O.o°¨ هرووب سَلمَى مِن نَزَواتِ .. عديّ ابن صدام .. إلى مصَحّ هولَنديّ ¨°o.O

شـبـێـہ ٱلـرێـح

عضوية معلقة
إنضم
3 يناير 2009
المشاركات
0
مستوى التفاعل
487
النقاط
47
الإقامة
انتـظـرونـي ان شـآء الله ^ *

بسم:


(( قصة سلمى مع عدي ابن صدام ))


:: الحلقة الأولى ::




مساء الثلاثاء الواقع في /29/7/2003م
الساعة تشير الى السادسة ، والحر الخانق يجعلنا نتململ باستمرار، رغم جهاز التكييف الذي يعمل بلا توقف ، نحن نستعد لإصدار العدد رقم /128/ من الجريدة ، الملاحظات ، والكلام والعمل كلها توقفت فجاة وكأننا كنا نعمل كهربائيا ، وقد انقطع التيار ، كان السبب دخول امرأة جميلة جدا نظرنا إليها كلنا وكأنها قادمة من عالم ثان ، تخفي عينيها بنظارة سوداء ،ماجعلها تبدو للوهلة الأولى وكأنها واحدة من نجمات هوليوود الفاتنات ، بادرتنا بتحية :

مساء الخير
رددنا كلنا وبصوت واحد:

مساء النور

عندي موضوع
تفضلي ، أهلا وسهلا.

أجاب السيد مدير التحرير فجلست المرأة على الكرسي القريب من طاولته ، لم تستغرق وقتا طويلا في إشعال لفافة التبغ ، ولكنها كانت تبدو مرتبكة ومتوترة ، استطاعت أن ترشف رشفة من فنجان القهوة الذي قدم لها ، ولكن كان يبدو عليها الخوف نوعا ما ورغم النظارة السوداء التي تخفي عينيها إلا أن الجميع استطاعوا ملاحظة دمعة تنساب على خدها ، قطع السيد مدير التحرير حالة الترقب التي عشناها وبادرها قائلا:

كيف أستطيع مساعدتك سيدتي

عدم المؤاخذة ، أنا مضطربة ولكني أريد أن أحكي قصتي
تفضلي انا أستمع

لا….اقصد لن ينفع ، قصتي طويلة وتحتاج إلى وقت
طلب مني السيد مدير التحرير مرافقة السيدة إلى الغرفة الأخرى ، كي تحكي قصتها لأنه كان مشغولا .

اتجهت مع السيدة إلى الغرفة الثانية ، وفور دخولنا قالت السيدة:

اسمع اخي ، سأحكي كل شيء ولكن لاتسألني عن اسمي ،

لم يخطر في بالي أن أسألك عن الاسم ، يهمني أن أعرف ماالذي تريدين قوله

ما سأقوله يحتاج إلى وقت طويل
لدينا ماشئت من الوقت

في الحقيقة بدأ الفضول يحركني ، فبدوت أمام السيدة قلقا، قاطعت حيرتي قائلة :

حين سقط صدام حسين كنت في هولندا ، هل تعلم لم أصدق ، كان الأمر مفاجأة… صدام ليس في العراق ، صرت أرقص وأغني مثل المجانين، الذين حولي كلهم استغربوا فرحوا وغنوا معي …ولكن فرحتي لم تكتمل الا حين مات عدي، ورأيته ميتاً.

ولكن هذا ليس جديدا، الكثيرون غنوا ورقصوا.

بدت مستاءة جدا من مقاطعتي لها ، أشعلت لفافة وصارت تنفث الدخان بعصبية ، ارجعت رأسها مستندة على الكرسي وقالت:

ولكن أنا غير الكثيرين ، أنا، انا…..

ثم أجهشت بالبكاء، راودني شعور بالذنب لتسرعي بإطلاق جملتي ، حاولت تدارك ماقلته لكنها قالت:

أنا عندي قصة تبكي الصخر ، أريد أن أنقلها للعالم ليعرفوا ماذا عانى العراقيون والعراقيات من صدام وأولاده.

سيدتي أنا آسف ولكننا كل يوم نقرأ ونسمع الكثير من القصص ، وكلها متشابهة، ثم لماذا لم تقولي ماحدث معك قبل سقوط النظام ؟ لماذا انتظرت سقوطه كي تفضحيه؟

معك حق، ولكني كنت خائفة ، ومريضة ، وما أردت المتاجرة بمأساتي
أحسست بأنها صادقة ، وكل كلمة ستقولها ستكون حقيقة لالبس فيها ، استأذنتها ريثما تشرب فنجان القهوة الثالث، ونقلت للسيد مدير التحرير ماجرىبيني وبين السيدة الغريبةفطلب مني الاهتمام بموضوع تلك السيدة ، حملت معي الى الغرفة الأخرى آلة التسجيل ومجموعة أوراق بيضاء ، كانت تجلس كما تركتها وكانت منفضة السجائر أمامها تكاد تمتلئ تماما ، جلست قبالتها وبدأت الكــــــلام……

1
صدقني الكلام صعب علي لكني سأحاول أن أتكلم ربما لن يكفي كتاب كامل لكلامي ، ولكني واثقة بأنكم ستنشرونه ، كنت أقرا جريدتكم كثيرا حين كنت في هولندا ، وقرأت الكثير من القصص فيها ولكني لم أقرأ قصة تشبه قصتي .

حين نشرت محطات التلفزة صور عدي وقصي كان علي أن أغادر العالم الضيق الذي كنت أحبس نفسي فيه وأن أخرج الى العالم الواسع ، كان علي أن أنظر الى المرآة للمرة الأولى منذ سبع سنوات تخيل امرأة لم تنظر الى المرآة سبع سنوات كاملة لم أر وجهي إلا حين رأيت وجهه مضرجا بالدماء ، أية قسوة علمتني إياها الأيام والظروف التي عشتها كنت أخاف حين أرى دجاجة مذبوحة ولكني الآن أحكي عن موت إنسان بفرح كم أكره نفسي وأنا أقول هذا الكلام لكني في الوقت نفسه أحب أن أقوله نعم مات عدي وانتهت مأساتي

هل تتعلق قصتك بعدي صدام حسين ؟

لاتقل قصة بل مأساة ، هكذا هي مأساة ، دفعت ثمنها ودفع ثمنها الكثيرون غيري.

هل يمكن أن نبدأ الحديث؟

سأحكي كل شيء ولكن عدني أولا بأن تنشروا ما سأقوله دون زيادة أو نقصان .

كوني على ثقة بأننا لن نتدخل في الكلام الذي ستقولينه ، وسننشره كاملاً، المهم أن تكون القصة حقيقية وفيها شيء جديد.

صدقني لن أقول شيئا لم يحدث ، ولكن لن أبوح باسمي أبدا .

اسمحي لي ياسيدتي أن اختلف معك هنا ، فذكر اسمك ضروري كي يكون الموضوع الذي سننشره فيه مصداقية فقد نتهم بتلفيق القصة أو…..

قاطعتني السيدة بحدة وقالت:

الأمر حساس ، أنا من عائلة تنتمي الى عشيرة كبيرة من عشائر العراق ، ولدي طفل يبلغ العاشرة من العمر وذكر اسمي الصريح مرتبطا بما سأرويه سيسبب الكثير من الألم لعائلتي وعشيرتي ، والأهم من كل هذا فهو سيكون جرحا قاسيا لولدي ، وأنا لااريد هذا الأمر ان يحدث ، أرجو أن تقبلوا بهذا.

في الحقيقة لم أدر ماالذي يمكن أن أفعله ، لكني امتثلت لرغبتها لاقتناعي التام بأنه إذا كان ماتقوله مهماً ، فسوف يكون نشره أهم من البحث في تفاصيل أخرى .

اسمع سأختار لنفسي اسما أحبه مارأيك سأسمي نفسي /سلمى/ ؟
اسم معقول ، هل يمكن أن أعرف لماذا سلمى ؟

سلمى بنت كانت معي بالثانوي ، وماتت بحادث سيارة ، كانت أعز صديقة عندي ، وكنت ناذرة لو صار عندي بنت رح أسميها سلمى لكن الله أعطاني ولداً.

هل من الممكن أن نبدأ الآن.

نبدأ ، نعم ، لكن ،

لكن ماذا؟

أحسست حزنا يتسلل من عينيها ، ورأيت دموعا تنساب بغزارة على خديها،لم أقاطع ذلك الحزن الذي اعتراها بقوة، ظلت تبكي قرابة العشر دقائق، أخرجت من حقيبتها منديلاًومسحت عينيها ، شعرت فجأة بأنها امرأة تختلف عن تلك الجميلة التي كانت تقعد قبالتي قبل دقائق رأيت وجها شاحباً،وكأن سنوات طويلة مرت عليها، اعتذرت مني ومسحت دموعها ثم قالت بهدوء:

ساحكي ماحدث معي منذ سمعت خبر موت عدي
لكن ، لماذا لاتحكين الذي حدث معك منذ سقوط النظام؟

هذا لايهمني ، لو سقط النظام وبقي عدي حيا فلم يكن سيتغير شيء في حياتي ، لكن موت عدي هو بمثابة شهادة ميلاد جديدة لي، يوم الثلاثاء كان يوما مختلفا ، استيقظت باكرا عكس عادتي اليومية منذ ان ذهبت الى هولندا ، النزلاء في المصح استغربوا استيقاظي المفاجئ .

عفوا للمقاطعة ، مصح! وهل كنت نزيلة مصح في هولندا؟

نعم، كنت نزيلة أحد مصحات العلاج في مدينة /ماستريخت/ وبقيت في ذلك المصح ست سنوات

الحمدلله على سلامتك

شكرا ، المهم كنت نشيطة ، ومرحة بشكل مختلف ، حتى أنا استغربت ذلك من نفسي، أحسست برغبة عارمة في الرقص والغناء ، تمام الساعة الرابعة عصرا، وبينما كنت اتمشى في حديقة المصح ، نادتني الممرضة ايفا وكان يبدو عليها الذهول بعض الشيء ، دهشت واندفعت راكضة الى الداخل ، كان الجميع متحلقين حول جهاز التلفاز وكانت صورة عدي وقصي تملأ الشاشة ، أوسعت لي ديانا فجلست الى جانبها وأصغيت للخبر كان المذيع يقول بأن القوات الاميركية تمكنت من قتل عدي وقصي صدام حسين في مدينة الموصل، بعدها لم أعد أسمع شيئا ، غبت عن الوعي تماما، ودارت الكثير من الاشياء في مخيلتي ، ثم لم أعد ارى شيئا أمامي ، نهضت مترنحة ، وغادرت الصالة دون أن أنبس ببنت شفة ، أحسست برغبة شديدة في الصراخ ولكني لم أفعل كنت مذهولة تماما ، ركضت الى غرفتي واغلقت الباب ثم انفجرت بالبكاء..

هل تصدق في تلك اللحظة فكرت كثيرا بالانتحار .

الانتحار!!

نعم ، لاأدري لماذا ، ولكن هذا ماخطر في بالي في تلك اللحظة التي كنت فيها وحيدة، والدنيا لاأدري كيف أصف الدنيا ، كانت الدنيا أشبه بالسماء ، نعم السماء ، هل جربت مرة أن تكون وحيدا وأن تشعر بأن قدميك غير مرتكزتين على الأرض، صدقني هذا ماحدث معي تماما ، ولذلك فلم أقم لفتح الباب على الرغم من الطرق المتواصل عليه، لم أرغب أن يشاركني أحد ذلك الشعور الغريب الذي انتابني لم أكن حزينة ، ولم أكن فرحة ، كنت لاادري ، كنت في حالة تختلف عن الحزن والفرح كثيرا ، حالة غريبة حقا، يمكن فكرت بالانتحار لتكون تلك اللحظات التي عشتها آخر لحظات اعيشها، المهم … ظللت حتى صباح اليوم التالي حبيسة غرفتي وتلك الحالة التي انتابتني لم تفارقني وكل الذين طرقوا الباب عادوا أدراجهم لأني طلبت منهم أن يتركوني وحيدة .

هل يعني كلامك أن الذين كانوا معك في المصح كانوا يعرفون قصتك؟

بكل تأكيد ، نحن في المصح كنا أشبه بأسرة ، كلنا لدينا مشاكل وهموم ومن جنسيات مختلفة ، تصور نفسك تتقاسم الهموم مع الآخرين، كلنا كنا نحكي همومنا وحكاياتنا كي نرتاح من تلك الأشياء التي تثقل صدورنا ، كان هذا نوعاً من العلاج الذي يتبعه الأطباء المعالجون ، كان كل واحد منا يستخدم اسما يختاره وكانت اسماؤنا الحقيقية موجودة فقط في سجلات المصح ، وهي سجلات سرية لايمكن لأحد أن يطلع عليها ، استطعت خلال وجودي في هولندا الحصول على الجنسية الهولندية بمساعدة صديق لنا ، واخترت اسماً غربياً كي انسى أي شيء يذكرني بالماضي ،

اسميت نفسي /باولا/ طبعا هو مجرد اسم ولا يعني لي شيئا ، لكن كما قلت لك أردت محو الماضي تماما لكني عدت اليه وبلمحة واحدة ، بخبر بث على شاشة التلفزيون ، عدي مات وأنا عدت سنوات الى الوراء .

كانت محدثتي /سلمى/ أو /باولا/ أو مهما يكن اسمها تدخن بشراهة ، وكانت تعض باسنانها عقب كل سيجارة تدخنها ، وكانت المسجلة تدور ببطء شديد تسجل كلامها ، كانت تتحدث بعراقية ممتعة ، وتضع كلمة خويه بين كل جملتين من جملها ، طلبت مني أن أحضر لها شايا وأن أتركها بمفردها قليلا ، كانت مرهقة ، سألتها إن كانت تحب العودة في يوم آخر لمواصلة الحديث ، لكنها كانت راغبة في المتابعة ،تركتها وخرجت الى غرفة التحرير،استمعت الى جزء من الحوار المسجل وقبل أن أتم سيجارتي سمعت صوتها من الغرفة الأخرى تناديني ، عدت الى الغرفة وكانت تجلس كما تركتها لفافة التبغ بين شفتيها والتوتر والقلق مازالا يعلوان ملامحها، حين شعرت بدخولي ، قالت:

يمكن كان ذلك اليوم مثل الولادة كما قلت لك ، لكنه كان ولادة قاسية جدا
إذن ، الأسبوع الماضي كنت في هولندا ، واليوم أنت هنا إلى أين تذهبين ؟

سؤالك غريب ، أنا ذاهبة الى بغداد طبعا، حنيني الى ولدي يقتلني ، لم أره منذ غادرت البيت ليلا منذ ست سنوات ، أريد أن ارى ولدي ، وحيدي الذي يمكن أن يكون نسيني الآن ، حين مات عدي عدت الى طبيعتي السابقة ، عدت الى نفسي ، كرهت هولندا والغربة وحزمت حقائبي ، خلال يومين فقط كنت قد حجزت في الطائرة القادمة الى هنا .

تعودين الى العراق ، كهولندية أم كعراقية؟

صدقني أحب أن أعود كعراقية ، وسأسعى بكل جهدي كي أستعيد جنسيتي العراقية التي أرجو ألا تكون قد أتلفت بعد الأحداث التي ضربت بغداد وحوادث النهب والسلب الرهيبة التي تعرضت لها دوائر الحكومة ، خوية ، صدقني لم أفهم لماذا حدث كل ماحدث يعني لماذا الناس فعلوا كل تلك الأمور التي فعلوها ، أصدقائي في هولندا تضايقوا كثيرا حين رأوا ماحدث ، قالوا إن بغداد يجب ألا تسقط مع صدام .

وهل برأيك بغداد سقطت مع سقوط النظام؟

والله لا أعرف إذا كانت بغداد سقطت مع صدام أو لم تسقط ،شوف عيني أنا بحياتي لم يكن لي علاقة بالسياسة ، ولا أحب الحديث عن السياسة ، صحيح حياتي كلها تغيرت بسبب السياسة ، لكن أنا لم اتابع في حياتي نشرة الأخبار ، الشيء الوحيد الذي كان يشغلني طيلة حياتي الرياضة وهي سبب مأساتي التي دمرت حياتي

هل يمكن ان توضحي أكثر كيف كانت الرياضة سبب مأساتك؟

تغيرت نبرة صوتها، وبدت غاضبة بعض الشيء ، لكنها تمالكت نفسها وقالت:

تخرجت من جامعة بغداد عام 1990 قسم أدب انكليزي وتزوجت ابن عمتي وهو مهندس في نفس السنة ، كانت الأيام تمشي حلوة يعني مرتاحين ماكو شي يضايقنا ، قرأت خبرا في الجريدة عن وظائف لمترجمين في اللجنة الأولمبية العراقية ، طبعاً لا تتصور كم كانت فرحتي كبيرة بهذه الوظيفة يعني دراستي التي تفوقت فيها ، وأيضا الرياضة ، وفعلا قررت التقدم للوظيفة ، وقد شجعني زوجي على الفكرة .

في الثامنة صباحا من يوم السبت حملت كل الأوراق اللازمة للتقدم للوظيفة، وركبت مع زوجي في السيارة ، وقام بإيصالي الى مقر اللجنة الأولمبية العراقية .

ماذا كان يعمل زوجك في تلك الفترة ؟

كما قلت لك زوجي كان يحمل شهادة في الهندسة الكهربائية ، وكان يعمل في مصفاة الدورة .كان نشيطا ويحب عمله كثيرا ، وقد منح الكثير من المكافآت بسبب إخلاصه الشديد في العمل

هل كان هذا قبل اجتياح الكويت أم بعدها؟

لا ، طبعا قبل اجتياح الكويت ، في الشهر الثالث تم قبولي بوظيفة مترجمة في اللجنة الأولمبية العراقية ، طبعا أجري للمتقدمين اختبار شفوي وتحريري ، وأقولها بصراحة ، كان هناك الكثير من المتقدمين الذين هم أفضل مني لكن تم قبولي أنا ، ولم أدر ساعتها ماهي الأسباب، بعد ذلك فهمت

إذن تم قبولك في الوظيفة وتسلمت العمل؟

نعم ، كان الموضوع مثل الحلم بالنسبة لي ، يعني عمل رائع ، وفود أجنبية ، وخبراء، ومدربون ، وأهم شيء طبيعة العمل مختلفة ، يعني غير التدريس ، لايوجد ملل .

يبدو أنك كنت سعيدة في عملك ؟

طبعا، كل الأمور كانت تجري بخير ، الى أن جاءنا أحد المدراء وأخبرنا أن الأستاذ يرغب بعقد اجتماع لكافة العاملين في اللجنة .

الأستاذ، تقصدين عدي صدام حسين؟

نعم ، عدي ، فقد كان مجرد ذكر كلمة الأستاذ يعني أن المقصود هو عدي.

هل تتذكرين تماما متى كان موعد هذا الاجتماع ؟

طبعا ، ولايمكن أن أنساه أبداً، كان يوم الاثنين الاسبوع الاول من الشهر الخامس الساعة الثانية عشر ظهرا.

يعني بعد شهرين من تعيينك في اللجنة ؟

شهران الا ثلاثة أيام تماما.

وماذا حدث بعد ذلك؟
.
.
.

تاابع معنا في الحلقة الثانية ..

في تماام الساعة الثانية عشرة ، وفي قااعة الاجتماعات،
عدي هو الذي يترأس الأجتماااااااااااع ..
.
.

:) دمتم بود :)
.
.
 

شـبـێـہ ٱلـرێـح

عضوية معلقة
إنضم
3 يناير 2009
المشاركات
0
مستوى التفاعل
487
النقاط
47
الإقامة
انتـظـرونـي ان شـآء الله ^ *
الحلقة الثانية :

في العدد الماضي دخلت سلمى حياة صحيفتنا ، وبدأت تروي لنا قصتها التي ألحت على أن تسميها من مأساة ، وهانحن نتابع نشر تلك القصة/المأساة، دون تدخل إلا بتحويل حوار سلمى من العامية العراقية المختلطة ببعض المفردات الانكليزية والهولندية الى اللغة العربية .
كانت سلمى قد تحدثت عن بداية عملها في اللجنة الأولمبية العراقية بوظيفة مترجمة ، وكم هي أحبت ذلك العمل ، ووصلت في نهاية حديثها الى الاجتماع الذي كان مزمعا عقده والذي سيترأسه عدي صدام حسين.
و ماذا حدث بعد ذلك ؟؟؟

تقوول :: في تمام الساعة الثانية عشرة ، وفي قاعة الاجتماعات ، نحن دخلنا قبل عشر دقائق أو خمس ، صدقني ، هناك بعض الناس دخلوا قبل نصف ساعة ، كنت أجلس الى جانب الاستاذ أبو هادي..
" من أبو هادي ؟
أبو هادي ، مسؤول علاقات عامة، يعني هو ليس مسؤولا بل موظف مهم في العلاقات العامة ، كنا نتحدث بصوت هامس ، حين فتح الباب المواجه لنا ، يعني ليس الباب الرئيسي ، بل الباب الثاني ودخل عدي وخلفه اثنان من حراسه ومعاونوه في اللجنة.
سيدتي ، ارى أنك تتذكرين التفاصيل بشكل جيد، وكأنها حدثت قبل يومين وليس منذ ثلاث عشرة سنة
شوف، خويه، الحمد لله الله أعطاني ذاكرة جيدة ولا أدري اذا كانت نعمة أو نقمة ، لكن أنا أتذكر حوادث كثيرة منذ الطفولة
بتفاصيلها؟
نعم بتفاصيلها ، مثلا اذا تحب أروي لك بعض الأحداث التي حدثت بالمتوسطة أو بالابتدائية
لا، أحب أن نبقى في موضوعنا الرئيسي اذا سمحت ، قلت بأن عدي دخل قاعة الاجتماعات ومعه الحرس والمعاونون
نعم ، وقفنا جميعا ، وكان هو يمشي بهدوء ، ويتأملنا واحدا واحدا ، جلس على كرسيه ، ووقف وراءه أحد حراسه ، وصار يتحدث عن وضع اللجنة والرياضة العراقية بشكل عام ، ووجه ملاحظات لبعض الموجودين ، طبعا كان الجميع ساكتين ، لم يقل أي منهم كلمة واحدة ظلوا ساكتين ، ويستمعون،
استمرالاجتماع حوالي الساعة ونصف ، ثم نهض عدي واقفا وغادر القاعة بسرعة ، كنت ألملم اوراقي بعد انصرافه ، وكان ابو هادي يتكلم مع واحد من المدربين على ما أظن ، أتاني واحد من الحارسين اللذين كانا مع عدي ، قال لي : الاستاذ يطلبك
طبعا ، استغربت قلت له: لكن الاستاذ راح، قال لي بنبرة غريبة: لا ، الاستاذ ماراح هو موجود بمكتبه
اتفضلي معي، حملت اوراقي وسرت خلف الحارس ، انتابني إحساس غريب ، لاأدري ، يعني نوع من الخوف والتردد.
اذن توجهت الى مكتب عدي
نعم ، كان يتحدث على الهاتف ، ويضحك
هل تتذكرين ماالذي كان يقوله ؟
لا ، يعني كلام لاادري ، ماكو شي محدد، لما دخلت انهى المكالمة ، واشار لي بأن أجلس ، جلست على الكرسي القريب من طاولته ، اشعل سيجاره وظل ينظر الي حوالي خمس دقائق
تقصدين بأنه لم يقل شيئا خلال خمس دقائق ؟
و لا كلمة ، ظل ساكتا يتأملني ، ويبتسم ، احسست بأني مثل المتهم، يعني انت مجرب مثل هذا الموقف، تجلس لمدة خمس دقائق ويمكن أكثر أمام أحدهم وهو ينظر ، دون أن تسمع منه كلمة واحدة ، نظر الى ساعته ، وابتسم ، ثم قال لي بهدوء شديد : شكرا للمقابلة ، تستطيعين الذهاب
لم أدر ماذا اقول له ، لكني قلت بارتباك : أشكرك أستاذ . وغادرت الغرفة بسرعة ، كدت أن أسقط في الممر ، تعثرت وانا انزل السلالم ، لاأدري ، صرت أحس بنفسي مثل المجنونة تماما ، أمام الباب كان حارس الاستاذ يقف بانتظاري ، توقفت أمامه ، مد يده الى جيب بنطاله وأخرج مفتاحا ، قال بتهذيب شديد ، وكأنه غير الرجل الذي خاطبني قبل قليل ، تخلى عن تلك الطريقة القاسية التي خاطبني بها أول مرة ، وصار انسانا مهذبا ولطيفا:تفضلي ، هاي هدية من الاستاذ ، ثم أضاف مازحا : يعني أحسن ماتركبين بالأمانة
الأمانة ، ماذا يقصد؟
ضحكت سلمى بعمق ، وقالت :
الأمانة ، هي باصات النقل الداخلي في العراق ، نحن العراقيين نسميها الأمانة .
ماذا يعني هذا قدم لك مفتاحا وقال لك أفضل من ركوب الباص! المفتاح كان مفتاح سيارة أليس كذلك؟
نعم هذا صحيح ، مفتاح سيارة شفر موديل 90 لونها فضي . استغربت ، لا ، بل طار عقلي ، يعني لا ادري كيف أصف لك مشاعري ، خوف ورعب ، في العراق الناس تسمع قصص عجيبة غريبة عن عدي ، وقصي ، صحيح هو مديرنا بالعمل ، لكن أنا وبصراحة لااستحق أن أحصل على سيارة بعد شهرين في اللجنة .
وهل قبلت الهدية؟
لو كنت مكاني هل كنت سترفضها ! أنا قبلت الهدية لأني لا أقدر أن أرفضها ، رفض هدية من عدي صدام حسين ليس أمرا سهلا ، يعني لايمكن أن يقوم أي واحد في العراق بمثل هذا الفعل ، أصلا قليل الناس الذين يقدم لهم عدي أو أي واحد من عائلته هدية
كأنك فرحت بالهدية ، يعني أرى أنك تضعين الأعذار لنفسك لقبول هدية عدي
عفوا أستاذ ، هذا ليس صحيحا ، قلت لك انا لم أستطع رفض الهدية ، ولم أقل لك بأني فرحت بالهدية .
أخذت مفتاح السيارة ، وماذا فعلت بعد ذلك؟
أنا كنت أجيد القيادة ، ولكن لم يكن عندي رخصة سواقه ، انتظرت حتى ذهب الحارس ، وتركت السيارة في مكانها ، أخذت سيارة تاكسي ورجعت الى البيت ، فتحت الباب ودخلت مسرعة ، لأن الهاتف كان يرن ، رفعت السماعة ، وجاءني صوت غريب يقول لي : إن شاءالله تكون الهدية أعجبتك ، ولو إني عاتب عليك.
طبعا كان المتحدث هو عدي، ارتبكت وقلت : السيارة ، نعم ، شكرا أستاذ ، الحقيقة لاأدري كيف أشكرك....
قاطعني ضاحكا ، وقال : لكن قلت لك بأني عاتب عليك
خير أستاذ ، هل بدر مني شيء جعلك تعتب عليّ، أقصد أنا لم أفعل شيئاً
ضحك بشدة وقال: مدام الهدية بقيت أمام باب اللجنة ، هذا معقول
أستاذ أنا ليس لدي رخصة قيادة ، ولا يمكن أسوق السيارة من دون رخصة المرور يخالفوني
رد علي بلهجة قاسية: المرور لايخالف سيارة عدي صدام حسين ، السيارة بعد قليل ستكون أمام باب بيتك ، وغدا تركبينها وتذهبين الى عملك ، وأي شرطي يتجرأ ويقوم بتوقيفك حسابه عندي ، اتفقنا
اتفقنا أستاذ
هل يلزمك شيء؟
لا أبدا ، سلامتك أستاذ .
أغلقت سماعة الهاتف ، وتهاويت مذهولة على مقعد قريب ، كنت مثل الغايب عن الوعي ، حتى أني لم أنتبه إلى أن زوجي قد دخل إلى البيت ، كان يقف قريباً مني وينظر إليّ ، مستغرباً:
مابك ؟ قالها ، والدهشة بادية عليه ثم أضاف : تعبانة ؟
لا أبداً حبيبي ، ماكو شي ، شاردة شويه ، تدري اليوم سلموني سيارة من اللجنة
سيارة ، دفعة واحدة ، ألف مبروك ، أين هي ؟
في الخارج ، أمام الباب ، ألم ترها حين دخلت ؟
لا لم أر شيئاً
لايمكن .
اندفعت راكضة الى الخارج ، وكانت السيارة تقف قرب سيارة زوجي الذي وقف مندهشا وقال :
أقسم بالله بأنها لم تكن موجودة حين أتيت
حبيبي ، كيف لم تكن موجودة ، يمكن أنت لم تنتبه .
عفوا سيدتي ، كيف كنت متأكدة من أن السيارة موجودة في الخارج ، على الرغم من أنك تركتها أمام باب اللجنة الأولمبية ، أين يقع بيتكم ؟
يعني أنا كنت متأكدة ، لاأدري يمكن لأن عدي قال لي بأن السيارة ستكون أمام باب البيت بعد قليل ، ومقراللجنة يبعد عن بيتنا بحدود ربع ساعة بالسيارة ، كنا نسكن في المنصور قرب الأسواق المركزية ، ومقر اللجنة بشارع فلسطين ، يمكن حتى اقل من ربع ساعة .
ماذا فعل زوجك بعد ذلك ؟
لم يفعل شيئا ، بارك لي مرة ثانية ، وقال لي إني لازم أحصل على شهادة قيادة .
مدام ، هل يمكن أن أسألك لماذا أخفيت الحقيقة عن زوجك؟
أية حقيقة؟!
حقيقة السيارة ، واتصال عدي بك ، ولقائك به
أنا لم أخف تلك الأشياء عنه بقصد ، لكن لم أرغب في إزعاجه ، كان زوجي حساسا جدا ، وكنت أعرف طبيعته جيدا ، واذا قلت له تلك الأشياء كان سيغضب ، وسينزعج ، وأنا لا أريد إزعاجه .
يعني في رأيك الموضوع كان مزعجاً؟
طبعا مزعج ، مزعج جدا أيضاً ، وصدقني أنا الآن نادمة كثيرا لأني لم أخبر زوجي بما حدث في وقتها يمكن كانت الأمور ستكون مختلفة ، يعني كان ممكن الذي حدث لم يحدث، ولكن حسبي الله ونعم الوكيل ، أحيانا الشيطان يصور الأمور للإنسان عكس ماهي في الواقع ، ربما لو قلت له لما دفعنا الثمن جميعنا .
صارت سلمى تبكي بألم ، ولم أدر ماالذي يمكن أن أفعله لمساعدتها ، غادرت الغرفة وأحضرت لها كأس ماء وعدت ، تناولت من يدي الماء وشربته دفعة واحدة ، مسحت دموعها ، وتابعت الحديث:
مر أسبوعان دون أن يتصل بي عدي أو يرسل لي أحدا من طرفه فحمدت الله أن الأمور كانت تسير بهذه الصورة ، لا أخفيك كنت أحس أن هناك تهامسا في اللجنة حول موضوع السيارة التي قدمها الأستاذ لي يعني حضرتك تعرف الناس يتكلمون ، ليس علناً أكيد بل همساً، وصرت أحس أن هناك من يلاحقني أينما ذهبت ، قال لي أبو هادي مرة : انتبهي جيدا ياابنتي ، أنت جميلة ، والعيون كلها تلاحقك ، قلت له مستغربة : ماذا تقصد ؟ قال : أنا لاأقصد شيئا ، المهم أنت مثل ابنتي .
بعد أسبوعين تماما جاءني الى مكتبي في اللجنة واحد من رجال عدي وأخبرني أن الاستاذ يطلبني الى مكتبه ، تعرف كنت كأني أنتظر هذا الاستدعاء فربما ارتاح من القلق الذي كنت أعيش فيه ، كان ثمة شيء يجعلني دائما وطيلة الأيام التي مرت قبل أن يطلبني عدي الى مكتبه أشعر بنوع من التوتر ، زوجي لاحظ ذلك وسألني أكثر من مرة عن السبب وكنت أقول له بأن السبب هو التعب من العمل والحمل
الحمل؟
نعم ، لقد كنت حاملا في الشهر الأول
ذهبت اذن لمقابلة عدي بعد أن طلبك الى مكتبه
طبعا ، دخلت الى المكتب ، وكان يجلس على الأريكة وليس على كرسيه ، فور دخولي بادرني قائلا:
أهلا بمترجمتنا الشجاعة ، كيف الأحوال ؟
الحمد لله ، الله يخليك أستاذ
أشار لي بأن أجلس إلى جانبه فجلست ، كانت الأريكة كبيرة ، نظر إليّ وأنا جالسة ، تأمل وجهي بشكل فيه شيء من الوقاحة ، ثم قال : مرتاحة بالشغل ؟
الحمدلله أستاذ مرتاحة ، وأشكرك على السيارة
السيارة ! آه تذكرت ، هذا شيء بسيط ، أنت موظفة ممتازة ، وتستحقين أكثر من ذلك ، زوجك مهندس بالدورة أليس كذلك؟
نعم أستاذ
مرتاح في العمل ؟
نعم أستاذ
إن شاء الله لايوجد إزعاج
لا الحمدلله أستاذ ، ماكو أي إزعاج ، الامور بخير
أنا ، أنت تعرفين الناس الذين يعملون معي أحب أن يكونوا مرتاحين تماما ، ولا ينقصهم شيء.
الله يخليك أستاذ
سكت عدي ، وماعاد يتكلم نهض ، وسار باتجاه طاولة مكتبه ، حمل جهاز التحكم وأدار التلفزيون ، ثم أشعل سيجاره ، وصار يتفرج على برنامج كان يبث على التلفزيون، التفت إلي وقال ضاحكا:
مدام ، ممكن أن تذهبي اذا أردت
شكرا أستاذ
لم يجب ولم يلتفت الي ، غادرت مكتبه ، وتوجهت الى مكتبي، جلست شاردة حتى وقت نهاية الدوام، يعني لم أفهم ماالذي يريده هذا الشخص الغريب الطباع
ألم تفكري بترك العمل بسبب هذه التصرفات الغريبة؟
لا أبدا ، يعني كانت تصرفاته لاتوحي بأي شيء ، كان ورغم كل مايقال عنه من حدة الطبع والقسوة وحب التسلط ، هذه الصفات كان الناس كلهم يعرفونها عنه ، لكنه كان هادئا ومريحا اثناء حديثه ، ولو أن تصرفاته كان فيها شيء من الغرابة ، المهم ، الأمور استمرت هكذا حتى جاءني في احد الأيام وقبل أن أغادر مقر اللجنة متوجهة الى بيتي ، جاءني مرافقه وقال لي الأستاذ عنده سهرة غداً وهو يدعوك للحضور بمفردك ، طبعا لاأدري احسست بأني لم أسمع بشكل جيد ، تصدق ، دخت وصرت اشوف الدنيا تدور ، سألت المرافق: عفوا ماذا قلت؟
أجابني بشيء من الانزعاج :قلت لك الاستاذ يدعوك لحضور سهرة في مزرعته، الساعة السابعة سوف آتي لاصطحابك من أمام منزلك غداً في السادسة والنصف .
دارت الأرض بي ، لم أدر ماذا أصابني ، أحسست كأن أمعائي تقطعت ، لم أعد قادرة على رؤية شيء مما يحدث أمامي ، لم أعد أرى ذلك المرافق ذا السحنة الكريهة ، صدقني تمنيت الموت في تلك اللحظة قبل أن أقول للمرافق: سهرة ، لكن زوجي لايقبل أن أذهب
ضحك المرافق وقال بغطرسة: لما الأستاذ يدعوك ، يجب أن توافقي ، هذه الدعوة غير قابلة للمنقشة أو الرفض ، مفهوم
انفجرت غاضبة ، وصرخت في وجهه : قلت لك لاأستطيع ، أنا امرأة متزوجة ، وهذه السهرات لاتناسبني ، افهمني ، افهمني ، افهمني أرجوك.
رد ببرود شديد : أفهمك ؟ لماذا تطلبين مني أن أفهمك إذا كان كلامك أصلا ليس مفهوماً؟ الموضوع بسيط ولايحتاج الى كل هذا الصراخ ، إما أن تكوني مع الأستاذ أو أنت تعرفين ماالذي يمكن أن يحدث.
يعني أن تكوني جاهزة ومستعدة في تمام الساعة السادسة والنصف غدا ، ولا تذهبي الى العمل في الصباح حتى تكوني مرتاحة أثناء السهرة، هذه هي التعليمات وعليك تنفيذها


في الحلقة الثالثة :

** كان الخوف والاستغراب يعم الشوارع والبيوت ، ** لم يدر أحد حقيقة مايجري ..** يقوول بصووت مهمووس :: الجيش العرااقي يدخل الكويت ..

(( لننتظر ونرى ..
 

شـبـێـہ ٱلـرێـح

عضوية معلقة
إنضم
3 يناير 2009
المشاركات
0
مستوى التفاعل
487
النقاط
47
الإقامة
انتـظـرونـي ان شـآء الله ^ *
الحلقة الثالثة :

سيدتي ،سألتك من قبل وأعود لأسألك مرة أخرى لماذا لم تنسحبي من العمل ،
وتغادري هذا العالم الذي كنت محاصرة فيه؟
خوية ، أنت لا تعرف الظروف التي كنت أمر بها ، ولأجل هذا فأنت تقول لي لماذا لم أترك العمل ، طيب اسمع أنا فكرت بالأمور هكذا ماذا سأقول لزوجي ؟يعني كيف سأبرر له سبب تركي العمل ؟
كان ممكن أن تقولي له بأنك تعبت من العمل بسبب الحمل مثلا على اعتبار أنك كنت حاملا في الشهر الثالث على ما أظن؟
نعم في الشهر الثالث ، لكن صدقني كل هذا ما خطر في بالي ، يعني لاأدري يمكن كنت خائفة ، أو أي شيء، المهم هذا الذي حدث .
انفجرت سلمى باكية ، بل كانت تنتحب ، حاولت التخفيف عنها لكنها لم ترد عليّ ، ظلت تبكي حتى تورمت عيناها ، ثم قالت وهي منهارة تماما
أدري بأني أخطأت ، نعم ، أعرف كل هذا ، لكن هذا ما حدث ، وقد دفعت الثمن غالياً، فأرجوك لا تحاسبني .
عفوا سيدتي أنا لا أقصد محاسبتك ، لكني أتساءل فقط ، فلنعد الى الموضوع اذا سمحت ، هل لبيت دعوة عدي الى سهرته في اليوم التالي ؟
حين عدت الى البيت ظللت ساكتة وجالسة في غرفتي حتى العاشرة مساء ، لم أستجب لنداءات زوجي المتكررة لي كي أشاركه الجلوس في الغرفة الثانية التي يوجد فيها التلفزيون ، تحججت له بالإرهاق والشعور بالغثيان بسبب الحمل ، طلب مني أن يأخذني الى الدكتور فرفضت قلت له بأني اتصلت بالدكتور وقال لي بأني بخير ولا داعي لذهابي الى عيادته.
وهل اتصلت بالدكتور فعلا؟
طبعا لا ، لأني كنت أعرف بأني لا أعاني أية مشاكل ، ظللت أفكر فيما علي فعله ، هل سأذهب أم لا ؟ هل سأذهب أم لا؟ طرحت هذا السؤال على نفسي أكثر من مئة مرة ، ولم أجد جوابا، لم أدر في أية ساعة نمت ، ولكن حين فتحت عيني في الصباح كان الضجيج يعم المكان ، تخيلت أشياء عديدة ، وفكرت في الكثير الكثير
الضجيج يعم المكان ! تقصدين في البيت ؟
لا يا أستاذ ، في الشارع ، في المحلة كلها ، أصوات الناس كانت مرتفعة وهم يحكون عن موضوع ما، فكرت بيني وبين نفسي أن يكون عدي جاء الى بيتنا ليأخذني وقد تشاجر معه زوجي ، يعني أفكار كثيرة مثل هذه وكلها كان عدي طرفا فيها ، لبست ثيابي وخرجت الى الشارع ، كان زوجي يقف أمام الباب وكان يبدو مستغربا ، والى جانبه واحد من الجيران وهما يتحادثان بصوت منخفض ، وعلى الجانب الثاني الكثيرون يقفون واحد منهم يحمل راديو وهم يستمعون معه الى صوت المذيع وهو يذيع بيانا عسكريا ، ظننت أن الحرب مع إيران والتي انتهت منذ سنتين عادت لتشتعل من جديد ، اقتربت من زوجي وسألته عن الذي يحدث فأجابني بصوت فيه نوع من الخوف : دخلنا الكويت . لم أفهم ما الذي كان يقصده ، أعدت السؤال عليه مرة أخرى لعلي أفهم : شنو يعني دخلنا الكويت؟ رد ضاحكا : يعني دخلنا الكويت الجيش دخل الكويت . لكزه الجار الذي يقف الى جانبه : اخفض صوتك كيلا يسمعك أحد ، صارا يضحكان وأنا ما زلت لا أفهم شيئاً، عدت الى البيت وأدرت جهاز التلفزيون كان المذيع يعلن أن قواتنا الباسلة لبت نداء الأخوة الذي أطلقه شرفاء من اهل الكويت ، ودخلت الكويت بناء على طلب من أبنائه لتخلصهم من حكامهم الطغاة . لم أصدق أذني ، يعني صحيح أنا لاأفهم في السياسة لكن الموضوع قلب كياني ، نسيت مشكلتي وهمي ، وقعدت أمام التلفزيون ، نسيت كل شيء وانشغلت بالأخبار ، شيء ليس معقولا ، غريب ، خرجت الى الشارع مرة أخرى ، كان زوجي قد ذهب الى عمله ، ركبت السيارة وانطلقت أجتاز الشوارع ، راقبت وجوه الناس ، كان الخوف والاستغراب يعم الشوارع والبيوت الوجوه تخفي الدهشة لم يدر أحد حقيقة ما يجري ، بينما الراديو يبث بيانات وأغاني وطنية كنا قد نسيناها أو تناسيناها بعد سنتين من توقف الحرب مع إيران .
المهم ، سيدتي هل يمكن أن نرجع الى موضوعنا الأساسي؟
نعم ، تدري في تلك الساعة والنصف التي أمضيتها في السيارة تمنيت ألا ينتهي الوقت تمنيت ان تتوقف عقارب الساعة ، كانت الساعة على ما أذكر تشير الى الواحدة ظهرا ، يمكن الواحدة والنصف ، المهم عدت الى البيت بسرعة ، أدرت التلفاز وجلست ، عاد زوجي من العمل وكان مرهقا ، تناول الغداء ونام ، وعلى الرغم من الحر الشديد ، بقيت جالسة في الغرفة ، دون أن أشغل جهاز التكييف ، استيقظ زوجي حوالي الرابعة والنصف ، شربنا شايا ولم اقل كلمة واحدة ، طبعا كان مستغربا موقفي ،لكني تحججت بالأخبار وحين ذكرت الأخبار انخرط في الحديث عن الأخبار وتحليلاته لما حدث ، قال بأن الأمر فيه خطأ ما ، لا يمكن أن يقدم الرئيس على مثل هذا العمل .
هل كان زوجك من أتباع النظام السابق؟
كيف يعني من أتباع النظام السابق؟
يعني هل كانت له صلات أو علاقات مع بعض المسؤولين ، يعني .....
نعم ، فهمت قصدك ، الحقيقة زوجي كان له أقارب كثيرون في الحرس الجمهوري ، يعني ضباط برتب عليا ، وبعض المسؤولين في الحزب .
يعني هم أقاربك أيضاً؟
ممكن نقول هذا ، لكن والدي الله يرحمه كان يبتعد عن أقاربه بسبب احتجاجهم على زواجه من امرأة غريبة ، لأن أمي كانت روسية وقد تزوجها أبي حين كان يخضع لدورة تدريبية في الاتحاد السوفييتي
وأين كانت أمك في تلك الفترة ؟
أمي ومنذ استشهاد أبي في حربنا مع ايران سافرت الى روسيا ، وجاءت الى العراق مرة واحدة بعد ذلك لكي تحضر حفل زفافي، وصارت تبعث لي رسائل فقط ، ورغم حاجتي الشديدة لها إلاّ أنها لم تأت لزيارتي لا في العراق ولا في هولندا .
إذا سيدتي ، يبدو من كلام زوجك بأنه لم يكن محتجاً على دخول القوات العراقية الى الكويت .
لا ليس هكذا ، لكن هو كان يعتقد أن في الموضوع سراً ما ، ولا يريد الاعتراف بأن دخول الكويت كان خطأً.المهم تجادلنا طويلا في الموضوع ، لم نشعر بالوقت وهو يمرُّ وحين نظرت الى الساعة المعلقة على الجدار المقابل كانت قد تجاوزت السابعة والنصف، شعرت بارتياح شديد ، وتغيرت تماما ، لأني أحسست بأني قد تخلصت من محنتي التي كنت واقعة فيها ، طلبت من زوجي أن نخرج لنتعشى في أحد المطاعم ، طبعا هو فوجئ كثيرا ، وفرح أيضا ، ما هي إلا دقائق حتى كنا خارج البيت فرحين وكأن الأخبار التي كان يبثها الراديو لم تكن تعنينا ، بل كأننا كنا نعيش في بلد ثانٍ ، صارت الأيام بعد الثاني من آب تمضي مسرعة وكانت أشهر حملي تزداد، وفي الشهر العاشر ، أخبرنا الأستاذ أبو هادي بأن الأستاذ يطلبنا لاجتماع عاجل في قاعة الاجتماعات، طبعا ساعتها عاد الرعب يسيطر علي ، وأحسست بأن الأستاذ سيعود لمحاصرتي ، في الوقت المحدد للاجتماع وكنا في قاعة الاجتماعات ، دخل الأستاذ عدي على غير عادته مسرعا ، جلس على كرسيه وبدأ يناقش بعض القضايا الخاصة بعمل اللجنة خصوصا في ظل التحديات التي يتعرض لها بلدنا وبأننا جميعا يجب أن نقف جنودا في سبيل خدمة بلدنا في الظرف التاريخي الحساس الذي جعل قوى الامبريالية العالمية تتكالب على عراقنا ، كل كلام عدي تركز حول ذلك الموضوع وقبل أن ينتهي الاجتماع قال بثقة : تعرفون بأن العراق سيخرج من هذه الأزمة قوياً، إن شاء الله، ثم غادر قاعة الاجتماعات بسرعة أيضا وكان خلفه حراسه ومرافقوه .
تقصدين أن عدي لم يتكلم معك ابدا؟
ولا كلمة واحدة ، ولم ينظر إلي حتى نظرة واحدة ، يعني شكرت الله كثيرا وقلت لا بد بأنه نسي موضوعي .
و لا حتى عن طريق أحد مرافقيه؟
أقول لك لم ينظر إلي نظرة واحدة ، يعني هذا الأمر حيّرني في البداية ، لكني حمدت الله وأقول بصراحة حين رجعت الى البيت كنت فرحة أكثر من الدنيا كلها ، الموضوع الذي كان يشل حركتي ويعطل تفكيري انتهى بقدرة قادر ، الله أراد لهذا الموضوع أن ينتهي فانتهى ، بعد ذلك صارت الأيام تمر عادية ، يعني المهم لا يوجد مشاكل وهكذا ظل الوضع كما قلت لك عادياً ،إلى أن بدأت قوات التحالف الدولي تقصف بغداد بوابل من القنابل التي لا تنتهي ، عشنا تلك الليلة السوداء برعب لا شبيه له ، ركضنا الى الملاجئ ، نحتمي من القذائف التي لم تكن تتوقف في الملاجئ كانت حركتي ثقيلة ، التحق زوجي بالجيش ، وأنا كنت وحيدة ، خائفة ، يعني تعرف الوضع امرأة في الشهر الثامن من الحمل وتركض وحدها والحرب لا عيون لها لترى ، أقصد القصف لا يفرق بين حامل أو غير حامل ، من ملجأ الى ملجأ مثل المجنونة، في اليوم الرابع أو الخامس جاءت عمتي الى البيت وطلبت مني السفر معها الى الرمادي ، قالت لي بأن الحرب في الرمادي ليست مثل بغداد
كيف ؟
يعني هي قالت بأن القصف في الرمادي أخف من بغداد
عفوا سيدتي ، لكن في ظروف الحرب كيف استطاعت عمتك السفر من الرمادي الى بغداد ؟
أثناء النهار كانت المعارك تهدأ كثيرا ، وكان القصف يتوقف تقريباً ، وكان الناس في النهار يتمونون لليلة التي ستمر عليهم والتي هي ليلة نارية كما كان يصفها أحد الجيران ، حين كنا نذهب الى الملجأ للاختباء، المهم أني سافرت مع عمتي الى الرمادي ، وفعلا كان تحت بيتهم قبو واسع مجهز بشكل كامل ، كان عبارة عن بيت كامل تحت الأرض ،في اليوم العشرين للقصف انتابتني آلام المخاض ، نقلتني عمتي وابنتها الى بيت داية قريبة من منزلهم ،كان الوقت منتصف الليل تقريباً ، وفي تلك الليلة أنجبت ولدي .
هل يمكن أن تحددي لنا اليوم تماماً؟
بكل تأكيد ، في الخامس من شباط عام 2001، وهكذا ظللت في بيت عمتي حتى انتهت الحرب ، وانتهت أعمال الفوضى التي سادت بغداد بعد انتهاء الحرب ، قررت الرجوع إلى بغداد وكان عمر ابني قد تجاوز الأربعة أشهر.
وأين كان زوجك طيلة هذه الفترة؟
صدقني كانت الأخبار التي تردنا منه قليلة ، يعني كان في الجنوب ، وثم وصلتنا رسالة منه تقول بأنه في بغداد ، وهكذا يعني لا يوجد شيء مؤكد عن المكان الذي كان موجودا فيه .
مدام إذن عدت الى بيتك تحملين ولدك الصغير البالغ أربعة أشهر ، وأنت وحيدة من جديد ، كيف فكرت أن تعيشي ؟
المشاكل كانت قد انتهت في بغداد تماما ، والحياة رجعت الى طبيعتها ، أكيد ليس مثلما كانت لكن لم يكن هناك لا حرب ولا ضرب.بعد أسبوع من عودتي تقريباً عاد زوجي إلى البيت ، والتحق في اليوم الثاني بعمله ، ورشة الإعمار وإعادة البناء كانت لا تهدأ لا ليلاً ولا نهاراً وكان على زوجي أن يكون متواجداً في مصفاة الدورة حوالي عشرين ساعة في اليوم كان يأتي إلى البيت فقط لينام ، بعد حوالي أسبوعين رن جرس الباب وكنت أرضع ولدي ، تركته على السرير وذهبت لفتح الباب ، وكان يقف خلفه أحد معاوني الأستاذ عدي ، سلّم بكل تهذيب وقال لي بأن أبدأ دوامي في اللجنة اعتباراً من بداية الأسبوع المقبل ، نزل كلامه على رأسي مثل الصاعقة تماماً ، وعاد الخوف الذي كان يسكنني قبل الحرب يسيطر علي ويحوّل حياتي جحيماً ، كنا على ما أذكر في يوم الأربعاء ، كان صوت بكاء ابني يملأ البيت ومع هذا فلم انتبه الى بكائه إلاّ بعد خمس دقائق يمكن ، حملته وصرت أبكي ، وصرت أصرخ مثل المجنونة تماماً : لماذا،لماذا ،لماذا؟ صار الولد يبكي خائفاً ، فحاولت إسكاته، مرت اليام الثلاثة التي تلت مجيء معاون عدي الى بيتي كأنها الموت ، صدقني كانت أيام القصف والحرب والملاجئ أهون علي من تلك الأيام الثلاثة، صحيح كان هناك خوف ورعب لكنه لا يعادل الخوف الذي كنت احسه وحدي ، يمكن أيام الحرب على اعتبار أني لم أكن وحيدة في الخوف والقلق ، كان هذا يهون الأمور قليلا ، لكن أن يكون الواحد خائفا ومحاصرا بمفرده ، فهذا أصعب شيء يمكن أن يعيشه إنسان ، يوم الجمعة وحين عاد زوجي من عمله ليلا قلت له بأننا يجب أن نغادر بغداد ونذهب للسكن في الرمادي قرب أقاربنا ، انفجر ضاحكا ، وكأني قلت له نكتة ، صدقني ظل يضحك وقتا طويلا ، ثم قال لي يعني لو كان هذا من قبل كان يمكن نفكر بالموضوع لكن الآن لا يمكن ، أنت ترين وضع البلد ، يعني لن يسمحوا لي بالتفكير بهذا الأمر ابداً ، ثم ما السبب الذي يجعلك تطلبين مني هذا الطلب المفاجئ والغريب؟
صدقني لم أدر ماذا أقول له ، لكني تحججت بظروف الحياة ، على اعتبار أن الرمادي أكثر أمانا من بغداد، لكن زوجي رفض سماع بقية تبريراتي ، وأدار ظهره لي ونام ، كأنه تركني في الجحيم ، لا هو تركني في الجحيم وحيدة ومضى في احلامه.
مدام سلمى ، هل قلت لزوجك بأنك لم تعودي راغبة في العمل ، يعني لأجل الطفل مثلا ، كان هذا سيكون عذرا مناسبا لك لتتركي ذلك ( الجحيم)كما قلت ، أليس كذلك؟
نعم صحيح ، وأنا فعلا قلت له في الصباح بأني أريد ترك العمل ، صدمني رفضه ، تصور قال لي الظروف الآن غير مناسبة لتتركي العمل ، أو حتى لتبحثي عن عمل جديد ، اللجنة الأولمبية حلم للناس ، هل نسيت بأنهم أعطوك سيارة ، ومرتبك أفضل من مرتبي مع إني أعمل ساعات عمل طويلة ، وطبيعة عملي متعبة أصلا ، أردت أن أصرخ في وجهه أنت لاتعرف لماذا أعطوني السيارة ، لكني تمالكت أعصابي ، بلعت السكين وسكتُّ كما يقولون ، وكان عليّ أن أرضى بما كتب عليّ، ركبت سيارتي وانطلقت لا أدري الى أين أذهب.
وأين تركت ولدك؟
أخذته معي .
إلى العمل ؟
لا ، لم أكن قررت الذهاب إلى العمل ، فكرت فقط أضيع الوقت ، يعني لا أدري أحببت أن يمر النهار ربما يحدث شيء يغير الأمور ، تصدق تمنيت في تلك اللحظة ان أتعرض لحادث مثلاً ، ..... هكذا كنت أفكر ، لكن مر الوقت ولم يحدث شيء ولم يتغير شيء ، وبينما كنت أمر في شارع فلسطين ، فكرت بالمرور الى اللجنة يعني فكرت ممكن أقدم إجازة مثلا ، وفعلا ، دخلت الى اللجنة الأولمبية وأنا أحمل صغيري ، سرت الى مكتبي بخطوات مرتبكة خائفة ، وقبل أن أجلس رن جرس الهاتف ، رفعت السماعة وسمعت صوته ، فسرى الخوف والرعب في مفاصلي ، قال لي : الحمد لله على السلامة ، هدية الصغير ستكون حالا في مكتبك ، هل أنت بخير طمنيني ........
تصور صرت أحكي بصوت غير صوتي ، قلت له : شكرا أستاذ ، أنا أشكرك ، أشكرك كثيرا ، ضحك عدي وقال : باي ، اغلق السماعة وظللت شاردة لحظات الى أن دخل مرافق الأستاذ يحمل علبة في يده قال مبتسما : هذه هدية من الأستاذ للصغير ، ثم ترك المكتب .
سيدتي ، عفوا لمقاطعتك ، لكن وبعد كل ما رويته لم تصلي بعد الى ما أسميته مأساة ، فهل ظلت الأمور تجري بهذه الطريقة ؟
قلت لك منذ البداية بأن قصتي طويلة ، وذكر هذه التفاصيل ضروري لأنها التي أوصلتني الى ما أنا فيه الآن.
هل تابعت دوامك حتى انتهاء وقت العمل الرسمي ؟
لا ، خرجت مباشرة
وهل أخذت الهدية معك ؟
نعم ، لأني لو تركتها لأحضروها لي الى البيت كما حدث مع السيارة تماما ، على الأقل هكذا فكرت ساعتها ، ولكن صدقني حتى هذه اللحظة لا أعرف ما الذي كان موجودا في العلبة .
إذن ، أنت لم تفتحي العلبة ، ولم تري الهدية ؟
أبداً، أخذت العلبة وذهبت الى البيت وضعتها في المطبخ ، قرب الأواني التي لا نستخدمها ، وتركتها هناك.سألت جارتي إن كانت تعرف مربية يمكن أن تجلس مع الطفل حين أكون في الدوام ، فأرشدتني الى واحدة ، ذهبت واتفقت معها على أن تبدأ العمل في اليوم التالي.
إذن ، مدام سلمى قررت الذهاب الى العمل؟
في الحلقة القادمة:
أبلغوني بما حدث معه على الهاتف فسقطت على الأرض !!


الحلقة الثالثة :

سيدتي ،سألتك من قبل وأعود لأسألك مرة أخرى لماذا لم تنسحبي من العمل ،وتغادري هذا العالم الذي كنت محاصرة فيه؟
خوية ، أنت لا تعرف الظروف التي كنت أمر بها ، ولأجل هذا فأنت تقول لي لماذا لم أترك العمل ، طيب اسمع أنا فكرت بالأمور هكذا ماذا سأقول لزوجي ؟يعني كيف سأبرر له سبب تركي العمل ؟
كان ممكن أن تقولي له بأنك تعبت من العمل بسبب الحمل مثلا على اعتبار أنك كنت حاملا في الشهر الثالث على ما أظن؟
نعم في الشهر الثالث ، لكن صدقني كل هذا ما خطر في بالي ، يعني لاأدري يمكن كنت خائفة ، أو أي شيء، المهم هذا الذي حدث .
انفجرت سلمى باكية ، بل كانت تنتحب ، حاولت التخفيف عنها لكنها لم ترد عليّ ، ظلت تبكي حتى تورمت عيناها ، ثم قالت وهي منهارة تماما
أدري بأني أخطأت ، نعم ، أعرف كل هذا ، لكن هذا ما حدث ، وقد دفعت الثمن غالياً، فأرجوك لا تحاسبني .
عفوا سيدتي أنا لا أقصد محاسبتك ، لكني أتساءل فقط ، فلنعد الى الموضوع اذا سمحت ، هل لبيت دعوة عدي الى سهرته في اليوم التالي ؟
حين عدت الى البيت ظللت ساكتة وجالسة في غرفتي حتى العاشرة مساء ، لم أستجب لنداءات زوجي المتكررة لي كي أشاركه الجلوس في الغرفة الثانية التي يوجد فيها التلفزيون ، تحججت له بالإرهاق والشعور بالغثيان بسبب الحمل ، طلب مني أن يأخذني الى الدكتور فرفضت قلت له بأني اتصلت بالدكتور وقال لي بأني بخير ولا داعي لذهابي الى عيادته.
وهل اتصلت بالدكتور فعلا؟
طبعا لا ، لأني كنت أعرف بأني لا أعاني أية مشاكل ، ظللت أفكر فيما علي فعله ، هل سأذهب أم لا ؟ هل سأذهب أم لا؟ طرحت هذا السؤال على نفسي أكثر من مئة مرة ، ولم أجد جوابا، لم أدر في أية ساعة نمت ، ولكن حين فتحت عيني في الصباح كان الضجيج يعم المكان ، تخيلت أشياء عديدة ، وفكرت في الكثير الكثير
الضجيج يعم المكان ! تقصدين في البيت ؟
لا يا أستاذ ، في الشارع ، في المحلة كلها ، أصوات الناس كانت مرتفعة وهم يحكون عن موضوع ما، فكرت بيني وبين نفسي أن يكون عدي جاء الى بيتنا ليأخذني وقد تشاجر معه زوجي ، يعني أفكار كثيرة مثل هذه وكلها كان عدي طرفا فيها ، لبست ثيابي وخرجت الى الشارع ، كان زوجي يقف أمام الباب وكان يبدو مستغربا ، والى جانبه واحد من الجيران وهما يتحادثان بصوت منخفض ، وعلى الجانب الثاني الكثيرون يقفون واحد منهم يحمل راديو وهم يستمعون معه الى صوت المذيع وهو يذيع بيانا عسكريا ، ظننت أن الحرب مع إيران والتي انتهت منذ سنتين عادت لتشتعل من جديد ، اقتربت من زوجي وسألته عن الذي يحدث فأجابني بصوت فيه نوع من الخوف : دخلنا الكويت . لم أفهم ما الذي كان يقصده ، أعدت السؤال عليه مرة أخرى لعلي أفهم : شنو يعني دخلنا الكويت؟ رد ضاحكا : يعني دخلنا الكويت الجيش دخل الكويت . لكزه الجار الذي يقف الى جانبه : اخفض صوتك كيلا يسمعك أحد ، صارا يضحكان وأنا ما زلت لا أفهم شيئاً، عدت الى البيت وأدرت جهاز التلفزيون كان المذيع يعلن أن قواتنا الباسلة لبت نداء الأخوة الذي أطلقه شرفاء من اهل الكويت ، ودخلت الكويت بناء على طلب من أبنائه لتخلصهم من حكامهم الطغاة . لم أصدق أذني ، يعني صحيح أنا لاأفهم في السياسة لكن الموضوع قلب كياني ، نسيت مشكلتي وهمي ، وقعدت أمام التلفزيون ، نسيت كل شيء وانشغلت بالأخبار ، شيء ليس معقولا ، غريب ، خرجت الى الشارع مرة أخرى ، كان زوجي قد ذهب الى عمله ، ركبت السيارة وانطلقت أجتاز الشوارع ، راقبت وجوه الناس ، كان الخوف والاستغراب يعم الشوارع والبيوت الوجوه تخفي الدهشة لم يدر أحد حقيقة ما يجري ، بينما الراديو يبث بيانات وأغاني وطنية كنا قد نسيناها أو تناسيناها بعد سنتين من توقف الحرب مع إيران .
المهم ، سيدتي هل يمكن أن نرجع الى موضوعنا الأساسي؟
نعم ، تدري في تلك الساعة والنصف التي أمضيتها في السيارة تمنيت ألا ينتهي الوقت تمنيت ان تتوقف عقارب الساعة ، كانت الساعة على ما أذكر تشير الى الواحدة ظهرا ، يمكن الواحدة والنصف ، المهم عدت الى البيت بسرعة ، أدرت التلفاز وجلست ، عاد زوجي من العمل وكان مرهقا ، تناول الغداء ونام ، وعلى الرغم من الحر الشديد ، بقيت جالسة في الغرفة ، دون أن أشغل جهاز التكييف ، استيقظ زوجي حوالي الرابعة والنصف ، شربنا شايا ولم اقل كلمة واحدة ، طبعا كان مستغربا موقفي ،لكني تحججت بالأخبار وحين ذكرت الأخبار انخرط في الحديث عن الأخبار وتحليلاته لما حدث ، قال بأن الأمر فيه خطأ ما ، لا يمكن أن يقدم الرئيس على مثل هذا العمل .
هل كان زوجك من أتباع النظام السابق؟
كيف يعني من أتباع النظام السابق؟
يعني هل كانت له صلات أو علاقات مع بعض المسؤولين ، يعني .....
نعم ، فهمت قصدك ، الحقيقة زوجي كان له أقارب كثيرون في الحرس الجمهوري ، يعني ضباط برتب عليا ، وبعض المسؤولين في الحزب .
يعني هم أقاربك أيضاً؟
ممكن نقول هذا ، لكن والدي الله يرحمه كان يبتعد عن أقاربه بسبب احتجاجهم على زواجه من امرأة غريبة ، لأن أمي كانت روسية وقد تزوجها أبي حين كان يخضع لدورة تدريبية في الاتحاد السوفييتي
وأين كانت أمك في تلك الفترة ؟
أمي ومنذ استشهاد أبي في حربنا مع ايران سافرت الى روسيا ، وجاءت الى العراق مرة واحدة بعد ذلك لكي تحضر حفل زفافي، وصارت تبعث لي رسائل فقط ، ورغم حاجتي الشديدة لها إلاّ أنها لم تأت لزيارتي لا في العراق ولا في هولندا .
إذا سيدتي ، يبدو من كلام زوجك بأنه لم يكن محتجاً على دخول القوات العراقية الى الكويت .
لا ليس هكذا ، لكن هو كان يعتقد أن في الموضوع سراً ما ، ولا يريد الاعتراف بأن دخول الكويت كان خطأً.المهم تجادلنا طويلا في الموضوع ، لم نشعر بالوقت وهو يمرُّ وحين نظرت الى الساعة المعلقة على الجدار المقابل كانت قد تجاوزت السابعة والنصف، شعرت بارتياح شديد ، وتغيرت تماما ، لأني أحسست بأني قد تخلصت من محنتي التي كنت واقعة فيها ، طلبت من زوجي أن نخرج لنتعشى في أحد المطاعم ، طبعا هو فوجئ كثيرا ، وفرح أيضا ، ما هي إلا دقائق حتى كنا خارج البيت فرحين وكأن الأخبار التي كان يبثها الراديو لم تكن تعنينا ، بل كأننا كنا نعيش في بلد ثانٍ ، صارت الأيام بعد الثاني من آب تمضي مسرعة وكانت أشهر حملي تزداد، وفي الشهر العاشر ، أخبرنا الأستاذ أبو هادي بأن الأستاذ يطلبنا لاجتماع عاجل في قاعة الاجتماعات، طبعا ساعتها عاد الرعب يسيطر علي ، وأحسست بأن الأستاذ سيعود لمحاصرتي ، في الوقت المحدد للاجتماع وكنا في قاعة الاجتماعات ، دخل الأستاذ عدي على غير عادته مسرعا ، جلس على كرسيه وبدأ يناقش بعض القضايا الخاصة بعمل اللجنة خصوصا في ظل التحديات التي يتعرض لها بلدنا وبأننا جميعا يجب أن نقف جنودا في سبيل خدمة بلدنا في الظرف التاريخي الحساس الذي جعل قوى الامبريالية العالمية تتكالب على عراقنا ، كل كلام عدي تركز حول ذلك الموضوع وقبل أن ينتهي الاجتماع قال بثقة : تعرفون بأن العراق سيخرج من هذه الأزمة قوياً، إن شاء الله، ثم غادر قاعة الاجتماعات بسرعة أيضا وكان خلفه حراسه ومرافقوه .
تقصدين أن عدي لم يتكلم معك ابدا؟
ولا كلمة واحدة ، ولم ينظر إلي حتى نظرة واحدة ، يعني شكرت الله كثيرا وقلت لا بد بأنه نسي موضوعي .
و لا حتى عن طريق أحد مرافقيه؟
أقول لك لم ينظر إلي نظرة واحدة ، يعني هذا الأمر حيّرني في البداية ، لكني حمدت الله وأقول بصراحة حين رجعت الى البيت كنت فرحة أكثر من الدنيا كلها ، الموضوع الذي كان يشل حركتي ويعطل تفكيري انتهى بقدرة قادر ، الله أراد لهذا الموضوع أن ينتهي فانتهى ، بعد ذلك صارت الأيام تمر عادية ، يعني المهم لا يوجد مشاكل وهكذا ظل الوضع كما قلت لك عادياً ،إلى أن بدأت قوات التحالف الدولي تقصف بغداد بوابل من القنابل التي لا تنتهي ، عشنا تلك الليلة السوداء برعب لا شبيه له ، ركضنا الى الملاجئ ، نحتمي من القذائف التي لم تكن تتوقف في الملاجئ كانت حركتي ثقيلة ، التحق زوجي بالجيش ، وأنا كنت وحيدة ، خائفة ، يعني تعرف الوضع امرأة في الشهر الثامن من الحمل وتركض وحدها والحرب لا عيون لها لترى ، أقصد القصف لا يفرق بين حامل أو غير حامل ، من ملجأ الى ملجأ مثل المجنونة، في اليوم الرابع أو الخامس جاءت عمتي الى البيت وطلبت مني السفر معها الى الرمادي ، قالت لي بأن الحرب في الرمادي ليست مثل بغداد
كيف ؟
يعني هي قالت بأن القصف في الرمادي أخف من بغداد
عفوا سيدتي ، لكن في ظروف الحرب كيف استطاعت عمتك السفر من الرمادي الى بغداد ؟
أثناء النهار كانت المعارك تهدأ كثيرا ، وكان القصف يتوقف تقريباً ، وكان الناس في النهار يتمونون لليلة التي ستمر عليهم والتي هي ليلة نارية كما كان يصفها أحد الجيران ، حين كنا نذهب الى الملجأ للاختباء، المهم أني سافرت مع عمتي الى الرمادي ، وفعلا كان تحت بيتهم قبو واسع مجهز بشكل كامل ، كان عبارة عن بيت كامل تحت الأرض ،في اليوم العشرين للقصف انتابتني آلام المخاض ، نقلتني عمتي وابنتها الى بيت داية قريبة من منزلهم ،كان الوقت منتصف الليل تقريباً ، وفي تلك الليلة أنجبت ولدي .
هل يمكن أن تحددي لنا اليوم تماماً؟
بكل تأكيد ، في الخامس من شباط عام 2001، وهكذا ظللت في بيت عمتي حتى انتهت الحرب ، وانتهت أعمال الفوضى التي سادت بغداد بعد انتهاء الحرب ، قررت الرجوع إلى بغداد وكان عمر ابني قد تجاوز الأربعة أشهر.
وأين كان زوجك طيلة هذه الفترة؟
صدقني كانت الأخبار التي تردنا منه قليلة ، يعني كان في الجنوب ، وثم وصلتنا رسالة منه تقول بأنه في بغداد ، وهكذا يعني لا يوجد شيء مؤكد عن المكان الذي كان موجودا فيه .
مدام إذن عدت الى بيتك تحملين ولدك الصغير البالغ أربعة أشهر ، وأنت وحيدة من جديد ، كيف فكرت أن تعيشي ؟
المشاكل كانت قد انتهت في بغداد تماما ، والحياة رجعت الى طبيعتها ، أكيد ليس مثلما كانت لكن لم يكن هناك لا حرب ولا ضرب.بعد أسبوع من عودتي تقريباً عاد زوجي إلى البيت ، والتحق في اليوم الثاني بعمله ، ورشة الإعمار وإعادة البناء كانت لا تهدأ لا ليلاً ولا نهاراً وكان على زوجي أن يكون متواجداً في مصفاة الدورة حوالي عشرين ساعة في اليوم كان يأتي إلى البيت فقط لينام ، بعد حوالي أسبوعين رن جرس الباب وكنت أرضع ولدي ، تركته على السرير وذهبت لفتح الباب ، وكان يقف خلفه أحد معاوني الأستاذ عدي ، سلّم بكل تهذيب وقال لي بأن أبدأ دوامي في اللجنة اعتباراً من بداية الأسبوع المقبل ، نزل كلامه على رأسي مثل الصاعقة تماماً ، وعاد الخوف الذي كان يسكنني قبل الحرب يسيطر علي ويحوّل حياتي جحيماً ، كنا على ما أذكر في يوم الأربعاء ، كان صوت بكاء ابني يملأ البيت ومع هذا فلم انتبه الى بكائه إلاّ بعد خمس دقائق يمكن ، حملته وصرت أبكي ، وصرت أصرخ مثل المجنونة تماماً : لماذا،لماذا ،لماذا؟ صار الولد يبكي خائفاً ، فحاولت إسكاته، مرت اليام الثلاثة التي تلت مجيء معاون عدي الى بيتي كأنها الموت ، صدقني كانت أيام القصف والحرب والملاجئ أهون علي من تلك الأيام الثلاثة، صحيح كان هناك خوف ورعب لكنه لا يعادل الخوف الذي كنت احسه وحدي ، يمكن أيام الحرب على اعتبار أني لم أكن وحيدة في الخوف والقلق ، كان هذا يهون الأمور قليلا ، لكن أن يكون الواحد خائفا ومحاصرا بمفرده ، فهذا أصعب شيء يمكن أن يعيشه إنسان ، يوم الجمعة وحين عاد زوجي من عمله ليلا قلت له بأننا يجب أن نغادر بغداد ونذهب للسكن في الرمادي قرب أقاربنا ، انفجر ضاحكا ، وكأني قلت له نكتة ، صدقني ظل يضحك وقتا طويلا ، ثم قال لي يعني لو كان هذا من قبل كان يمكن نفكر بالموضوع لكن الآن لا يمكن ، أنت ترين وضع البلد ، يعني لن يسمحوا لي بالتفكير بهذا الأمر ابداً ، ثم ما السبب الذي يجعلك تطلبين مني هذا الطلب المفاجئ والغريب؟
صدقني لم أدر ماذا أقول له ، لكني تحججت بظروف الحياة ، على اعتبار أن الرمادي أكثر أمانا من بغداد، لكن زوجي رفض سماع بقية تبريراتي ، وأدار ظهره لي ونام ، كأنه تركني في الجحيم ، لا هو تركني في الجحيم وحيدة ومضى في احلامه.
مدام سلمى ، هل قلت لزوجك بأنك لم تعودي راغبة في العمل ، يعني لأجل الطفل مثلا ، كان هذا سيكون عذرا مناسبا لك لتتركي ذلك ( الجحيم)كما قلت ، أليس كذلك؟
نعم صحيح ، وأنا فعلا قلت له في الصباح بأني أريد ترك العمل ، صدمني رفضه ، تصور قال لي الظروف الآن غير مناسبة لتتركي العمل ، أو حتى لتبحثي عن عمل جديد ، اللجنة الأولمبية حلم للناس ، هل نسيت بأنهم أعطوك سيارة ، ومرتبك أفضل من مرتبي مع إني أعمل ساعات عمل طويلة ، وطبيعة عملي متعبة أصلا ، أردت أن أصرخ في وجهه أنت لاتعرف لماذا أعطوني السيارة ، لكني تمالكت أعصابي ، بلعت السكين وسكتُّ كما يقولون ، وكان عليّ أن أرضى بما كتب عليّ، ركبت سيارتي وانطلقت لا أدري الى أين أذهب.
وأين تركت ولدك؟
أخذته معي .
إلى العمل ؟
لا ، لم أكن قررت الذهاب إلى العمل ، فكرت فقط أضيع الوقت ، يعني لا أدري أحببت أن يمر النهار ربما يحدث شيء يغير الأمور ، تصدق تمنيت في تلك اللحظة ان أتعرض لحادث مثلاً ، ..... هكذا كنت أفكر ، لكن مر الوقت ولم يحدث شيء ولم يتغير شيء ، وبينما كنت أمر في شارع فلسطين ، فكرت بالمرور الى اللجنة يعني فكرت ممكن أقدم إجازة مثلا ، وفعلا ، دخلت الى اللجنة الأولمبية وأنا أحمل صغيري ، سرت الى مكتبي بخطوات مرتبكة خائفة ، وقبل أن أجلس رن جرس الهاتف ، رفعت السماعة وسمعت صوته ، فسرى الخوف والرعب في مفاصلي ، قال لي : الحمد لله على السلامة ، هدية الصغير ستكون حالا في مكتبك ، هل أنت بخير طمنيني ........
تصور صرت أحكي بصوت غير صوتي ، قلت له : شكرا أستاذ ، أنا أشكرك ، أشكرك كثيرا ، ضحك عدي وقال : باي ، اغلق السماعة وظللت شاردة لحظات الى أن دخل مرافق الأستاذ يحمل علبة في يده قال مبتسما : هذه هدية من الأستاذ للصغير ، ثم ترك المكتب .
سيدتي ، عفوا لمقاطعتك ، لكن وبعد كل ما رويته لم تصلي بعد الى ما أسميته مأساة ، فهل ظلت الأمور تجري بهذه الطريقة ؟
قلت لك منذ البداية بأن قصتي طويلة ، وذكر هذه التفاصيل ضروري لأنها التي أوصلتني الى ما أنا فيه الآن.
هل تابعت دوامك حتى انتهاء وقت العمل الرسمي ؟
لا ، خرجت مباشرة
وهل أخذت الهدية معك ؟
نعم ، لأني لو تركتها لأحضروها لي الى البيت كما حدث مع السيارة تماما ، على الأقل هكذا فكرت ساعتها ، ولكن صدقني حتى هذه اللحظة لا أعرف ما الذي كان موجودا في العلبة .
إذن ، أنت لم تفتحي العلبة ، ولم تري الهدية ؟
أبداً، أخذت العلبة وذهبت الى البيت وضعتها في المطبخ ، قرب الأواني التي لا نستخدمها ، وتركتها هناك.سألت جارتي إن كانت تعرف مربية يمكن أن تجلس مع الطفل حين أكون في الدوام ، فأرشدتني الى واحدة ، ذهبت واتفقت معها على أن تبدأ العمل في اليوم التالي.
إذن ، مدام سلمى قررت الذهاب الى العمل؟
في الحلقة القادمة:
أبلغوني بما حدث معه على الهاتف فسقطت على الأرض !!



وإلى اللقاء في الحلقة الرابعة ..


 

ابوسعد العبدلي

مشرف سابق
إنضم
9 أبريل 2008
المشاركات
5,417
مستوى التفاعل
81
النقاط
48
الإقامة
جده
بارك الله فيك ... اخي الغالي....

قصه من حلقات لم تكتمل بعد

لي عوده .... إنشاء الله.

تقديري وإحترامي....
 

شـبـێـہ ٱلـرێـح

عضوية معلقة
إنضم
3 يناير 2009
المشاركات
0
مستوى التفاعل
487
النقاط
47
الإقامة
انتـظـرونـي ان شـآء الله ^ *
الحلقة الرابعة ( باختصار ) :

بعد عدة محاولات أفلحت سلمى في إقناع زوجها بالذهاب إلى الرمادي عند أهلها علها تتخلص من مطاردة عدي لها ولكن المطاردة لم تهدأ ، وطلبت إلى مقر اللجنة الأولمبية فذهبت ولكنها رفضت مقابلة عدي وخرجت غاضبة ،، وفي الرمادي لما رأت أن المطاردة صارت أشد إضافة إلى علاقتها المتوترة بأهل أبيها طلبت من زوجها العودة إلى بغداد وبعد ذلك بأيام بلغها عن طريق الهاتف نبأ وفاة زوجها وهو في أحد المهام قضاء وقدرا .. ولكنه في الصحيح قتل فقد أخبرها بذلك أحد الأطباء سرا ... إذن لقد قتله عدي لتكون عشيقته ..

وبعد مقتله قررت السفر إلى بغداد ومن ثم الهرب نهائيا
وهذا موضوع الحلقة القادمة ..
 

شـبـێـہ ٱلـرێـح

عضوية معلقة
إنضم
3 يناير 2009
المشاركات
0
مستوى التفاعل
487
النقاط
47
الإقامة
انتـظـرونـي ان شـآء الله ^ *


الحلقة الخامسة :


روت لنا سلمى كيف انفجرت صارخة بأنها ترفض الذهاب الى مكتب عدي ومغادرتها اللجنة الأولمبية ثم تفاصيل وفاة زوجها في ظروف غامضة ، وهي اليوم تحكي كيف قررت التخلص من ملاحقة عدي صدام حسين لها بمساعدة واحدة من صديقاتها

** فهل تنجح في ما تريده ؟

سيدة سلمى الموضوع يحير ، قبل وفاة زوجك رحمه الله بيوم أو يومين كنت تطلبين منه السفر الى بغداد كي تتخلصي من مطاردة عدي لك ، والآن حين توفي زوجك
وأتيحت لك فرصة البقاء في الرمادي ، ترفضين !

ألا ترين معي أن الأمر بحاجة الى شيء من التفسير ؟

معك حق ، يعني يمكن تقول عني بأني مثلا..

عفوا لمقاطعتك مدام ، أنا لاأقول عنك شيئا ،
لكن أقول بأن الأمر بحاجة الى شيء من التفسير ..


نعم ، نعم ، مفهوم ، قلت لك بأن أقارب أبي عارضوا زواجه من أمي ، وحتى عماتي وأعمامي كانوا ينظرون إليّ نظرة فيها شيء من تقليل القيمة ، ولم يعاملوني أبدا على أني واحدة منهم ، ولولا احترامهم لزوجي الله يرحمه ، لما سمحوا لي بدخول بيوتهم .
الى هذه الدرجة؟
نعم ، أمي كانت تكره أهل أبي ، وطيلة فترة إقامتها في بغداد لم تسمح لأي واحد منهم بدخول بيتنا ، وكان أبي يوافق على كل ماتفعله ، حتى أنها في أحد الأيام ، وهذه الحادثة أذكرها جيدا ، طردت عمي الكبير من بيتنا ، ولم يعترض أبي على هذا السلوك .
ولماذا تصرفت أمك بهذه الطريقة مع أهل ابيك ؟
لا أدري ، يمكن هم السبب لأنهم عاملوها منذ البداية بطريقة غير جيدة ، يعني أرادوها أن تصير مثلهم ، وهي كانت تعتبرهم متخلفين وغير حضاريين ، أتذكر أنها قالت لأبي مرة أهلك ناس مثل الأغنام ، وصار يضحك ، ولم يمنعها عن قول هذا الكلام .
ولكنك قلت في بداية حوارنا بأنك من عائلة عراقية معروفة !
نعم ، عائلتي من أكبر عائلات العراق ، ولكن لهم تقاليدهم وقيمهم التي يؤمنون بها ، وأمي كانت متحررة وتريد أن يمشي الكون على مزاجها .
ولماذا لم يمنع والدك هذا الخلاف الذي كان قائماً بين أمك وأهله ؟
والدي كان يحب أمي كثيرا وكان على استعداد لمقاطعة العالم كله من أجلها ، يعني هو كان يرى العالم من خلالها ، هكذا كنت أسمعه يقول لها دائماً.
ولكن هذه الأسباب لاتشكل مبررا يجعلك ترفضين الذهاب للسكن مع عشيرتك ، وتفضلين البقاء وحيدة في بغداد تحت أنظار عدي صدام حسين .
أنت يا أستاذ لا تفهم ما الذي كانوا يخططون له . لقد كانوا يخططون لتزويجي بواحد من أولاد عمومتي ، وهو واحد همجي ، يعمل راعي غنم ، هكذا سمعتهم يتحدثون في إحدى الليالي ، ولذلك فقد أخبرتهم بأني لا استطيع لأني أعمل مع الأستاذ عدي صدام حسين ، طبعا مجرد ذكر الاسم جعلهم لا يناقشونني كثيرا في الموضوع ، بل سكتوا جميعا ، حملت صغيري ، وركبت سيارتي عائدة الى بيتي في بغداد .
إذن اخترت العودة لمواجهة الجحيم ؟
نعم ، لكن كانت عندي خطة للهروب من كابوس عدي ومن جحيمه.
وماهي تلك الخطة ياسيدة سلمى؟
حين رجعت الى بيتي في بغداد كان الشيء الأول الذي فعلته هو الاتصال بصديقتي لي اسمها تماضر
هل هذا اسمها الحقيقي؟
نعم ، هذا اسمها الحقيقي ، والأسماء كلها التي سأذكرها هي اسماء حقيقية وليست وهمية ، فقط اسمي أنا هو اسم مستعار
ولكن سيدة سلمى ولا مرة ذكرت اسم زوجك أو ابنك ، دائماً تقولين زوجي و ابني .
لايمكنني ذكر اسم زوجي الله يرحمه أبداً ، لأني لا أريد الإساءة الى ذكراه ، واذا ذكرت اسمه فالناس كلهم سيعرفون من أنا، وأنا لاأريد هذا الأمر أن يحدث .
عفوا لمقاطعتك ، وتماضر هذه ماذا كنت تريدين أن تقدم لك ؟
تماضر لها علاقات واسعة مع الكثير من الناس ذوي النفوذ ، يعني عملها كان في وزارة الخارجية ، مترجمة، اتصلت بها لأنها من الممكن أن تساعدني في مسألة هروبي من العراق.
اذن فقد فكرت في الهروب من العراق؟
برأيك هل كان عندي خيار آخر ! طبعا كان لازم أهرب من العراق ، آخر مرة طلعت من اللجنة قررت إني لن أرجع اليها أبدا ، وبعد أن مات زوجي كان من سابع المستحيلات إني أقدر أعيش وحيدة ، يعني أنا تركت العمل وعندي طفل الوضع مأساوي ، خوية ، صدقني الحياة كانت صعبة للغاية .
ولكن زوجك كان موظفا ، وأكيد مرتبه يصرف لك ولولده بعد وفاته أليس هذا صحيحاً؟
صحيح ، لكن البلد كان محاصرا ، والظروف صعبة ، لاشيء مضمون ، وكان الهروب هو الحل الوحيد
لكن المعلوم أنه كانت هناك قيود على سفر العراقيين في سنوات الحصار الأولى ؟
نعم ، هذا صحيح لكن تماضر ومن خلال علاقاتها بالخارجية ، وعدتني أن تؤمن لي سفرا على اساس العلاج ، يعني اتفقنا أنا وهي حين جاءت لزيارتي في المساء على أن تؤمن لي تقريرا طبيا مزورا على اساس أني أشكو من مرض خطير ويجب أن أسافر الى الخارج للعلاج، ودعتني تماضر مطمئنة الى أن كل الأمور ستمشي كما خططنا وطلبت مني ألا أغادر البيت حتى تجيء هي .
والصغير ؟ أقصد ولدك ؟
كان أيضا سيسافر معي ، هكذا قالت لي تماضر لأني مسؤولة عنه ، ولايمكن تركه وحيدا ، وهو لم يبلغ السنتين .
سيدتي هل يمكن أن تحددي لنا التاريخ تماما ؟
طبعا ، كنا يمكن في الشهر الثالث عام 1992
وهل نجحت خطتك مع تماضر ؟
تنفجر سلمى باكية ، وتأخذها موجة البكاء التي انتابتها دقائق بعيدا عني وعن الحالة التي كانت فيها قبل أن أطرح عليها سؤالي ، يبدو وجهها شاحبا ومتعبا ، وتبدو متألمة ، وهي تضغط على ركبتيها بشدة وتنتحب ، طلبت مني أن أحضر لها كاس ماء فغادرت الغرفة وتعمدت تركها قرابة الربع ساعة وحيدة ، كنت أسمع صوتها تنتحب ، وحين شعرت بأنها هدأت قليلا دخلت ، تناولت مني كأس الماء بسرعة وشربته دفعة واحدة ، ثم قالت :
شكرا لك ، كنت بحاجة فعلا للبكاء ، شكرا لأنك تركتني أبكي كما أريد حتى أرتاح ، سألتني إن كانت خطتي مع تماضر قد نجحت ، خوية لونجحت الخطة لم أصل أبدا لأن أعيش في مأساة ، أستاذ يمكن قلت لك بأن كل شيء كان ضدي .
هل يمكن أن ندخل في التفاصيل؟
طبعا ، تمام الواحدة والنصف بعد ظهر اليوم التالي ، رن جرس الهاتف ، رفعت السماعة فإذا بها تماضر ، قالت لي : إن شاءالله الأمور كلها تمام ، اليوم في السابعة مساء سأمر لاصطحابك كي نذهب ونقابل الدكتور الذي سيجهز لك التقرير الطبي المطلوب . طرت من الفرح وأنا أحس أن أموري ستكون بخير وجلست أنتظر مجيء تماضر ، تصور نسيت أن آكل كنت مشغولة يعني صرت أفكر ببيع البيت والأثاث لتأمين مصاريف السفر وحاجات أخرى ، كانت البنت المربية موجودة مع الطفل ، وأنا مشغولة بالأشياء التي ذكرتها، في السابعة إلا خمس دقائق تقريبا ، رن جرس الباب ، ركضت بسرعة وفتحت الباب فلم تكن تماضر هي التي رنت الجرس ، كان رجلا غريبا لا أعرفه ، قال لي : مرحبا سيدتي ، أرسلتني الأستاذة تماضر كي أصطحبك الى عيادة الدكتور هي لم تستطع أن تأتي لأنها أصيبت بصداع مفاجئ ، قلت للرجل :عفوا ، لكن من حضرتك؟ قال بهدوء : أنا موظف مع الأستاذة تماضر في وزارة الخارجية ، وهي طلبت مني أن آتي لاصطحابك ، وقالت إنها يمكن أن تأتي الى هناك بعد قليل .أخبرت المربية بأني سأذهب ولن أتأخر ، وفعلا ركبت في المقعد الخلفي للسيارة ، وقاد الرجل الذي بدا مهذبا للغاية ، وكان يقود بهدوء شديد .وهو يدندن أغنية لايمكن أن أنساها في يوم من الأيام ، كان يغني : من ورا التنور تناوشني الرغيف ، لاني مجنونة ولا عقلي خفيف ، ظل يردد هذا المقطع طيلة الطريق ، المسافة استغرقت حوالي الربع ساعة ، وهو يردد هذا المقطع فقط ، يعني تصدق أصابني صداع شديد من صوته ، وقلت بيني وبين نفسي يمكن صوته هو سبب الصداع الذي أصاب تماضر ، توقفنا أمام بناء في الكرادة ، نزلت من السيارة ونزل ذلك الرجل الذي عرفني بنفسه ونحن نصعد درجات السلم ، كان اسمه مصطفى
تصور لم أنتبه الى بنيته الجسدية الا حين كان يصعد السلالم امامي كان ضخما وقوي البنية بشكل واضح ماجعلني أخاف منه ، في الطابق الثالث توقف المدعو جمال أمام باب لونه بني ووضع اصبعه على زر الجرس والتفت الي وقال مبتسما : وصلنا ، بعد انتظار دام دقائق فتح الباب ، وأطل شخص يشبه مصطفى كثيرا ، يعني نفس الحجم ونفس شكل الوجه ، هنا ابتدات أشعر بالخوف الكامل ، يعني تصدق إني ماعدت قادرة على الوقوف يعني احسست أني ضحية كمين أو خدعة ، قال لي الشخص الذي فتح الباب : تفضلي مدام الدكتور بانتظارك . نظر الي مصطفى باستغراب وقال مبتسما : ست سلمى انت مستغربة ، الشبه الذي بيني وبين جمال أليس كذلك .؟ هززت رأسي ، فضحك الاثنان ، وقال الثاني : سيدتي أنا شقيق مصطفى ، وعندما حكت لنا الأستاذة تماضر قصتك ، تحدثت مع الدكتور أحمد وهو صديقي ووعدني أنه سيقدم لك المساعدة التي تحتاجينها ، لاتخافي الست تماضر ستصل بعد قليل ، لقد اتصلت حين دققتما الجرس ، ولهذا تأخرت عليكما في فتح الباب ، الدكتور أحمد ينتظرنا في الداخل ، تفضلي سيدتي .
عاد الهدوء الذي فقدته اليّ ، وارتحت بعض الشيء ، اجتزت عتبة البيت مطمئنة ، في الصالة كان هناك رجل في حوالي الستين من العمر يجلس على الأريكة يدخن ، حين رآني أدخل نهض وصافحني ثم قال يقدم نفسه : دكتور أحمد الدليمي ، لاتخافي ياابنتي ، الشباب قالوا لي بأنك تعانين من مشاكل ثأر بعد وفاة زوجك ، وتريدين أن تسافري كي تحافظي على طفلك ، أجبت الدكتور مباشرة على الرغم من عدم علمي بالقصة : نعم دكتور بعد أن قتلوا زوجي يريدون قتل ولدي الوحيد، هم مجرمون ولا يفرقون بين كبير وصغير .
جلسنا حوالي العشر دقائق قدم لنا جمال عصيرا ، وبعد ذلك جاءت تماضر ، قال لي الدكتور أحمد بأنه سيجري بعض الاتصالات عن طريق معارفه في وزارة الصحة للحصول على كافة الأوراق المطلوبة ، أبديت رغبتي لدفع النقود اذا لزم الأمر ، فتضايق الدكتور كثيرا من كلامي ، وقال لي بالحرف الواحد : انت مثل ابنتي ، ولاأريد أن تصاب ابنتي بما تصابين به ولذلك فسوف أساعدك قدر المستطاع ، أعاد لي كلام الدكتور أحمد والشقيقين مصطفى وجمال الثقة بنفسي وبالآخرين ، يعني تدري تعاطف الناس يخلي المصائب أهون .
وبخصوص جواز السفر سيدة سلمى ؟
قالت لي تماضر بأن جواز السفر أمره هين أول شيء ، علينا أن نتمم مسائل ذهابك للعلاج ، وبعدها كل الأمور تصير هينة .
أوصلتني تماضر الى البيت ورفضت الدخول ، قالت لي بأن الوقت صار متأخرا وعليها أن تنام مبكرة لأن لديها عملا في الصباح ، دخلت الى البيت والسعادة ، يعني لاأدري كيف أصف لك السعادة التي كنت فيها ، كنت طايرة من السعادة والفرح ، احتضنت صغيري ، وصرت أرقص في طول البيت وأغني بصوت عال ، المربية قالت لي : مدام هذا لايجوز أنت أرملة ولم يمر على وفاة زوجك سوى شهرين .تذكرت زوجي كان الله يرحمه يحب أن يراني سعيدة ، ولكن وبسبب كل ما مر بي لم أعش السعادة معه إلا أياما قليلا .
تمام العاشرة غادرت المربية البيت وذهبت الى بيت أهلها ، وجلست أتفرج على التلفزيون ، كان أي شعور بالخوف كنت أحس به من قبل قد راح عني ، لم أفكر سوى بالسفر وصرت أختار بين الدول التي يمكن أن أعيش فيها ، طبعا ولأني أجيد الانكليزية فقد فكرت ببريطانيا أو أمريكا ، و ربما استراليا ، أو كندا ، قلت بأن أمريكا أفضل يعني هناك فرص عمل أكثر ، لكني فجأة تذكرت أن الأمريكان هم الذين شنوا الحرب على العراق ، واخترت بريطانيا ، يعني بقيت أكثر من ساعة ونصف أفكر في الطريقة التي سأعيش فيها ، يعني مع طفل صغير اذا كنت في بلدي قد تعرضت لكل تلك المصائب فكيف سيكون الأمر حين سأسافر ، أبعدت هذه الهواجس عن مخيلتي ، واطفأت التلفاز ، وذهبت الى غرفة النوم ، ولكن وقبل أن أستلقي على سريري ، رن جرس الباب ، تيبست في مكاني للحظات ودارت العديد من الأفكار في مخيلتي ، لكن ولأن لقائي بالدكتور أحمد والشقيقين مصطفى وجمال جعلني أطمئن الى أن الدنيا لازالت بخير ، وقبل أن أفتح الباب سألت عن الطارق لكني لم أتلق إجابة ، كررت سؤالي مرتين وثلاث مرات ، لكن بلا إجابة ، فتحت الباب بهدوء شديد ونظرت الى الخارج فلم أجد أحدا ، ضحكت وعدت الى الداخل قلت لنفسي لابد بأني أتوهم ، وماكدت أدخل غرفة النوم حتى عاد الباب ليقرع مرة أخرى ، حين فتحت الباب لم أجد أحدا ، وهنا بدأ الخوف يعتريني ، لم أعد الى الداخل بقيت أقف على الباب أكثر من عشر دقائق ، وحين أغلقت الباب ، عاد القرع مرة أخرى ، قررت ألا أفتح الباب ، لكن القرع ازداد أكثر وأكثر ، فاندفعت راكضة وفتحت الباب .



في الحلقة القادمة : تفضلي ..... هذا جواز السفر !!


** نراكم في الحلقة السادسة **


 

شـبـێـہ ٱلـرێـح

عضوية معلقة
إنضم
3 يناير 2009
المشاركات
0
مستوى التفاعل
487
النقاط
47
الإقامة
انتـظـرونـي ان شـآء الله ^ *
الحلقة السادسة :


في الحلقة السابقة بدأت سلمى تدخل في تفاصيل تخطيطها
للفرار من الجحيم الذي عدي ورجاله يضعونها فيه،
فهي اتفقت مع صديقة لها تدعى تماضر ومع أشخاص آخرين
على تدبير محاولة فرارها من العراق بحجة العلاج ،
باستصدار جواز سفر لها ولولدها الصغير.
كانت قد عادت الى بيتها ليلا بعد لقائها تماضر وجمال ومصطفى والدكتور أحمد الدليمي وهم الأشخاص الذين قرروا تقديم يد المساعدة لها ، كانت فرحة ، سعيدة ، وقد استعادت ثقتها بنفسها وبالآخرين ، هكذا قالت ، وفور دخولها الى بيتها وقبل أن تهدأ وتخلد للنوم مرتاحة ، قرع الباب مرتين دون أن تجد الطارق
وفي المرة الثالثة وبعد تردد ،
اندفعت بسرعة باتجاه الباب وقامت بفتح الباب.

واليوم تواصل سلمى رواية قصتها التي تصر على تسميتها مأساة .

حين فتحت الباب لم أصدق عيني ،
كان يقف ضاحكا بطوله الفارع، و وو

-تقصدين عدي صدام حسين ؟

نعم ، عدي ، كان يضحك بهدوء ، وهو يبدو مخمورا تماما ،
يعني أحسست من طريقته في الوقوف بأنه كان سكرانا ،
ارتبكت ولم أعرف ماذا ، خوية ، أحسست بأني مقيدة تماما ،
ولا أستطيع تحريك يدي ، ولا حتى قدمي ،
حتى تنفسي أحسسته معطلا ، خفت خوفاً ليس له مثيل ،
عدي صدام حسين بشحمه ولحمه ، وقوته وكل شيء ،
يعني عدي صدام حسين يقف أمام بيتي ،
ماذا أقول وماذا أفعل لم أعرف...

تكلم بهدوئه الشديد وقال : أنا أعرف بأنك وحيدة ،
لذلك لن أزعل إذا لم تطلبي مني الدخول ،
لكن غدا في التاسعة أريدك في مكتبي ، في اللجنة ،
وأي تأخر يمكن أنا أزعل وأنا لاأحب أن أزعل منك ، أوكي.

استدار وتركني أقف في مكاني لم ارد عليه
لم أعرف ماذا حدث لي في تلك اللحظة ،
يمكن توقعت أن يرسل لي أحدا ما لكن أن يأتي بنفسه ،
فهذا مالم أتوقعه في حياتي .

لكن سيدتي ، هل يعقل أن يكون عدي طرق الباب مرتين واختبأ ، لماذا لم يكن موجودا منذ المرة الأولى؟
أستاذ ، هو لم يكن وحيدا ، كان معه ثلاثة رجال في سيارته ، وكانت وراءهم سيارة ثانية فيه اثنان ، يعني ممكن يكون واحد منهم هو الذي قرع الباب ، أقصد ليس ضروريا أن يكون عدي هو الذي قام بقرع الباب.
-وماذا فعلت بعد ذهابه؟
أول شيء قمت به هو الاتصال بتماضر وأخبرتها بكل ماحدث ، حاولت تماضر أن تهدئني ، قالت لي بسيطة ، نحن كنا متوقعين مثل هذه الأشياء ، لكن أهم شيء هو أن نبقى محافظين على هدوء أعصابنا ، سوف نواصل ما نريد القيام به ، دون أن نشعر الآخرين بما سنفعل ، ثم قالت لي بثقة اذهبي لمقابلته في مكتبه ،وحاولي قدر المستطاع أن تكوني عادية ، يعني جامليه حتى نستطيع تأمين جواز السفر ، وتهربين بسرعة ، كان كلامها مقنعا ،وفيه تفكير سليم أفضل مما فكرت أنا به ،فقد فكرت ألاّ أذهب الى الموعد في اليوم التالي وأن أحاول الاختباء ، لكن تخيل لو نفذت ذلك اين كان ممكنا أن اختبئ، اقتنعت تماما بكل كلمة قالتها تماضر ، وقد قالت لي قبل أن تغلق الهاتف : لازم تبقي قوية ، ولا تنهاري ، تذكري أن الحل قريب إن شاء الله . كلام تماضر أراحني كثيرا ، جعلني أهدأ قليلا ، يعني أكيد ليس مثل قبل مجيء عدي ، لكن الهاتف جعلني قادرة على النوم ، ممكن لأن تماضر تحدثت بموضوع السفر وهذا الموضوع كما تعلم بالنسبة لي هو حبل النجاة من الهول الذي أعيشه .
-ذهبت لمقابلة عدي في اليوم التالي ؟
طبعا ، في تمام التاسعة كنت أقف أمام باب مكتبه ، طرقت الباب فجاءني صوته من الداخل : تفضلي مدام ، تصور كان واثقا من ذهابي لمقابلته، فتحت الباب ودخلت ، كان دخان سيجاره يملأ الغرفة تماما،
وقفت على مقربة من مكتبه ، قال لي ممازحا : ولو يامدام ، أنت من أهل الدار ، تفضلي اجلسي ، لايوجد أي سبب لبقائك واقفة ، اختاري المكان الذي تريدينه واجلسي .
جلست على الكرسي القريب مني لم اشعر بشيء كنت أتحرك مثل المخدرة تماما ، تصدق، كنت أسمع صوت دقات قلبي ، كم هذا مخيف ، نظر إلي للحظات ثم قال : معقولة ست سلمى ، لماذا غبت عنا كل هذا الوقت ؟ يعني أدري الظروف كانت صعبة ، وفاة زوجك رحمه الله ، والترتيبات الأخرى التي تقومين بها ، أكيد كلها تشغلك عنا ، لكن تعرفين نحن نحب أن نطمئن على الناس الذين نحبهم . سكت وضحك ، ثم أدار قرص الهاتف وصار يتحدث بصوت منخفض لم أسمع كلمة مما قال ، تصدق حين قال الترتيبات الأخرى أحسست بأنه يعرف كل ما أقوم به ، وحين فتح باب الغرفة أيقنت بأنه يعرف .
-كيف؟
دخل الأستاذ ناجي وهو يحمل صورة كبيرة لي ، مع تماضر ، صورة قديمة من أيام المتوسطة .وهذا يعني بكل بساطة أنه يعرف بأن تماضر كانت تساعدني في مسألة السفر ، فتح عدي درج مكتبه وهو يضحك ثم أخرج جواز سفر وقال : ست سلمى معقولة أنت تعملين مع عدي صدام حسين وتطلبين من غيره أن يستصدر لك جواز سفر ، مدام تفضلي هذا هو جواز السفر الذي كنت تريدينه ، تفضلي ، قال جملته الأخيرة بغضب ، وكان ناجي خلالها يضحك وهو يراقبني وأنا أكاد أحترق في كرسيي ، ثم أضاف وهو يلتفت الى الجدار المقابل له : ست سلمى سأمهلك حتى يوم غد لتراجعي نفسك ، وبعدها إن لم تأت الى هنا معتذرة عن كل ماقمت به ، فلا تلومي إلا نفسك ، مفهوم ست سلمى ، ثم صرخ بقوة : ناجي ، أوصل المدام الى بيتها .
أخرجني ناجي من اللجنة ساحبا إياي من ذراعي بعنف ، وكان طيلة الطريق يردد : لايوجد أحد في الدنيا يمانع طلب الأستاذ ، هذا الأستاذ عدي وليس أي واحد آخر .
تركني ناجي أمام باب منزلي ، بقيت واقفة اكثر من نصف ساعة ، يعني مالذي يمكن أن أقوم به ، إنه يهددني بنفسه لم يرسل لي أحد رجاله ، هو بنفسه قال لي ، أين سأذهب وإلى من سألجأ ، قرعت الباب ففتحت لي المربية ، اتجهت مباشرة الى المطبخ ، أخرجت سكين تقطيع اللحم ، وقررت قطع شراييني .
قلت لها باستغراب:
-تنتحرين مدام ؟
نعم ، أنتحر ، لا يمكن أبدا أن أبقى أسيرة هذه الموت البطيء الذي يطبق على حياتي ، حين رفعت السكين الى الأعلى سمعت صوت ولدي يناديني /ماما/ هزني صوته من الداخل ، سقط السكين من يدي وسقطت أنا على الأرض ، صرت أبكي مثل الأطفال الصغار ، جاء الصغير الى المطبخ ، وصار ينظر اليّ باستغراب ، احتضنت صغيري وأنا انتحب وأبكي والمربية تقف قرب باب المطبخ تنظر اليّ دون ان تفهم ماالذي يحدث ، بعد أن هدأت قليلا قالت لي : مدام ، إن شاءالله خيراً ، لست بحالة جيدة .قلت لها بأني تذكرت المرحوم زوجي وهذه الحالة السيئة التي نعيش فيها ، هزت رأسها بدت غير مصدقة ، يعني كان معها حق ، قبل يوم رأتني أرقص فرحة ، والان تراني أبكي وأنتحب .
- ثم ماذا قررت مدام؟
قررت الاتصال بتماضر ، تقريبا بعد أكثر من ساعة من عودتي الى البيت ، فعلا اتصلت بها ، ردت عليّ أمها قالت لي بأنها ليست موجودة ، اتصلت بعد ساعة أيضا ، وردت أمها بأنها غير موجودة ، ظللت أتصل يمكن خمس أو ست مرات ، وكل مرة تقول لي أمها بأنها غير موجودة ، أخيرا قررت الذهاب الى بيتها لأراها ، كان لدي شعور بأنها تتهرب من الحديث معي ، حين وصلت الى بيتها فتحت لي أمها الباب، وكانت تبدو خائفة ،وأنكرت وجودها ، لكن إلحاحي جعلها تنادي تماضر ، خرجت تماضر من الغرفة الداخلية ، وكانت تبكي بحزن ، عانقتني وانهارت على الصوفة القريبة ، تركتنا أمها وحيدتين ، سألت تماضر عن السبب الذي يجعلها تبكي بهذه الطريقة ، قالت لي بأنها البارحة بعد أن أوصلتني الى البيت ، يعني بعد خروجنا من بيت جمال حيث التقينا مع الدكتور أحمد ، وحين وصلت الى بيت أهلها ، رأت سيارة سوبر غريبة تقف قرب الباب ، حين دخلت الى البيت رأت رجلا شكله مخيف يجلس قرب أخيها مرتضى ، كان يبدو أنه من رجال الدولة ، وفور دخولها قال لها أحمل لك رسالة آنسة ، بخصوص موضوع صديقتك ، إذا لم تتركي الموضوع فلن تري أخاك بعد هذه اللحظة ، شقيق تماضر كان في الأول الإعدادي ، طبعا الرجل ترك البيت ، حاولت تماضر الاتصال بمصطفى لكن زوجته قالت لها بأن جماعة من القصر جاؤوا وأخذوه ، وكذلك الدكتور احمد الدليمي ، وجمال شقيق مصطفى كلهم أخذتهم جماعة من القصر ، القصر يعني جماعة الأمن الخاص ، أو حماية صدام وأولاده .
- الواضح أنهم كانوا يراقبون تحركاتكم كلها مدام .
نعم هذا صحيح ، كانوا يعرفون كل مافعلناه ، هكذا قالت لي تماضر ، قالت بأن الرجل حكى لها عن خطتنا لترتيب مسألة السفر والمرض ، وكل شيء كل شيء.يعني كانوا يروننا ، تخيل رجعت الى البيت أول شيء فعلته هو أني قمت بطرد المربية أحسست بأنها قد تكون جاسوسة ، أو هي عينهم عليّ ، صرت مثل المجنونة تماماً أصرخ بلا توقف وكان الصغير ينتحب بالقرب مني ، لم أرد عليه ، لم أطعمه ، لم أغير له ملابسه ، تمنيت موته .
انفجرت سلمى باكية ، تنتحب ، ولم أعرف ماذا يمكن أن أفعل لها ،لقد بدت أمامي شبه منهارة ، وكأن الزمن عاد بها الى الوراء ، كانت كأنها تعيش الحدث للمرة الأولى ،نصحتها أن تنهض وتذهب لتغسل وجهها بالماء البارد ، لكنها رفضت ، وظلت تبكي ثم تابعت بسرعة وهي تجهش:
تصور بأني أم وتريد الموت لولدها ، لكن كان علي أن أتصرف قبل فوات الأوان ، حملت مااستطعت من الأغراض والألبسة وحملت صغيري وركضت مغادرة البيت كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة ليلا ، الشوارع خالية تقريبا إلا من بعض السيارات والمارة الذين كانوا يراقبونني بفضول واضح ، أثناء ركضي سقطت من يدي إحدى الحقائب التي أحملها ، ولكني لم أرجع لالتقاطها كان كل همي أن أبتعد عن المنطقة بأسرها.
- ولكن أين قررت الذهاب؟
لاأدري ، صدقني لم أكن أعرف إلى أين أذهب ، كل ماكنت أفكر فيه هو الابتعاد بولدي عن المكان ،وبينما كنت أركض والصغير يبكي انتبهت الى وجود سيارة تتبعني ، كان فيها رجلان يضحكان.
- مدام ، قلت بأنك كنت تركضين ، فكيف انتبهت الى وجود السيارة وكيف رأيت الرجلين اللذين كانا فيها يضحكان.
حين أحسست بوجود السيارة توقفت ، ونظرت الى من فيها ، كانا رجلين ملتحيين ، تسمرت في مكاني ، والولد اشتد بكاؤه ، توقفت السيارة ونزل أحد الرجلين تقدم مني بهدوء ، وقال بصوت كريه : ها مدام رح نظل نركض وراءك كل الليل ، تفضلي ، اصعدي الى السيارة ، صعدت الى السيارة بكل هدوء ، وكأن قوة غريبة كانت تسيرني ، يعني لاأدري ماالذي حركني للركوب في السيارة .
-سيدتي ، لم تقاومي ، لم تصرخي؟
حتى لو قاومت أو صرخت النتيجة ستكون نفسها ، قررت الاستسلام ، لا عفوا أنا لم أقرر الاستسلام ، لكن لم يكن هناك سبيل للمقاومة ، تحركت السيارة ، وكنت أحتضن ولدي بخوف وذهول ، كنت مذهولة ، قال أحد الرجلين : أفضل شيء هو العقل ، لازمة تصيري عاقلة مدام ، الى أين كنت تريدين الذهاب ، صدقيني لو سافرت الى آخر الدنيا فسنعثر عليك ، هكذا قال الأستاذ ، إذا صارت في المريخ أحضروها ، ها هكذا أحسن أليس كذلك مدام ، لم أجب ظللت متمسكة بولدي ، قال الآخر : كان الناس الذين قمنا بالإمساك بهم بسببك سيموتون ، ولكن الآن سوف نطلق سراحهم ، هكذا أوصانا الأستاذ ، عندما نحضرك نطلقهم ، استجمعت قوتي كلها وقلت : ولكن الى أين ستأخذانني ؟ رد الذي يقوم بالقيادة : هناك بيت بانتظارك مدام ، لاتخافي كل شيء مرتب كما أمر الأستاذ ، ظلت السيارة تسير قرابة النصف ساعة تقريبا ، وصلنا منطقة خارج بغداد .
-هل يمكنك تحديد المنطقة تماما؟
لا، أولا كنت خائفة ، وثانيا لم أكن أنتبه الى الطريق ، خوية ، تصدق لم أنتبه اذا كنا اتجهنا الى الشمال أم الى الجنوب ، حين توقفت السيارة أنزلوني ، وأمسك بي أحدهما من ذراعي وسحبني بعنف حتى كاد الصغير يسقط من يدي ، صرخت : ابني . فجاء الثاني وأخذ الصغير الذي كان يبكي وينادي ماما،ماما
صرت أبكي ، ولكن لم يستجيبا لبكائي أخذا ذلك الرجل ولدي ووضعه في السيارة والولد يبكي ، ثم سحبني الآخر الى بيت كبير لم أكن قد انتبهت لوجوده حين وصلنا ، بدأت الكلاب المربوطة في حديقة البيت بالنباح بشكل مخيف ، كان الواضح أن عددها كان كبيرا جدا ، ظلت تنبح حتى صرخ الرجل الذي كان يسحبني : /بس ولاك /، فسكتت الكلاب كلها دفعة واحدة ، فتح الرجل باب البيت ودفعني الى الداخل ، صرخت : ولدي ، ولدي . صار يضحك عليّ ، وقال ساخرا : لا أنا لست ولدك ، ولدك راح الى البيت ياماما .أدخلني الى غرفة خالية من الأثاث ، ولم يكن فيها أي شيء ، فقط نافذة تطل على الحديقة ، عليها شبك معدني ، وخرج ثم أغلق الباب بقوة ، وتحرك مفتاح في قفل الباب ، فاندفعت وأدرت القبضة بعصبية ، وأنا أصرخ : افتح ياكلب ، افتح ياابن الكلب ، لكني لم أسمع صوتا ، بعد لحظات سمعت صوت إغلاق الباب الخارجي للبيت ثم سمعت صوت السيارة تتحرك مبتعدة .
- إذن تركوك وحيدة وذهبوا ، والصغير ؟
أخذوه معهم ، ظللت طيلة الليل أبكي ، وكانت الكلاب لا تكف عن النباح ، لم أستطع القيام بأي حركة ، ظللت واقفة قرب الباب أبكي وأضرب الباب بكلتا يدي ، لكن لم يسمعني أحد ، خارت قواي وسقطت على الأرض ، ولم أنهض إلا حين سمعت صوت زمور سيارة قوياً ، فتحت عيني ، فكانت الشمس تملأ الغرفة ، كان النهار قد جاء ، نهضت واندفعت الى النافذة ، وصرت أصرخ : ياناس النجدة أنقذوني ، النجدة ، لكن صوت السيارة بدأ يبتعد ، عدت الى البكاء من جديد ، وصار الوقت يمر ببطء شديد ، وأنا أقف على النافذة ، وأترقب أي شيء ، حتى لو كان الأوغاد أنفسهم ، المهم أني أردت الاطمئنان على صغيري .


في الحلقة القادمة :

قال لي : أريدك أن تفهمي أني أنا من يصدر الأوامر هنا ..

عاد بعد قليل وكان يحمل بيده كيساً

رمى به على الأرض وقال ...

 
التعديل الأخير:

شـبـێـہ ٱلـرێـح

عضوية معلقة
إنضم
3 يناير 2009
المشاركات
0
مستوى التفاعل
487
النقاط
47
الإقامة
انتـظـرونـي ان شـآء الله ^ *


الحلقة السابعة :


في العدد الماضي بدأت سلمى سرد تفاصيل مثيرة في قصتها مع عدي فهي وقعت في الشرك وبعد المطاردة الهادئة التي عاشتها طيلة سنتين تقريباً ، انتهت أجواء التوتر والقلق التي عاشتها ، ولكن ليس الى خير كما خططت وخطط معها أصدقاء لها ، لكن الى بيت لا تدري موقعه تماما وضعت فيه ، وقد أخذوا ولدها منها ، لاحقها رجال عدي ووضعوها في سيارة ، ثم ألقوا بها في بيت، وتركوها تبكي وحيدة ، قبل أن تواصل سرد قصتها التي ألحت هي على تسميتها مأساة سألتها:
- سيدة سلمى ، خلال هذه الفترة من الملاحقة ألم تفكري بالالتجاء
الى أهلك ، أقصد أنهم لم يكونوا ليتركوك تواجهين ماواجهت؟

- لم أطلب النجدة لسببين الأول أنني كنت خائفة من ردة فعلهم ، يعني يمكن كنت سأصير سجينة في بيت واحد من أقاربي الذين أظن بأنهم أكثر تخلفا من أن يسمحوا لي حتى بتربية ولدي تدري كانوا يقولون عني هذه مثل أمها مع أن أمي ربتني تربية ممتازة لكن وحسب مفهومهم هم أمي كانت مو خوش إنسانة ، والسبب الثاني أني كنت خائفة عليهم ، يعني لم أرغب في توريطهم في مشاكل لاذنب لهم فيها ، المشكلة أنه عدي صدام حسين وليس أي شخص آخر.
- هل من الممكن الآن أن نعود لإكمال ماحدث بعد أن ابتعدت السيارة ماذا جرى ؟
- قلت لك بأنني ظللت أصرخ ولكن بلا جدوى ، ارتميت على الأرض أنتحب وأبكي ، وفجأة سمعت خشخشة مفاتيح في الباب الخارجي ، شعرت بالانقباض في صدري ، فتح باب الغرفة ودخل أحد الأشخاص كان اسمه على ماأظن فارس ، خفت كثيرا حين رأيته كنت أسمع من ابو هادي بأن هذا الرجل مجرم حقيقي وقادر على قتل الناس بسهولة ، كانت عيناه مخيفتين حقاً ، وقف وصار ينظر الي ثم قال بهدوء : ها ألم يلن هذا الرأس الجميل بعد؟ انتبهي مدام فكري جيدا قبل أن تردي على الكلام الذي سأقوله لك ، وإلا .... كان منظره مخيفاً ، يعلك باستمرار وهو يتكلم ، تابع بهدوء : دعاك الأستاذ أكثر من مرة ولم تردي عليه ، هذه القصة لم تحدث ابدا ، والأستاذ زعلان من هذا الأمر أنا قلت له بأنك لن ترفضي دعوته هذه المرة ، الولد بخير ، لكن يمكن أنه لن يكون بخير بعد الآن ، فكري بهدوء ، وتفضلي هذه سجائر من النوع الذي تدخنينه ، الأستاذ أرسلها لك ، أرأيت هو حريص على أن تكوني مرتاحة وأنت مصرة على جعله يغضب منك هكذا لن نتفق ياست .
رمى لي علبة التبغ ، ثم وقف قرب الباب يرمقني ، انقضضت على العلبة ، سحبت سيجارة وصرت
أدخن بشراهة ، وفارس ينظر إليّ ، قال لي : السيجارة لذيذة إذا دخنها الواحد وهو جالس في بيت
يعني وضع مختلف عن هذا الوضع مدام ها؟
- واستمر يتحدث وأنت تدخنين؟
- تركني وغادر الغرفة للحظات ثم عاد بعد قليل وكان يحمل بيده كيساً رمى به على الأرض وقال : تفضلي سيدتي هذه الملابس هدية من الأستاذ حتى تكوني جاهزة لسهرة اليوم بعد قليل نأخذك الى الكوافيرة حتى تصفف لك شعرك وتضع لك مكياجاً .
قلت له برعب أنا لاأريد الذهاب ، أنا امرأة متزوجة ، وعندي طفل ، ولا يمكن أعرض نفسي لمثل هذه الأشياء ، قال بسخرية : متزوجة ها زوجك رحمه الله لم يعد موجوداً أليس كذلك يامدام ؟
قالها بطريقة جعلتني أشك في أن يكون موت زوجي مدبرا واستعدت في لحظات كلام المهندس بسام الذي كان يشك في أن موت زوجي رحمه الله كان حادثاً ، وكان مصرا على اعتباره حادثا مدبرا ، تذكرت كيف نقل من الدورة الى الجنوب وانقطعت أخباره تماما ، أضاف فارس وأنا في شرودي : يعني الزوج مات وأنت تعرفين كيف مات وفهمك كفاية . والولد موجود عندنا وعنادك قد يجعله ليس موجودا لا عندنا ولا عند غيرنا .كل كلمة قالها جعلت جسدي يرتج يهتز ، جعلت قلبي يخفق بشدة ، فكرت بالانقضاض عليه ، ولكني لم أمتلك القوة لفعل ذلك ، ارتميت على الأرض باكية وتوسلته ألا يؤذي ولدي ، كان يضحك بأعصاب باردة ، غير مبال بحالتي ، تراجع الى الخلف ونادى : ماجدة ، ماجدة ، أطلت من ورائه امرأة جميلة تتحدث بلهجة لبنانية وقالت له : شو فارس ، مامشي الحال ؟
رد عليها فارس ضاحكا : لا ، لكن أكيد بعد قليل المدام مثل الناس الممتازين سوف توفر علينا وعلى نفسها هذه المتاعب كلها ، ضحكت المرأة وقالت : يعني هذه الفرصة لاتأتي للإنسان مرتين في حياته، الأستاذ عدي شخصياً أرسلنا للاهتمام بك ، تخيلي كم أنت غالية عليه ، والآن هيا انهضي وسنأخذك الى المدام سونيا وهي ستعرف ماذا يجب أن تفعل لك كي يستعيد وجهك الجميل حلاوته ، حرام عليك تخلي وجهك يبدو بهذه الصورة ، هذا ثمنه نقود . ضحكت ماجدة ، بينما اقترب فارس مني ، سحبني وكأنه يسحب خروفاً، وأنا أصرخ وأستغيث ، وكل مارأيته في عيونهما هو السرور ، حملني فارس الى السيارة وضعني في المقعد الخلفي وجلس هو وسونيا في الأمام ، سارت السيارة ، حتى وصلنا الى وسط بغداد ، انعطفت السيارة في شارع فرعي وتوقفت أمام بناية ، قال لي فارس قبل أن ننزل : تذكري مدام أي تصرف لايعجبني يعني الصغير في خطر مفهوم ، لم أقل حرفاً واحداً ، ظللت صامتة ، نزلنا من السيارة ، وسارت ماجدة في الأمام ، سحبني فارس من ذراعي وقال تقدمي ، جرني جراً حتى دخلنا الى البناية ، صعدنا السلالم حتى الطابق الثاني ، أخرجت ماجدة مفتاحاً من حقيبتها وفتحت الباب ، دخلنا شقة في غاية الأناقة تنبعث روائح العطور منها ، ومن باب في الصالة وقبل أن يمر على دخولنا ثوان خرجت امرأة ترتدي لباساً شفافاً وقالت وهي تضحك : ها وصلت الحلوة ، فعلا حلوة ، أين كنت تخبئين هذه الإمكانيات ياأمورة ، تعالي اقتربي مني.
-هل كانت تلك المرأة عراقية؟
نعم ، لكنها كانت تتحدث بطريقة غريبة ، أقصد تجعل الذي يسمعها يشعر بأنها كويتية أو خليجية ، لكن العراقي يعرف أنها عراقية
- هل يمكن أن تصفي لي حالتك في ذلك الوقت ؟
- تصدق ، أنا لم أكن أحس بشيء سوى أنني نعجة وتساق الى الذبح.
- مدام سلمى ، دعيني أسألك بصراحة ، هل كنت مستعدة للتنازل ؟ أقصد هل قررت أن تسلمي نفسك ؟
- لا ، أقولها وبكل صدق ، كنت مستعدة للموت أكثر ، كان الموضوع يجعلني أشمئز من نفسي ومن العالم ومن ذكر ذلك الرجل الكريه الذي حول حياتي الى جحيم ، تخيل هذه البشاعة التي تصرف بها معي ، تخيل لقد قتل زوجي وخطف ....
تبدو عيناها مستعدتين للانفجار بالبكاء فأقطع عليها الطريق وأسألها :
- ماذا فعلت تلك المرأة لك سيدتي ؟
أدخلتني معها الى الغرفة التي خرجت منها ، كانت غرفة أشبه بصالون حلاقة ، أجلستني على كرسي ، وأشعلت لي سيجارة ثم قالت متنهدة : اسمعي ، لن تستفيدي شيئاً ، مايريده الأستاذ سيصل اليه ، ولذلك حاولي ألا تقاومي أكثر ، لأن الموضوع منته ، وبعد فترة سيمل منك ، ويدعك تذهبين في حال سبيلك أو يزوجك لواحد من رجاله ، كما حدث معي ، هل تعلمين بأني أنا مررت بما مررت به ، وقاومت مثلك ، لكن في الأخير ، كما ترين لم أستفد شيئا منذ أربع سنوات وأنا متزوجة من رجل لاأعرف مااسمه ، رأيته فقط عندما قرر الأستاذ الاستغناء عني أحضره الى قصر العابد حيث كان الأستاذ يضعني وقال لي هذا زوجك ، أحضروا شيخاً وزوجنا ثم اختفى زوجي ، ونقلني فارس وأديب الى هذه الشقة ، وصاروا كل فترة يحضرون لي واحدة ويقولون لي جهزيها الأستاذ يريدها ، فلذلك أنصحك أن توافقي وكلها شهر أو شهرين وثم تصيرين حرة ولن يزعجك أحد بعد ذلك ، ارتاحي الآن ، دخني سيجارتك بهدوء ، وناديني عندما تكونين جاهزة للمكياج ، ضحكت ثم أضافت : أنا أعرف ذوق الأستاذ تماماً،صدقيني سوف تلبسين الحرير وتأكلين أفضل الطعام وتحصلين على كل ماتشتهيه نفسك ، كلها شهر أو شهرين وتصيرين حرة تذكري هذا ، وغير الحرية هناك النقود والذهب والألماس ، عزيزتي ببساطة كل أحوالك سوف تتغير ، والبلد محاصر ، والناس ليس لديها حتى ثمن الطعام ، فكري بكل هذه الأمور ثم ناديني ، باي .
قالت كلمتها الأخيرة ضاحكة ، وخرجت مغادرة الغرفة ، جلست أتأمل وجهي في المرأة التي أمامي ، تداعت صورة أبي رحمه الله وزوجي وولدي أمام عيني ، فنهضت وقد أحسست بقوة تحركني ، صرت أصرخ : ياكلاب ، ياسفلة ، لعنكم الله ، اللعنة عليكم ، وعلى الأستاذ ، وعلى هذه البلد . دخل فارس مسرعاً ، وهجم علي وضع يده على فمي ، ودفعني بشدة حتى سقطت على السرير القريب ، ثم انقض عليّ ، ثبتني بقوة ، وقال : اسمعي ، اذا رفعت صوتك مرة أخرى ، فسأتصل بالجماعة وأجعلهم يرمون الصغير في الدجلة ، اسمعي جيدا ، لا أريد أن أسمع صوتك أبدا ، ولازم تكوني جاهزة بعد ساعة فقط ، سمعت ساعة فقط ، الأستاذ ينتظر ، ولا أريده أن يغضب مني بسببك ، مفهوم ، لا أريده أن يغضب مني. ثم نادى وهو مازال يمسك بي : سونيا ، ماجدة ، دخلت سونيا وماجدة بسرعة فقال لهما : عليها أن تكون جاهزة بعد ساعة ، سحبت نفسي وقلت له : خوية الله يخليك خليني أرتاح قليلا ثم نتفاهم ، زجرني بحدة ثم قال لي : أريدك أن تفهمي أني أنا من يصدر الأوامر هنا، وأنا قلت بعد ساعة يعني بعد ساعة ، فهمت ياست ، نهض عني ، ثم قال وهو يغادر الغرفة : العمى تظن نفسها مهمة الى هذه الدرجة ، خلوها تفهم أن العالم مليء بالنساء ، وعليها أن تفهم أن ما يريده الأستاذ لايناقش ، ولا يمكن التفكير فيه ، مايقوله الأستاذ أوامر ، سأنتظر في الخارج حتى تكون جاهزة .
خرج فارس من الغرفة وبقيت أنا على السرير ، اقتربت مني ماجدة اللبنانية ، وهمست لي : ياالله ياحلوة ، انهضي خلينا نبدأ ، لأن فارس إذا غضب مصيبة ، يعني لايمكن لأحد أن يجعله يهدأ ، رفعتني ، وسحبتني ثم أجلستني على الكرسي ، اقتربت سونيا مني وقالت : نصحتك فلم تردي ، والآن فارس زعلان وهذا ليس شيئا جيدا ، على كل حال ، سنرى ماذا يمكن أن تفعل لك حتى يعود إليك جمالك ، بدأت المرأتان تعملان على وجهي بهدوء ، وأنا لم أكن أحس بشيء ، غائبة عن الوعي تماماً ، بعد قليل عاد فارس الى الغرفة وقال بإعجاب : لك عاشت ايديكم ، هذا الشغل ممتاز الأستاذ سوف يسر كثيراً لرؤية هذا الوجه بهذا الشكل لا مثلما كان . مدام سلمى سوف ترتدين الملابس التي أرسلها لك الأستاذ ، وأنا سأذهب لإحضار الطعام ، أعرف بأنك لم تأكلي منذ البارحة . خرج فارس من الغرفة وأغلق الباب بالمفتاح وظللنا أنا وسونيا وماجدة جالسات ندخن ، لم نتحدث في أي شيء كانت كل واحدة منا تنظر الى الأخرى نظرة ريبة وشك ثم تبتعد بعينيها بعيدا ، عاد فارس وفتح الباب ، وضع على الطاولة أكياس طعام أحضرها ثم قال : هيا كلي ، وبعد أن تنهي طعامك سننطلق الأستاذ ينتظرنا في النادي ، كلي بالهناء ، خرج فارس ، اقتربت سونيا من الطاولة فتحت الأكياس ، وقدمت لي قطعة لحم ، ولكني رفضت ، قالت : قلت لك لن يفيدك هذا في شيء ، يعني الموت أحسن ، صرخت : نعم الموت أحسن ، الموت أحسن من الذل ، ضحكت ماجدة وقالت ساخرة : ذل ، ماهذا الكلام الكبير ، ومن تحدث عن الذل ، اقتربت مني أكثر وقالت : حبيبتي الموضوع أبسط مما تتصورين ، الأستاذ يريدك ، يمكن موضوع تسلية ، قصدي ممكن أن ترافقيه في حفلاته وسفراته ، يعني دون أن يكون هناك ........ثم ضحكت ، وأضافت يعني مثلي أنا الأستاذ يطلبني من لبنان فآتي مهما كانت ظروفي ، هل تصدقين في البداية خفت من الموضوع ، يعني أنا أيضا عندي بيت وعندي بنت صغيرة وزوجي لايقبل أن أكون على علاقة مع رجل آخر حتى وإن كان عدي صدام حسين نفسه ، أنت لاتعرفين بأني طبيبة وعندي عيادة في بيروت .
سألتها باستغراب: طبيبة ؟! أجابت : نعم أنا طبيبة نسائية ، وأحياناً يحتاجني الأستاذ لبعض القضايا ، يعني أنت تعرفين الأمور كيف تتم ، آتي من بيروت ، عملية صغيرة ، بتأخذ ساعة من وقتي ، وبعدها يدعوني الأستاذ لحضور حفلة مثلا ، الأستاذ يحب الحفلات كثيراً ، ويحب الصيد أيضا ، وهو يضحك عليّ كثيراً لأني أخاف من بارودة الصيد ، يقول لي : النساء كلهن جبانات ، لكن جميلات .
ظلت ماجدة تتحدث وهي تأكل حتى قطع حديثها دخول فارس الذي قال مباشرة: ها ألم تنتهوا من الطعام ؟
- سيدة سلمى ألم تأكلي مع سونيا وماجدة ؟
- لم آكل ولا لقمة واحدة .
- ولكنك لم تأكلي مدة يومين على ماأظن
- نعم ، لكن كنت أحس بأن أي لقمة يمكن أن أضعها في فمي ستنزل مثل العلقم .
- وبعد أن دخل فارس ، ماذا فعلت ؟
- لم أفعل شيئاً، اقترب مني وقال لي : هيا بنا ، الأستاذ اتصل وهو ينتظر
خرجنا من البناية ، وصعدنا الى السيارة .
- أنت وفارس فقط ؟
- لا ، ماجدة ذهبت معنا ، وصلنا الى النادي ، كان هناك الكثير من الأشخاص يحيطون بالنادي ، والكثير من السيارات ايضا ، نزلنا من السيارة تقدمتنا ماجدة ودخلت من الباب ، وسرت أنا يسحبني فارس سحباً ، دخلنا الى القاعة الرئيسية ، وكان الجميع يرقصون ، وفي الزاوية كان عدي يجلس وحيدا يتفرج على الذين يرقصون ، كان يجلس على طاولة قربه أديب شعبان ومعه فتاة كنت أراها تتردد كثيرا على اللجنة أثناء عملي فيها ، وعلى طاولة قريبة أيضاً ، كان خليل فياض معه ثلاث بنات ، اقتربت ماجدة وسلمت على عدي ثم أشارت علينا ، أشار عدي لنا بيده فركض فارس اليه ، وهمس في أذنه ، ثم عاد الي ، سحبني حتى صرت قرب عدي ، الذي قال مباشرة : أهلاً يامدام ، تأخرت علينا كثيراً ، لكن أهلاً .
سحب لي فارس كرسياً ، وطلب مني أن أجلس عليه ، كان مهذباً تماماً ، وكأنه شخص آخر غير الذي كان قبل قليل.


في الحلقة الثامنة :


* همس لي وقال : تعرفين أنك جميلة ، وحرام أن تكوني بتلك النفسية ..


* قدم لي ساعة من الذهب الخالص ، وعقد ألماس ..


* نهض عدي واقفاً فتوقف الجميع عن الرقص ، واتجت أنظارهم اليه ..

 
التعديل الأخير:

شـبـێـہ ٱلـرێـح

عضوية معلقة
إنضم
3 يناير 2009
المشاركات
0
مستوى التفاعل
487
النقاط
47
الإقامة
انتـظـرونـي ان شـآء الله ^ *


الحلقة الثامنة :



في الحلقة الماضية سارت سلمى إلى ما كانت تخشى
السير إليه طيلة ثلاث سنوات تقريباً ،
لقد اقتيدت إلى حيث كان عدي صدام حسين بانتظارها ،
بعد أن قام فارس جمعة رئيس ورشة التعذيب
ومدير عمليات الاغتصاب في مجموعة عدي
بتهديدها والضغط عليها
مستغلاً كون ولدها موجوداً لديهم

لقد قال لها وببرودة أعصاب :الولد موجود عندنا
وعنادك قد يجعله ليس موجوداً ،

وبين مشاعرها كأمّ وبين خوفها على نفسها
من الجحيم الذي كان عدي يريد أن يضعها فيه ،
تغلبت عواطف أمومتها على حبها لذاتها فسارت إلى قدرها ،

وهاهي تتابع اليوم سرد قصتها التي ألحت هي على أن تسميها
(( مأسااة )) .


-سيدة سلمى ، قلت بأنك دخلت وجلست الى طاولة عدي صدام حسين ، أريد أن أقاطعك قليلاً قبل أن تكملي الكلام ، هل فكرت مثلا في طلب النجدة من السلطات ، أقصد ألم يخطر في بالك أبدا أن تتجهي الى مخفر للشرطة لتشتكي على تلك الملاحقة ؟
تضحك سلمى بحسرة ، وتقول :
-أستاذ أكيد أنت تمزح قل لي فقط في أي بلد يمكن أن يحدث هذا الأمر ! هل هناك مواطن عربي يستطيع أن يقول لرجل شرطة أو حتى لضابط كبير في الشرطة بأن ابن الرئيس أو أخاه أو أحد أقاربه يقوم بمضايقته أو ملاحقته أو حتى يقتله ، أنت لا تعرف ماذا يعني ذلك ، ياأستاذ هذا يعني أن الموت ليس للمشتكي فقط ولكن لمن سمع شكواه وللشهود إذا كان هناك شهود ، وأنت تسألني إذا كنت فكرت بتقديم شكوى ، أقول لك لا ، لا والله لم يخطر هذا في بالي أبداً ، يعني كيف يمكن أن يشتكي الإنسان على عدي صدام حسين ، شيء مخيف أستاذ.
-إذا مدام ، هاأنت جالسة الى طاولة عدي في نادي الزوارق ، ماالذي فعله عدي بعد جلوسك؟
-اقترب عدي مني وقال لي : ها التأخير الذي تأخرته سأنساه ، لأجل هذه العيون ، ثلاث سنوات مدام وأنا أنتظر لم أرغب أن أجبرك ، أردتك أن تأتي بإرادتك ، وها أنت أخيرة جئت بإرادتك ، ولم يجبرك أحد . ثم ضحك ضحكة قوية فصار الجالسون يضحكون ، دون أن يسمعوا شيئاً مما قاله ، كان صوت الغناء يملأ القاعة الممتلئة تماماً ، تعرف كان أغلب الموجودين بنات ، يعني الشباب أقل من البنات ، قال عدي رافعا صوته : ياالله ، قوموا أرقصوا . اندفع الجميع الى الرقص ، وصاروا يدورون على صوت الموسيقى المرتفع ، لم يكونوا يرقصون بل كانوا يريدون أن ينفذوا أوامر الأستاذ ، بعضهم كان الثمل باديا عليه ، وكانوا يدورون في المكان نفسه ، اقتربت مني ماجدة وقالت ضاحكة : ألن ترقصي ياحلوة ، قبل أن أرد عليها قال عدي : لا ، المدام اليوم لاترقص ، اليوم تتفرج عليكم دكتورة ، وبعد ذلك سترقص حتى تشبع ، التفت إلي عدي بعد أن انصرفت ماجدة الى الرقص ، وهمس : تعرفين أنك جميلة ، وحرام أن تكوني بتلك النفسية ، يعني لماذا فعلت كل ما فعلت ها، على العموم الكل يعرفون بأني أسامح الناس كثيرا وخاصة الذين أحبهم ، ثم أشار الى رجل كان يقف قرب الباب ، فجاء راكضاً : أمرك أستاذ ، قال له : روح ابني ، احضر العلبة الموجودة في السيارة . حاضر أستاذ ، قالها الرجل ثم اندفع راكضا غادر القاعة وعاد بعد أقل من دقيقة يحمل علبة مجوهرات ، قدمها لعدي ووقف ينتظر ، نظر اليه عدي وهو يضع سيجارا بين شفتيه وقال : ابني ، اشعل لي السيجار ، ثم انصرف . أشعل الرجل السيجار ثم عاد الى مكانه الذي كان يقف فيه ، فتح عدي العلبة ، وأخرج مافيها الكثير من الأساور والعقود والساعات ، اختار منها قطعتين وأغلق العلبة ، نظر الى وجهي ملياً ثم قدم لي ساعة من الذهب الخالص ، وعقد ألماس ، وقال وهو يسحب نفساً عميقاً من سيجاره : هذه للتعارف فقط مدام ، ونادى بصوت مرتفع : أديب ، أديب . توقف أديب شعبان عن الرقص ، وجاء بسرعة قال وهو يلهث : نعم أستاذ . رد عدي : اسمع أديب المدام تنزل في بيت الأعظمية ، وتخلون هاي البنت ، مااسمها ؟ رد أديب : زينب أستاذ ، قال عدي : نعم زينب ، تخلون زينب تقوم بخدمتها ، وسيارة تحت أمرها بدون سائق المدام تقود سيارة أحسن منك أديب ولذلك فهي ليست بحاجة الى سائق . ضحك عدي ضحكة قوية وضحك أديب من مداعبة عدي له ، ثم أضاف عدي بهدوء : سأذهب الآن ، أوصلوا المدام الى البيت وخلي أبو حسين يحرسها ، لا نريد أن يؤذيها أحد المدام غالية علينا ، أليس كذلك مدام ؟ ظللت صامتة دون أن أنبس بحرف واحد ، نهض عدي واقفاً فتوقف الجميع عن الرقص ، واتجت أنظارهم اليه ، قال وكأنه يخطب ، وهو يحرك السيجار في يده : اسمعوني جيداً ، اليوم أنا مضطر لترككم وحدكم ، لكن استمتعوا بوقتكم ، ولا تفكروا إلا بأن تفرحوا ، سأذهب الآن ، هتف أحد الواقفين : كلنا نحبك ياأستاذ ، فرد الجميع كلنا نحبك ياأستاذ ثم غادر القاعة وكان وراءه مجموعة من المرافقين ، وأيضاً من البنات . عدت للجلوس علىالطاولة وجاءت ماجدة وجلست على الكرسي الى جانبي نظرت الى الساعة وعقد الألماس وقالت بدهشة : ياالله ، ماأجمل هذه الساعة وهذا العقد بيطير العقل ، مبارك يا حلوة ، أرأيت كرم الأستاذ ، إنه يعطي الذين يحبهم كل شيء .
قال أديب شعبان مبتسماً : دكتورة ماجدة الأستاذ كريم دائماً ، ولهذا فكلنا نحبه .
قلت لها :
- مدام لاحظت أنك لم تتحدثي أبداً لا مع عدي حين كان جالساً معك ، ولا مع ماجدة وأديب شعبان.
- لأني لم أتحدث ، يعني كنت أرد على كلام عدي بهزة رأس أو نعم أو شكراً لأني كنت خائفة ومرتبكة ، قلت لنفسي إذا لم أرد عليه فربما يقتلني أو يأمر رجاله فيقتلون ابني ، وكنت أريد معرفة مصير ولدي ، كنت أريد رؤيته والاطمئنان أنه بخير ثم بعد ذلك فليفعلوا ما يريدون بي ، ليس فقط يقتلونني بل يقطعونني ويرمون قطعي في دجلة ، أما مع الآخرين فكنت لاأعرف ماالذي يمكن أن أقوله يعني ماذا أرد عليهم مثلاً ، تصدق لم أكره أحداً منهم ، لكن كرهت نفسي أكثر ، بحثت عندهم عن خلاصي فلم أجده ، لأنهم لم يكونوا يمتلكون وسيلة لإنقاذي ، ولذلك فلم أكرههم ، لكني لم أستطع تقبلهم .
- بعد ذلك أخذك أديب شعبان الى البيت ؟
- لا ليس أديب ، بل أبو حسين وهو سائق من سائقي عدي كنت أراه أحيانا في اللجنة الأولمبية ،كان شكله مخيفاً ، وصلنا الى البيت فأنزلني ودون أن يقول كلمة واحدة فتح لي باب البيت وأدخلني ، ثم قال وهو يشعل الأضواء في الصالة : سيدتي أنا موجود هنا لحمايتك ، وستأتي زينب لخدمتك ، إذا احتجت أي شيء ، فقط ناديني وسأكون عندك خلال ثوان ، قلت له : خوية ، أنا أريد ان أرى ولدي ، فرد عليّ بتجهم : ولدك ! أنا لاعلم لي لا بأولاد ولا بأي شيء ، أنا نهمتي أن أحميك فقط، ولا شيء آخر ،اتفقنا مدام . جلس أبو حسين على الأريكة التي في الصالون بينما دخلت أنا الى غرفة أخرى ، كانت الغرفة مجهزة بأثاث فاخر جداً ، وعلى الجدار كانت هناك صورة كبيرة للرئيس صدام وصورة أصغر منها قليلا لعدي ، وهناك صور أخرى صغيرة معلقة على الجدار أيضا لعدي وهو يحمل بندقية الصيد ، وهو يركب الحصان ، وهو يضحك ، وهو يدخن السيجار ، وصور أخرى كثيرة .جلست على طرف السرير وأخرجت علبة التبغ وصرت أدخن ، بعد قليل شعرت بجوع جديد ، وصار رأسي يؤلمني بشدة ، حاولت النهوض عن السرير فلم أستطع ، ناديت أبو حسين فجاء راكضاً ، قلت له بأني جائعة ،فقال بانزعاج : جائعة ، لم يقولوا لي بأنك لم تأكلي ، سأذهب لأحضرلك الطعام ، وسأعود بعد قليل ، الملعونة زينب كان يجب أن تصل قبل ربع ساعة لكنها تأخرت ، سأعود في الحال مدام ، هناك مطعم قريب في آخر الشارع لن أتأخر عليك ، فلا تقلقي . خرج أبو حسين من الغرفة وحين سمعته يغلق الباب وسمعت صوت سيارته تتحرك ، استجمعت قواي كلها ونهضت ، وصرت أبحث في البيت عن مخرج يمكن أن أهرب منه ، دخلت الى المطبخ فوجدت نافذة غير مغلقة من الخارج فتحت النافذة وقفزت منها الى الخارج ، ركضت بسرعة في الشارع ، كان فرحي شديداً، أحسست بأني تخلصت من الموت وقبل أن أفكر بالمكان الذي سأذهب إليه سقطت بسبب حجر صغير تعثرت به ، كنت أحاول النهوض حين امتدت يد لتمسك بي من الخلف حين نظرت كان أبو حسين يبتسم وهو يضغط بكل قوته على كتفي ، قال ساخرا : ها مدام قررت تموتيني ، أنا ذهبت لأحضر الطعام لك وأنت تفتحين باب النار بوجهي ،وكان حظي جيدا لأن المطعم قريب ولحقت بك قبل أن تهربي ، مدام أبو حسين لاتأكل عقله امرأة ، سبع سنوات بالمخابرات وتمر علي مثل هذه الألاعيب ، لا يامدام أنا أبو حسين وأسألي عني ، سحبني بشدة واقتادني الى البيت ، أدخلني الى الغرفة ووضع الطعام بكل لطف على الطاولة ثم خرج من الغرفة ، تصور أنه لم يغلق الباب ، بسبب الجوع نسيت حزني على فقدان هذه الفرصة بالهروب ، انقضضت على الطعام وبدأت آكل ، ولم أنتبه الى أن هناك أحدا كان واقفاً قرب الباب ، رفعت رأسي ونظرت حين أحسست بحركة فرأيت امرأة تقف وتبتسم ، قالت : يخسا الجوع مدام ،أنا اسمي زينب وأنا في خدمتك ، كانت فتاة في العشرين تقريباً ، ترتدي ثياباً ريفية ، دعوتها لتشاركني الطعام أحسست في وجهها طيبة لم أرها منذ زمن طويل ، اعتذرت عن مشاركتي وقالت لي بأنها ستحضر لي الشاي .
صباح اليوم التالي أيقظتني زينب ، كنت نائمة مرتدية ملابسي ، وفي المكان الذي كنت آكل فيه ، أخبرتني زينب بأنها وجدتني نائمة حين أحضرت الشاي ، جلست زينب على طرف السرير وسألتني عن سبب حزني فأخبرتها قصتي كاملة ، كنت بحاجة لإنسان واحد أحكي له ماحدث معي ، بدا عليها الحزن الشديد وهي تستمع الى ماقلته ، ثم قالت بحماسة : لا تهتمي ، إن شاء الله سأجد ولدك ، ابن عمي مرافق الأستاذ وسيقول لي أين يضعون الولد ، ولكني لن أستطيع مساعدتك كي تهربي ، أبو حسين لن يغادر البيت أبدا ، ولكن إن استطعت أنت أن تقومي بخداعه فسوف أساعدك ، عانقت زينب كأخت ، أنا التي لا أخوة ولا أخوات لي ، في المساء جاء أبو حسين وأخبرني أن أستعد للذهاب الى مزرعة الأستاذ فهناك حفلة ، ساعدتني زينب في ارتداء ملابسي ، صعدت في السيارة وانطلقت بسرعة شديدة ، بعد نصف ساعة تقريبا وصلنا الى مزرعة كبيرة ، محاطة بأشجار النخيل من كافة أطرافها ، على الفور نزلنا من السيارة ، لم ألاحظ أن هناك مايشير الى وجود حفلة أو سهرة، الهدوء كان يعم المكان بأسره ، أمسكني أبو حسين من ذراعي وقادني بهدوء شديد الى مدخل المزرعة ، سرنا مسافة طويلة قبل أن نصل الى البناء الفخم المشيد وسط المزرعة ، توقفنا عن متابعة السير ، تركني أبو حسين في مكاني وتوجه الى الباب ، رن الجرس ، وماهي إلا ثوان حتى فتح الباب وأطل منه عدي ، كان يرتدي كلابية ويضع على رأسه كوفية ، قال عدي فوراً : ياهلا بابو حسين ، ياهلا مدام ادخلا، دخلنا الى البيت ، كانت الضواء خافتة ، جلس عدي على كرسي مرتفع قليلا ، وأشار لي بان أجلس على كرسي قريب من كرسيه ، ظل ابو حسين واقفاً ، أشار له عدي بيده ، فقال متلعثماً : صار أستاذ ، وغادر البيت مغلقا الباب خلفه، نظر إليّ عدي لثوان ، ثم تناول من قربه زجاجة كحول صب في كأس وقدمه لي قلت له : أشكرك أستاذ أنا لاأشرب ، قال ضاحكا : مع عدي كل الناس يشربون ، ماكو أحد مايشرب ، مفهوم .
شعرت بأنه سكران ولذلك فقد قررت ألا أجعله يغضب ، لأني تذكرت أن أبي رحمه الله حين كان يسكر لا نزعجه أبدا لأنه حين يكون عصبياً ، يصير يضرب ويشتم دون أن يعرف ماذا يتصرف ، مد لي الكأس مرة أخرى فتناولته من يده وقربته من فمي تظاهرت بأني أشرب ، بينما هو يراقبني ويضحك ، والسيجار لايفارق يده أبداً.
نهض بعد ربع ساعة تقريباً وسحبني من يدي وقادني الى الداخل ، كان يغني ويتمايل وهو يجرني كأني لعبة في يده ، أدخلني الى غرفة النوم ، ودفعني بشدة فارتميت على السرير ،صار يتاملني وهو مازال واقفاً قرب الباب ، ثم انقض عليّ كأنه الذئب وصار يعضني ، ويعصرني بشدة ، وأنا أصرخ ، لم أدر سر تلك القوة التي جاءتني وجعلتني أرفسه بقدمي ، ثم أنهض وأركض بسرعة مغادرة البيت ، ولكن ، في الحديقة كان أبو حسين يقف وحين رآني ، اندفع وأمسك بي ، ثم أعادني الى الداخل حيث كان عدي يقف في الصالة ضاحكا وينظر الى وجهي ، قربني أبو حسين منه فهوى بكفه على وجهي ، ثم شدني من شعري وأدخلني الى غرفة النوم مرة أخرى ، وصار يضربني وهو يصرخ ويلعن ويشتم ، ظل يضربني حتى لم أعد أحس بشيء ، بعد ذلك بدأ يهدأ هكذا بدا لي وجهه ، حين اقترب مني وقال هامساً : ها ، ياحليوة ، ماكو أمل يصير عندك عقل ، بكيت بحرقة ، فنهض غادر الغرفة وتركني وحيدة ، لم يغب سوى فترة قصيرة وبعدها عاد وكان غاضباً ، انقض عليّ مرة أخرى و
تنفجر سلمى باكية ، ينقطع الحديث وترجوني بأن أبتعد عنها ، خرجت من الغرفة الى غرفة التحرير ، ظللت جالساً في الغرفة الأخرى قرابة العشر دقائق ، ثم عدت الى الغرفة الثانية حيث كانت سلمى هناك ، جلست على المقعد المواجه لها ، كانت لازالت تبكي وفور رؤيتي انفجرت صارخة: دمرني ، مزقني مثل الذئب ، لم يرحمني لحظة واحدة ، بعد أن غادر الغرفة بقليل جاء أبو حسين وقال لي : ياالله مدام ، خلينا نروح ، الأستاذ متضايق ، لماذا جعلته يغضب .
سألتها : - يغضب ؟ ولماذا ؟ ألم ينل كل ما أراده منك ؟
نعم يغضب لأني قاومته ، ومانعت كثيراً ، ولذلك فهو اعتبرني سافلة ، نعم سافلة ، هذا ماقاله وأنا أغادر البيت ، وقبل أن نخرج تماما صرخ بشدة : أبو حسين ، خلي فارس يداوي الست ، تفو يلعن أبو هكذا نساء .
وضعني أبو حسين في السيارة وانطلق ، وصلنا منتصف الليل تقريبا الى بيت الكرادة ، أنزلني أبو حسين واقتادني صعدنا الأدراج ، فتح فارس لنا الباب ، وقال مبتسما : اتصل بي الأستاذ ،وقال عقل المدام مريض ، وأكيد الدواء عندي .

..::.. في الحلقة التاسعة ..::..

* كان المكان مظلما ، وكنت أحس بأنفاسه تخترقني ..


* ست سلمى الصراخ بآخر الليل لايناسبك ،
انصحك بالصمت ، كي أستطيع النوم ...

* وضعت في قبو وبدأ فارس بتعذيبك ، كم استمر هذا الأمر؟


" أراكم في الحلقة القادمة إن شاء الله "



 
التعديل الأخير:

شـبـێـہ ٱلـرێـح

عضوية معلقة
إنضم
3 يناير 2009
المشاركات
0
مستوى التفاعل
487
النقاط
47
الإقامة
انتـظـرونـي ان شـآء الله ^ *



الحلقة التاسعة :



تحدثت سلمى في الحلقة السابقة عن تفاصيل اقتيادها الى مزرعة عدي ، وكيف تصرف معها عدي بوحشية ونال منها ولكنه كان متضايقا كثيرا بسبب عنادها ، وقد أوعز الى أبو حسين بأن يأخذ سلمى الى بيت فارس رئيس مسؤول ورشة التعذيب لكي يداويها ،



قاطعتها وهي تدخن سيجارتها بعصبية واضحة وقلت لها :
- مدام ، كان يقال عن عدي بأنه يصل الى ما يريده مباشرة دون الحاجة الى الانتظار مدة طويلة ، فهل هناك مبرر برأيك لانتظاره كل تلك المدة حتى يصل اليك ؟
- هذا السؤال أنا نفسي سالته مرات ومرات ، ولم يجبني عليه سوى الدكتورة ماجدة لقد قالت لي : لو كان الأستاذ ليس صيادا ماهرا لتصرف منذ البداية ونال منك ، ولكن حبه الشديد للصيد جعله يصبر ، ويبحث عن أكثر من وسيلة لاصطيادك .
- إذن فعدي كان يعتبرك فريسة ، وهو صياد
- طبعاً . هذه هي الصورة التي نقلتها الدكتورة ماجدة والتي تعرف عدي جيدا ، وتعتبره صديقا وهو يعتبرها كذلك ، وسمعت فيما بعد بأنها حصلت على الكثير من صداقتها له ، ومنها عقود نفط ، ومجوهرات ، وأشياء كثيرة أخرى.
- سيدة سلمى هل يمكن أن نعود الى ماحدث بعد أن استقبلك فارس
هنا توقف جهاز التسجيل عن العمل ، أبدلت شريط التسجيل ، وأشرت لسلمى بيدي كي تبدأ الكلام ، فبدأت تكمل حكايتها التي أصرت هي على أن تسميها مأساة .
- بعد أن أخذني أبو حسين الى بيت فارس انزلني فارس الى قبو البناية التي فيها البيت ، تركني هناك واغلق الباب ، وكان يقول وهو يخرج : من قال بأني لاأستطيع شفاء الأمراض المستعصية ، والله لأكسر رأسك . كان المكان مظلما بشكل غريب ، ولا أي خيط من الضوء ينبعث ، ارتميت على الارض من شدة التعب ،تذكرت ماحدث معي فانفجرت بالبكاء ، مرت حياتي أمام عيني ، كرهت كل لحظة عشتها في حياتي ، وتذكرت ولدي ، صرت أصرخ وأنادي : ياولدي ، ياولدي ، سمعت خشخشة مفاتيح ، وسمعت الباب يفتح اندفع ضوء قوي الى الداخل للحظات ثم انقطع مع اغلاق الباب ، سمعت فارس يقول : ست سلمى الصراخ بآخر الليل لايناسبك ، انصحك بالصمت ، كي أستطيع النوم ، وتستطيعين أنت ايضا النوم .
كان المكان مظلماً ، والهدوء يجعل أية حركة مسموعة بشكل واضح، وكنت أحس بأنفاسه قريبة من وجهي ، لكني لم أكن أراه ، أحسست بيده تمسكني ، وتشدني بقوة ، وقال هامساً وأنا أحاول التخلص منه: تدرين مدام ، لولا أن الأستاذ وضعك في باله منذ اليوم الأول لدخولك اللجنة لاختطفتك ، أنت جميلة جدا مدام ، والآن الفرصة لي لكي أستمتع بك ، لا يوجد من يرانا . حينها صحت ولا أدري كيف خطرت لي تلك الفكرة : إذا لمستني سأقول للأستاذ ، وأنت تعرف ماذا سيفعل الأستاذ حين يعلم بأنك اقتربت مني ، قال مرتبكا : تقولين للأستاذ ، لا مدام ، احذري أن تفعلي ذلك ، والله إذا علم الأستاذ عدي بأني لمستك لمساً سيقطع عنقي ، انتهى الموضوع ، لكن مسألة تأديبك لم تنته مدام ، سأتركك الآن ولكن توقعي دخولي في أي وقت ، أنا لن أتركك وحيدة بعد هذه اللحظة . تركني وانسحب بهدوء ، غادر الغرفة وأغلق الباب ، حاولت لملمة نفسي والسيطرة على الخوف الشديد الذي صار يشاركني أوقاتي كلها ، لم أدر كم مر من الوقت ، لكني كنت نائمة حين فتح الباب مرة أخرى ، ودخل فارس يحمل بيده صحناً فيه طعام ، وقال لي وهو يقدم لي الصحن تفضلي كلي بعد قليل تبدأ الحفلة ، ظننت أن هناك حفلة يقيمها عدي وسيأخذوني اليها ، لكن الحفلة كانت عبارة عن صوت موسيقى قوية اندفعت من قلب الظلام الحالك ، يرافقها ضحك فارس الذي لم يتوقف ، استمر الأمر لا أدري كم من الوقت ، صرت أبكي وأصرخ لكن الموسيقى استمرت ، كنت اتخبط مثل المجنونة تماما وأنا ابحث عن ذلك الملعون الذي كان صوت ضحكه يمزقني ، صرت أدور في مكاني وانا أصرخ : كفى ، كفى ،أحسست بأن طبلة أذني تمزقت وأني فقدت السمع حين توقفت الموسيقى فجأة وعاد الهدوء الخانق ليسيطر على المكان ، حاولت إخراج صوتي لأتأكد بأن سمعي مازال بخير ، قلت : حرام ، حرام ، فخرج صوتي مبحوحاً ، واندفعت ضحكة صغيرة ، وبعدها قال فارس : حرام ست سلمى ، والذي تفعلينه ليس حراماً ، ترفضين النعمة التي أرسلها الله إليك ، وترفضين الأستاذ عدي ، من أنت لترفضي الأستاذ ، تدرين لولا أنه يريدك لصرت الآن في دجلة ، مدام سلمى ماكان قبل قليل هو بداية احتفالاتنا التي لن تنتهي ان شاءالله أنت لا تدرين كم تجعلني هذه الاحتفالات سعيدا ، الله كم هو رائع أن يحتفل الناس ، اليس كذلك مدام ، ألا تحبين الاحتفالات أنت أيضا ، ها تكلمي مدام ، ثم شدني من شعري وسحلني على الأرض وكنت أصرخ بشدة .وكل فترة كان يتكرر هذا الأمر مرتين أو ثلاثاً.
- مدام وضعت في قبو وبدأ فارس بتعذيبك ، كم استمر هذا الأمر؟
- لا أدري يمكن يومين أو ثلاثة أيام أو خمسة لاأدري الليل والنهار متشابهان تماماً ، ظلام دامس وصراخ وموسيقا عالية تصم الآذان ، وسحل ، كنت أسحل كأني نعجة مذبوحة ، كان يربط قدمي ويبدأ يسحلني على أرض الغرفة ، وهو يضحك دون توقف إلى الآن أستغرب ماالذي كان يضحكه ، كان يستمتع وهو يسمع صراخي، وتوسلي اليه ، بعد لاأدري كم من الأيام فتح الباب ودخل ثلاثة رجال ، كان الذي في الوسط عدي ، عرفته لأنه كان أطولهم ، أضيء المصباح وتأكدت فعلا بأنه عدي كان يحمل سيجاره ويبتسم ، كنت مرتمية على الأرض الباردة ، نظر الي عدي متأملا وقال وهو ينظر الى أديب شعبان : هل تعتقد أن الست تربت . رد أديب : أكيد أستاذ المدام إنسانة واعية ومتعلمة ولا يمكن تظل تعاند بلا سبب ، يعني الموضوع منته مثل ما قال فارس ، ونحن واثقون بأن عقلها سيرشدها الى الطريق الصحيح أليس كذلك مدام ؟ لم أرد لم أقل شيئاً ، صاروا يضحكون ثم أشار عدي لفارس فحملني وأخرجني من القبو كان الوقت نهاراً ، وضعني فارس في السيارة ، التي انطلقت بسرعة ، كان فارس يقود السيارة وقربه كان يجلس شخص لم أره من قبل ، بعد قليل وصلنا الى منزل الأعظمية ، انزلوني من السيارة وسحبوني سحبا الى الداخل ، حين رأيت زينب في الصالون ارتحت قليلا ، ورغم عدم قدرتي على الكلام الاّ أني سألتها عن ولدي ، فأشارت لي بيدها أن أسكت ، فسكت ، أدخلتني زينب الى الحمام ، ووضعتني في الحوض ، وفتحت مرش الماء ثم أجرت لي حماما ، واثناء ذلك قالت لي بأن قريبها عرف بأنهم يضعون ولدي عند زوجة أحد أفراد مرافقة عدي وأن زوجة ذلك الرجل متضايقة من وجود الصغير عندها لأنه يبكي طوال الليل ويطلب أمه ويزعجها مع أولادها الثلاثة ، وقد طلب قريب زينب من العقيد عامر أن يسمح له بأخذ الصبي ووضعه عنده لأن زوجته لن تغضب من وجوده ، كلام زينب جعلني أنسى كل مامر ، صدقني ، انتهت همومي وأوجاعي كلها يعني ابني بخير ، ويمكن يصير بأيدي أمينة ، زينب وعدتني بأنها هي من ستهتم بالصغير وستحاول قدر المستطاع أن تؤمن لي فرصة لرؤيته ، كان هذا الشيء الأكثر أهمية بالنسبة لي
- مدام ، بعد وضعك في بيت الأعظمية ، واطمئنانك على الصغير ماالذي حدث تماما ؟
- صار الأمور تتم في البداية بشكل عادي لاشيء ، أنام واستيقظ وأسأل كل يوم عن ابني ، كان أبو حسين يأتي مرتين في اليوم ، وكان الباب مقفلا طيلة الوقت ، كل احتياجات البيت مؤمنة تقريبا ، ولا ينقص شيء أبدا ، أحضروا لي مجموعة كبيرة من ملابس السهرة ، والمكياجات والمجوهرات بعضها حقيقي وبعضها مزيف ، جاءت الدكتورة ماجدة لزيارتي مرتين وفي كل مرة كانت تقدم لي النصائح كي أهتم بنفسي ، وقالت لي : يريد الأستاذ أن يراك كما رآك أول مرة في اللجنة ، هو لايحب أن يراك بهذه الصورة ،ونصحتني أن أنسى كل ما حدث خلال الأيام الماضية ، وأحاول إرضاء الأستاذ ، لأني لم أر غضبه الحقيقي بعد ، هكذا أكدت لي ماجدة التي ودعتني لأنها مسافرة الى لبنان لأن لديها عملا ، وقالت بأنها ستحاول العودة بعد شهر أو شهرين ، ورجتني أن أتخلى عن عنادي كيلا أصاب بأذى ، صدقني ، شعرت بأنها صادقة وأنها تريد الخير لي وليس بيدها حيلة تجاه مايحدث ، عانقتني الدكتورة ماجدة وغادرت ، وتلك كانت المرة الأخيرة التي أراها فيها ، فكرت لمدة يومين فيما قالته ماجدة ، وفررت أن أعمل بنصيحتها ، بدأت الاهتمام بنفسي ، وصرت آكل بشكل جيد ، وطلبت من أبو حسين أن يخبر الأستاذ بأني أرغب في رؤيته ، غاب أبو حسين فترة بعد الظهر كلها ، وعاد مساء وطلب مني أن أجهز نفسي للذهاب الى سهرة يقيمها الأستاذ ، لبست أفخر واحد من الثياب التي جلبوها لي ، ووضعت عقدا ماسيا حول عنقي ، ثم ركبت في السيارة الى جانب ابو حسين ، وصلنا الى مزرعة عدي ، وكان عدي جالسا يدخن السيجار ، وبالقرب منه ذئب مربوط بسلسلة ذهبية ، أحسست بالخوف لرؤية الذئب ، لكن عدي قال ضاحكا : اقتربي ، لاتخافي ، هذا الذئب أحسن من البني آدم ، هذا ذيب مخلص ، يسمع الكلام ، اشار لي فجلست الى جانبه ، قدم لي كأس ويسكي ، فشربته دفعة واحدة كانت تلك هي المرة الأولى التي أشرب فيها الكحول ، لكن كما قلت لك قررت أن أعمل بنصائح ماجدة ، وهي قالت لي بأن عدي لايحب من لايطيع وكان علي أن اكون مطيعة تماماً ، بعد قليل وصلت سيارتان فيهما شباب وفتيات ، نزلوا بصخب وهم يضحكون ، سلموا على عدي ، وجلسوا على المقاعد القريبة من الطاولة ، ثم بدأ الشرب والغناء وماهي إلا نصف ساعة تقريباً ، حتى جاءت سيارة أخرى ، ونزلت منها الراقصة نوسة وهي ، وبدأ التصفير والتصفيق حين بدأت ترقص على أنغام الموسيقا التي كانت تعزفها فرقة موسيقية كانت موجودة في جانب المكان الذي كنا نجلس فيه ، استمر الوضع حتى منتصف الليل كان الجميع ثملين بمن فيهم أنا ، لم أكن فاقدة التركيز تماما ، لكني كنت أشعر بدوار يجتاحني ، أشار عدي للجميع فتوقفوا عن الحركة ولكنهم كانوا يضحكون بشكل هستيري ، قال عدي : اسمعوا ولاك ، انتم سكرانين ، ولازم الرجل بينكم يشوفنا كيف يمكن يبقى رجلا بعد كل الذي شربتموه ، قال أحدهم ضاحكا : وداعتك أستاذ ، أية امرأة موجودة هنا لايمكنها أن تقاومني ، ضحك عدي وقال : هيا دعونا نرى مراجلكم ، بدأ الرجال يخلعون ملابسهم مثل المجانين ، وكان عدي يراقب مايحدث ضاحكا ، ثم هجموا مثل الوحوش على الفتيات اللواتي كن يضحكن ، طارعقلي وأنا أرى ما يحدث ، أمسكني عدي من يدي وقال لي ضاحكاً: عزيزتي ، هذه أمتع لعبة في العالم ، شوفي الناس كيف يحبون بعضهم ، هذه هي المتعة ، عيوني الحياة شلون تقول الأغنية ها نعم الحياة حلوة بس نفهمها ، وأنا أفهم الحياة أكثر منكم كلكم ، أنا أعرف أكثر منكم ، ولأجل هذا فأنا أرى الحياة ليس كما يراها الآخرون ، لأنهم لايفهمونها وأنا أفهمها ، انتم مساكين تفكرون بأشياء غريبة، كلكم مساكين ، لكن أعدك بأن أعلمك كيف تعيشين الحياة ، اتفقنا ، هززت رأسي موافقة وأنا أشيح ببصري عن تلك القذارة التي كانت تحدث ، شيء ليس معقولا ، شيء مقرف حقا ، مثل الحيوانات تماما ، لا ، الحيوانات أحسن ، كان عدي يراقب بنشوة غريبة وهو يبتسم ، ويداعب رأس الذئب ، استمرت السهرة حتى سمعنا صوت أذان الفجر عندها نهض عدي ، وامسك بيدي وسرنا الى غرفة في الطابق الثاني من البناء الموجود وسط المزرعة تماما ، من شدة التعب ومن تأثير الخمر نمت مباشرة ، وحين فتحت عيني في الصباح ، ورأيت عدي نائما الى جانبي ، وكنت شبه عارية صرت أبكي بصوت مخنوق ، ولم أستطع التوقف عن البكاء إلاّ حين فتح عينيه ، خفت أن يتسبب بكائي بإزعاجه ، الحقيقة خفت من ردة فعله إذا رآني أبكي .
- سيدة سلمى ، هل يمكن أن تصفي لي تماما ماهي المشاعر التي كانت تنتابك ، وقد صرت عشيقة عدي صدام حسين ، يعني ، واعذريني ، ألم تشعري بأنك محظوظة مثلاً ، عفواً لجرأتي؟
- أستاذ أنا تهدمت حياتي كاملة ، قتلوا زوجي وأبعدوا ابني عني ، خربوا حياتي كلها وتقول لي محظوظة ، خوية ، أي حظ بعد أن تحولت حياتي بالكامل إلى هذا الشكل السيء ، أنا كنت أشعر بالكراهية لكل شيء في العالم ، ولنفسي في البداية ، كرهت كوني جميلة ولفت نظره ، وكرهت زوجي ، الله يرحمه ، لأنه لم يسمع كلامي حين طلبت منه أن نغادر بغداد ، حتى ابني كرهته ، لأن وجوده منعني من الانتحار ، وتقول لي محظوظة ، لكن ربما أكون محظوظة لأن عدي لم يلق بي لأتحول إلى واحدة من أولئك المسكينات اللواتي لاشك بأنهن مررن بظروف تشبه ظروفي وربما أقسى حتى تحولن الى ماهن عليه .
- وربما اخترن ذلك بأنفسهن ، طمعاً بالهدايا ، والحظوة ، و.....ز
- لا أستاذ اسمح لي ، لا يمكن هناك إنسانة أو إنسان يقبل أن يكون في ذلك الوضع الذي رأيتهم فيه إن كان في رأسه ذرة عقل واحدة ، يمكن لأنك لم تر الوضع تقول ذلك الكلام ، ولكن لو رأيت لغيرت رأيك ، ولبكيت لحالهم .
- تقصدين أن عدي فعل بهم مثلما فعل بك كي يصلوا الى ما وصلوا اليه ؟
- تماما ، وأنا واثقة من كلامي ، رجاله ومرافقوه يشبهون الذئاب الجائعة ، شرهون في الأكل والشرب والكلام ، في كل شيء هم شرهون ، وتشعر حين تنظر الى أي واحد منهم بأنك تنظر الى وحش لا إلى إنسان ، على الرغم من الثياب الأنيقة والعطورات الفاخرة والسيارات الفخمة .
- كيف هم شرهون؟
- تشعر وأنت تنظر اليهم بأنهم قادرون على التهام الطعام الموجود في الأرض كله ، وعلى اغتصاب النساء كلهن ، قبيحون بشكل لايتصوره العقل ، بشاعة لاحدود لها ، أتمنى ألا أرى في يوم من الأيام واحدا منهم لأني لا أدري ماالذي يمكن أن أفعله .
- مدام سلمى ، اعذريني للتعبير ، ولكن بعد أن صرت عشيقة عدي ماالذي تغير في حياتك ؟ أقصد هل خفت الضغوط التي كنت تعيشينها ؟ وماذا حل بولدك ؟.


في الحلقة القادمة :

* احتضنته ، وقبلته ، وكان ينظر إلى وجهي مستغرباً !!


* في الليل كان يحب أن أناديه عداوي ، يعني كان ينسى نفسه تماما في الليل ..

....:::...:::...::::...:::....::::...::::....::::....::::....::::....:::....::::.....:::::....

* اذهبي لاأريد رؤية وجهك لمدة عشرة أيام ، حملت حقيبتي وخرجت راكضة ..
 
التعديل الأخير:
أعلى