كان يقوم الليل ، ثم مات يرحمه الله !




ونحن نقول .. يرحمك الله يا منصور !

لقد كان لشدة سكونه وخشوعه في صلاته ، يحسبه الناظر إليه جذع شجرة ..




..::..


فكيف لو نظر منصور إلى حال كثير من إخواننا اليوم الذين إذا دخلوا في الصلاة ، فكأنما قد أصيبوا بحساسية في الجلد !

فتراهم يحكون أنوفهم وذقونهم ، وبطونهم ، والبعض يحك ظهره !

بل ورأينا من ينحني بظهره على هيئة الراكع - بينما الإمام لا يزال في القيام ! - ليحك رجله !




..



وبعضهم قد يرفع رجله بدلاً من ذلك ليحكها كهيئة الدابة !

وآخر بينظر إلى ساعته بين الركعة والتي تاليها ليحسب المدة التي مضت من الصلاة ..

فتراه يتنحنح بصوت ونبرة مقصودة ..




وبعضهم يرفع صوته بـ ( آمين ) في الصلاة السرية ، لينبه الإمام أنه لم يبق أمامه سوى القليل من الوقت ليركع !



وهكذا صار الواحد يرى عجائب وغرائب من بعض المسلمين - هداهم الله - مما لا يمكن تفسيره إلا أنه نابع من ذهاب الخشوع وقلة الخوف من الله ..



وبسبب ذهاب الخشوع صارت الصلاة وقتاً للحسابات والشرود في أودية الدنيا ..



وبسبب ذهاب الخشوع صارت الصلاة لا تنهى كثيراً من المصلين عن المنكر وفعل الحرام ..

إنه الخشوع ..

ذلك الأمر العظيم ، والواجب الذي فرط فيه كثير من المصلين ..
وبالتالي لم يعد لصلاتهم أثر في حياتهم وسلوكهم ومعاملاتهم ..





والخشوع كما ذكر العارفون بالله .. هو قيام القلب بين يديّ الرب بالخضوع والذل ..

ومتى ما خشع القلب ، خضعت الجوارح وسكنت إجلالاً وتعظيماً لربها عز وجل ..





قال عمر بن الخطاب :

إن الرجل ليشيب عارضاه في الإسلام وما أكمل لله تعالى صلاة !

قيل له :
وكيف ذلك ؟
قال :
لا يُتم خشوعها وتواضعها وإقباله على الله فيها ..




ولأن الخشوع أمر لا بد من وجوده في الصلاة حتى يقبلها الله عز وجل ، ويحصل للمصلي أجرها كما جاء في الحديث :

( إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها ، تسعها ، ثمنها ، سبعها ، سدسها ، خمسها ، ربعها ، ثلثها ، نصفها )




لذلك ،، كان لازماً علينا أن نعيد النظر في صلاتنا ، وننظر في الأمور التي تعيننا على تحقيق الخشوع فنسعى في تحصيلها ..




ولنتأمل سوية بعض تلك الأمور المعينة على الخشوع ..




يتبع ,,,



:

..::..
 

عذب السجايا

مشرف سابق
إنضم
3 يوليو 2011
المشاركات
4,121
مستوى التفاعل
117
النقاط
63
فمن تلك الأمور
...


( 1 )

أن ينخلع المصلي من الدنيا وكل ما فيها بمجرد قوله :


الله أكبر !


فالله أكبر من كل شيء !

من تجارته وأمواله ..

من أهله وأبنائه ..

من همومه وأحواله ..


وكل شيء يخطر على البال فالله أكبر منه وأجل وأعظم ..
وهو بالتالي أجدر أن يصرف العبد كل تركيزه واهتمامه إليه ..


...

و
الإنسان لو تفكر قليلاً ،، لرأى أن وقت الصلاة سيقضيه على أية حال .. خاشعاً كان أو غير خاشع ..
فلماذا لا يقضي ذلك الوقت خاشعاً حتى يؤجر وتحصل له ثمرة الصلاة ؟
وذلك خير من أن يقضيه غير خاشع .. ثم لا يعلم هل تقبل منه تلك الصلاة أم يردها الله على وجه صاحبها ..


...

سأل نفر من الناس عامر بن قيس : أتحدّث نفسك في الصلاة ؟
فقال : وهل هناك شيء أحب إلي من الصلاة أحدّث به نفسي !!

فقالوا : إنا لنحدث أنفسنا في الصلاة !
فقال : أبالجنة والحول ونحو ذلك ؟!

قالوا : لا ، ولكن بأهلنا وأموالنا ..

قال عامر : لأن يقطع جسدي بالسيوف أهون عليّ من ذلك ..


( 2 )

أن يستشعر المصلي مناجاته لربه ، وأن الله عز وجل ينظر إليه ويسمع ما يقول ..
فالمصلي إذا وقف للصلاة فهو إنما يقف بين يدي ربه ويناجيه كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ..


يقول أبو بكر المزني : من مثلك يا ابن آدم ؟ خـُلي بينك وبين الماء والمحراب ..
متى ما شئت تطهرت ودخلت على ربك ليس بينك وبينه ترجمان ولا حاجب ..


ولا يزال الله سبحانه مقبلاً على عبده المصلي ما دام العبد ملتفتاً إلى الله بقلبه ووجهه ..
فإذا التفت العبد وسها ؛ انصرف الله عنه ..

...

ثم انظر أخي المُصلي إلى الفضل الكبير والشرف العظيم الذي يشرف الله به عبده الخاشع له عند قراءته للفاتحة ..


فإن المصلي قال : الحمد لله رب العالمين
قال الله عز وجل : حمدني عبدي ..

وإذا قال المصلي : الرحمن الرحيم
قال الله عز وجل : أثنى علي عبدي ..

وإذا قال المصلي : مالك يوم الدين
قال الله عز وجل : مجّدني عبدي

وإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين
قال الله عز وجل : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل !

ثم إذا قال : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
قال الله عز وجل : هذا لعبدي ، ولعبدي ما سأل !

...

فيا الله ما أعظم هذا الفضل !
الله عز وجل بعظمته وجلاله يسمع من عبده ! بل ويعطيه سؤاله بأن يهديه للصراط المستقيم في الدنيا والآخرة !



لقد كان بعض التابعين إذا قام إلى الصلاة تغيّر لونه ..
وكان إذا سُئل عن ذلك قال : أتدرون بين يديّ من أقف ومن أناجي ؟



( 3 )

أن يتدبر المصلي الآيات والأذكار التي يرددها في صلاته ..

لقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية واحدة يرددها حتى أصبح ،
وهي قول الله عز وجل : {
إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم }

ويذكر أن أبا حنيفة رحمه الله قام ليلة كاملة بآية ، هي : { بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر }
يرددها ويبكي ويتضرع ..


وباتت جماعة من أصحاب الحسن عنده ذات ليلة ..
فقام الحسن من الليل فصلى فلم يزل يردد هذه الآية حتى السحر : {
وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها }
فلما جاء الصباح قال له أصحابه : يا أبا سعيد لم تكد تجاوز هذه الآية سائر الليل ..
قال : أرى فيها معتبراً ، ما أرفع بصري ولا أرده إلا وقد وقع على نعمة من نعم الله ، وما لا نعلم من نعم الله أكثر ..



:
...
يتبع ,,,
:
...

 

عذب السجايا

مشرف سابق
إنضم
3 يوليو 2011
المشاركات
4,121
مستوى التفاعل
117
النقاط
63
970363795.jpg


وهنا لا بد من إشارة مهمة ..
إلى أنه لا بد للمصلي حتى يتدبر الآية أن يكون عارفاً بمعناها ..
ولذا فلا بد للشخص - بقدر استطاعته - من أن يكون له شيء من القراءة في كتب التفسير أو معاني القرآن ..
حتى يفهم الآيات على الوجه الصحيح ويعلم مراد الله منها ..


كذلك فإن تدبر الأذكار التي يقولها المصلي له أثر في تحصيل الخشوع ..
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي يوماً مع الصحابة ..
فلما رفع رأسه من الركعة قال : سمع الله لمن حمده ..
قال رجل من أصحابه :
ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ..

فلما انصرف قال النبي صلى الله عليه وسلم : من المتكلم ؟
قال الرجل : أنا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
رأيت بضعة ً وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول !



تلك كانت بعض الأمور المعينة على تحصيل الخشوع ..
وهناك أمور أخرى كثيرة يضيق المقام عن التفصيل فيها ..
ونشير إليها مثل :
التبكير إلى المسجد والحرص على الصف الأور ، وتأدية النوافل ..
والنظر إلى موضع السجود ، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ..
والبعد عن كل ما يلهي العبد ويشغله عن صلاته ( كالهاتف الجوال الذي ابتلينا به في هذا الزمان مثلاً )

:
...

وختاماً ..

فإن كثيراً من مشاكل ضعف الإيمان التي نعانيها اليوم تكمن في عدم تأدية الصلاة على الوجه الصحيح ..
فمتى سندرك أن حل الكثير من مشاكلنا هو في الخشوع ؟

وليس في ما نراه اليوم من تفشي المعاصي والمنكرات في مجتمعات المسلمين ..
وبعد عن شرع الله وهدي رسوله ..
وما كان من أثر ذلك من ضعف للمسلمين وذلتهم وتسلط الأعداء عليهم ، إلا بسبب عدم القيام بما أوجبه الله عليهم ..
ومن ذلك واجب القيام بالصلاة ..

و ( القيام ) بالصلاة أمر مختلف تماماً عن تأدية الصلاة كيفما اتفق ..
فالقيام بالصلاة .. الإتيان بها على الوجه الذي أراده الله تعالى ..
وأعظم أمر تقوم عليه الصلاة هو الخشوع ..
فهو لبها وروحها ، والصلاة بلا خشوع صلاة ميتة لا روح فيها ...


إن الخشوع لله هو نقطة البداية والانطلاق نحو فلاح الدنيا والآخرة ..

فلماذا لا نبدأ الآن وننطلق ؟


لقد كان من أعظم ما يميز سلفنا الصالح - رضي الله عنهم - هو خشوعهم في صلاتهم ..
ولذلك استحقوا وصل الله لهم بالإيمان {
قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون }




لقد كانت أرواحهم معلقة بربها ، تهفو نحو السماء ، تعبد الله كأنها تراه ..
ولذلك كان أصحاب تلك القلوب فاتحين منصورين بتأييد الله لهم ، وأدان الله لهم الدنيا من أقصاها إلى أدناها لما علم من صدق نياتهم وصلاح نفوسهم ..




فهل نقتفي أثرهم ونهتدي بسيرتهم ؟

نحن والله الفائزون إن فعلنا !!

:
...


انتهى غفر الله لنا ولكم وللكآتب (منقول )..
-

 
إنضم
22 مايو 2008
المشاركات
7,129
مستوى التفاعل
50
النقاط
48
الإقامة
الطائف
جزاك الله خير وبارك فيك على نقل هذا الموضوع ، الله المستعان في هذا الزمن الكثير من الناس لا يوجد الا جسده في المسجد اما الخشوع والتفكر والتدبر في الايات فالله المستعان ، واما قيام الليل فحدث ولا حرج الا من رحم الله ، والله المستعان
 

عذب السجايا

مشرف سابق
إنضم
3 يوليو 2011
المشاركات
4,121
مستوى التفاعل
117
النقاط
63
اهلآ بكم ..
شآكر لكم الاطرآء الرآئع ومروركم شرفني ..
جزآكم ربي كل خير ،.
 

عذب السجايا

مشرف سابق
إنضم
3 يوليو 2011
المشاركات
4,121
مستوى التفاعل
117
النقاط
63
اهلآ بكم ..
مروركم شرفني واسعدني شآكر لكم ومقدر ..

حيآكم المولى ..
 
أعلى