من ترك شيئاً لله.. عوضه الله خيراً منه

سعد بن نصيب

عضو مبدع
إنضم
21 سبتمبر 2007
المشاركات
1,735
مستوى التفاعل
25
النقاط
48
الإقامة
الرياض
:t1:​
:i5: :i5: :i5: :i5: :i5: :i5: :i5: :i5: :i5: :i5: :i5: :t4: :

قال شجاع الدين الشرزي (أمير القاهرة في وقته): بينما أنا عند رجل بالصعيد..وهو شيخ كبير شديد السمرة.. إذ حضر أولاد له بيض حسان..فسألناه عنهم فقال: هؤلاء أمهم إفرنجية..ولي معها قصة فسألناه عنها.. فقال: ذهبت إلى الشام وأنا شاب أثناء احتلال الصليبيين له.. واستأجرت دكاناً أبيع فيه الكتان.. فبينما أنا في دكاني إذ أتتني امرأة إفرنجية زوجة أحد قادة الصليبيين.. فرأيت من جمالها ما سحرني.. فبعتها وسامحتها في السعر.. ثم انصرفت.. وعادت بعد أيام فبعتها وسامحتها.. فأخذت تتردد علي.. وأنا أتبسط معها.. فعلمت أني عشقتها.. فلما بلغ الأمر من مبلغه.. قلت للعجوز التي معها: قد تعلقت نفسي بهذه المرأة فكيف السبيل إليها؟.. فقالت: هذه زوجة فلان القائد.. ولو علم بنا.. قتلنا نحن الثلاثة.. فمازلت بها.. حتى طلبت مني خمسين ديناراً.. وتجئ بها إلي في بيتي.. فاجتهدت حتى جمعت خمسين ديناراً.. وأعطيتها إياها..


الليلة الأولى..؟؟!

وانتظرتها تلك الليلة في الدار..فلما جاءت إلي أكلنا وشربنا.. فلما مضى بعض الليل.. قلت في نفسي: أما تستحي من الله!! وأنت غريب.. وبين يدي الله.. وتعصي الله مع نصرانية!!.. فرفعت بصري إلى السماء وقلت: اللهم إني أشهدك أني عففت عن هذه النصرانية.. حياءً منك وخوفاً من عقابك.. ثم تنحيت عن موضعها إلى فراش آخر.. فلما رأت ذلك قامت وهي غضبى ومضت.. وفي الصباح.. مضيت إلى دكاني.. فلما كان الضحى.. مرت علي المرأة وهي غضبى.. ووالله لكأن وجهها القمر..فلما رأيتها.. قلت في نفسي: ومن أنت حتى تعف عن هذا الجمال؟.. أأنت أبو بكر.. أو عمر.. أم أنت الجنيد العابد.. أو الحسن الزاهد.. وبقيت أتحسر عليها.. فلما جاوزتني.. لحقت بالعجوز.. وقلت لها: ارجعي بها.. الليلة.. فقالت: وحق المسيح.. ما تأتيك إلا بمائة دينار.. قلت: نعم. فاجتهدت حتى جمعتها.. وأعطيتها إياها..

الليلة الثانية..؟؟!

فلما كان الليل.. وانتظرتها في الدار.. جاءت.. فكأنها القمر أقبل علي.. فلما جلست.... حضرني الخوف من الله.. وكيف أعصيه مع نصرانية كافرة.. فتركتها خوفاً من الله.. وفي الصباح.. مضيت إلى دكاني.. وقلبي مشغول بها.. فلما كان الضحى.. مرت علي المرأة وهي غضبى.. فلما رأيتها.. لمت نفسي على تركها.. وبقيت أتحسر عليها.. فسألت العجوز.. فقالت: ما تفرح بها.. إلا بخمسمائة دينار.. أو تموت كمداً.. قلت: نعم.. وعزمت على بيع دكاني.. وبضاعتي.. وأعطيها الخمسمائة دينار.. فبينما أنا كذلك.. إذ منادي النصارى ينادي في السوق.. يقول: يا معاشر المسلمين إن الهدنة التي بيننا وبينكم.. قد انقضت.. وقد أمهلنا من هنا من التجار المسلمين أسبوعاً.. فجمعت ما بقي من متاعي وخرجت من الشام وفي قلبي الحسرة ما فيه.. ثم أخذت أتاجر ببيع الجواري.. عسى أن يذهب ما بقلبي من حب تلك ما فيه.. فمضى لي على ذلك ثلاث سنين.. ثم جرت وقعة حطين.. واستعاد المسلمون بلاد الساحل.. وطُلب مني جارية للملك الناصر.. وكان عندي جارية حسناء.. فاشتروها مني بمائة دينار.. فسلموني تسعين ديناراً.. وبقيت لي عشرة دنانير.. فقال الملك: امضوا به إلى البيت الذي فيه المسبيات من نساء الإفرنج.. فليختر منهن واحدة بالعشرة دنانير التي بقيت له..


الجائزة..

فلما فتحوا لي الدار.. رأيت صاحبتي الإفرنجية.. فأخذتها.. فلما مضيت إلى بيتي. قلت لها: تعرفيني؟!.. قالت:لا.. قلت: أنا صاحبك التاجر.. الذي أخذت مني مائة وخمسين ديناراً.. وقلت لي: لا تفرح بي إلا بخمسمائة دينار.. ها أنا أخذتك ملكاً بعشر دنانير.. فقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.. فأسلمت وحسن إسلامها.. فتزوجتها.. فلم تلبث أن أرسلت أمها إليها بصندوق.. فلما فتحناه.. فإذا فيه الصرتان التي أعطيتها.. في الأولى الخمسون ديناراً.. وفي الأخرى المائة دينار.. ولبسها الذي كنت أراها فيه.. وهي أم هؤلاء الأولاد.. وهي التي طبخت لكم العشاء.. نعم.. ومن ترك شيئاً لله.. عوضه الله خيراً منه.. والعبد قد يختفي من الناس..ولكن أنى له أن يختفي من الله.. وهو معه

..والله الموفق ؛؛
 

الـ 1000 ــارس

مشرف سابق
إنضم
29 أغسطس 2007
المشاركات
8,398
مستوى التفاعل
55
النقاط
48
الإقامة
ارض الحرمين
اخي

سعد بن نصيب

جميلة جدا هذه القصة
ولابد من اخذ العبرة منها
تقبل احترامي

الــ1000ـــارس
 

AL-GANAS

مشرف سابق
إنضم
27 أغسطس 2007
المشاركات
1,631
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
والله قصة معبرة ورااااااااااااااائعة

بارك الله فيك اخوي سعد على القصة الاكثر من راااااااائعه

بارك الله فيك
 

ابو مازن2

Well-Known Member
إنضم
4 يونيو 2009
المشاركات
5,848
مستوى التفاعل
82
النقاط
48
الإقامة
الرياض
إن في الابتلاء من العبر وكنوز الحكم ما يشد عضد المؤمن المصاب؛ لأنه يسوق المؤمن لأكمل النهايات التي لم يكن ليعبرها إلا على جسر من الابتلاء، فظاهره امتحان وباطنه رحمة ونعمة، وكم لله من نعمة جسيمة ومنة عظيمة تجنى من قطوف الابتلاء!
ففي الحديث " إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بعمل، فما يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها .
أشكرك على الطرح المميز لمثل هالقصص المُعبرة حقاً تقبل ودي وتقديري .. لاخلا ولاعدم اخوي الفاضل
 
أعلى