أبي الإسلام
مشرف سابق
ابن بخيت يفتخرُ بصيامه في كندا ( البلد المتسامح )
هناك أناسٌ إذا أتى شهر العبادة والمغفرة هربوا مولِّين الأدبار إلى بلاد الكفار ، لأن الجوَّ الروحاني الإيماني يُزعجهم و يُكدِّر صفوهم .. يريدون أن يأكلوا ويشربوا في وضَح النهار .. تتنغص حياتهم بسماع أصوات المآذن ، وتكثر الصلاة فيملُّون من هذا الروتين السنوي الذي يحصل كل عام .. فلا حلَّ لهم في هذا إلا بالسفر إلى بلاد اليهود والنصارى ليقومون برغباتهم كما يُحبون ، ويبدو أن من هؤلاء الأشخاص : المدعوّ بـ عبد الله بن بخيت ، وليس هذا بمستغربٍ منه فسجلًّ كتاباته يحتوي على كثيرٍ من مثل هذه المساوئ والمصائب ..
وقد تصدى له ولأمثاله منذ فترة فضيلة الشيخ العلاَّمة : صالح الفوزان - سدَّده الله - فتركهم ما بين مطبوخٍ ومفضوخٍ ومشدوخٍ وممسوخ .. إلا أن بعضهم - ومنهم ابن بخيت - لم يعتبر بهذا ، بل مكث في طغيانه ، واستمرأ في عدوانه ، وجعل في هذا المقال يهمز ويلمز في بعض ثوابتِ الدين ، منادياً بطريقةٍ مباشرةٍ وغير مباشرة إلى ترك الأمر بالمعروفِ والنهي عن النكر ، وإفساح المجال للحرية الشخصية التي تتمثل في أن يفعل كُل شخصٍ ما يهواه ويبتغيه ..
والعحيب أن شياطين الجن تصفَّد في رمضان وتُغَلَّ .. إلا أن شياطين ابن بخيتٍ قد تعدَّت البحار والمحيطات قادمة من ( كندا ) لتنفثَ سمومها عبر جريدة الجزيرة الموقَّرة ..
فقد كتب في عموده الصحفي ( يارا ) بجريدة الجزيرة مقالاً بعنوان : ( المجاهرة بالصيام ) ، وذلك بتاريخ 1 / 9 / 1429 هـ ، ولي وقفاتٌ مع بعض ما كتبه في هذا المقال :
أولاً : قال ابن بخيتً في مقاله : " المجاهرة بالإفطار كالمجاهرة بالصيام إذا كان في الأولى معصية ففي الثانية شيء من التفاخر الذي قد يؤدي إلى النفاق والعياذ بالله .. أشكر الله بأني سوف أصوم هذه السنة في كندا ( البلد المتسامح ) وأتمنى أن تتاح لي مثل هذه الفرصة كل عام " .
هذه العبارات السابقة تبرهن للقارئ الكريم أن كاتبه عنده مرضاً شديداً وحساسيةُ مفرطة أدت به إلى نقص العقل ، مما يجعله يهري هُراءً من غير تفكُّر ولا تمعُّن .. فالعالَم ينظرُ إلى هذه البلاد الكريمة بعينِ الشوقِ والحنين ، يتمنَّى الواحد منهم صيام يومٍ واحدٍ حول أستار الكعبة أو روضة الرسول عليه الصلاةُ والسلام ، وهذا يتمنَّى أن يصومَ في بلاد الكفر ..
ثانياً : وهو يقول أيضاً في مقاله : " فليفعل الآخرون ما يريدونه أمامي .. يأكلون يشربون يلبسون ملابس فاضحة أو ملابس محتشمة . لن أغضب منهم لن أحسدهم لن أتدخل في شؤونهم ولن أنكفئ في البيت حتى لا أتأثر بهم . فأنا أصوم لأني أريد أن أصوم. هذا خياري , هذا إيماني ".. كما يقول : لا أريد أن تتكيف الشوارع وتغلق المطاعم ويمنع الآخرون من شرب الدخان علناً وأن تصدر البيانات شديدة اللهجة التي تؤكد على غير المسلمين مراعاة مشاعر الصائمين من أمثالي .
أقول : نعم هذا إيمانك الذي لم يأتِ به أحدُ من العالمين سوى ما نعرفه من بعض دعاة التلبرل والعلمنة الذين ينادون بحرية الآراء والأهواء والأديان .. إنما الإيمان الذي نعرفه جميعاً وتربينا عليه هو إنكار مثل هذا وبغضه ومقته .. ( وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ) .
إيماننا يُخبرنا أن الأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكر هو سببُ خيرية هذه الأمة وفضلِها وتمكينها .. قال تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) ، ويقول : ( الذين إن مكَّناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوْا عن المنكر ) ..
وأما نحن فسنعيش - بإذن الله - في جوٍ إيماني فرحين بهذه الشعيرة العظيمة ونصوم ويصومُ معنا أطفالنا ، سنلزم المسجد ونكثر من تلاوة القرآن ، سننفق ونتصدق ونزكي ونتبرع ونقيم مشاريع تفطير الصائمين ، سنصغي لعلماءنا ومشايخنا ودعاتنا ، نستمع لكلماتهم ونصائحهم وتوجيهاتهم ، المجتمع كلنا رجالاً ونساءً وأطفالاً سنكون كذلك لأننا مسلمين مؤمنين نريد الجنة ورضى الرب..
ثالثاً : إن ابن بخيتٍ - هداه الله - يُحاول في مقاله هذا طمسُ معالم هذه الشعيرة العظيمة ( شعيرة الصيام ) ، فهو يريدُ أن يصوم الناسُ ويُفطرون ، ويدخل هذا الشهر ويخرج والكل ساهٍ غافل ، والذي نعرفه أن من يتكتم على صيامه أو عدمه هي المرأة الحائض بسبب الحياء المعتاد !
ألم يعلم ابن بخيت - أو ربما علم - أن مجريات الكون تتغير في هذا الشهر ، فالجنة تُفتَح أبوابها ، والنار تُغلَّق ، والشياطينُ تصفَّد ، فكيف بما هو أهونُ من ذلك وأقل ، من تغيُّر مجريات الحياة الفردية الشخصية ..
رابعاً : إن ابن بخيتٍ لم يجد شيئاً يطعنُ به في الإسلام وأهله سوى سخريته بأهل السِّواك الذين يستخدمونه حال صيامهم ، وذلك عندما قال : " ولن أضع في فمي مسواكاً طوال اليوم ليعلم القاصي والداني بأني صائم " . وتناسى أو تجاهل أن هذا من سُنة نبيِّه ونبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم ..
خامساً : وابن بخيت أيضاً يشعر بالإزعاج حينما يستمع للقرآن عبر مكبِّرات الصوت ، فهو يقول : " أما طفلتي الصغيرة فستكون أسعدنا في رمضان هذا العام. ستنام لأول مرة منذ أن ولدت في وقتها المحدد بعيداً عن ضجيج المايكروفونات المتلاطم .. لن يفرض عليها الضجيج أن تبقى مستيقظة حتى صلاة الفجر لمجرد أن وزارة الشؤون الإسلامية غير قادرة على تنفيذ قراراتها وفتاوى الفقهاء ".
أقول : إذا كانت بنتك تسعد لعدم سماع صوت الأذان فهذا بسبب تربيتها على التضايق من صوته ، فالإنسان يولد على فطرة الإسلام ثم يشكِّله أبواه على نهجهما إيجابا أو سلباً ، أما نحن فأبناؤنا لا يشعرون بالأمان والهدوء إلا وهم يسمعون صوت الأذان والصلاة لأنهم تربَّوا ونشئوا على ذلك بفضل الله .. أسأل الله لك ولاِبنتك الهداية والصلاح .
يا ابن بخيت : كن مفتاح خيرٍ لعبدٍ كندي يراك صائماً ثم يسألك عن ذلك لربما فتحت أمامه باباً إلى نور الإسلام الذي تنعم به .. واعلم أخيراً أن بلاد المسلمين بخيرٍ ، ونهايتها بإذن الله إلى خير .. واعلم أن للدينِ ربٌ يحميه وينتصرٌ له من أمثالك .
وأخيراً : اللهم إن كان ابن بخيت كتب هذا المقال نصرةً لدينك وابتغاء مرضاتك ، فوفِّقه لما تحب وترضى ، وخذ بيده للبرِّ والتقوى .. وإن كان قد كتب هذا المقال للسخرية بدينك وعبادك , فاللهم إن كان في سابق علمك هدايته فاهده إلى صراطك القويم .. وإلا فخذه أخذ عزيز مقتدر واشفِ به صدور قوم مؤمنين .. والحمد لله ربِّ العالمين ..
كتبه : عبد الرحمن بن محمد السيد
المدير التنفيذي لمؤسسة " ياله من دين "
عصر الأربعاء 3/9/1429 هـ
