الثبات في القتال

إنضم
22 مايو 2008
المشاركات
7,129
مستوى التفاعل
50
النقاط
48
الإقامة
الطائف
الثبات في القتال من أهم اسباب النصر في الحرب ، وقد أمر الله سبحانه به ، كما نهى ربنا عن الفرار من الزحف ، واعتبر ذلك عهداً من عند الله مسؤولاً عنه . وعوامل الثبات ؛ نصر دين الله، وذكر الله كثيراً. وقد انزل الله على عباده المؤمنين الملائكة ليثبتوا قلوبهم، فاطمأنت النفوس حتى غشيهم النعاس أمنة من الله سبحانه .
1/ اول شروط الانتصار ، هو عقد العزم على الثبات مهما كلف الأمر ، كما قال الامام علي عليه السلام لابنه محمد ابن الحنفية لما اعطاه الراية يوم الجمل : "تزول الجبال ولا تزل ، عض على ناجذك ، اعر الله جمجمتك ، تد في الأرض قدمك ، ارم ببصرك اقصى القوم ، وغض بصرك ، واعلم ان النصر من عند الله سبحانه ". (76)
ولكن العزم على الثبات بحاجة الى تنمية الارادة وشحذ العزم ، وذلك عن طريق تحقيق الشرط الثاني للانتصار ، وهو ذكر الله ذكراً كثيراً . لان ذكر الله يوجه المرء الى أوامره الرشيدة ، والى وعده ووعيده بالثواب او بالعقاب ، والى آلائه التي تشكر ، ورضوانه الذي يرجى ، وحبه الذي يتطلع المؤمن الى الشهادة من أجله . قال الله سبحانه : { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (الانفال/45)
الفلاح يأتي بالنتيجة بعد شرطي الثبات عند اللقاء ، وذكر الله كثيراً .
2/ والثبات يعني عدم تولي الأدبار ، (واستمرار المواجهة الشجاعة مع العدو حتى النصر) . والاستثناء الوحيد لجواز التولي ، هو ان يكون للعودة بقوة أكبر ؛ اما عن طريق اختيار موقع افضل مثل ترك السهل الى الجبل وترك الساحة الى الخندق ، او عن طريق اختيار جماعة يتعاون معهم ضد العدو .
( ويبدو ان القرآن يذكرنا بأهمية اختيار الموقع المناسب والجماعة المناسبة لمتابعة القتال ، وعدم الاعتماد على نصر الله فقط) . والله يغضب لمن يولي العدو دبره . (وغضب الله قد يتمثل في مضاعفة الخسائر ، او حتى الهزيمة غير المنتظرة . ذلك ان الاقدام يعجل النصر ويقلل الخسائر) . قال الله تعالى : { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الاَدْبَارَ * وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } (الانفال /15-16)
3/ والثبات هو عهد الله مع المسلم ، (سواءً عهده في عالم الذر ، أو عند البيعة مع الرسول) .. وهكذا يجب العمل بهذا العهد ، حيث انه عهد مسؤول عند الله سبحانه . قال الله تعالى : { وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْــؤُولاً } (الاحزاب/15)
ويستفاد من الآية ؛ انه ينبغي للقيادة الربانية اخذ العهد من المقاتلين بالثبات، كما حصل
من النبي صلى الله عليه وآله في بيعة الرضوان تحت الشجرة .
4/ مما يؤكد الثبات في المعارك ، معرفة الانسان بانه لايستطيع بالفرار الخلاص الى الأبد من الموت او القتل . فلعله يبعده عن ذلك لحظات واياماً ، ولكنه لن يكون سبباً للبقاء والاستمرار . فما يدفعه المجتمع - وحتى الانسان الفرد - بسبب الهزيمة ، يفوق ما يدفعه بالاستقامة اضعافاً مضاعفة . اذ انه بفراره من المعركة يعطي العدو زخماً من الثقة بالنفس ، فيشجعه على نفسه . قال الله سبحانه : { قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ اِن فَرَرْتُم مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لاَ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } (الاحزاب /16)
5/ ومن عوامل الثبات في المعركة الاستقامة بالله ، (والاعتصام به ، والتوكل عليه) . وحين يتذكر الانسان حالاته السابقة ، وكيف احتاج الى رحمة ربه فدعاه بحقيقة الايمان ، فاسعفه وانقذه من المشاكل . وحين يدرس تاريخ المؤمنين ، وكيف تدخلت قوة الغيب في تأييدهم، يعرف حينئذ ان التوكل على الله سر التغلب على الصعاب . (ويذكّر القرآن الأمة الاسلامية بماضيها ، وابرز المعارك الحاسمة فيه ، والتي تتكرر - دوماً - مثيلاتها ؛ مثلاً في معركة بدر حيث استغاث المسلمون فامدهم ربهم بالف من الملائكة ..)
(والاستغاثة - كأي دعاء آخر - تكشف عن ارادة النجاح التي لاتقهرها حتى المشاكل المادية الظاهرة ، كما انها تكشف عن ايمان قوي بان الأمور بيد الله سبحانه) . قال الله سبحانه : { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ اَنِّي مُمِدُّكُمْ بِاَلْفٍ مِنَ الْمَلآَئِكَةِ مُرْدِفِينَ } (الانفال /9)
6/ والملائكة من وسائل النصر ، ومن وسائل الثبات في المعركة . وهناك وسائل اخرى يوفرها ربنا اذا شاء ؛ مثلاً في حرب بدر كانت الاعصاب متوترة ، والنفوس ملتهبة هلعاً ، والاجسام تثقل بالاوساخ .. فبرّد الايمان والتوكل افئدة المسلمين ، حتى مالت الى الراحة والنعاس فاستراحت الاعصاب ، واستعدت لمعركة حاسمة في اليوم التالي .
وهكذا حين يتوكل العبد على ربه ، يستريح في ظلال الثقة به وبقدره وقضائه ، فلا يحرق اعصابه ، بل يعيش في كنف امان ربه .
والمؤمنون حقـاً هم الذين يزدادون ايماناً في ساعة العسرة ، لان تلك الساعات تكشف
جوهر البشر وطبيعته الكامنة . وهكذا انزل الله على المسلمين من السماء ماء ليطهرهم به، ذلك لان كثيراً من الجراثيم التي يتلوث بها الجو - وتنتقل عبر الهواء او الماء من شخص لآخر- تموت بعد المطر ، فيرتاح منها الجيش الذي تكثر فيه احتمالات الخطر .
وحين يتلطف الجو بماء السماء يسعد الناس ببركات الله، فتطمئن قلوبهم ويذهب عنهم الخوف والتردد، كما تذهب - بالمطر- النجاسـة الماديـة التي تؤثر في النفـس ايضاً، وذلك عن طريق الوضوء والغسل . قال الله سبحانه : { إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ اَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِنَ السَّمَآءِ مَآءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الاَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ اَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الاَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } (الانفال /11-12)
7/ ويحرّض القرآن الذين آمنوا ، واستعدوا لتنفيذ أوامر الرسالة ، وعرفوا قيم الحق الذي أنزل من ربهم ؛ يحرّضهم على الجهاد في سبيل الله بنصر دينه ، ويبشرهم لقاء ذلك بالفتح والثبات . (ونستفيد من ذلك ؛ ان الانتصار للدين من عوامل الثبات) . يقول ربنا سبحانه : { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } (محمد/7)
وربما جاء التعبير بنصر "الله" مع ان الله غني عن العالمين ، ليكون شاملاً لنصر كل ما يتصل بالايمان بالله ، في كل حقل وفي كل عصر ومصر ، حتى يكون المؤمن قواماً لله ، مستعداً للدفاع عن الحق أبداً في مواجهة أي شخص او قوة .
وإنما جزاء النصر نصر مثله . فمتى نصرت الله بتطبيق دينه على نفسك وأهلك والأقربين منك ومجتمعك ، ودافعت عنه ضد اعداء الله ، فان الله ينصرك بذات النسبة . اما إذا اقتصر نصرك على بعض المجالات ، فلا تنتظر نصراً شاملاً .
م / ن
 
التعديل الأخير:
إنضم
20 نوفمبر 2013
المشاركات
849
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
الإقامة
الرياض
جزاك الله خيرا اخي احمد بن شويل لاختيارك هدا الموضوع والدي يتماشى مع الاحداث والمستجدات من حولنا فنسال الله تعالى مع صبيحه هدا اليو م ان يثبت اقدام جنودتا البواسل ويربط على قلوبهم على الحد الجنوبي خاصه وفي كل ثغره يقومون ببحراستهالمملكتنا الحبيبه حاميه الاسلام والسنه والفضيله وان يمتع خادم الحرمين وولي عهده وولي ولي العهد بالصحه والعافيه وان يمدهم بعون من عنده فهو نعم المولى ونعم النصير
 
إنضم
22 مايو 2008
المشاركات
7,129
مستوى التفاعل
50
النقاط
48
الإقامة
الطائف
جزاك الله خيرا اخي احمد بن شويل لاختيارك هدا الموضوع والدي يتماشى مع الاحداث والمستجدات من حولنا فنسال الله تعالى مع صبيحه هدا اليو م ان يثبت اقدام جنودتا البواسل ويربط على قلوبهم على الحد الجنوبي خاصه وفي كل ثغره يقومون ببحراستهالمملكتنا الحبيبه حاميه الاسلام والسنه والفضيله وان يمتع خادم الحرمين وولي عهده وولي ولي العهد بالصحه والعافيه وان يمدهم بعون من عنده فهو نعم المولى ونعم النصير



بارك الله فيك اخي الكريم ( بن حمامه المحرزي ) على متابعة الموضوع ، وبلى شك أن رباطة الجأش والوقوف وتشجيع منسوبي كافة القوات العسكرية كلاً فيما يخصه أمراً مطلوب من الجميع
 

أسيرالشوق

المراقب العام
إنضم
18 أكتوبر 2007
المشاركات
55,084
مستوى التفاعل
48
النقاط
48
بارك الله فيك مشرفنا الحبيب

نسأل الله الثبات لجنودنا البواسل جنود الحق

وأن ينصرهم على عدو الله ثم عدوهم
 
إنضم
22 مايو 2008
المشاركات
7,129
مستوى التفاعل
50
النقاط
48
الإقامة
الطائف
بارك الله فيك مشرفنا الحبيب

نسأل الله الثبات لجنودنا البواسل جنود الحق

وأن ينصرهم على عدو الله ثم عدوهم



اللهم أمين جزاك الله خير ، وشكراً لك على متابعة الموضوع
 

الذويبي

مراقب منتديات تطوير الذات
إنضم
6 سبتمبر 2009
المشاركات
10,651
مستوى التفاعل
42
النقاط
48
شكرا لك اخي احمد بارك الله فيك
 
د

دايم الوصل

Guest
اعظم ما يُعين المسلم في ساح القتال على الثبات هو أن يُمني نفسه ويرجو ربه أنه بمجرد ما يُقتل
إن كان صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر أنه سيدخل بعدها الجنة.!
جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في معركة بدر: "والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا ادخله الله الجنة،
فقال عمير بن الحمام ، وفي يده تمرات يأكلهن بخ بخ فما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء فقذف التمر من يده وأخذ سيفه فقاتل حتى قتل."

اللهم إنّها حياةٌ واحدة وميتةً واحدة اللهم فجعلها في سبيلك وأنت عنا راضٍ.

جزاك الله خير.
 
إنضم
22 مايو 2008
المشاركات
7,129
مستوى التفاعل
50
النقاط
48
الإقامة
الطائف
اعظم ما يُعين المسلم في ساح القتال على الثبات هو أن يُمني نفسه ويرجو ربه أنه بمجرد ما يُقتل
إن كان صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر أنه سيدخل بعدها الجنة.!
جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في معركة بدر: "والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا ادخله الله الجنة،
فقال عمير بن الحمام ، وفي يده تمرات يأكلهن بخ بخ فما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء فقذف التمر من يده وأخذ سيفه فقاتل حتى قتل."

اللهم إنّها حياةٌ واحدة وميتةً واحدة اللهم فجعلها في سبيلك وأنت عنا راضٍ.

جزاك الله خير.


جزاك الله خير وبارك فيك على المشاركة في الموضوع
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
1,561
مستوى التفاعل
38
النقاط
48
الإقامة
جدة
موضوع جميل ومفيد بارك الله فيك

ولاشك ان الثبات هو نجاح الجهاد والقتال

اسال الله ينصر جيوشنا على الأعدى

اشكرك ولك اطيب تحياتي واحترامي

جزاك:
 
أعلى