أسيرالشوق
المراقب العام
- إنضم
- 18 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 55,084
- مستوى التفاعل
- 48
- النقاط
- 48
قتل أسد بن عبد الله القسري ملك الترك الأعظم خاقان
وكان سبب ذلك ان اسد بن عبد الله امير خراسان عمل نيابة عن اخيه خالد بن عبد الله على العراق ثم سار بجيوشه الى مدينة ختل فافتتحها وتفرقت في ارضها جنوده يقتلون ويأسرون ويعنمون فجاءت العيون الى ملك الترك خاقان ان جيش اسد قد تفرق في بلاد ختل فاغتنم خاقان هذه الفرصة فركب من فوره في جنوده قاصدا الى اسد وتزود خاقان واصحابه سلاحا كثيرا وقديدا وملحا وساروا في حنق عظيم وجاء الى اسد فأعلموه بقصد خاقان له في جيش عظيمكثيف فتجهز لذلك واخذ اهبته فأرسل من فوره الى اطراف جيشه فلمها واشاع بعض الناس ان خاقان قد هجم على اسد بن عبد الله فقتله واصحابه ليحصل بذلك خذلان لاصحابه فلا يجتمعون اليه فرد اله كيدهم في نحورهم وجعل تدميرهم في تدبيرهم وذلك ان المسلمين لما سمعوا بذلك اخذتهم حمية الاسلام وازدادوا حنقا على عدوهم وعزموا على الاخذ بالثأر فقصدوا الموضع الذي فيه اسد فاذا هو حي قد اجتمعت عليه العساكر من كل جانب وسار اسد نحو حاقان حتى اتي جبل الملح واراد ان يخوض نهر بلخ وكان معهم اغنام كثيرة فكره اسد ان يتركها وراء ظهره فأمر كل فارس ان يحمل بين يديه شاة وعلى عنقه شاة وتوعد من لم يفعل ذلك بقطع اليد وحمل هو معه شاة وخاضوا النهر فما خلصوا منه جيدا حتى دهمهم خاقان من ورائهم في خيل دهم فقتلوا من وجدوه لم يقطع النهر وبعض الضعفة فلما وقفوا على حافة النهر احجموا وظن المسلمون انهم لا يقطعون اليهم النهر فتشاور الأتراك فيما بينهم ثم اتفقوا على ان يحملوا حملة واحدة وكانوا خمسين ألفا فيقتحمون النهر فضربوا بكؤساتهم ضربا شديدا حتى ظن المسلمون انهم معهم في عسكرهم ثم رموا بأنفسهم في النهر رمية واحد فجعلت خيولهم تنخر اشد النخير وخرجوا منه الى ناحية المسلمين فثبت المسلمون في معسكرهم وكانوا قد خندقوا حولهم خندقا لا يخلصون اليهم منه فبات الجيشان تتراءى نارهما فلما اصبحا مال خاناقان على بعض الجيش الذي للمسلمين فقتل منهم خلقا واسر امما وابلا موقرة ثم ان الجيشين تواجهوا في يوم عيد الفطر حتى خاف جيش اسد ان لا يصلوا صلاة العيد فما صلوها الا على وجل ثم سار اسد بمن معه حتىا نزل مرج بلخن حتى انقضى الشتاءن فلما كان يوم عيد الاضحى خطب اسد الناس واستشارهم في الذهاب الى مرو او في لقاء خاقان او في التحصن ببلخ فمنهم من اشار بالتحصن ومنهم من اشار بملتقاه والتوكل على الله فوافق ذلك رأي اسد الاسد فقصد بجيشه نحو خاقان وصلى بالناس ركعتين اطال فيهما ثم دعا بدعاء طويل ثم انصرف وهو يقول نصرتم ان شاء الله ثم سار يمن معه من المسلمين فالتقت مقدمته بمقدمة خاقان فقتل المسلمون منهم خلقا واسروا اميرهم وسبعة امراء معه ثم ساق اسد فانتهى الى اغنامهم فاستاقها فإذا هي مائة الف وخمسون الف شاة ثم التقى معهم وكان خاقان انما معه اربعة الاف او نحوها ومه رجل من العرب قد خامر اليه يقال له الحارث بن شريح فهو يدلهم على عورات المسلمين فلما اقبل التأس هربت الاتراك في كل جانب وانهزم خاقان ومعه الحارث ابن شريح يحميه ويتبعه فتبعهم اسد فلما كان عند الظهيرة انخذل خاقان في اربعمائة من اصحابه عليهم الخز ومعهم الكؤسات فلما ادركه المسلمون امر بالكؤسات فضربت ضربا شديدا ضرب الانصراف ثلاث مرات فلم يستطيعوا الانصراف فتقدم المسلمون فاحتاطوا على معسكرهم فاجتازوهبما فيه من الامتعة العظيمة والاواني من الذهب والفضة والنساء والصبيان من الاتراك ومن معهم من الاسارى من المسلمات وغيرهم مما لا يجد ولا يوصف لكثرته وعظمة وقيمته وحسنه غير ان خاقان لما احس بالهلاك ضرب امرأته بخنجر فقتلها فوصل المسلمون الى المعسكر وهي في آخر رمق تحرك ووجدوا قدورهم تغلي باطعماتهم وهرب خاقان بمن معه حتى دخل بعض المدن فتحصن بها فاتفق انه لعب بالنرد مع بعض الامراء فغلبه الامير فتوعد خاقان بقطع اليد فحنق عليه ذلك الامير ثم عمل على قتله فقتله وتفرقت الاتراك يعدو بعضهم على بعض وينهب بعضم بعضا وبعث اسد الى اخيه خالد يعلمه بما وقع من النصر والظفر بخاقان وبعث اليه بطبول خاقان وكانت كبارا لها اصوات كالرعد وبشيء كثير من حواصله وامتعته فأوفدها خالد الى أمير المؤمنين هشام ففرح بذلك فرحا شديدا واطلق للرسل اموالا جزيلة كثيرة من بيت المال وقد قال بعض الشعراء في اسد يمدحه على ذلك:
لوسرت في الارض تقيس الارض ** تقيس منها طولها وعرضها
لم تلق خيرا إمرة ونقضا **من الأمير اسد وأمضى افضى
الينا خيرا حتى افضا ** وجمع الشمل وكان ارفضا
ما فاته خاقان الا ركضا ** قد فضا من جموعه ما فضا
يا ابن شريح قد لقيت حمضا **حمضا به تشفى صداع المرضى
يا ابن شريح قد لقيت حمضا **حمضا به تشفى صداع المرضى
كانت وفاة اسد ابن عبد الله القسري امير خراسان سنة عشرين ومائة من الهجرة وقد رثاه الشاعر ابن عرس العبدي بقوله :
نعى اسد بن عبد الله ناع
ببلخ وافق المقدار يسري
فجودي عين بالعبرات سحا
اتاه حمامه في جوف ضيع
اتاه حمامه في جوف صيغ
كتائب قد يجيبون المنادي
سقيت الغيث انك كنت غيثا
فريغ القلب للمك المطاع
وما لقضاء ربك من دفاع
الم يحزنك تفريق الجماع
ببلخ وافق المقدار يسري
فجودي عين بالعبرات سحا
اتاه حمامه في جوف ضيع
اتاه حمامه في جوف صيغ
كتائب قد يجيبون المنادي
سقيت الغيث انك كنت غيثا
فريغ القلب للمك المطاع
وما لقضاء ربك من دفاع
الم يحزنك تفريق الجماع
المصدر ناقله لكم من كتاب البداية والنهاية _ بن كثير