الحلقة الحادية عشرة :
في الحلقة المااضية سألت سلمى عن مجموعة من ذكريااتهاا
مع عدي صداام حسين ، وعن طبااعه التي كاان العراقيوون جميعاا يتحدثوون عنهاا ،
في مجالسهم الخااصة حسبماا سمعت من الكثير من العرااقيين الذين عرفتهم
خلال سنواات حكم صداام حسين وولديه ..
وقد حكت لناا سلمى عن ايماان عدي الغريب بالشعووذة والسحر الى درجة انه سمع كلام سااحر افريقي
فابتعد عن النسااء وعن سلمى تحديداا عشرة اياام ،
وبعد أن رضي عدي عن سلمى تمااماا سمح لهاا أن تحتفظ بولدهاا الذي دفعتهاا عودته اليهاا للتفكير من جديد في الهرووب من الجحيم ،
وهااهي اليووم توااصل سرد قصتهاا ..
(( التي أصرت هي على أن تسميهاا مأسااة ..!! ))
- مداام تقولين إنك بدأت تفكرين بالهرب من جديد ، هل تقصدين الهرب من عدي أم الهرب من العراق؟
- يعني أستاذ الهرب من عدي إذا لم يكن الى خارج العراق فكيف يكون هروباً ؟ طبعا فكرت بالهروب من العراق وبشكل نهائي ، يعني صارت حياتي مستحيلة ، اصلا انا لن اقدر على العيش بين الناس بعد كل ماحدث لي ، وفعلا بدأت التخطيط ، قبل سنوات حين فكرت بالهروب استعنت بتماضر ، وأنا صراحة لم أكن راغبة في لقائها بعد هذا الغياب وما سببتُه لها وللمحيطين بها من مشاكل ولذلك فقد قررت الاعتماد على نفسي ، ولكن كيف ؟ هذا ما كان يحيرني ، يعني كيف ممكن اعتمد على نفسي في مثل هذه القصة التي يفشل الرجال في تحقيقها ، فكرت بالسفر الى الموصل ، والفرار منها الى الجبال ، يعني الى المناطق الكردية ، ومن هناك يمكن أن أخرج ، لكن اذا علم عدي بسفري الى الموصل فسوف يقوم بمنعي ، أصلا انا لن اقدر على السفر اطلاقا دون ان يعلم عدي بالأمر .في تلك الفترة كان عدي مرتبكا كثيرا ومشغولا بعد ماحدث مع حسين كامل وشقيقه صدام ، حين فرا الى الأردن وعادا وبعد ذلك قتلا بطريقة قاسية ، صار الناس يتحدثون عن علاقته هو شخصيا بما حدث ، ولذلك فقد كان طيلة الوقت وحتى في الحفلات التي كان يقيمها في قصره أو في واحدة من المزارع الكثيرة لتي كان يمتلكها ، كان كل الوقت يبدو متضايقا ، ومنزعجا ،وأصغر كلمة ممكن أن تجعله يثور ويبدأ يشتم الحاضرين بطريقة سيئة ، وإذا حاول أحد التخفيف عنه فسيدفع الثمن بإرساله الى الرضوانية ، كان يصيح مهتاجا : روحوا ، ابتعدوا ، لاأريد أن أرى هذه الوجوه العفنة ، كلكم متآمرون ، كلكم منافقون ، وكان يشرب كثيرا في تلك الفترة ، يشرب وينام على الكرسي الذي ينام عليه ، حدث هذا في الكثير من المرات ، ورغم وجود الصوت والضجيج إلا أنه كان ينام بعمق، فيبدأ الجميع بمغادرة المكان ، ولا يبقى إلا من طلبهم هو شخصيا للحضور ، أذكر أنه وفي إحدى المرات استيقظ ولم يجد مهند وهو مغن كان يحب صوته كثيرا أقام الدنيا ولم يقعدها لأن مهند لم يكن موجودا ، وأرسل سيارة أحضرت المغني المسكين الذي أمضى الليلة كلها يغني في الحديقة على الرغم من الطقس البارد والمطر ، ربما هذا الوضع الذي كان يمر به عدي شجعني أكثر على التفكير بالبحث عن طريقة للهرب ، فهو وكما قلت لك كان منشغلا وكان يمر أسبوع وأحيانا أكثر دون أن يسأل عني ، لكن كيف يمكن أن أفر من عيونه التي أحس بها في كل مكان .
- تقصدين أن المراقبة التي كان يفرضها عليك من قبل مازالت موجودة ؟
- لا لم يعد هناك مراقبة مثل قبل ، لكن كنت أحس بأن عدي يعرف كل شيء أقوم به ، حتى أني شككت بزينب أن تكون هي من يوصل اخباري اليه ، لكن زينب مستحيل ، فكرت في الكثير من الناس الذين يمكن أن استعين بهم في الموضوع ، لكن صدقني ، خوية ، ومن خوفي عليهم ابعدتهم عن تفكيري تماما ،يعني الأمر يعنيني أنا فلماذا أورط فيه غيري ، في إحدى الليالي كنا أنا وزينب نتفرج على التلفزيون ، الوقت متأخر ، ولا أدري كيف خطرت لي فكرة سؤالها : زينب اسمعي ، أنا أريد أن أحصل على جواز سفر مزورا ، هل تعرفين أحدا يمكن أن يساعدني ؟ سكتت قليلا ، والغريب أني لم ألمح على وجهها أية علامة تدل على أنها فوجئت بطلبي بل على العكس قالت ، وبلكنتها المحببة الى قلبي والتي لايمكن أنساها : كنت متوقعة تطلبين هذا الطلب ، يعني ليس هذا الطلب تماما لكن توقعت أنك ستفكرين بالسفر ، قلت لها مستغربة :ولكن كيف عرفت ؟ قالت بهدوء : إنسانة تتعرض للظروف التي تعرضت لها لازم تفكر تسافر خارج البلد ، تدرين مدام ابن خالتي لديه صديق أستاذ كبير في التزوير ، لكن هو يطلب الكثير ، ابن خالتي يقول عنه : رحيم ، مثل الختم الأصلي ماممكن أن يكتشف أحد تزويره ، بلهفة قلت لها : أريد أن أراه ،هزت زينب رأسها وردت : صار مدام غدا أروح الى بيت خالتي وأطلب من ستار ابن خالتي يدلنا على الطريقة التي يمكن أن نلتقي بها صديقه وكم يطلب من المال ، و(مايصير خاطرج إلا طيب مدام) لايمكن أن أصف لك مدى الارتياح الذي أحسسته بعدما قالته زينب ، تصور وقبل أن يتم الموضوع أحسست بأني حرة ،أقصد بأني تخلصت من عدي . في اليوم التالي ، ذهبت زينب الى بيت خالتها وعادت بعد حوالي الساعة ومعها ابن خالتها ، وكان يبدو عليه الشر ، يعني تدري بعض الناس تحس من وجوههم بأنهم مجرمون ، لكن ما يهمني ، هكذا قلت في نفسي ، يكون شريرا أو لايكون ، المهم أن أحصل منه على ما أريد ، طلب مني ستار أن أعطيه مهلة أسبوع حتى يسافر الى الحلة ويلتقي بصديقه ويتفق معه على تفاصيل الجواز ، وطلب مني مقدم أتعابه هو مئة دولار تكاليف سفره وعودته من الحلة ، طبعا المبلغ كان كبيرا جدا لكني كنت أبحث عن خلاصي من الجحيم وأظن أي مبلغ هو قليل تجاه خلاصي مما أعانيه .
- عفوا للمقاطعة مدام ، ولكن هل أعطيته ؟ أقصد من أين حصلت على النقود ؟
تضحك بهدوء وتقول : - معقولة أستاذ أنا كنت قريبة من عدي ، يعني كل ماأريده كان يصلني قبل أن أقول ، تصدق كان كل يوم تقريبا يرسل لي نقودا ، هو وللحقيقة لم يكن يبخل عليّ بشيء ،هدايا ومجوهرات ونقود فوق حاجتي ، كل شيء عنده أكثر من الحاجة ، تصدق كان عندي سيارتان وكان كل فترة يبدل لي سيارتي ، يرسل لي سيارة جديدة ويعطي القديمة لأحد مرافقيه ، كان يغدق على الجميع بدون حساب ، ولكن حين كان يغضب من أحدهم كان يدمره ، أكثر كلمتين كان يرددهما هي اعطوه ، أو خذوه .
- إذا أعطيت للمدعو ستار المئة دولار التي طلبها ؟
- بكل تأكيد ، وسافر الى الحلة لأن صديقه رحيم المزور كان يقيم هناك بعد خروجه من السجن ، يعني لاأدري الرجل كان من الحلة أو من سكانها ، لكن هكذا قال لي ستار .
- ولكن أسبوع فترة طويلة ليتفاوض معه من أجل جواز السفر ، أليس كذلك مدام ؟
- نعم هذا ماقلته له أنا أيضا ، وحين ألححت عليه أخذ صورتي الشخصية ، ومعلومات عني ، ولكني لم أعطه اسمي الحقيقي ، أسميت نفسي سعاد ، قبل أن يخرج سألني ستار : ست سعاد هل أنت أيضا كنت في السجن وتريدين الهرب ، يعني شغل سياسة ، قلت له : لا ، أنا عملت مشكلة مع أهلي ، وهم يريدون قتلي ، لم أكن أريده أن يعلم أي شيء قريب من قصتي ، يعني كنت أسمع أن أغلب المجرمين هم مخبرين للدولة ، يعني لو قلت له بأني شغل سياسة كما قال ، فربما أخبر الأمن وساعتها سيفتحون لي تحقيقا ، وربما وصل الأمر الى عدي ، ولن أستطيع بعدها الافلات ، بل ربما دفعت حياتي ثمنا لمحاولتي ، المهم سافر ستار ، وكانت زينب تسأل عنه يوميا في بيت خالتها ، إذا كان عاد أم لا ، وكنت أنا على أحر من الجمر أنتظر بفارغ الصبر عودته ، مر أسبوع ، ثم مرت عشرة أيام دون أن يعود ، فعلمت بأني تعرضت لعملية نصب ، وفقدت الأمل ، وكانت زينب تشعر بالخجل وتعتبر نفسها مسؤولة عما حدث ، طبعا أنا حاولت التخفيف عنها لأنها امتنعت تماما عن النظر في وجهي ، وصارت تتكلم معي بطريقة فيها اعتذار دائما ، يعني تتصور البنت كانت تعتبر نفسها مسؤولة على الرغم من أني قلت لها مئة مرة أنت لا علاقة لك بابن خالتك إذا كان هو نصابا فما ذنبك أنت ، بعد مرور ست عشرة يوما ، اتصل بي عدي وطلب مني الحضور الى مزرعته ركبت سيارتي وذهبت ، وبقيت في المزرعة يومين دون أن ياتي عدي ، بقيت وحيدة ، صحيح أنه كان هناك خادمة تقوم بخدمتي لكنها كانت لاتفتح فمهابكلمة واحدة ، تعرف أتصور أن تلك المرأة كانت خرساء . في اليوم الثالث جاء عدي ظهرا ، وكان يركب سيارته البورش الذهبية ، أمضى فترة بعد الظهر معي ثم خرج مندفعا بسيارته ، عدت الى البيت وقبل أن أدخل الى الحمام للاستحمام جاءت زينب وكان يبدو عليها الذهول اقتربت مني وقالت : مات ، قتلوه ، ثم انفجرت باكية ، طبعا أنا لم أفهم شيئا ، لكن تفكيري قادني الى ستار ، قلت أكيد أن الذي مات هو ستار ابن خالتها ، بعد قليل عادت الى الوعي ، يعني هي لم تكن فاقدة الوعي لكن كانت تبكي بحزن ، قالت وهي تجهش والبكاء يخنقها : قتلوا الاستاذ عدي ، قتلوه . طبعا هنا توقفت الأرض عن الدوران بالنسبة لي، وتجمدت في مكاني ، ولم أعد قادرة على الحراك ، مات ، قتلوه ، عدي ، كيف من متى ؟؟ صرت أهز زينب كي تتكلم لكنها لم تكن تملك إجابات لأسئلتي ، كلماكانت تردده هو مات أطلقوا عليه الرصاص وقتلوه ، مسكين قتله المجرمون ، السفلة ، قتلوا الأستاذ ، هل تتخيل ، أستاذ، بأني عاجزة تماما عن وصف حالتي في ذلك اليوم ، لا أصدق وكأن ذاكرتي توقفت تماما ، لاأريد أن أقول بأن الخبر زلزل كياني ونزل مثل الصاعقة على رأسي ، طبعا أنا لم أكن حزينة ، لكن كنت أكثر من مذهولة ، يعني شيء لا يمكن وصفه ، ولكن كيف قتلوا عدي لقد كنا معا قبل أقل من ساعتين ، أين ؟ من هم ؟ ظللت مدهوشة ومذهولة طيلة اليوم ، وأما زينب فهي لم تفتح فمها لتقول كلمة واحدة كانت صامتة ويبدو الحزن والألم على وجهها ، في الليل لم أستطع أن أنام كان هناك قلق يجعلني أتحرك ، لست حزينة ولست فرحة ، لاأدري ماذا تسمى تلك الحالة التي أصابتني ، حالة غريبة حقاً ، ذهبت الى غرفة زينب ، عانقتها ، وسألتها :هل كنت تحبينه يازينب ؟ نظرت الى وجهي باستغراب وقالت بصوت مبحوح : طبعاً هذا عدي ابن صدام ، كيف لاأحبه ، هو ابن السيد الرئيس ولازم أحبه مدام ، كل العراقيين لازم يحبون عدي لأنه ابن صدام ، ابن الرئيس .في تلك اللحظة عرفت كم هي طيبة زينب ، يعني هي ورغم ماعرفته عن عدي من خلال ما كنت تراه وتعرفه ، يعني أقصد أثناء عملها إلا أنها لا تستطيع أن تكرهه لأنه ابن الرئيس ، تخيل هل هناك طيبة في العالم أكثر من هذه ، في الصباح كنت أشعر بشعور غريب لقد تخلصت من ذلك الكابوس دون أن أكون مضطرة للسفر والذهاب بعيدا عن العراق ،يعني أنت لا تتخيل كم أحب العراق ، وكم أنا مشتاقة له الآن ، فكرت في حمل ولدي والذهاب مباشرة الى بيتي القديم أو حتى السفر الى الرمادي ،المهم أني صرت أشعر بأني حرة ولا شيء يمكن يمنعني من فعل ما أريد ، لكن التلفزيون بدد كل ما فكرت فيه طيلة الليل وفي الصباح ، لقد قالوا بأنه نجا من محاولة الغدر الحاقد وهو بخير وصحته جيدة ، هذا ما قالوه على التلفزيون ، وهذا ما جعلني أعود للانهيار مرة أخرى ، قدري أن يبقى هذا الرجل جاثما على صدري ، في تمام الساعة الواحدة ظهرا ، وكنت أحبس نفسي في غرفتي ، جاءت زينب لتقول وبشيء من الفرح : ست ، تدرين من جاء ، إنه ستار وهو يحمل الجواز بيده . سرعة زينب في قول ماقالته جعلتني أقفز بدون وعي وأنقض عليها ، صرت أقبلها ، وصرت أبكي ، اعذرني أستاذ ، لاأدري يمكن أنا لاأقدر أن أعبر عن كل ماعشته خلال ذلك اليوم واليوم الذي سبقه ، يعني أول شيء خبر اغتيال عدي ، وثم جواز السفر ، وبعدما فقدت الأمل حين أذاعوا أن عدي نجا من محاولة اغتياله شعرت ، لكن وجود جواز السفر جعل حزني وخيبة أملي يتبددان ، إذن فإن فرصتي بالفرار من هذا الجحيم مازالت قائمة ، قابلت ستار وسلمني جواز السفر ، وقبض مني ألفاً وخمسمئة دولار، وبعد أن انصرف الرجل ، أخرجت المجوهرات كلها التي أعطاني إياها عدي ، وقررت بيعها لأجل تأمين لوازم السفر ، ولكن هناك مشكلة لم أفكر بها من قبل ، وهي كيف سيمكنني إخراج الصغير معي من العراق ، فأنا بحاجة الى موافقة أهله ، أقصد أهل زوجي الله يرحمه ، وكان الوقت يمر وأن يعطوني موافقتهم فهذا كان صعبا للغاية ، استطعت عن طريق أم ثريا وهي امرأة تعمل في تجارة الآثار والأشياء الثمينة أن أبيع مجوهراتي بحوالي الستة آلاف دولار ، ثم بدأت التفكير بطريقة لإخراج الصغير ، وفعلا تقدمت بطلب للسفر ، وكانت الأخبار ترد كل يوم عن علاج عدي وعن شفائه السريع ، حصلت على موافقة السفر ، بسرعة غريبة عرفت بعدها أن رمضان قريب زينب هو الذي ساعد في سرعة منحي الإذن بالسفر عن طريق بعض معارفه ،
وهكذا بدأت الدقائق التي تفصلني عن الرحيل والخلاص تمر بطيئة ،
لكن ماذا كنت سأفعل بخصوص طفلي الصغير ؟
هذا ماكان يعطل فرحتي ، ولهفتي للخلاص .
::.. في الحلقة الأخيرة ..::
** وهكذاا انطلقت السياارة ، وتركت كل شيء وراائي ..
** ما رأيك أن تتركي الصغير عندي ؟؟
** في الحاادية عشرة ليلاً فتحت زينب بااب الغرفة ودخلت ..!!
** قالت سلمى وهي توودعني :أستااذ أشكرك لأنك استمعت إليّ ..!!