تركي الدخيل
نكاد لا نعرف من سياقات ما يعرض علينا، وما يساق على مسامعنا، وما يلقى من أحاديث أمامنا، عن خالد بن عبدالله القسري، إلا ما يروى عن قصة قتله للجعد بن درهم!
فلماذا؟! وقبل ذلك، من هو القسري وما قصته؟!
تقول المصادر التاريخية، إنه: خالد بن عبد الله القسري البجلي، قائد أموي، تولى مكة المكرمة للوليد بن عبدالملك في سنة 89 ه، ثم اشتهر بأنه أصبح أميراً للعراق، لهشام بن عبدالملك في العام 105 حتى عزله في 120ه. ثم توفي بعدها بست سنوات.
كان خالد نبيلاً جواداً كريماً، خطب قومه فقال:"إن أكرم الناس من أعطى من لا يرجوه، وأعظم الناس عفواً من عفا عن قدرة، وأوصل الناس من وصل عن قطيعة". وينقل عنه قوله:" يا أيها الناس، تنافسوا في المكارم، وسارعوا في المغانم، واشتروا الحمد بالجود، ولا تكتسبوا بالمطل ذما، ولا تعتدوا بمعروف لم تعجلوه، ومهما يكن لأحد منكم نعمة عند أحد لم يبلغ شكرها، فالله أحسن له جزاء وأجزل عطاء، واعلموا أن حوائج الناس إليكم نِعَم، فلا تمَلوها فتحور نقماً، فإن أفضل المال ما أكسب أجراً وأورث ذكراً، ولو رأيتم المعروف رأيتموه رجلاً حسناً جميلاً، يسر الناظرين، ويفوق العالمين، ولو رأيتم البخل رأيتموه رجلاً مشوهاً قبيحاً تنفر منه القلوب وتُغض دونه الأبصار، إنه من جاد ساد، ومن بخل رذل، وأكرم الناس من أعطى من لا يرجوه، ومن عفا عن قدرة، وأوصل الناس من وصل من قطعه، ومن لم يطِب حرثُهُ لم يزكُ نبته، والفروع عند مغارسها تنمو، وبأصولها تسمو".
غير أن خالداً مع فضله وكرمه ونبله، كان فيه نصب، وقيل إنه كان يقع في عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، بما لا يليق!
أما قصة القسري التي تورد علينا كثيراً مع أن هناك من يشكك في صحتها، فهي أنه خطب في الناس العيد في الكوفة، فقال: ضحوا تقبل الله منكم ، فإني مُضَحٍ بالجعد بن درهم، إنه (أي الجعد) زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، تعالى الله عما يقول الجعد علواً كبيراً، ثم نزل فذبحه!
ولم نسمع من يردد ما نقله ياقوت الحموي (معجم البلدان1/532 ط دار صادر1977):"بيعة خالد: (...)القسري، كان بناها لأُمِّه، وكانت نصرانية، وبنى حولها حوانيت بالآجر والجص، ثم صارت سكة البريد"!
فلم يُساق لنا التشدد مع الجعد، ولا يذكر لنا بره بأُمه؟!
لست مع هذه القصة أو ضد تلك، لكني أقول إن التاريخ يحمل الكثير من الوجوه، والانتقائية في التعاطي معه، من أجل نصر فكرة وحيدة، يشوه الفكرة ويضعفها، أكثر مما ينتصر لها!
نكاد لا نعرف من سياقات ما يعرض علينا، وما يساق على مسامعنا، وما يلقى من أحاديث أمامنا، عن خالد بن عبدالله القسري، إلا ما يروى عن قصة قتله للجعد بن درهم!
فلماذا؟! وقبل ذلك، من هو القسري وما قصته؟!
تقول المصادر التاريخية، إنه: خالد بن عبد الله القسري البجلي، قائد أموي، تولى مكة المكرمة للوليد بن عبدالملك في سنة 89 ه، ثم اشتهر بأنه أصبح أميراً للعراق، لهشام بن عبدالملك في العام 105 حتى عزله في 120ه. ثم توفي بعدها بست سنوات.
كان خالد نبيلاً جواداً كريماً، خطب قومه فقال:"إن أكرم الناس من أعطى من لا يرجوه، وأعظم الناس عفواً من عفا عن قدرة، وأوصل الناس من وصل عن قطيعة". وينقل عنه قوله:" يا أيها الناس، تنافسوا في المكارم، وسارعوا في المغانم، واشتروا الحمد بالجود، ولا تكتسبوا بالمطل ذما، ولا تعتدوا بمعروف لم تعجلوه، ومهما يكن لأحد منكم نعمة عند أحد لم يبلغ شكرها، فالله أحسن له جزاء وأجزل عطاء، واعلموا أن حوائج الناس إليكم نِعَم، فلا تمَلوها فتحور نقماً، فإن أفضل المال ما أكسب أجراً وأورث ذكراً، ولو رأيتم المعروف رأيتموه رجلاً حسناً جميلاً، يسر الناظرين، ويفوق العالمين، ولو رأيتم البخل رأيتموه رجلاً مشوهاً قبيحاً تنفر منه القلوب وتُغض دونه الأبصار، إنه من جاد ساد، ومن بخل رذل، وأكرم الناس من أعطى من لا يرجوه، ومن عفا عن قدرة، وأوصل الناس من وصل من قطعه، ومن لم يطِب حرثُهُ لم يزكُ نبته، والفروع عند مغارسها تنمو، وبأصولها تسمو".
غير أن خالداً مع فضله وكرمه ونبله، كان فيه نصب، وقيل إنه كان يقع في عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، بما لا يليق!
أما قصة القسري التي تورد علينا كثيراً مع أن هناك من يشكك في صحتها، فهي أنه خطب في الناس العيد في الكوفة، فقال: ضحوا تقبل الله منكم ، فإني مُضَحٍ بالجعد بن درهم، إنه (أي الجعد) زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، تعالى الله عما يقول الجعد علواً كبيراً، ثم نزل فذبحه!
ولم نسمع من يردد ما نقله ياقوت الحموي (معجم البلدان1/532 ط دار صادر1977):"بيعة خالد: (...)القسري، كان بناها لأُمِّه، وكانت نصرانية، وبنى حولها حوانيت بالآجر والجص، ثم صارت سكة البريد"!
فلم يُساق لنا التشدد مع الجعد، ولا يذكر لنا بره بأُمه؟!
لست مع هذه القصة أو ضد تلك، لكني أقول إن التاريخ يحمل الكثير من الوجوه، والانتقائية في التعاطي معه، من أجل نصر فكرة وحيدة، يشوه الفكرة ويضعفها، أكثر مما ينتصر لها!