الشكوة

ابو نواف 2009

المراقب العام
إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
8,420
مستوى التفاعل
94
النقاط
48
الموقع الالكتروني
www.facebook.com
بسم:

قبل ان نخلع بدلة الحياة الاولى ، ونرتدي بدلتها المزيفة ، بالنياشين والازره اللامعه ، والاحرف المكويه ، كانت للحياة معنى اكبر واجل……….كانت الاغنام تملأ بثغائها الحوش في البيت ، وقبل ان تنير انوار الفجر خطوط الافق، كانت امي تصحو دون ساعة منبه ، كانت امومتها المتناغمة مع الحياة هي التي تذكرها وتنبهها……………… آه ما اطيب الامهات القديمات!!!!!!!!!!!!!.
تقرفص ودلو الحليب امامها ، وتحت درة العنزه ، تبدا خطوط الحليب تخترق صمت الصباح كاسياف البرق ، ملعلة في قلب الدلو.
تحمل امي الحليب برغوته ، التي تحاول الفرار عن شفة الدلو ، وتغلي منه، فنستقبل الصباح بكاس حليب ساخن ، ثم نعود ونلقي اللحاف على سيقان ارجلنا ، منتظرين الصباح كي يفيق من سباته.
تكتمل عين الشمس ، وتخترق اوراق الداليه امام البيت………. تحضر امي (الشكوةـ) الملفوفة باحكام ، والمثبته على ساق الداليه………… تنقعها بالماء، فيتسرب بعض الدباغ عن جلدها، فينجرح صفاء الماء.
SUU91931.jpg

تسكب دلو( رائب الامس) في بطن (الشكوة)…………. تفتح فوهتها التي تشبه فوهة الجراب ، تكف اطرافه بين اصابعها ، ثم تسكب الرائب…… تنفخهها حتى تصبح كبطن طفل احاط به البرد منذ امس(نام دون غطاء وانتفخ) ، اوكبطن غريق مليء بالماء.
تبدا رحلة الخض…….. تقبض باحكام على (الشكوة)……. تدفعها وتسحبها بحركة بانت لنا كقط سمين يتمرمغ على بساط الارض…….يستمر الخض بسواعد امي القوية بامومتها ، المشدودة بواجباتها
يكون ايقاع الخض رتيبا كالزفير والشهيق …….بعدها تفتح امي باب (الشكوةـ) ، تضيف كاس ماء بارد احضرناه لها من الجرة الملفعة بالخيش المبلول…… وعند سؤالها ، تجيب : "حتى تتماسك الزبده ولا تتفرفط……… " تستمر هذه الموسيقى ذات السلم الواحد ، امام عناد بعض الذبابات ، اللواتي يأبين الا ان يحطن على جلد (الشكوة) ، لامتصاص الملح.
يتوقف الخض……. تقف امي باسقة كشجرة الحور……. تحضر اناء…….. تسكب اللبن المخيض فيه بحذر………. يدها ضاغطة على رقبة (الشكوةـ) كصمام الامان ، كي لا تسمح بهروب الزبده مع اللبن………نحضر شربة ماء بارد ، وتسكبها في (الشكوة) الخالية من اللبن………… تنفخهها ثم تهزها بقوة بين يديها ، ثم تقلبها فجاة الى اسفل ، سامحة بخروج كل ما في بطن (الشكوة) فيخرج الماء دائخا ، وتطفو على سطحه قطعة الزبده البيضاء ، فتختلط ابتسامتنا مع فرح امي .
نقتطع بعض الخبز من الرغيف القادم قبل قليل من فم فرن الطابون، نمسحها بالزبدة ، نتفرق امام البيت ، تحت الداليه ، ننهمك بالتهام الزبدة اللذيذه مع شاي الميرميه ، نوزع انظارنا على امي ، والاغنام المجتره ، والداليه ، والخبزه ، والشاي ، والحياه.
تنظف امي بطن (الشكوة) من بقايا اللبن المتبقي باضافة الماء وسكبه عدة مرات ، ثم تفركها بالملح ، وتلفها بحنان ، وتثنيها باتقان ، على ساق الداليه…..تتساقط القطرات عن جلدها الاحمر كالدموع ، كانها تهتف بصمت الى النمل ان يحمل ما شاء من الماء المملح المتساقط.
كانت اياما احلى من الشاي ، وجلسات اصفى من البدر ، وضحك انقى من ماء البئر ، وبركة اوسع من ذمة شيوخ مرتزقة …………وفي كل هذا كانت امي هي مصدر الحياة لنا.
ابقاك الله يا امي….. يا حطب دفئنا ، ويا برد شوقنا.
بيعت الاغنام…….. تلفت (الشكوة)……. بكى النمل…….. ثم بكينا ، نحن على الايام السعيده ، التي فلتت من بين ايدينا ، كما يهرب الماء من بين اصابعنا.
واحسرتاه على جهلنا
 
إنضم
22 أغسطس 2009
المشاركات
157
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
اشكرك اخي على هذا الموضوع الذي اعتبرة من اجمل المواضيع
اكرر شكري وتقديري لشخصك الكريم
 

الذويبي

مراقب منتديات تطوير الذات
إنضم
6 سبتمبر 2009
المشاركات
10,651
مستوى التفاعل
42
النقاط
48
ولكن دارت الأيام.. وبان الخافي المستور
وصار الهـم متعلي على قمة ســــعادتنا


شكرا لك ابو نواف بارك الله فيك
 

ابو نواف 2009

المراقب العام
إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
8,420
مستوى التفاعل
94
النقاط
48
الموقع الالكتروني
www.facebook.com
اشكرك اخي على هذا الموضوع الذي اعتبرة من اجمل المواضيع
اكرر شكري وتقديري لشخصك الكريم
تشرفت بمرورك وازدان متصفحي بزهو نورك
وشكرا لجميل حضورك

يا هلآ وغلآ
 

ابو نواف 2009

المراقب العام
إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
8,420
مستوى التفاعل
94
النقاط
48
الموقع الالكتروني
www.facebook.com
ولكن دارت الأيام.. وبان الخافي المستور
وصار الهـم متعلي على قمة ســــعادتنا


شكرا لك ابو نواف بارك الله فيك

وفيكم يبارك
تشرفت بمرورك وازدان متصفحي بزهو نورك
وشكرا لجميل حضورك

الله المستعان
يا هلآ وغلآ

 
أعلى