مسلم بن سليم الغفيري
~ شـاعـر ~
- إنضم
- 1 فبراير 2010
- المشاركات
- 300
- مستوى التفاعل
- 6
- النقاط
- 18
طبيعة اللغة العربية وعوامل نموها
اللغة العربية – كما سبق – إحدى اللغات السامية وأكثرها انتشارا وتمتد في نشأتها إلى حيث
كان أجدادنا في الماضي القديم عندما احتوت أفكارهم ووحدت أهدافهم ، وعبرت عن وجدانهم
واللغة العربية – شأنها في ذلك شأن سائر الكائنات الحية – لها طبيعتها التي تمتاز بها غيرها
من مثيلاتها ومن حسن الحظ أن أكثر طبائع اللغة العربية تعتبر من العوامل الهامة لنموها
واستمرارها ومن ذلك .
صغر كلماتها
فاللغة العربية تمتاز عن غيرها من اللغات بقلة عدد حروف كلماتها أو بمعنى أخر تمتاز
بصغر حجمها ويتضح ذلك من أكثر مفردات اللغة العربية ثلاثية التكوين وقد ساعدها ذلك في
سرعة الانتشار وخفة الانتقال إلى المجتمعات الجديدة التي رحل العرب إليها أو احتكوا بها
كثرة مفرداتها
ومن طبيعة اللغة العربية أيضا أنها كثيرة المشتقات ومتعددة المترادفات وقد ساعدها ذلك على
أن تكون لغة حية متطورة قابلة للنمو والازدهار قادرة على تقبل واستيعاب كل ما حوله اللغات
الأخرى وفاضت به الثقافات المجاورة كما انصهرت في بوتقتها حضارات الفرس والروم
واليونان وغيرهم بل إنها في ظل حضارة الإسلام مرنت وتفاعلت ونمت نماءها الطبيعي
المتطورة من داخلها وهضمت خلاياها القوية كل ما قدم لها من خارج محيطها حتى اشتد
أزرها واتسعت أفاقها وقضت على كل ما يعرقل مسيرتها أو يعوق انطلاقها .
دقة الأداء
فاللغة العربية من أدق اللغات تصويرا لما يقع تحت الحس وأوسع تعبيرا عما يجول في النفس
فليس هناك معنى من المعاني أو فكرة من الأفكار أو نظرية من النظريات تعجز اللغة العربية
عن أدائها بالأحرف والكلمات أداء صحيحا مع حسن المقاطع وجمال السمات فالمدركات –
سواء أكانت محسوسة أم معقولة محدودة في ألفاظها بحيث يستطيع المتحدث بها أن يدرك
الفروق الدقيقة بين الأشياء المتشابهة فهي تضع للشبيه لفظا غير الذي تضعه لشبيهه لا
يختلط ذلك على من يدرك اللغة ويفهمها وهذه الدقة وغيرها من المميزات الجيدة هي التي
جعلت اللغة العربية جديرة – من بين سائر اللغات – أن تنال شرف نزول القران الكريم بها
وكان ذلك من أكبر البراهين على اتساع صدر اللغة العربية ودقة أدائها .
جمال الجرس وحسن الإيقاع
ومما تمتاز به اللغة العربية جمال الجرس وحسن الإيقاع وقوة الأسر فهي اللغة الموسيقية
وهي لغة الشعر ولغة الغناء وهي لغة الإحساس المرهف والإدراك النافذ والفطرة السليمة تكاد
ألفاظها تصور مشاهد الطبيعة وكلماتها تنبئ عن خطرات النفس وتتجلى معانيها في أجراس
الألفاظ وكأن كلماتها نبضات القلوب وقد أفادتها تلك الطبيعة في أنها جذبت إليها المؤلفين في
الآداب والفنون ليس من أبناء جلدتها فقط بل من سائر الشعوب وأبناء اللغات الأخرى ممن
أعجبوا باللغة العربية وألفوا بها من التراث الإنساني الفذ ما عجزوا عن تأليف بعضه بلغاتهم
الأصلية فغدوا بها أعلاما ولها خداما .
الاشتقاق
من أهم خصائص اللغة العربية أنها لغة اشتقاقية وهذا الاشتقاق أكسبها مرونة ومناعة في
من أهم خصائص اللغة العربية أنها لغة اشتقاقية وهذا الاشتقاق أكسبها مرونة ومناعة في
وقت واحد فسمح لها بخلق ألفاظ جديدة وحافظ على ثروتها وحماها من الزيغ والشطط .
والاشتقاق باب واسع تستطيع به اللغة أن تؤدي معاني الحضارة الحديثة على اختلافها
والاشتقاق في العربية يقوم بدور لا يستهان به في تنويع المعنى الأصلي إذ يكسبه نواحي
مختلفة بين طبع وتطبع ومبالغة وتعدية ومطاوعة ومشاركة ومبادلة ....ألخ ولا نزاع في أن
منهج اللغة العربية الفريد في الاشتقاق قد زودها بذخيرة من المعاني .
والواقع أن تركيب الكلمات في العربية أكثر تعقيدا وليس من السهل وضع الصيغ المختلفة
للأصل اللغوي تحت معنى واحد فلكل صيغة معناها الخاص بها فمثلا صيغة "فعلان" تدل على
الاضطراب والحركة مثل الطيران وصيغة "فعلان " تدل عل حال من الأحوال مثل ريان وصيغة
"فعال " تدل على الأدواء مثل صداع وصيغة "مفعال " تدل في الأغلب على عادات الاستكثار
مثل مطعام
وصيغ الأفعال وأوزانها في العربية عامل من العوامل التي تثري اللغة والتي تمكنها من الدلالة
على فروق وظلال تضاف إلى المعنى الأصلي فما الزيادة في المبنى إلا بزيادة المعنى
كذلك من خصائص لغتنا أنها في بنيتها وتركيبها لا تحتاج الجمل الخبرية فيها إلى إثبات ما
يسمى في اللغات الأوربية فعل الكينونة وهو في الانجليزية مثلا (to, be ) فنحن نقول في
العربية على سبيل الإخبار "فلان" دون حاجة إلى أن نقول "فلان هو شجاع " أو " فلان كائن
شجاع "
ونقول " كل إنسان فان " دون حاجة إلى أن نقول "كل إنسان يكون فانيا " أو " كل إنسان يوجد
فانيا " أو " كل إنسان كائن فانيا"
معنى هذا أن الإسناد في اللغة العربية يكفي فيه إنشاء علاقة ذهنية بين" موضوع ومحمول "
أو "مسند ومسند إليه " دون حاجه إلى التصريح بهذه العلاقة نطقا أو كتابة في حين أن هذا
الإسناد الذهني لا يكفي في اللغات الهندوأوروبية إلا بوجود لفظ صريح مسموع أو مقروء يثير
إلى هذه العلاقة في كل مرة وهو فعل الكينونة في اصطلاحهم
هذه هي أهم عوامل نمو اللغة العربية وهي عوامل ذاتية تنبع من هذه اللغة وترتبط بطبيعتها
وهناك عوامل أخرى تساعد على نموها واستمرارها وهي عوامل تستمد من الظروف المحيطة
بها ومن هذه العوامل ما يأتي :
1- نزول القران الكريم بها
فقد ساعدها ذلك على أن تفرض سلطانها على بيئات جديدة في أقطار الأرض ولم تمض
حقب طويلة من الزمن حتى غدت لغة الشعوب من أواسط أسيا حتى جبال البرانس في
شمال اسبانيا وحقا فإن القرآن الكريم هو الذي كفل للغة العربية الانتشار في كل مكان
وصل إليه الإسلام والمسلمون .
2- انتشار العرب
كان لانتشار القبائل العربية في مساحة كبيرة من الأرض أثره الواضح في انتشار اللغة
العربية وقوة نموها وتزايد المتحدثين بها وقد ساعد على عدم تمزق اللغة العربية وتفوقها
إلى لهجات تستقل كل منها عن اللغة الأم – كما حدث لكثير من اللغات – استمرار اللقاءات
الناجمة عن التجارة والحج يضاف إلى ذلك أنها لغة القران الكريم والسنة النبوية الشريفة
وهما مصدران الرئيسان للشريعة الإسلامية .
3- تدوين العلوم بها
ومن العوامل البارزة في صمود اللغة العربية واستمرار قوتها ونموها المؤلفات العظيمة
والكتب الضخمة التي ألفت بها إذ إن هذه المؤلفات من أثرى الينابيع التي يرجع إليها القاصي
والداني – من أبناء العربية وغيرهم – للتزود بما فيها من علوم ومعارف وقد ظلت هذه
المؤلفات أثر واضح على سعة اللغة العربية ودقتها .
المراجع
1- طرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية في ضوء الاتجاهات التربوية الحديثة
1- طرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية في ضوء الاتجاهات التربوية الحديثة
.د.محمود رشدي خاطر وآخرون .
2- أساسيات تعليم اللغة العربية والتربية الدينية .د فتحي على يونس وآخرون
3- طرق تدريس اللغة العربية الصف الثاني بمعاهد إعداد المعلمين – وزارة المعارف – المملكة العربية السعودية _ الطبعة الثالثة 1401هـ - 1981م
