صقر تهامة
مراقب منتديات بني مالك
- إنضم
- 11 مايو 2007
- المشاركات
- 14,149
- مستوى التفاعل
- 172
- النقاط
- 63
- الإقامة
- الجنوب
- الموقع الالكتروني
- www.banimalk.net
المتتبع لاخبار التاريخ سيجد ان بجيلة نالت منه نصيب الاسد فالكثير من المؤرخين ركزوا على قبيلة بجيلة نسبا وتاريخا وارضا ولو قارنا بين ماورد في المصادر وبين الواقع اليوم لوجدنا بان هناك تشابها كبيرا فمثلا ذكر في التاريخ ان بثرة ومهور وعردة وحلية وحقال وبوا والبضا والعقدة وحرف وحداد وحديد وغيرها من ديار بجيلة واذا ماعدنا للواقع فانا سنجد كل هذه الاسماء لاتزال موجودة ، حتى القبايل موجودة ولازالت على اسمائها.
لكن هذا لايعني ان بجيلة ان حدود بجيلة لم تتغير منذو الجاهلية ولايعني ان كثيرا من قبايلها لم تختفي وعن هذا الموضوع الحساس اكتب لكم هذه الخواطر .
في اعتقادي الشخصي بان ديار بجيلة كانت اوسع مماهي عليه اليوم ولكن ليس الى ناحية الجنوب بل ناحية الشرق والغرب بالذات وربما ناحية الشمال ، ولكن هذه الديار تقلصت خلال اربع مراحل من التاريخ هي :
1- حرب بجيلة وعدوان والتي ادت الى تشتتهما.
2- الحرب التي وقعت بين بطون بجيلة في الجاهلية
3- الهجرة لنصرة الاسلام والمسلمين.
4- الحروب التي خاضتها بجيلة في القرون العشر الماضية سواء فيما بينها او فيما بينها وبين الحكومات التي تعاقبت على الحجاز خاصة او قيما بينها وبين القبايل الاخرى.
قبيلة بجيلة مرت بظروف قد لاتكون مرت بها معظم القبايل العربية بل لم تمر بها القبايل المجاورة (باستثناء عدوان) قطعا ولهذا السبب تقلصت ديارهم اما بفعل الهجرة او بفعل التحالفات ، وشعراء بجيلة ندبوا هذا الحال منذو الجاهلية فيقول احد شعرائهم بلغة الحزن والحسرة على تفرقهم:
وحدثت قومي أحدث الدهر بينهم=وعهدهم بالنائبات قريب
فإن يك حقاً ما أتاني فإنهم=كرام إذا ما النائبات تنوب
فقيرهم مدني الغنى وغنيهم=له ورق للمتعففين رطيب
ونبئت قومي يفرحون بهلكهم=سيأتيهم مالمنديات نصيب
وشاعر اخر يقول :
لقد فرقتم في كل اوب -كتفريق الاله بني معد
وكنتم حول مروان حلولا - اكارم اهل ماثره ومجد
فالشاعرين يذكرون ماكانت عليه قبايل بجيلة من العز والسؤدد حتى تفرقوا فاصبحوا مقطعين بين القبايل ، ولذلك طبيعي جدا ان تصبح الكثير من اوديتهم وجبالهم خالية مما يتيح فرصة للقبايل المجاورة او القبايل المهاجرة باستيطانها.
هناك احداث تاريخية تدل على سعة ديار بجيلة في الجاهلية ومن هذه الاحداث المنافرة التي حصلت في سوق عكاظ بين رجل من بجيلة ورجل من قضاعة فعندما نكف البجلي طالبا الفزعة من بجيلة قيل انه مر ببطن الغوث بن انمار البجليين قبل ان يدخل الى ديار قسر ومن ثم الى ديار بني مالك بالذات ، فقد مر على بطن الغوث بن انمار فمر بقبيلتين من هذا البطن هما : بني زيد وبني احمس والذين اعتذروا عن نصرته لاسباب فاما بنو زيد فكانوا متقطعين في العرب ان انهم مروا بظروف اجبرت اكثر قبايلهم على الهجرة وطلب التحالف مع القبايل الاخرى قد تكون هذه الظروف حروب او مجاعه او امراض او غيرها واما قبيلة بني احمس فلم تنصره رغم قوتها في ذلك الزمان وعلل رجالها عدم النصرة بقولهم (او كلما طارت وبرة من بني زيد في ايدي العرب اردنا ان نستتبعها) ؟! فهذا يدل على انهم سبق لهم ان نصروا بني زيد في الماضي مرات عديدة وتدل ايضا على ان هناك عداوة حصلت مؤخرا بينهم وبين بني زيد رغم انهما جميعا من احمس.
كون هذا البجلي مر على ديار الغوث بن انمار قبل قسر بن عبقر بن انمار تدل قطعا على ان حدود بجيلة ناحية الشمال او الشمال الشرقي وحتى الشرق كانت اوسع مما هي عليه اليوم والغوث بن انمار بطن مستقل من بطون بجيلة وينتسب له الكثير من البطون مثل : احمس و بني زيد وبني قيس كبة
وممايدل على وقوع ديار الغوث بن انمار في الجهات التي ذكرناها انفا واتساعها فيها ان بطن قيس كبة كانوا مجاورين لقيس عيلان وطبعا قيس عيلان منهم قبايل عدة تنسب لهم مثل عتيبة وسبيع والسهول وغيرهم فهذا دليل اخر على ديار بجيلة كانت تجاور ديار قيس عيلان وهناك دليل اخر وهو الحلف الذي كان بين بجيلة وبين بني عامر بن صعصعة من قيس عيلان ومن بني عامر بن صعصعة قبيلة سبيع وقبيلة السهول وبسبب هذا الحلف انضمت عرينة بجيلة الى عامر بن صعصعة بعد الحرب التي جرت بينهم وبين ابناء عمومتهم في بجيلة.
كل هذه الدلائل تدل بما لايدع مجال للشك على ان ديار بجيلة ناحية الشمال والشرق كانت اوسع مماهو متعارف عليه لاحقا
ياقوت الحموي ذكر بان شقص من اعمال بجيلة ولكن لا اعلم هل يقصد شقصان ام لا وعندما قال من اعمال بجيلة هل يقصد بانها من املاك بجيلة او انها تتبع لهم كتنظيم اداري؟!
لا اعلم ولكن اظن ان ديار بجيلة تقلصت منذو عهد مبكر سبق زمن ياقوت الحموي بكثير اي في العصر الجاهلي وصدر الاسلام
ايضا ترعة ثقيف هي الاصل لبجيلة ولكن بعضا من ثقيف نزلوها بعد الحرب التي جرت بينهم وبين ابناء عمومتهم في الطايف وقد نزلوها بحلف مع بجيلة لانه ليس من المنطق ان تات قبيلة محدودة العدد وقد انهكتها الحروب لتحتل قبيلة عرف عنها القوة والصلابة مثل قبيلة بجيلة ولكن واضح ان نزول ثقيف الى ترعة هو نزول بالحلف مع بجيلة اصحاب الديار الاصليين وبعض المصادر تقول (سروات بجيلة وقد شركتهم ثقيف في ناحية منها) وهناك روايات متوارثة ابا عن جد لدى كبار السن في بني مالك والقبايل المجاورة تتحدث عن منح بني مالك ترعة لثقيف الله اعلم عن صحتها.
والدليل الدامغ على صحة مانقول هو شهادة النبي صلى الله عليه وسلم بان الجبل لقسر ويقصد قسر بن عبقر بن انمار من بجيلة وذلك عندما اختلف اسد بن كرز البجلي وصاحبه الثقفي امام رسول الله فكل منهما يدعي ان الجبل له فقال الرسول عليه الصلاة والسلام (بل الجبل لقسر وعليه ولد ابوهم) ولهذا نستطيع ان نقول بان قسر بن عبقر ذلك الجد الجاهلي الذي نتنسب اليه قبايل قسر في تهامة والسراة بما فيهم بني مالك بجيلة قد ولد فيما يعرف اليوم بترعة ثقيف او بناحيتها هناك على قمم احد الجبال يرجح ان يكون جبل عمد او جبل بيضان او ربما غيرهما.
الان اورد حدث تاريخي مهم قد يدلنا على سبب مهم من الاسباب التي ادت الى تقلص ديار بجيلة من الناحية الشمالية والشرقية فتروي بعض المصادر ان حربا ضروس وقعت بين بطون الغوث بن انمار بين بني زيد وبني احمس بالتحديد فانتصرت قبيلة بني زيد فتفرقت احمس في القبايل وخليت ديارهم فذهب جزء كبير منهم الى بني الحارث بن كعب ناحية نجران وكان قائد احمس هنا هو عوف بن اسلم الاحمسي البجلي وكان شيخا كبيرا طاعنا في السن فلما قوي عود قبيلته احمس ولما اجتمع شملهم مرة اخرى اغار ومعه بني الحارث على بني زيد البجليين فانتصرت احمس وحلفائهم من بني الحارث بن كعب حتى لم يبق من زيد الا القليل فهنا يمكن الاستنتاج بان بني الحارث نزلوا في ديار بني زيد وربما شاركوا احمس في ديارهم ايضا ويمكن ان يكونو بني الحارث الواقعين شمال بجيلة من بني الحارث بن كعب هؤلاء وان ديارهم في الاصل من ديار بجيلة ولكن مع عدم اغفال الدليل الاقوى والذي ينسبهم الى الحارث (عدوان) من قيس جديلة من مضر.
واما نحية الغرب فالمصادر تؤكد على ان حلية وحقال واسالم كانت من ديار بجيلة وقد اجلو عنها بني ثابر فاحد شعراء بجيلة يقول :
وحلية ابحناها فنحن اسودها
واخر يقول
منحنا حقال اخر الدهر قومنا.
وطبيعي جدا ان تكون الديار الواقعة بين حلية وحقال وبين شوقب والديار الاخرى ناحية الشرق لبجيلة مثل اضم والجايزة وحداد والقريع وغيرها ، واعتقد بان ديار بجيلة القديمة ناحية الغرب مثل حقال وحلية كما اسلفنا لم تهجرها بجيلة ولكنها دخلت في تحالفات عدة بدليل ان هناك اسماء موجودة في تلك الاودية تتشابه مع اسماء موجودة في مشجرة نسب بجيلة مثل صهيبة وذبيان وغيرها .
فاظن ان الحروب الطاحنة التي وقعت بين بطون بجيلة في تهامة ادت الى تفرقها والى دخولها في تحالفات عدة منها مع حليفهم الاول (ثقيف ترعة) ومنها ماهو مع حلفائهم الاخرين الذين نزلوا معهم في الديار.
اما في الفتوحات الاسلامية فخبر بجيلة اشهر من نار على علم وهو خبر مشرف يعرفه القاصي والداني وهو من اهم الاسباب التي ادت الى هجرت كثير ممن تبقى من بجيلة وبالتالي الى تقلص الكثير حدودهم فيكفي انه كان لهم اكثر من وفادة على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا نادر الحدوث في قبايل العرب كلها فهناك وفادة جرير بن عبدالله البجلي والذي كان زعيم بني مالك بجيلة وكان معه المئات من قومه وهناك وفادة قيس الاحمسي والذي كان معه المئات من قومه وايضا وفدة اسد بن كرز البجلي والتي اظن بانه كان معه من قومه الكثير فاسد بن كرز كان زعيما في قسر وقسر كان فيها زعيمين احدهما جرير بن عبدالله والاخر اسد وربما هناك زعماء اخرون ولكن لم يذكرهم التاريخ.
وللمعلومية فديار قسر بمفردهم كانت اوسع مماهي عليه الان والدليل انه عندما هب جرير بن عبدالله لنصرة البجلي في سوق عكاظ هب اسد بن كرز لنصرة جرير وذلك بعد ان اتاه الخبر فهذا دليل ان هناك بعدا في الديار بين جرير وبين اسد لان الخبر لم يصل الى اسد الا متاخرا وكان اسد يملك الخيل مما يدل ان دياره كانت ناحية المشرق ايضا حيث ان الديار هناك كانت مناسبة لاقتناء الخيل اما جرير بن عبدالله وقبيلته بني مالك لم يكونوا اهل خيل بل كانوا اهل جمال وذلك نسبة الى طبيعة ارضهم ذات التضاريس الصعبة التي لاتسمح باقتناء الخيل.
ولكن جرير ثبت على الخيل بعدما دعى له النبي صلى الله عليه وسلم.
تعدد وفادات بجيلة وكثرة اخبارها في العصر الاسلامي بداية من هدم الخلصة وحروب الردة وحروب الشام ثم العراق وماتلاها كلها تدل على عظم التفرق الذي حدث لبجيلة وهذا التفرق لايشابهه اي حدث اخر في الكثير من قبايل العرب فهناك قبايل كثيرة البطون لم يكن لها تلك الوفادات الكبيرة على النبي صلى الله عليه وسلم ومشاركاتهم في الفتوحات كانت باعداد متواضعة وهذا ليس قصور فيهم ولكن كلمة الحق تقال بان اسلام بجيلة ووفاداتها ومشاركاتها مع النبي والخلفاء كانت اكبر واشهر.
هذه خواطر كانت تجول في خاطري عن ديار بجيلة وعن تقلصها عبر الزمان... اتمنى ان اعطيت الموضوع حقه .. واترك المجال لكم.
لكن هذا لايعني ان بجيلة ان حدود بجيلة لم تتغير منذو الجاهلية ولايعني ان كثيرا من قبايلها لم تختفي وعن هذا الموضوع الحساس اكتب لكم هذه الخواطر .
في اعتقادي الشخصي بان ديار بجيلة كانت اوسع مماهي عليه اليوم ولكن ليس الى ناحية الجنوب بل ناحية الشرق والغرب بالذات وربما ناحية الشمال ، ولكن هذه الديار تقلصت خلال اربع مراحل من التاريخ هي :
1- حرب بجيلة وعدوان والتي ادت الى تشتتهما.
2- الحرب التي وقعت بين بطون بجيلة في الجاهلية
3- الهجرة لنصرة الاسلام والمسلمين.
4- الحروب التي خاضتها بجيلة في القرون العشر الماضية سواء فيما بينها او فيما بينها وبين الحكومات التي تعاقبت على الحجاز خاصة او قيما بينها وبين القبايل الاخرى.
قبيلة بجيلة مرت بظروف قد لاتكون مرت بها معظم القبايل العربية بل لم تمر بها القبايل المجاورة (باستثناء عدوان) قطعا ولهذا السبب تقلصت ديارهم اما بفعل الهجرة او بفعل التحالفات ، وشعراء بجيلة ندبوا هذا الحال منذو الجاهلية فيقول احد شعرائهم بلغة الحزن والحسرة على تفرقهم:
وحدثت قومي أحدث الدهر بينهم=وعهدهم بالنائبات قريب
فإن يك حقاً ما أتاني فإنهم=كرام إذا ما النائبات تنوب
فقيرهم مدني الغنى وغنيهم=له ورق للمتعففين رطيب
ونبئت قومي يفرحون بهلكهم=سيأتيهم مالمنديات نصيب
وشاعر اخر يقول :
لقد فرقتم في كل اوب -كتفريق الاله بني معد
وكنتم حول مروان حلولا - اكارم اهل ماثره ومجد
فالشاعرين يذكرون ماكانت عليه قبايل بجيلة من العز والسؤدد حتى تفرقوا فاصبحوا مقطعين بين القبايل ، ولذلك طبيعي جدا ان تصبح الكثير من اوديتهم وجبالهم خالية مما يتيح فرصة للقبايل المجاورة او القبايل المهاجرة باستيطانها.
هناك احداث تاريخية تدل على سعة ديار بجيلة في الجاهلية ومن هذه الاحداث المنافرة التي حصلت في سوق عكاظ بين رجل من بجيلة ورجل من قضاعة فعندما نكف البجلي طالبا الفزعة من بجيلة قيل انه مر ببطن الغوث بن انمار البجليين قبل ان يدخل الى ديار قسر ومن ثم الى ديار بني مالك بالذات ، فقد مر على بطن الغوث بن انمار فمر بقبيلتين من هذا البطن هما : بني زيد وبني احمس والذين اعتذروا عن نصرته لاسباب فاما بنو زيد فكانوا متقطعين في العرب ان انهم مروا بظروف اجبرت اكثر قبايلهم على الهجرة وطلب التحالف مع القبايل الاخرى قد تكون هذه الظروف حروب او مجاعه او امراض او غيرها واما قبيلة بني احمس فلم تنصره رغم قوتها في ذلك الزمان وعلل رجالها عدم النصرة بقولهم (او كلما طارت وبرة من بني زيد في ايدي العرب اردنا ان نستتبعها) ؟! فهذا يدل على انهم سبق لهم ان نصروا بني زيد في الماضي مرات عديدة وتدل ايضا على ان هناك عداوة حصلت مؤخرا بينهم وبين بني زيد رغم انهما جميعا من احمس.
كون هذا البجلي مر على ديار الغوث بن انمار قبل قسر بن عبقر بن انمار تدل قطعا على ان حدود بجيلة ناحية الشمال او الشمال الشرقي وحتى الشرق كانت اوسع مما هي عليه اليوم والغوث بن انمار بطن مستقل من بطون بجيلة وينتسب له الكثير من البطون مثل : احمس و بني زيد وبني قيس كبة
وممايدل على وقوع ديار الغوث بن انمار في الجهات التي ذكرناها انفا واتساعها فيها ان بطن قيس كبة كانوا مجاورين لقيس عيلان وطبعا قيس عيلان منهم قبايل عدة تنسب لهم مثل عتيبة وسبيع والسهول وغيرهم فهذا دليل اخر على ديار بجيلة كانت تجاور ديار قيس عيلان وهناك دليل اخر وهو الحلف الذي كان بين بجيلة وبين بني عامر بن صعصعة من قيس عيلان ومن بني عامر بن صعصعة قبيلة سبيع وقبيلة السهول وبسبب هذا الحلف انضمت عرينة بجيلة الى عامر بن صعصعة بعد الحرب التي جرت بينهم وبين ابناء عمومتهم في بجيلة.
كل هذه الدلائل تدل بما لايدع مجال للشك على ان ديار بجيلة ناحية الشمال والشرق كانت اوسع مماهو متعارف عليه لاحقا
ياقوت الحموي ذكر بان شقص من اعمال بجيلة ولكن لا اعلم هل يقصد شقصان ام لا وعندما قال من اعمال بجيلة هل يقصد بانها من املاك بجيلة او انها تتبع لهم كتنظيم اداري؟!
لا اعلم ولكن اظن ان ديار بجيلة تقلصت منذو عهد مبكر سبق زمن ياقوت الحموي بكثير اي في العصر الجاهلي وصدر الاسلام
ايضا ترعة ثقيف هي الاصل لبجيلة ولكن بعضا من ثقيف نزلوها بعد الحرب التي جرت بينهم وبين ابناء عمومتهم في الطايف وقد نزلوها بحلف مع بجيلة لانه ليس من المنطق ان تات قبيلة محدودة العدد وقد انهكتها الحروب لتحتل قبيلة عرف عنها القوة والصلابة مثل قبيلة بجيلة ولكن واضح ان نزول ثقيف الى ترعة هو نزول بالحلف مع بجيلة اصحاب الديار الاصليين وبعض المصادر تقول (سروات بجيلة وقد شركتهم ثقيف في ناحية منها) وهناك روايات متوارثة ابا عن جد لدى كبار السن في بني مالك والقبايل المجاورة تتحدث عن منح بني مالك ترعة لثقيف الله اعلم عن صحتها.
والدليل الدامغ على صحة مانقول هو شهادة النبي صلى الله عليه وسلم بان الجبل لقسر ويقصد قسر بن عبقر بن انمار من بجيلة وذلك عندما اختلف اسد بن كرز البجلي وصاحبه الثقفي امام رسول الله فكل منهما يدعي ان الجبل له فقال الرسول عليه الصلاة والسلام (بل الجبل لقسر وعليه ولد ابوهم) ولهذا نستطيع ان نقول بان قسر بن عبقر ذلك الجد الجاهلي الذي نتنسب اليه قبايل قسر في تهامة والسراة بما فيهم بني مالك بجيلة قد ولد فيما يعرف اليوم بترعة ثقيف او بناحيتها هناك على قمم احد الجبال يرجح ان يكون جبل عمد او جبل بيضان او ربما غيرهما.
الان اورد حدث تاريخي مهم قد يدلنا على سبب مهم من الاسباب التي ادت الى تقلص ديار بجيلة من الناحية الشمالية والشرقية فتروي بعض المصادر ان حربا ضروس وقعت بين بطون الغوث بن انمار بين بني زيد وبني احمس بالتحديد فانتصرت قبيلة بني زيد فتفرقت احمس في القبايل وخليت ديارهم فذهب جزء كبير منهم الى بني الحارث بن كعب ناحية نجران وكان قائد احمس هنا هو عوف بن اسلم الاحمسي البجلي وكان شيخا كبيرا طاعنا في السن فلما قوي عود قبيلته احمس ولما اجتمع شملهم مرة اخرى اغار ومعه بني الحارث على بني زيد البجليين فانتصرت احمس وحلفائهم من بني الحارث بن كعب حتى لم يبق من زيد الا القليل فهنا يمكن الاستنتاج بان بني الحارث نزلوا في ديار بني زيد وربما شاركوا احمس في ديارهم ايضا ويمكن ان يكونو بني الحارث الواقعين شمال بجيلة من بني الحارث بن كعب هؤلاء وان ديارهم في الاصل من ديار بجيلة ولكن مع عدم اغفال الدليل الاقوى والذي ينسبهم الى الحارث (عدوان) من قيس جديلة من مضر.
واما نحية الغرب فالمصادر تؤكد على ان حلية وحقال واسالم كانت من ديار بجيلة وقد اجلو عنها بني ثابر فاحد شعراء بجيلة يقول :
وحلية ابحناها فنحن اسودها
واخر يقول
منحنا حقال اخر الدهر قومنا.
وطبيعي جدا ان تكون الديار الواقعة بين حلية وحقال وبين شوقب والديار الاخرى ناحية الشرق لبجيلة مثل اضم والجايزة وحداد والقريع وغيرها ، واعتقد بان ديار بجيلة القديمة ناحية الغرب مثل حقال وحلية كما اسلفنا لم تهجرها بجيلة ولكنها دخلت في تحالفات عدة بدليل ان هناك اسماء موجودة في تلك الاودية تتشابه مع اسماء موجودة في مشجرة نسب بجيلة مثل صهيبة وذبيان وغيرها .
فاظن ان الحروب الطاحنة التي وقعت بين بطون بجيلة في تهامة ادت الى تفرقها والى دخولها في تحالفات عدة منها مع حليفهم الاول (ثقيف ترعة) ومنها ماهو مع حلفائهم الاخرين الذين نزلوا معهم في الديار.
اما في الفتوحات الاسلامية فخبر بجيلة اشهر من نار على علم وهو خبر مشرف يعرفه القاصي والداني وهو من اهم الاسباب التي ادت الى هجرت كثير ممن تبقى من بجيلة وبالتالي الى تقلص الكثير حدودهم فيكفي انه كان لهم اكثر من وفادة على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا نادر الحدوث في قبايل العرب كلها فهناك وفادة جرير بن عبدالله البجلي والذي كان زعيم بني مالك بجيلة وكان معه المئات من قومه وهناك وفادة قيس الاحمسي والذي كان معه المئات من قومه وايضا وفدة اسد بن كرز البجلي والتي اظن بانه كان معه من قومه الكثير فاسد بن كرز كان زعيما في قسر وقسر كان فيها زعيمين احدهما جرير بن عبدالله والاخر اسد وربما هناك زعماء اخرون ولكن لم يذكرهم التاريخ.
وللمعلومية فديار قسر بمفردهم كانت اوسع مماهي عليه الان والدليل انه عندما هب جرير بن عبدالله لنصرة البجلي في سوق عكاظ هب اسد بن كرز لنصرة جرير وذلك بعد ان اتاه الخبر فهذا دليل ان هناك بعدا في الديار بين جرير وبين اسد لان الخبر لم يصل الى اسد الا متاخرا وكان اسد يملك الخيل مما يدل ان دياره كانت ناحية المشرق ايضا حيث ان الديار هناك كانت مناسبة لاقتناء الخيل اما جرير بن عبدالله وقبيلته بني مالك لم يكونوا اهل خيل بل كانوا اهل جمال وذلك نسبة الى طبيعة ارضهم ذات التضاريس الصعبة التي لاتسمح باقتناء الخيل.
ولكن جرير ثبت على الخيل بعدما دعى له النبي صلى الله عليه وسلم.
تعدد وفادات بجيلة وكثرة اخبارها في العصر الاسلامي بداية من هدم الخلصة وحروب الردة وحروب الشام ثم العراق وماتلاها كلها تدل على عظم التفرق الذي حدث لبجيلة وهذا التفرق لايشابهه اي حدث اخر في الكثير من قبايل العرب فهناك قبايل كثيرة البطون لم يكن لها تلك الوفادات الكبيرة على النبي صلى الله عليه وسلم ومشاركاتهم في الفتوحات كانت باعداد متواضعة وهذا ليس قصور فيهم ولكن كلمة الحق تقال بان اسلام بجيلة ووفاداتها ومشاركاتها مع النبي والخلفاء كانت اكبر واشهر.
هذه خواطر كانت تجول في خاطري عن ديار بجيلة وعن تقلصها عبر الزمان... اتمنى ان اعطيت الموضوع حقه .. واترك المجال لكم.