غسيل الاموال ومكاافحتها

جريح الليالي

Well-Known Member
إنضم
16 سبتمبر 2012
المشاركات
12,453
مستوى التفاعل
32
النقاط
48
الإقامة
السعوديه
شكل موضوع غسيل الأموال ومكافحة غسيل الأموال قضية هامة خلال السنوات الماضية، وقلما اجتمعت جهود الدول على موضوع مثلما اجتمعت عليه في هذا الموضوع ، بحيث لم نعد نرى دولة من الدول يخلو تشريعها من تناول هذه القضية وإن تفاوتت في مدى الشدة في المعالجة ومدى توسع دائرة التجريم بين تشريع وآخر، وهكذا أصبح موضوع غسيل الأموال ومكافحته موضوعا هاما لرجال القانون والقضاء وأجهزة العدالة والأمن بالإضافة إلى أنه موضوعا مركزيا في إدارات البنوك والمؤسسات المالية وتحديا جديا لعملها وخاصة مع تطور وسائل الإتصالات والوسائل التكنولوجية المتطورة التي تستخدمها هذه البنوك والمؤسسات المالية ، لأن المصارف والمؤسسات المالية تظل الأكثر استهدافاً لإنجاز أنشطة غسيل الأموال فهي مخازن المال أصلاً ويحاول المجرمون تلبيس الأموال القذرة صفة المشروعية من خلال سلسلة من العمليات المصرفية ، ويمكن اعتبار الخدمات البنكية المتعددة والمتطورة باستمرار خير السبل لإخفاء المصدر غير الشرعي للمال، رغم وجود وسائل أخرى يقوم بها غاسلوا الأموال كشراء العقارات والأصول الثمينة الأخرى.
ولتقدير حجم المشكلة ولماذا تضافر كل الجهود الدولية في مجال مكافحة غسيل الأموال ، لعله من المفيد الذكر أن التقدير الحالي للأموال التي يجري غسلها في أمريكا تتجاوز 100 بليون دولار وفي العالم تتجاوز 300 بليون دولار. وطبقاً لتقرير صادر عن وزارة الداخلية الروسية ، فإن في روسيا وحدها 80 ألف عصابة منظمة تعمل في مجالات المخدرات والدعارة وتزوير العملات وغسيل الأموال وغيرها من الأعمال غير المشروعة وتسيطر هذه العصابات على 40 ألف مؤسسة مالية.
وذكرت صحيفة أمريكية أن أموال العصابات الروسية التي جرى غسلها عن طريق بنكين أمريكيين فقط تقدر 15 مليار دولار.

ماذا يعني غسيل الأموال:

غسيل الأموال يعني باختصار إظهار المال ذي المصدر غير المشروع وكأن له مصدراً مشروعاً. أو بعبارة أخرى اسباغ المشروعية على العائدات الجرمية والتي تدعى بالأموال القذرة ليتاح لمالكيها إعادة استخدامها بسهولة ويسر.
ويعرف دليل اللجنة الأوروبية لغسيل الأموال الصادر عام 1990 بأن غسيل الأموال هو ( عملية تحويل الأموال المتحصلة من أنشطة جرمية بهدف إخفاء أو إنكار المصدر غير الشرعي والمحظور لهذه الأموال، أو مساعدة أي شخص ارتكب جرماً ليتجنب المسؤولية القانونية الناجمة عن الإحتفاظ بمتحصلات هذا الجرم) ، وهنا لابد من توفر المعرفة بأن هذه الأموال متحصلة عن جريمة.
وعرف المشرع السوري (المرسوم 33) غسيل الأموال بأنه كل سلوك يقصد به إخفاء أو تغيير هوية الأموال التي لها علاقة بعمليات غير مشروعة وذلك تمويها لمصادرها الحقيقية ولكي تظهر على أنها ناشئة عن عمليات مشروعة. وأوضح المشرع أنه :
أ‌) يعد من قبيل ارتكاب جرم غسيل الأموال كل فعل يقصد منه:
1- إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة بأي طريقة.
2- تحويل الأموال أو استبدالها مع علم الفاعل أنها أموال غير مشروعة.
3- تملك الأموال غير المشروعة أو حيازتها أو إدارتها أو استثمارها أو استخدامها مع علم الفاعل أنها أموال غير مشروعة.
وتمشيا مع مايسمى اليوم بالجهود الدولية لمحاربة الإرهاب فقد نص المشرع السوري ( الفقرة ب المادة 2) عى أنه " يعد من قبيل جرائم الإرهاب كل فعل يقصد منه تقديم أو جمع أموال بأي وسيلة مباشرة أو غير مباشرة من مصادر مشروعة أو غير مشروعة بقصد استخدامه في عمل إرهابي في الأراضي السورية أو خارجها."
ونرى هنا أن المشرع السوري أضاف جرم فعل آخر لايتسق وفكرة مكافحة غسيل الأموال على اعتبار ان جرم غسيل الأموال يتأتى أساسا من أموال قذرة من مصدر غير مشروع فنص على تجريم اسنخدام أموال ولو كانت من مصادر مشروعة في عمل إجرامي.

أما المشرع اللبناني فقد عرف جريمة غسيل الأموال (القانون 318) في مادته الثانية بأنه:
يعتبر تبييض أموال كل فعل يقصد منه:

1. إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة أو إعطاء تبرير كاذب لهذا المصدر، بأي وسيلة كانت.
2. تحويل الأموال أو استبدالها مع العلم بأنها أموال غير مشروعة لغرض إخفاء أو تمويه مصدرها أو مساعدة شخص ضالع في ارتكاب الجرم على الإفلات من المسؤولية.
3. تملك الأموال غير المشروعة أو حيازتها أو استخدامها أو توظيفها لشراء أموال منقولة أو غير منقولة أو للقيام بعمليات مالية مع العلم بأنها أموال غير مشروعة.
وفي الأردن ذكرت التعليمات الصادرة عن البنك المركزي الأردني رقم 10/2001 والمتعلقة بمكافحة غسيل الأموال بأنه :
يقصد بعملية غسيل الأموال ما يلــي :-
- إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة (المتأتية من عمل غير مشروع) أو إعطاء معلومات مغلوطة عن هذا المصدر بأي وسيلة كانت وتحويل الأموال أو استبدالها لغرض إخفاء أو تمويه مصدرها.
- تملك الأموال غير المشروعة أو حيازتها أو استخدامها أو توظيفها بأي وسيلة من الوسائل لشراء أموال منقولة أو غير منقولة أو للقيام بعمليات مالية .

وفي مصر عرف قانون غسيل الأموال (رقم 10 لسنة 2002) غسيل الأموال بأنه :
( كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أوالتصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة عن جرائم (من الجرائم المنصوص عنها في المادة 2 من القانون نفسه )، مع العلم بذلك ، متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال).


مصادر الأموال القذرة:

في البدء كانت تجارة المخدرات هي الجريمة المتصورة كمصدر للأموال القذرة وكان الهدف من مكافحة غسيل الأموال الناجمة عن تجارة المخدرات أن تكون وسيلة من وسائل مكافحة تجارة المخدرات، وبحيث تمنع المستفيد من أرباح هذه التجارة المحرمة دولياً من الاستفادة والتمتع من الأموال التي يجنيها من تجارته المحرمة . وأول النصوص القانونية في القانون الدولي في موضوع غسيل الأموال جاء في اتفاقية الأمم المتحدة(فيينا 1988) والمتعلقة بمكافحة أنشطة ترويج المخدرات.
ثم اتسعت الدائرة لتشمل أنشطة جرمية أخرى كتجارة الرقيق والإباحية والقمار غير المرخص والسرقات والنهب والسلب، وأنشطة الفساد المالي والوظيفي وخاصة في الدول النامية وأخيرا الإرهاب والذي طالما سمعنا في الآونة الأخيرة عن تضافر الجهود لتجفيف مصادر الأرهاب كوسيلة من وسائل مكافحته.
وفي المؤتمر الدولي لمنع الجريمة (القاهرة 1995) تم الإشارة إلى جرائم خطف الأطفال وتسخيرهم في أعمال غير مشروعة والإعتداء الجنسي عليهم ، وإلى جرائم ضد النساء وخاصة المهاجرات والهاربات من نيران الحروب والكوارث، وجرائم الفساد.

وبالعودة إلى قوانين منطقتنا المتعلقة بغسيل الأموال ومكافحته ،
نجد أن المشرع السوري أعتبر أن الأموال القذرة هي الأموال الناجمة أو المتحصلة من أحدى الجرائم التالية:
1- زراعة أو تصنيع أو تهريب أو نقل المخدرات أو المؤثرات العقلية والإتجار غير المشروع بها.
2- الأفعال التي ترتكبها جمعيات الأشرار(قانون العقوبات المواد 325-326) وجميع الجرائم المعتبرة دوليا جرائم منظمة .
3- جرائم الإرهاب المنصوص عنها في قانون العقوبات المواد 304 و 305 وفي الإتفاقات الدولية والإقليمية والثنائية التي تكون سوريا طرفا فيها.
4- تهريب الأسلحة النارية واجزائها والزخائر والمتفجرات وتصنيعها والإتجار بها.
5- الدعارة المنظمة والإتجار بالأشخاص والإطفال والإتجار غير المشروع بالأعضاء البشرية.
6- سرقة المواد النووية أو الكيميائية أو الجرثومية أو السامة أو تهريبها أو الإتجار غير المشروع بها.
7- نقل المهاجرين بصفة غير مشروعة.
8- سرقة واختلاس الأموال العامة أو الخاصة أو الإستيلاء عليها ، وتحويلها غير المشروع عن طريق النظم الحاسوبية.
9- تزوير العملة ووسائل الدفع الأخرى.
10- سرقة الآثار أو الممتلكات الثقافية والإتجار بها.
11- جرائم الرشوة والإبتزاز.
12- جرائم التهريب.
13- استخدام العلامات التجارية من قبل غير أصحابها.

أما القانون اللبناني فقد كان أقل اتساعا في تحديد مصادر الأموال القذرة فذكر أنها الناتجة عن إحدى الجرائم التالية (المادة الأولى):
1. زراعة المخدرات أو تصنيعها أو الاتجار بها.
2. الأفعال التي تقدم عليها جمعيات الأشرار المنصوص عليها في المادتين 335 و 336 من قانون العقوبات والمعتبرة دولياً جرائم منظمة.
3. جرائم الإرهاب المنصوص عليها في المواد 314 و 315 و 316 من قانون العقوبات.
4. الإتجار غير المشروع بالأسلحة.
5. جرائم السرقة أو اختلاس الأموال العامة أو الخاصة أو الاستيلاء عليها بوسائل إحتيالية والمعاقب عليها في القانون اللبناني بعقوبة جنائية.
6. تزوير العملة أو الأسناد العامة.

والقانون المصري ذكر مصدرا للمال القذر يشابه ماورد في القانون السوري واللبناني ، ولكنه وسع وبشكل واضح الإختصاص المكاني ، فذكر أن ذلك كله سواء وقعت جريمة غسيل الأموال أو الجرائم الأخرى التي تشكل مصدراً للأموال القذرة داخل أو خارج مصر بشرط أن يكون معاقبا عليها في كلا القانونين المصري والأجنبي.
وهكذا نستطيع إجمال مصادر الأموال القذرة والتي جرّمت القوانين والأنظمة غسيلها بمعنى اضفاء صفة المشروعية عليها بأنها الأموال المتحصلة عن أفعال جرمية طبقا للقوانين المحلية والإتفاقيات الدولية السارية.
ونلاحظ أنه نظراً لرغبة الدول مجتمعة في محاربة جريمة غسيل الأموال فقد تم تجاوز النطاق المكاني أو الإختصاص المكاني في معظم النصوص القانونية .


جرائم غسيل الأموال وأنماطها الجرمية:

يمكن تقسيم جرائم غسيل الأموال بشكل رئيسي إلى :

1- الجريمة الرئيسية: وهي جريمة غسيل الأموال ، وهي إمتلاك شخص طبيعي أو معنوي لأموال قذرة (متحصلة عن جريمة معاقب عليها في القانون) واتجاه نيته بشكل مباشر لعمليات يقصد منها غسل هذه الأموال القذرة بمعنى إضفاء صفة الشرعية عليها وإخفاء مصدرها القذر وإبرام الإتفاقيات المتعلقة بالتنفيذ.
2- جريمة المساعدة أو الإشتراك في جريمة غسيل الأموال بأي شكل كان. وهنا يتطلب الركن المادي للتجريم وهو توفر العلم بعدم مشروعية المال بمعنى توفر القصد .
3- جريمة حيازة الأموال القذرة أو امتلاكها أو الإحتفاظ بها ، وهي جريمة قصدية أيضا بمعنى أنه يجب أن يتوفر لدى الفاعل العلم بالطبيعة غير المشروعة لهذه الأموال.
4- الفعل السلبي ، أو جريمة كتم المعلومات وعدم الإبلاغ عن أنشطة غسيل الأموال المشبوهة ، أو الإهمال في كشفها أو مخالفة متطلبات الإبلاغ عنها.
5- ويمكن أن نضيف جريمة تمويل الإرهاب أو المساعدة بأي شكل من الأشكال في تمويله كون هذه الجريمة تم تضمينها في عدة حالات ضمن قوانين غسيل الأموال رغم اختلاف موضوعها وطبيعتها ، حيث أنه لا اعتبار لطبيعة الأموال سواء كانت قذرة أو نظيفة وإن العبرة في استخدام هذه الأموال في تمويل عمل إرهابي ، وهنا نرى أنه لابد من توفر القصد أيضا بمعنى العلم بأن هذه الأموال ستذهب لتمويل عمل إرهابي ، رغم وجود بعض الوقائع التي يمكن اعتبارها غير قانونية تم تجاوز الركن المادي أو القصد وتم اتخاذ إجراءات احترازية شديدة دون التأكد من توفر ركن القصد وخاصة من قبل بعض الدول المحمومة بفكرة مكافحة الإرهاب في عالمنا اليوم.

وواقع الأمر أن القوانين تختلف بين دولة وأخرى في التوسع بالأنماط الجرمية المتعلقة بغسيل الأموال ، ولعل أكثر التوسع اليوم نراه في القانون الأمريكي الذي ينص تفصيلا على العديد من صور المساهمة والمساعدة .
وفيما يتعلق بركن العلم بالنسبة للجرائم الثانوية الملحقة بجريمة غسيل الأموال كالمساعدة والإشتراك والحيازة وعدم الإبلاغ، فبينما جاء النص في بعض القوانين كالقانون السوري مثلاً عاماً يشترط العلم بعدم مشروعية مصدر الأموال ، ذكرت قوانين أخرى أركاناً بديلة لتوفر العلم ، كالقانون السوداني (مرسوم مؤقت 2003) الذي اعتبر الإهمال الجسيم ركناً بديلاً عن العمد أو التواطؤ . وربما كان القانون العماني أكثر شدة أيضا فقال في ركن القصد أو العلم بأن مصدر الأموال غير مشروعة "يعلم أو ينبغي لأن يعلم بأن الأموال متحصلة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن أعمال غير مشروعة" وهذا في واقع الأمر يمكن إعتباره إهمالاً بالتحري ، وكان أكثر شدة حين قال " ويفترض العلم بالمصدر غير المشروع للأموال أو الممتلكات مالم يثبت صاحب الحق أو الحائز للأموال والممتلكات عدم علمه بذلك" ونرى أن في ذلك ابتعاد عن المبادئ العامة ومدخلا لسلطة تقديرية ليس بالضرورة أن تكون في محلها.

الجهود الدولية المشتركة في مجال مكافحة غسيل الأموال:

نرى في واقع عالمنا أن مصادر الأموال القذرة هي في غالب الأمر ناتجة عن جرائم تقوم بها عصابات ومنظمات إجرام دولية تمتد أنشطتها لعدة دول بل وعدة قارات ، مما استدعى في المقابل أن تكون مكافحتها ذات صبغة دولية. ولنأخذ فكرة عن الحجم الدولي للمشكلة سأذكر بعض المعلومات المستقاة من مصادر موثوقة :
- طبقا لمعلومات الأمم المتحدة ، فإن العصابات الصينية التي تعرف باسم الترياد وهي تنتشر في كل أنحاء العالم وخاصة حيث توجد جاليات صينية ، ويمتد نشاطها من الإبتزاز إلى البغاء والمخدرات وتهريب الأجانب والأسلحة وأعمال الترفيه والإعلام والمصارف، مركزها الرئيسي في هونج كونج، ويقدر دخلها السنوي بأكثر من 200 مليار دولار. بالإضافة إليها فإن هناك العصابات الروسية كالمسماة فوري .ف.زاكوني وقيل أن من الأنشطة الثانوية لإحدى العصابات الروسية أنها تستورد سنويا أكثر من ربع مليون سيارة مسروقة مثلا، ثم هناك عصابات المافيا الإيطالية والياكوزا اليابانية والكوكانين في أمريكا الجنوبية، ومن الثابت أنه يوجد بين هذه المنظمات الإجرامية الدولية تعاون وثيق ومستمر.
- وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 200.000 طفل يعملون عبيدا في أفريقيا الغربية ، وأن عدد الأطفال الذين يعملون بالسخرة في العالم حوالي 250 مليون طفل، وأن مجرمي المتاجرة بالأطفال يبيعون الأطفال بسعر يتجاوز ألف ضعف لما يدفعونه لأهل الطفل للحصول عليه.
وطبقا لدراسة قدمت في ورقة خلفية لمؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة (1995)، وفي إشارة إلى الفساد تقول : أن لكل رأس عمولة 5% (على الأقل) ، وهذه العمولة من 100 ألف دولار تغري موظفاً صغيراً، ومن 100 مليون دولار تغري رئيس دولة أو رئيس حكومة. وترتبط في دول أفريقيا ( وفي دول أخرى بالطبع) الجريمة المنظمة بأنظمة سياسية ، يصبح معها المجرمون حكاما ويصبح الحكام مجرمين دوليين. ورغم أن المتداول في جريمة الفساد أنها ترتكب من المسؤولين والحكام ، فمن الطريف أن تسجل الدراسات والتقارير حالات عكسية أيضا، تبدأ من الفساد والإجرام وتنتهي بكراسي الحكم.
- طبقا لإحصائيات حكومية أمريكية فإن عملية التجارة بالهيروئين فقط تصل إلى 5.5 بليون دولار. وفي روسيا قدرت قيمة المخدرات المسوقة فيها بأكثر من 1.9 مليار دولار في العام 1999.
- أضف إلى ذلك مافيات تجارة وتهريب السلاح وهي ذات تأثير لايخفى على أصحاب القرار من سياسين وحكام في دول عديدة في العالم ، أضف أيضا مافيات الدواء والتي قد لاتكون معروفة للكثير من العامة رغم ماتقوم به من أعمال غير مشروعة في جانب ملموس من نشطات شركات الأدوية العالمية المشهورة والتي تمتلك نفوذاً هائلاً في سراديب اتخاذ القرار في الدول الكبرى ( تبلغ قيمة أرباح شركات الأدوية الخمس الكبرى في العالم ضعفي إجمالي الناتج المحلي للدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى مجتمعة)، ويكفي أن نذكر هنا كمثال ، أن الجمعية الصيدلانية الأمريكية للبحوث والتصنيع أنفقت خلال سنتين 236 مليون دولار على مجموعات الضغط الموالية لها، وقدمت 24.4 مليون دولار للأحزاب السياسية ذهب ثلاث أرباعها للحزب الجمهوري الحاكم اليوم في أمريكا. وفي بريطانيا يملك 15 عضوا من أصل 36 عضوا في جمعية سلامة الأدوية أسهما في شركات الأدوية أويعملون مستشارين لديها. وغالبا ماتحقق هذه الشركات عوائد عالية من المتاجرة في السوق السوداء غير المشروعة مستغلين منظمة التجارة الدولية وقواعدها.
ومن الواضح أن المنظمات الإجرامية الدولية تمتلك تنظيماً يفوق في كفاءته التنظيمية التنظيم الرسمي في الكثير من الدول، ويقود هذا التنظيم غير الرسمي أعمال الجريمة مستخدما كل وسائل الإدارة الحديثة بالإضافة إلى امتلاكه لبنوك وشركات مالية وشركات نقل وسياحة وأنشطة مختلفة. كل هذا يجعل من مكافحة جريمة غسيل الأموال والجرائم المنتجة للأموال القذرة تتطلب خبرات وكفاءة وتنظيم وجهود دولية متضافرة ومنظمة.

غسيل الأموال في القانون الدولي:

لقد كان النص الوارد في اتفاقية فيينا للأمم المتحدة 19/12/1988 المتعلقة بمكافحة ترويج المخدرات أول النصوص التي أشارات إلى مكافحة غسيل الأموال في القانون الدولي ، وتعلق الموضوع أساسا بمكافحة غسيل الأموال المتحصلة عن تجارة المخدرات وترويجها ، في محاولة من للتضيق على هذه التجارة المحرمة والتخفيف منها.
وبعد عام تقريبا نشأ إطار دولي عن اجتماع الدول الصناعية الست الكبرى سمي اختصارا ب FATF (Financial Action Task Force on Money Laundering) وفتحت العضوية لكل الدول الراغبة بالإنضمام . ووضعت هذه المنظمة أول دليل إرشادي لأنشطة غسيل الأموال على شكل 40 توصية دعيت بالتوصيات الأربعين.
بعد ذلك بعام أيضا تقريبا (1990) قام الإتحاد الأوروبي بإصدار الإتفاقية الأوروبية المتعلقة بإجراءات التفتيش والضبط الجرمي لغسيل الأموال ، ثم وعلى هدى التوصيات الأربعون صدر عن اللجنة الأوروبية في العام 1991 دليل الحماية من استخدام النظام المالي في أنشطة غسيل الأموال.
ومن جهة أخرى كانت اللجنة الدولية للنظام البنكي والممارسات الإشرافية قد أصدرت في كانون الأول من عام 1988 مبادئ إرشادية للحماية من جرائم غسيل الأموال والمسماة باللغة الإنكليزية BASLE Statement Of Principles.

ذلك بالإضافة إلى العديد من الإتفاقيات الإقليمية والدولية، الثنائية والمتعددة الأطراف ، وإلى العديد من المؤتمرات المتخصصة .

ومن المفيد أن نشير هنا إلى أنه نظراً للتطور المستمر في الوسائل والأساليب المستخدمة في جرائم غسيل الأموال ، يجعل من الصعب أو المستحيل على أي دليل إرشادي أن يتعرض إلى كل الأنشطة الجرمية الممكنة. وإن كان من الممكن أن يتضمن مبادئ وإجراءات عامة أو أطر ومؤشرات عامة تساعد على كشف محاولات القيام بغسيل الأموال، وهذا ايضا ما حاولت أن تفعله القوانين والتعليمات والأنظمة في الدول المختلفة.

جرائم غسيل الأموال ، الأسباب ،والآثار والظواهر:

بالإضافة إلى أنه ينظر إلى جريمة غسيل الأموال في بعض الأحيان كجريمة مكملة لجرائم أخرى تهدف إلى الإستفادة من الأموال الناجمة عن تلك الجرائم والأعمال غير المشروعة ، يمكن أن نرى أن لجريمة غسل الأموال بحد ذاتها أضراراً مباشرة كافية بحد ذاتها لتجريمها وتشريع العقاب على مرتكبيها والمشاركين فيها. ويمكننا تحديد بعض هذه الأضرار بما يلي:

1- تؤدي جريمة غسيل الأموال بشكل مباشر إلى زيادة كبيرة في السيولة المتوفرة لاتتناسب مع الزيادة في إنتاج السلع والخدمات مما يؤدي بدوره إلى زيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار.
2- إنخفاض في سعر الصرف للعملة المحلية وانخفاض في قدرتها الشرائية. كما تؤثر جرائم غسل الأموال على سعر الفائدة وعلى انتقال الأموال من الدول ذات السياسات الإقتصادية الجيدة ومعدلات العائد المرتفع إلى الدول ذات الإقتصاديات الفقيرة ومعدلات العائد المنخفضة، مما يؤثر على مصداقية الأسس الإقتصادية المتعارف عليها.
3- اختلال في توزيع الدخل وزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء ، والسيطرة على السوق بواسطة فئة قليلة من أصحب المشاريع الوهمية، ومن جهة أخرى منافسة غير عادلة فيما بين هذه المشاريع الوهمية أو المشتركة في جريمة غسيل الأموال وبين المشاريع الإستثمارية الحقيقية، مما يؤدي أيضا إلى هروب المستثمريين الجاديين الحقيقيين من الإسستثمار.
4- تساهم بالتالي جرائم غسل الأموال إلى تفاقم مشكلة البطالة بشكل مباشر وغير مباشر.
5- لجريمة غسيل الأموال أيضا تأثير سلبي مباشر على الإقتصاد القومي بما يشكله من استقطاع غير مشروع وغير محسوب من الدخل القومي ، كما يشكل تهربا من سداد الضرائب المباشرة ويؤدي بالتالي إلى نقص في الإيرادات العامة، وكذلك يؤثر على ميزان المدفوعات وعلى الميزان التجاري للدولة .
6- تؤثر جرائم غسيل الأموال أيضا على النسيج الإجتماعي والسياسي للدولة، فيستشري الفساد وشراء الذمم لموظفين عامين من شرطة وقضاء وسياسين وغيرهم، ونرى بعض المجرمين يصلون إلى المجالس النيابية بهدف الحصول على الحصانة لتساعدهم في التستر على أعمالهم غير المشروعة ، ومما يؤدي بالتالي إلى مزيد من المنظمات الإجرامية ومن ازدياد في قدراتها واستشراء مفاسدها بحيث نصبح أمام دوائر مغلقة من الفساد والإجرام المنظم.
7- ومن نتائج جرائم غسيل الأموال يمكن أن نلحظ تغلغل الجريمة المنظمة وبشكل واسع وسريع في الأعمال التجارية المشروعة ، مما قد يؤدي بالتالي إلى تخريب البنية الإنتاجية لهذه المشاريع وتحويلها من مشاريع منتجة مفيدة للإقتصاد والمجتمع إلى أدوات لتسهيل العمليات غير المشروعة.

عوامل ساعدت على انتشار ظاهرة غسيل الأموال:

نستطيع أن نحدد عددا من العوامل التي ساعدت على انتشار جريمة غسيل الأموال بمايلي:

1- إنتشار الفقر والحروب بين قطاعات كبيرة من سكان العالم ، وانشغال الحكومات في عدد من الدول بالنزاعات الداخلية والإحتفاظ بسدة الحكم والصراع على السلطة ، وبعد أنظمة الحكم عن مبادئ الديمقراطية والعدالة الإجتماعية ، وجشع الحكام من ضعاف النفوس، وبعد السياسة الدولية عن المعايير الأخلاقية في علاقة الدول ببعضها. وضعف الوازع الديني والأخلاقي على مستوى الأفراد والحكومات.
2- بروز ظاهرة العولمة والتي شكلت مناخاً خصباً وهيأت أدوات سهلة لجرائم غسيل الأموال.
3- غياب الشفافية في معظم التعاملات التجارية الدولية والمحلية ، وضعف القوانين والأنظمة المؤدية إلى الشفافية في التعاملات التجارية والمالية.
4- استخدام التكنولوجيا المتطورة في جرائم غسيل الأموال ، وضعف القواعد والأنظمة المتعلقة باستخدام التكنولوجيا ووسائل الإتصال المتطورة المستخدمة.
5- زيادة حجم الإقتصاد الخفي أو الموازي أو أو ما يدعى بالسوق السوداء في العديد من الدول بحيث أصبح الإقتصاد غير الرسمي يتجاوز نصف الناتج القومي الإجمالي لبعض الدول.
6- السياسات غير المدروسة التي تتبعها بعض الدول لتشجيع الإستثمار الخارجي خاصة وكذلك السياسات غير الرشيدة التي تتخذها بعض الدول لتحصيل المزيد من الضرائب وزيادة الموارد العامة بغض النظر عن منشأ الأموال ومصادرها.
7- انتشار وازدياد عدد الدول التي يتم فيها غسل الأموال أو المرشحة لتكون مراكزا لغسل الأموال مالم تتخذ إجراءات جدية لمكافحة هذه الجريمة.
8- اشتراك الساسة والمتنفذين وحتى بعض المؤسسات الحكومية في عدد من الدول في جرائم غسيل الأموال رغم أنها في العلن تصرح بأنها تعمل جاهدة لمكافحة جريمة غسيل الأموال والجرائم المنظمة التي تشكل مصدراً للأموال القذرة. ويبدو الأمر أحيانا وكأن جهودها في مجال غسيل الأموال يهدف إلى القضاء على المنافسين لهؤلاء الفئات في مجال هذه الجرائم والإحتفاظ لأنفسهم بالعوائد المجزية لجرائم غسيل الأموال.


وسائل وأدوات غسيل الأموال:

كما ذكرنا سابقاً فإن الوسائل والأدوات التي يمكن أن تستخدم في غسيل الأموال عديدة وقد يستحيل حصرها ، ونرى المجرمون يبتكرون العديد من الوسائل الجديدة والتي قد لاتخطر على البال وخاصة مع التطور الكبير والمعقد في مجال التكنولوجيا المستخدمة في المصارف والمؤسسات المالية ووسائل الإتصال، والتي قد تسهل إخفاء مصادر الأموال أو الأشخاص المنشئون للعمليات من هذا القبيل، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لابد من أن نلاحظ أن جريمة غسيل الأموال عادة يشترك فيها مجموعة من الأشخاص في معظمهم من أصحاب الخبرة الكبيرة وليس من المجرمين العاديين ، فهي جريمة تتلاقى فيها مجموعة خبرات من خبراء المال والمصارف والتقنية وخبراء الإقتصاد والإستثمار إلى جانب أن جريمة غسيل الأموال في الغالب جريمة منظمة تقوم بها منظمات جرمية متخصصة وهي عابرة للحدود مما يجعل مكافحتها في واقع الأمر يتطلب خبرة ودراية كبيرة بالإضافة إلى جهد وتعاون دولي شاملين. ويمكننا المصادقة على ما ذكره الأستاذ المحامي يونس عرب في أحد مقالاته أنه يمكننا القول أن غسيل الأموال ومكافحته صراع بين خبرات فنية من ذات المصدر والبيئة مع تباين الهدف.

وتمر جريمة غسيل الأموال عادة بعدة مراحل يمكن إجمالها بشكل أساسي بمايلي:
1- إدخال المال القذر في النظام المالي والقانوني و بعملية قانونية عادية ، بقصد التخلص من الكمية الكبيرة من المال القذر والذي غالبا مايكون نقديا وبأحجام كبيرة وتحويلها إلى أشكال أخرى من القيم والأصول ، كالعقارات أو المجوهرات أو أدوات الدفع ( شيكات ، حوالات ، إلخ ....) .

2- ثم تأتي المرحلة الثانية ، والتي يتم فيها تبادل المال القذر ضمن النظام المالي والقانوني ، وقد تضمن هذه المرحلة عدة تبادلات توحي في ظاهرها أنها قانونية ومشروعة، ويتم اختلاق أسباب مشروعة لكل منها . وتهدف عمليات التحويل المتعددة الداخلية والخارجية إلى إيجاد العديد من الطبقات التي يصعب الوصول إلى منشأها الأصلي، ويسمي البعض هذه العملية بالتشطير.
3- 3-ثم تأتي المرحلة الثالثة والأخيرة ، وتدعى بالدمج، حيث يتم إعادة ضخ هذه الأموال بالإقتصاد مرة أخرى بحيث يندمج المال القذر الناشئ عن عملية التشطير السابقة نهائيا بالأموال المشروعة والمعروف مصدراً شرعياً لها، بحيث يصعب أو يستحيل معرفة المصدر القذر لها.
وقد تتم المرحلة الأولى أو جزء منها خارج النظام المصرفي أو المؤسسات المالية ولكن المرحلة الثانية والثالثة تتم باستخدام المصارف والمؤسسات المالية ومنتجاتها وخدماتها المختلفة ، وفي حالات عديدة أيضا تتم المراحل الثلاث باستخدام الوسائل والمنتجات والخدمات المصرفية والمالية.

ومن الوسائل المعروفة لغسيل الأموال خلق ديون وهمية وكذلك تحويل الأموال إلى مصارف خارجية ومن ثم الحصول عليها على شكل قروض ومن ثم عند استحقاق كل قسط من القرض قد تتاح الفرصة لإدخال كمية جديدة من الأموال القذرة في النظام المالي.
ومعظم مانراه متداولا اليوم بين عدد من رجال الأعمال حول العروض المغرية التي يتلقونها من هنا وهناك، كاستثمارات خاصة بعوائد كبيرة يومياً أو برامج استثمار خاصة أو رول بروجرام أو إبدال عملات بخصم عن السعر المعلن أو عروض تمويل بمبالغ كبيرة وشروط ميسرة ، إلخ... في واقعها لاتعدو عن محاولات لإغراء البعض لإشراكهم بعمليات غسيل أموال أو عمليات احتيال من منظمات إجرامية منظمة ، وإن يكن أحيانا شركاً من إحدى هيئات مكافحة غسيل الأموال للإيقاع ببعض من يمتهنون هذه الجريمة.، أو الوصول إلى خيط ما يؤدي إلى التعرف على منظمة إجرامية أو على أعضائها.
وكما ذكرنا سابقا، فإن جريمة غسيل الأموال يشترك فيها عادة مجموعة من ذوي الخبرة الذين لايألون جهدا ليضعوا سناريوهات جديدة للتنفيذ باستمرار ، بحيث تبدو لغير العين البصيرة والخبيرة بأنها عملية تجارية أو مالية عادية، وقد عرضت علي أثناء عملي مسائل عديدة من هذا القبيل وفقني الله في كشف بعض ملابساتها وماتخفيه من محاولات وأساليب مبتكرة ومعقدة وعالية التقنية ، وبالتالي فإن مكافحة هذه الجريمة لابد أن يشترك فيها عدة خبرات في مجالات مختلفة وجهود متضافرة في بيئة مهيئة بشكل سليم . ولايكفي في الواقع لكشف هذه الجريمة ومكافحتها الإجراءات والتعليمات التي تضعها الهيئات الرسمية والمصارف المركزية وإنما لابد أن تتوافر دوائر متخصصة في المصارف والمؤسسات المالية تتشكل من أفراد متمرسين من ذوي الخبرة وممن لديهم الحس المهني العالي والإرادة والإيمان بأهمية عملهم وضرورته . ولابد من تطوير هذه الخبرات وتجديدها ورفدها بالمزيد من العناصر المدربة تدريبا جيدا.
ولعله من المفيد أن نذكر أيضا أنه في عدد من الحالات قد تشترك أجهزة رسمية ( إستخبارية مثلاً) في عمليات غسيل أموال بهدف تمويل بعض المشاريع الأمنية أو السياسية التي لايمكن لها تمويلها بأسلوب أو بوسيلة رسمية مشروعة ، أو قد يشترك فيها أيضا بعض رجال السلطة وفي مواقع مسؤولية مختلفة إما بسبب جشعهم الشخصي أو لتحقيق أهداف سياسية لايستطيعون تمويلها بشكل نظيف، مما يزيد الأمر تعقيداً.

مكافحة غسيل الأموال:

اتخذت مكافحة غسيل الأموال أساليب وأدوات مختلفة كان من أبرزها :
1- تجريم فعل غسيل الأموال وتشريع العقاب الرادع له ، وامتد التجريم والعقاب ليشمل المساعدة بأي شكل من الأشكال وكتم المعلومات والإهمال في اتخاذ الإجراءات المطلوبة للكشف عن العمليات المشبوهة، وقد تراوحت العقوبة وشملت في معظم القوانين العربية السجن لمدد مختلفة حتى عشر سنوات بالإضافة إلى الغرامة المالية بما يعادل قيمة الأموال القذرة وتصل حتى ضعفها.
2- قضت تشريعات معظم الدول بإنشاء هيئات أو إدارت مستقلة مهمتها مكافحة غسيل الإرهاب، وفوضتها بصلاحيات واسعة في مجال عملها، وغالبا ماتضمنت هذه الصلاحيات الرقابة على الأنشطة المصرفية وأنشطة المؤسسات المالية وغيرها من الأنشطة التي قد تستهدف من قبل الضالعين في عمليات غسيل الأموال.
3- فرضت تشريعات مكافحة الأموال مستهدية بنصوص التوصيات الدولية مجموعة من الإجراءات المتعلقة بضبط وتحري العمليات التي قد تشكل مجالا للقيام بغسيل الأموال ، مثل مسك السجلات والإحتفاظ بها لسنوات بعد إغلاق العملية والتقارير الدورية وغير الدورية عند التعرض لما يثير الشبهة والإبلاغ عن أي حالة أو طلب غير مبرر. وألزمت البنوك والمؤسسات المالية بالتعرف على العميل قبل التعامل معه أو فتح حساب له . وتتولى الهيئات المختصة بمكافحة غسيل الأموال مراقبة تنفيذ هذه التعليمات والإجراءات من قبل الجهات الملزمة بتنفيذها وتلقي التقارير ومتابعة عملها ، وغالبا نرى هذه الهيئات تطور من نماذج التقارير المطلوبة وتصدر التعليمات التي من شأنها تطوير وسائل ضبط وتحري العمليات المشبوهة مع تطور وسائل الجريمة وأدواتها المتاحة.
4- كما قضت معظم التشريعات بضرورة وجود إدارة بمستوى عال في البنوك والمؤسسات المالية هدفها عملية الضبط والتحري ومكافحة محاولات غسيل الأموال.
5- وحيث أن جريمة غسيل الأموال ذات صبغة دولية وغالبا ماتقوم بها منظمات إجرامية دولية، كان من الطبيعي أن تتبادل هيئات مكافحة غسيل الأموال في الدول المختلفة المعلومات ، وتعمل بجهود مشتركة لمكافحة غسيل الأموال.

ولكن واقع الحال قد يختلف قليلاً عند التطبيق في بعض الدول ، فعلى سبيل المثال في سوريا ورغم أن قانون مكافحة غسيل الأموال (المرسوم 33) جاء متكاملاً إلى حد بعيد ورغم أن التعليمات التنفيذية التي أصدرتها هيئة مكافحة غسيل الأموال جاءت مفصلة وواضحة ومرفقة بنماذج لابأس بها ، نرى أن التطبيق لايزال ليس بالمستوى المطلوب ، ومن أمثلة ذلك فلاتزال معظم عمليات بيع وشراء العقارات والسلع الثمينة تتم دون رقابة ودون سجلات مضبوطة ودون متابعة وكذلك المساهمات في الشركات المساهمة المحدثة والإستثمار المباشر حتى مع بعض الجهات الحكومية وعن طريقها. ولايبدو الأمر أفضل حالاً في الدول المجاورة والعربية الأخرى.

ونرى أنه لمكافحة غسيل الأموال بشكل فعال لابد من توافر عدد من الأمور ، لعل من أهمها:
أولا – تهيئة البيئة الضرورية المناسبة لمكافحة غسيل الأموال:
ولتهيئة هذه البيئة لابد من القيا م بعدة خطوات رئيسية:
1- برامج لتوعية الجمهور ونشر ثقافة عامة حول موضوع مخاطر غسيل الأموال وضرورة مكافحته ،وعلاقة ذلك بالأخلاق العامة والدين.
2- تشريعات عادلة وملائمة ومساعدة تتيح مكافحة غسيل الأموال بطريقة فعالة.
3- برامج توعية وتدريب وتأهيل للعاملين في الدوائر الحكومية والشركات والمؤسسات الخاصة التي يمكن أن تواجه عمليات غسيل أموال أو يمكن أن تستخدم أنشطتها في عمليات غسيل أموال. وتتضمن هذه البرامج أيضا تأهيل العاملين على مايجب القيام به عند تعرضهم لعمليات مشبوهة قد تتضمن محاولة لغسيل أموال، بالإضافة إلى موضوع السجلات المطلوب إنشاءها والإحتفاظ بها.
4- برامج تدريب وتأهيل للعاملين في أجهزة الأمن المختصة والتحقيق والضبط القضائي وبحيث تكون برامج التدريب هذه مستمرة ومتطورة باستمرار بما يلائم التطور المستمرفي أدوات ووسائل الجريمة التي دأب المجرمون المحترفون على تطويرها وابتكار العديد والمعقد منها باستمرار للقيام بتنفيذ جرائمهم، فكما ذكرنا سابقاً فان غسيل الأموال ومكافحته هو صراع دائم بين خبرات متطورة ومؤهلة ، ويفضل إنشاء وحدات أو إدارات أمنية أو شرطية مختصة بعمليات غسيل الأموال والجرائم المالية المنظمة ، يتم رفدها باستمرار بالخبرات الجيدة والأفراد المؤهلين من ذوي السمعة الطيبة والنزاهة ، ووضع الأنظمة المناسبة والبدلات المجزية لهذه الخبرات للحفاظ عليها من عدم الوقوع والتأثر بالمغريات المادية التي قد يتعرضون لها. ويجب أن يمنح العاملين في هذه الوحدات المتخصصة الحصانة والإمكانية التي تمكنهم من التصدي للضغوط الإدارية والسياسية والسلطوية التي قد يتعرضون لها.
5- وجود قضاء مختص مؤهل ونزيه ومحاكم مستقلة وقضاة على مستوى جيد من التأهيل والمعرفة والبراعة ، بالطبع بالإضافة إلى النزاهة.
6- تشريعات وأنظمة تفرض الشفافية في كل العمليات التجارية والأعمال التي قد تكون أداة من أدوات تنفيذ جريمة غسيل الأموال ، ووجود أدوات ووسائل مراقية ومتابعة للتأكد من تطبيق هذه التشريعات والأنظمة من قبل الأجهزة المختصة.
7- ومما يساعد على تكوين البيئة المناسبة لمكافحة غسيل الأموال ، وجود رقابة جماهيرية ، ومن الوسائل المساعدة والمعروفة لهذه الرقابة حرية الإعلام والصحافة، ونجد أن عددا لابأس له من الجرائم والفضائح المالية الكبيرة كان للصحافة وأجهزة الإعلام المستقلة دورا مهما في كشفها.
8- وجود تعاون مستمر بين الهيئات المختصة في الدول المختلفة، فكما ذكرنا سابقا فإن جريمة غسيل الأموال هي في الغالب جريمة عابرة للحدود وتقوم بها منظمات إجرامية دولية وبالتالي لابد من تضافر وتعاون مكافحيها على المستوى الدولي أيضا لتكوين مكافحة فعالة.
9- وجود إجراءات كفيلة وأنظمة مناسبة وخبرات جيدة لمكافحة استخدام التكنولوجيا في عمليات غسيل الأموال.

ثانياً- تطبيق التوصيات الدولية في مجال مكافحة غسيل الأموال ، والإشتراك في المنظمات والهيئات الدولية لتبادل الخبرات ومتابعة تطورات الجريمة ومكافحتها.

ثالثاً- إجراءات على صعيد الرقابة على المصارف والمؤسسات المالية : وتضمن بشكل أساسي:

1- وجود برامج مناسبة لدى جهات الرقابة لمكافحة غسيل الأموال. واستخدام التكنولوجيا المتطورة الآمنة في هذا المجال.
2- تعليمات متناسقة ومتكاملة وقابلة للتنفيذ والمتابعة للمصارف والمؤسسات المالية بخصوص مايتعلق بموضوع واحتماليات التعرض لعمليات غسيل أموال ومايجب عليها القيام به والإجراءات التي يجب أن تتخذها في هذا المجال.
3- وضع نظام علمي دقيق ومتطور للتقاريرالمطلوبة من المصارف والمؤسسات المالية ، وعمليات متابعة وتواصل دائم ومعرفة مستمرة بأعمال هذه المصارف والمؤسسات بما يتوافق والتعليمات والأنظمة الموضوعة.
4- تأهيل ورفد العاملين بأجهزة الرقابة بخبرات متطورة وتدريب مستمر والإستعانة بخبرات محلية ودولية كلما تطلب الأمر.

رابعاً – تشجيع وابتكار أساليب حديثة وآمنة لإدارة الأموال واستثمار الأموال النظيفة ضمن قنوات مفيدة ونظيفة.

خامسا – دور مميز للمصارف والمؤسسات المالية: وسنستعرض فيما يلي دور المصارف وواجباتها والضروريات التي عليها القيام بها في مجال مكافحة غسيل الأموال.

المصارف وغسيل الأموال:

كما ذكرنا فإن المصارف هي المؤسسات الأكثر استهدافاً لغاسلي الأموال الذين يسعون دائماً لإجراء سلسة من العمليات المصرفية البسيطة والمركبة والتي يمكن أن تؤدي في النتيجة إلى إعطاء المال القذر صفة المشروعية ، ودمجه بالمال النظيف المشروع. والمال كما يقال لارائحة له ، فبعد دمج الأموال القذرة بالأموال الشرعية لن يكون من السهل تمييزها. والخدمات والمنتجات البنكية التي تتطور باستمرار تتيح المزيد من الفرص لغاسلي الأموال لإتمام جريمتهم.
ولكن ، وكما أن المصارف هي الأكثر استهدافا لتنفيذ جرائم غسيل الأموال فهي في الوقت نفسه الوسيلة والأداة الرئيسة لمكافحة هذه الجرائم، شرط أن تمتلك المصارف الخبرة الكافية والمعمقة بالآليات التي يمكن أن تتيح تنفيذ عمليات غسيل الأموال وتدرك بأن هذه الآليات ليست بسيطة بل هي متغيرة ومتطورة ومعقدة في الغالب ينتجها ويطورها مجرم ذو خبرة مصرفية مميزة ، ومن هنا كان كشفها ومكافحتها يحتاج إلى خبرات بنفس المستوى أو أفضل. فكما ذكرنا سابقا فإن جريمة غسيل الموال ومكافحة غسيل الأموال في واقع الأمر صراع بين مستوى عال من الخبرات والمعرفة المصرفية.

ولابد لي من التنويه هنا بأن إدراكنا لطبيعة العمليات المعقدة التي قد يبتكرها غاسلي الأموال لتنفيذ جرائم باستخدام المصارف والخدمات والمنتجات المصرفية ، فإن هذا لايعني عدم قيام البعض بمحاولة تنفيذ عمليات الغسيل بوسائل عادية بسيطة أيضاً وبالتالي على المصارف الانتباه إلى العمليات العادية البسيطة والتقيد بالتعاليم والإرشادات التي قد تكون كافية لمكافحة مثل هذه المحاولات ، هذا من جهة، ومن جهة اخرى أرى أنه يجب أن لاتشكل جريمة غسيل الأموال أو طبيعتها الحرفية والمعقدة في غالب الأحيان حاجزاً أو مرضاً نفسياً أو خوفاً مرضياً لدى بعض موظفي المصارف قد يمنعهم عن القيام بعملهم بشكل طبيعي وتقديم الخدمة المصرفية بشكل جيد أو يؤدي إلى إثارة قضايا أو الإضرار بعميل فقط على أساس الإشتباه غير المبرر.

واجبات على المصارف:

وضعت اللجنة الدولية للنظام البنكي والممارسات الإشرافية منذ بداية العام 1988 مجموعة من المبادئ الإرشادية للحماية من جرائم غسيل الأموال ،
BASLE Statement of Principals
وكذلك حذت معظم التشريعات في الدول المختلفة وتعليمات المصارف المركزية.
ومرة أخرى وقبل أن نستعرض أهم هذه المبادئ العامة أو المبادئ الإرشادية نود أن نشير إلى أن أي دليل إرشادي أو مبادئ أو تعليمات لايمكن أن تشمل أو تغطي كل الأنشطة الجرمية الممكن تصورها والآليات التي يقوم غاسلي الأموال بابتكارها وتطويرها باستمرار ، رغم ذلك تبقى لهذه الإجراءات أهميتها وعلى المصارف التقيد بها،
وأهم هذه التدابير والمبادئ مايلي:
1- التثبت من شخصية العميل ومعرفته معرفة شاملة تشمل معرفة سياسة عمله ونطاق نشاطه وتاريخه قدر الإمكان وليس فقط معرفة شخصه، ويشمل ذلك العميل سواء" كان شخصية طبيعية أو معنوية.
فمثلاً البنوك في سويسرا،وتنفيذا للقانون الذي أصدرته الحكومة السويسرية الفيدرالية (نيسان 1998) والمتعلق بغسيل الأموال في القطاع المالي، أصبح من واجب البنوك السويسرية التأكد من إثبات هوية العميل ، والتأكد من أنه الشخص الذي يزعم أنه هو ، وأنه يعيش حيث يزعم أنه يعيش ، ويجب أن يحدد في إتفاقية العميل مع البنك من أي حساب ستأتي الأموال إلى حسابه ، أي بنك ، وأي حساب، ومن أي بلد . وكذلك نوع النشاط الذي اكتسبت منه الأموال.

وكذلك الأمر في معظم التشريعات والأنظمة حيث ألزمت المؤسسات المالية والمصارف بالتأكد من هوية العميل ومحاولة معرفته ومعرفة مصدر أمواله ونظمت بذلك استمارات ملزمة كالمسماة KYC ( Know Your Client) اعرف عميلك.
وكذلك نموذح تحديد صاحب الحق ( تعميم الهيئة رقم 4 ، راجع الملاحق).
2- مراجعة المعلومات التي يدلي بها العميل والمعلومات التي قد يحصل المصرف عليها من مصادر أخرى والحذر من العميل الذي يقدم معلومات غير كافية أو الذي يخفي معلومات.
(إحذر من العميل الذي يخفي معلومات أو يقدم معلومات غير كافية).

3- الإنتباه إلى التغيير في الأنشطة التي من أجلها بدأ العميل التعامل مع البنك ، وخاصة تغيير الزبائن لأنشطتهم بما لايتلاءم مع أعمالهم الإعتيادية . وقد ورد في القانون السوري وتعليمات هيئة مكافحة غسيل الأموال واجب المؤسسات المالية بالإهتمام الخاص واتخاذ إجراءات خاصة في حالات معينة كان من ضمنها العمليات المعقدة أو الكبيرة أو التي على غير العادة أو التي ليس لها غرض إقتصادي ظاهر.
4- سياسة مدروسة للتقارير الدورية حول النشاط المصرفي وتحليل مخرجاتها. ومن المهم هنا التأكيد أنه على أجهزة الرقابة قراءة وتحليل التقارير وليس طلبها فقط والإحتفاظ بها.
5- تعميم ثقافة مكافحة غسيل الأموال والإرشادات على جميع الموظفين على إختلاف مستوياتهم وتدريبهم بشكل جيد وإفتراض حالات لإختبار قدرتهم على التقاط الحالات المريبة.

ومن الإرشادات أو التعليمات التي تتضمنتها التشريعات المختلفة في مجال مكافحة غسيل الأموال أيضا :

1- إيلاء اهتمام خاص واتخاذ إجراءات خاصة في حال:
1.1- كون العميل أو صاحب الحق شخصا معرضا لأخطار سياسية وقد تم تعريفه في بعض التشريعات بأنه كل فرد مسند إليه منصب عام رفيع في بلد أجنبي. وربما كان من الأصوب أن يشمل التعريف أيضا صاحب المنصب المحلي أيضاً.
1.2- العمليات التي تتم دون وجود عميل أو عن طريق الوسائل التكنولوجية والتي قد تتيح عدم ذكر هوية المتعامل أو التثبت منها.
1.3- المعاملات التي تتم مع أفراد طبيعيين أو اعتباريين ومصارف ومؤسسات مقيمين في البلاد الواردة في قائمة الدول غير المتعاونة في مجال مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
2- انشاء قاعدة بيانات بالعمليات التي قد تكون موضع شك وكذلك بأسماء الأفراد الطبيعيين أو المعنويين الذين يحاولون القيام بعمليات مشكوك فيها بكونها عمليات غسيل أموال ، أو يحاولون بعد ذلك فتح حسابات بشكل مباشر أو غير مباشر، طبعا مع التبليغ عنها للجهات ذات ا لإختصاص ، وإتاحة استخدام قاعدة البيانات المذكورة لتمكين الموظفين في المصارف والمؤسسات المالية من الكشف عن محاولات جديدة أو فتح حسابات مباشرة أو بالواسطة.
3- إلزام المؤسسات المصرفية والمالية والمؤسسات الأخرى التي قد تكون محلاً لمحاولات غسيل الأموال (كالمحامين ومحرري الوثائق القانونية وتجار السلع الثمينة ومكاتب الوساطة العقارية والمحاسبين المستقلين) بمسك سجلات والإبلاغ عن أي شك أو إختلاف في أصحاب الحق والإحتفظ بهذه السجلات لمدة زمنية مناسبة ( 5-10 سنوات).
4- إلزام المؤسسات المالية والمصرفية بالتعامل بسرية وعدم الإفصاح للعميل أو لأي شخص آخر غير السلطات المختصة عن إجراء من الإجراءات القانونية التي تتخذ في شأن المعاملات أو العمليات المالية المشتبه بأنها تتضمن غسيل أموال.(القانون السوداني لغسيل الأموال – مرسوم مؤقت 2003).
5- مسك دفاتر أو سجلات بالعمليات الكبيرة التي تتجاوز قيمتها مبلغاً معيناً (خمسائة ألف ليرة في سوريا) .
6- تشكيل وحدات في كل دولة غالبا ماتكون تابعة أو مرتبطة بالمصارف المركزية ، مهمتها مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ، لها صفة قضائية مستقلة ويتمتع عامليها بالحصانة والإستقلال في مجال عملهم هدفها السهر على تنفيذ القوانين المتعلقة بغسيل الأموال ومكافخة الإرهاب واصدار التعليمات التنفيذية ومتابعة تنفيذها والتزام المؤسسات المختلفة والمصارف بها والتقيد بالتعليمات الصادرة في هذا المجال. وغالبا مايكون من ضمن مهام هذه الوحدات أو الهيئات حمع المعلومات المالية والمعلومات المتعلقة بجرائم غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب وتحليلها وحفظها وتبادلها مع نظيراتها في الدول الأخرى.
7- إلزام المصارف والمؤسسات المالية بتشكيل إدارة وتعيين مسؤول أو لجنة على مستوى وظيفي عالي تكون مسؤولة عن موضوع مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
8- إلزام المؤسسات المالية والمصرفية بالتحقق من هوية ونشاط البنوك المراسلة وضروة التأكد من أن البنك المراسل له وجود فعلي ويعتمد سياسات وإجراءات فعالة لمنع حصول عمليات غسيل أموال ، وأنهم يخضعون لسلطة رقابة في بلدهم ، وقد طلبت هيئة مكافحة غسيل الأموال في سوريا توجيه اسئلة ضمن استمارة محددة لهذا الغرض كحد أدنى والحصول على أجوبة موثقة ( تعميم رقم 2).

ومن الإقتراحات التي تساعد على الحد من عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب يمكننا ذكر الآتي:
1- أتخاذ إجراءات كفيلة وفعالة لمنع استخدام التكنولوجيا في غسيل الأموال وتطوير هذه الإجراءات والوسائل باستمرار بما يتوافق وتطور التكنولوجيات المستخدمة.
2- ضرورة وجود أنظمة وبرامج كافية لدى جهات الرقابة على المصارف والمؤسسات المالية لمكافحة غسيل الأموال وإلزام المؤسسات المصرفية والمالية بإمتلاك واستخدام برامج وأنظمة متوافقة وفعالة لنفس الغرض.
3- تطوير السياسات الداخلية والإجراءات والمعايير الرقابية لدى جهات الرقابة ولدى المؤسسات المصرفية والمالية باستمرار والإستفادة من التجارب والقضايا التي واجهتها المؤسسات في الدول الأخرى ، ولابأس من الإستفادة من الخبرات المستقلة الوطنية والأجنبية في هذا المجال.
4- تشجيع الأساليب الحديثة والآمنة لإدارة الأموال وتطوير وتعديل الأنظمة والتشريعات التي قد تساعد بشكل مباشر أو غير مباشر على انشاء أسواق استثمار أو تداول غير رسمي أو موازي أو مايسمى بالسوق السوداء، لأن مثل هذا السوق غير الرسمي كان دائما الوسيلة السهلة لعمليات غسيل الأموال.
5- دراسة وتطبيق واعي للتوصيات الدولية في مجال غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. والتعاون مع المؤسسات الدولية المتخصة والتعاون الفعال في هذا المجال فيما بين الانتربول المحلي والدولي.
6- توعية الجمهور وارشادهم لمخاطر غسيل الأموال وأضرار هذه الجريمة وآثارها المرة على الفرد والمجتمع وعلاقة ذلك بالأخلاق والدين.

وفي ختام هذه المحاضرة أريد أن أؤكد على بعض النقاط التي أراها هامة في موضوع غسيل الأموال:

- لجرائم غسيل الأموال آثار كبيرة ضارة وهدامة على المجتمعات وأمنها وسلمها الإجتماعي ورفاهيتها ، وبمكافحة جريمة غسيل الأموال نكافح نكافح جرائم عديدة نرفضها جميعا.
- جرائم غسيل الأموال في معظم الأحيان يقوم بها مجرمون ذوي خبرة عالية ولياقة اجتماعية ويستخدمون أناس شرفاء مع مهنيين ذوي سمعة طيبة قد لاتؤهلهم خبراتهم في المجال المالي أو المصرفي مع العلم فورا بأنهم يستخدمون في تنفيذ جرائم على مستوى عال من الخطورة ، مما يتطلب من هؤلاء التأني عند تكليفهم بأي عمل قد يكون موضع شك أو غير مفهوم الأسباب او لايتسق مع منطق الأمور. وليس من المنطق الحصول على ربح وفير دون سبب واضح أو دون جهد أو عمل يناسبه.
- ليس المهم فقط وضع تشريعات وأنظمة جيدة لمكافحة غسيل الأموال وإنما يجب متابعة تطبيقها ومراجعته والعمل على تطويرها .
- لابد لتحقيق مكافحة فعالة لغسيل الأموال من تضافر وتعاون الجهود المحاية والدولية.
 
أعلى